الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم القرآن و القراءات و التجويد
ركن علم الإجازات والأسانيد والتراجم
موسوعة التراجم المغربية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 67634" data-attributes="member: 329"><p>[font=&quot]أبو الحسن عليّ بن محمد الحرالّي المراكشي[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]شخصية اخترقـت المكـان إلـى المكــان والزمان إلى الزمان[/font]</p><p> [font=&quot] [/font]</p><p> [font=&quot] كانت حياة الحَرَالّي كما يرسمها ما لدينا من تراجمه وأخباره حياةً حافلةً: شرّق فيها وغرَّب، وتنقّل في بلاد المسلمين وأقام، واستقرّ وتغرّب، ولقي الحفاوة والتكريم، وعرف من الناس الإعجاب والتقدير؛ وأصابه أيضاً شيء من الإزعاج من الدَّهماء حيناً ومن أهل العلم في زمانه أحياناً أخرى؛ وكان بعضُ هذا الإزعاج مُسرفاً في التَّجنّي.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وإذا استعرنا عباراتٍ ممّا هو دارجٌ اليوم قلنا: إنه كان شخصيّة "دراميّة"؛ بما عانى من الأسفار، وما لقي من ظروف وأحوال، ومن لقي من الرّجال؛ على اختلاف درجاتهم؛ وبتغرّب أهله الأندلسيّين، فإنه وُلِدَ في مدينةٍ من أقاصي المغرب (في مرّاكش) كما سنبيّن، وتوفّي في مدينة من أقاصي الشام (في حماه).[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وتشكّلت شخصيّةُ أبي الحسن الحَرَالّي من ظروف ثقافية واجتماعية في بيئات جغرافية وحياتية مختلفة، وظهرت للناس في ما يُحَدِّثُ ويُدرّس ويؤلف ويناقش: شخصيةً ناضجةً مكتملةً، حنّكتها ألوانُ المعرفةِ الكثيرةِ الغزيرة، وصَقَلتْها معرفةُ النّاس ووضعتها في الصُّورة النّهائية إرادةٌ صارمة مالت بصاحبها إلى الزهد في الدُّنيا، والالتفات إلى الأُخرى.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وإذا كان صدور الكتاب - أي كتاب - يثلج صدر مؤلفه أو محقّقه فإنه يسرّني حقاً أن أكون في جملة المعتنين بآثار الحرالّي، ولعلي أكون البادئ في نفض الغبار عن الباقي من آثاره[1]، لافتاً إليه أنظار أهل العلم والفكر والثقافة ومنبّهاً إليه لإحياء تراثه، ووضعه بين أيدي الباحثين والمتابعين: بإحياءٍ لذكرى عالمٍ فاضلٍ، وواحدٍ من بقية أهل العلم الذين طلعت بهم الأندلس على الدنيا.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]1ـ لم يزد تعريفُ المراجع بقرية حَرَالّة على عبارة قصيرة، ليس فيها تفصيل ولا زيادة دلالة سوى أنها من أعمال مدينة مُرْسية.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ومُرْسِية مدينة ساحليّةٌ مطلّة من شرق الأندلس على البحر المتوسط؛ وهي في التقسيمات الإدارية الأندلسية من أعمال كورة تُدمير. ومن مرسية ظهر عدد كبير من العلماء والفقهاء، وبرز منها عدد من أهل التصوّف من مثل أبي العباس المرسي ومحيي الدين بن عربيّ، وغيرهم.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وحرالّة كانت الموطن الأصلي لأُسرةِ أبي الحَسن، والذي وُلِدَ بعيداً عن حرالة ومرسية في أقاصي المغرب بمدينة مرّاكش.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ولا نعرف شيئاً عن أحوال أسرته، ولا أخبار أهله، ولا نعرف لماذا انتقلوا من حرالة، أو الشرق الأندلسي إلى مراكش.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ولنا أن نقدّر أنّ ربّ الأسرة كان يشتغل بعملٍ يقتضيه التنقّل في أرجاء الدّولة؛ في زمان كانت فيه الوحدةُ شاملةً بين بلاد المغرب والأندلس، أيام الدولة الموحّديّة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ومن الرَّجم بالغيب محاولة معرفة نوع ذلك العمل الذي كان يمارسه والد أبي الحسن، وإن كان يخطر في البال أن يكون أبوه، أو كبيرٌ في الأسرة، ممّن يشتغلون بالعلم، أو الكتابة، أو القضاء، وما شابه ذلك ممّا يدور في فلك الفكر والثقافة أو التعليم أو القضاء …[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ونظرة نُلقيها على مؤلّفات أبي الحسن، في أسمائها التي ذكرتها كتب التراجم أو في نسخها التي بقيت في خزائن المخطوطات تدلّ على نوع راق من التعليم والمطالعة والتّحصيل في فنون شتّى من العلوم العقلية والنقلية، إلى فنون متعدّدة مختلفة من ألوان النشاط الفكري والثقافي عامّة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وبعد أن استوفَى الحرالّي ما هو متوفّر بمرّاكش من العلوم ضرب في الأرض غرباً وشرقاً، ونجِدُ في أخباره أنّه دخل الأندلس فأخذ عن عدد من علمائها من مثل ابن خروف وأبي الحجّاج بن نموي، كما أخذ عن شيخ الحرم أبي عبد الله محمد القرطبي. ورحل إلى المشرق، فازداد خبرة ومعرفة، واحتكاكاً بأهل العلم من كل اتجاه، ومن كل لون، وفي بلادٍ كثيرة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]2ـ حلّى الغبريني في عنوان الدراية صاحبنا أبا الحسن الحرالّي بعبارات حسنة فيها تقدير وتكريم، وهي في الوقت نفسه عبارات صدرت عن خبير، عارف بأخبار الرجل، فقد لقي عدداً من تلامذته وأصحابه ومريديه، وعرفه منهم معرفة وثيقة. قال في صدر ترجمته له: " الشّيخ الفقيه، العالم المُطلق، الزاهد الورع، بقيّة السّلف، وقدوة الخلف، نسيج وحده: أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم الحرالّي، التُّجِيبِيّ ".[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ويخرجُ من مراجعة ترجمة الحرالّي في كتب المغاربة (والأندلسيّين) والمشارقة معاً:[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]أنه وُلِدَ في مرّاكش، ودخل الأندلس، وخرج إلى المشرق فكانت له فرصة لقاء علماء كُثُرٍ في طريقه من أقصى المغرب إلى قلب المشرق، وأدّى فريضة الحج، وأخذ عن العلماء، وتلبّث في عدد من البلدان أكثر من غيرها: كإقامته في مصر، وفي بجاية.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وفي أخباره أنه بعد أن استقرّ في المغرب مدّة خرج ثانيةً إلى المشرق فجال فيه؛ وأقام مُدّةً في مصر، في مدينة بلبيس، ثم خرج من مصر، على طريقته في التنقّل، حتى وصل إلى عُمق بلاد الشام، واستقرّ في مدينة حماة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وفي خروجه الثاني ينقل الغبريني في ترجمته ما نصُّهُ (95) ذكر بعض الناس أنه لمّا رجع من المغرب إلى بلاد مصر كانت إقامته بـ (بلبيس) واجتمع عليه كبراء أهلها وأخذوا عنه واتبعوه؛ وكان قصده التوجّه إلى مدينة الرسول، ولم يتهيّأ له إليها مسير، فتوجه إلى الشام ولم يستصحب معه ولده ولا أحداً من أصحابه إلا زوجه خاصة، وذلك - والله أعلم - لما علم أنه يموت هنالك. فلمّا وصل إلى الشام كانت إقامته منها بـ (حماه) حرسها الله، فأقبل عليه أهلُها، وأخذوا عنه. فلمّا قَرُبَ موته قال لأصحابه: إذا كان اليوم الثاني عشر من شعبان نسافر عنكم. فقرب الشهر ولم يروا عليه أهبة السفر فتعجّبوا من ذلك.." ويستمر الخبر ليذكر مرض أبي الحسن المفاجئ، والذي تلاه وفاته بعد أذان عصر الثاني عشر من شعبان.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وقد ذكرت كتب التراجم من أسماء أصحابه (وتلامذته) عدداً فيهم: أبوعبد الله محمد بن إبراهيم السلاوي، وأبو محمد عبد العزيز كحيل، والفقيه أبو محمد عبد المنعم بن عتيق، وعبد الواحد، الكاتب المعروف بأبي دينار.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]3ـ أجمع الذين ترجموا للحرالّي على عدد من صفاته الحسنة وخصاله النبيلة من الزهد والورع، والاحتمال من الناس، والصّبر على الأذى وحسن معاملة من يعرف ومن لا يعرف؛ ورووا قصصاً وأخباراً تدل على هذه الصفات والخصال. قال الذهبي في تاريخ الإسلام (الطبقة الرابعة والستون 316): وكان من أحلم الناس يُضرب به المثل. وقال في " سير أعلام النبلاء " (33: 47): وكان يُضرب بحلمه المثل.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وفي صِفَتِه وبعض ما قيل فيه نقرأ للمَقَّرِي (نفح الطيب - محيي الدين 2: 391): وهو إمام ورع صالح زاهد، كان بقية السلف وقدوة الخلف، وقد زهد في الدنيا وتخلّى عنها... وروي عنه قوله: أقمتُ ملازماً لمجاهدة النفس سبعة أعوام حتى استوى عندي من يعطيني ديناراً ومن يزدريني.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ونقلت كتب تراجمه المطولة (كعنوان الدراية والنّفح) قصّة صبره على تصرفات أمّ ولده (وتسمّى كريمة) بما يدل على تلك الصفة فيه.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وممّا روي في هذا الباب، وله مغزى في حياته أنّ رجلاً راهن جماعة على أن يُخرج أبا الحسن الحرالّي فقالوا: لا تقدر ! فأتى وهو يَعِظُ الناس فصاح، وقال له: أنت أبوك كان يهوديّاً وأسلم. فنزل من الكرسيّ، فاعتقد الرجل أنه غضب، وأنه تمّ له ما أراد حتى وصل إليه فخلع مِرْطَيْهِ ([2]) عليه وأعطاه إياهما وقال له: " بَشّرك الله بالخير لأنك شهدت لأبي أنه كان مُسلماً "[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وروى الغبريني (ص88) من أخباره الدالة على حُسن خلقه أنه كان مُبتلًى بإطلاق الناس ألسنتهم عليه، وإسماعهم (إياه) ما لا يليق في جهته. فجاءه رجُلٌ يوماً وسكين نصلة في يده فقال له: علامَ تقتلني ؟ فقال له: قيل لي عنك إنك كافر ! فقال له: الناقلُ إن كان عندك كاذباً، فما يحلّ لك قتلي، وإن كان صادقاً فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله. فجدّد الرجل إيماناً بين يدي الشيخ (الحرالّي) وتاب على يديه، وصار من تلامذته. وهذا الخبر يفتح لنا الباب على جانب آخر.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]4ـ لقد كان الحرالّي، في أثناء حياته، بين نوعين من الناس: فريق معظّم له مقرّ بما عنده من العلوم، معترف بفضله، وزهده، وسمته، وحُسنِ علمه وعمله، وفريق آخر لا يجد له تلك الخصال، ويعدّه غريباً وربما زاد على ذلك.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ونقرأ في أخباره أن العزّ بن عبد السّلام (577-660) حين كان في مصر لقي الحرالّي، ورأى جزءاً من تفسيره بطلب منه فلما رآه وقلّب فيه قال: "أين قول مجاهد، أين قول قتادة، أين قول ابن عباس؟ وأكثر القول في هذا المعنى..." وحاول العزّ - وكان إمام الديار المصرية آنذاك - أنه يُخرج الحرالّي من مصر فلم يُتح له ذلك.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]قال الغِبريني بعد الخبر: "والشيخ رحمه الله سلك في تفسيره مسلك البيان والإيضاح على نحو ما يتقضيه علم العربية، وعِلْمُ تنقيح المعقول، وما يبقى وراء هذا سوى علم الأسباب التي عند النزول وعند الحاجة إليها لابدّ من ذكرها" انتهى بحروفه. لكن تفسيره وصف كما في نيل الابتهاج (319) بأنه: سلك في سبيل التحرير: تكلم عليه لفظة لفظة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ونقرأ في تاريخ الإسلام: " كان شيخُنا ابن تيمية وغيره يحطّ على كلامه ويقول: تصوفه على طريق الفلاسفة. ونسب المقرّي الحطّ على الحرالّي إلى الذّهبي، الذي ترجم له في أكثر من واحد من كتبه، فقال: وقع للذهبي في حقّه - يعني الحرالي - كلام على عادته في الحط على هذه الطائفة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وسبب هذا الحطّ كتابه الذي شرع في تأليفه مفسّراً به القرآن الكريم، ففي سير أعلام النبلاء: " عمل تفسيراً عجيباً ملأه باحتمالات لا يحتملها الخطاب العربيّ أصلاً "، و " تكلّم في علم الحروف والأعداد، وزعم أنه استخرج منه وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشمس من مغربها ". ثم قال: " ووعظ بحماه، وأقبلوا عليه..." و"كان شيخنا مجد الدين التّونسي يتغالى في تعظيم تفسيره، ورأيت علماء يحطّون عليه. والله أعلم بسرّه. وكان يضرب بعمله المثل". ثم قال: "وممّن يعظمه شيخنا شرف الدين ابن البارزي قاضي حماه...".[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وفي سير أعلام النبلاء " وله عبارة حلوة إلى الغاية وفصاحة وبيان، ورأيت شيخنا المجد التونسي يتغالى في تفسيره ورأيت غير واحد معظماً له وجماعة يتكلمون في عقيدته...".[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]فالحرالّي إذن بسبب أسلوبه وبيانه، وبسبب تجديده - كما يبدو والله أعلم - في منهج التفسير وغيره من العلوم التي مارسها وضع نفسه على محك التجربة فمن استوعب مقاصده وعرف كلامه أُعجب به وأعلن ذلك من العلماء والفقهاء، ومن رفض ذلك " الجديد " منه رماهُ على قدر معرفته أو على قدر بُعده عن الفهم.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ونجد الذهبي نفسه في ميزان الاعتدال (3: 114) يخفف لهجته ويقول مثلاً: " صنف تفسيراً وملأه بحقائقه ونتائج فكره ".[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ويقول في موضع آخر من ترجمته: " ويذكر عن أبي الحسن مشاركة قوية في الفضائل، وحلم مفرط وحُسْنُ سَمْت، ولا أعلمُ له رواية ".[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]على أنّ في العلماء وأصحاب كتب التراجم من ذكر له أعداداً من " الكرامات " في إطار من الكلام على زهده وورعه وتقواه. وفي ظلال محبة أصحابه وتلامذته، واستماع الناس إلى وعظه ومحاضراته، واعتراف نفر كثير من كبار العلماء بحقيقة علمه، ونقاء سريرته، وحسن سمته، وبلاغة كتابته، وقوّة ذكائه، وعمق فهمه.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وقد أورد الغِبريني للحرالّي حِزباً؛ فقال في ترجمته: " كانت له رحمه الله ورضي عنه أذكارٌ وأوراد. فمن جملة أذكاره حِزْبهُ الذي كان يلازمه بعد صلاة الصبح. كان رضي الله عنه يجلس في مصلاّة بعد صلاة الصبح ويقول... " الخ.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]5ـ لا نعرف سنة ولادة الحرالّي: فلم يذكرها أحد من الذين ترجموا له. ويصعب أن نقدّرها متى كانت، على الرغم من معرفتنا بسنة وفاته، لأن القرائن لدينا قليلة.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وقد كانت وفاته سنة 638هـ . فإذا نظرنا إلى أسفاره في المغرب والأندلس والمشرق، وقصده الديار المقدسة لأداء الفريضة، وعودته ثانية إلى المشرق؛ وإذا اعتبرنا لقاءه العلماء والفقهاء وما روي عنه في محاوراتهم، أو في محاضراتهم... تكوّنت لدينا قناعة بأنه تجاوز الستين من سنيّ العُمر. وكتبه الغزيرة المتنوّعة، وضخامة بعضها في ما رأينا، أو قرأنا عنها، ترشّح لهذا الاستنتاج التقريبي، وإن لم يقم عليه دليل.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ومعنى هذا أنه عاصر مدة من ازدهار دولة الموحدين التي ضمّت معظم بلاد المغرب والسودان الغربي إلى الأندلس... وعاصر أيضاً مدّة انحدار هذه الدولة وانهيارها، وقيام بعض الدول والدويلات على أنقاضها في الأندلس وأرض العُدوة معاً.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وقد اختلفت كتب التراجم في تعيين وفاته بين 637هـ و 638هـ . ومن لم يسمّ سنة قال إن وفاته كانت قبل 640هـ.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]على أن هناك تسجيلاً لوفاته باليوم والساعة والشهر والسنة قرأتها على غلاف كتابه شرح أسماء رسول الله في مخطوطات الظاهرية (مجموع 12224) وفيه:[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]" توفي بحماه المحروسة بعد عصر نهار الاثنين سلخ شهر رجب الفرد سنة ثمان وثلاثين وست مئة. ودفن ظاهر باب حمص بالتلّ في تربة بني البارزي "[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]6ـ كان الحرالي متعدّد الجوانب، غزير الحفظ، ذكي الفؤاد، قادراً على الاستنباط والتجديد؛ بليغ العبارة، رائق الأُسلوب.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وأخباره التي وصلت إلينا، وكتبه الباقية، وأسماء سائر كتبه التي لم تصل تشير إلى رجل باحثٍ، عالمٍ، مفكّر، مجدّد، كما تشير في الوقت نفسه إلى زاهد في الدنيا، واعظ للنّاس، عالم عامل.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وفي ثقافة الحرالّي: علوم القرآن، وعلوم الحديث، والتفسير، والفقه: معقوله ومنقوله، والتصوف، والمنطق والطبيعيات والإلهيات، وعلم الفرائض، واللغة، وعلم أصول الفقه، وعلم الكلام، قال الغبريني: أخبرني شيخنا أبو محمد عبد الحقّ رحمه الله قال لي: كنا نقرأ عليه (يعني الحرالّي) كتاب النجاة لأبي علي بن سينا فكان ينقضُ عراه نقضاً وذلك بعد أن يوضح منه ما يليق، ويقرّره بأحسن طريق، ثم ينقضه ويوهنه.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وزاد في موضع آخر من ترجمته " وما من علم إلا وله فيه تصنيف وتأليف وهو من أحسن التصانيف وأجلّ التآليف، ولعمري إن كتابه في علم الفرائض المسمّى بالوافي ما رأيتُ مثله في ذلك الفن، لأنه أعطى الفرائض موصّلة مفصّلة، معللة بأخصر بيان وأوضح تبيان، وكذلك كل ما طالعته من كلامه في أُصول الفقه، وأصول الدين وعلم المنطق وعلم العربية وعلم التصوف وعلم الفرائض وغير ذلك من سائر ما تحدّث فيه رضي الله عنه له فيه التقدم والتحكم ".[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ونقرأ في تراجمه أن البقاعي نسجَ كتابه " الدّرر في تناسب الآيات والسور " المعروف بالمناسبات على تفسير الحرالّي المذكور.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وتحدّث بعض الذين ترجموا للحرالّي عن ارتياده فن الشعر، ونظمه الذي اشتهر بين أصحابه، وذاع بعضه في الناس.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وممّا نقله الغبريني من شعره في التحقيق قوله (ص96):[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ومُذ عنك غبنا ذلك العام إننا [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وشمس على المعنى تطالع أفقنا[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ومسّت يدانا جوهراً منه ركّبت [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]فما السرّ والمعنى وما الشمس قل لنا[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]حللنا وجوداً اسمُه عندنا الغضا [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]تركنا البحار الزاخرات وراءنا[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]نزلنا على بحر وساحله معنى [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]فمغربها فينا، ومشرقها مِنّا [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]نفوس لنا لما صفت فتجوهرنا[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وما غاية البحر الذي عنه عبّرنا[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]يضيق بنا وسعاً ونحن فما ضقنا [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]فمن أين يدري الناس أين توجهنا ؟[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ومن شعره أيضاً (الغبريني 96-97):[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ما لنا منا سوى الحال العدم[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]نحن بنيان بنته حكمة [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]نحن كتب الله ما يقرؤها[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]أحرف الكتب الذي أبدعه[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]أشرقت أنفسنا من نوره[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]فرق الأنفس ([3]) عن عالمها [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ليس يدري من أنا إلا أنا [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]عجباً للكل في ما يدّعي [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]كلما رمت بذاتي وصلةً [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]يقطعاني بخيالات الفنا[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ولبارينا وجودٌ وقِدَم [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وخليقٌ بالبنا أن ينهدم [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]غير من يعرف ما معنى القلم[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]كلما لاحت معانيه انعجم [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]فوجود الكلّ عن فيض الكرم[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]باختباء ليس تدنيه الهمم[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]ها هنا الفهم عن العقل انبهم [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وتأتّي الكل إلا ما حكم [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]صار لي العقل مع العلم جلم ([4])[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]عن وجود لم يقيّد بعدم ! [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]- وفي نفح الطيب تحت عنوان (رقيقة): " قال لي محمد بن الواحد الرباطي، قال لي محمد بن عبد السيّد الطرابلسي: دخلت علي أبي الحسن الحراني ([5]) فقلتُ له: كيف أصبحت، فأنشد:[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]أصبحتُ ألطف من مَرّ النسيم سوى[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]من كل معنة لطيف أحتسي قدحاً[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]على الرّياض يكاد الوهمُ يؤلمني [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وكل ناطقة في الكون تطربني[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot] [/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]- قلت: لعل هذا الشعر من نظم الحرالّي نفسه، فإن فيه نفَس القوم.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]مؤلَّفات الحرالّي:[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]1) الأَغْنى في شرح أسماء الله الحُسنى[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]كتاب الحرالي في أسماء الله الحسنى هو من الكتب النفيسة في هذا الموضوع، على كثرة ما ألّف فيه. وهو كتاب كبير ذكر فيه 99 اسماً من أسماء الله الحُسنى، سالكاً مسلكاً متقارباً في الكلام على كل اسم من أسمائه سبحانه وتعالى.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]وهو كتاب يدل على معرفة المؤلف باللغة وعلى ثقافته الإسلامية الواسعة، وهو مَعْرِضٌ لأسلوبه المتقن المعجب، ولفتاته ولمحاته وإشاراته واستنباطاته.[/font][font=&quot][/font]</p><p> [font=&quot]والمؤلف يكثر من ذكر الآيات الكريمة إيضاحاً لمقاصده وهو يتحدث عن الأسماء الحُسنى: عن خبرة وحفظ تام، وإدراك عالٍ جدّاً للمعاني والمقاصد. </p><p>[/font]</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 67634, member: 329"] [font="]أبو الحسن عليّ بن محمد الحرالّي المراكشي[/font][font="][/font] [font="]شخصية اخترقـت المكـان إلـى المكــان والزمان إلى الزمان[/font] [font="] [/font] [font="] كانت حياة الحَرَالّي كما يرسمها ما لدينا من تراجمه وأخباره حياةً حافلةً: شرّق فيها وغرَّب، وتنقّل في بلاد المسلمين وأقام، واستقرّ وتغرّب، ولقي الحفاوة والتكريم، وعرف من الناس الإعجاب والتقدير؛ وأصابه أيضاً شيء من الإزعاج من الدَّهماء حيناً ومن أهل العلم في زمانه أحياناً أخرى؛ وكان بعضُ هذا الإزعاج مُسرفاً في التَّجنّي.[/font][font="][/font] [font="]وإذا استعرنا عباراتٍ ممّا هو دارجٌ اليوم قلنا: إنه كان شخصيّة "دراميّة"؛ بما عانى من الأسفار، وما لقي من ظروف وأحوال، ومن لقي من الرّجال؛ على اختلاف درجاتهم؛ وبتغرّب أهله الأندلسيّين، فإنه وُلِدَ في مدينةٍ من أقاصي المغرب (في مرّاكش) كما سنبيّن، وتوفّي في مدينة من أقاصي الشام (في حماه).[/font][font="][/font] [font="]وتشكّلت شخصيّةُ أبي الحسن الحَرَالّي من ظروف ثقافية واجتماعية في بيئات جغرافية وحياتية مختلفة، وظهرت للناس في ما يُحَدِّثُ ويُدرّس ويؤلف ويناقش: شخصيةً ناضجةً مكتملةً، حنّكتها ألوانُ المعرفةِ الكثيرةِ الغزيرة، وصَقَلتْها معرفةُ النّاس ووضعتها في الصُّورة النّهائية إرادةٌ صارمة مالت بصاحبها إلى الزهد في الدُّنيا، والالتفات إلى الأُخرى.[/font][font="][/font] [font="]وإذا كان صدور الكتاب - أي كتاب - يثلج صدر مؤلفه أو محقّقه فإنه يسرّني حقاً أن أكون في جملة المعتنين بآثار الحرالّي، ولعلي أكون البادئ في نفض الغبار عن الباقي من آثاره[1]، لافتاً إليه أنظار أهل العلم والفكر والثقافة ومنبّهاً إليه لإحياء تراثه، ووضعه بين أيدي الباحثين والمتابعين: بإحياءٍ لذكرى عالمٍ فاضلٍ، وواحدٍ من بقية أهل العلم الذين طلعت بهم الأندلس على الدنيا.[/font][font="][/font] [font="]1ـ لم يزد تعريفُ المراجع بقرية حَرَالّة على عبارة قصيرة، ليس فيها تفصيل ولا زيادة دلالة سوى أنها من أعمال مدينة مُرْسية.[/font][font="][/font] [font="]ومُرْسِية مدينة ساحليّةٌ مطلّة من شرق الأندلس على البحر المتوسط؛ وهي في التقسيمات الإدارية الأندلسية من أعمال كورة تُدمير. ومن مرسية ظهر عدد كبير من العلماء والفقهاء، وبرز منها عدد من أهل التصوّف من مثل أبي العباس المرسي ومحيي الدين بن عربيّ، وغيرهم.[/font][font="][/font] [font="]وحرالّة كانت الموطن الأصلي لأُسرةِ أبي الحَسن، والذي وُلِدَ بعيداً عن حرالة ومرسية في أقاصي المغرب بمدينة مرّاكش.[/font][font="][/font] [font="]ولا نعرف شيئاً عن أحوال أسرته، ولا أخبار أهله، ولا نعرف لماذا انتقلوا من حرالة، أو الشرق الأندلسي إلى مراكش.[/font][font="][/font] [font="]ولنا أن نقدّر أنّ ربّ الأسرة كان يشتغل بعملٍ يقتضيه التنقّل في أرجاء الدّولة؛ في زمان كانت فيه الوحدةُ شاملةً بين بلاد المغرب والأندلس، أيام الدولة الموحّديّة.[/font][font="][/font] [font="]ومن الرَّجم بالغيب محاولة معرفة نوع ذلك العمل الذي كان يمارسه والد أبي الحسن، وإن كان يخطر في البال أن يكون أبوه، أو كبيرٌ في الأسرة، ممّن يشتغلون بالعلم، أو الكتابة، أو القضاء، وما شابه ذلك ممّا يدور في فلك الفكر والثقافة أو التعليم أو القضاء …[/font][font="][/font] [font="]ونظرة نُلقيها على مؤلّفات أبي الحسن، في أسمائها التي ذكرتها كتب التراجم أو في نسخها التي بقيت في خزائن المخطوطات تدلّ على نوع راق من التعليم والمطالعة والتّحصيل في فنون شتّى من العلوم العقلية والنقلية، إلى فنون متعدّدة مختلفة من ألوان النشاط الفكري والثقافي عامّة.[/font][font="][/font] [font="]وبعد أن استوفَى الحرالّي ما هو متوفّر بمرّاكش من العلوم ضرب في الأرض غرباً وشرقاً، ونجِدُ في أخباره أنّه دخل الأندلس فأخذ عن عدد من علمائها من مثل ابن خروف وأبي الحجّاج بن نموي، كما أخذ عن شيخ الحرم أبي عبد الله محمد القرطبي. ورحل إلى المشرق، فازداد خبرة ومعرفة، واحتكاكاً بأهل العلم من كل اتجاه، ومن كل لون، وفي بلادٍ كثيرة.[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]2ـ حلّى الغبريني في عنوان الدراية صاحبنا أبا الحسن الحرالّي بعبارات حسنة فيها تقدير وتكريم، وهي في الوقت نفسه عبارات صدرت عن خبير، عارف بأخبار الرجل، فقد لقي عدداً من تلامذته وأصحابه ومريديه، وعرفه منهم معرفة وثيقة. قال في صدر ترجمته له: " الشّيخ الفقيه، العالم المُطلق، الزاهد الورع، بقيّة السّلف، وقدوة الخلف، نسيج وحده: أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم الحرالّي، التُّجِيبِيّ ".[/font][font="][/font] [font="]ويخرجُ من مراجعة ترجمة الحرالّي في كتب المغاربة (والأندلسيّين) والمشارقة معاً:[/font][font="][/font] [font="]أنه وُلِدَ في مرّاكش، ودخل الأندلس، وخرج إلى المشرق فكانت له فرصة لقاء علماء كُثُرٍ في طريقه من أقصى المغرب إلى قلب المشرق، وأدّى فريضة الحج، وأخذ عن العلماء، وتلبّث في عدد من البلدان أكثر من غيرها: كإقامته في مصر، وفي بجاية.[/font][font="][/font] [font="]وفي أخباره أنه بعد أن استقرّ في المغرب مدّة خرج ثانيةً إلى المشرق فجال فيه؛ وأقام مُدّةً في مصر، في مدينة بلبيس، ثم خرج من مصر، على طريقته في التنقّل، حتى وصل إلى عُمق بلاد الشام، واستقرّ في مدينة حماة.[/font][font="][/font] [font="]وفي خروجه الثاني ينقل الغبريني في ترجمته ما نصُّهُ (95) ذكر بعض الناس أنه لمّا رجع من المغرب إلى بلاد مصر كانت إقامته بـ (بلبيس) واجتمع عليه كبراء أهلها وأخذوا عنه واتبعوه؛ وكان قصده التوجّه إلى مدينة الرسول، ولم يتهيّأ له إليها مسير، فتوجه إلى الشام ولم يستصحب معه ولده ولا أحداً من أصحابه إلا زوجه خاصة، وذلك - والله أعلم - لما علم أنه يموت هنالك. فلمّا وصل إلى الشام كانت إقامته منها بـ (حماه) حرسها الله، فأقبل عليه أهلُها، وأخذوا عنه. فلمّا قَرُبَ موته قال لأصحابه: إذا كان اليوم الثاني عشر من شعبان نسافر عنكم. فقرب الشهر ولم يروا عليه أهبة السفر فتعجّبوا من ذلك.." ويستمر الخبر ليذكر مرض أبي الحسن المفاجئ، والذي تلاه وفاته بعد أذان عصر الثاني عشر من شعبان.[/font][font="][/font] [font="]وقد ذكرت كتب التراجم من أسماء أصحابه (وتلامذته) عدداً فيهم: أبوعبد الله محمد بن إبراهيم السلاوي، وأبو محمد عبد العزيز كحيل، والفقيه أبو محمد عبد المنعم بن عتيق، وعبد الواحد، الكاتب المعروف بأبي دينار.[/font][font="][/font] [font="]3ـ أجمع الذين ترجموا للحرالّي على عدد من صفاته الحسنة وخصاله النبيلة من الزهد والورع، والاحتمال من الناس، والصّبر على الأذى وحسن معاملة من يعرف ومن لا يعرف؛ ورووا قصصاً وأخباراً تدل على هذه الصفات والخصال. قال الذهبي في تاريخ الإسلام (الطبقة الرابعة والستون 316): وكان من أحلم الناس يُضرب به المثل. وقال في " سير أعلام النبلاء " (33: 47): وكان يُضرب بحلمه المثل.[/font][font="][/font] [font="]وفي صِفَتِه وبعض ما قيل فيه نقرأ للمَقَّرِي (نفح الطيب - محيي الدين 2: 391): وهو إمام ورع صالح زاهد، كان بقية السلف وقدوة الخلف، وقد زهد في الدنيا وتخلّى عنها... وروي عنه قوله: أقمتُ ملازماً لمجاهدة النفس سبعة أعوام حتى استوى عندي من يعطيني ديناراً ومن يزدريني.[/font][font="][/font] [font="]ونقلت كتب تراجمه المطولة (كعنوان الدراية والنّفح) قصّة صبره على تصرفات أمّ ولده (وتسمّى كريمة) بما يدل على تلك الصفة فيه.[/font][font="][/font] [font="]وممّا روي في هذا الباب، وله مغزى في حياته أنّ رجلاً راهن جماعة على أن يُخرج أبا الحسن الحرالّي فقالوا: لا تقدر ! فأتى وهو يَعِظُ الناس فصاح، وقال له: أنت أبوك كان يهوديّاً وأسلم. فنزل من الكرسيّ، فاعتقد الرجل أنه غضب، وأنه تمّ له ما أراد حتى وصل إليه فخلع مِرْطَيْهِ ([2]) عليه وأعطاه إياهما وقال له: " بَشّرك الله بالخير لأنك شهدت لأبي أنه كان مُسلماً "[/font][font="][/font] [font="]وروى الغبريني (ص88) من أخباره الدالة على حُسن خلقه أنه كان مُبتلًى بإطلاق الناس ألسنتهم عليه، وإسماعهم (إياه) ما لا يليق في جهته. فجاءه رجُلٌ يوماً وسكين نصلة في يده فقال له: علامَ تقتلني ؟ فقال له: قيل لي عنك إنك كافر ! فقال له: الناقلُ إن كان عندك كاذباً، فما يحلّ لك قتلي، وإن كان صادقاً فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله. فجدّد الرجل إيماناً بين يدي الشيخ (الحرالّي) وتاب على يديه، وصار من تلامذته. وهذا الخبر يفتح لنا الباب على جانب آخر.[/font][font="][/font] [font="]4ـ لقد كان الحرالّي، في أثناء حياته، بين نوعين من الناس: فريق معظّم له مقرّ بما عنده من العلوم، معترف بفضله، وزهده، وسمته، وحُسنِ علمه وعمله، وفريق آخر لا يجد له تلك الخصال، ويعدّه غريباً وربما زاد على ذلك.[/font][font="][/font] [font="]ونقرأ في أخباره أن العزّ بن عبد السّلام (577-660) حين كان في مصر لقي الحرالّي، ورأى جزءاً من تفسيره بطلب منه فلما رآه وقلّب فيه قال: "أين قول مجاهد، أين قول قتادة، أين قول ابن عباس؟ وأكثر القول في هذا المعنى..." وحاول العزّ - وكان إمام الديار المصرية آنذاك - أنه يُخرج الحرالّي من مصر فلم يُتح له ذلك.[/font][font="][/font] [font="]قال الغِبريني بعد الخبر: "والشيخ رحمه الله سلك في تفسيره مسلك البيان والإيضاح على نحو ما يتقضيه علم العربية، وعِلْمُ تنقيح المعقول، وما يبقى وراء هذا سوى علم الأسباب التي عند النزول وعند الحاجة إليها لابدّ من ذكرها" انتهى بحروفه. لكن تفسيره وصف كما في نيل الابتهاج (319) بأنه: سلك في سبيل التحرير: تكلم عليه لفظة لفظة.[/font][font="][/font] [font="]ونقرأ في تاريخ الإسلام: " كان شيخُنا ابن تيمية وغيره يحطّ على كلامه ويقول: تصوفه على طريق الفلاسفة. ونسب المقرّي الحطّ على الحرالّي إلى الذّهبي، الذي ترجم له في أكثر من واحد من كتبه، فقال: وقع للذهبي في حقّه - يعني الحرالي - كلام على عادته في الحط على هذه الطائفة.[/font][font="][/font] [font="]وسبب هذا الحطّ كتابه الذي شرع في تأليفه مفسّراً به القرآن الكريم، ففي سير أعلام النبلاء: " عمل تفسيراً عجيباً ملأه باحتمالات لا يحتملها الخطاب العربيّ أصلاً "، و " تكلّم في علم الحروف والأعداد، وزعم أنه استخرج منه وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشمس من مغربها ". ثم قال: " ووعظ بحماه، وأقبلوا عليه..." و"كان شيخنا مجد الدين التّونسي يتغالى في تعظيم تفسيره، ورأيت علماء يحطّون عليه. والله أعلم بسرّه. وكان يضرب بعمله المثل". ثم قال: "وممّن يعظمه شيخنا شرف الدين ابن البارزي قاضي حماه...".[/font][font="][/font] [font="]وفي سير أعلام النبلاء " وله عبارة حلوة إلى الغاية وفصاحة وبيان، ورأيت شيخنا المجد التونسي يتغالى في تفسيره ورأيت غير واحد معظماً له وجماعة يتكلمون في عقيدته...".[/font][font="][/font] [font="]فالحرالّي إذن بسبب أسلوبه وبيانه، وبسبب تجديده - كما يبدو والله أعلم - في منهج التفسير وغيره من العلوم التي مارسها وضع نفسه على محك التجربة فمن استوعب مقاصده وعرف كلامه أُعجب به وأعلن ذلك من العلماء والفقهاء، ومن رفض ذلك " الجديد " منه رماهُ على قدر معرفته أو على قدر بُعده عن الفهم.[/font][font="][/font] [font="]ونجد الذهبي نفسه في ميزان الاعتدال (3: 114) يخفف لهجته ويقول مثلاً: " صنف تفسيراً وملأه بحقائقه ونتائج فكره ".[/font][font="][/font] [font="]ويقول في موضع آخر من ترجمته: " ويذكر عن أبي الحسن مشاركة قوية في الفضائل، وحلم مفرط وحُسْنُ سَمْت، ولا أعلمُ له رواية ".[/font][font="][/font] [font="]على أنّ في العلماء وأصحاب كتب التراجم من ذكر له أعداداً من " الكرامات " في إطار من الكلام على زهده وورعه وتقواه. وفي ظلال محبة أصحابه وتلامذته، واستماع الناس إلى وعظه ومحاضراته، واعتراف نفر كثير من كبار العلماء بحقيقة علمه، ونقاء سريرته، وحسن سمته، وبلاغة كتابته، وقوّة ذكائه، وعمق فهمه.[/font][font="][/font] [font="]وقد أورد الغِبريني للحرالّي حِزباً؛ فقال في ترجمته: " كانت له رحمه الله ورضي عنه أذكارٌ وأوراد. فمن جملة أذكاره حِزْبهُ الذي كان يلازمه بعد صلاة الصبح. كان رضي الله عنه يجلس في مصلاّة بعد صلاة الصبح ويقول... " الخ.[/font][font="][/font] [font="]5ـ لا نعرف سنة ولادة الحرالّي: فلم يذكرها أحد من الذين ترجموا له. ويصعب أن نقدّرها متى كانت، على الرغم من معرفتنا بسنة وفاته، لأن القرائن لدينا قليلة.[/font][font="][/font] [font="]وقد كانت وفاته سنة 638هـ . فإذا نظرنا إلى أسفاره في المغرب والأندلس والمشرق، وقصده الديار المقدسة لأداء الفريضة، وعودته ثانية إلى المشرق؛ وإذا اعتبرنا لقاءه العلماء والفقهاء وما روي عنه في محاوراتهم، أو في محاضراتهم... تكوّنت لدينا قناعة بأنه تجاوز الستين من سنيّ العُمر. وكتبه الغزيرة المتنوّعة، وضخامة بعضها في ما رأينا، أو قرأنا عنها، ترشّح لهذا الاستنتاج التقريبي، وإن لم يقم عليه دليل.[/font][font="][/font] [font="]ومعنى هذا أنه عاصر مدة من ازدهار دولة الموحدين التي ضمّت معظم بلاد المغرب والسودان الغربي إلى الأندلس... وعاصر أيضاً مدّة انحدار هذه الدولة وانهيارها، وقيام بعض الدول والدويلات على أنقاضها في الأندلس وأرض العُدوة معاً.[/font][font="][/font] [font="]وقد اختلفت كتب التراجم في تعيين وفاته بين 637هـ و 638هـ . ومن لم يسمّ سنة قال إن وفاته كانت قبل 640هـ.[/font][font="][/font] [font="]على أن هناك تسجيلاً لوفاته باليوم والساعة والشهر والسنة قرأتها على غلاف كتابه شرح أسماء رسول الله في مخطوطات الظاهرية (مجموع 12224) وفيه:[/font][font="][/font] [font="]" توفي بحماه المحروسة بعد عصر نهار الاثنين سلخ شهر رجب الفرد سنة ثمان وثلاثين وست مئة. ودفن ظاهر باب حمص بالتلّ في تربة بني البارزي "[/font][font="][/font] [font="]6ـ كان الحرالي متعدّد الجوانب، غزير الحفظ، ذكي الفؤاد، قادراً على الاستنباط والتجديد؛ بليغ العبارة، رائق الأُسلوب.[/font][font="][/font] [font="]وأخباره التي وصلت إلينا، وكتبه الباقية، وأسماء سائر كتبه التي لم تصل تشير إلى رجل باحثٍ، عالمٍ، مفكّر، مجدّد، كما تشير في الوقت نفسه إلى زاهد في الدنيا، واعظ للنّاس، عالم عامل.[/font][font="][/font] [font="]وفي ثقافة الحرالّي: علوم القرآن، وعلوم الحديث، والتفسير، والفقه: معقوله ومنقوله، والتصوف، والمنطق والطبيعيات والإلهيات، وعلم الفرائض، واللغة، وعلم أصول الفقه، وعلم الكلام، قال الغبريني: أخبرني شيخنا أبو محمد عبد الحقّ رحمه الله قال لي: كنا نقرأ عليه (يعني الحرالّي) كتاب النجاة لأبي علي بن سينا فكان ينقضُ عراه نقضاً وذلك بعد أن يوضح منه ما يليق، ويقرّره بأحسن طريق، ثم ينقضه ويوهنه.[/font][font="][/font] [font="]وزاد في موضع آخر من ترجمته " وما من علم إلا وله فيه تصنيف وتأليف وهو من أحسن التصانيف وأجلّ التآليف، ولعمري إن كتابه في علم الفرائض المسمّى بالوافي ما رأيتُ مثله في ذلك الفن، لأنه أعطى الفرائض موصّلة مفصّلة، معللة بأخصر بيان وأوضح تبيان، وكذلك كل ما طالعته من كلامه في أُصول الفقه، وأصول الدين وعلم المنطق وعلم العربية وعلم التصوف وعلم الفرائض وغير ذلك من سائر ما تحدّث فيه رضي الله عنه له فيه التقدم والتحكم ".[/font][font="][/font] [font="]ونقرأ في تراجمه أن البقاعي نسجَ كتابه " الدّرر في تناسب الآيات والسور " المعروف بالمناسبات على تفسير الحرالّي المذكور.[/font][font="][/font] [font="]وتحدّث بعض الذين ترجموا للحرالّي عن ارتياده فن الشعر، ونظمه الذي اشتهر بين أصحابه، وذاع بعضه في الناس.[/font][font="][/font] [font="]وممّا نقله الغبريني من شعره في التحقيق قوله (ص96):[/font][font="][/font] [font="]ومُذ عنك غبنا ذلك العام إننا [/font][font="][/font] [font="]وشمس على المعنى تطالع أفقنا[/font][font="][/font] [font="]ومسّت يدانا جوهراً منه ركّبت [/font][font="][/font] [font="]فما السرّ والمعنى وما الشمس قل لنا[/font][font="][/font] [font="]حللنا وجوداً اسمُه عندنا الغضا [/font][font="][/font] [font="]تركنا البحار الزاخرات وراءنا[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]نزلنا على بحر وساحله معنى [/font][font="][/font] [font="]فمغربها فينا، ومشرقها مِنّا [/font][font="][/font] [font="]نفوس لنا لما صفت فتجوهرنا[/font][font="][/font] [font="]وما غاية البحر الذي عنه عبّرنا[/font][font="][/font] [font="]يضيق بنا وسعاً ونحن فما ضقنا [/font][font="][/font] [font="]فمن أين يدري الناس أين توجهنا ؟[/font][font="][/font] [font="] [/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]ومن شعره أيضاً (الغبريني 96-97):[/font][font="][/font] [font="]ما لنا منا سوى الحال العدم[/font][font="][/font] [font="]نحن بنيان بنته حكمة [/font][font="][/font] [font="]نحن كتب الله ما يقرؤها[/font][font="][/font] [font="]أحرف الكتب الذي أبدعه[/font][font="][/font] [font="]أشرقت أنفسنا من نوره[/font][font="][/font] [font="]فرق الأنفس ([3]) عن عالمها [/font][font="][/font] [font="]ليس يدري من أنا إلا أنا [/font][font="][/font] [font="]عجباً للكل في ما يدّعي [/font][font="][/font] [font="]كلما رمت بذاتي وصلةً [/font][font="][/font] [font="]يقطعاني بخيالات الفنا[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]ولبارينا وجودٌ وقِدَم [/font][font="][/font] [font="]وخليقٌ بالبنا أن ينهدم [/font][font="][/font] [font="]غير من يعرف ما معنى القلم[/font][font="][/font] [font="]كلما لاحت معانيه انعجم [/font][font="][/font] [font="]فوجود الكلّ عن فيض الكرم[/font][font="][/font] [font="]باختباء ليس تدنيه الهمم[/font][font="][/font] [font="]ها هنا الفهم عن العقل انبهم [/font][font="][/font] [font="]وتأتّي الكل إلا ما حكم [/font][font="][/font] [font="]صار لي العقل مع العلم جلم ([4])[/font][font="][/font] [font="]عن وجود لم يقيّد بعدم ! [/font][font="][/font] [font="] [/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]- وفي نفح الطيب تحت عنوان (رقيقة): " قال لي محمد بن الواحد الرباطي، قال لي محمد بن عبد السيّد الطرابلسي: دخلت علي أبي الحسن الحراني ([5]) فقلتُ له: كيف أصبحت، فأنشد:[/font][font="][/font] [font="]أصبحتُ ألطف من مَرّ النسيم سوى[/font][font="][/font] [font="]من كل معنة لطيف أحتسي قدحاً[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]على الرّياض يكاد الوهمُ يؤلمني [/font][font="][/font] [font="]وكل ناطقة في الكون تطربني[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]- قلت: لعل هذا الشعر من نظم الحرالّي نفسه، فإن فيه نفَس القوم.[/font][font="][/font] [font="]مؤلَّفات الحرالّي:[/font][font="][/font] [font="]1) الأَغْنى في شرح أسماء الله الحُسنى[/font][font="][/font] [font="]كتاب الحرالي في أسماء الله الحسنى هو من الكتب النفيسة في هذا الموضوع، على كثرة ما ألّف فيه. وهو كتاب كبير ذكر فيه 99 اسماً من أسماء الله الحُسنى، سالكاً مسلكاً متقارباً في الكلام على كل اسم من أسمائه سبحانه وتعالى.[/font][font="][/font] [font="]وهو كتاب يدل على معرفة المؤلف باللغة وعلى ثقافته الإسلامية الواسعة، وهو مَعْرِضٌ لأسلوبه المتقن المعجب، ولفتاته ولمحاته وإشاراته واستنباطاته.[/font][font="][/font] [font="]والمؤلف يكثر من ذكر الآيات الكريمة إيضاحاً لمقاصده وهو يتحدث عن الأسماء الحُسنى: عن خبرة وحفظ تام، وإدراك عالٍ جدّاً للمعاني والمقاصد. [/font] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم القرآن و القراءات و التجويد
ركن علم الإجازات والأسانيد والتراجم
موسوعة التراجم المغربية