دورة فقه الصيام

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
10446482_1499031350311905_4705908444507766256_n.png


فقــــــــــــــــــــــــــــ الصيام ـــــــــــــــــــــــه

الصيام لغة : معناه الإمساك

يقولون: صام يصوم صوماً وصيامامن معنى الإمساك، يقال صامت الشمس في كبد السماء، إذا أمسكت قبل الزوال، وصام الإنسان عن الكلام، ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا[مريم: 26]، بمعنى الإمساك عن الكلام.
اصطلاحا : الإمساك عن المفطرات بنية التعبد لله جل وعلا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
والنية :هي الطريق إلى تمييز العبادة من العادة .
متى فُرض الصيام؟
فُرض الصيام في السنة الثانية للهجرة .
صام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات لأنه مات في السنة الحادية عشر .
الدليل على مشروعية الصيام :
الكتاب والسنة والإجماع.
من الكتاب قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ..﴾[البقرة: 183]}
وكتب بمعنى فُرض.


﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ[البقرة: 185]، هذا أيضًا دلالة على الوجوب، لأن الأمر للوجوب.
من السنة : حديث ابن عمر: «عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [رقم:8]، وَمُسْلِمٌ [رقم:16].»
الإجماع : إجماع المسلمين على فرضية الصيام لأن إجماع المسلمين يعني هو من المسائل التي علمت في دين الإسلام بالاضطرار، يعني يعرفها العامي كما يعرفها العالم، وتعرفها المرأة كالرجل، والصغير كالكبير، يستوون في العلم بحكمه، وفرضيته، ومشروعيته وما يتعلق بذلك.
فرض الصيام في ثلاث مراحل هي :
أولاً: كان على التخيير من شاء يصوم ومن شاء يطعم كما في الآية.
ثانيًا: ثم فرض الصيام أشد ما يكون كان يصوم الصائم إلى أذان المغرب ثم يفطر فإن نام أو أذن العشاء أمسك إلى الغد،كما جاء في حديث قيس بن صرمة الأنصاري لما كان يشتغل في زرعه ونخله حتى إذا غابت الشمس جاء إلى زوجته يريد شيئاً يفطر عليه قالت ليس عندي شيء لكن أذهب وأطلب لك فذهبت تطلب له فجاءت وقد نام، فقالت: تبا لك، لأنه يعني ما ... فلما قام من النهار وهو يعلم أغمي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك سبباً لحصول الخير على المسلمين.
فأنزل الله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا
ماكَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ[البقرة: 187]، فكان ذلك على ما استقر عليه أن يمسك الناس من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وهذا هو الذي استقر عليه الأمر، للإنسان أن يأكل وله أن ينام وله أن يجامع زوجته في الليل وله أن يفعل كل ما شرع الله جل وعلا وأباح من إتيان المباحات والشهوات ونحوها.
من أحاديث فضل الصيام :
أنه أحد أركان الإسلام، الثاني: أن الله نسبه إليه .
{في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أجزي به».
يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به»، فالإضافة هنا إلى الله والنسبة إلى الله، نسبة تشريف وتعظيم، للدلالة على فضله، ولذلك قال: «الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف»، فمعنى ذلك أن للصيام فضلاً أزيد من هذا.
«من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»
«والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن»
«إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلبت أبواب النار وصفدت مردة الشياطين» .
«للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة حين يلقى ربه»
«لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»
«في الجنة باب يقال له الريان يدعى منه الصائمون»
بم يجب صوم رمضان ؟؟
بأحد أمرين : 1- رؤية الهلال2- أو إكمال شعبان ثلاثين .
كما ثبت في السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين»
وهذا أمر لا اختلاف فيه.
ما حكم رؤية الهلال ؟
رؤية الهلال سنةكما يقول بذلك أكثر أهل العلم أو عامة أهل العلم ولم يحفظ أن أحداً قال من أنه واجب أو فرض كفاية
لأنه لا يتعين طريقاً واحداً لدخول الشهر بل إذا فاتت الرؤية يحصل ذلك بإكمال العدة .
هل يمكن الاعتماد على الحساب في دخول شهر رمضان؟
اعتبار الحساب في دخول شهر رمضان لا يجوز، عند فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فهو إجماع عند أهل العلم أن اعتبار الحساب ليس بصحيح ولم يعرف أن أحداً قال باعتبار الحساب إلا في المائة الثالثة.
ودلت السنة والقرآن على منع ذلك قال تعالى ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ[البقرة: 189] مواقيت عباداتهم وحجهم وهو الأهلة.
السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنا أمة لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا وهكذا»، وعقد إصبعه في الثالثة يعني إما تسعة وعشرين أو ثلاثين، لا نحسب لماذا قال إنا أمة أمية، هنا أشار إلى الأمية، لا أن الأمية صفة ذم لا بل هي صفة مدح في هذا الموطن .. لأنه لما كان حساب الفلك وما يتعلق به أمور مختلطة فيها خطأ وفيها صواب، وخطأها ليس بأقل من صوابها .
ولأن هذه الأمة دعيت إلى ما هو أسهل فالحساب لا يعرفه إلا قلة قليلة من الناس.. لكن رؤية الهلال أمر يسير .
لكن لو وجد الإنسان في بلد يعتمدون الحساب فماذا يفعل؟
هل يؤمر بأن يخرج ليرى الهلال وإذا رءاه يخبر الناس أم يتابع الناس على الحساب مع أن الإجماع منعقد على خلاف ذلك؟
هي من المسائل فيها شيء من الإشكال لاختلاف بين بعض المسلمين في هذا الأمر قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى : يصوم مع الناس ولو اعتبروا الحساب لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطرون».
لحصول الاجتماع وعدم الافتراق .
أما إذا لم يكن لهم طريقة سائدة كبعض البلاد التي ليس فيها من يقيم لهم الشعائر الدينية كجهات الإفتاء ومؤسسات ووزارات الشئون الإسلامية أو نحوها وليس أحد يتبع أحد فينبغي لهم أن يعتبروا الرؤية أو إكمال العدة .
مسألة مهمة وهي يوم الثلاثين من شعبان : إذا لم يرى الهلال وكانت الليلة ليلة فيها غبار ولا سحاب يعني يمكن أنه خرج الهلال وما رأوه فهل يصام أم لا يصام؟
هذه من المسائل التي جرى عند الفقهاء فيها خلاف وهذا الخلاف بين جمهور أهل العلم والحنابلة الحنابلة يرون أنه يصام احتياطاً
يكمل شعبان ثلاثين يوماً ولا يصام ذلك اليوم بل يفطر الناس إلا رجل له عادة صيام يوم اثنين ووافق يوم اثنين فيصومه على أنه السنة لكن لا يصومه على أنه شك هل هو من رمضان أو ليس من رمضان .
كيفية رؤية الهلال:
رؤية الهلال هو الرؤية الطبيعية وهو إذا رؤي بعد غروب الشمس فإنه يحكم بها .. فأما الرؤية في النهار لا يحكم بها بل يقول أهل العلم: سواء رؤي قبل الزوال أو بعد الزوال فهو لليلة المقبلة ولا يعتبر به لأن محل الرؤية والهلال مقامه في الليل فإذا رؤي في الليل اعتبر وإلا فلا.
هل يكتفى برؤية واحد أو برؤية اثنين؟
الأشهر بلا إشكال عند أهل العلم أنه يعتبر فيها اثنان إلا دخول رمضان فمنهم .. الجمهور على أنه اثنان كسائر الشهور، لكن قال بعض أهل العلم كالحنابلة ونحوهم أنه يكون برؤية واحد، لماذا؟ قالوا: على سبيل الاحتياط، ولمجيء السنة بذلك، لما جاء الأعرابي فشهد أن رأى الهلال، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام.
وابن عمر لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى الهلال نادى في الناس بالصيام .
أما هلال شوال وسائر الشهور فلابد من رؤية اثنين لحديث زيد بن الخطاب، «إذا شهد شاهدان فصوموا وأفطروا».
من المسائل المهمة الحقيقة أنها إذا رؤي في بلد هل يكون رؤية للبلاد كلها ؟
من جهة التنظير الفقهي لأهل العلم فيه كلام واضح في الاختلاف ونحوه، ومن جهة أيضًا الواقع المتقدم كما المتأخر أيضًا حصل في ذلك شيء من تنوع الناس، ففي حديث كريب عند مسلم في الصحيح لما جاء كريب من الشام إلى ابن عباس قال ابن عباس لكريب: متى صمتم قال: صمنا يوم الجمعة فسأل ابن عباس: وأنتم، قال: نحن
صمنا يوم السبت، قال: ألا تكتفي برؤية معاوية، قال: لا لا نفطر حتى نرى الهلال أو نكمل العدة هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيكون لكل أهل بلد حكمهم و لهم رؤيتهم، لا اختلاف.
من يلزمه الصيام؟
أن يكون مسلماً، فغير المسلم لا يصح لأنه عبادة والعبادة لا تكون إلا بالنية والنية لا تصح من غير المسلم مع أنه يحاسب في الآخرة وهنا خلاف أصول أن الكفار يحاسبون على فروع الشريعة
قالوا: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ[المدثر: 42] يعني في النار ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ[المدثر: 43- 45].
فهم يحاسبون عليها، لكنها لا تصح منهم لأجل أنهم مشركين.
فحتى تصح منهم فلابد أن يؤمنوا بالله وحده ثم ينووا، فيصح صيامهم.
فإذن أن يكون مسلماً، مكلفاً، والمكلف هو البالغ العاقل، فإذا كان غير عاقل كما لو كان مجنونا أو معتوها أو نحوهم، فلا يجب عليه الصيام، لماذا؟
قال صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق» وهذا إجماع أهل العلم .
«وعن الصغير حتى يبلغ»، فالصغير لا يجب عليه الصيام، لأنه ليس بمكلف، لكن مع ذلك كما قال أهل العلم يؤمر الصغار بذلك تعليما، وحتى يعتادوه .
والدليل قال أهل العلم قياس على الصلاة، «مروا أولادكم للصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر»، أيضًا ما جاء عن الصحابة، كانوا يصومون أطفالهم حتى يبكون، فيلعبونهم باللعب من العهن، يلهونهم عن الأكل والطعام حتى ينتهي اليوم.
مكلفاً يعني بالغ عاقل .
أن يكون قادراً، فغير القادر مثل المريض، كبعض المرضى مثلاً الذين لا يستطيعون الصيام .
أيضًا الكبير كبرا قد هرم حتى لا يكاد يسلم من الحاجة إلى الطعام والشراب في هذه الحال لا يجب عليهم الصيام لأن الله جل وعلا قال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ[البقرة: 184]، ﴿الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ قال ابن عباس: هو الشيخ الكبير والمريض الذي لا يستطيع الصوم.
فذكر أهل العلم أن هذه الآية دالة على عدم وجوب الصوم عليهم، وإنما يجب عليهم الإطعام.
غير حائض ولا نفساء أما الحائض والنفساء فإنها لا تصوم الدليل من حديث عائشة رضى الله عنها ..لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نقصان دينها، قال: «أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم»، فأخذ من هذا أهل العلم إجماعهم على أن الحائض لا تصوم حتى ولو كانت نفسها تتوق للصوم لأن التعبد لله ليس بالهوى فأنت تتعبدين لله بترك الصوم، كما يتعبد الناس بالصيام وأنت في هذه الحالة تتقربين إلى الله جل وعلا بذلك، ولهذا عائشة عندما كانوا في الحج وأصابها الحيض، وأرادت أن تطوف كما تطوف الناس منعها النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تبكي، فيقول: «يا عائشة إن هذا شيء قد كتبه الله على بنات حواء»، يعني أمر مكتوب وابتليت به النساء، فينبغي للمرأة أن تحمد الله وأن تصبر وأن تحتسب الأجر في ذلك من الله سبحانه وتعالى.
مسائل مهمة :
لو بلغ الصبي في أثناء النهار ما الواجب عليه؟ لو طهرت الحائض في أثناء النهار؟ لو قدم المسافر؟ لو أسلم الكافر؟ فما الحكم في هذه الأحوال؟
يقول أهل العلم: إذا كان كافر فأسلم، أو صبي فبلغ أو مجنون أو علموا بأن هذا من رمضان في أثناء النهار فيلزمهم الإمساك .
لأن الحكم تبع العلم، وهم إنما علموا أو لحق بهم تعلق بهم الحكم حين أسلموا، سواء للذي علموا أو للذين أسلموا، لأن الحكم إنما وجب عليهم عند ذلك.
فيجب عليهم الإمساك، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة بصيام يوم عاشوراء في تلك المسألة قال لهم أمر من أصبح صائماً فليتم صومه ومن أصبح مفطرا فليمسك بقية يومه، فدل على أنهم يمسكون .
أما بالنسبة للحائض إذا طهرت والمسافر إذا قدم والمريض إذا شفي، فلا يلزمهم الإمساك لماذا؟ لأنه أفطر مأذونا له في الفطر وكما جاء عن ابن مسعود أنه قال: من أفطر أول النهار فليفطر آخره.
ولأنه تعلق بهم حكم القضاء ولا شك لعلالقضاء ولهم أن لا يمسكوا.


الذين يجوز لهم الفطر :
المريض والمسافر
ما الدليل على أن المريض يجوز له الفطر؟
قول الله جل وعلا: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 184]
و هل كل مرض يجيز للإنسان الفطر؟
يقول أهل العلم: هو إما أن يشق عليه الصيام أو أن يشتد معه المرض، أو أن يتأخر معه البرء، ففي هذه الأحوال يجوز له الفطر .
أما إذا كان مريض مثل واحد فيه ألم في رأسه، لكن ليس شديداً يستطيع معه الصوم، أو فيه حكه في جلده، الحك في الجلد مرض لكن لا تجيز للإنسان الفطر .
انسان أصابته حمى شديدة هل يفطر ؟هذا يتوقف على استطاعته، إذا هو يستطيع أن يصوم أو لا .
السفر عذر يبيح للإنسان الفطر، لأن الله جل وعلا قال: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 184]، «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة»، أليس كذلك، نعم.
ما المسافر الذي يجوز له الفطر؟
هو المسافر سفرا تقصر معه الصلاة، بمعني أن السفر سفران طويل وقصير كل من خرج من البلد فهو مسافر، لكن إذا كان يسافر عشرين كيلو بلد قريبة من بلده، هذا نعتبره مسافر لكن سفرا قصيراً لا يتعلق به أحكام الفطر.
لكن إذا كان سفرا طويلاً والذي يقيده عموم الفقهاء رحمهم الله تعالى بأربعة برد، يعني ما يقارب من سبعين كيلوا إلى ثمانين كيلو، فهنا يقولون من أن هذا هو السفر الذي يجوز فيه القصر ويجوز فيه الفطر، ويترخص المسافر بجميع رخص السفر.
إذا تردد الأمر بين الفطر والصيام، فهل الأولى له الفطر أو الأولى له الصيام؟
عندنا جوابان لمذهبين من مذاهب أهل العلم :
إن كان عليه مشقة فلا إشكال في أن الفطر أولى عند جميع أهل العلم، «ليس من البر الصيام في السفر»، لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ظُلل وهو صائم قالوا أنه صائم في شدة حر، وقد أمرهم بالفطر، قال: «أولئك العصاة أولئك العصاة»، فدل هذا على أن الفطر أولى، الذي ظلل ، وأولئك العصاة، وليس من البر الصيام في السفر.
أما إذا لم تكن فيه مشقة، فمن أهل العلم من قال ينبغي له الترخص، «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته»، ومنهم من يقول أن هذا أسرع لبراءة ذمته، وأنه أيضًا هذه أيام رمضان لها خصوصية في البركة والفضل لا يشاركها غيرها، فلو قضى في غيرها من الأيام فلن يكون كذلك، والأمر في ذلك واسع، فإن صام فله مأخذ ومستمسك، وإن أفطر الأحاديث دالة على أنه يفطر.





يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
م مما يذكره الفقهاء -رحمهم الله تعالى- فيمَن له الفطر:
الحامل، والمرضع، إذا خافتا على نفسهما أو ولدهما وجاءت في قول الله -جل وعلا: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ[البقرة: 184]،فقد أدخل جماعةً من أهل العلم والتفسير في ذلك حكمَ الحامل والمرضع، لحديثٌ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ»، أي أنهما لا يجب عليهما فعل الصوم أو أداء الصوم، وإنما يتعلق بهما حكم القضاء.
ولأهل العلم كلام فيما يتعلق بما يترتب على الحامل والمرضع إذا أفطرتا: هل يجب عليهما القضاء أو يجب عليهما الإطعام؟
والذي جاء عن الصحابة أنهما تُفطران وتُطعمان، وجاء عن بعضهم أنه قال: "ولا تقضيان".
لكن الذي عليه أكثر أهل العلم أنَّ الإطعام قدر زائد بعد القضاء، فيلزمهما القضاء لا محالة، ثم يلزمهما الإطعام.
هل يلزمهما الإطعام في كلا الحالين أو في حالٍ دون حالٍ؟
قال بعضُ أهل العلم أنَّ ذلك متعلِّقٌ بما إذا كان خوفُهما على ولدهما لا على نفسها.. إذا كانت حاملًا وخافت على الحمل أو كانت مرضعًا وخافت على الرَّضيع.
العوارض التي تمنع تمام الصيام: إذا عرض للإنسان جنونٌ وكذلك الإغماء.
الجنون جنونان: جنون مُطْبِق؛ وهو الذي يستمر مع صاحبه طيلة الأعوام والأحوال والسَّاعات، ونحو ذلك، وجنون غير مُطْبِق وتكون مدته قصيرةً.
فلو أنَّ شخصًا يعرض له الجنون أحيانًا، يقول أهل العلم: إن عرض له الجنون يومه كاملًا -يعني لم يَفِقْ في أي جزءٍ من أجزائه- فلا يصح صومُه في هذه الحال لأنه لم يتحقق منه الإمساك بالنية فبناءً على هذا لا يصح صومه.
لكن لو جُنَّ أثناء النهار أو جُنَّ قبل الفجر وقد نوى ثم أفاق في نصف النهار ونحوه فإنَّ صومه صحيحٌ .. وهذه المسألة أقل وقوعًا؛ لأن الجنون في الغالب تطول مدته، لكن لو أُغمي عليه جميع النهار فهنا لا يصح صومه.
لو أن شخصًا تسحَّر وأكل أكلًا زائدًا فأُغمي عليه، وكان قد نوى الصيام، ولم يَفِق إلا بعد غروب الشمس، ولم يكن قد أكل شيئًا، فنقول في هذه الحال: لم يصح؟ لم يصح صومه لأنَّ الصيام لابد له من إمساكٍ بنيةٍ، وهذا لم يُمسِك حقيقةً بنيةٍ فبناءً على ذلك لم يصح صومه.
هل يجب عليه القضاء أو لا يجب عليه القضاء؟
جملة كلام السلف في الإغماء أنهم يقولون أنَّ الأصل أنه يقضي لأن مدته لا تطول غالبًا، مع أن الأصل أنه لما أُغمي عليه زال عنه التكليفُ، فالأصل أنَّه لا يقضي، لكن لما جاء عن بعض السلف قضاء الصلاة ونحوها حكموا أيضًا بأن الإنسان يقضي الصيام الذي هو مدة قصيرة على سبيل الاحتياط.
لكن لو طالت المدة فبناءً على ذلك لا يقضي مثل الذي تُصيبهم الغيبوبة لمددٍ طويلةٍ -كشهرٍ أو شهرين أو أكثر من ذلك، وبعضهم تبلغ معه سنوات- في مثل هذه الحال: لا يكون الصيام عليه واجبًا.
أمَّا مَن نام جميع النهار هل يلحق بالإغماء والجنون ؟الذي عليه أهل العلم أنه لا يُلحَق بالجنون والإغماء
لأنه وإن نام جميع النهار إلا أنَّ حقيقة النوم لا تُذهِب الإحساسَ مطلقًا فلو أُوقظ لاستيقظ، فبناءً عليه نقول أن صيامه صحيح.
فالنية يُحتاج إليها في الصيام، فإن كان الصيامُ فرضًا فلابد أن تكون النية من الليل.
الدليل :حديث حفصة وعائشة: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَجْمَعِ النِّيَّةَ مِنَ اللَّيْلِ».
وعموم الأدلة دالَّة على أنَّه لا يصح عملٌ إلا بنيةٍ
أمَّا إذا كان الصيام نفلًا: فإنه يصح بنيةٍ من النهار بشرط ألا يكون قد جرى منه ناقضٌ للصوم.
فمثلًا لو أنَّ انسانا في أي ساعة من ساعات النهار قال: أريد أن أصوم له ذلك إذا لم يأكل لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى أهله يومًا فقال: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟»، قالوا: لا، قال: «فَإِنِّي صَائِمٌ إِذَنْ»، فدلَّ على أن نية الصيام من النهار جائزةٌ -كما يقول أهل العلم- لهذا الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه.
لكن يقول أهل العلم: إنه لا يكون له الأجر إلا من وقت نيته ووقت نيته من أثناء النهار.
إذا قيل أنَّ الأصل في صيام الفرض أنه لابد له من نيةٍ من الليل فإن كلَّ يومٍ في الأصل هو عبادةٌ مستقلَّةٌ فينبغي أن تكون له نيةٌ مستقلةٌ.
وهذه المسألة فيها شيءٌ من الاختلاف: فهناك مَن يرى أن الصيام عبادةٌ واحدةٌ فتكفيها نيةٌ واحدةٌ .
لكن لو فسد صوم اليوم هل يتعلق ذلك بفساد صيام اليوم الثاني؟ لا مما يدل على أنَّ هذا عبادةٌ مستقلة وتلك مستقلة فتعلق بحكم كل يوم نيته،كما أنَّ الشخص لو فسدت عليه صلاةُ الظهر لم يكن ذلك مفسدًا لصلاة العصر لأنَّ كل واحدةٍ منهما عبادة .
و لما كانت النية من الليل أو من أثناء النهار بالنسبة للنفل، فينبغي للإنسان أن يستصحب حكمَها أي لا يأتي منه ما يُعارضها ... ولذلك يقول الفقهاء: مَن نوى الإفطارَ فقد أفطر لأنه نوى الافطار وقطع به لأن قطع النية تفسد الصوم ..لكن لو تردد فالأصل بقاء نيته .

فمَن نوى الإفطار أفطر، وهذا فيمَن عقد النية والعزم على الفطر وترك الصيام.
أمَّا مَن تردد : إنه لا يضره ذلك حتى يجزم.
إذن الأصلُ أن الإنسان ينوي وتستمر النية إلى كمال النهار وانتهائه فمن قطع النية في أثناء النهار،كأنه قطع الصيام حقيقةً بأي مُفطرٍ من المُفطرات.
هذا لو كان في رمضان، أمَّا لو كان في النفل فما الحكم.
لو كان في غير رمضان ونوى الفطر، فنقول: يفطر، لكن له أن يعقد نيةً جديدةً لصيامٍ جديدٍ، يعني واحد قال: سأصوم هذا اليوم، ثم جاء في أثناء النهار وقال: أفطر، وبعد أن بحث عن أكلٍ يُناسبه أو يُلائمه لم يجد طعامًا، فقال: إذن أصوم، فقوله أصوم لا تعني أن صومه الأول صحيح فصومه الأول انقطع بانقطاع نيته لكن لما كان النفلُ يصح بنيةٍ من النهار، له أن ينوى مرة أخرى لكن هذا صيام جديد، وأجره من وقت النية.
مفسدات الصوم:
الأكل والشرب:
والدليل على أن الأكل والشرب مفسدٌ من مُفسدات الصوم: قول الله -جل وعلا: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ يعني الإمساك، ﴿إِلَى اللَّيْلِ[البقرة: 187]، فدلَّ على أنَّ الأكل والشرب لا يكون في حال النهار، وفي حال الصوم.
و من السنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»، فدلَّ ذلك على أنَّ الذي أكل بقصدٍ، بدون نسيانٍ، قد أفسد صومَه، وأفسد عمله، فلأجل ذلك قالوا: إن الأكل والشرب مفسدٌ من مفسدات الصوم.
السَّعُوط: الذي هو عن طريق الأنف ولذلك قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»، للدلالة على أنَّ الصائم في حال صيامه ينبغي له أن يحذر من كلّ ما يصل إلى داخل جوفه سواء كان عبر الفم أو الأنف .
المُغَذِّيات التي تُعطى للإنسان عن طريق الوريد، ونحوها، فهي داخلة في ذلك الحكم .
مايؤخذ عن طريق العين أو عن طريق الأذن الحكم في ذلك هو: أنه ينبغي أن يُتَّقى، أمَّا ما لم يكن الأصلُ فيه أنه يصل إلى الجوف ونحو ذلك، فالأمر فيه واسعٌ، فالأصل عدم دخوله في معنى الأكل والشرب، أو فيما يصل إلى الجوف.
لكن لو وجد دواءً معينًا يعرف بالتَّجربة أو بالعادة أن له خاصيةَ النَّفاذ إلى الجوف هنا ينبغي أن يتقى وأن يحفظ الإنسان صومه .
الدليل من قوله صلى الله عليه وسلم : «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»، فالاستنشاق الذي في الوضوء مأمور به ولكن في الصيام أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بترك المبالغة حفاظًا على الصوم أن يصل شئ إلى الجوف .
قال أهلُ العلم: هذا الحديث أصلٌ في حفظ الصوم من كل شيءٍ ينفذ إلى البدن بأي طريقةٍ، أو من أي وجهٍ كان.
التَّحميلات التي تدخل عن طريق الدبر ونحوها تصل إلى الجوف فيلحق بها الحكم.
الإبر التي تتعاطى هل تدخل في هذا أو لا تدخل؟
الإبرتنقسم الى قسمين: فإن كانت الإبر مما يُتعاطى عن طريق الوريد -وهي التي تُسمَّى عند الأطباء: المُغذِّية- فهذه لا إشكال في كونها مفطرةً، أمَّا إذا كانت الإبر تُعطَى في العضل، وليس في الوريد، فهل تدخل في هذا أو لا تدخل؟


هذه الإبر حتى ولو لم تكن مغذيةً، فإنه لا يكون فيها سيلان حتى تضاف إليها نسبة من الماء والماء مما يُتعاطاه الجسم، فيدخل إليه فيتعلَّق به الحكم، لكن لما تردد أهل العلم فلا يمكن أن نجزم بالمنع، لكن يجب الاحتياط وألا يُعرض الصيامَ للإشكال.
مَن صام لله -جل وعلا- فليعلم أن الصيام له حدودٌ، وله أشياء لا يتم إلا بها، فلا ينبغي للإنسان وقد فعل أشياءَ كثيرةً أن ينقضها بشيءٍ يسيرٍ، أو بشيءٍ صغيرٍ، ويُعرِّض نفسَه للإشكال.
ومن يحتاج لذلك إن كان مما يُفطِر فلا إشكالَ في أنه يتعاطه ويفطر، ويلحقه حكم القضاء، لكن إذا لم يكن محتاجًا فيمكنه تأخيرها ولا غضاضةَ عليه في التأخير فليأخِّرها الانسان حتى لا يعرِّض نفسه للإشكال .
3- القيء مُتعمدًا : القيء هو إخراج ما وصل إلى الجوف من الطعام عن طريق الفم .
متى يكون القيء مُفطرًا بشرطين هما :
أولهما: أن يكون ذلك بطلبٍ، يعني أن يكون قد استدعاه هو من نفسه، بأن يُدخل أصبعه إلى فمه، حتى يتهوَّع، ثم تقذف المعدةُ ما فيها من الطعام والشراب، أو بجلب رائحةٍ كريهةٍ جدًّا لا يتحملها الإنسانُ، فيقذف ذلك.
ثانيا : لو أنَّه استقاء لكن ما قاء شيئًا، وما خرج منه شيءٌ، كأن يكون قد أدخل أصبعه ثم تهَوَّع، لكن لم يخرج شيءٌ لا يكون مفسدًا.
أن يكون الإنسانُ قد طلبه متعمدًا، والثاني: أن يكون قد خرج القيء.
الدليل من حديث أبي هريرة: «مَنِ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ، وَمَنْ ذرَعَهُ –يعني: غلبه- الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ».
وهذا الحديث معلولٌ عند أهل العلم، وليس بقوي، ولا متين، بل يُعلُّونه، لكن أهل العلم أيضًا اعتمدوا في هذه المسألة على الإجماع، فقد أجمع أهل العلم على أنَّ مَن استقاء وطلب القيء فقاء فإنه يفسد صومُه، بخلاف من ذرعه القيء.
خروج دم الحيض والنفاس: فمَن حاضت فقد فسد صومُها.
الدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَتْ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ»، والإجماع منعقدٌ على أنَّ مَن خرج منها دمُ الحيض أو دم النفاس -لأن دم النفاس في معنى دم الحيض، وحكمهما واحد- أنها تُفطر، حتى لو لم يبقَ على انتهاء اليوم إلا دقيقة واحدة، فإنها تكون مفطرةً.
وكذلك لو كانت حائضًا حتى دخلت أول دقيقةٍ من النهار، ثم طهرت، فنقول: لا ينفعها صيام ذلك اليوم؛ لأنها كانت في أثناء اليوم فيها دم الحيض، وهو مفسد من مفسدات الصوم، وهذا محل إجماعٍ واتِّفاقٍ.
بعض النساء تُحب أن تصوم مع الناس، خاصةً إذا وافقت عادتها العشر الأخير من رمضان، فتتعاطى من العقاقير ما يرفع حيضَها.
لكن ينبغي للمرأة ألا تُكلِّف نفسها، وألا تُعارض فطرتها التي فطرها الله عليها؛ لأن ذلك قد يُفضي إلى إلحاق تعبٍ بها، أو مرضٍ، أو اضطرابٍ في دورتها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا، أَوْ مُقِيمًا»، فيعتبرون ذلك من العوارض التي تعرض للمرأة، فيلحقها -إن شاء الله- الثواب والأجر.
ثم هي تجتهد فيما فتح لها من المجال، فهي وإن أمسكت عن الصيام والصلاة... تستغفر وتذكر الله...... ويمكن أن تقرأ القرآن حفظًا أو دون أن تمسَّ المصحف في أصح قولي أهل العلم، وهي -إن شاء الله- مأجورة على نيَّتها.
لكن لو فعلت ذلك، فارتفع حيضها؛ فيكون صومها صحيحًا، وفعلها جائزًا، إلا أن يضر بها ذلك، فإذا كان يضر بها فإنها ممنوعةٌ من الإضرار بنفسها.
الحِجامة:
الحجامة مفسدٌ من مفسدات الصوم.
مالحجامة : هي إخراج الدم الفاسد من البدن بطريقٍ معينٍ، كأن يشرط مثلًا خلف الرقبة، ثم يجذب بآلةٍ محددةٍ حتى يخرج الدمُ الفاسد، وهي من أدوات الطب التي يُتطبَّب بها فيما مضى.
فبناءً على ذلك لو أنَّ شخصًا أخرج منه الدم الفاسد فعند ذلك يحصل الفطر والفطر هنا متعلِّق بالمحجوم الذي خرج منه الدم وبالحاجم الذي جذب الدمَ يعني سحبه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ».
فذهب الحنابلة -رحمهم الله- وأهلُ الحديث إلى أنَّ الفطر بالحجامة ثابتٌ؛ لحديث ثوبان، وحديث شدَّاد بن أوس، وتصحيح أهل الحديث لهما.
وخالف في ذلك جمهورُ أهل العلم، وقالوا أنَّ الحجامة ليست مفطرةً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم.
لكن هذا الحديث قد حصل فيه انقلابٌ على راويه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرمٌ، وقال الراوي: احتجم وهو صائمٌ، يعني انقلب عليه الأمر، فهذا احتمال، فإذا ورد الاحتمالُ على الدليل بطل به الاستدلال.
أيضًا قد يكون كذلك فأفطر، فليس فيه ما يدل على أنَّه ليس بمُفطرٍ، ودلالة القول أدلُّ من دلالة الفعل.
فبناءً على هذا أبقى الحنابلةُ على قولهم خلافًا للجمهور.
تتعلَّق بهذا مسألة :إذا قلنا أن الذي يفعل الحجامةَ يُفطر أيضًا، فماذا لو فعلها بالآلات الحديثة دون أن يسحب الدمَ بنفسه؟!
هذا لا يَصْدُق عليه أنَّه حاجم، فبناءً على ذلك لا يكون له حكم الفطر مطلقًا حتى على قول مَن يُفسدون الصيامَ للحاجم.
هل يلحق بذلك تحليل الدم، أو التَّبرع بالدم؟
الذين يقولون بفساد صوم الحاجم والمحجوم منهم مَن يقول أنَّ العلة غير معلومةٍ، فبناءً على ذلك يكون الحكم متعلِّقًا بالحجامة، فيُعبِّرون بأنها علَّة قاصرة، أو علَّة تعبدية، فيقولون: غيرها لا يلحق بها.
لكن بعض مَن قال بالفطر بالحجامة قال: لأنَّ العلة هي الضعف الذي يلحق الإنسان، فبناءً على ذلك يلحق به ما شابهه.
فتحليل الدم شيء قليل، فهل يُلحِق الضعف، أو لا يلحق الضعف في العادة؟
لا يلحق الضعف فلا يدخل في ذلك.


لكن التَّبرع بالدم دمٌ كثيرٌ، ويلحق الضعف فبناءً على ذلك يمكن إلحاقه عند مَن يقول أنَّ الحجامة مفسدةٌ من مفسدات الصوم.
كذلك لو كان تحليل الدم بدمٍ كثيرٍ يُلحِق الضعف بالإنسان، فيمكن أن يكون ذلك مفطرًا، ويأخذ حكم الحجامة.
مَن فعل ذلك ناسيًا أو مُكرَهًا، فهل يفطر؟
لا يفطر لأنه رُفع عن الإنسان التَّكليف: «مَنْ نَسِيَ فَأَكَلَ، أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»، فنقول بناءً على ذلك: لا شيء عليه، فيتم صومه، لكن مَن رآه يأكل أو يشرب فإنه يُنبهه؛ لأن هذا من باب النَّصيحة، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر.
ومثل ذلك الإكراه، والمقصود بالإكراه أن يُجعل في فمه أكلٌ، ثم يدخل إلى جوفه، أو يجعل عليه سلاحٌ، ويُهدد بالضرب الشَّديد لمَن هو قادرٌ على إنفاذ ذلك، فإذا فعل هذا فإنه لا يفسد صومه في مثل هذه الحال؛ لأن هذا الفعل لا يُنسَب إلى الإنسان.
ومثلها الحجامة لو نسيها، أو أُكره عليها، فالحكم في ذلك داخلٌ فيه.






 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
ومن مفسدات الصيام :
الاستمناء: فمَن طلب خروج المني فخرج منه فإن ذلك يعتبر مفسدًا من مفسدات الصوم .
أما الاحتلام إذا كان في حال النوم فإنه ليس مُفسدًا وإن كان فيه خروج المني لأن المني خرج دون قصدٍ، ودون إرادةٍ .
الدليل على أن الاستمناء مفسدٌ من مفسدات الصوم
قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».
وجه الدلالة أن هذا الشخص لم يدع شهوته لأجل الله.
أماخروج المذي يقول أهل العلم في المشهور أنه ليس بمفسدٍ من مفسدات الصوم .
الجماع : مفسد من مفسدات الصوم، فمَن جامع زوجته في نهار رمضان أو وهو صائم فإن صيامه ليس بصحيحٍ
الدليل قال الله -جل وعلا: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ[البقرة: 187] فأمر بالإمساك والإمساك لأنه في أول الآية قال: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ[البقرة: 187]، فدلَّ هذا على أن النهار محلٌّ للإمساك عن الرَّفَث، وهو الجماع، فالرَّفث بمعنى الجماع كما فسَّره المُفسرون لهذه الآية.
وكذلك الرجل الذي جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكتُ، قال: «مَا أَهْلَكَكَ؟»، قال: جامعت امرأتي في نهار رمضان، قال:
«أَعْتِقْ رَقَبَةً»، قال: لا أجد، قال: «صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قال: لا أستطيع، قال: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا»
فدلَّ ذلك على أن الجماع مفسدٌ للصيام وأنه مُغلَّظٌ فيه الأمر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوجب عليه من ذلك كفَّارة ولم يكتفِ بالقضاء.
وإجماع أهل العلم منعقدٌ على ذلك فلا يختلفون أنَّ الجماع مفسدٌ من مفسدات الصوم.
مَن جامع فقد فسد صيامه. لكن هل يختلف الحكم بين أن يكون الإنسان قاصدًا، أو جاهلًا، أو ناسيًا؟
بعض أهل العلم يُفرِّق في الجماع بين النَّاسي والمتعمِّد وبعضهم يقول أن الحكم واحد.
فالحنابلة يقولون: سواء كان الإنسان ناسيًا أو جاهلًا أو عامدًا فإنه إذا جامع فقد فسد صومه .
قالوا: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستفصل من ذلك الرجل: هل كنت جاهلًا أو ناسيًا؟ دل هذا على أن الحكم عام .


وقالوا: لأن هذا مما لا يحصل فيه النسيان فهو ليس مثل الأكل والشرب.
لكن الحقيقة أنَّه بالنظر إلى ما ذكر أهل العلم فإن النسيان شيء لا ينفك منه أحد ولا يختلف فيه شيءٌ عن شيءٍ فلا يُفرَّق بين الأكل فيُؤذن للناس فيه والجماع لا يُؤذن فيه ... فما الفرق بينهما وقد دلَّت عموم الشريعة على رفع الحرج عن الناس؟
أما الجاهل فكذلك إذا كان معذورًا في جهله مثل إنسان عامي في مكانٍ بعيدٍ ليس فيه أهل علمٍ ولا طلبة علم أو كان حديث عهدٍ بإسلام وقد بلغ مبلغ الرجال وتزوج ولم يدر تفاصيل هذه الأحكام فقد يُعذر في بعض الأحوال.
ما حكم المرأة في الجماع؟
إذا كانت غير راضيةٍ فليس عليها شيء.
أما إذا كانت راضية الأصل أن حكم المرأة كالرجل سواء بسواء فإذا حصلت مجامعة من الرجل لامرأته فهي مثله في الحكم لأن الأصل أن الرجال والنساء في الأحكام الشرعية سواء إلا ما دل الدليلُ على التفريق بينهما فيه.
وبناءً على ذلك نقول: عليها مثل ما على الرجل من القضاء والكفَّارة، لكن لو كانت مكرهةً فلا شيء عليها لأن الإكراه يرفع الإثم "والخطأ والنسيان والإكراه يرفع عنها الحرج.
وكذلك لو كانت ناسيةً أو جاهلةً فهي ممن يُعذر بالجهل.
الحنابلة هنا عذروا المرأةَ في حال نسيانها وجهلها ولم يعذروا الرجل وهذا مما يدل على ضعف ذلك القول في التفريق بين المُتماثلات إن قاعدة الفقهاء هي: طرد الأمثلة المُتشابهة فإذا لم تطرد فمعنى ذلك أن في القول إشكالًا.
ولا يختلف الحكم في هذا بين أن يكون الجماع جائزًا كجماع الرجل امرأته أو يكون محرَّمًا كما لو كان بالزِّنا ونحوه والعياذ بالله.
ولو أن شخصًا جامع زوجته في الليل فأذن عليه الفجر وطلع عليه الصبح وهو في أثناء جماعه فما الحكم؟
الأصل أنه حينما بدأ في الجماع بدأ في وقتٍ يجوز له فعل الجماع فيه فعند ذلك إذا أذَّن الفجر فيجب أن يُمسك فينزع عنها ويمسك في صيامه في تلك الحال ولا يكون عليه فيه شيء.
وإن كان بعض الفقهاء -كبعض الحنابلة، وهو مشهور المذهب- يقولون: والنزع جماع لأن النزع يحصل به من اللَّذة ما يحصل بالحركة في أثناء الجماع.
لكن القول: هذا هو أكثر ما يمكن فعله وهو فعل ما أمر من الإمساك عن الجماع والانقباض عنه.
كفارة مَن جامع زوجته في نهار رمضان:
والكفارة -كما جاء بها النص- ثلاثة أشياء على الترتيب كما دلَّ على ذلك الحديث وهي:
1- إعتاق رقبة، فإذا كان للإنسان أن يُعتق رقبةً فإنه يجب عليه الإعتاق،
2_فإذا لم يجد أو لم يستطع فنقول: يصوم شهرين متتابعين
3_فإن لم يستطع فيُطعم ستين مسكينًا.
هذا على الترتيب كما نطق بذلك الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
وهذه الكفارة خاصَّة بالجماع دون سائر المُفطرات؛ لأمرين:
أولًا: أنَّ الدليل ثبت فيها ولم يثبت في سواها فما سواها ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص يعني لم يأت دليلٌ يدل عليه.
ثانيًا: أنها ليست في معنى الجماع فليست مثل الجماع في حقيقتها ولا في أثرها ولا في انبعاث النفوس إليها .
كيف يكون انبعاث النفوس إليها؟
مثلًا الأكل فلو قلت لانسان: لا تأكل فإنه يمسك عن الأكل لأن اندفاع النفس للأكل قليل لكن لو قلت لإنسانٍ: لا تُجامع فاندفاع النفس إلى الجماع شديد فلذلك احتيج في الشرع إلى أن يكون الزاجر عن الجماع شديدًا حتى تنزجر النفوس وقد أقبلت أو قد اشتدت همتها ورغبتها في ذلك.


ماحكم من جامع أكثر من مرةٍ ؟
لكل يوم حكمه . فإذا جامع في يومين فلكل يومٍ كفَّارته ..لكن إذا جامع في يومٍ واحدٍ فكفارة واحدة إلا أن يكون أعتق أو كفَّر بعد الجماع الأول فتلزمه كفَّارة أخرى.
ما ينبغي للصائم فعله من المُستحبَّات وما لا ينبغي له أن يفعله من المكروهات
فلو أن شخصًا قام من الليل بعد أن نام وهو يريد أن يتسحر فلما أكل تبين أن الفجر قد طلع فما حكم صيامه في تلك الحال؟
يقول أهل العلم: إن العبرة بالحقيقة فالحقيقة أنه أكل في نهار رمضان فبناءً على ذلك هو مفطرٌ لأنه أكل في محل الصيام فيفسد صومه .
لو أنه قام في أثناء النهار، وأراد إفساد صومه فأراد الأكل فتبين أنه ما قام إلا العشاء : صومه تم فلا يمكن للشيء الذي تم أن يُعاد فيفسد.
حكم من بدأ يأكل وبدأ الاذان :
أولا: الأذان هو علامة على دخول الوقت فإذا كان المؤذن دقيقًا يؤذن على الوقت فينبغي للإنسان أن يمسك بمجرد أن يؤذن المؤذن إلا أنه يُعفى عن شيءٍ واحدٍ وهو أن يكون قد رفع اللقمة إلى فيه، فقد جاء في ذلك حديث أنه يتمها ولا يُنزلها، أمَّا ما سوى ذلك فلا.
ولا ينبغي أن يتساهل الناس فيقولون: حتى يتم المؤذن فهذا ليس بصحيحٍ فما دام أن المؤذن يضبط الوقت ولا يؤذن إلا عند دخول الوقت فإنه يحكم بأول الأذان وأول قوله: الله أكبر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ بَلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ»، فدلَّ على أنه كان يؤذن الأذان الأول، فيأكل الناس ويشربون: «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، فجعل الغاية بأذانه والغاية في ابتداء الأذان لا في انتهائه.
مسألة مهمَّة وهي ما يحصل مما يجتمع في الفم من ريقٍ أو نخامةٍ :
فالفقهاء -رحمهم الله تعالى- يقولون: يُكره للإنسان أن يجمع ريقَه فيبلعه لأن هذا لا يُناسب حال الصائم وهو مما يُستقذر.
لكن النُّخَامة من أين تدخل؟ ومن أين تأتي؟
أولًا: لابد أن يُعلم أن النُّخامة التي وصلت إلى الفم وصلت إلى اللِّسان فأمكنه إخراجها أمَّا إذا كانت قد احتبست في داخل الحلق فلم يستطع إخراجها فابتلعها، فهذا لا يدخل في الحكم.
لكن لو أن شخصًا وصلت النُّخامة إلى فمه ثم رجع وبلعه في مثل هذه الحال: إن الفقهاء يقولون: يحرم ذلك لأنها خبث والإنسان ينبغي ألا يُدخِل إلى جوفه الخبث وهي مما ينبغي التَّوقي منه.
ثم إن بعض أهل العلم قال بإفساد الصيام بها -كما هو مشهور المذهب عند الحنابلة، وقول جماعة من أهل العلم- فبناءً على ذلك حتى لا يُعرِّض صومه للإفساد ينبغي له ألا يفعل ذلك.
مسألة ذوق الطعام، وهذا تحتاج إليه النساء :
ذوق الطعام جائز ووجه ذلك من جهتين:
أولًا: أنه جاء عن ابن عباس، كما عند البخاري في صحيحه، فهو من الموقوف، واشتهر عند الصحابة، فيكون ظهور هذا الأمر ظاهرًا.
ثانيًا: ثم إنه من جهة المعنى أنَّ المحرَّم هو وصول الطعام إلى الجوف وأمَّا الذوق فإنما يحصل بوصول الطعام إلى اللسان لأن الذوق إنما هو في اللسان.
لو أفطر إنسان وهو يظن أن الشمس قد غربت، وبعدما أفطر وجد الشمس لم تغرب
في مثل هذه الحال: إنه يكون كمَن أفطر في أثناء النهار لكنه معذو فيجب عليه القضاء وليس بآثمٍ وهذا هو مذهب جماهير أهل العلم لأنه كما جاء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الصحابة أفطروا لغيمٍ حصل فأمروا بالقضاء فقال أهل العلم أن الأصل ذلك وأن ظاهر فعل الصحابة أنهم أمروا بالقضاء دالٌّ عليه وهذا هو مذهب جماهير أهل العلم فيكون القضاء هو المتعلق بهم في مثل هذه الحال.
أيضًا من المسائل التي ينبغي للصائم اجتنابها: اجتناب المحرَّمات، من غيبةٍ، ونميمةٍ، وسوءٍ، وفُحشٍ، وظلمٍ، وعدوانٍ، وأذى يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة: 183]، فالغاية التي لأجلها شُرع الصوم هي إمساك الصائم عن المحرَّمات، وزيادة التقوى، والخشية لله -جل وعلا.
ولذلك -كما روى أحمد وغيره، والحديث مشهور عند أهل العلم- لما ذُكر أن المرأتين كانتا تغتابان الناس وهما صائمتان، فجيء بهما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما: «قِيئَا»، يعني أخرجا ما في بطونكما، فقاءتا دمًا ولحمًا عبيطًا، وقيحًا، وصديدًا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللهُ، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللهُ».
قال أهل العلم: في هذا إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن يحفظ صيامَه وهذا كان فعل السلف فإنهم كانوا يحفظون صيامهم.
وحفظ الصيام يتحصل بأمرين: الإمساك عن المحرَّمات، والتَّزود من الطاعات.
"فلا يكن يوم صوم أحدكم كيوم فطره"، وهذا وإن لم يكن حديثًا، إلا أنه مشهور من أقوال السلف، وعلى ذلك عملهم.
فينبغي للإنسان أن يتَّقي مثل هذه الأمور التي تُخل بصيامه.
ولأجل ذلك جاء في السنة أن الإنسان لو استدعي إلى الفُحش فإنه يحفظ نفسَه ويمتنع ولذلك جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ»، والجُنة من المجنة والدِّرع والوقاية ونحو ذلك، «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، وفي هذا إشارة إلى:
أولًا: أن الإنسان لا يتفوَّه بالمحرم ولا بالفحش حتى لو كان في حالٍ يجوز له ذلك على سبيل الرد والمقابلة.
ما يُستحب للصائم :
يُستحب له تعجيل الفطر : «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ»، فتعجيل الفطر سنة.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر، وكان صائمًا، فغابت الشمس، فقال لأحد الصحابة: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، قال: يا رسول الله، يعني كأنه لم يزل الوقت، قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فقال: يا رسول الله، يعني كأنه خائف ألا يكون قد جاء وقت الفطر، فلما قال الثالثة قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا؛ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».
و يُسن للمُفطر أن يفطر على تمراتٍ، فإن لم يجد فعلى ماء.
هل الرُّطب أفضل من التمر؟
أن الذي صحَّ فيه الحديث هو أنَّه يفطر على تمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء لكن بعض أهل العلم يذهب إلى حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُفطر على رطباتٍ فإن لم يجد فعلى تمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء لكن هذا الحديث معلول.
إذا انتهى الإنسان من فطره ماذا يقول ؟
لم يصح عند الفطر حديث في دعاءٍ معينٍ خاصٍّ، مثل: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ونحو ذلك، فهذه كلها جاءت فيها أحاديث لكن لا تصح.
والذي صح إنما هو عند انتهاء الإنسان من الفطر فإنه كما جاء عند أبي داود بإسنادٍ حسنٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ».
تأخير السحور، فهنا مُستحبَّان: فالسحور مستحبٌّ وتأخيره سنة ثابتة فينبغي للإنسان أن يتسحَّر فيجعل له سَحورًا يتسحر به.
والسَّحور بفتح السين هو ما يُتسحَّر به.
وليجعل السُّحور في آخر الوقت.
والسُّحور بالضم هو الفعل.
فالسحور يعني وقت السحور وفعله للسحور وتعاطيه للطعام يكون في آخر الوقت لذلك -كما جاء في حديث زيد- ما كان بين سحور النبي -صلى الله عليه وسلم- والصلاة إلا قدر قراءة خمسين آية فدلَّ على أنه يجعله في آخر الوقت.
بعد ذلك قلنا أنه ينبغي للإنسان أن يكون يوم صيامه مملوءًا بالطاعة، فيجتهد في الخير، وأصل ذلك في الدلالة عليه الأحاديث الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، وكان يُدارس ويُعارض جبريل بالقرآن، فكل هذا يدل على أن وقت الصيام هو وقتٌ لزيادة الطاعة والنشاط فيها، والاجتهاد في الخيرات.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى أبوابٍ من الخير، كقراءة القرآن، والصدقة، والذكر، والاستغفار، ونحو ذلك.
و ينبغي أن للإنسان أن يطلب في حال الصيام الأعمال التي تخصُّه حتى تزكو نفسه وتطهر وتسلم من الدغل وتتهذب من السوء وتذهب عنها المعصية ولذلك لا يجد الإنسان شيئًا أعظم له في فساد عهده وإلفه وسوء استمر معه لم يستطع التوبة منه إلا في رمضان.













 
أعلى