الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
روضة المناسبات الإسلامية
الخيمـــة الرمضــــانية
(احكام خاصة بالصيام)
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="أم حذيفة" data-source="post: 46849" data-attributes="member: 1"><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff"><strong>الأدلّة على صدق القاعدة الذهبية في تحقيق التّقوى (2)</strong></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ من ترك الوقيعة في أعراض الناس والتعرضَ لعيوبهم ومغامزهم - عُوِّض بالسلامة من شرهم، ورزق التبصرَ في نفسه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال الأحنف بن قيس -رحمه الله-: "من أسرع إلى الناس فيما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون".</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقالت أعرابيةٌ توصي ولدها: "إياك والتعرضَ للعيوب فَتُتَّخذَ غرضًا، وخليقٌ ألا يثبتَ الغرضُ على كثرة السهام، وقلما اعْتَوَرَتِ السهامُ غرضًا حتى يهيَ ما اشتد من قوته".</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال الشافعي -رحمه الله-:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">المرءُ إن كان مؤمنًا ورِعًا ... أشغله عن عيوب الورى ورعُهْ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">كما السقيمِ العليلِ أشغله ... عن وجع الناس كلِّهم وجعُهْ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك مجاراةَ السفهاء، وأعرض عن الجاهلين حمى عرضه، وأراح نفسه، وسلم من سماع ما يؤذيه {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك الحسدَ سلم من أضراره المتنوعة؛ فالحسد داء عضال، وسمٌّ قتَّال، ومسلكٌ شائنٌ، وخلقٌ لئيم، ومن لؤم الحسد أنه موكل بالأدنى فالأدنى من الأقارب، والأكفاء، والخلطاء، والمعارف، والإخوان.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال بعض الحكماء: ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من الحسود، نَفسٌ دائمٌ، وهمٌّ لازمٌ، وقلبٌ هائمٌ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن سلم من سوء الظن بالناس سلم من تشوش القلب، واشتغال الفكر؛ فإساءَةُ الظنِّ تفسد المودةَ، وتجلب الهمَّ والكدر، ولهذا حذرنا الله -عز وجل- منها فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث» رواه البخاري ومسلم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن اطَّرح الدعةَ والكسلَ، وأقبل على الجد والعمل -علت همتُهُ، وبورك له في وقته، فنال الخيرَ الكثير في الزمن اليسير.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومَنْ هجر اللذات نال المنى ومن ... أكبَّ على اللذات عضَّ على اليد</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك تَطلُّبَ الشهرةِ وحبَّ الظهورِ رفع الله ذكره، ونشر فضلَه، وأتته الشهرة تُجَرِّرُ أذيالها.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك العقوقَ، فكان بَرًّا بوالديه رضي الله عنه، ويسر الله له أمره، ورزقه الله الأولاد البررة وأدخله الجنة في الآخرة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك قطيعةَ أرحامِه، فواصلهم، وتودَّد إليهم، واتقى الله فيهم - بسط الله له في رزقه، ونَسَأَ له في أثره، ولا يزال معه ظهير من الله ما دام على تلك الصلة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك العشقَ، وقطع أسبابَه التي تُمِدُّه، وتجرَّع غُصَصَ الهجر، ونارَ البعادِ في بداية أمره، وأقبل على الله بِكُلِّيته -رُزِقَ السلوَّ، وعزةَ النفس، وسلم من اللوعةِ والذلة والأَسْر، ومُلئ قلبُه حريةً ومحبةً لله -عز وجل- تلك المحبة التي تَلُمُّ شعثَ القلبِ، وتسدَّ خَلَّتَهُ، وتشبع جوعته، وتغنيه من فقره؛ فالقلب لا يُسَرُّ ولا يُفْلِحُ، ولا يطيب ولا يسكُن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه، والإنابة إليه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ ومن ترك العبوسَ والتقطيبَ، واتَّصف بالبشر والطلاقة؛ لانت عريكته، ورقَّت حواشيه، وكثر محبُّوه، وقلَّ شانؤوه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال -صلى الله عليه وسلم-: «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال ابن عقيل الحنبلي: "البشرُ مُؤنسٌ للعقول، ومن دواعي القَبول، والعبوسُ ضدُّه".</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وبالجملة فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه؛ فالجزاء من جنس العمل {<span style="color: #ff0000">فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ</span>} {<span style="color: #ff0000">وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ</span>}.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">¤ أيها الصائم الكريم: إذا أردت مثالًا جليًّا، يبين لك أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه فانظر إلى قصة يوسف -مع امرأة العزيز؛ فلقد راودتْهُ عن نفسه فاستعصم، مع ما اجتمع له من دواعي المعصية، فلقد اجتمع ليوسف ما لم يجتمع لغيره، وما لو اجتمع كلُّه أو بعضُه لغيره لربما أجاب الداعي، بل إن من الناس من يذهب لمواقع الفتنِ بنفسه، ويسعى لحتفه بظلفه، ثم يبوءُ بعد ذلك بالخسران المبين في الدنيا والآخرة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أما يوسف - عليه السلام - فقد اجتمع له من دواعي الزنا ما يلي:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أولًا: أنه كان شابًّا، وداعيةُ الشباب إلى الزنا قوية.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثانيًا: أنه كان عَزَبًا، وليس له ما يعوضه ويرد شهوته من زوجة، أو سُرِّيَّة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثالثًا: أنه كان غريبًا، والغريبُ لا يستحيي في بلد غربته مما يستحيي منه بين أصحابه ومعارفه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">رابعًا: أنه كان مملوكًا، فقد اشتري بثمن بخس دراهم معدودة، والمملوكُ ليس وازعه كوازع الحر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">خامسًا: أن المرأة كانت جميلة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">سادسًا: أنها ذاتُ منصبٍ عالٍ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">سابعًا: أنها سيدته.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثامنًا: غياب الرقيب.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">تاسعًا: أنها قد تهيأت له.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">عاشرًا: أنها غلقت الأبواب.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">حادي عشر: أنها هي التي دعته إلى نفسها.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثاني عشر: أنها حرصت على ذلك أشد الحرص.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثالث عشر: أنها توعدته إن لم يفعل بالصغار والسجن، وهو تهديد من قادر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ومع هذه الدواعي صبر إيثارًا واختيارًا لما عند الله، فنال السعادة والعز في الدنيا، وإن له للجنةَ في العقبى، فلقد أصبح هو السيد، وأصبحت امرأة العزيز فيما بعد كالمملوكة عنده، وقد ورد أنها قالت: "سبحانَ مَنْ صيَّر الملوك بِذُلِّ المعصية مماليك، ومن جعل المماليك بعز الطاعة ملوكًا".</span></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">فحريٌّ بالعاقل الحازم أن يتبصَّر في الأمور، وأن ينظر في العواقب، وألا يؤثر اللذة الحاضرة الفانية على اللذة الآجلة الباقية.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff"><strong>فوائد الجوع وأثرها في تحقيق التّقوى</strong></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">في الجوع عشر فوائد هي:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة الأولى</strong><strong>:</strong> صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنقاذ البصيرة, فإن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر البخار في الدماغ شبه السكر حتى يحتوي على معان الفكر فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار وعن سرعة الإدراك, بل الصبي إذا أكثر الأكل بطل حفظه وفسد ذهنه وصار بطيء الفهم والإدراك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ويقال: مثل الجوع مثل الرعد, ومثل القناعة مثل السحاب, والحكمة كالمطر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة الثانية</strong><strong>:</strong> رقة القلب وصفاؤه الذي به يتهيأ لإدراك لذة المثابرة والتأثر بالذكر, فكم من ذكر يجري على اللسان مع حضور القلب ولكن القلب لا يتلذذ به ولا يتأثر حتى كأن بينه وبينه حجاباً من قسوة القلب.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال أبو سليمان الداراني: أحلى ما تكون إليَّ العبادة إذا التصق ظهري ببطني.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة الثالثة:</strong> الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى, فلا تنكسر النفس ولا تذل بشيء كما تذل بالجوع, فعنده تسكن لربها وتخشع له وتقف على عجزها وذلها إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمة طعام فاتتها, وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء تأخرت عنها. وما لم يشاهد الإنسان ذل نفسه وعجزه لا يرى عزة مولاه ولا قهره, وإنما سعادته في أن يكون دائماً مشاهداً نفسه بعين الذل والعجز ومولاه بعين العز والقدرة والقهر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة الرابعة</strong><strong>:</strong> أن لا تنسى بلاء الله وعذابه, ولا ينسى أهل البلاء, فإن الشبعان ينسى الجائع وينسى الجوع, والعبد الفطن لا يشاهد بلاء من غيره إلا يتذكر بلاء الآخرة, فيذكر من عطشه عطش الخلق في عرصات القيامة, ومن جوعه جوع أهل النار, حتى أنهم ليجوعون فيطعمون الضريع والزقوم ويسقون الغساق والمهل, فلا ينبغي أن يغيب عن العبد عذاب الآخرة وآلامها, فإنه هو الذي يهيج الخوف, فمن لم يكن في ذلة ولا علة ولا قلة ولا بلاء نسي عذاب الآخرة ولم يتمثَّل في نفسه ولم يغلب على قلبه, فينبغي أن يكون العبد في مقاساة بلاء أو مشاهدة بلاء, وأولى ما يقاسيه من الجوع فإن فيه فوائد جمة سوى تذكر عذاب الآخرة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة الخامسة</strong><strong>:</strong> وهى من أكبر الفوائد: كسر شهوات المعاصي كلها والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء, فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى, ومادة القوى والشهوات لا محالة الأطعمة, فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة, وإنما السعادة كلها في أن يملك الرجل نفسه, والشقاوة في أن تملكه نفسه, وكما أنك لا تملك الدابة الجموح إلا بضعف الجوع فإذا شبعت قويت وشردت وجمحت, فكذلك النفس. إن القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم نفوسهم إلى هذه الدنيا.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وهذه ليست فائدة واحدة بل هي خزائن الفوائد.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ولذلك قيل: الجوع خزانة من خزائن الله تعالى, وأقل ما يندفع بالجوع: شهوة الفرج وشهوة الكلام, فإن الجائع لا يتحرك عليه شهوة فضول الكلام فيتخلص به من آفات اللسان كالغيبة والفحش والكذب والنميمة وغيرها, فيمنعه الجوع من كل ذلك, وإذا شبع افتقر إلى فاكهة فيتفكه لا محالة بأعراض الناس, ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وأما شهوة الفرج فلا تخفى غائلتها, والجوع يكفي شرها. وإذا شبع الرجل لم يملك فرجه, وإن منعته التقوى فلا يملك عينه, فالعين تزني, فإن ملك عينه بغض الطرف فلا يملك فكره, فيخطر له من الأفكار الرديئة وحديث النفس بأسباب الشهوة ما يتشوش به مناجاته, وربما عرض له ذلك في أثناء الصلاة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة السادسة</strong><strong>:</strong> دفع النوم ودوام السهر, فإن من شبع شرب كثيراً ومن كثر شربه كثر نومه, وفي كثرة النوع ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع وقساوة القلب, والعمر أنفس الجواهر, وهو رأس مال العبد فيه يتجر, والنوم موت فتكثيره ينقص العمر, ثم فضيلة التهجد لا تخفى وفي النوم فواتها. ومهما غلب النوم فإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة. فالنوم منبع الآفات, والشبع مجلبة له, والجوع مقطعة له.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة السابعة</strong><strong>:</strong> تيسير المواظبة على العبادة فإن الأكل يمنع من كثرة العبادات لأنه يحتاج إلى زمان يشتغل فيه بالأكل, وربما يحتاج إلى زمان في شراء الطعام وطبخه, ثم يحتاج إلى غسل اليد والخلال, ثم يكثر ترداده إلى بيت الماء لكثرة شربه. والأوقات المصروفة إلى هذا لو صرفها إلى الذكر والمناجاة وسائر العبادات لكثر ربحه.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال السري: رأيت مع علي الجرجاني سويقاً يستف منه فقلت: ما حملك على هذا؟ قال: إني حسبت ما بين المضغ إلى الاستفاف سبعين تسبيحة فما مضغت الخبز منذ أربعين سنة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فانظر كيف أشفق على وقته ولم يضيعه في المضغ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وكل نفس من العمر جوهرة نفيسة لا قيمة لها, فينبغي أن يستوفي منه خزانة باقية في الآخرة لا أخر لها بصرفه إلى ذكر الله وطاعته.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ومن جملة ما يتعذر بكثرة الأكل الدوام على الطهارة وملازمة المسجد, فإنه يحتاج إلى الخروج لكثرة شرب الماء وإراقته. ومن جملته الصوم فإنه يتيسر لمن تعود الجوع, فالصوم ودوام الاعتكاف ودوام الطهارة وصرف أوقات شغله بالأكل وأسبابه إلى العبادة أرباح كثيرة, وإنما يستحقرها الغافلون الذين لم يعرفوا قدر الدين لكن رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها: } <span style="color: #ff0000">يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ</span>{([1]).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقد أشار أبو سليمان الداراني إلى ست آفات من الشبع فقال: من شبع دخل عليه ست آفات: فقد حلاوة المناجاة, وتعذر حفظ الحكمة, وحرمان الشفقة على الخلق لأنه إذا شبع ظنّ أن الخلق كلهم شباع, وثقل العبادة, وزيادة الشهوات, وأن أول سائر المؤمنين يدورون حول المساجد, والشباع يدورون حول المزابل.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة الثامنة</strong><strong>:</strong> يستفيد من قلة الأكل صحة البدن ودفع الأمراض, فإن سببها كثرة الأكل وحصول فضله الأخلاط في المعدة والعروق. ثم المرض يمنع من العبادات ويشوش القلب ويمنع من الذكر والفكر, وينغص العيش, ويحوج إلى الفصد والحجامة والدواء والطبيب, وكل ذلك يحتاج إلى مؤن ونفقات لا يخلو الإنسان منها بعد التعب عن أنواع من المعاصي واقتحام الشهوات, وفي الجوع ما يمنع ذلك كله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">حكي أن الرشيد جمع أربعة أطباء: هندي, ورومي, وعراقي, وسوادي, وقال: ليصف كل واحد منكم الدواء الذي لا داء فيه, فقال الهندي: الدواء الذي لا داء فيه عندي هو الإهليلج الأسود, وقال العراقي: هو حب الرشاد الأبيض, وقال الرومي: هو عندي الماء الحار, وقال السوادي وكان أعلمهم: الإهليلج يعفص المعدة وهذا داء, وحب الرشاد يزلق المعدة وهذا داء, والماء الحار يرخي المعدة وهذا داء, قالوا: فما عندك؟ فقال: الدواء الذي لا داء معه عندي أن لا تأكل الطعام حتى تشتهيه, وأن ترفع يدك عنه وأنت تشتهيه, فقالوا: صدقت.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة التاسعة</strong><strong>:</strong> خفة المؤنة, فإن من تعود قلة الأكل كفاه من المال قدر يسير, والذي تعود الشبع صار بطنه غريماً ملازماً له أخذ بمخنقه في كل يوم, فيقول ماذا تأكل اليوم؟ فيحتاج إلى أن يدخل المداخل, فيكتسب من الحرام فيعصي أو من الحلال فيذل, وربما يحتاج إلى أن يمد أعين الطمع إلى الناس وهو غاية الذل والقماءة, والمؤمن خفيف المؤنة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقال بعض الحكماء: إني لأقضي عامة حوائجي بالترك فيكون ذلك أروح لقلبي.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقال آخر: إذا أردت أن استقرض من غيري لشهوة أو زيادة استقرضت من نفسي فتركت الشهوة فهي خير غريم لي.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وكان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يسأل أصحابه عن سعر المأكولات فيقولون إنها غالية, فيقول: أرخصوها بالترك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقال سهل رحمه الله: الأكول مذموم في ثلاثة أحوال: إن كان من أهل العبادة فيكسل وإن كان مكتسباً فلا يسلم من الآفات, وإن كان ممن يدخل عليه شيء فلا ينصف الله تعالى من نفسه.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>الفائدة العاشرة</strong><strong>:</strong> أن يتمكن من الإيثار والتصدق بما فضل من الأطعمة على اليتامى والمساكين, فيكون يوم القيامة في ظل صدقته.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فما يأكله كان خزانته الكنيف, وما يتصدق به كان خزانته فضل الله تعالى, فليس للعبد من ماله إلا ما تصدق فأبقى أو أكل فأفنى أو لبس فأبلى، فالتصدق بفضلات الطعام أولى من التخمة والشبع!</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وكلُّ هذه الفوائد ممّا يؤثر على التّقوى ويُنمّيها!</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="أم حذيفة, post: 46849, member: 1"] [center][size=6][color=#0000ff][b]الأدلّة على صدق القاعدة الذهبية في تحقيق التّقوى (2)[/b][/color][/size] [size=6]¤ من ترك الوقيعة في أعراض الناس والتعرضَ لعيوبهم ومغامزهم - عُوِّض بالسلامة من شرهم، ورزق التبصرَ في نفسه.[/size] [size=6]قال الأحنف بن قيس -رحمه الله-: "من أسرع إلى الناس فيما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون".[/size] [size=6]وقالت أعرابيةٌ توصي ولدها: "إياك والتعرضَ للعيوب فَتُتَّخذَ غرضًا، وخليقٌ ألا يثبتَ الغرضُ على كثرة السهام، وقلما اعْتَوَرَتِ السهامُ غرضًا حتى يهيَ ما اشتد من قوته".[/size] [size=6]قال الشافعي -رحمه الله-:[/size] [size=6]المرءُ إن كان مؤمنًا ورِعًا ... أشغله عن عيوب الورى ورعُهْ[/size] [size=6]كما السقيمِ العليلِ أشغله ... عن وجع الناس كلِّهم وجعُهْ[/size] [size=6]¤ ومن ترك مجاراةَ السفهاء، وأعرض عن الجاهلين حمى عرضه، وأراح نفسه، وسلم من سماع ما يؤذيه {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[/size] [size=6]¤ ومن ترك الحسدَ سلم من أضراره المتنوعة؛ فالحسد داء عضال، وسمٌّ قتَّال، ومسلكٌ شائنٌ، وخلقٌ لئيم، ومن لؤم الحسد أنه موكل بالأدنى فالأدنى من الأقارب، والأكفاء، والخلطاء، والمعارف، والإخوان.[/size] [size=6]قال بعض الحكماء: ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من الحسود، نَفسٌ دائمٌ، وهمٌّ لازمٌ، وقلبٌ هائمٌ.[/size] [size=6]¤ ومن سلم من سوء الظن بالناس سلم من تشوش القلب، واشتغال الفكر؛ فإساءَةُ الظنِّ تفسد المودةَ، وتجلب الهمَّ والكدر، ولهذا حذرنا الله -عز وجل- منها فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.[/size] [size=6]وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث» رواه البخاري ومسلم.[/size] [size=6]¤ ومن اطَّرح الدعةَ والكسلَ، وأقبل على الجد والعمل -علت همتُهُ، وبورك له في وقته، فنال الخيرَ الكثير في الزمن اليسير.[/size] [size=6]¤ ومَنْ هجر اللذات نال المنى ومن ... أكبَّ على اللذات عضَّ على اليد[/size] [size=6]¤ ومن ترك تَطلُّبَ الشهرةِ وحبَّ الظهورِ رفع الله ذكره، ونشر فضلَه، وأتته الشهرة تُجَرِّرُ أذيالها.[/size] [size=6]¤ ومن ترك العقوقَ، فكان بَرًّا بوالديه رضي الله عنه، ويسر الله له أمره، ورزقه الله الأولاد البررة وأدخله الجنة في الآخرة.[/size] [size=6]¤ ومن ترك قطيعةَ أرحامِه، فواصلهم، وتودَّد إليهم، واتقى الله فيهم - بسط الله له في رزقه، ونَسَأَ له في أثره، ولا يزال معه ظهير من الله ما دام على تلك الصلة.[/size] [size=6]¤ ومن ترك العشقَ، وقطع أسبابَه التي تُمِدُّه، وتجرَّع غُصَصَ الهجر، ونارَ البعادِ في بداية أمره، وأقبل على الله بِكُلِّيته -رُزِقَ السلوَّ، وعزةَ النفس، وسلم من اللوعةِ والذلة والأَسْر، ومُلئ قلبُه حريةً ومحبةً لله -عز وجل- تلك المحبة التي تَلُمُّ شعثَ القلبِ، وتسدَّ خَلَّتَهُ، وتشبع جوعته، وتغنيه من فقره؛ فالقلب لا يُسَرُّ ولا يُفْلِحُ، ولا يطيب ولا يسكُن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه، والإنابة إليه.[/size] [size=6]¤ ومن ترك العبوسَ والتقطيبَ، واتَّصف بالبشر والطلاقة؛ لانت عريكته، ورقَّت حواشيه، وكثر محبُّوه، وقلَّ شانؤوه.[/size] [size=6]قال -صلى الله عليه وسلم-: «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.[/size] [size=6]قال ابن عقيل الحنبلي: "البشرُ مُؤنسٌ للعقول، ومن دواعي القَبول، والعبوسُ ضدُّه".[/size] [size=6]وبالجملة فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه؛ فالجزاء من جنس العمل {[color=#ff0000]فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ[/color]} {[color=#ff0000]وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[/color]}.[/size] [size=6]¤ أيها الصائم الكريم: إذا أردت مثالًا جليًّا، يبين لك أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه فانظر إلى قصة يوسف -مع امرأة العزيز؛ فلقد راودتْهُ عن نفسه فاستعصم، مع ما اجتمع له من دواعي المعصية، فلقد اجتمع ليوسف ما لم يجتمع لغيره، وما لو اجتمع كلُّه أو بعضُه لغيره لربما أجاب الداعي، بل إن من الناس من يذهب لمواقع الفتنِ بنفسه، ويسعى لحتفه بظلفه، ثم يبوءُ بعد ذلك بالخسران المبين في الدنيا والآخرة.[/size] [size=6]أما يوسف - عليه السلام - فقد اجتمع له من دواعي الزنا ما يلي:[/size] [size=6]أولًا: أنه كان شابًّا، وداعيةُ الشباب إلى الزنا قوية.[/size] [size=6]ثانيًا: أنه كان عَزَبًا، وليس له ما يعوضه ويرد شهوته من زوجة، أو سُرِّيَّة.[/size] [size=6]ثالثًا: أنه كان غريبًا، والغريبُ لا يستحيي في بلد غربته مما يستحيي منه بين أصحابه ومعارفه.[/size] [size=6]رابعًا: أنه كان مملوكًا، فقد اشتري بثمن بخس دراهم معدودة، والمملوكُ ليس وازعه كوازع الحر.[/size] [size=6]خامسًا: أن المرأة كانت جميلة.[/size] [size=6]سادسًا: أنها ذاتُ منصبٍ عالٍ.[/size] [size=6]سابعًا: أنها سيدته.[/size] [size=6]ثامنًا: غياب الرقيب.[/size] [size=6]تاسعًا: أنها قد تهيأت له.[/size] [size=6]عاشرًا: أنها غلقت الأبواب.[/size] [size=6]حادي عشر: أنها هي التي دعته إلى نفسها.[/size] [size=6]ثاني عشر: أنها حرصت على ذلك أشد الحرص.[/size] [size=6]ثالث عشر: أنها توعدته إن لم يفعل بالصغار والسجن، وهو تهديد من قادر.[/size] [size=6]ومع هذه الدواعي صبر إيثارًا واختيارًا لما عند الله، فنال السعادة والعز في الدنيا، وإن له للجنةَ في العقبى، فلقد أصبح هو السيد، وأصبحت امرأة العزيز فيما بعد كالمملوكة عنده، وقد ورد أنها قالت: "سبحانَ مَنْ صيَّر الملوك بِذُلِّ المعصية مماليك، ومن جعل المماليك بعز الطاعة ملوكًا".[/size] [b][size=6]فحريٌّ بالعاقل الحازم أن يتبصَّر في الأمور، وأن ينظر في العواقب، وألا يؤثر اللذة الحاضرة الفانية على اللذة الآجلة الباقية.[/size][/b] [size=6]وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6][color=#0000ff][b]فوائد الجوع وأثرها في تحقيق التّقوى[/b][/color][/size] [size=6]في الجوع عشر فوائد هي:[/size] [size=6][b]الفائدة الأولى[/b][b]:[/b] صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنقاذ البصيرة, فإن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر البخار في الدماغ شبه السكر حتى يحتوي على معان الفكر فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار وعن سرعة الإدراك, بل الصبي إذا أكثر الأكل بطل حفظه وفسد ذهنه وصار بطيء الفهم والإدراك.[/size] [size=6]ويقال: مثل الجوع مثل الرعد, ومثل القناعة مثل السحاب, والحكمة كالمطر.[/size] [size=6][b]الفائدة الثانية[/b][b]:[/b] رقة القلب وصفاؤه الذي به يتهيأ لإدراك لذة المثابرة والتأثر بالذكر, فكم من ذكر يجري على اللسان مع حضور القلب ولكن القلب لا يتلذذ به ولا يتأثر حتى كأن بينه وبينه حجاباً من قسوة القلب.[/size] [size=6]قال أبو سليمان الداراني: أحلى ما تكون إليَّ العبادة إذا التصق ظهري ببطني.[/size] [size=6][b]الفائدة الثالثة:[/b] الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى, فلا تنكسر النفس ولا تذل بشيء كما تذل بالجوع, فعنده تسكن لربها وتخشع له وتقف على عجزها وذلها إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمة طعام فاتتها, وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء تأخرت عنها. وما لم يشاهد الإنسان ذل نفسه وعجزه لا يرى عزة مولاه ولا قهره, وإنما سعادته في أن يكون دائماً مشاهداً نفسه بعين الذل والعجز ومولاه بعين العز والقدرة والقهر.[/size] [size=6][b]الفائدة الرابعة[/b][b]:[/b] أن لا تنسى بلاء الله وعذابه, ولا ينسى أهل البلاء, فإن الشبعان ينسى الجائع وينسى الجوع, والعبد الفطن لا يشاهد بلاء من غيره إلا يتذكر بلاء الآخرة, فيذكر من عطشه عطش الخلق في عرصات القيامة, ومن جوعه جوع أهل النار, حتى أنهم ليجوعون فيطعمون الضريع والزقوم ويسقون الغساق والمهل, فلا ينبغي أن يغيب عن العبد عذاب الآخرة وآلامها, فإنه هو الذي يهيج الخوف, فمن لم يكن في ذلة ولا علة ولا قلة ولا بلاء نسي عذاب الآخرة ولم يتمثَّل في نفسه ولم يغلب على قلبه, فينبغي أن يكون العبد في مقاساة بلاء أو مشاهدة بلاء, وأولى ما يقاسيه من الجوع فإن فيه فوائد جمة سوى تذكر عذاب الآخرة.[/size] [size=6][b]الفائدة الخامسة[/b][b]:[/b] وهى من أكبر الفوائد: كسر شهوات المعاصي كلها والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء, فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى, ومادة القوى والشهوات لا محالة الأطعمة, فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة, وإنما السعادة كلها في أن يملك الرجل نفسه, والشقاوة في أن تملكه نفسه, وكما أنك لا تملك الدابة الجموح إلا بضعف الجوع فإذا شبعت قويت وشردت وجمحت, فكذلك النفس. إن القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم نفوسهم إلى هذه الدنيا.[/size] [size=6]وهذه ليست فائدة واحدة بل هي خزائن الفوائد.[/size] [size=6]ولذلك قيل: الجوع خزانة من خزائن الله تعالى, وأقل ما يندفع بالجوع: شهوة الفرج وشهوة الكلام, فإن الجائع لا يتحرك عليه شهوة فضول الكلام فيتخلص به من آفات اللسان كالغيبة والفحش والكذب والنميمة وغيرها, فيمنعه الجوع من كل ذلك, وإذا شبع افتقر إلى فاكهة فيتفكه لا محالة بأعراض الناس, ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.[/size] [size=6]وأما شهوة الفرج فلا تخفى غائلتها, والجوع يكفي شرها. وإذا شبع الرجل لم يملك فرجه, وإن منعته التقوى فلا يملك عينه, فالعين تزني, فإن ملك عينه بغض الطرف فلا يملك فكره, فيخطر له من الأفكار الرديئة وحديث النفس بأسباب الشهوة ما يتشوش به مناجاته, وربما عرض له ذلك في أثناء الصلاة.[/size] [size=6][b]الفائدة السادسة[/b][b]:[/b] دفع النوم ودوام السهر, فإن من شبع شرب كثيراً ومن كثر شربه كثر نومه, وفي كثرة النوع ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع وقساوة القلب, والعمر أنفس الجواهر, وهو رأس مال العبد فيه يتجر, والنوم موت فتكثيره ينقص العمر, ثم فضيلة التهجد لا تخفى وفي النوم فواتها. ومهما غلب النوم فإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة. فالنوم منبع الآفات, والشبع مجلبة له, والجوع مقطعة له.[/size] [size=6][b]الفائدة السابعة[/b][b]:[/b] تيسير المواظبة على العبادة فإن الأكل يمنع من كثرة العبادات لأنه يحتاج إلى زمان يشتغل فيه بالأكل, وربما يحتاج إلى زمان في شراء الطعام وطبخه, ثم يحتاج إلى غسل اليد والخلال, ثم يكثر ترداده إلى بيت الماء لكثرة شربه. والأوقات المصروفة إلى هذا لو صرفها إلى الذكر والمناجاة وسائر العبادات لكثر ربحه.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6]قال السري: رأيت مع علي الجرجاني سويقاً يستف منه فقلت: ما حملك على هذا؟ قال: إني حسبت ما بين المضغ إلى الاستفاف سبعين تسبيحة فما مضغت الخبز منذ أربعين سنة.[/size] [size=6]فانظر كيف أشفق على وقته ولم يضيعه في المضغ.[/size] [size=6]وكل نفس من العمر جوهرة نفيسة لا قيمة لها, فينبغي أن يستوفي منه خزانة باقية في الآخرة لا أخر لها بصرفه إلى ذكر الله وطاعته.[/size] [size=6]ومن جملة ما يتعذر بكثرة الأكل الدوام على الطهارة وملازمة المسجد, فإنه يحتاج إلى الخروج لكثرة شرب الماء وإراقته. ومن جملته الصوم فإنه يتيسر لمن تعود الجوع, فالصوم ودوام الاعتكاف ودوام الطهارة وصرف أوقات شغله بالأكل وأسبابه إلى العبادة أرباح كثيرة, وإنما يستحقرها الغافلون الذين لم يعرفوا قدر الدين لكن رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها: } [color=#ff0000]يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ[/color]{([1]).[/size] [size=6]وقد أشار أبو سليمان الداراني إلى ست آفات من الشبع فقال: من شبع دخل عليه ست آفات: فقد حلاوة المناجاة, وتعذر حفظ الحكمة, وحرمان الشفقة على الخلق لأنه إذا شبع ظنّ أن الخلق كلهم شباع, وثقل العبادة, وزيادة الشهوات, وأن أول سائر المؤمنين يدورون حول المساجد, والشباع يدورون حول المزابل.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6][b]الفائدة الثامنة[/b][b]:[/b] يستفيد من قلة الأكل صحة البدن ودفع الأمراض, فإن سببها كثرة الأكل وحصول فضله الأخلاط في المعدة والعروق. ثم المرض يمنع من العبادات ويشوش القلب ويمنع من الذكر والفكر, وينغص العيش, ويحوج إلى الفصد والحجامة والدواء والطبيب, وكل ذلك يحتاج إلى مؤن ونفقات لا يخلو الإنسان منها بعد التعب عن أنواع من المعاصي واقتحام الشهوات, وفي الجوع ما يمنع ذلك كله.[/size] [size=6]حكي أن الرشيد جمع أربعة أطباء: هندي, ورومي, وعراقي, وسوادي, وقال: ليصف كل واحد منكم الدواء الذي لا داء فيه, فقال الهندي: الدواء الذي لا داء فيه عندي هو الإهليلج الأسود, وقال العراقي: هو حب الرشاد الأبيض, وقال الرومي: هو عندي الماء الحار, وقال السوادي وكان أعلمهم: الإهليلج يعفص المعدة وهذا داء, وحب الرشاد يزلق المعدة وهذا داء, والماء الحار يرخي المعدة وهذا داء, قالوا: فما عندك؟ فقال: الدواء الذي لا داء معه عندي أن لا تأكل الطعام حتى تشتهيه, وأن ترفع يدك عنه وأنت تشتهيه, فقالوا: صدقت.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6][b]الفائدة التاسعة[/b][b]:[/b] خفة المؤنة, فإن من تعود قلة الأكل كفاه من المال قدر يسير, والذي تعود الشبع صار بطنه غريماً ملازماً له أخذ بمخنقه في كل يوم, فيقول ماذا تأكل اليوم؟ فيحتاج إلى أن يدخل المداخل, فيكتسب من الحرام فيعصي أو من الحلال فيذل, وربما يحتاج إلى أن يمد أعين الطمع إلى الناس وهو غاية الذل والقماءة, والمؤمن خفيف المؤنة.[/size] [size=6]وقال بعض الحكماء: إني لأقضي عامة حوائجي بالترك فيكون ذلك أروح لقلبي.[/size] [size=6]وقال آخر: إذا أردت أن استقرض من غيري لشهوة أو زيادة استقرضت من نفسي فتركت الشهوة فهي خير غريم لي.[/size] [size=6]وكان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يسأل أصحابه عن سعر المأكولات فيقولون إنها غالية, فيقول: أرخصوها بالترك.[/size] [size=6]وقال سهل رحمه الله: الأكول مذموم في ثلاثة أحوال: إن كان من أهل العبادة فيكسل وإن كان مكتسباً فلا يسلم من الآفات, وإن كان ممن يدخل عليه شيء فلا ينصف الله تعالى من نفسه.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6][b]الفائدة العاشرة[/b][b]:[/b] أن يتمكن من الإيثار والتصدق بما فضل من الأطعمة على اليتامى والمساكين, فيكون يوم القيامة في ظل صدقته.[/size] [size=6]فما يأكله كان خزانته الكنيف, وما يتصدق به كان خزانته فضل الله تعالى, فليس للعبد من ماله إلا ما تصدق فأبقى أو أكل فأفنى أو لبس فأبلى، فالتصدق بفضلات الطعام أولى من التخمة والشبع![/size] [size=6]وكلُّ هذه الفوائد ممّا يؤثر على التّقوى ويُنمّيها![/size][/center] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
روضة المناسبات الإسلامية
الخيمـــة الرمضــــانية
(احكام خاصة بالصيام)