الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
روضة المناسبات الإسلامية
الخيمـــة الرمضــــانية
(احكام خاصة بالصيام)
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="أم حذيفة" data-source="post: 46853" data-attributes="member: 1"><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff">الحضُّ على التوبة!</span></span></p><p></p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">الجميع بلا استثناء مدعوون إلى التَّوبة:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال - تعالى: {<span style="color: #ff0000">وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ</span>} (الزمر: 54).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقال في شأن النصارى: {<span style="color: #ff0000">لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ</span>} (المائدة: 73).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ثم قال - جلّت قدرته - محرضًا لهم على التوبة: {أَ<span style="color: #ff0000">فَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ</span>} (المائدة: 74).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وقال في حق أصحاب الأخدود الذين حفروا الحُفَر لتعذيب المؤمنين وتحريقهم بالنار: {<span style="color: #ff0000">إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ</span>} (البروج: 10).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال الحسن البصري رحمه الله: (انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه، وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة). اهـ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">بل إنه - عز وجل - حذّر من القنوط من رحمته فقال: {<span style="color: #ff0000">قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ</span>} (الزمر: 53).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (من أيّس عبادَ الله من التوبة بعد هذا؛ فقد جحد كتاب الله - عز وجل -).</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">والتوبةُ واجبةٌ على الفَوْرِ:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">لا يجوزُ تأخيرُها ولا التسويفُ بها؛ لأنَّ الله أمَرَ بها ورسولُه، وأوَامِرُ الله ورسولِهِ كلُّها على الفورِ والمبادرةِ لأنَّ العبدَ لا يدري ماذا يحصلُ له بالتأخيرِ، فلعلَّهُ أن يَفْجَأَهُ الموتُ فلا يستطيعُ التوبةَ، ولأنَّ الإِصرارَ على المعصيةِ يوجبُ قَسْوةَ القلب وبُعْدَه عن الله عزَّ وجلَّ وضعفَ إيمانه، فإنَّ الإِيمانَ يزيْد بالطاعاتِ وينقصُ بالعصيانِ، ولأنَّ الإِصرارَ على المعصيةِ يوجبُ إلْفَهَا والتَّشبُّثَ بها، فإنَّ النفسَ إذا اعتادتْ على شيء صَعُبَ عليها فراقه، وحينئذ يعسرُ عليه التخلصُ من معصيتِه، ويفتحُ عليه الشيطانُ بابَ معاصٍ أخرى أكبرَ وأعظمَ مما كانَ عليه؛ ولِذَلِكَ قال أهلُ العلم وأربابُ السلوكِ: إن المعاصيَ بَرِيدُ الكفر ينتقلُ الإِنسانُ فيها مرحلةً مرحلةً حتى يزيغَ عن دينِه كلِّه، نسأل الله العافيةَ والسلامةَ.</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">ومن لم يتب في شهر التوبة، فمتى سيتوب؟</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ومن لم يندم في شهر رمضان فمتى سيئوب؟ هاهو شهر رمضان، قد غلقت فيه أبواب النيران، وفتحت فيه أبواب الجنان، وصفدت فيه مردة الجان، وكُبِت فيه الشيطان، ها هو باب التوبة قد فتح، فليدخل فيه التائبون، {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}، رمضان! شهر تغسل فيه الحوبات، وتنبذ فيه الخطيئات، فلا يخرجن هذا الشهر إلا وقد تبدلت الطباع، وتغيرت الأوضاع، وظهر أثر رمضان على الظاهر والباطن، هكذا نستلهم منه العبر، ونجني الدرر، من شهر البكاء والعبرات، والندم على ما فات، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، يا عالم الخفيات، يا مجيب الدعوات.</span></p><p></p><p> </p><p> </p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">أيها الصَّائمون:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">التّوبةُ خضوعٌ وانكسَار، وتذلُّل واستغفارٌ، واستِقالَة واعتِذار، وابتِعاد عن دواعِي المعصيةِ، ونوازِع الشرِّ، ومجالس الفِتن، وسُبُل الفساد، وأصحابِ السّوء، وقرَناء الهوى!</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">التوبةُ صفحةٌ بيضاء، وطهر ونقاء، وخشيَة وصفاء، وإشفاق وبكاء، وتضرُّع ونداء، وسؤالٌ ودعاء، وخوفٌ وحياء!</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">التوبة خجَل ووَجل، وعودة ورجوع، وانكسار وخضوع، وندم ونزوع، وإنابةٌ وتدارك، وخوف من المهالك!</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">التوبة يا عباد الله نجاةٌ من كلّ غمّ، ووقاية من كلّ همّ، وظفَرٌ بكلِّ مطلوب، وسلامةٌ من كلّ مرهوب، بابُها مفتوح، وخيرُها ممنوح، ما لم تغرغِر الروح، قال صلى الله عليه وسلم قال اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "<span style="color: #808000">يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ</span>" [أخرجه مسلم]!</span></p><p></p><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فأكثروا -عبادَ الله- من التوبةِ والانكسار، والتذلُّل والاعتذار، فقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يكثِر من التّوبةِ والاستغفار، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (ما رأيتُ أكثرَ استغفارًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) (رواه أحمد)، يقول صلواتُ ربي وسلامه عليه: " <span style="color: #808000">والله إني لأستغفِر الله وأتوب إليه في اليومِ أكثرَ من سبعين مرة</span> " [أخرجه البخاريّ]، وقال عليه الصلاة والسلام: " <span style="color: #808000">يا أيّها النّاس، توبوا إلى الله واستغفِروه، فإني أتوب في اليومِ مائة مرّةٍ</span> " [أخرجه مسلم].</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">أيّها المسلمون،</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">هذه التوبةُ قد شُرِعت أبوابُها، وحلَّ زمانها، ونزل أوانُها، فاقطعوا حبائلَ التسويف، وهُبّوا إلى الرحيم اللطيف، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}، وإياكم وطول الأمل، والتواني والكسل، فالموت يفجأ الأجل، والقبر صندوق العمل، {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، وعن عبد الله بن عمَر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ اللهَ عزَ وجلَ يقبَل توبة العبدِ ما لم يغرغِر " [أخرجه الترمذي]، ألا لا تغترّوا بعيشٍ لا يدوم، وأمل معدوم، وتوبوا إلى الله عزّ وجلّ من كبائر الذنوب، وفادحات الخطوب، لتغفر لكم الصغائر والعظائم، قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً}، ألا فاحذروا عباد الله الظلم والجور، وتوبوا على الفورِ، وإياكم والإصرار، وتوبوا إلى العزيز الغفار، وأحدِثوا توبَةً لكلّ الذنوب التي وقعت، وتوبوا من المعاصِي ولو تكرَّرت، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}!</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فيا عبدَ الله، لا تكن ممّن استغفِر الله بلسانِه، وقلبُه مصِرٌّ على المعصيةِ، وهو دائمٌ على المخالفة، وليكن الاستغفارَ باللسان، موافقاً الجَنان، مقروناً بصلاح الجوارِحِ والأركان، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، فأقبِلوا على الله بتوبةٍ نصوح وإنابة صادقة، وقلوبٍ منكسرة، وجِباه خاضِعة، ودموعٍ منسكِبة، فأنتم في شهر التوبة، والإحسان والكرامة، اللهمّ لك الحمد أن بلِّغتنا شهرَ رمضان!</span></p><p></p><p> </p><p> </p><p> </p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">فضائل عبودية التوبة</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">أما فضائلُ عبوديّةِ التوبةِ وأسرارُها، وبركاتُها فعديدة متنوعةٌ:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- فالتوبة سببُ الفلاح، وطريق السَّعادة، وبالتَّوبة تكفّر السيئات، وإذا حسُنت التوبة بدّل الله سيئاتِ صاحِبها حسنات.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- والتوبةِ من أحبِّ العبوديات إلى الله، فهو - تبارك وتعالى - يفرح بتوبة التائبين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «للهُ أفرحُ بتوبة العبد من رجل نزل منزلًا، وبه مهلكة، ومعه راحلتُه عليها طعامُه وشرابُه، فوضع رأسَهُ، فنام نومةً، ثم رفع رأسَهُ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلتُه؛ حتى اشتد عليه الحرُّ والعطشُ، أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع، فنام نومةً، ثم رفع رأسه؛ فإذا راحلتُه عنده» رواه البخاري ومسلم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">ولم يجئ هذا الفرحُ في شيء من الطاعات سوى التوبة، ومعلوم أن لهذا الفرح تأثيرًا عظيمًا في حال التائب وقلبِه، ومزيدُ هذا الفرح لا يعبر عنه.</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- والتوبة توجب للتائب آثارًا عجيبة من مقامات العبودية التي لا تحصل بدون التوبة؛ فتوجب له المحبةَ، والرقّةَ، واللطفَ، وشكرَ اللهِ، وحمدَه، والرضا عنه، فَرُتِّب له على ذلك أنواعٌ من النعم لا يهتدي العبد إلى تفاصيلها، بل لا يزال يتقلب في بركتها وآثارها ما لم ينقضْها أو يفسدْها.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">- والتوبة تقتضي حصولَ الذلِ، والانكسارِ، والخضوعِ لله، وهذا أحبُّ إلى الله من كثير من الأعمال الظاهرة - وإن زادت في القدر والكمية على عبودية التوبة - فالذلُّ، والانكسارُ روحُ العبوديةِ، ولبُّها، ولأجل هذا كان الله - عز وجل - عند المنكسرةِ قلوبُهم، وكان أقربَ ما يكون من العبد وهو ساجد؛ لأنه مقامُ ذلٍّ وانكسار، ولعل هذا هو السِّرُ في استجابةِ دعوة المظلوم والمسافر والصائم؛ للكَسرة في قلب كل واحد منهم؛ فإن لوعةَ المظلومِ تُحْدِثُ عنده كسرةً في قلبه، وكذلك المسافر يجد في غربته كسرةً في قلبه، وكذلك الصوم، فإنه يكسر سَوْرةَ النَّفْسِ السَّبُعية الحيوانية كما قرَّر ذلك ابن القيم رحمه الله.</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px">يقول ابن القيّم:</span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وَمِنْ مُوجِبَاتِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا: كَسْرَةٌ خَاصَّةٌ تَحْصُلُ لِلْقَلْبِ لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ، وَلَا تَكُونُ لِغَيْرِ الْمُذْنِبِ، لَا تَحْصُلُ بِجُوعٍ، وَلَا رِيَاضَةٍ، وَلَا حُبٍّ مُجَرَّدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَرٌّ وَرَاءَ هَذَا كُلِّهِ، تَكْسِرُ الْقَلْبَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ كَسْرَةً تَامَّةً، قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَأَلْقَتْهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ طَرِيحًا ذَلِيلًا خَاشِعًا، كَحَالِ عَبْدٍ جَانٍ آبِقٍ مِنْ سَيِّدِهِ، فَأُخِذَ فَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنْجِيهِ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ بُدًّا وَلَا عَنْهُ غَنَاءً، وَلَا مِنْهُ مَهْرَبًا، وَعَلِمَ أَنَّ حَيَاتَهُ وَسَعَادَتَهُ وَفَلَاحَهُ وَنَجَاحَهُ فِي رِضَاهُ عَنْهُ، وَقَدْ عَلِمَ إِحَاطَةَ سَيِّدِهِ بِتَفَاصِيلِ جِنَايَاتِهِ، هَذَا مَعَ حُبِّهِ لِسَيِّدِهِ، وَشِدَّةِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَعِلْمِهِ بِضَعْفِهِ وَعَجْزِهِ وَقُوَّةِ سَيِّدِهِ، وَذُلِّهِ وَعِزِّ سَيِّدِهِ.</span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى سَيِّدِهِ مِنْ هَذِهِ الْكَسْرَةِ، وَالْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ، وَالْإِخْبَاتِ، وَالِانْطِرَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ، فَلَلَّهِ مَا أَحْلَى قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ: أَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ وَذُلِّي إِلَّا رَحِمْتَنِي، أَسْأَلُكَ بِقُوَّتِكَ وَضَعْفِي، وَبِغِنَاكَ عَنِّي وَفَقْرِي إِلَيْكَ، هَذِهِ نَاصِيَتِي الْكَاذِبَةُ الْخَاطِئَةُ بَيْنَ يَدَيْكَ، عَبِيدُكَ سِوَايَ كَثِيرٌ، وَلَيْسَ لِي سَيِّدٌ سِوَاكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْخَاضِعِ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، سُؤَالَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وَرَغِمَ لَكَ أَنْفُهُ، وَفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ، وَذَلَّ لَكَ قَلْبُهُ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">يَا مَنْ أَلُوذُ بِهِ فِيمَا أُؤَمِّلُهُ ... وَمَنْ أَعُوذُ بِهِ مِمَّا أُحَاذِرُهُ</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمًا أَنْتَ كَاسِرُهُ ... وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جَابِرُهُ</span></span></p><p></p><p> </p><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ آثَارِ التَّوْبَةِ الْمَقْبُولَةِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَلْيَتَّهِمْ تَوْبَتَهُ وَلْيَرْجِعْ إِلَى تَصْحِيحِهَا، فَمَا أَصْعَبَ التَّوْبَةَ الصَّحِيحَةَ بِالْحَقِيقَةِ، وَمَا أَسْهَلَهَا بِاللِّسَانِ وَالدَّعْوَى! وَمَا عَالَجَ الصَّادِقُ بِشَيْءٍ أَشَقَّ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ الْخَالِصَةِ الصَّادِقَةِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">وَأَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ الْمُتَنَزِّهِينَ عَنِ الْكَبَائِرِ الْحِسِّيَّةِ وَالْقَاذُورَاتِ فِي كَبَائِرَ مِثْلِهَا أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا أَوْ دُونَهَا، وَلَا يَخْطُرُ بِقُلُوبِهِمْ أَنَّهَا ذُنُوبٌ لِيَتُوبُوا مِنْهَا، فَعِنْدَهُمْ - مِنَ الْإِزْرَاءِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَاحْتِقَارِهِمْ، وَصَوْلَةِ طَاعَاتِهِمْ، وَمِنَّتِهِمْ عَلَى الْخَلْقِ بِلِسَانِ الْحَالِ، وَاقْتِضَاءِ بَوَاطِنِهِمْ لِتَعْظِيمِ الْخَلْقِ لَهُمْ عَلَى طَاعَاتِهِمْ، اقْتِضَاءً لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمْ، وَتَوَابِعِ ذَلِكَ - مَا هُوَ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ، وَأَبْعَدُ لَهُمْ عَنْ بَابِهِ مِنْ كَبَائِرِ أُولَئِكَ، فَإِنْ تَدَارَكَ اللَّهُ أَحَدَهُمْ بِقَاذُورَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ يُوقِعُهُ فِيهَا لِيَكْسِرَ بِهَا نَفْسَهُ، وَيُعَرِّفَهُ قَدْرَهُ، وَيُذِلَّهُ بِهَا، وَيُخْرِجَ بِهَا صَوْلَةَ الطَّاعَةِ مَنْ قَلْبِهِ، فَهِيَ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا تَدَارَكَ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ، وَإِقْبَالٍ بِقُلُوبِهِمْ إِلَيْهِ، فَهُوَ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِمْ، وَإِلَّا فَكِلَاهُمَا عَلَى خَطَرٍ.</span></p><p></p><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">يقول ابن عطاء الله السكندري:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">"ربما فتح لك باب الطَّاعة، وما يفتح لك باب القَبول، و ربما قضى عليك الذَّنب فكان سبباً في الوصول، فمعصيةٌ أورثت ذلاً و افتقاراً خيرٌ من طاعةٍ أورثت عزاً واستكباراً"!</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="أم حذيفة, post: 46853, member: 1"] [center][size=6][color=#0000ff]الحضُّ على التوبة![/color][/size][/center] [center][b][size=6]الجميع بلا استثناء مدعوون إلى التَّوبة:[/size][/b] [size=6]قال - تعالى: {[color=#ff0000]وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ[/color]} (الزمر: 54).[/size] [size=6]وقال في شأن النصارى: {[color=#ff0000]لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[/color]} (المائدة: 73).[/size] [size=6]ثم قال - جلّت قدرته - محرضًا لهم على التوبة: {أَ[color=#ff0000]فَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[/color]} (المائدة: 74).[/size] [size=6]وقال في حق أصحاب الأخدود الذين حفروا الحُفَر لتعذيب المؤمنين وتحريقهم بالنار: {[color=#ff0000]إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ[/color]} (البروج: 10).[/size] [size=6]قال الحسن البصري رحمه الله: (انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه، وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة). اهـ.[/size] [size=6]بل إنه - عز وجل - حذّر من القنوط من رحمته فقال: {[color=#ff0000]قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[/color]} (الزمر: 53).[/size] [size=6]قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (من أيّس عبادَ الله من التوبة بعد هذا؛ فقد جحد كتاب الله - عز وجل -).[/size][/center] [center][b][size=6]والتوبةُ واجبةٌ على الفَوْرِ:[/size][/b] [size=6]لا يجوزُ تأخيرُها ولا التسويفُ بها؛ لأنَّ الله أمَرَ بها ورسولُه، وأوَامِرُ الله ورسولِهِ كلُّها على الفورِ والمبادرةِ لأنَّ العبدَ لا يدري ماذا يحصلُ له بالتأخيرِ، فلعلَّهُ أن يَفْجَأَهُ الموتُ فلا يستطيعُ التوبةَ، ولأنَّ الإِصرارَ على المعصيةِ يوجبُ قَسْوةَ القلب وبُعْدَه عن الله عزَّ وجلَّ وضعفَ إيمانه، فإنَّ الإِيمانَ يزيْد بالطاعاتِ وينقصُ بالعصيانِ، ولأنَّ الإِصرارَ على المعصيةِ يوجبُ إلْفَهَا والتَّشبُّثَ بها، فإنَّ النفسَ إذا اعتادتْ على شيء صَعُبَ عليها فراقه، وحينئذ يعسرُ عليه التخلصُ من معصيتِه، ويفتحُ عليه الشيطانُ بابَ معاصٍ أخرى أكبرَ وأعظمَ مما كانَ عليه؛ ولِذَلِكَ قال أهلُ العلم وأربابُ السلوكِ: إن المعاصيَ بَرِيدُ الكفر ينتقلُ الإِنسانُ فيها مرحلةً مرحلةً حتى يزيغَ عن دينِه كلِّه، نسأل الله العافيةَ والسلامةَ.[/size][/center] [center][b][size=6]ومن لم يتب في شهر التوبة، فمتى سيتوب؟[/size][/b] [size=6]ومن لم يندم في شهر رمضان فمتى سيئوب؟ هاهو شهر رمضان، قد غلقت فيه أبواب النيران، وفتحت فيه أبواب الجنان، وصفدت فيه مردة الجان، وكُبِت فيه الشيطان، ها هو باب التوبة قد فتح، فليدخل فيه التائبون، {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}، رمضان! شهر تغسل فيه الحوبات، وتنبذ فيه الخطيئات، فلا يخرجن هذا الشهر إلا وقد تبدلت الطباع، وتغيرت الأوضاع، وظهر أثر رمضان على الظاهر والباطن، هكذا نستلهم منه العبر، ونجني الدرر، من شهر البكاء والعبرات، والندم على ما فات، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، يا عالم الخفيات، يا مجيب الدعوات.[/size][/center] [center][b][size=6]أيها الصَّائمون:[/size][/b] [size=6]التّوبةُ خضوعٌ وانكسَار، وتذلُّل واستغفارٌ، واستِقالَة واعتِذار، وابتِعاد عن دواعِي المعصيةِ، ونوازِع الشرِّ، ومجالس الفِتن، وسُبُل الفساد، وأصحابِ السّوء، وقرَناء الهوى![/size] [size=6]التوبةُ صفحةٌ بيضاء، وطهر ونقاء، وخشيَة وصفاء، وإشفاق وبكاء، وتضرُّع ونداء، وسؤالٌ ودعاء، وخوفٌ وحياء![/size] [size=6]التوبة خجَل ووَجل، وعودة ورجوع، وانكسار وخضوع، وندم ونزوع، وإنابةٌ وتدارك، وخوف من المهالك![/size] [size=6]التوبة يا عباد الله نجاةٌ من كلّ غمّ، ووقاية من كلّ همّ، وظفَرٌ بكلِّ مطلوب، وسلامةٌ من كلّ مرهوب، بابُها مفتوح، وخيرُها ممنوح، ما لم تغرغِر الروح، قال صلى الله عليه وسلم قال اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "[color=#808000]يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ[/color]" [أخرجه مسلم]![/size][/center] [center][size=6]فأكثروا -عبادَ الله- من التوبةِ والانكسار، والتذلُّل والاعتذار، فقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يكثِر من التّوبةِ والاستغفار، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (ما رأيتُ أكثرَ استغفارًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) (رواه أحمد)، يقول صلواتُ ربي وسلامه عليه: " [color=#808000]والله إني لأستغفِر الله وأتوب إليه في اليومِ أكثرَ من سبعين مرة[/color] " [أخرجه البخاريّ]، وقال عليه الصلاة والسلام: " [color=#808000]يا أيّها النّاس، توبوا إلى الله واستغفِروه، فإني أتوب في اليومِ مائة مرّةٍ[/color] " [أخرجه مسلم].[/size][/center] [center][b][size=6]أيّها المسلمون،[/size][/b] [size=6]هذه التوبةُ قد شُرِعت أبوابُها، وحلَّ زمانها، ونزل أوانُها، فاقطعوا حبائلَ التسويف، وهُبّوا إلى الرحيم اللطيف، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}، وإياكم وطول الأمل، والتواني والكسل، فالموت يفجأ الأجل، والقبر صندوق العمل، {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، وعن عبد الله بن عمَر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ اللهَ عزَ وجلَ يقبَل توبة العبدِ ما لم يغرغِر " [أخرجه الترمذي]، ألا لا تغترّوا بعيشٍ لا يدوم، وأمل معدوم، وتوبوا إلى الله عزّ وجلّ من كبائر الذنوب، وفادحات الخطوب، لتغفر لكم الصغائر والعظائم، قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً}، ألا فاحذروا عباد الله الظلم والجور، وتوبوا على الفورِ، وإياكم والإصرار، وتوبوا إلى العزيز الغفار، وأحدِثوا توبَةً لكلّ الذنوب التي وقعت، وتوبوا من المعاصِي ولو تكرَّرت، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}![/size][/center] [center][size=6]فيا عبدَ الله، لا تكن ممّن استغفِر الله بلسانِه، وقلبُه مصِرٌّ على المعصيةِ، وهو دائمٌ على المخالفة، وليكن الاستغفارَ باللسان، موافقاً الجَنان، مقروناً بصلاح الجوارِحِ والأركان، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، فأقبِلوا على الله بتوبةٍ نصوح وإنابة صادقة، وقلوبٍ منكسرة، وجِباه خاضِعة، ودموعٍ منسكِبة، فأنتم في شهر التوبة، والإحسان والكرامة، اللهمّ لك الحمد أن بلِّغتنا شهرَ رمضان![/size][/center] [center][b][size=6]فضائل عبودية التوبة[/size][/b] [size=6]أما فضائلُ عبوديّةِ التوبةِ وأسرارُها، وبركاتُها فعديدة متنوعةٌ:[/size] [size=6]- فالتوبة سببُ الفلاح، وطريق السَّعادة، وبالتَّوبة تكفّر السيئات، وإذا حسُنت التوبة بدّل الله سيئاتِ صاحِبها حسنات.[/size] [size=6]- والتوبةِ من أحبِّ العبوديات إلى الله، فهو - تبارك وتعالى - يفرح بتوبة التائبين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «للهُ أفرحُ بتوبة العبد من رجل نزل منزلًا، وبه مهلكة، ومعه راحلتُه عليها طعامُه وشرابُه، فوضع رأسَهُ، فنام نومةً، ثم رفع رأسَهُ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلتُه؛ حتى اشتد عليه الحرُّ والعطشُ، أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع، فنام نومةً، ثم رفع رأسه؛ فإذا راحلتُه عنده» رواه البخاري ومسلم.[/size] [size=6]ولم يجئ هذا الفرحُ في شيء من الطاعات سوى التوبة، ومعلوم أن لهذا الفرح تأثيرًا عظيمًا في حال التائب وقلبِه، ومزيدُ هذا الفرح لا يعبر عنه.[/size][/center] [center][size=6]- والتوبة توجب للتائب آثارًا عجيبة من مقامات العبودية التي لا تحصل بدون التوبة؛ فتوجب له المحبةَ، والرقّةَ، واللطفَ، وشكرَ اللهِ، وحمدَه، والرضا عنه، فَرُتِّب له على ذلك أنواعٌ من النعم لا يهتدي العبد إلى تفاصيلها، بل لا يزال يتقلب في بركتها وآثارها ما لم ينقضْها أو يفسدْها.[/size] [size=6]- والتوبة تقتضي حصولَ الذلِ، والانكسارِ، والخضوعِ لله، وهذا أحبُّ إلى الله من كثير من الأعمال الظاهرة - وإن زادت في القدر والكمية على عبودية التوبة - فالذلُّ، والانكسارُ روحُ العبوديةِ، ولبُّها، ولأجل هذا كان الله - عز وجل - عند المنكسرةِ قلوبُهم، وكان أقربَ ما يكون من العبد وهو ساجد؛ لأنه مقامُ ذلٍّ وانكسار، ولعل هذا هو السِّرُ في استجابةِ دعوة المظلوم والمسافر والصائم؛ للكَسرة في قلب كل واحد منهم؛ فإن لوعةَ المظلومِ تُحْدِثُ عنده كسرةً في قلبه، وكذلك المسافر يجد في غربته كسرةً في قلبه، وكذلك الصوم، فإنه يكسر سَوْرةَ النَّفْسِ السَّبُعية الحيوانية كما قرَّر ذلك ابن القيم رحمه الله.[/size][/center] [center][b][size=6]يقول ابن القيّم:[/size][/b] [size=6]وَمِنْ مُوجِبَاتِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا: كَسْرَةٌ خَاصَّةٌ تَحْصُلُ لِلْقَلْبِ لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ، وَلَا تَكُونُ لِغَيْرِ الْمُذْنِبِ، لَا تَحْصُلُ بِجُوعٍ، وَلَا رِيَاضَةٍ، وَلَا حُبٍّ مُجَرَّدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَرٌّ وَرَاءَ هَذَا كُلِّهِ، تَكْسِرُ الْقَلْبَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ كَسْرَةً تَامَّةً، قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَأَلْقَتْهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ طَرِيحًا ذَلِيلًا خَاشِعًا، كَحَالِ عَبْدٍ جَانٍ آبِقٍ مِنْ سَيِّدِهِ، فَأُخِذَ فَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنْجِيهِ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ بُدًّا وَلَا عَنْهُ غَنَاءً، وَلَا مِنْهُ مَهْرَبًا، وَعَلِمَ أَنَّ حَيَاتَهُ وَسَعَادَتَهُ وَفَلَاحَهُ وَنَجَاحَهُ فِي رِضَاهُ عَنْهُ، وَقَدْ عَلِمَ إِحَاطَةَ سَيِّدِهِ بِتَفَاصِيلِ جِنَايَاتِهِ، هَذَا مَعَ حُبِّهِ لِسَيِّدِهِ، وَشِدَّةِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَعِلْمِهِ بِضَعْفِهِ وَعَجْزِهِ وَقُوَّةِ سَيِّدِهِ، وَذُلِّهِ وَعِزِّ سَيِّدِهِ.[/size][/center] [center][size=6]فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى سَيِّدِهِ مِنْ هَذِهِ الْكَسْرَةِ، وَالْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ، وَالْإِخْبَاتِ، وَالِانْطِرَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ، فَلَلَّهِ مَا أَحْلَى قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ: أَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ وَذُلِّي إِلَّا رَحِمْتَنِي، أَسْأَلُكَ بِقُوَّتِكَ وَضَعْفِي، وَبِغِنَاكَ عَنِّي وَفَقْرِي إِلَيْكَ، هَذِهِ نَاصِيَتِي الْكَاذِبَةُ الْخَاطِئَةُ بَيْنَ يَدَيْكَ، عَبِيدُكَ سِوَايَ كَثِيرٌ، وَلَيْسَ لِي سَيِّدٌ سِوَاكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْخَاضِعِ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، سُؤَالَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وَرَغِمَ لَكَ أَنْفُهُ، وَفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ، وَذَلَّ لَكَ قَلْبُهُ.[/size] [size=6][color=#ff0000]يَا مَنْ أَلُوذُ بِهِ فِيمَا أُؤَمِّلُهُ ... وَمَنْ أَعُوذُ بِهِ مِمَّا أُحَاذِرُهُ[/color][/size] [size=6][color=#ff0000]لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمًا أَنْتَ كَاسِرُهُ ... وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جَابِرُهُ[/color][/size][/center] [center][size=6]فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ آثَارِ التَّوْبَةِ الْمَقْبُولَةِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَلْيَتَّهِمْ تَوْبَتَهُ وَلْيَرْجِعْ إِلَى تَصْحِيحِهَا، فَمَا أَصْعَبَ التَّوْبَةَ الصَّحِيحَةَ بِالْحَقِيقَةِ، وَمَا أَسْهَلَهَا بِاللِّسَانِ وَالدَّعْوَى! وَمَا عَالَجَ الصَّادِقُ بِشَيْءٍ أَشَقَّ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ الْخَالِصَةِ الصَّادِقَةِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.[/size] [size=6]وَأَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ الْمُتَنَزِّهِينَ عَنِ الْكَبَائِرِ الْحِسِّيَّةِ وَالْقَاذُورَاتِ فِي كَبَائِرَ مِثْلِهَا أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا أَوْ دُونَهَا، وَلَا يَخْطُرُ بِقُلُوبِهِمْ أَنَّهَا ذُنُوبٌ لِيَتُوبُوا مِنْهَا، فَعِنْدَهُمْ - مِنَ الْإِزْرَاءِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَاحْتِقَارِهِمْ، وَصَوْلَةِ طَاعَاتِهِمْ، وَمِنَّتِهِمْ عَلَى الْخَلْقِ بِلِسَانِ الْحَالِ، وَاقْتِضَاءِ بَوَاطِنِهِمْ لِتَعْظِيمِ الْخَلْقِ لَهُمْ عَلَى طَاعَاتِهِمْ، اقْتِضَاءً لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمْ، وَتَوَابِعِ ذَلِكَ - مَا هُوَ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ، وَأَبْعَدُ لَهُمْ عَنْ بَابِهِ مِنْ كَبَائِرِ أُولَئِكَ، فَإِنْ تَدَارَكَ اللَّهُ أَحَدَهُمْ بِقَاذُورَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ يُوقِعُهُ فِيهَا لِيَكْسِرَ بِهَا نَفْسَهُ، وَيُعَرِّفَهُ قَدْرَهُ، وَيُذِلَّهُ بِهَا، وَيُخْرِجَ بِهَا صَوْلَةَ الطَّاعَةِ مَنْ قَلْبِهِ، فَهِيَ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا تَدَارَكَ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ، وَإِقْبَالٍ بِقُلُوبِهِمْ إِلَيْهِ، فَهُوَ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِمْ، وَإِلَّا فَكِلَاهُمَا عَلَى خَطَرٍ.[/size][/center] [center][size=6]يقول ابن عطاء الله السكندري:[/size] [size=6]"ربما فتح لك باب الطَّاعة، وما يفتح لك باب القَبول، و ربما قضى عليك الذَّنب فكان سبباً في الوصول، فمعصيةٌ أورثت ذلاً و افتقاراً خيرٌ من طاعةٍ أورثت عزاً واستكباراً"![/size][/center] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
روضة المناسبات الإسلامية
الخيمـــة الرمضــــانية
(احكام خاصة بالصيام)