باب السـواك - باب المسح على الخفين

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
باب السـواك - باب المسح على الخفين
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (باب السواك، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبَدَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصره، فأخذت السواك فقضمته فطيبته ثم رفعته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستن به فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استن استناناً أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رفع يده أو إصبعه ثم قال: في الرفيق الأعلى ثلاثاً ثم قضى) وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: (أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يستاك بسواك قال: وطرف السواك على لسانه يقول: أع أع والسواك في فيهِ، كأنه يتهوع)).
السِواك هو :بكسر السين، والسِواك هو اسم للعود الذي يتسوك به، أو الفعل نفس الفعل يسمى سواك .
التسوك هو: دلك الأسنان بهذا العود لتذهب الصفرة والأوساخ وليطهر الفم وتبعد الرائحة الكريهة وقبل هذا وبعده اتباع المصطفى -صلى الله عليه وسلم-
(عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) أو (مع كل وضوء) أو (مع كل وضوء وعند كل صلاة)) .
كل هذه روايات وردت،والحديث رواه البخاري ورواه مسلم ورواه أيضاً غيرهما -
قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك) (لولا) قالوا: حرف امتناع لوجود، امتنع شيء لوجود شيء، هنا قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك) إذن الممتنع هنا الأمر بالسواك عند كل وضوء أو عند كل صلاة، لوجود المشقة هذا من رحمة الله -سبحانه وتعالى- بهذه الأمة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أنه لو أوجب هذا الأمر لشق على هذه الأمة، وهو الرؤوف بأمته -عليه الصلاة والسلام.
قال: (لولا أن أشق على أمتي) أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- أمتان: أمة الإجابة، وأمة الدعوة .
وأمة الدعوة: هم كل من بعث أو كل من خلق بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة هؤلاء أمة الدعوة.
أما أمة الإجابة : فهم من استجاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهم المؤمنون.
قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء عند كل صلاة) هذه رواية، الرواية الثانية: (عند كل وضوء) الرواية الثالثة: (عند كل صلاة) وهذا يبين مواضع أو مواطن استحباب السِواك.
في حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- وهو أيضاً رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما أيضاً قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)
فاه: يعني فمه، والمقصود يشوص الأسنان، وشوص الأسنان هو دلك الأسنان عَرْضاً .
والشكل العرضي يزيل أو يخرج ما بين الأسنان، وكذلك ما كان ملاصق للثه من الأوساخ، فإذن حتى الفقهاء -رحمهم الله- قالوا: في السواك أيضاً يستاك عرضاً؛ بمعنى إذا أدخل السواك فيستاك بهذا الشكل، ولا يستاك بشكل على طول الفم؛ لأنه حينئذ لا يستفيد من التنظيف، سواءً بالسِواك أو بالفرشاة، أيضاً نفس الشيء .
(يشوص فاه) يدلك أسنانه بالسِواك .
كذلك في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا مسندته إلى صدري) النبي -صلى الله عليه وسلم- في لحظات موته -عليه الصلاة والسلام- كان على صدر عائشة -رضي الله عنها- في الرواية قالت: (مات بين حاقنتي وذاقنتي)
الحاقنة: ما بين الكتف والترقوة، والذاقنة: ما بين الحلق، فكان رأس النبي -صلى الله عليه وسلم- على صدر عائشة -رضي الله عنها- هكذا توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبيل الوفاة تقول عائشة -رضي الله عنها-: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك) عبد الرحمن أخو عائشة -رضي الله عن الجميع (ومعه سواك رطب يستن به، فأبَّده النبي -صلى الله عليه وسلم- ببصره) أي ركز النظر الى هذا السواك، فعائشة -رضي الله عنها- وهي التي تعرف أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: (فأخذت السواك) يعني من أخيها عبد الرحمن، (فقضمته) اي لينته، قضمت السواك: لينته (وطيبته) يعني غسلته إن كان احتاج إلى ذلك (ثم دفعته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستن به فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استن استناناً أحسن منه) بطريقته -عليه الصلاة والسلام- (فما عدا أن فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم) من سواكه (رفع يده أو إصبعه) وهذا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يرفع إلى ربه -عز وجل- ورائحة فمه طيبة، ثم قال: في الرفيق الأعلى ثلاثاً، ثم قضى عليه) وكانت تقول: (مات بين حاقنتي وذاقنتي) وفي لفظ (فرأيته ينظر إلي وعرفت أنه يحب السواك فقلت آخذه لك فأشار برأسه أن نعم)
وفي حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه قال: (أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يستاك بسواك رطب قال: وطرف السواك على لسانه) أي كان يسوك لسانه وليس أسنانه، (وطرف السواك على لسانه وهو يقول: أع أع) يعني كأنه يتقيء (والسواك في فيه، كأنه يتهوع) كالذي يريد أن يتقيأ يصدر صوت فأبو موسى -رضي الله عنه- قال: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الصورة، وهذا الحديث أيضاً رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
الأحاديث فيها من الفوائد الشيء الكثير:
أولاً: أهمية السواك واستحباب السواك: واستحباب مؤكد كاد أن يصل إلى درجة الوجوب لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) أو (عند كل صلاة) وهذا يدل على أن السواك مستحب استحباباً مؤكداً .
ولذلك قال الإمام النووي -رحمه الله-: «أجمع من يعتد به على أن السِواك من السنن المؤكدة وليس بواجب إلا ما حكي عن داود الظاهري -رحمه الله- أنه أوجبه في الصلاة» هذا السِواك على أنه مستحب، ومستحب لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-وله فضل عظيم، وفوائد كثيرة منها أنه منظف للفم، ويطهر وينظف يزكي الرائحة، يذهب الأوساخ التي بين الأسنان وهذه كثيرة خصوصاً بعد الأكل بعد الشرب بعد الاستيقاظ من النوم تذهب الرائحة الكريهة، كذلك تذهب صفرة الأسنان مع الاستمرار، أو يقي الأسنان من الصفرة مع ترك هذا السواك
بالإضافة إلى أن السِواك مرضي لله -سبحانه وتعالى- كما ورد في الحديث الذي حسنه الإمام الترمذي وغيره: (السِواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وهذا الحديث أيضاً علقه الإمام البخاري.
وأيضاً السِواك من سنن الفطرة -التي هي سنن المرسلين- كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي وغيره وحسنه أيضاً: (أربع من سنن المرسلين: الختان والتعطر والسِواك والنكاح) فذكر أن من سنن المرسلين السِواك.
كذلك ورد أيضاً حديث أوصله الإمام ابن القيم -رحمه الله- إلى درجة الحسن، وهو: فضل العبادات الأخرى إذا اقترنت بالسِواك كفضل الوضوء وفضل الصلاة ولذلك ورد الحديث الذي حسنه الإمام ابن القيم: (فضل الصلاة بسواك على الصلاة بدون سِواك سبعون ضعف)، وهذا الحديث أورده ابن القيم -رحمه الله- وحسنه ويدل على فضل العبادات المقترنة بهذا السواك فجعلها تفضل والحكمة -والله أعلم- أن هذا يدل على اعتناء المصلي بطهارة جسده ومن ذلك طهارة فمه، وهذه الطهارة والنظافة والاعتناء في الصلاة يدل على رفع مستوى الأجر في هذه الصلاة،.
-حديث أبي هريرة- فيه قاعدة شرعية دل عليها هذا الحديث: وهي قاعدة معروفة في -أصول الفقه- وتأتي مستشهداً بها في القواعد الفقهية: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وهذه القاعدة قاعدة عظيمة جليلة تصلح في جميع شؤون الحياة كلها، فهي هنا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) أو (عند كل صلاة) فإذن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم درء المفسدة بأن الأمة لا تستطيع؛ لأن الأمة لو أوجب هذا الأمر لا تستطيع النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يوجب السِواك رغم فوائده العظيمة، إلا دفعاً للمفسدة التي ستحصل بعدم الفعل من الناس عندما يتركون هذا الأمر الواجب، فقدَّم درء المفسدة هنا على جلب المصلحة المتوخاة من الاستمرارية في السِواك .
المواضع التي يستحب فيها السواك:
هذه الأحاديث بمجموعها تدل على المواضع التي يستحب فيها السواك :
1- عند الوضوء، يعني قبيل الوضوء، وبعض الناس يفهم مع الوضوء يعني أثناء الوضوء، يتسوك أثناء الوضوء، وهذا غير صحيح إنما قبيل الوضوء ينبغي أن يتسوك حتى إذا ما تمضمض؛ تطهر الفم بالكامل، هذا موضع من المواضع ويدل عليه الحديث الأول حديث أبي هريرة: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
2- من مواضع السِواك هو عند الصلاة، يعني قبيل الصلاة، ونلاحظ في الحديث أنه أطلق: (مع كل صلاة) بمعنى أنه لو كان في الصلاة فريضة أو كانت صلاة نافلة الاستحباب لها جميعها؛ فلذلك يستحب أيضاً السِواك عند الصلاة يعني قبيل الصلاة.
وروي عن بعض السلف في صلاة الليل مثلاً أو صلاة النوافل أنه يضع السِواك على أذنه، حتى إذا ما سلم وأراد الصلاة الثانية أخذ يستاك، وهذا يدل على حرصهم على استحباب المداومة على الاستحباب لهذا السِواك.
3- بعد القيام من نوم الليل، مما دلت عليه الأحاديث أنه إذا قام النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يشوص فاه بالسِواك، فمن مواضع الاستحباب أ أن يتسوك المسلم بعد الاستيقاظ من الليل وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- تضع له عائشة -رضي الله عنها- السِواك عند رأسه فإذا قام استاك به.
4- عند تغير رائحة الفم، وهذا من الحكم التي من أجلها شرع السِواك وتغير رائحة الفم إما بأكل، إما بطول سكوت إما بتناول مشروب له رائحة أو دواء أو نحو ذلك مما يغير رائحة الفم فينبغي أيضاً بعده أن يتسوك المسلم فهذا من مواضع الاستحباب.
5- أيضاً من مواضع الاستحباب عند دخول المنزل، فقد روى الإمام أحمد ومسلم وغيرهما فيما رووا أن المقدام بن شريح عن أبيه أنه قال: (سألت عائشة -رضي الله عنهم- قلت: بأي شيء كان يبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك)، إذن من مواضع الاستحباب هو عند دخول المنزل، اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم.
6- عند قراءة القرآن؛ لأنه يشرع عند قراءة القرآن الوضوء، فكذلك يشرع تطييب الفم وهو السِواك؛ لأن الملائكة تأتي وتستمع وتنظر، وبعض أهل العلم ذكر بعض الروايات أن الملائكة تأخذ القرآن من فم القارئ، فينبغي أن يكون الفم مطيباً بالسواك؛ لأجل أن لا يؤذي برائحته هؤلاء الملائكة.
من المواضع التي لا يستحب فيها السواك:
الموضع الأول: عندما يحدث شخص شخصا اخر هذا ليس من الأدب، فلا يستخدم فيه السِواك.
الموضع الثاني: أثناء الأكل والشرب لا يستخدم السِواك سِواك.
الموضع الثالث: ليس من الأدب عندما يكون الناس في مجلس ويتحادثون أن يأخذ السِواك ويستاك بفمه .
كذلك مما يستفاد من هذا الأحاديث فضل عائشة -رضي الله عنها- حيث مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على صدرها، مما يدل على فضل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي التي نقلت كثيرًا من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وبخاصة في أحوال بيته -عليه الصلاة والسلام.
أيضاً مما يستفاد من الحديث: أن اللسان يُسوَّك، واستياك اللسان يكون بالشكل الطولي، وهذا دل عليه حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عندما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يسوك لسانه ويقول: أع أع؛ لأنه أثر فيه هذا السِواك.
مادة السِواك: عود الأراك الذي كان يستاك فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- شجر اسمه الأراك، هذا الشجر لطيب رائحته وقوة أثره في التنظيف، وأجري عليه بعض التحاليل المخبرية ووجد أن فيه مادة أيضاً تتسلط على بعض الجراثيم التي يكون مكانها في الفم فتقضي عليها، وإن لم يتيسر عود الأراك فبأي عود خشن نظيف، أو بأي مادة ولو لم تكن عود، يعني كالليف مثلاً، بل قال بعض أهل العلم لو كان الإصبع خشناً وينظف يكون نائب مناب السِواك، إذا لم يجد السِواك، إذن السِواك يكون من شجر الأراك فيؤخذ منه عود وذلك لرائحته، والرطب منه أفضل، لقوته ووجود المادة التي فيه، وإن لم يجد عود الأراد فبأي عود نظيف ينظف أو بأي مادة خشنة.
أيضاً مما يستفاد من الحديث: خدمة الزوجة لزوجها، وهي خدمة عائشة -رضي الله عنها- فنلاحظ هنا ونقف معها قليلاً فرح عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يموت على صدرها، وهي الزوجة -رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثم معرفتها نفسية النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعرفة ما يحب وما يكره، فعائشة -رضي الله عنها- لما درست نفسية النبي -صلى الله عليه وسلم- عرفت أنه يحب السِواك، لما نظر إلى السِواك الذي مع أخيها عبد الرحمن فأخذته من أخيها وطيبته أيضاً وأعطته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يدل على دقة نظر عائشة -رضي الله عنها-
باب المسح على الخفين

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (باب المسح على الخفين. وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: (كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهم)، وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: (كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فبال فتوضأ ومسح على خفيه).
هذان الحديثان -حديث المغيرة وحديث حذيفة- كلاهما حديث صحيح، وأيضاً رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.
(المسح على الخفين) الخفان هما: نعلان من جلد يغطيان الكعبين، فسمي خف لأنه من جلد، ولو كان من مادة أخرى لسمي جورب .
حديث المغيرة بن شعبة قال: (كنت في سفر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأهويت لأنزع خفيه) ، هذا السفر كما روي عن الإمام مالك وغيره أنه في غزوة تبوك، وكانت الصلاة صلاة الفجر، (فأوهيت لأنزع خفيه) أهويت: يعني مددت يدي لأنزع الخفين من رجلي النبي -صلى الله عليه وسلم- (فقال: دعهم) يعني دع الخفين، (فإني أدخلتهم) أدخلت الرجلين، (فإني أدخلتهما طاهرتين) الطاهر هنا نسبة إلى الرِّجل يعني أدخل الرجلين في الخفين والرجلان طاهرتان، قال: (فمسح عليهم)، وحديث حذيفة: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بال فتوضأ ومسح على الخفين).
هذه الأحاديث تبين أولاً: مشروعية المسح على الخفين، والمسح على الخفين ورد فيه أربعون حديثاً -كما روي ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل وغيره- عن الصحابة -رضوان الله عليهم- مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروي عن الحسن البصري أنه قال: سبعون من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رووا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح على الخفين، مما جعل بعض أهل العلم يقول إن أحاديث المسح على الخفين متواترة،
ومن المعلوم في المصطلح أن التواتر لفظي ومعنوي:
- التواتر اللفظي هو الذي يكون لفظه متواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-مثل حديث: (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع) هذا الحديث متواتر لفظاً.
- والنوع الثاني المتواتر المعنوي، وهو الذي تواتر معناه بعدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل المسح على الخفين، فأحاديثه متواترة وإذا بلغ أربعين أو سبعين فلا شك أنها متواترة مما يدل على مشروعية المسح، خلافاً لبعض الفرق التي أنكرت المسح على الخفين.
إذن المسح على الخفين جائز أو مشروع بشروط:
الشرط الأول: ما ذكر في الحديث وهو طهارة الرجلين، بمعنى أن يكون الإنسان قد توضأ، فلابد أن تكون الرجلان طاهرتين، وتحت هذا الشرط لو فرض أن إنسان يتوضأ فلما غسل رجله اليمنى لبس الخف، ثم لما غسل رجله اليسرى لبس الخف، هل يمسح أو لا يمسح؟ لا يجوز له المسح لماذا لأنه أدخل الخف الأول وطهارة الرجلين لم تكتمل فلم يصدق عليه قوله: (إني أدخلتهما طاهرتين) وهذا يخطئ فيه كثير من الناس فلابد أن تكون الرجلان طاهرتين ثم يلبس الخف أو الجورب بعد ذلك.
الشرط الثاني: ذكره بعض أهل العلم صفة الخف أو الجورب، أن يكون صفيقاً ساتراً للكعبين، يعني -على ما يعبر به بعض الفقهاء- ساتراً لمحل الفرض، وبناءً عليه ما يسمى ب(الجزمة) ونحوها هل يمسح عليها أو لا؟ تختلف بحسب نوعيتها:
- إن كانت من النوع الذي يكون ساتراً لمحل الفرض يعني تجاوزت الكعبين فهذا يمسح عليه إذا أدخلهما طاهرتين، ورجلاه طاهرتين.
- أما إذا كانت من النوع السائد والمتعارف عليه كثيرًا وهو ما دون الكعبين فهذا لا يمسح عليه، بدليل أن الخف في الأصل هو ما كان ساتراً للكعبين.
إذن الشرط الثاني: أن يكون الخف أو الجورب أو الجزمة أو نحوها من الملبوسات بأي اسم من الأسماء لابد أن تكون ساترة لمحل الفرض، أي تكون ساترة للكعبين.
أما الجورب الصفيق أو غير الصفيق أو المخرق، أو نحو ذلك: فهذا اختلف فيه أهل العلم والأولى البعد عن الخلاف، ما كان واصفاً للبشرة أو مخرقاً خروقاً بينة فالأولى أن لا يمسح عليه وإن كان بعض أهل العلم يرى أن لا مانع من المسح عليه ما دام يصدق عليه أن هذا خف؛ لأنه لم يرد عن الصحابة -رضوان الله عليهم- وهم يمسحون أن ذاك كان مخرق وذاك لم يكن مخرق ومن المعلوم أنهم كانوا يمشون بدون نعل فكانت تتخرق الخفاف.
البعد عن موضع الشبهة أولى وإن كان بعض أهل العلم يقول: لا مانع، إذن لابد أن يكون الخف أو الجورب ساتراً لمحل الفرض، محل الفرض يعني محل الغسل -محل الرجل التي يجب فيها الغسل- فإذا غطاها يمسح، إذا لم يغطه، مثل الآن الجزمات الكثيرة الموجودة هذه لا يمسح عليها.
مدة المسح وابتداء المسح
مدة المسح: بالنسبة للشخص المقيم يوم وليلة بالنسبة للمسافر ثلاثة أيام بلياليها كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يمسح المقيم يوماً وليلة ويمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليه).
متى تبدأ مدة المسح : اختلف أهل العلم هل هو من الحدث بعد اللبس؟ أو من المسح بعد اللبس؟ كثير من الفقهاء قال: من الحدث بعد اللبس ولكن لما روي عن عمر أنه المسح بعد اللبس وهذه تبدأ مدة المسح، يبدأ المقيم أربع وعشرين ساعة من المسح بعد اللبس ويحسب اليوم والليلة، أو ثلاثة أيام ابتداءً من المسح بعد اللبس.
المسح من الحدث الأصغر يعني للوضوء،
أما غسل الجنابة أو الحيض أو النفاس لا يمسح إنما يمسح إذا أراد أن يتوضأ فقط.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى