شرح الحديث التاسع والثلاثين والاربعين والحادي والاربعين

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
الحديث التاسع والثلاثين
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).
الحديث أخرجه الإمام ابن ماجه والإمام البيهقي وصححه الإمام ابن حبان رحمه الله وحسنه جمع من الأئمة والحديث حسن .
قال (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)
إن الله تجاوز : يعني عفا وصفح وسامح سبحانه وتعالى .
تجاوز لي عن أمتي: الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمتان أمة الدعوة.
وأمة الدعوة هي :كل من ولد أو وجد منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة هذه أمة الدعوة.
والأمة الثانية هي: أمة الإجابة وهم من استجاب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به عليه الصلاة والسلام .
إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ :الخطأ ضد العمد فالفعل الذي يقع من الإنسان إما أن يكون قصده تعمده وإما أن يكون فعله من دون قصد فالذي فعله من دون قصد يسمى خطأ .
قال والنسيان: النسيان ضد الاستذكار ضد ما يذكر قد يفعل الإنسان فعلا وهو لا يريد فعله .
وما استكرهوا عليه : يعني ما حملوا عليه كرها وقهرا فيحملون على هذا الفعل وهم لا يريدونه فيفعلونه قهرا .
هذا الحديث كما قال الإمام النووي أنه اشتمل على فوائد مهمة لو جمعت لبلغت مصنفا لما تحتوي عليه هذه القواعد الكبيرة من هذه القواعد والفوائد .
الفائدة الأولى: نعم الله سبحانه وتعالى على الناس نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ومن هذه النعم نعمة التشريع الذي شرعه الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة وشرعه على هذه الأمة بما تطيق ولذلك لا يجازيها ربنا جل وعلا إلا بما تطيق ومن هنا جاء اليسر والسماحة في مواضع كثيرة من هذا التشريع من هذه المواضع .
الفائدة الثانية: رفع الحرج عن الأفعال التي تقع من الإنسان وهو لا يريد وقوعها مثل الخطأ والنسيان وما يقع إكراها وهذا كما هو دلت عليه السنة في هذا الحديث أيضا جاء في كتاب الله عز جل مثل قوله سبحانه وتعالى ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286 ]. فهذا يدل على رفع التكليف على الإنسان في مثل هذه الحالات فلا يؤاخذ ولا يجازى عندما يقع الفعل خطأ وعندما يقع الفعل نسيانا وعندما يقع الفعل إكراها والإكراه أيضا جاء في قوله جل وعلا ﴿ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106 ]. فهذا يدل على أن هذه الأشياء من مواضع التيسير والسماحة في هذا الدين فلا يحاسب الإنسان على هذه الأفعال التي وقعت خطأ أو نسيانا أو إكراها والخطأ والنسيان والإكراه يقع من المكلف تجاه حقوق الله سبحانه وتعالى كما يقع تجاه الناس فأما ما يقع تجاه حقوق الله فالخطأ مثل أن يدعو الإنسان من الفرح أو الغضب أو لشيء ثم يخطئ في دعائه مثل الشخص الذي تاهت ناقته وعليها متاعه ثم بعد إعياء وتعب شديد نام تحت ظل شجرة فلما استيقظ وجد الناقة والمتاع عنده فمن شدة الفرح دعا ربه قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك من شدة الفرح لأنه وجد متاعه فالله جل وعلا لا يؤاخذه في هذا الكلام أو في هذا الدعاء الخطأ فما كان حقوق الله فهو معفو عنه لا إثم فيه ويتجاوز الله سبحانه وتعالى عنه وقد يكون من حقوق العباد مثل القتل الخطأ القتل جريمة كبيرة ولذلك من قتل متعمدا ﴿ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ [النساء: 93].فإذا تعمد إنسان قتل مسلم فجريمة كبيرة كذلك إذا تعمد قتل غير مسلم وهو ليس محارب للمسلمين وإنما هو معاهد أو ذمي أو مستأمن فهذه جريمة كبيرة بلا شك ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قتل معاهد لم يرح رائحة الجنة) .
فإذا القتل جريمة عظمى لكن إذا وقع القتل خطأ هذه الجريمة العظيمة جزاؤها : إذا كان عمدا القصاص ومع القصاص أيضا الإثم عند الله يعني القصاص في الدنيا والإثم عند الله سبحانه وتعالى .
لكن إذا وقع هذا القتل خطأ انتقل من القصاص إلى الدية ثم أيضا العفو عند الله تعالى ليس عليه إثم وحق العباد قائم وهو الدية .
أما النسيان ففي حقوق الله سبحانه وتعالى معفو عنه كذلك لذلك من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان لا يفطر لأنه أكل أو شرب ناسيا ولذلك الله سبحانه وتعالى عفا عن هذا النسيان قال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما أطعمه الله وسقاه) حتى الناسي في الصلاة لو أخطأ في صلاته نسيانا فيجبره بسجود السهو إذا كان النسيان واجب أما إذا كان ركنا فيعيده فقط ولا إثم عليه ما دام ناسيا إذا النسيان في حقوق الله سبحانه وتعالى كذلك لا يحاسب عليه الإنسان والنسيان في حقوق العباد كثيرة أن ينسى حق ماله لأخيه فإذا تذكر هذا الحق فحينئذ يعيد إليه هذا المال أو هذا الحق ولا يعاقب عليه ما دام ناسيا ولم يجد إثباتا أما الإكراه فالإكراه أيضا لأنه كسر على النفس أن تفعل شيئا فلو أكره إنسان مثلا على في عقيدته بأن يقول أنا لا أعبد الله والنار على رأسه فله أن يقول ذلك ﴿ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]. فلا يحاسب على هذا ولا يعتبر خرج من الإيمان كذلك في الحقوق في هذه الدنيا فلو أكره إنسان أن يطلق زوجته فطلقها إكراها قال أهل العلم لا يقع الطلاق لأن هذا بغير إرادته إذا هذه أمثلة على أن الإنسان من فضل الله سبحانه وتعالى ورحمته بهذه الأمة أنه لا يحاسبه على ما وقع منه خطأ أو نسيانا أو بإكراه هذا إذا كانت في حقوق الله أما في حقوق العباد فترد الحقوق عليهم ولا يأثم فترد الحقوق عليهم ولا يأثم الإنسان هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى ومن تيسيره على هذه الأمة وهذا موضع من مواضع التيسير والرحمة .
لذلك الله سبحانه وتعالى أخبرنا أنه رفع عن هذه الأمة الأوزار التي كانت على الأمم السابقة فالأمم السابقة إذا ارتكب إنسان كبيرة من الكبائر الذنوب كفارته القتل لكن كفارة امة محمد صلى الله عليه وسلم التوبة فقط يتوب والله سبحانه وتعالى يتوب على من تاب وما رفعه الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة كثير وأمة محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأمم زمانا لكنها أول الأمم عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة .وهذا أوضحه الله سبحانه وتعالى بتفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الرسل وبتفضيل رسالته على سائر الرسالات ودينه على سائر الأديان وبذلك خص النبي صلى الله عليه وسلم بتشريعات لم تكن في الأمم السابقة ومنها هذا التشريع كما سبق الإشارة إليه.

الحديث الأربعين

(عن ابن عمر رضي الله عنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضت ومن حياتك لموتك).
الحديث صحيح رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه .
بمنكبي : المنكب مجتمع العضد مع الكتف المراد مسك منكبه .
فقال (كن في الدنيا كأنك غريب) الغريب : هو البعيد ولذلك يطلق على الذي ترك أهله ووطنه وعاش في مكان آخر وهو يريد الرجوع إلى بلده فهذا غريب لبعده عن الأهل والوطن .
قال (أو عابر سبيل) : العابر سبيل السبيل هي الطريق والعابر المار فليس مستقرا وهذا غير المسافر .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح المساء من بعد الظهر يسمى بعد زوال الشمس هذا يسمى مساء فلا تنتظر الصباح والمقصود اعمل لهذا المساء كأنك في الصباح لست موجودا وكذا إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك خذ من صحتك يعني خذ من الأعمال الصالحة ما دمت صحيحا لأنك إذا مرضت فلا تستطيع العمل فلا تستطيع العمل ومن حياتك لموتك كذلك بعد الموت فلا عمل وإنما حساب وجزاء أما قبل الموت في الحياة فهناك مجال للعمل .
هذا الحديث العظيم يبين لنا قضية مهمة هذه القضية هي نظرة الإسلام إلى الدنيا ثم موقف المسلم من هذه الدنيا كيف يقف كيف يعمل إلى آخره أما نظرة الإسلام إلى الدنيا فجلاها هذا الحديث مع مجموعة مع النصوص الأخرى وهذا يبين أن الدنيا زائلة وزائل من فيها ولذلك زوال الإنسان فيها أسرع من زوالها لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (كن في الدنيا كأنك غريب) كأنك غريب فالغريب مشغول ذهنه بالعودة إلى بلده إذا قضى نهمته وحاجته من هذا السفر رجع إلى بلده فالإنسان في الدنيا مسافر .وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كمن استظل في ظل شجرة فانتهى الظل فقام وتركها فكذلك الإنسان في الدنيا بالنسبة إلى الآخرة مثل الغريب أو العابر سبيل عابر السبيل مر في هذه البلدة وتزود منها يريد ما يريد يعني حاجات يريد أكل يريد شرب له عمل سريع يقضيه عابر سبيل ولذلك هذه الدنيا كعابر السبيل كم من الدنيا مضى منها الآن آلاف السنين مضت .
نوح عليه السلام كما قيل في الأثر وقد دعا قومه تسعمائة وخمسين سنة ألف سنة إلا خمسين عام قيل له كيف وجدت الدنيا قال كداخل من باب وخارج من آخر فانتهت ..
ولو سألنا من هو الآن في سن الثمانين أو التسعين أو المائة كيف حياتك السابقة قال أبدا انتهت والإنسان في عمر الخمسين والأربعين والثلاثين أين العمر الماضي انتهت كعابر السبيل هذه نظرة الإسلام إلى الدنيا ولذلك الدنيا متاع كما أخبر الله تعالى ﴿ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20]. كذلك الذي يريد أن يعمر هذا المكان بقبضة وقضيض بيديه ورجليه وتفكيره وماله وأهله ويوسع ستنتهي هذه الدنيا مهما جمع .و مهما كان حال الانسان في هذه الدنيا فانها بنيت على النكد والكبد ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]. وهو في بطن أمه وهو صغير وهو كبير وهو شاب وهو موظف وهو تاجر وهو رئيس وهو مرؤوس وهو مدير مهما كانت حاله في كبد لكن الكبد عند فلان يختلف عن الكبد عند الآخر فلذلك الدنيا متاع الغرور متاع الدنيا زائلة إذا كانت هذه نظرة الإسلام إلى الدنيا فما العمل ؟؟؟؟؟ قال اجعلها مزرعة كالذي عنده أرض يعمل مزرعة للآخرة املأ هذه المزرعة كل ما استظليت كل شبر في المزرعة فأنت صاحب الحظ الأوفر وأنت صاحب السعادة في الدنيا والآخرة ولذلك الله سبحانه وتعالى لما قص لنا قصة قارون قال ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ ﴾ [القصص: 77]. إذا الهدف الدار الآخرة ﴿ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]. لا بأس أن نعمر الدنيا إن لم نعمرها ونتكامل في عمارتها فلا تعمر فلن تكون مزرعة للآخرة لكن لابد من عمارتها هكذا سنة الله سبحانه وتعالى الكون لابد أن يعمر اليوم من هذه الناحية من الكون من الأرض ستجد عمارة وهدوء وطمأنينة وسكينة وتجد الجانب آخر مخرب ودمار وسنين وتنقلب الحال من مكان الى اخر .والجميع يزرع للآخرة سواء عاش في هذا السكون والطمأنينة فله عبودية خاصة أو سواء عاش والحياة متقلبة والحياة شغف العيش وفقر ومسكنة ومسغبة وأمراض وأسقام له عبودية خاصة فالإنسان يكيف عبوديته لله بقدر ما في هذه الدنيا . والأمتعة التي في الدنيا يستمتع بها لا مانع من الاستمتاع بالطيبات وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى الدنيا فيها أكلات طيبة و فيها مشارب طيبة الدنيا خلق الله فيها التزاوج بين الذكر والأنثى يستمتع كلا منهم بالآخر الدنيا فيها مجال للترويح والهدوء والسكينة قال النبي صلى الله عليه وسلم قال (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة) هذه متاع حبب إلي لكن قرة العين في العبودية في الصلاة لله سبحانه وتعالى هذا منهاج المسلم ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]. إذن الهدف الأساس للآخرة لكن هنا يجب أن نوضح مفهوم مهم جدا وهو عندما نقول الهدف الآخرة ينزوي في غرفتي وأبكي ليل ونهار خاشع لله سبحانه وتعالى هذا يسمى سلبية .
عمر رضي الله عنه وجد رجلا جالس في المسجد يبكي قال من يطعمك قال أخي قال أخوك خير منك أخوك خير منك هذا الذي ذهب يبتاع ويشتري ويعمل فهو خير من هذا الذي طول الوقت جالس لكن الجلوس مثلا اعتكاف في رمضان لا بأس أخصص آخر الليل لا بأس فأعطي كل ذي حق حقه إذا الهدف الآخرة لا يعني ذلك أني أترك متاع الدنيا النبي صلى الله عليه وسلم عاتب الثلاثة الذين يريدون أن يترهبنوا سألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم كأنهم تقالوها فقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر نحن مساكين قال واحد منهم أنا أصوم ولا أفطر طول الدهر قال الثاني أنا لا أتزوج النساء يعني أتفرغ للعبادة وقال الثالث أنا أقوم الليل ولا أنام فالنبي صلى الله عليه وسلم غضب غضباا شديد وقال (أما إني أتقاكم لله وأخشاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء) ثم أكد هذا المفهوم الجميل الرائع (فمن رغب عن سنتي فليس مني) لذلك النظرة إلى هذه الدنيا الموقف منها أن أجعل هدفي الآخرة لكن أستمتع بها بالقدر المشروع ولكن حتى باستمتاعي أجعل استمتاعي هدف للآخرة فأوجر على ذلك لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الأجور قال (وفي بضع أحدكم صدقة) في الحديث الآخر (حتى ما تضعه في في امرأتك) وعرفنا أن الأعمال بالنيات وإذا نوى الإنسان خيرا ولو لم يعمله كسب أجرا عظيما إذا هذا المفهوم للدنيا أنها مارة وأنها سريعة وأنها ستنقضي وأنها كما قضيت على السابق هي ستنقضي على اللاحق إذا ينبغي للمسلم أن يزرع هذه الدنيا ليجد الثمار غدا في الآخرة لذلك الله سبحانه وتعالى يقول ﴿ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197].
وابن عمر رضي الله عنه فهم هذا المعنى فقال إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء
الفائدة الثالثة : وأنت تعمل في وقتك لا تقول سأعمل غدا ستؤجل عمل اليوم إلى غد ومن غد إلى بعد شهر وإلى بعد شهر بعد سنة لك أن تخطط لما يستوعبه هذا الوقت ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا صليت فصلي صلاة مودع) صلي صلاة مودع هذا معنى كلام ابن عمر رضي الله عنهما إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء يعني أتقن عملك لكي إذا مت على هذا مت وأنت تلاقي الله سبحانه وتعالى على خير بإذنه جل وعلا ثم قال وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك هذا الإنسان العاقل الذي يستعد للمستقبل كيف يستعد للمستقبل أنا اليوم أستطيع عمله غدا لا أستطيع أنا اليوم صحيح معافى إذن أعمل ممكن أمرض غدا أنت اليوم غني من قال لك أنك ستستمر في الحياة غني أبذل أخرج أنفق و لا تستكثر العمل فاستكثار العمل يحبطه ولا تستقل العمل لأن العمل يضاعف عند الله سبحانه وتعالى أضعافا مضاعفة رب درهم سبق ألفا درهم وما تعمله في حياتك يكون امتدادا لك بعد مماتك من أولاد صالحين أو علوم ينتفع بها أو صدقات جارية أو تبرعات أو نفقات أو إحسان للآخرين ونحو ذلك كله ستجده إن شاء الله بعد مماتك وبقدر إخلاصك وإتقانك للعمل يكون بإذن الله لذلك في الحديث الآخر قال (اغتنم خمس قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل مرضك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك) اغتنم الطاعات لأنك قد تشغل ولا تستطيع فلذلك استعد وستجد خيرا كثيرا عند الله سبحانه وتعالى.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
الحديث الحادي والأربعون


عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)).
رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح
هذا الحديث حديث كما قال الإمام النووي حديث صحيح وبعض أهل العلم يضعفه لكن الإمام النووي رحمه الله يميل إلى صحته ومال إليه عدد من أهل العلم
يريد بصاحب كتاب الحجة الشيخ أبا الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي الشافعي الفقيه الزاهد نزيل دمشق
(لا يؤمن أحدكم) أي لايكون الانسان مؤمنا كامل الايمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم الأوامر والنواهي .
(حتى يكون هواه) الهوى هو الميل للشيء يهوى الإنسان هذا ميله إلى هذا الشيء
(حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) حتى يكون ميله ومزاجه وهواه تبعا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فيكون مع التشريع .
هذا الحديث غاية في الأهمية فهو متمم للحديث الذي قبله عرفنا في الحديث السابق نظرة الإسلام إلى هذه الدنيا وموقف المسلم من هذه الدنيا إذا الإنسان في هذه الدنيا له ميول له رغبات له شهوات له مزاج له تطلعات يجب أن يسوق هذه التطلعات وهذه الرغبات هذه الأهواء في الإطار العام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وتبعا لرضا الله سبحانه وتعالى يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ أَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]. والآخر ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوَى ﴾ [ النازعات: 37- 39]. قد يقود الهوى إلى الضلال إلى الانحراف ومن ثم إلى الضلال ومن ثم إلى النار . فينبغي للإنسان ألا يتبع هواه قال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26]. لذلك ينبغي أن يتنبه الإنسان أن يحقق رغباته بما شرع الله له سبحانه وتعالى لذلك يجب على الإنسان أن يجاهد نفسه فالنفس كالطفل الصغير إن أهملتَها سارت في طريق الشَّر الذي يُلائم طبعها وإن زجرتها ومنعتها امتنعت كما أنك إذا طاوعت الطفل كلما طلب الرضاع كبر وهو مُكِبٌّ عليه وإن فطمته انفطم ورجع.
والنُّفس كالطِّفلِ إن تُهملهُ شَبَّ على *** حُبِّ الرَّضاعِ وإن تَفطِمهُ ينفطِمِ
فاصرِفْ هواها وحاذِر أن تُوَلّيَهُ *** إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِمِ
وراعِها وهي في الأعمال سائمةٌ *** وإنْ هي استَحلَتِ المرعى فلا تسمِ



فإذا قصرتها على ما أراده الله سبحانه وتعالى وما شرعه نبيه صلى الله عليه وسلم حينئذ نستطيع بإذن الله تماما أما ا إذا تركت على هواها انحرفت يمينا ويسارا فجاهد نفسك لأجل أن يهديك الله سبحانه وتعالى ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]. فمن جاهد هواه فحينئذ كمل إيمانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)
فالحديث من أكبر الأحاديث في الرجاء.


الحديث الثاني والأربعون




(عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لاقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة).
هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي رحمه الله وغيره وقال عنه الإمام الترمذي رحمه الله هذا حديث حسن هذا الحديث العظيم الذي ختم به الإمام النووي حديثه الأربعين وهو الحديث الثاني والأربعين فإذا تسميتها الأربعين من باب التغليب .


هذا الحديث الذي ختم به كان ختاما جميلا وحسنا فجزاه الله خيرا ورحمه رحمة واسعة فبدأ بداية جميلة وطيبة وهي في حديث (إنما الأعمال بالنيات) ابتدأ بالنية وانتهى بالمغفرة إن شاء الله عند الله جل وعلا فالختام حسن واقتدى بالإمام البخاري رحمه الله عندما افتتح حديثه (إنما الأعمال بالنيات) وختم صحيحه بحديث (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن) فينتهي العمل بالرجاء ولذلك قال أهل العلم إن الإنسان في هذه الدنيا يسير كالطائر تارة يرتفع جناح وينخفض جناح فالإنسان في هذه الدنيا بين الرجاء والخوف كجناحي طائر والقائد للطائر هو رأسه فرأس الطيران في هذه الدنيا محبة الله جلا وعلا رأس الطائر المحبة والجناحان اللذان يطير بهما هما الرجاء والخوف يعني يرجو رحمة ربه ويرجو قبول أعماله ويرجو مغفرة ذنوبه ويخشى من عقاب الله ويخشى من عدم القبول ما مادام في هذه الدنيا ،،،أما إذا وصل وصل إلى الموت وحضرت الوفاة ينسى جانب الخوف نهائيا ويغلب جانب الرجاء لأنه إذا مات الإنسان وهو يحسن الظن بربه كما قال الله تعالى في الحديث القدسي (أنا عند حسن ظن عبدي بي) ويرجو رحمة ربه وحينئذ يغفر الله سبحانه وتعالى له .
هذا الحديث هو في الرجاء العظيم لذلك من تذكر هذا الحديث في كل عمل عليه أن يستغفر الله سبحانه وتعالى ثم يطمئن قلبه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه وتعالى (يا ابن آدم): يقول الله سبحانه وتعالى يا ابن آدم الحديث من الأحاديث القدسية وتسمى الأحاديث الإلهية يقول الله تعالى يقول يا ابن آدم أنك ما دعوتني ورجوتني :دعوتني طلبت مني وسألتني ورجوتني طمعت في الرجاء والطمع في مغفرة الله سبحانه وتعالى ما دعوت الله ورجوته إلا قال غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي مهما وقع منك من الذنوب .
قال يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء تأكيد عنان السماء ما هو ما انتهى إليه البصر من الارتفاع وقيل عنان السماء امتلأ من الأرض إلى السماء لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني طلبت المغفرة غفرت لك مهما كانت هذه الذنوب يا ابن آدم تأكيد أيضا إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا قراب الأرض خطايا يعني ملأ الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا مت على التوحيد مت على لا إله إلا الله محمد رسول الله وأنت عملت بمقتضاها مهما بلغت الذنوب لأتيتك بقرابها مغفرة ومسحت ذنوبك .
هذا الحديث عظيم في باب الرجاء للمسلم ولذلك ما على المسلم إلا أن يتجه إلى الله سبحانه وتعالى وأن يعمل فإذا عمل خطأ فكل بني آدم خطاء ولكن خير الخطائين التوابون .
وباب الرجاء يعطي دفعة قوية للتقدم للعمل لأن المسلم الذي يعمل ينتظر الثواب والجزاء من الله سبحانه وتعالى إذا هذا الحديث في قاعدة الرجاء يفصل بعض الفوائدوفيه رحمة الله واسعة وفيه كرم الله جل وعلا فهو أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وأرحم الراحمين يقبل التوبة عن عباده ويغفر الذنوب جميعا حتى ولو أسرف الإنسان على نفسه بالمعاصي فالله سبحانه وتعالى يقبل هذه التوبة بل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ولا تنقطع التوبة حتى الغرغرة أو تطلع الشمس من مغربها فهذا يدل على أن رحمة الله واسعة وأن القبول حاصل وأن المغفرة حاصلة من الله سبحانه وتعالى إذا أقبل الإنسان على الله نادما على خطئه معترفا بخطئه عازما على ألا يعود إلى الخطأ مرة أخرى.
ثانيا يبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القدسي عن الله عز وجل ثلاثة أسباب مكفرات للذنوب ثلاثة أسباب مكفرات للذنوب .
السبب الأول دعاء الله سبحانه وتعالى ورجاءه :وهذا دليل إيمان العبد كل ما أكثر الدعاء لله سبحانه وتعالى هذا دليل على ذله وخضوعه وقربه من ربه جل وعلا واستجابته لله جل وعلا ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]. ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]. ﴿ أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62]. فالله سبحانه وتعالى إذا دعاه العبد يكفر ذنوبه ويقبل توبته ويستجيب دعاءه سبحانه وتعالى السبب الثاني : الاستغفار والاستغفار أمره مهم جدا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصطفى الله من خلقه وأفضل البشر بل أفضل الأنبياء المرسلين أول من يدخل الجنة وهو الشافع المشفع في المحشر يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة كما أخبر عن نفسه عليه الصلاة والسلام وفي اليوم أكثر من مائة مرة قال نوح لقومه عليه السلام ﴿قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ [نوح: 10]. فالاستغفار إذا استغفر العبد غفر الله سبحانه وتعالى الذنوب فلنبدأا يومنا باستغفار ونختمه باستغفار يغفر الله لنا سبحانه وتعالى .
السبب الثالث : توحيد الله عز وجل والإخلاص له ومن مات على التوحيد ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة فالتوحيد إذا مات عليه الإنسان كفرت ذنوبه .
معنى التوحيد : أن يموت عابدا لله سبحانه وتعالى غير مشرك به ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) وفي الرواية الأخرى (حرم وجهه على النار) فمن مات على هذا التوحيد كان مغفرة لذنوبه بإذن الله عز وجل.
ثلاثة أسباب من مغفرة الذنوب لكن يجب ان نتنبه إلى عوامل القبول :الإخلاص في الدعاء تعظيم الله سبحانه وتعالى حضور القلب لله سبحانه وتعالى عدم أكل الحرام والتعامل بالحرام ،،استحضار نية الاستغفار لله سبحانه وتعالى كذلك استشعار عظمة الله جل وعلا استشعار عظمة الذنب والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب مرة أخرى استشعار قبول الاستغفار من الله سبحانه وتعالى .
قالت عائشة رضى الله عنها : طوبي لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا .
توحيد الله جل وعلا أعظم سبب من أسباب المغفرة فمن فقده فقد المغفرة ومن جاء به جاء بأعظم أسباب المغفرة قال تعالى : {‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا‏}‏ ‏[‏سورة النساء‏:‏ آية 48‏] وهذا تحت المشيئة إن شاء غفر له وإن شاء أخذه بذنوبه ثم كان عاقبته أن لايخلد في النار بل يخرج منها ويدخل الجنة .
ومن أنواع الشرك صرف نوعا من أنواع العبادة لغير الله سبحانه وتعالى ..لمراجعة أنواع الشرك نعود لشرح كتاب الأصول الثلاثة المقرر معنا.
قال الشبلي : من ركن إلى الدنيا أحرقته بنارها، فصار رمادا تذروه الرياح ... ومن ركن إلى الخرة أحرقته بنورها ،،فصار ذهبا احمر ينتفع به ...ومن ركن إلى الله أحرقه نور التوحيد فصار جوهرا لاقيمة له (أي لايقد ربثمن )
بهذا الحديث الشريف نختم اخر ماكتبه الشيخ رحمه الله من الأحاديث في كتاب الأربعين النووية ..... ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيب على الصواب وأن يضاعف الأجر والمثوبة للجميع وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال والثبات على هذا الدين .
ونحن نختم الأربعين أيضا نرجو قبول هذا العمل من الله سبحانه وتعالى ونرجو مغفرة ما وقع لنا من الزلل والخطأ وسبق اللسان والنقص والتقصير وكلنا كذلك كما نرجو أن يختم لنا قبول هذه الدورة العلمية بجميع ما جاء فيها من مقررات رجاء حسنا ويثيب الله سبحانه وتعالى
وأن نعود إن شاء الله في دورة قادمة بإذن الله عز وجل لنكمل المسيرة مع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
أعلى