شرح الحديث الـ 189 من أكل ناسيا

طباعة الموضوع

ابن عامر الشامي

وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
إنضم
20 ديسمبر 2010
المشاركات
10,237
النقاط
38
الإقامة
المملكة المغربية
احفظ من كتاب الله
بين الدفتين
احب القراءة برواية
رواية حفص عن عاصم
القارئ المفضل
سعود الشريم
الجنس
اخ
شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 211 في الاعتكاف في العشر الأواخر



عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


شرح الحديث الـ 211

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ , حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ .
وَفِي لَفْظٍ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ .

فيه مسائل :

1 = في حديث أبي سعيد " كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ " .
وفي رواية : " اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر الأول من رمضان " .
فهذا إخبار عما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم كان آخر الأمر منه أن اعتَكَف فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَان ، ويدلّ عليه ما في حديث عائشة رضي الله عنها : حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .

2 = هل فيه دليل على وُجوب الصيام للاعتكاف ؟
الجواب : لا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى اعتكافه في شوال ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها .
وسيأتي في حديث عمر رضي الله عنه أنه نذر أن يعتكف ليلة ، ويأتي تفصيل المسألة هناك .

3 = اعتكافه صلى الله عليه وسلم كان في مسجده ، بحيث تُضرب له خيمة ، وهي المراد في الرواية الثانية : فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ .
وفي رواية للنسائي في الكبرى : قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل في المكان الذي يريد أن يعتكف فيه ، فأراد أن يعتكف العشر الأواخر مِن رَمضان ، فأمَر فَضُرِب له خِباء .

4 = اسْتُدِلّ به مع حديث : " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة . رواه البيهقي " على أنه لا اعتكاف إلاّ في الحرمين والأقصى .
قال ابن عبد البر : فذهب قوم إلى أن الآية خَرَجت على نَوع مِن المساجد ، وإن كان لفظه العموم ، فقالوا : لا اعتكاف إلاَّ في مسجد نَبِيّ ، كَالْكَعْبَة ، أو مسجد الرسول ، أو بيت المقدس لا غير .
ورُوي هذا القول عن حذيفة بن اليمان وسعيد بن المسيب ...
وقال آخرون : الاعتكاف في كل مسجد جائز ...
وهو قول الشافعي وأبي حنيفة والثوري ، وهو أحد قولي مالك ، وبِه يقول ابن عُلية وداود والطبري .
وحجتهم حَمْل الآية على عُمومها في كل مسجد . اهـ .
وقول جمهور أهل العِلْم على جواز الاعتكاف في كل مسجد .
وأجابوا عَمَّا في هذا الحديث : بأنه الأفضل والأكمل أن يكون في المساجد الثلاثة .
قَالَ الإمام مَالِك في الموطأ : الأمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لا اخْتِلافَ فِيهِ : أَنَّهُ لا يُكْرَهُ الاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ يُجَمَّعُ فِيهِ ، وَلا أُرَاهُ كُرِهَ الاعْتِكَافُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي لا يُجَمَّعُ فِيهَا إِلاَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مَسْجِدِهِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ أَوْ يَدَعَهَا ، فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا لا يُجَمَّعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَلا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدٍ سِوَاهُ ، فَإِنِّي لا أَرَى بَأْسًا بِالاعْتِكَافِ فِيهِ ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَال : (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) ، فَعَمَّ اللَّهُ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْهَا .

5 = لا يصح الاعتكاف في البيوت .
قال ابن عباس رضى الله عنهما : إن أبغض الأمور إلى الله البِدَع ، وإن مِن البِدَع الاعتكاف في المساجد التى في الدور . رواه البيهقي .
قال ابن رجب : ومساجد البيوت لا يثبت لها أحكام المساجد عندَ جمهور العلماء .

6 = " فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ " يعني : صلاة الفجر .

7 = جواز اعتكاف النساء في المساجد إذا أُمِنت الفتنة ، وأمِنّ مِن الانكشاف .
قال النووي : الاعتكاف لا يصح إلاَّ في المسجد ؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم وأزواجه وأصحابه إنما اعتكفوا في المسجد مع المشقة في مُلازمته ، فلو جاز في البيت لفعلوه ولو مَرّة ، لا سيما النساء ، لأن حاجتهن إليه في البيوت أكثر . وهذا الذي ذكرناه من اختصاصه بالمسجد وأنه لا يصح في غيره ، هو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود ، والجمهور سواء الرجل والمرأة . اهـ .

وبالله تعالى التوفيق .
 

ابن عامر الشامي

وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
إنضم
20 ديسمبر 2010
المشاركات
10,237
النقاط
38
الإقامة
المملكة المغربية
احفظ من كتاب الله
بين الدفتين
احب القراءة برواية
رواية حفص عن عاصم
القارئ المفضل
سعود الشريم
الجنس
اخ
شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 212 في خروج المعتكف أو خروج بعض جسده



عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


شرح الحديث الـ 212

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ , وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ . وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا : يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ .
وَفِي رِوَايَةٍ : وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ .
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : إنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلاَّ وَأَنَا مَارَّة " .

فيه مسائل :

1 = تُرجِّل ، أي : تُسرِّح شَعْرَه .

2 = فيه خِدمة المرأة لزوجها بالمعروف ، وأنه ليس فيه ابتذال ولا امتهان للمرأة .
قال النووي : فيه جواز استخدام الزوجة في الغسل والطبخ والخبز وغيرها بِرِضَاها ، وعلى هذا تظاهرت دلائل السنة وعمل السلف وإجماع الأمة . اهـ .
وقال الحافظ العراقي : فيه أنه لا بأس باستخدام الزوجة في مثل ذلك ، وأنه ليس فيه نَقْص ، ولا هَتْك حُرْمَة ، ولا إضرار بها . اهـ .

3 = " يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ " قال النووي : فيه أن المعتكف إذا خَرَج بعضه مِن المسجد ، كَيَدِه ورِجْلِه ورَأسه لم يبطل اعتكافه ، وأنّ مَن حَلَف أن لا يَدْخُل دَارًا ، أو لا يخرج منها ، فأدْخَل أوْ أخْرَج بَعْضَه ، لا يحنث . اهـ .

4 = فيه دليل على طهارة بَدَن الحائض ، ومثله قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة : ناوليني الخمرة مِن المسجد . قالت : فقلت : إني حائض ، فقال : إن حيضتك ليست في يدك . رواه مسلم .
قال ابن عبد البر : فَدَلّ هذا على أن كل عضو منها ليس فيه نجاسة فهو طاهر . اهـ .

5 = قُرْب بيته صلى الله عليه وسلم من المسجد ، ولذا تمّ إدخال بيته صلى الله عليه وسلم إلى ناحية المسجد لَمّا توسّع المسجد ، وخُشِي على جسده الشريف صلى الله عليه وسلم .
ولا حُجّة لأهل البِدَع في إدخال بيته وفيه قبره إلى مسجده صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك ليس مِن عمله صلى الله عليه وسلم ، بل ولا مِن عمَل أصحابه رضي الله عنهم . ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يُدفَن في المسجد أصلا ، بل دُفِن في بيته . ثم ضُـمّ بيته إلى المسجد .

6 = قوله : وَفِي رِوَايَةٍ هذه والتي تليها عند مسلم .

7 = " لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ "
قال ابن عبد البر : في ذلك دليل على أن المعتكف لا يَشتغل بغير مُلازمة المسجد للصلوات وتلاوة القرآن وذِكْر الله ، أو السكوت ففيه سلامة ، ولا يَخْرُج مِن المسجد إلاّ لحاجة الإنسان ، كل ما لا غِنى بالإنسان عنه مِن منافعه ومصالحه ، وما لا يقضيه عنه غيره .
وقال : ولا يَخرج إلاَّ لضرورة ، كَالْمَرَض الـبَيِّن ، والحيض في النساء . وهذا في معنى خروجه لحاجة الإنسان ؛ لأنها ضرورة . اهـ .
وقال ابن دقيق العيد : كِنَايَةٌ عَمَّا يَضْطَرُّ إلَيْهِ مِنْ الْحَدَث . اهـ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ .

8 = فيه أن الْمُعْتَكِف غير ممنوع مِن الـتَّرفُّـه ، إذ ليس هذا مما يُتعبَّد به في الاعتكاف . ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسرِّح شَعْرَه وهو في مُعتكَفه .
قال الإمام البخاري : باب المعتكف يُدْخِل رأسه البيت للغسل .

قال الإمام مالك : الْمُعْتَكِفُ وَالْمُعْتَكِفَةُ يَدَّهِنَانِ وَيَتَطَيَّبَانِ ، وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ شَعَرِهِ ، وَلا يَشْهَدَانِ الْجَنَائِزَ ، وَلا يُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا ، وَلا يَعُودَانِ الْمَرِيضَ . اهـ .

9 = فيه أنّ مسّ المرأة غير مُؤثِّر في الاعتكاف ولا في الوضوء .
قال الحافظ العراقي : فيه أن مماسة المعتكف للنساء ومماستهن له إذا كان ذلك بغير شهوة لا يُنَافِي اعتكافه ، وهو كذلك بلا خلاف ، فإن كان بشهوة فهو حَرام ، وهل يَبْطُل به الاعتكاف ؟ يُنْظَر ، فإن اقترن به إنزال أبطل الاعتكاف ، وإلاَّ فلا ، هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم . اهـ .

10 = لا يُكرَه للمعتكِف عقد النكاح .
قَالَ الإمام مَالِك : لا بَأْسَ بِنِكَاحِ الْمُعْتَكِفِ نِكَاحَ الْمِلْكِ ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمَسِيسُ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُعْتَكِفَةُ أَيْضًا تُنْكَحُ نِكَاحَ الْخِطْبَةِ ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمَسِيسُ ... وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ وَلا لِلْمُعْتَكِفَةِ أَنْ يَنْكِحَا فِي اعْتِكَافِهِمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمَسِيسُ فَيُكْرَهُ ، وَلا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَنْكِحَ فِي صِيَامِهِ . اهـ .

11 = جواز عيادة المريض على وجه المرور .
قال ابن دقيق العيد : وَفِي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ : جَوَازُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ عَلَى وَجْهِ الْمُرُورِ ، مِنْ غَيْرِ تَعْرِيجٍ . وَفِي لَفْظِهَا إشْعَارٌ بِعَدَمِ عِيَادَتِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ .

12 = يُكرَه للمعتكِف الاشتغال بالتجارة ؛ لأنها خلاف اعتكافه .

13 = اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة أن المعتكف لا يَخْرُج مِن موضع اعتكافه لشهود جنازة ، ولا لعيادة مريض ، ولا يفارق موضع اعتكافه إلاَّ لحاجة الإنسان . قاله ابن عبد البر . وسيأتي في حديث عمر ما يتعلّق بالاشتراط قبل الاعتكاف .

14 = هل يشتغل المعتَكِف بِطلب العِلْم ؟
قال مالك : لا يَشتمل المعتكف في مجالس أهل العِلم ، ولا يكتب العِلم .
وقال عطاء بن أبي رباح والأوزاعي وسعيد بن عبد الرحمن والليث بن سعد والشافعي : لا بأس أن يأتي المعتكف مجالس العلماء في المسجد الذي يعتكف فيه . ذَكره ابن عبد البر .
وإذا كان يشتغل بما هو دون ذلك مِن تسريح شعره ونحوه ، فالاشتغال بالعِلْم النافع مِن باب أوْلَى .

15 = جواز خروج المعتكف لِواجب أو طارئ .
ذَكَر ابن قدامة أن المعتكف إن خَرَج لإِنْقَاذِ غَرِيقٍ ، أَوْ إطْفَاءِ حَرِيقٍ ، أَوْ أَدَاءِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ ؛ أنه لا يبطل اعتكافه .

وبالله تعالى التوفيق .
 

ابن عامر الشامي

وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
إنضم
20 ديسمبر 2010
المشاركات
10,237
النقاط
38
الإقامة
المملكة المغربية
احفظ من كتاب الله
بين الدفتين
احب القراءة برواية
رواية حفص عن عاصم
القارئ المفضل
سعود الشريم
الجنس
اخ
شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 213 في نذر الاعتكاف



عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


شرح الحديث الـ 213

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً - وَفِي رِوَايَةٍ : يَوْماً - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ .
وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَوْماً ولا لَيْلَةً .

فيه مسائل :

1 = قوله رضي الله عنه : " نذرت " :
النذر أنواع :
1 – نذر مُطلَق ، نحو : عليّ نَذْر . قال ابن قدامة : فهذا تجب به الكفارة في قول أكثر أهل العلم . اهـ .
2 – نذر اللجاج والغضب ، وهو الذي يُخْرِجه مَخْرَج اليمين للحث على فِعل شيء أو المنع منه غير قاصد به للنذر ولا القُرْبة ؛ فهذا حُكْمه حُكْم اليمين . قاله ابن قدامة أيضا .
3 – نذر مُباح . قال ابن قدامة : المباح كَلُبس الثوب ، وركوب الدابة ، وطلاق المرأة على وجه مباح ؛ فهذا يتخير الناذر فيه بين فِعْله ، فَيَبَرّ بذلك ... وإن شاء تركه وعليه كفارة يمين ، ويَتَخَرَّج أن لا كفارة ... وقال مالك و الشافعي : لا ينعقد نذره لقول النبي صلى الله عليه و سلم : " لا نذر إلاَّ فيما ابْتُغِيَ به وَجه الله " .
4 – نذر المعصية ، فلا يَحِلّ الوفاء به إجماعا ؛ ولأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : مَن نَذَر أن يعصي الله فلا يعصه . قاله ابن قدامة .
5 – نذر الواجب ، قال ابن قدامة : كالصلاة المكتوبة ، فقال أصحابنا : لا ينعقد نذره .
6 – نذر المستحيل ، كَصَوم أمس ، فهذا لا ينعقد ، ولا يُوجب شيئا ؛ لأنه لا يُتَصَوَّر انعقاده ولا الوفاء به ، ولو حلف على فعله لم تلزمه كفارة ، فالنذر أولى . قاله ابن قدامة
7 – نَذْرٌ مكروه .
8 – نذر تَبَرُّر ، وهو على نوعين :
ابتداء : مثل نذر عمر رضي الله عنه أن يعتكف .
في مُقابِل : مثل أن يَكون في مُقابل ، كأن يقول : لله عليّ نذر إن عوفي مريضي ، ونحو ذلك . فهذا مكروه ، ويجب الوفاء به إذا تحق ما نذر عليه .
وبعض أهل العلم أدخل بعض هذه الأنواع في بعض .

2 = مَن نذر في حال كُفره ، شُرِع له الوفاء به إذا أسْلَم .
قال ابن الْمُلقِّن : فيه صِحّة النذر من الكافر ، وهو وجْه في مذهب الشافعي . وذكَر أن مذهب الجمهور أنه لا يصحّ . قال : لأن النذر قُربَة ، والكافر ليس أهلاً لها . والحديث مُأوَّل على أنه أُمِر أن يأتي باعتكاف يوم شبيه بِما نذر لئلا يُخِلّ بِعبادة نوى فعلها ، فأطلَق عليه أنه منذور لِشِبْهه به وقيامه مقامه في فِعل ما نواه مِن الطاعة ...
وأجابوا أيضا : أنه يُحمَل الأمر على الاستحباب . اهـ .
والذي يظهر أنه يصحّ إذا أسْلَم ، ويُشْرَع له الوفاء به ؛ باعتبار ما آل إليه الأمر ، لقوله عليه الصلاة والسلام لِحَكيم بن حزام رضي الله عنه : أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ . رواه البخاري ومسلم .

3 = " أوفِ بنذرك " : محمول على الاستحباب .
قال ابن بطّال : محمول عند الفقهاء على الحض والندب لا على الوجوب ؛ بدلالة أن الإسلام يَهْدِم ما قبله . اهـ .
هذا إذا كان النذر في حال كُفْر .

4 = مَن نذر في الإسلام أن يعتكف وَجَب عليه الوفاء به .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الاعْتِكَافَ سُنَّةٌ لا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فَرْضًا ، إلاّ أَنْ يُوجِبَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ الاعْتِكَافَ نَذْرًا ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ .

5 = " ليلة " عليها أكثر الرواة ، وهي روايات الصحيحين . ولذا قال البخاري : باب الاعتكاف ليلا .
وقال : باب من لم ير عليه صوما إذا اعتكف . ثم روى رواية " ليلة " . وروى أيضا : فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً .
وروى مسلم : " يومًا " وروى " ليلة " .
قال ابن حجر : ورِواية مَن رَوى " يومًا " شاذة ، وقد وقع في رواية سليمان بن بلال الآتية بعد أبواب " فاعتكف ليلة " ، فَدَلّ على أنه لم يَزد على نذره شيئا ، وأن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له . اهـ .

6 = ضَعْف رواية : اعْتَكِف وصُم .
قال ابن حجر : وقد وَرَد الأمر بالصوم في رواية عمرو بن دينار عن ابن عمر صريحا ، لكن إسنادها ضعيف ، وقد زاد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : اعتكف وَصُم . أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله بن بديل ، وهو ضعيف . وَذَكَر ابن عدي والدارقطني أنه تفرد بذلك عن عمرو بن دينار . اهـ .

7 = يصحّ الاعتكاف من غير صيام . وقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في شوال ، ولم يُذْكَر أنه صام لأجل الاعتكاف .
وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَر عمر رضي الله عنه بالوفاء بِنذره ، والاعتكاف ليلا .
وقال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم : ليس على المعتكِف صوم إلاّ أن يجعله على نفسه .
قال الترمذي : وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ : لا اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصَوْمٍ . وقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صَوْمٌ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمًا ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ . وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَقَ . اهـ .

وذهب أبو حنيفة ومالك إلى اشتراط الصيام .
وقال الشافعي : لا يُشترط .
وعن أحمد : روايتان .
قال الخرقي : ويجوز بلا صوم .
قال ابن قدامة : الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الاعْتِكَافَ يَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالْحَسَنِ ، وَعَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَإِسْحَاقَ .
وَعَنْ أَحْمَدَ ، رِوَايَةٌ أُخْرَى ، أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِي الاعْتِكَافِ ...
وَلَنَا ، مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنِّي نَذَرْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْفِ بِنَذْرِك . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ شَرْطًا لَمَا صَحَّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ ، لأَنَّهُ لا صِيَامَ فِيهِ ، وَلأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَصِحُّ فِي اللَّيْلِ ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الصِّيَامُ كَالصَّلاةِ ، وَلأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَصِحُّ فِي اللَّيْلِ ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْعِبَادَات ، وَلأَنَّ إيجَابَ الصَّوْمِ حُكْمٌ لا يَثْبُتُ إلاَّ بِالشَّرْعِ ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَصٌّ ، وَلا إجْمَاعٌ .
قَالَ سَعِيدٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ ، قَالَ : كَانَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِي اعْتِكَافٌ ، فَسَأَلْت عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ .
فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيْهَا صِيَامٌ ، إلاّ أَنْ تَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهَا .
فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : لا اعْتِكَافَ إلا بِصَوْمٍ .
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لا .
قَالَ : فَعَنْ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَ : لا .
قَالَ : فَعَنْ عُمَرَ ؟ قَالَ : لا .
قَالَ : وَأَظُنُّهُ قَالَ : فَعَنْ عُثْمَانَ ؟ قَالَ : لا .
فَخَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَقِيت عَطَاءً وَطَاوُسًا ، فَسَأَلْتُهُمَا ، فَقَالَ طَاوُسٌ : كَانَ فُلانٌ لا يَرَى عَلَيْهَا صِيَامًا ، إلا أَنْ تَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهَا . اهـ .

8 = أقلّ الاعتكاف :
ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن أقلّ الاعتكاف يوم وليلة .
وذهب الشافعية إلى جواز الاعتكاف ساعة أو لحظة . وهو رواية عن أحمد .
قال النووي : أقل الاعتكاف فيه أربعة أوجه – ثم ذَكَر الوجه الأول – فقال :
أحدها : وهو الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور : أنه يُشترط لُبث في المسجد ، وأنه يجوز الكثير منه والقليل حتى ساعة أو لحظة . اهـ .
والذي يظهر أنه يُرجَع في ذلك إلى تعريف الاعتكاف ، وأنه لُزوم المكان ، فلا يصح الاعتكاف لحظة !

9 = هل للمعتكِف أن يشترط شيئا في اعتكافه ؟
له أن يشترط ما لا يُخالف أصل الاعتكاف ، وليس له أن يشترط ما يُبطِل الاعتكاف .
قال الإمام الشافعي : ومن أراد أن يعتكف العشر الأواخر دخل فيه قبل الغروب ، فإذا هل شوال فقد أتم العشر . ولا بأس أن يشترط في الاعتكاف الذي أوجبه بأن يقول : إن عَرَض لي عارض خَرَجْتُ .
وقال ابن عبد البر : وممن أجاز الشرط للمعتكف : أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، إلاّ أن أحمد اخْتَلَف قوله فيه ، فَمَرَّة قال : أرجو أنه لا بأس به ، ومَرّة مَنَع منه .
وقال إسحاق : أما الاعتكاف الواجب فلا أرى أن يعود فيه مريضا ولا يشهد جنازة ، وأما التطوع فإنه يَشْرط فيه حين يبتدئ : شهود الجنازة وعيادة المرضى . اهـ .

وقال ابن قدامة : قَالَ الأَثْرَمُ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الْمُعْتَكِفِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَأْكُلَ فِي أَهْلِهِ ؟ قَالَ : إذَا اشْتَرَطَ فَنَعَمْ .
قِيلَ لَهُ : وَتُجِيزُ الشَّرْطَ فِي الاعْتِكَافِ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
قُلْت لَهُ : فَيَبِيتُ فِي أَهْلِهِ ؟ فَقَالَ : إذَا كَانَ تَطَوُّعًا ، جَازَ . اهـ .
وقال : وَإِنْ شَرَطَ الْوَطْءَ فِي اعْتِكَافِهِ ، أَوْ الْفُرْجَةَ ، أَوْ النُّزْهَةَ ، أَوْ الْبَيْعَ لِلتِّجَارَةِ ، أَوْ التَّكَسُّبَ بِالصِّنَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ ، لَمْ يَجُزْ ؛ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)
فَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ اشْتِرَاطٌ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَالصِّنَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِي غَيْرِ الاعْتِكَافِ ، فَفِي الاعْتِكَافِ أَوْلَى . اهـ .
ويرى شيخنا الشيخ العثيمين رحمه الله : جواز اشتراط ذلك في ابتداء الاعتكاف ، فإذا نوى الدخول في الاعتكاف ، قال : أستثني يا رب عيادة المريض أو شهود الجنازة.
ولكن هذا لا ينبغي، والمحافظة على الاعتكاف أولى ، إلا إذا كان المريض أو من يتوقع موته، له حق عليه، فهنا الاشتراط أولى، بأن كان المريض من أقاربه الذين يعتبر عدم عيادتهم قطيعة رَحِم ، فهنا يَسْتَثْنِي، وكذلك شهود الجنازة " . اهـ .

وبالله تعالى التوفيق .
 

ابن عامر الشامي

وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
إنضم
20 ديسمبر 2010
المشاركات
10,237
النقاط
38
الإقامة
المملكة المغربية
احفظ من كتاب الله
بين الدفتين
احب القراءة برواية
رواية حفص عن عاصم
القارئ المفضل
سعود الشريم
الجنس
اخ
شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 214 في زيارة المعتكف



عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


شرح الحديث الـ 214

عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا . فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً . فَحَدَّثْتُهُ , ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ , فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي - وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : عَلَى رِسْلِكُمَا . إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ شَيْئًا .
وَفِي رِوَايَةٍ : أَنَّهَا جَاءَتْ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ . فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً . ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ . فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا , حَتَّى إذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ . ثُمَّ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ .

فيه مسائل :

1 = جواز زيارة المرأة لزوجها وهو في مُعتَكَفه ، ومثله زيارة مَن له حقّ ، كالأب ونحوه ، ولو لم يكن مُعتَكِفًا ، كأن يكون له عادة في مُلازمة المسجد ، وترغب امرأة مِن محارمه زيارته .
وترجم له البخاري : باب : زيارة المرأة زوجها في اعتكافه .

2 = جواز خروج المرأة مِن بيتها إذا لم يترتّب على ذلك مفسدة ، إذا عَلِمَتْ أن زوجها لا يُمانِع مِن خروجها .
أما إن عَلِمَتْ أنه لا يرضى خروجها فلا يجوز لها الخروج .
قال ابن قدامة : وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ ، سَوَاءٌ أَرَادَتْ زِيَارَةَ وَالِدَيْهَا ، أَوْ عِيَادَتَهُمَا ، أَوْ حُضُورَ جِنَازَة أَحَدِهِمَا .
قَالَ أَحْمَدُ ، فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ : طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا ، إلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا ، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَب . اهـ .

3 = الخروج اليسير للمعتَكِف لا يُؤثِّر على اعتكافه ، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى باب المسجد .
قال البخاري : باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد .
قال ابن بطال : لا خلاف في جواز خروج المعتكف فيما لا غِنى به عنه . اهـ .
وقال ابن حجر : وروى عبد الرزاق من طريق مروان بن سعيد بن المعلَّى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مُعْتَكِفًا في المسجد ، فاجتمع إليه نساؤه ثم تفرقن ، فقال لصفية : أقلبك إلى بيتك ، فذهب معها حتى أدخلها بيتها .

4 = وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد" ، أي : الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد ؛ لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية ، وكانت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أبواب المسجد . قاله ابن حجر .

5 = " ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ " ، أي : لأرجِع . والانقلاب : هو الرجوع ، ومنه قوله تعالى : (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال البغوي : إِذَا انْقَلَبُوا : انصرفوا .
ومِنه قوله تعالى : (وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) قال ابن كثير : أي: إذا انقلب، أي: رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم . اهـ .

6 = مشروعية ذبّ المرء عن عِرضه ، ودفع التهمة عنه . فهذا أشرف الْخَلْق صلى الله عليه وسلم دَفَع عن نفسه ما قد يَقَع في النفس ، وأخبر عن المرأة التي معه أنها زوجته صفية رضي الله عنها .
وقال عمر رضي الله عنه : مَن عَرَّض نفسه للتهمة فلا يلومن مَن أساء به الظن .
ومَرّ بِرَجُل يُكَلِّم امرأة على ظَهر الطريق ، فَعَلاه بالدِّرَّة ، فقال : يا أمير المؤمنين إنها امرأتي ! فقال : هلاّ حيث لا يراك أحدٌ مِن الناس . ذَكَره الغزالي في " إحياء علوم الدِّين " .

7 = " عَلَى رِسْلِكُمَا " ، أي : تمهّلا .

8 = " إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ " ، يعني : أنها زوجته صلى الله عليه وسلم ، وليست امرأة غريبة .

9 = جواز مُحادثة الأجنبي ومع الرجل أهله .

10 = إثبات جريان الشيطان من ابن آدم مجرى الدم ، وأن تلبّس الشيطان أهون من ذلك ؛ لأن تلبّس الجن محسوس ، وهذا أمر غير محسوس ، ويجب الإيمان بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

11 = " فِي الْمَسْجِدِ " (ال ) هنا للعهد ، وهو مسجده صلى الله عليه وسلم .

12 = " ساعة " وقت ، ولا يُراد بها الساعة المعروفة ، والتي هي جُزء مِن اثني عشر جزء من اليوم .

وبالله تعالى التوفيق .
 
أعلى