شرح الحديث الأول (( إنما الأعمال بالنيات ))

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
بــــسم الله الرحمٰن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في مؤلفه "الأربعون النووية".


الحديث الأول: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - \"?إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْه ِ\" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.



منهجنا إن شاء الله في شرح الحديث كالآتي:


أولا : نتحدث عن تخريج الحديث .

ثانيا : نبين ما يحتاج إلى بيان من ألفاظ الحديث .

ثالثا : نبين المسائل والقضايا والفوائد والأحكام المستنبطة من الحديث.

تخريج الحديث :


رواه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه الإمام مسلم، وما رواه البخاري ومسلم فهو صحيح، أجمعت الأمة على قبول كتاب البخاري وكتاب الإمام مسلم، والخلاف عند الأئمة ليس في الصحة، وإنما الخلاف في أيهما يُقدم، في السابق عند أهل الشرق يقدم البخاري، وعند المغاربة يٌقدم مسلم،
ولذلك الناظم يقول:



تخاصم قومٌ في البخاري ومسلمِ وقالوا أي ذين تقدمو


فقلت لقد فاق البخاري صحةً كما فاق في حسن الصناعة مسلمُ


إذًا الإمام البخاري فاق الإمام مسلم من حيث قوة الحديث وصحته، أما الإمام مسلم فالسبق والترتيب والتنظيم في التأليف فاق الإمام البخاري.


هل هناك علة لقضية الاختلاف ما بين المشارقة والمغاربة؟

لأن المشارقة نظروا في صحة الحديث، وقوة الحديث، والمغاربة نظروا إلى التنظيم والترتيب؛ ولذلك اعتنوا بصحيح مسلم، وكثير من شراح مسلم هم من المغاربة، وأيضًا شرحه المشارقة.

وعلى أي حال كلا الكتابين هما صحيحان وتلقتهم الأمة بالقبول .

هذا الحديث الأول (إنما الأعمال بالنيات) مرويُّ بمخرجٍ واحدٍ لدى كل من البخاري ومسلم


تفرد بروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه وتفرد بروايته عن عمر رضي الله عنه علقمة بن وقاص الليثي، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم رواه عن يحيى خلق كثير وصلهم أحد من أهل العلم
إلى المائة.

لم يرو عن غير عمر ولذلك يسمونه غريب، مع أنه من أصح الأحاديث، فلم يروه من الصحابة إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

تعريف الغريب اصطلاحا : هو الحديث الذي تفرد بروايته راو واحد في جميع طبقات السند أو بعضها.

ألفاظ الحديث

( إنما الأعمال بالنيات )، "إنما" أداة حصر، يعني تحصر شيء بشيء، ولذلك الأعمال حُصرت هنا، لكن سنعلم ما هو المحصور فيها، حُصرت بالنية، لذلك قالوا "إنما" حصر.


"الأعمال" هنا ما المراد بها؟ هل هي جميع الأعمال؟ أم هي خاصة بالأعمال المشروعة التي يُتقرب بها إلى الله؟

قولان لأهل العلم، والصحيح أنها عامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الأعمال"، فاستغرقت "أل" هنا جميع الأعمال.

"الأعمال بالنيات"، ما الأعمال هنا، لما ذا قال بالنيات؟ هل هي صحة الأعمال؟ فنقول "إنما الأعمال الصحية بالنيات"؟، أم "إنما الأعمال المعتبرة بالنيات"؟، أم "إنما الأعمال جزاؤها بالنيات"؟ من أهل العلم من قال ما يترتب عليها، ومنهم من قال إنما الأعمال صحةً، لا تصح إلا بالنيات، لكن الصحيح جزاؤها صحةً أو فسادًا، ليشمل الأعمال الجائزة وغير الجائزة.

"بالنيات" النية هي القصد، "نويت أن أسافر إلى مكة" يعني "قصدت السفر إلى مكة"، "نويت أن أصوم" أي "قصدت الصيام"، وهكذا. هذا من حيث اللغة

من حيث الاصطلاح الشرعي فالنية يُراد بها أحد معنيين:

المعنى الأول تمييز العمل من غيره، مثل الصلاة، أنا أنوي أن أصلي الظهر، أو أصلي العصر، إذًا ميزت صلاة الظهر عن صلاة العصر بأي شيء؟ بالنية، كلاهما أربع ركعات، الصفة واحدة، لكن كيف تميزت هذه الصلاة؟ بالنية، إذًَا النية تميز العمل عن غيره؟ هذا هو المعنى الأول، قد تكون الصفة واحدة، سنة الفجر وسنة الضحى ركعتان، فإذًا تُميز بالنية، هذا هو المعنى الأول، تمييز العمل بعضه عن بعض، أو نقول تمييز العبادة بعضها عن بعض.


المعنى الثاني: تمييز المقصود بالعمل، أنا أصلي الآن، هؤلاء المصلون صلوا صلاة الظهر أربع ركعات، لكن هذا قصده أن هذه الصلاة طاعة لله عزّ وجلّ، وهذا الثاني صلى مجاملة لصديقه، دخلوا المسجد فصلوا مع بعض، والثالث طفل جاء يصلي خائفًا من أبيه، إذًَا من الذي ميز هذه الصلاة؟ أو المقصود من هذه الصلاة؟ هي النية، إذًا تمييز المقصود بالعمل، هل هو لله أو لغيره، أو لله ولغيره؟



( وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) معنى هذه الجملة أن الجزاء بحسب النية، يعني أن جزاء كل إنسان بحسب نيته .



الهجرة لغةً: هي الانتقال أو الترك.



في الاصطلاح : هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، لكن هذا المعنى أحد معاني الهجرة.


الهجرة تدرجت في المعنى الاصطلاحي على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى: هي الانتقال من مكة إلى المدينة.


المرحلة الثانية: الانتقال من بلد الشرك أو الكفر إلى بلد الإسلام .


المرحلة الثالثة: هي الانتقال من الذنوب والعاصي إلى الطاعات، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ).


إذًا الهجرة أخذت ثلاث مراحل، المعنى الأول الانتقال من مكة إلى المدينة، هل هذا المعنى باقي؟ لا، هذا المعنى انتهى بأي شيء؟ بفتح مكة؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا هجرة بعد الفتح )، انتهت الهجرة من مكة إلى المدينة؛ لأن مكة أصبحت دارًا من ديار الإسلام في هذا الوقت، فهذا المعنى انتهى ولا يوجد، ( لا هجرة بعد الفتح ).


المعنى الثاني: الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، هل هو باقي أو منتهي؟ باقي. على إطلاقه؟ لا، إذًا كيف نضبطه؟ إذا وُجد سببه، يعني الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ما نقول واجبة باقية على إطلاقها، لماذا؟ لأنه قد لا يستطيع أن يهاجر، أو يقيم شعائر دينه في بلده، يقول أنا أستطيع أن أقيم شعائري ولو كان بلد كفر، أستطيع أن أقيم شعائر الدين، أستطيع أن أدعو في بلدي، أستطيع أن أمارس جميع متطلبات حياتي، لا خوف على ديني ولا على أولادي، إذًا المعاني باقية، فهنا لا تكون واجبة.


تكون الهجرة واجبة:


بشرطين، إذا خاف على دينه، يعني يخاف ألا يقيم شعائر دينه، لا يستطيع أن يصلي، لا يستطيع أن يصوم، لا يستطيع أن يزكي، هذا هو الخوف على الدين، ليس كمال الدين، ولكن أصول الدين، فهذا إذا خاف على دينه .


الشرط الثاني أنه يستطيع الهجرة، أما إذا لم يستطع فلا تكليف بما لا يُستطاع، لا يُكلف الله نفسًا إلا وُسعها، الله سبحانه وتعالى لا يُحاسب إلا على المقبول.


المعنى الثالث: هو الهجرة من الذنوب والمعاصي إلى الطاعات

يتبع ان شاء الله
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى