شرح الحديث الخامس والسادس

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
الحديث الخامس، إنكار البدع
( عن أم المؤمنين أم عبد الله عـائـشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(من أحدث في أمرنا هـذا مـا لـيـس مـنه فهـو رد ). [رواه الـبـخـاري ومسلم].

وفي رواية لمسلم: ( مـن عـمـل عـمـلا لـيـس عـلـيه أمـرنا فهـو رد ).)

هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم، فهو متفق عليه .
وانفرد مسلم بالرواية الأخرى ( مـن عـمـل عـمـلا لـيـس عـلـيه أمـرنا فهـو رد ).
والفارق بين الروايتين هو : أن الرواية الأولى المتفق عليها في إحداث شيء جديد.
أما الرواية الثانية فهي أعم من الإحداث تشمل الإحداث للشيء الجديد أو أي عمل آخر ولذلك قال: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) فالرواية الثانية أعم من الرواية الأولى .


قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:- ( من أحدث ) يعني من أنشأ من اخترع من ابتدع
( في أمرنا ) المقصود بأمرنا هنا ديننا أو شرعنا.
قال: ( من أحدث في أمرنا هذا ) يعني في ديننا هذا دين الإسلام الذي بعث به محمد - صلى الله عليه وسلم -
ما ( ليس منه ) ما ليس من شرع الله - جلّ جلاله - بزيادة أو بشيء لم يكن منه من دين الله - سبحانه وتعالى -
( فهو رد ) أي فهو مردود على صاحبه، يعني فهو باطل، فهو غير مقبول.
ثم قال في الرواية الأولى: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) هذا الحديث في مسألة غاية في الأهمية، هذه المسألة ينبني عليها قبول الأعمال، أو رد الأعمال .
كما أنها تمثل أيضاً منهاجاً للمسلم في علاقته مع ربه - عزّ وجلّ - فالدين ليس بالهوى.. وليس بالعقل.. أي القصد منه ليس من عقل الإنسان أن يخترعه، وليس بالهواية والمزاج، وليس بالتقليل، وليس بالرغبات .
الدين منهاج ثابت جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند الله - عزّ وجلّ - هذه هي المسألة التي يدور عليها ولذلك نفصل هذه المسألة من خلال هذا الحديث في و المسائل الآتية:

المسألة الأولى: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم:- ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ) أي أمرنا كامل لا يحتاج إلى زيادة ولا نقصان فهذا الدين دين كامل قال تعالى ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ﴾[المائدة: 3].
المسألة الثانية :تبنى على المسألة الأولى بمعنى مسألتنا كلها حول الدين وزيادته ونقصانه .
إذا كان الدين كاملا فجميع شئون الحياة كلها تندرج تحت شريعة الله - عزّ وجلّ - سواء كانت عبادات، أو معاملات، أو تنظيم لحياة الناس الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، وغيرها، سواء كانت في الأفراد، أو الأسرة، أو المجتمع، أو المجتمعات الأخرى، أو العلاقة فيما بينها كلها تندرج تحت هذا الدين.
جميع شئون الحياة كلها نجد لها حكماً في دين الله - عزّ وجلّ - هذا مقتضى كمال الدين فليس هناك شاردة ولا واردة في شئون الحياة كلها إلا ونجد لها حكماً في كتاب الله يندرج تحت دليل أو تحت قاعدة.

المسألة الثالثة: أن من زاد في دين الله ما ليس منه غير مقبول بمعنى أنه مردود على صاحبه .
أي كل ما زاد في دين الله مما هو تعبد لله - عزّ وجلّ - ا غير مقبول، الضابط في هذا ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
المسألة الرابعة: تطبيق من نعتمد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - الضابط في هذا نظرياً هو هذا الحديث وعملياً هو الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب على الثلاثة الذين جاءوا ينظرون إلى عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته، فلما ذكرت لهم عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنهم تقّالوها، يعني نظروها قليلة، ثم رجع بعضهم إلى بعض غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر نحن مساكين ضعاف، فقال واحد منهم أنا أقوم الليل لا أفتر أصلي طوال الليل، وقال الآخر: أنا أصوم النهار لا أفطر مطلقاً دائماً، وقال الثالث: أنا لا أتزوج النساء يعني أتعبد تكون حياتي كلها عبودية لله - سبحانه وتعالى - سمعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب ثم صعد المنبر فقال: ( مال بال أقوام قالوا كذا وكذا أما إني أتقاكم لله وأخشاكم لله أما أني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) .
إذاً الدين منهاج، جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - طبقه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمل به فما زاد عنه فهو غير مقبول .
المسالةالخامسة: وهي ما قاله أهل العلم الذي يمثل قاعدة في هذا وهي أن الأصل في العبادات أن تكون توقيفية .

العبادات توقيفية أي موقوفة على الدليل، العلاقة مع الله - عزّ وجلّ - بالدليل، هذا الفعل عليه دليل من القرآن عليه دليل من السنة أعمل به، عليه إجماع من أهل العلم أعمل به فأما غير ذلك فلا أعمل به أما القياس لا يرد في العبادات .
إذاَ ما دل عليه الدليل عبادات توقيفية بمعنى أنها موقوفة على الدليل، والدليل هو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما أجمع عليه أهل العلم .
الأمثلة من كتاب الله كثيرة مثل إيجاب الصلاة، إيجاب الزكاة، إيجاب الصيام، إيجاب الحج، إيجاب بر الوالدين، وهكذا.
قال أهل العلم: بناء على هذا الحديث الأصل في العبادات أن تكون توقيفية ولذلك قال الله - سبحانه وتعالى - ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾[النساء:65] . لابد من التسليم الوقوف على الدليل.

المسألة السادسة :أن أمور العبادات لا يحكم عليها بالعقل ولا بالمزاج ولا بالهوى الدين ليس دين عقل العقل دليل ومرشد في أمور الحياة يدل على الله - سبحانه وتعالى - فالعقل له وظائف لكن ليس من وظائفه أن يشرع لنا في عباداتنا إنما التشريع من الله - سبحانه وتعالى - عن طريق رسوله - صلى الله عليه وسلم -
العقل له وظائف والإسلام وضع العقل في منزلته الحقيقة الذي لا يطغى فيها فيضل ولا يعطل فيها، فلا يستخدم الاستخدام الصحيح فتتعطل كثراً من أمور الحياة ولذلك من ضوابط هذا العقل ألا يستخدم في أمر العبادات لله - سبحانه وتعالى - و مهما حاولنا أن نبحث في عقولنا عن الحكمة لماذا الظهر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات ؟ ما نجد مطلقاً مهما كان، حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل في حديث جبريل عن الساعة، قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) لم يستخدم عقله فيما ليس فيه في الأمور الغيبية في أمور العبادات هذه خارج عن نطاق العقل .
كذلك الرغبات، والهوى، والمزاج فيما يرغبه الإنسان، أو فيما يريده لا يكون في أمور العبادات، والله - سبحانه وتعالى - وضع لنا مساحة كبيرة في العبادات نتجول في هذه المساحة من الفرائض المفروضة يلزم الإتيان بها، هناك مستحبات في كثير من العبادات أنتقي منها ما أستطيعه، وما أستطيع الاستمرار به في الصلوات في الصيام في الإنفاق في الحج والعمرة، أنتقي أشياء كثيرة في قراءة القرآن في ذكر الله - عزّ وجلّ - في الدعاء .
كذلك في العلاقة مع الله في أمور الاعتقاد يعني أن الله - سبحانه وتعالى - سمى نفسه بأسماء، ووصف نفسه بصفات، ليس لي أن أقول: هذا الاسم ليس على ظاهره أو أوله، الله يسمى نفسه حكيم، أقول: أنت لست بحكيم، الله - سبحانه وتعالى - يصف نفسه بالعلم، أقول: لا لست عليم، مثل الذين يقولون: أن الله لا يعلم ما يجري في خلقه إلا بعد كونها، إلا بعد أن تكون، فهذا تعدي على الله - سبحانه وتعالى - .
علاقة هذا الحديث بحديث عمر رضي الله عنه : الحديث الأول يمثل جانب وهذا الحديث يمثل جانب آخر جمعها أهل العلم بأن العبادة لا تكون مقبولة عند الله - جلّ وعلا - إلا بشرطين:
الشرط الأول: -عرفناه- وهو الإخلاص في حديث عمر - رضي الله عنه - ( إنما الأعمال بالنيات ) .
والشرط الثاني: أن يكون العمل على وفق ما جاء عن الله - جلّ جلاله - وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمعني أن يكون مشروعاً بالدليل، إذا اختل شرط من هذين الشرطين؛ فلا يقبل العمل ولو كان الإنسان يعمل ليلاً ونهاراً، إذا اختل الإخلاص لله - عزّ وجلّ - فعَمِلَ الإنسان -صام، صلى، حج، أنفق، ذكر، قرأ، إلى آخره، ولكن بغير نية الإخلاص إنما للرياء للسمعة، لطلب شيء من الدنيا، لمجاملة لشيء آخر؛ غير مقبول.
أو كان العمل على غير ما جاء عن الله - سبحانه وتعالى - أو عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - فكذلك غير مقبول .
من خرج عن المنهج التوقيفي في العبادات في العلاقة مع الله- خرج من مقتضى السنة، إلى مقتضى البدعة؛ ولذلك سمى أهل العلم بل سماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن من خرج عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من السنة إلى البدعة ( عليكم بسنتي وسنة الخلافاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة) ولذلك ما قابل السنة هو البدعة.
من خرج عن الدليل هو مبتدع لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً في حديث آخر (إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
من أسباب البدعة : (الهوي، والجهل، والتقليد )

البعد عن السنة: ومن الأثار المترتبة على البدعة أن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل إلى يوم القيامة، ومن سن في الاسلام سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) مثل ابني آدم الذين تقاتلا فقتل أحدهما الآخر عليه وزر القتل إلى يوم القيامة .
فالمبتدع الذي أنشأ بدعة في دين الله - عزّ وجلّ - سواء كانت بدعة اعتقادية، أو غير اعتقادية، أو عملية فهو عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .
والبدعة: هي كل ما أحدث في الدين على وجه التعبد .
الحديث السادس، الورع والإخلاص

عن أبي عبد الله النعـمان بن بشير -رضي الله عـنهما- قـال: سمعـت رسـول الله -صلي الله عـليه وسلم- يقول: ( إن الحلال بَيِّن، وإن الحـرام بَيِّن، وبينهما أمـور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه، ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام، كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يَرْتَعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله، وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه، ألا وهي الـقـلب) [رواه البخاري ومسلم] )

الحديث رواه البخاري ومسلم فهو متفق عليه، والمتفق عليه في أعلى درجات الصحة .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن الحلال بَيِّن، وإن الحـرام بَيِّن ) بَيِّن يعني ظاهر واضح ليس فيه غموض.
قال (وبينهما أمـور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس ) يعني بين الحلال والحرام، أمور تشتبه على الناس لم يتبين هل هي حلال أو هي حرام ؟
و المشتبه ليس في دين الله، دين الله معلوم .
قال ( فمن اتقى الشبهات ) جعل بينه وبينها وقاية
(فقد استبرأ لدينه وعرضه ) يعني طلب البراءة لدينه من النقص وعرضه من القدح، فابتعد عما ينقص دينه وعما يقدح في عرضه.
قال: ( ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى ) إما أنه وقع في الحرام؛ لأنه لا يدري هل هي حلال أو حرام فقد وقع فيها ؟
وإما أن من وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ لأنه قرب من دائرة الحرام فيزل فيه .
مثل النبي - صلى الله عليه وسلم - كالراعي يرعى حول الحمى، الراعي يعني قد تحمى هذه الأرض يحميها إنسان له كما مثّل النبي - صلى الله عليه وسلم - ملك يحمى حمى، والحمى: المكان المقتطع الكبير فتأتي المراعي أي من الماشية فترعى حول الحمى الماشية لا تعقل، فقد تدخل للحمى،
قال: ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ) يعني يرعى فيه ( ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه ) ومحارم الله الحدود الذي وضعها لا يجوز التعدي عليها، وهي إذا اقترفها، اقترف معصية
( ألا وإن حمى الله محارمه ) ثم قال ( ألا ) ألا هذه انتقال من معنى إلى آخر ( ألا وإن في الجسد مضغة ) المضغة قطعة من اللحم، ( إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ) هذا إشارة إلى المصدر ( ألا وهي القلب ) ما هذه المضغة؟ قال: هي القلب .
هذا الحديث حديث عظيم جداً لأنه يبين أصلاً من الأصول في التعامل مع الأشياء .

المسالة الاولى : في التعامل مع الأشياء : من رحمة الله - عزّ وجلّ - ومن فضله ومنته - سبحانه وتعالى - أن لم يجعل يعني الدنيا كلها حرام علينا، بل جعل هناك مساحة كبيرة جداً حلال، وهناك أيضاً مساحة حرام فبين لنا الحلال ما هو؟ والحرام ما هو؟ وهذا الحلال يتناسق مع حاجات الإنسان لا يمكن ألا يوجد لحاجات الإنسان شيء لا يكون حلالاً مطلقاً، ولا يجده إلا في الدائرة الأخرى في الحرام، ثم من فضله - سبحانه وتعالى - أن جعل الحلال بيّن واضح والحرام بيّن .
في أحد من المسلمين لا يعرف أن الخمر حرام ؟ واضح بين .
في أحد من المسلمين يقول إن الطماطم حرام ؟ لا .
إذاً الحلال بيّن في هذه الأشياء، الحرام بيّن .
في أحد من المسلمين يقول السيارة حرام ؟لا، الحلال بيّن.
في أحد من المسلمين يقول اغتصاب مال الغير حلال ؟ إذاً الحلال بين والحرام بين .
إذاً من فضل الله - عزّ وجلّ - أن جعل هذا الحلال بينا، وهذا الحرام بينا فهو واضح ولهذا قال الله - سبحانه وتعالى - ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى ﴾[النحل: 89] .
موقف المسلم من المشتبهات :
إما أنه يبتعد عنها أو يقربها، ومصدر الحل والحرمة هو التشريع، هو شرع الله - عزّ وجلّ - هو الدليل الشرعي هو الله - سبحانه وتعالى - والذي بلغ عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ( فمن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن حمى الله محارمه )
مصدر التشريع مصدر العمل هو الله - سبحانه وتعالى - مصدر الأحكام هو الله - سبحانه وتعالى - .
النقطة الأخيرة في هذه الوحدة هي ذكر أهل العلم قاعدة في هذا الباب وهي: الأصل في الأشياء الإباحة، بخلاف العبادات، قلنا: الأصل في العبادات التوقيف، بمعنى هل هذا العمل دل عليه الدليل أم لم يدل عليه الدليل، هذا في العبادات، لكن في الأشياء الأصل الإباحة، إذاً لابد في الأشياء إذا قلنا أنها حرام، نبحث عن دليل لها، لكن الأصل أنها حلال، ولذلك أحل الله البيع وحرم الربا والبيوع معاملاته كثيرة، والربا محصور .
الوحدة الثانية: وهي نسميها وحدة القلب، ليست عيادات القلب عند الأطباء، ولكن في التشريع والعمل الصالح، بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ملك الأعضاء هو القلب، فهو الذي يحرك اللسان ويحرك الأذن ويحرك العين ويحرك الجوارح، ويحرك حركات الإنسان وأعماله الأخرى.
إذا صلح هذا القلب صلح الجسد كله، صلحت عينه، صلحت أذنه إلخ، وإذا فسد القلب فسدت الجوارح كلها.
مثلا هذا الذي ارتكب الزنا لو كان الإيمان قوياً في قلبه هل يرتكب الزنا ؟ لا، هذا الذي سرق لو كان الإيمان في قلبه قوياً ما سرق.
لذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) .
إذاً هذا الذي استمع إلى محرم كذلك يستمع للغيبة والنميمة والكذب وقول الزور والسخرية بالله وبدينه وبالمسلمين، لو كان هذا المستمع قلبه مؤمن قوي ما استمع لهذا وهكذا في بقية الأمور، هذا القلب يجب أن نصلحه، وأن نبحث عن عوامل إصلاحه لكي تصلح بقية الجوارح.
من أهم عوامل الإصلاح:
العامل الأول: استشعار عظمة الله - عزّ وجلّ - فالإنسان لما يعظم شيئاً يقدره، ولذلك الإنسان لما يعظم ربه - عزّ وجلّ - حينئذ يقف عند حدوده ولا يتعداها مطلقاً فيصلح قلبه، هذا واحد .
العامل الثاني: يرتبط بالله - عزّ وجلّ - بعوامل الارتباط الذكر الدعاء قراءة القرآن هذه دائماً تبقى الإنسان على صلة بالله - عزّ وجلّ - فيتذكر كثيرًا من الأشياء .
الأمر الثالث: العمل بالفرائض، الله فرض عليك فرائض تعملها، لا تخالفها هذا مما يحي القلب والله - سبحانه وتعالى - يحي قلبك بعمل الفرائض .
الأمر الرابع: الإكثار من السنن والمستحبات أكثر أكثر منها من أجل أن يحيا قلبك ولا تجعل للشيطان مداخل .
من ذلك أيضًا: استصلاح ما يفسد من القلب، بمعنى أن يغسل الإنسان ما يأتي قلبه من الران والوسخ بالتوبة النصوح المستمرة.
ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر من الاستغفار والتوبة، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما بالك بعامة الناس، فيكثر من التوبة والاستغفار.
الأمر الأخير: يعود نفسه على مكارم الأخلاق ومن أهمها العفو عن الآخرين، لا ينمي في قلبه الحقد والحسد والكره، للآخرين، لا .
ينمي في قلبه العفو والتواضع، حتى ولو اعتدى عليه الآخرون ولو أخطأ عليه الآخرون مقتدياً بالنبى - صلى الله عليه وسلم -.
ولذلك يوسف - عليه السلام - بعدما عمل إخوته ما عملوا في الأخر يقول: ماذا؟ ﴿ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾[يوسف:92] .
البدعة المفسقة وما البدعة المكفرة؟ وكيف يفسر بالتالي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ( من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئ) الحديث
الأم إذا علمت طفلها الفاتحة، ودرسته فاتحة الكتاب، وهذا الطفل تعلم من أمه وعلم أبناءه، وأبناؤه علموا أبناءهم، هذا أجر الابن الأول، وأبناؤه وأبناء أبنائه لهذه الأم التي علمت هذا الابن هذه الفاتحة، من غير أن ينقص من أجور الأبناء شيء هذا من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهكذا.
أهدى فلان كتاباً لفلان من الناس، وأهداه الآخرفانتفع به فهذا سن في الإسلام سنة حسنة لا يلزم أن تكون سنة كبيرة ولو في أعين الناس كانت صغيره لكن عند الله عظيمة .
أما السنة السيئة لو عمل محرماً مثل لو ابتدع في دين الله - عزّ وجلّ - مثل إنسان لا يفطر بعد آذان المغرب إلا بنصف الساعة واستمر على هذا، واقتدى به أبناؤه وأبناؤهم فهذه بدعة وصيامه صحيح لكنه خالف النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت الإفطار هنا باستمرار، فأصبحت بدعة، هذه البدعة أصبحت سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى