الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
روضة المناسبات الإسلامية
الخيمـــة الرمضــــانية
(احكام خاصة بالصيام)
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="أم حذيفة" data-source="post: 46851" data-attributes="member: 1"><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff"><strong>علامات التقوى</strong></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قد رأينا في المحور السابق ثمرات التقوى، والآن ننظر في علاماتها، وقد يكون تحقق الثمرات أو عدم تحققها علامةً على وجود التقوى أو عدم وجودها، ومن ثمّ فهناك علاقة بين المحورين!</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">لكن هذا المحور يتميّز بأنّه يستهدف قياس مدى تحقّق التقوى وثمراتها في نفوسنا، فنقول:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">الله سبحانه وتعالى يجعل حكمة الصيام التقوى: {<span style="color: #ff0000">يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ</span>} فهل للتقوى علامات نستطيع من خلالها أن نراجع أنفسنا: هل ظهرت فينا ثمرةُ الصيام أم لا؟ أم أنَّنا نصوم ونقوم ولا تظهر نتائجُ صيامنا وقيامنا؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">هناك معيار في القرآن، يتكون من ستّ علاماتٍ، يستطيع الإنسان من خلالها أن يعرفَ ما إذا كانت التقوى قد حلَّت في كينونته، وعندئذٍ يلزمها ويستمسك بها، أو أنّها لم تحلّ، فهو مدعوٌّ عندئذٍ إلى مراجعة نفسه ومحاسبتها بناءً على هذه العلامات القرآنية الستة:</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">يذكر الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني هذه العلامات على النحو التالي:</span></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">1 - أن يشعر يتغير في باطنه مختصرُه ومضمونُه زيادةُ تعظيم لدين الله:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال تعالى: {<span style="color: #ff0000">ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ</span>} [الحج: 32] وجمهور المفسرين على أن المقصود من شعائر الله في هذه الآية دينه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فقد كنت تعظم القانون الذي وضعه الإنسان، وتعظم دين الله، فرأيت بعد الصيام أن تعظيم دين الله أصبح تعظيمًا يفوق كل تعظيم ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وكنت تعظم دين الله وتعظم الدنيا، فرأيت بعد الصيام أنك تعظم دين الله تعظيمًا يفوق تعظيمك للدنيا ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وكنت تعظم الأولاد، وتعظم الأسرة، وتعظم الصديق ... فلما دخلت في مدرسة الصيام نظرت إلى قلبك فوجدت أنه يعظم دين الله تبارك وتعالى تعظيمًا يفوق كل تعظيم ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وماذا يعني هذا؟ أهي شعارات أم أنها قضية عملية؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فعلى مستوى المعاملة، وعلى مستوى العبادة، وعلى مستوى كل سلوك ... نجد توجيهًا في دين الله تبارك وتعالى يخص تلك العبادة أو المعاملة، ولا يوجد في حياتنا سلوكية إلاَّ ونجد في كتاب الله تبارك وتعالى توجيهًا يخصها، فإذا أردت أن تعامل الزوجة رأيت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تعامل الولد رأيت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل مع الناس بالمال وجدت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل مع الحاكم وجدت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل مع المحكوم وجدت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل على مستوى الاجتماع والاقتصاد، أو على مستوى السياسة، أو على مستوى الأحوال الشخصية، أو على المستوى الشخصي ... ستجد في دين الله تبارك وتعالى توجيهًا ...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فإذا كان انفعال قلبك لهذا التوجيه على جهة التعظيم، فقد ظهرت العلامة الأولى، وإذا كنت تنظر إلى هذا التوجيه الذي يوجهك فيه ربّنا تبارك وتعالى فتراه أمرًا يتساوى مع ما تسمعه من كلام الناس، فالعلامة الأولى من علامات التقوى لم تظهر فيك.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">2 - أن يظهر فيك شعور تقديم خيرية الآخرة على خيرية الدنيا:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال تعالى: {<span style="color: #ff0000">وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ</span>} [الأنعام: 32] فدلَّت هذه الآية على أن المتّقي يكون في حالةٍ يشعر فيها بخيرية الآخرة على الدنيا، فيشعر في باطنه أن الذي ينتظره في الآخرة لا يمكن في حالٍ من الأحوال أن يُقارَن بالعاجل الذي تمتد يده إليه في الدنيا، فالدنيا دارُ اختبارٍ وامتحان، فقد تنال فيها بعضًا من الحظ والنصيب وقد لا تنال، لكنها ممرٌّ إلى الآخرة، والدين يضبط حالة مرورنا في هذه الدنيا ويوجهها، لكنه لا يجعل الدنيا مقصودًا في رحلة السفر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وعندما نقرأ في القرآن قصة سحرة فرعون نموذجًا من النماذج التي ينبغي على من يريد اختبار التقوى في قلبه أن يكررها كثيرًا، لأنها قصة عملية واقعية ليست من نسج الخيال، فإننا نقرأ قوله تعالى: {<span style="color: #ff0000">فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا</span>} [طه: 70].</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فرعون يملك مُتع الدنيا ويعدهم بكل شيء منها، ويعدهم أن تكون متع الدنيا تلك طوع أيديهم، لكنهم يرون الحق ساطعًا يخرجه موسى عليه الصلاة والسلام بإذن الله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إنه الحق الذي يقول: لا إله إلاّ الله ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">الحق الذي يقول: لا ربّ إلاّ الله ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">الحق الذي يقول: لا عظيم إلاّ الله ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إن الكون كله أداة بيد الله، وما فرعون وما يملكه إلاّ أداة من أدوات قدرة الله سبحانه وتعالى، وهذه حقيقة يغيب عنها أسرى العادة والمحسوس.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ففي قوله: {<span style="color: #ff0000">فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدً</span>ا} ظهرت حقيقة التقوى، ونحن نسجد في صلاة التراويح فهل سجودنا يماثل سجود السحرة الذين ألقوا سجدًا؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى، قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ</span>} [طه: 70 - 71] إنه قاطع طريق، فكل شيء بإذن الواحد، وفرعون يريد أن يجعل إذنه قاطعًا بين العبد وربه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">يا فرعون أنت وما تملكه من متاع، وما تزعمه من إذن، إنما هو بيد الله سبحانه وتعالى، ومندرج في منظومة الاختبار الدنيويّ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ</span>} [طه: 71] وهاهنا يجابهُ السحرةَ بأكذوبة توجّه إليهم وتُفترَى عليهم وهي: ما ظهر لكم مندرج في سحركم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ويأتي الترهيب، فلا يتوقف الأمر عند منع العطاء، إنما يتجاوزه إلى التهديد الذي يصل إلى حد الإيذاء البدنيّ، لا إلى مستوى قطع المنافع، إنما يتجاوزه إلى مستوى قطع الأوصال.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ</span>} [طه: 71]</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وهكذا يفعل الجزارون .. وهكذا يفعل كثير من الحكام، الذين ما هم في حقائقهم إلا صور، لكن حقائقهم جزارون يذبحون شعوبهم، ويكذبون عليهم، والله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان ساوى بين الحاكم والمحكوم، علا أو لم يعلُ، كبيرًا كان أو صغيرًا ... فما هو إلاّ عبد من عباد الله، لكن الإنسان يطغى حين يرى بيده المحسوس.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ</span>} [طه: 71] إنه التعذيب والتنكيل ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إنه يهدد بإزاحة هذا القفص البدنيّ وتحطيمه وتهشيمه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى</span>} [طه: 71] فمن الذي سيبقى؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">سوف أزيحكم وأبقى .. هل تقدرون على تعذيبي؟ فأنا أقدر على تعذيبكم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وهكذا يقف المقطوع عن النظر البعيد، وهكذا يقف الجاهل الذي حُرم أن يرى غير الدنيا.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وسنرى يا فرعون، وما هي إلاّ أيام وتكون غريقًا في البحر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">من أنت؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أنت الذي تظن - بسبب كونك مخدوعًا بالحس - أنك مهيمن على الأشياء؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أما نظرت إلى الجبابرة الذين سبقوك؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">من أنت؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إن كنت أيها الإنسان أعلمَ من غيرك ففي يدك اختبار هو العلم، فتصرَّفْ فيه على أنك عبدٌ لله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إن كان في يدك الحكم، أو المال، أو العيال ... فتذكر أنها أماناتٌ وضعها الله في يدك، وما أنت إلاّ عبد من عباد الله مختبر فيما آتاك الله، فاتَّقِ الله فيما آتاك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إذا آتاك عيالاً أو حكمًا أو منصبًا أو جاهًا ... فأنت مختبر، ولا تتوهم إن كنت غنيًّا أنك فوق الفقير، وإن كنت عالمًا أنك فوق الجاهل .. لا، إنما اختبر الله كلاً منكم بشيء، وسوف تكون النتيجة هناك في الآخرة عندما يقف الجميع ويقول الله سبحانه وتعالى: {<span style="color: #ff0000">لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ</span>} [غافر: 16] فهناك لن يكون من فارق بين غنيٍّ أو فقير أو حاكم أو محكوم، بل سيكون الجميع على قدم المساواة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">لكن ما الذي قاله سحرة فرعون بعدما سمعوا ما سمعوه من تهديد ووعيد؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وها هنا تظهر حقيقة: {<span style="color: #ff0000">وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ</span>} [الأنعام: 32].</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إنه الاختيار الذي أنت مطالب به في كل لحظة، وينبغي أن تسأل نفسك في الموقف وفي اللحظة: هل هذا الموقف الذي أقفه أنفعُ لي في الآخرة أم أنه أضرُّ لي في الآخرة وأنفع في الدنيا؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">هذا هو السؤال الذي يعطيك العلامة الثانية من علامات التقوى.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وها هنا ينجح السحرة في الامتحان ويقولون: {<span style="color: #ff0000">لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا</span>} [طه: 72] فيقسمون بالله أنهم لن يؤثروا فرعون ومُلكَه على ما ظهر لهم من الحقّ، وهاهنا تظهر حقيقة التقوى، وهاهنا يرى هذا المتقي.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ورحم الله أبا العلاء المعرّي الذي كان يقول في شعره:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">جَهِلَ الديانةَ مَنْ إذا عَرَضَتْ لهُ أطماعُهُ لم يُلْفَ بالمتمَاسِكِ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فالمطامع تحرفه وتصرفه، ولا يُرى ثابتًا على منهاجه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثم قالوا: {<span style="color: #ff0000">فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا</span>} [طه: 72] هاهنا تظهر حقيقة التقوى.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إذًا: {<span style="color: #ff0000">وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ</span>} حقيقة يراها المتقي.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وكذلك: {<span style="color: #ff0000">وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ</span>}</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وَ: {<span style="color: #ff0000">إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا</span>}</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ولما جرحت أصبع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق صار يكرر أبياتًا لعبد الله بن رواحة الصحابيّ الجليل ويقول فيها:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إنْ أنتِ إلاَّ أصبعٌ دَمِيتِ وفي سبيلِ اللهِ ما لَقيتِ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فينبغي على المؤمن الذي يريد حقيقة التقوى أن يرتقي إلى هذا المستوى فيقول لجسده: ما أنت أيها الجسد إلاّ مطية أرحل من خلالها إلى الآخرة، فالمقصود عندي هو الآخرة، مقصودي هو الله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ</span>}</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">يقول السحرة: {<span style="color: #ff0000">فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى</span>} [طه: 70 - 73]</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">3 - أن تشعر بالطمأنينة والأمان: وقد قال أهل المعرفة رحمة الله عليهم: "العارف مطمئن".</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أي أن يزول من باطنك الاضطراب، فتكون مستشعرًا حالة السكينة وحال الأمن، حتى وإن تخرب ظاهرك، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأعراف: 35] إنهم يعيشون حالة السرور بربهم، ويعيشون في بواطنهم حالة السكينة والطمأنينة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">نعم، لأنهم تولَّوا ربهم وحده، فتولاهم الله، فكانوا أولياءه، ألم تقرؤوا في كتاب الله قوله: {<span style="color: #ff0000">أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ</span>} [يونس: 62 - 63].</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إذًا: هذا الشعور الباطن بالسكينة إنما أنتجته الثقة بالله، وأنتجته الطمأنينة بالله، وأنتجه الاعتماد على الله، وأنتجه التوكل على الله ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ومما قرأت في سيرة الولي إبراهيم بن الأدهم رحمة الله عليه أنه مرة كان يصلي، وإذا سبع كبير جلس إلى جانبه، فلما انتهى إبراهيم بن أدهم من الصلاة نظر فوجد السبع يمكث إلى جانبه يزمجر، لكن باطن إبراهيم لا يهتز، ويقول إبراهيم بن أدهم لهذا السبع: "إن كنت أُمرت فينا بأمر فامضِ لما أمرت به، وإلاّ فانصرف أيها الخبيث".</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- إن كنت أمرت فينا بأمر، أي أرسلك الله سبحانه وتعالى لتنفذ أمرًا من أجل أن نرحل من هذه الدنيا إلى الآخرة، ولتخلصنا من قضية الاختبار هذه التي نحن فيها في حالة من المشقة والمجاهدة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- فامضِ لما أمرت به، لما تنتظر؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- وإلاّ فامضِ أيها الخبيث.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فما كان من ذلك السبع إلاّ أن حنى رأسه ثم أدار ظهره وولى.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إنها الطمأنينة بالله ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إنها حال استقرار الباطن التي لا يعرفها المضطربون بسبب المادة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">نعم، لقد حدث مثل هذا في زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رأى سفينة مولى رسول الله سبعًا في الصحراء، فجاء إليه ثم قال له: دلني على الطريق فإنني ضللت الطريق، فما كان من ذلك السبع إلاّ أن مشى أمامه فدله على الطريق.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقطع يومًا سبع من السباع الطريق على الناس، فجاء إليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فأزاحه بيده عن طريق الناس.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">إذًا: العلامة الأولى: تعظيم دين الله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">العلامة الثانية: تقديم الآخرة على الدنيا، فيشعر في باطنه بهذه الخيرية، خيرية الدار الآخرة على الدنيا.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">العلامة الثالثة: الطمأنينة والسكون الباطن الذي يشعر به اعتمادًا على الله واستنادًا إلى عظيم قدرته، وجلال مقام ربوبيته.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">4 - أنه لا يخاف إضرار العدو به: وهذه قضية في غاية الدقة، حينما نفهمها أنها إضرار العدو بالمال أو الجسد لا نستطيع فهمها، لكن حينما نفهمها كما فهمنا قصة سحرة فرعون سنرى أن فرعون لم يكن قادراً على الإضرار بهم.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">والتفسير المادّيّ للنصّ الذي سأقرؤه مُشكل، لأن الله سبحانه وتعالى يقول فيه: {<span style="color: #ff0000">وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا</span>} [آل عمران: 120] فمهما كاد الأعداء بدينكم سيبقى دينَكم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">مهما كاد الأعداء ليكونوا متفوقين على قدرة الله فلن يكونوا متفوقين ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">مهما كاد الأعداء من أجل أن يجعلوا الإسلام مساويًا لغيره فلن يكون هذا، والله لا يساوي بين الإسلام وغيره، قال تعالى: {<span style="color: #ff0000">إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ</span>} [آل عمران: 19] وقال: {<span style="color: #ff0000">وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ</span>} [آل عمران: 85].</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">مهما كاد أعداء الله من أجل أن يقلبوا الحقائق فلن يصلوا إلى ذلك ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">نعم، ربما يؤثّرون على الأبدان، وعلى الأموال: {<span style="color: #ff0000">وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} أي الخوف الظاهر لا الباطن {وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ</span>} [البقرة: 155] فهذا من سنة الله سبحانه، أما الإضرار الذي هو نتيجة نهائية، فهل استطاع فرعون أن يضر بالسحرة؟ لا ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">لقد قُتل السحرة وغرق فرعون وفاز السحرة، وصاروا في الجنة عند الله، وصار فرعون في الدرك الأسفل من النار.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فتأتي العلاقة الرابعة هذه زيادة في البيان على ما تقدم في العلامة الثالثة، لأن العلامة الثالثة أمن واستقرار عام، أما العلامة الرابعة فإنها تخص ما يمكن أن يضطرب به قلب مؤمن، وهو كيد العدو.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">5 - الأوبة العاجلة إلى الله عند حصول الزلل:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال تعالى: {<span style="color: #ff0000">إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ</span>} [الأعراف: 101]</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">لا تستمروا على الزلل .. ولا تستمروا على المعصية ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فإن غلبتك نفسك لحظة تذكَّرْتَ الله فرجعت إليه، وانطرحت في أعتابه باكيًا نادمًا ساجدًا، وتقول له: عدت إليك يا رب.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">{<span style="color: #ff0000">إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ</span>} فلا يدومون على الزلل، لأن المعصوم من الزلل هم رسل الله، أما المؤمنون فلربما تزل أقدامهم لحظة بسببٍ ما، لكنهم سرعان ما يعودون، وسرعان ما يتوبون، وسرعان ما يؤوبون، وسرعان ما تعود إليهم حقيقة تعظيم دين الله تبارك وتعالى التي تقدمت في العلامة الأولى ..</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">6 - انفعال السماء والأرض للمتَّقي بالبركة: فيرى المتقي بعد ثباته على التقوى أن بركة السماء تخصه بأمر، وأن بركة الأرض تخصه بأمر، ونقرأ هذا في قوله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ} على التنكير، ولم يقل: البركات، ليكون كلٌّ مختصًّا ببركة من البركات، {مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] لكانت زياداتٌ خاصة جاءتهم من السماء وجاءتهم من الأرض.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ومصداق هذا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنْ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: "اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ" فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ (الأرض السوداء البازلتية)، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ (مسيل ماء) قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ (لِلاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ)، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْ اسمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: "اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ" لاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ.</span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وهكذا رأينا تفسيرًا عمليًّا يحكيه لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تنفعل السماء، وكيف تنفعل الأرض.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وهذا مثال من الأمثلة لا يراد منه الحصر إنما يراد منه إيراد المثل.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أخيرًا نعيد هذه العلامات الستة حتى نتذكرها ونجعلها ميزانًا لصيامنا: هل تظهر نتائج صيامنا التي هي علامات التقوى أم أننا ننقطع عن الطعام والشراب ونحن بعيدون عن حقيقة التقوى التي محلها القلب؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال صلى الله عليه وسلم: (<span style="color: #808000">التقوى ها هنا، التقوى هاهنا، التقوى ها هنا</span>) وكان يشير إلى صدره صلى الله عليه وسلم.</span></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">1 - الشعور بتعظيم دين الله تبارك وتعالى تعظيمًا يفوق كل تعظيم.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">2 - أن تشعر بخيرية الآخرة على الدنيا.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">3 - وجود الأمن والسكينة والطمأنينة في باطنك.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">4 - أن تشعر بالأمن من كيد العدو.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">5 - الأوبة العاجلة إلى الله تعالى عند كل زلل.</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><strong>6 - انفعال السماء والأرض للمتقي، وهذا قد يظهر كما قلت في أمثلة كثيرة، وتراه بعينك علامة حسية تُطَمْئِنُكَ وتثبّتك على منهج التقوى وعلى منهج شهر رمضان الذي</strong> <strong>أنزل فيه القرآن.</strong></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقد كان بعض الأخوة يتحدثون عن العلاقة بين القرآن ورمضان على أنها العلاقة بين هذا الصائم وتلاوة القرآن، وقلت: لا، إن العلاقة بين رمضان والقرآن إنما هي علاقةٌ بالأمور الثلاثة التي جاء القرآن بها، والتي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: يتلو عليهم آياته، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">هذه هي العلاقة مع القرآن، فإذا تحصلت هذه العلاقة مع القرآن فقد صحت صلتك التي تصل فيها بين رمضان والقرآن، أما أن تجعل الصلة - كما هو الحال اليوم عند المسلمين - بين القرآن ورمضان تلاوة القرآن فقط، فهذه ليست العلاقة بالقرآن.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فالعلاقة بالقرآن: تلاوة، ثم علم، ثم تزكية، فإذا تحصَّل لك ذلك في رمضان فقد صحت صلتك بالقرآن في رمضان، وإذا لم تصح فإنك ما فارقت المنافقين بوصف من الأوصاف، لأن المنافقين يقرؤون القرآن ولا يتجاوز حناجرهم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وأذكر هذا لأنه ذو صلة بموضوع البحث الذي هو علامات التقوى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">رُدَّنا اللهم إلى دينك ردًّا جميلاً، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أقول هذا القول وأستغفر الله.</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="أم حذيفة, post: 46851, member: 1"] [center][size=6][color=#0000ff][b]علامات التقوى[/b][/color][/size] [size=6]قد رأينا في المحور السابق ثمرات التقوى، والآن ننظر في علاماتها، وقد يكون تحقق الثمرات أو عدم تحققها علامةً على وجود التقوى أو عدم وجودها، ومن ثمّ فهناك علاقة بين المحورين![/size] [size=6]لكن هذا المحور يتميّز بأنّه يستهدف قياس مدى تحقّق التقوى وثمراتها في نفوسنا، فنقول:[/size] [size=6]الله سبحانه وتعالى يجعل حكمة الصيام التقوى: {[color=#ff0000]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[/color]} فهل للتقوى علامات نستطيع من خلالها أن نراجع أنفسنا: هل ظهرت فينا ثمرةُ الصيام أم لا؟ أم أنَّنا نصوم ونقوم ولا تظهر نتائجُ صيامنا وقيامنا؟[/size] [size=6]هناك معيار في القرآن، يتكون من ستّ علاماتٍ، يستطيع الإنسان من خلالها أن يعرفَ ما إذا كانت التقوى قد حلَّت في كينونته، وعندئذٍ يلزمها ويستمسك بها، أو أنّها لم تحلّ، فهو مدعوٌّ عندئذٍ إلى مراجعة نفسه ومحاسبتها بناءً على هذه العلامات القرآنية الستة:[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6]يذكر الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني هذه العلامات على النحو التالي:[/size] [b][size=6]1 - أن يشعر يتغير في باطنه مختصرُه ومضمونُه زيادةُ تعظيم لدين الله:[/size][/b] [size=6]قال تعالى: {[color=#ff0000]ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[/color]} [الحج: 32] وجمهور المفسرين على أن المقصود من شعائر الله في هذه الآية دينه.[/size] [size=6]فقد كنت تعظم القانون الذي وضعه الإنسان، وتعظم دين الله، فرأيت بعد الصيام أن تعظيم دين الله أصبح تعظيمًا يفوق كل تعظيم ..[/size] [size=6]وكنت تعظم دين الله وتعظم الدنيا، فرأيت بعد الصيام أنك تعظم دين الله تعظيمًا يفوق تعظيمك للدنيا ..[/size] [size=6]وكنت تعظم الأولاد، وتعظم الأسرة، وتعظم الصديق ... فلما دخلت في مدرسة الصيام نظرت إلى قلبك فوجدت أنه يعظم دين الله تبارك وتعالى تعظيمًا يفوق كل تعظيم ..[/size] [size=6]وماذا يعني هذا؟ أهي شعارات أم أنها قضية عملية؟[/size] [size=6]فعلى مستوى المعاملة، وعلى مستوى العبادة، وعلى مستوى كل سلوك ... نجد توجيهًا في دين الله تبارك وتعالى يخص تلك العبادة أو المعاملة، ولا يوجد في حياتنا سلوكية إلاَّ ونجد في كتاب الله تبارك وتعالى توجيهًا يخصها، فإذا أردت أن تعامل الزوجة رأيت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تعامل الولد رأيت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل مع الناس بالمال وجدت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل مع الحاكم وجدت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل مع المحكوم وجدت في القرآن توجيهًا، وإذا أردت أن تتعامل على مستوى الاجتماع والاقتصاد، أو على مستوى السياسة، أو على مستوى الأحوال الشخصية، أو على المستوى الشخصي ... ستجد في دين الله تبارك وتعالى توجيهًا ...[/size] [size=6]فإذا كان انفعال قلبك لهذا التوجيه على جهة التعظيم، فقد ظهرت العلامة الأولى، وإذا كنت تنظر إلى هذا التوجيه الذي يوجهك فيه ربّنا تبارك وتعالى فتراه أمرًا يتساوى مع ما تسمعه من كلام الناس، فالعلامة الأولى من علامات التقوى لم تظهر فيك.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [b][size=6]2 - أن يظهر فيك شعور تقديم خيرية الآخرة على خيرية الدنيا:[/size][/b] [size=6]قال تعالى: {[color=#ff0000]وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ[/color]} [الأنعام: 32] فدلَّت هذه الآية على أن المتّقي يكون في حالةٍ يشعر فيها بخيرية الآخرة على الدنيا، فيشعر في باطنه أن الذي ينتظره في الآخرة لا يمكن في حالٍ من الأحوال أن يُقارَن بالعاجل الذي تمتد يده إليه في الدنيا، فالدنيا دارُ اختبارٍ وامتحان، فقد تنال فيها بعضًا من الحظ والنصيب وقد لا تنال، لكنها ممرٌّ إلى الآخرة، والدين يضبط حالة مرورنا في هذه الدنيا ويوجهها، لكنه لا يجعل الدنيا مقصودًا في رحلة السفر.[/size] [size=6]وعندما نقرأ في القرآن قصة سحرة فرعون نموذجًا من النماذج التي ينبغي على من يريد اختبار التقوى في قلبه أن يكررها كثيرًا، لأنها قصة عملية واقعية ليست من نسج الخيال، فإننا نقرأ قوله تعالى: {[color=#ff0000]فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا[/color]} [طه: 70].[/size] [size=6]فرعون يملك مُتع الدنيا ويعدهم بكل شيء منها، ويعدهم أن تكون متع الدنيا تلك طوع أيديهم، لكنهم يرون الحق ساطعًا يخرجه موسى عليه الصلاة والسلام بإذن الله.[/size] [size=6]إنه الحق الذي يقول: لا إله إلاّ الله ..[/size] [size=6]الحق الذي يقول: لا ربّ إلاّ الله ..[/size] [size=6]الحق الذي يقول: لا عظيم إلاّ الله ..[/size] [size=6]إن الكون كله أداة بيد الله، وما فرعون وما يملكه إلاّ أداة من أدوات قدرة الله سبحانه وتعالى، وهذه حقيقة يغيب عنها أسرى العادة والمحسوس.[/size] [size=6]ففي قوله: {[color=#ff0000]فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدً[/color]ا} ظهرت حقيقة التقوى، ونحن نسجد في صلاة التراويح فهل سجودنا يماثل سجود السحرة الذين ألقوا سجدًا؟[/size] [size=6]{[color=#ff0000]قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى، قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ[/color]} [طه: 70 - 71] إنه قاطع طريق، فكل شيء بإذن الواحد، وفرعون يريد أن يجعل إذنه قاطعًا بين العبد وربه.[/size] [size=6]يا فرعون أنت وما تملكه من متاع، وما تزعمه من إذن، إنما هو بيد الله سبحانه وتعالى، ومندرج في منظومة الاختبار الدنيويّ.[/size] [size=6]{[color=#ff0000]إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ[/color]} [طه: 71] وهاهنا يجابهُ السحرةَ بأكذوبة توجّه إليهم وتُفترَى عليهم وهي: ما ظهر لكم مندرج في سحركم.[/size] [size=6]ويأتي الترهيب، فلا يتوقف الأمر عند منع العطاء، إنما يتجاوزه إلى التهديد الذي يصل إلى حد الإيذاء البدنيّ، لا إلى مستوى قطع المنافع، إنما يتجاوزه إلى مستوى قطع الأوصال.[/size] [size=6]{[color=#ff0000]فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ[/color]} [طه: 71][/size] [size=6]وهكذا يفعل الجزارون .. وهكذا يفعل كثير من الحكام، الذين ما هم في حقائقهم إلا صور، لكن حقائقهم جزارون يذبحون شعوبهم، ويكذبون عليهم، والله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان ساوى بين الحاكم والمحكوم، علا أو لم يعلُ، كبيرًا كان أو صغيرًا ... فما هو إلاّ عبد من عباد الله، لكن الإنسان يطغى حين يرى بيده المحسوس.[/size] [size=6]{[color=#ff0000]وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ[/color]} [طه: 71] إنه التعذيب والتنكيل ..[/size] [size=6]إنه يهدد بإزاحة هذا القفص البدنيّ وتحطيمه وتهشيمه.[/size] [size=6]{[color=#ff0000]وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى[/color]} [طه: 71] فمن الذي سيبقى؟[/size] [size=6]سوف أزيحكم وأبقى .. هل تقدرون على تعذيبي؟ فأنا أقدر على تعذيبكم.[/size] [size=6]وهكذا يقف المقطوع عن النظر البعيد، وهكذا يقف الجاهل الذي حُرم أن يرى غير الدنيا.[/size] [size=6]وسنرى يا فرعون، وما هي إلاّ أيام وتكون غريقًا في البحر.[/size] [size=6]من أنت؟[/size] [size=6]أنت الذي تظن - بسبب كونك مخدوعًا بالحس - أنك مهيمن على الأشياء؟[/size] [size=6]أما نظرت إلى الجبابرة الذين سبقوك؟[/size] [size=6]من أنت؟[/size] [size=6]إن كنت أيها الإنسان أعلمَ من غيرك ففي يدك اختبار هو العلم، فتصرَّفْ فيه على أنك عبدٌ لله.[/size] [size=6]إن كان في يدك الحكم، أو المال، أو العيال ... فتذكر أنها أماناتٌ وضعها الله في يدك، وما أنت إلاّ عبد من عباد الله مختبر فيما آتاك الله، فاتَّقِ الله فيما آتاك.[/size] [size=6]إذا آتاك عيالاً أو حكمًا أو منصبًا أو جاهًا ... فأنت مختبر، ولا تتوهم إن كنت غنيًّا أنك فوق الفقير، وإن كنت عالمًا أنك فوق الجاهل .. لا، إنما اختبر الله كلاً منكم بشيء، وسوف تكون النتيجة هناك في الآخرة عندما يقف الجميع ويقول الله سبحانه وتعالى: {[color=#ff0000]لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ[/color]} [غافر: 16] فهناك لن يكون من فارق بين غنيٍّ أو فقير أو حاكم أو محكوم، بل سيكون الجميع على قدم المساواة.[/size] [size=6]لكن ما الذي قاله سحرة فرعون بعدما سمعوا ما سمعوه من تهديد ووعيد؟[/size] [size=6]وها هنا تظهر حقيقة: {[color=#ff0000]وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ[/color]} [الأنعام: 32].[/size] [size=6]إنه الاختيار الذي أنت مطالب به في كل لحظة، وينبغي أن تسأل نفسك في الموقف وفي اللحظة: هل هذا الموقف الذي أقفه أنفعُ لي في الآخرة أم أنه أضرُّ لي في الآخرة وأنفع في الدنيا؟[/size] [size=6]هذا هو السؤال الذي يعطيك العلامة الثانية من علامات التقوى.[/size] [size=6]وها هنا ينجح السحرة في الامتحان ويقولون: {[color=#ff0000]لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا[/color]} [طه: 72] فيقسمون بالله أنهم لن يؤثروا فرعون ومُلكَه على ما ظهر لهم من الحقّ، وهاهنا تظهر حقيقة التقوى، وهاهنا يرى هذا المتقي.[/size] [size=6]ورحم الله أبا العلاء المعرّي الذي كان يقول في شعره:[/size] [size=6]جَهِلَ الديانةَ مَنْ إذا عَرَضَتْ لهُ أطماعُهُ لم يُلْفَ بالمتمَاسِكِ[/size] [size=6]فالمطامع تحرفه وتصرفه، ولا يُرى ثابتًا على منهاجه.[/size] [size=6]ثم قالوا: {[color=#ff0000]فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا[/color]} [طه: 72] هاهنا تظهر حقيقة التقوى.[/size] [size=6]إذًا: {[color=#ff0000]وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ[/color]} حقيقة يراها المتقي.[/size] [size=6]وكذلك: {[color=#ff0000]وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ[/color]}[/size] [size=6]وَ: {[color=#ff0000]إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا[/color]}[/size] [size=6]ولما جرحت أصبع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق صار يكرر أبياتًا لعبد الله بن رواحة الصحابيّ الجليل ويقول فيها:[/size] [size=6]إنْ أنتِ إلاَّ أصبعٌ دَمِيتِ وفي سبيلِ اللهِ ما لَقيتِ[/size] [size=6]فينبغي على المؤمن الذي يريد حقيقة التقوى أن يرتقي إلى هذا المستوى فيقول لجسده: ما أنت أيها الجسد إلاّ مطية أرحل من خلالها إلى الآخرة، فالمقصود عندي هو الآخرة، مقصودي هو الله.[/size] [size=6]{[color=#ff0000]وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ[/color]}[/size] [size=6]يقول السحرة: {[color=#ff0000]فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى[/color]} [طه: 70 - 73][/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [b][size=6]3 - أن تشعر بالطمأنينة والأمان: وقد قال أهل المعرفة رحمة الله عليهم: "العارف مطمئن".[/size][/b] [size=6]أي أن يزول من باطنك الاضطراب، فتكون مستشعرًا حالة السكينة وحال الأمن، حتى وإن تخرب ظاهرك، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأعراف: 35] إنهم يعيشون حالة السرور بربهم، ويعيشون في بواطنهم حالة السكينة والطمأنينة.[/size] [size=6]نعم، لأنهم تولَّوا ربهم وحده، فتولاهم الله، فكانوا أولياءه، ألم تقرؤوا في كتاب الله قوله: {[color=#ff0000]أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[/color]} [يونس: 62 - 63].[/size] [size=6]إذًا: هذا الشعور الباطن بالسكينة إنما أنتجته الثقة بالله، وأنتجته الطمأنينة بالله، وأنتجه الاعتماد على الله، وأنتجه التوكل على الله ..[/size] [size=6]ومما قرأت في سيرة الولي إبراهيم بن الأدهم رحمة الله عليه أنه مرة كان يصلي، وإذا سبع كبير جلس إلى جانبه، فلما انتهى إبراهيم بن أدهم من الصلاة نظر فوجد السبع يمكث إلى جانبه يزمجر، لكن باطن إبراهيم لا يهتز، ويقول إبراهيم بن أدهم لهذا السبع: "إن كنت أُمرت فينا بأمر فامضِ لما أمرت به، وإلاّ فانصرف أيها الخبيث".[/size] [size=6]- إن كنت أمرت فينا بأمر، أي أرسلك الله سبحانه وتعالى لتنفذ أمرًا من أجل أن نرحل من هذه الدنيا إلى الآخرة، ولتخلصنا من قضية الاختبار هذه التي نحن فيها في حالة من المشقة والمجاهدة.[/size] [size=6]- فامضِ لما أمرت به، لما تنتظر؟[/size] [size=6]- وإلاّ فامضِ أيها الخبيث.[/size] [size=6]فما كان من ذلك السبع إلاّ أن حنى رأسه ثم أدار ظهره وولى.[/size] [size=6]إنها الطمأنينة بالله ..[/size] [size=6]إنها حال استقرار الباطن التي لا يعرفها المضطربون بسبب المادة.[/size] [size=6]نعم، لقد حدث مثل هذا في زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رأى سفينة مولى رسول الله سبعًا في الصحراء، فجاء إليه ثم قال له: دلني على الطريق فإنني ضللت الطريق، فما كان من ذلك السبع إلاّ أن مشى أمامه فدله على الطريق.[/size] [size=6]وقطع يومًا سبع من السباع الطريق على الناس، فجاء إليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فأزاحه بيده عن طريق الناس.[/size] [size=6]إذًا: العلامة الأولى: تعظيم دين الله.[/size] [size=6]العلامة الثانية: تقديم الآخرة على الدنيا، فيشعر في باطنه بهذه الخيرية، خيرية الدار الآخرة على الدنيا.[/size] [size=6]العلامة الثالثة: الطمأنينة والسكون الباطن الذي يشعر به اعتمادًا على الله واستنادًا إلى عظيم قدرته، وجلال مقام ربوبيته.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [b][size=6]4 - أنه لا يخاف إضرار العدو به: وهذه قضية في غاية الدقة، حينما نفهمها أنها إضرار العدو بالمال أو الجسد لا نستطيع فهمها، لكن حينما نفهمها كما فهمنا قصة سحرة فرعون سنرى أن فرعون لم يكن قادراً على الإضرار بهم.[/size][/b] [size=6]والتفسير المادّيّ للنصّ الذي سأقرؤه مُشكل، لأن الله سبحانه وتعالى يقول فيه: {[color=#ff0000]وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا[/color]} [آل عمران: 120] فمهما كاد الأعداء بدينكم سيبقى دينَكم.[/size] [size=6]مهما كاد الأعداء ليكونوا متفوقين على قدرة الله فلن يكونوا متفوقين ..[/size] [size=6]مهما كاد الأعداء من أجل أن يجعلوا الإسلام مساويًا لغيره فلن يكون هذا، والله لا يساوي بين الإسلام وغيره، قال تعالى: {[color=#ff0000]إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ[/color]} [آل عمران: 19] وقال: {[color=#ff0000]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[/color]} [آل عمران: 85].[/size] [size=6]مهما كاد أعداء الله من أجل أن يقلبوا الحقائق فلن يصلوا إلى ذلك ..[/size] [size=6]نعم، ربما يؤثّرون على الأبدان، وعلى الأموال: {[color=#ff0000]وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} أي الخوف الظاهر لا الباطن {وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ[/color]} [البقرة: 155] فهذا من سنة الله سبحانه، أما الإضرار الذي هو نتيجة نهائية، فهل استطاع فرعون أن يضر بالسحرة؟ لا ..[/size] [size=6]لقد قُتل السحرة وغرق فرعون وفاز السحرة، وصاروا في الجنة عند الله، وصار فرعون في الدرك الأسفل من النار.[/size] [size=6]فتأتي العلاقة الرابعة هذه زيادة في البيان على ما تقدم في العلامة الثالثة، لأن العلامة الثالثة أمن واستقرار عام، أما العلامة الرابعة فإنها تخص ما يمكن أن يضطرب به قلب مؤمن، وهو كيد العدو.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [b][size=6]5 - الأوبة العاجلة إلى الله عند حصول الزلل:[/size][/b] [size=6]قال تعالى: {[color=#ff0000]إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ[/color]} [الأعراف: 101][/size] [size=6]لا تستمروا على الزلل .. ولا تستمروا على المعصية ..[/size] [size=6]فإن غلبتك نفسك لحظة تذكَّرْتَ الله فرجعت إليه، وانطرحت في أعتابه باكيًا نادمًا ساجدًا، وتقول له: عدت إليك يا رب.[/size] [size=6]{[color=#ff0000]إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ[/color]} فلا يدومون على الزلل، لأن المعصوم من الزلل هم رسل الله، أما المؤمنون فلربما تزل أقدامهم لحظة بسببٍ ما، لكنهم سرعان ما يعودون، وسرعان ما يتوبون، وسرعان ما يؤوبون، وسرعان ما تعود إليهم حقيقة تعظيم دين الله تبارك وتعالى التي تقدمت في العلامة الأولى ..[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [b][size=6]6 - انفعال السماء والأرض للمتَّقي بالبركة: فيرى المتقي بعد ثباته على التقوى أن بركة السماء تخصه بأمر، وأن بركة الأرض تخصه بأمر، ونقرأ هذا في قوله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ} على التنكير، ولم يقل: البركات، ليكون كلٌّ مختصًّا ببركة من البركات، {مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] لكانت زياداتٌ خاصة جاءتهم من السماء وجاءتهم من الأرض.[/size][/b] [size=6]ومصداق هذا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنْ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: "اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ" فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ (الأرض السوداء البازلتية)، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ (مسيل ماء) قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ (لِلاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ)، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْ اسمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: "اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ" لاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ.[/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6]وهكذا رأينا تفسيرًا عمليًّا يحكيه لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تنفعل السماء، وكيف تنفعل الأرض.[/size] [size=6]وهذا مثال من الأمثلة لا يراد منه الحصر إنما يراد منه إيراد المثل.[/size] [size=6]أخيرًا نعيد هذه العلامات الستة حتى نتذكرها ونجعلها ميزانًا لصيامنا: هل تظهر نتائج صيامنا التي هي علامات التقوى أم أننا ننقطع عن الطعام والشراب ونحن بعيدون عن حقيقة التقوى التي محلها القلب؟[/size] [size=6]قال صلى الله عليه وسلم: ([color=#808000]التقوى ها هنا، التقوى هاهنا، التقوى ها هنا[/color]) وكان يشير إلى صدره صلى الله عليه وسلم.[/size] [b][size=6]1 - الشعور بتعظيم دين الله تبارك وتعالى تعظيمًا يفوق كل تعظيم.[/size][/b] [b][size=6]2 - أن تشعر بخيرية الآخرة على الدنيا.[/size][/b] [b][size=6]3 - وجود الأمن والسكينة والطمأنينة في باطنك.[/size][/b] [b][size=6]4 - أن تشعر بالأمن من كيد العدو.[/size][/b] [b][size=6]5 - الأوبة العاجلة إلى الله تعالى عند كل زلل.[/size][/b] [size=6][b]6 - انفعال السماء والأرض للمتقي، وهذا قد يظهر كما قلت في أمثلة كثيرة، وتراه بعينك علامة حسية تُطَمْئِنُكَ وتثبّتك على منهج التقوى وعلى منهج شهر رمضان الذي[/b] [b]أنزل فيه القرآن.[/b][/size] [size=6] [/size] [size=6] [/size] [size=6]وقد كان بعض الأخوة يتحدثون عن العلاقة بين القرآن ورمضان على أنها العلاقة بين هذا الصائم وتلاوة القرآن، وقلت: لا، إن العلاقة بين رمضان والقرآن إنما هي علاقةٌ بالأمور الثلاثة التي جاء القرآن بها، والتي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: يتلو عليهم آياته، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم.[/size] [size=6]هذه هي العلاقة مع القرآن، فإذا تحصلت هذه العلاقة مع القرآن فقد صحت صلتك التي تصل فيها بين رمضان والقرآن، أما أن تجعل الصلة - كما هو الحال اليوم عند المسلمين - بين القرآن ورمضان تلاوة القرآن فقط، فهذه ليست العلاقة بالقرآن.[/size] [size=6]فالعلاقة بالقرآن: تلاوة، ثم علم، ثم تزكية، فإذا تحصَّل لك ذلك في رمضان فقد صحت صلتك بالقرآن في رمضان، وإذا لم تصح فإنك ما فارقت المنافقين بوصف من الأوصاف، لأن المنافقين يقرؤون القرآن ولا يتجاوز حناجرهم.[/size] [size=6]وأذكر هذا لأنه ذو صلة بموضوع البحث الذي هو علامات التقوى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[/size] [size=6]رُدَّنا اللهم إلى دينك ردًّا جميلاً، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.[/size] [size=6]أقول هذا القول وأستغفر الله.[/size][/center] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
روضة المناسبات الإسلامية
الخيمـــة الرمضــــانية
(احكام خاصة بالصيام)