سورة الشمس والليل

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
سورة الشمس

وقد ورد في فضلها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد معاذًا لما اشتكاه ذلك الرجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفتَّانٌ أنت يا معاذ؟! أفلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى؟». فنصَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه السورة.
ولا يثبت لهذه السورة فضيلة خاصة إلا ما ورد من الفضائل العامة في القرآن أو في المفصل بشكلٍ أخص.
هذه السورة العظيمة سُميت: سورة الشمس، ولا يُعرف لها اسم غير هذا الاسم، فتسمى في بعض الكتب: الشمس، وفي بعض الكتب: والشمس وضحاها. وعلى كلٍّ الاسمان لا فرق بينهما.
هذه السورة الكريمة ليس لها سبب نزول، كأغلب سور القرآن، ليس لها سبب نزول؛ لأن القرآن نزل على وجهين:
- منه ما يكون له سبب نزول، كأن تكون هناك حادثة معينة، أو سؤال يُسأله النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فتأتي السورة جوابًا لذلك السؤال، أو تأتي السورة ذاكرة ذلك الحادث.
- وكثير من سور القرآن نزلت ابتداءً؛ أي من عند الله -عز وجل- تذكيرًا للعباد.
عدد آياتها عند عامة العادِّين: خمس عشرة آية، وقد عُدَّت في بعض العدد كالمدني الأول والمكي: ست عشرة آية.
قال الله -عز وجل: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، قوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا جعلت آية، ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، صارت هي الآية الخامسة عشرة، ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا، صارت الآية السادسة عشرة.
سورة الشمس من السور المكية، وعلى هذا عامة المفسرين.
من العلماء مَن يقول: إن هذه السورة جاءت في تهديد المشركين، إما أن يُقيموا على طاعة الله -عز وجل- أو ينزل بهم ما نزَل بقوم ثمود.
ومنهم مَن قال: إنها جاءت للحثِّ على طاعة الله وتوحيده، والنهي عن معصية الله والشرك به، وذلك من قول الله -عز وجل: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا.
ويمكن أن يكون موضوعها: تزكية النفس؛ وذلك لأن القسَم في هذه السورة كان على تزكية النفس، ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، ومن زكَّى نفسه استحق الكرامة عند الله -سبحانه وتعالى-، ومن دسَّاها وأخفاها وأخملها بمعصية الله استحق العقوبة.
وجاءت الأقسام في السورة مبينةً هذا الأمر .
فهي تُقسم بالشيئين المتضادين، الشمس والقمر، الليل والنهار، والسماء والأرض، فكذلك النفوس، منها مَن يتزكَّى.
ولذلك يأتي في سورة الليل ما يؤكد هذا المعنى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى، [الليل 1-4 ] سعيكم مختلف.
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل 5-10].
فجاءت هاتان السورتان كأنهما تبينان الاختلاف الواقع بين الخلق في طاعة الله -سبحانه وتعالى-، والأخذ بأسباب التزكية والفلاح والنجاح، وترك ذلك، وتدسية النفس وإخمالها بمعصية الله -سبحانه وتعالى.
ليس هنا مكان للواقفين، وليس هناك موقع متوسط بين طريق اليمين وطريق الشمال، إما أن تكون من هؤلاء أو من هؤلاء، ولا طريق ثالث بينهما.
هذه السورة جاءت مناسبة لسورة البلد؛ لأن في سورة البلد ذكر الله -سبحانه تعالى- أو أقسم على أن الإنسان في كبد، وبيَّن أنه هداه النجدين، فإما أن يأخذ بطاعة الله -عز وجل- وهو أحد النجدين اللذين على الإنسان أن يأخذ بهما، فيُفلح ويُنجح ويكون من أهل اليمين، وإما أن يدع نفسه على ما هي عليه فلا يقتحم العقبة، فيدخل النار المؤصدة.
جاءت هذه السورة لتؤكد هذا المعنى أيضًا، فقد قال الله -عز وجل: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا.
هناك: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد: 10]، وهنا: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا.
وفي سورة الليل: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل: 4- 10].
هذه السور الثلاث كأنما هي دائرة واحدة يكمِّل بعضها بعضًا، والقرآن كله يدور حول هذه النفس وتزكيتها وتقويمها، والعلو بها إلى مدارج الكمال، وبيان الطرق الموصلة إلى الله -سبحانه وتعالى-، وتحذيرها من الطرق المخالفة الموصلة إلى عقاب الله -جل وعلا.
نبدأ هذه السورة بقول الله -عز وجل- وبقول الله -سبحانه وتعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، أقسم الله -عز وجل- في بداية هذه السورة بعدد من مخلوقاته، وأقسم بنفسه الكريمة، فالمُقسَم به في هذه السورة أحد عشر قسمًا، أو الأقسام في هذه السورة أحد عشر قسمًا.
قال الله -عز وجل: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا هذا الثالث، ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، هذه أحد عشر قسمًا.
أين جواب القسم؟
أكثر العلماء على أنه في قول الله -عز وجل-: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وقالوا: إن اللام في جواب القسم أُسقطت لطول الفصل بين القسم والمقسم عليه.
وبعضهم قال: إن جواب القسم مقدَّر، أي: لتبعثن. ولا يظهر ذلك، فإن الظاهر ما عليه الجمهور من أن جواب القسم: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا.
طيب، نبدأ بالقسم الأول: ﴿وَالشَّمْسِ، أقسم الله بآية عظيمة يراها كل الخلق في الغرب والشرق والشمال والجنوب، وكل الناس يعرفون هذه الآية العظيمة، وهي من أجلى آيات الله التي يشاهدها الخلق.
ونلاحظ أنه في القرآن يكون القسم بأشياء واضحة يتفق الناس عليها وليس بأشياء خفية يختلفون فيها وذلك لأن هذا القرآن ليس لأمة معينة، أو للعلماء، أو لطائفة محددة، بل هو للثقلين الإنس والجن.
﴿وَضُحَاهَا بمعنى: ضوئها.
يعني: والشمس وضوئها الذي يكون منه الضحى. لأننا إذا قلنا: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا أي والنهار، لكان ذلك مُكررًا مع قوله: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا.
فالظاهر أن قوله: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا؛ أي وضوئها الذي يشعُّ منها.
ثم قال: ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا﴾؛ أي تبعها، فالقمر تابع للشمس، ومنه يستمد النور، فالقمر لولا الشمس ما ظهر منه شيء؛ لأنه يعكس نور الشمس، ولذلك هو تبعٌ للشمس.
قال: ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، هل معنى قوله: ﴿جَلاَّهَا أي جلَّى الشمس؟ أو ﴿جَلاَّهَا أي: جلَّى شيئًا آخر لم يُذكر فيما تقدم؟
لو قال: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، يفترض أن تكون الأرض قد مرَّت حتى يعود الضمير على مذكور.
{تعود إلى الشمس}.
نعم، ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، جلَّى الشمس، لأن الضمائر هنا كلها تعود إلى إلى الشمس.
قال: ﴿وَضُحَاهَا؛ أي وضحى الشمس.
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا﴾، تلا الشمس.
و﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا؛ أي جلَّى الشمس وأوضحها. هذا قول.
وبعض أهل اللغة يقول: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا؛ أي جلَّى الظلمة، وأنارها أو أزاحها.
قالوا: ويمكن أن يعود الضمير على غير مذكورٍ إذا كان معروفًا.
فإذا كان معروفًا مستقرًّا في الأذهان؛ يمكن أن يعود الضمير عليه للعلم به.
قال: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ يغشى الشمس؛ أي يغطيها بظلامه، والغشيان بمعنى التغطية.
قال: ﴿وَالسَّمَاءِ، هذا قسمٌ أيضًا بالسماء، نلاحظ دائمًا هنا الإقسام يأتي بالشيء ونظيره أو ضده أو ما يقابله، الشمس يقابلها القمر، النهار يقابله الليل، السماء يقابلها الأرض، كأنه يقول: إن الكون مبني على هذه المزاوجة والمقابلة.
قال: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا، أقسم الله بالسماءِ، هذه القبة العظيمة والبناء الضخم العالي الذي نراه أضخم شيء في أعينِنا، ولكن ليس أكبر شيء في مخلوقات الله، لأن أكبر مخلوقات الله هو العرش، ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة: 17].
قال: ﴿وَمَا بَنَاهَا، "ما" هنا ماذا تعني؟
قسَمٌ بالله -جل وعلا- هذا قول.
فـ "ما" هنا صالحة لأنْ تكونَ موصولةً كأنها بمعنى: والسماء ومَن بناها، والذي بناها، فيقسم الله بالسماء، ويقسم بمَن بناها وهو نفسه -جل وعلا- هذا قول.
القول الثاني: أن "ما" هنا يمكن أن تكون مصدرية، فيكون المعنى: والسماء وبنائها المحكم والعظيم والقوي والشديد، فيقسم الله بالسماء وبنائها.
وهذا أيضًا صحيح؛ لأن "ما" تصلح للدلالة على هذا وعلى هذا، ومتى صلحت للمعنيين من دون تضاد أمكن اجتماعهما، فإنه يمكن القول بهما. وهذا هو المذهب الصحيح في المشترك اللغوي، وهو أنه متى صحَّ حمل الآية على المعنيين من غير تضاد جاز تفسيرها بكلا المعنيين، فنقول: والسماء والذي بناها، وبنائها، أو: والسماء وبنائها، والذي بناها.
وليس هناك شيء يمنع من أن يُقسم الله بنفسه أو يقسم بفعله وهو بناؤها .
قال: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا، أقسم بالأرض المقابلة للسماء، وهي هذا الكوكب الذي نحن نعيش عليه، جعله الله ممهدًا لنا، منه خلقنا، وفيه يُعيدنا.
قال: ﴿وَمَا طَحَاهَا معنى "وما" هنا نفس الكلام أيضًا.
﴿وَمَا طَحَاهَا، يمكن أن تكون موصولة، فيكون المعنى هو الأرض ومَن طحاها؛ أي والذي طحاها، وهو الله -سبحانه وتعالى.
ويمكن أن يكون المعنى: والأرض وطحوها، يعني بسطها، فالله يقسم بالأرض ويقسم ببسطها، ويقسم بنفسه التي بسطت هذه الأرض.
فمعنى طحا: أي بسط.
قال: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، أيضًا نفس الكلام السابق، أقسم الله بالنفس بعد أن أقسم بهذه الآيات العظيمة المتقابلة، الشمس والقمر والنهار والليل، السماء والأرض، أقسم بالنفس؛ ليبيِّن أن النفوس ليست شيئًا واحدًا، بل هي نفوس مختلفة.
وهذا المعنى جاء في البلد، وهي آية عظيمة جدًّا، بل هي من أعظم الآيات التي يستدل بها الإنسان على قدرة الله -سبحانه وتعالى.
قال: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ﴾، ثم قال بعدها: ﴿أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الذاريات: 21]، فهي آية عظيمة لمن تبصَّر، والخلق الآن مع سعة علمهم وكثرة مكتشفاتهم، يقال: إنهم لم يكتشفوا من أسرار هذه النفس إلا ما يوازي واحد في المائة، هذا في ظنهم، وقد يكونوا لم يصلوا إلى هذا الواحد، لكن يطنون أنهم اكتشفوا الآن واحد في المئة من أسرار هذه النفس، فأسرارها عظيمة وعميقة وواسعة، لا تحدها الحدود، ولا تدركها العقول.
طيب، قال: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا؛ أي والذي سواها، وهو الله -سبحانه وتعالى.
أو: ونفسٍ وتسويتها، يقسم الله بالنفس وبفعله -سبحانه وتعالى-، يسقم بالنفس المخلوقة، وبفعله لها عندما سوَّاها وأوجدها وخلقها وكوَّنها، قال: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا.
ثم بيَّن أن الله جعل في هذه النفس شيئين متقابلين: الفجور والتقوى، وألهمها العلم بهما، فكل النفوس تعلم أصل الفجور وأصل التقوى، هذا معلوم لدى النفوس بالإلهام.
نفس الإنسان هل هي تركن للصدق أو إلى الكذب؟ بغضِّ النظر عن كونه متديِّنًا، مسلمًا، يهوديًّا، نصرانيًّا، بوذيًّا؛ كل النفوس تحب الصدق وتأنف من الكذب، بل لو جئت حتى إلى الكذاب نفسه وقلت له: يا كذاب يغضب.
هذا يدل على أن الله وضع في النفوس معرفة الفجور من التقوى.
كل النفوس تحب العدل وتهفو إليه، وتأنف من الظلم وتأباه، ولو كانت تمارسه، ولو قلت للظالم: يا ظالم، ممكن يضربك ويحاكمك ولو كان ظالمًا صريح الظلم.
الشرك والتوحيد واضحان في النفس البشرية، صحيح أن الإنسان يحاول تسويغ هذا الشرك ويُجلب بالأدلة والبراهين الوهمية على أن هذا الذي يشرك به يستحق العبادة؛ لكن النفس من داخلها تأبى ذلك.
تقول: كيف تعبد حجرًا؟ كيف تسجد لحجر أنت صنعته بنفسك؟ لا يمكن ذلك!
فمهما حاولت إيهام النفس بان هذا هو الحق؛ النفس من داخلها تأبى ذلك؛ لأن الله قد ألهمها فجورها وتقواها، قد جعل ذلك إلهامًا فيها، وهذه قضية -يا إخواني- مهمة جدًّا، وهو أن نعلم أن النفوس -وهذا من إقامة الله الحجة على العبد- قد جعل فيها ما تعرف به الحق من الباطل، كما قال: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد: 10]؛ أي بيَّنَّا له طريق الحق من الضلال.
وقال: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان: 2، 3].
قال: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، الفجور هو الخروج عن الطاعة، والتقوى كون النفس مستقيمة على طاعة الله متقية لله خائفة منه، قائمة بأمره.
قال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، بعدما بيَّن الله -سبحانه وتعالى- أن هذه النفس لما سوَّاها -سبحانه وتعالى- فجعل فيها فجورها وتقواها؛ بيَّن أن الذين يفلحون هم صِنفٌ واحد من البشر، مَن هم؟
هم أولئك الذين يزكون هذه النفس، فالنفس تعلم الحق من الضلال، تعلم الحق من الباطل، الإيمان من الكفر، ولكن تختلف النفوس.
فمن النفوس مَن تترقى وتصعد وتزكي نفسها، ومن النفوس مَن تأبى، ترى الحق وترى الباطل وتدرك الفرق بينهما، ولكنها تأبى أن تعمل بشيء، فهذا هو الفرق، الفرقان العظيم بين هذه النفوس وهذه النفوس.
قال الله -عز وجل: ﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾، الفلاح في العربية يطلق على إدراك المطلوب، ومنه الفلَّاح الذي يحرث الأرض ليدرك مقصوده منها بخروج الزرع والثمار وغير ذلك.
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا معنى ﴿زَكَّاهَا
التزكية في اللغة تطلق على شيئين:
- على التطهير.
- وعلى النَّماء.
فقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا؛ أي طهرها من الذنوب، طهرها من الشرك، طهرها من الأخلاق السافلة، طهرها من البدع، كل ذلك تحتاج النفس إلى تطهير منه.
وأيضًا نمَّاها؛ لأن الزكاة تطلق على النَّماء، قال: زكا الشيء أي نما، والزكاة التي هي الركن الثالث من أركان الإسلام مأخوذة من هذين، فهي تطهير للمال ونماء له، كذلك تزكية النفس.
ركناها العظيمان: لا تقوم تزكية النفس إلا على تطهير ونماء.
ولذلك بعض الطوائف المنتسبة للملة تقوم على التطهير، بمعنى أنها تشتغل على تخلية النفس من الأفكار والخواطر ومن الذنوب والمعاصي، لكنها لا تقوم في مقابل ذلك بتنمية هذه النفس وتزويدها بالإيمان والعمل الصالح، فالنفس لا تخلو، لا بد لها مما يشغلها ويملؤها، فأنت يكون لك دور في تصفيتها وتنظيفها وتبيضها من هذه الفواحش والظلمات وهذه الأفكار الباطلة، وهذا الشرك، وهذه البدعة، والنيات السيئة، ويكون مقابل ذلك أن تغذيها بالعمل الصلح، بالطاعة، بالذكر، بالتوحيد، بالإيمان، بالتعلق بالله -عز وجل- لكي تفلح، فالنفس لا تزكو إلا بهذين.
كيف يزكِّي الإنسان نفسه
نقول: يبدأ أولًا بقلبه، فأصل زكاة النفس تبدأ من القلب، ولذلك الإيمان محله الأول القلب.
فالبداية الصحيحة لتزكية النفس تبدأ من القلب، بأن يعمل الإنسان بالأعمال القلبية التي تُنير الإيمان في قلبه، وتُقوِّي قلبه، فإذا قوي القلب واستقام، استقامت الجوارح تبعًا رُغمًا عنه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».
وعليه: التزكية لها ركنان:
- تخلية.
- وتحلية.
تطهير، ونماء. هذان ركنان.
في ميدان القلب، وميدان اللسان، وميدان الجوارح.
نبدأ بالقلب، ثم اللسان والجوارح، فإذا فعلنا ذلك حصَّلنا هذه التزكية.
وقوله: زكَّى، وتزكَّى، كلها أفعال تدل على الاعتمال والتكلف، ولذلك قال في سورة البلد قبل سورة الشمس: ﴿فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ [البلد: 11]، فسمى أعمال الطاعة عقبة. حُفَّت الجنة بالمكاره، لأن الله -عز وجل- يبتلي العبد كيف تحصِّل هذا النعيم العظيم إلا بطريق محفوف بكثير من الأشياء التي تخالف هوى النفس، فأنت تحتاج إلى عمل وجدٍّ واجتهاد، وصيام، وقيام، وذكر، ومجاهدة للنفس على كل الأصعدة.
قال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ﴾؛ أي خسر. ﴿مَن دَسَّاهَا معنى ﴿دَسَّاهَا
{معنى دساها: أخفاها}.
أخفاها، دساها أي أخفاها وأخملها. كيف تكون تدسية النفس؟
قالوا: بالمعاصي، فإذا عصى الله -سبحانه وتعالى- وترك الطاعات وترك التزكية فقد أخفى نفسه؛ لأن التزكية صعود، التزكية ارتفاع، والتدسية أن تدع نفسك على ما هي عليه، فأنت إذا تركتها على ما هي عليه ما نهيت النفس عن الهوى، فإنك تُخملها بذلك، فهي تسفُل وتنزل، ثم ضرب الله لنا مثلًا بقول: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾، هذا المثل هو أمة ثمود، لماذا اختيرت ثمود؟
أولًا: لأنها أمة تعرف العرب تاريخها، وترى العرب آثارها، وآثارها باقية شاهدة إلى اليوم يراها الناس قائمة ماثلة أمام أعينهم.
يقول الله -عز وجل: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾، هذه الأمة التي تعرفون تاريخها وماذا صنع الله بها، والعرب يعرفون ماذا حصل لثمود، ماذا حلَّ بهم، من أين أتوا، ولا ينكرون ذلك، ويرون آثارهم ويمرون بديارهم
ثانيًا: لأن هذه الأمة واضح جدًّا، الذنب الذي وقعوا فيه بيِّن لكل ذي عينين، يسهل عرضه وضرب المثال به، ليس أمرًا خفيًّا، بل ولا طويلًا أو معقدًا، وليس فيه حجج ولا براهين، ولا ..، نبي جاء بآية من عند الله -عز وجل- وهي هذه الناقة التي خرجت من بطن الصخرة، ثم اشترط عليهم نبيهم أن يكون لها شربٌ ولهم شرب يومٍ معلوم، وقال لهم: لا تمسوها بسوء، فهم -والعياذ بالله عز وجل- استهانوا بأمر هذا النبي، وخالفوا ما اشترط عليهم، فكذبوه فعقروها، فأنزل الله -عز وجل- عليهم بأسه ونقمته وعذابه.
قال: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾، معنى ﴿بِطَغْوَاهَا﴾ الباء {السببية}.
السببية؛ أي بسبب طغيانها، كذبت ثمود، المسبب لهذا التكذيب هو الطغيان، أمة طاغية، فما حملها على التكذيب أنها وجدت ما يؤكد لها هذا التكذيب أو يبرر لها هذا التكذيب، وإنما هو الطغيان، أمة تريد أن تفعل ما تشاء، لأنها قادرة وقوية وقد أعطاها الله بسطة في الأجسام وقدرة على فعل الأشياء، فظنت أنها بذلك لن يستطيعَ أحد أن يغلبها أو يتمكَّن منها، هذا هو الطغيان، تجاوز الحد، فإذا تجاوز الإنسان في نفسه حدَّه سُمي طاغيًا، كما يُقال: إذا تجاوز الماء الحد المعتاد، قال طغى الماء، ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا المَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ [الحاقة: 11]؛ أي زاد وتجاوز الحد المعهود.
قال: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾؛ أي بسبب طغيانها، وسماه الله -عز وجل- في سورة الحاقة، قال: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ [الحاقة: 5]؛ أي الصيحة المهولة التي نزلت عليهم، وحلت بديارهم، فأزهقت نفوسهم وقتلتهم شرَّ القِتلة.
قال: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، انبعث: أي خرج من بين هؤلاء أشقاهم، فهم كلهم أشقياء. لماذا كلهم أشقياء؟ لأنهم كانوا موافقين على الفِعلة، فهو لم يفعلها بأن استبدَّ بالفعل من بينهم وافتأت عليهم، بل فعل ذلك عن رأي منهم وإجماع منهم، حتى قيل إنه لم يفعل ذلك حتى أقرَّ له بذلك كلُّ صغير وكبير من قبيلة ثمود.
قال: ﴿انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، والأشقى هذا عند عامة المفسرين يجتمعون على اسمه، وسبب الاجتماع على اسمه فيما يبدو أن العرب كانت تتوارث ذلك التاريخ وتعرفه، اسمه قُدار بن سالف، كل مَن ذكره من السلف ذكره بهذا الاسم -فيما رأيت.
قال: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ،صالح، رسول الله هو صالح -عليه الصلاة والسلام- وهنا يُبيَّن لنا شيءٌ في علم التفسير اسمه الوجوه والنظائر، أن كلمة رسول الله تأتي في بعض السور أو في بعض المواطن بمعنى موسى، وتأتي في بعض المواطن بمعنى محمد، تأتي في بعض المواطن ويراد بها صالح أو هود أو غير ذلك من أنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام-، هذا ما يسمى عند العلماء بالوجوه والنظائر، كلمة يكون لها أصل أو دلالة في اللغة، لكن يختلف تطبيقه في المعنى في الموطن المحدد، أو في وجوهه المختلفة في القرآن.
قال: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ [المزمل: 16]، ما المراد بالرسولموسى الذي أرسل إليه، وهو موسى -عليه الصلاة والسلام.
هنا: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ؛ أي المرسَل من عند الله، وهو صالح -عليه الصلاة والسلام.
﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا، ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾؟ لماذا قال: "نَاقَةَ" ، ولم يقل: "ناقةُ"؟
لأنها مفعول بها، كأن مفهوم الآية يقول: دعوا أنتم ناقة الله.
أي : منصوبًا على التحذير، يعني: احذروا ناقة الله. هذا ما يسمى النصب على الإغراء والتحذير، كما تقول: الصلاةَ الصلاةَ. ماذا تقصد؟ الإغراء، أخصُّ الصلاةَ وأحثُّ.
أما هنا فهي منصوبة على التحذير، يعني احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء، واحذروا سقياها؛ أي المكان الذي تستقي منه؛ لأنه اشترط عليهم أن يكون لها شربٌ ولهم شرب يوم معلوم، هكذا اشترط عليهم صالح -عليه الصلاة والسلام.
قال: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ، كذبوه فيما جاء به من أن لها يوم محدد، وأنهم إن مسوها بسوء نزل بهم عذاب؛ لأنه كان يقول: إن مسستموها نزل بكم عذاب الله، كذبوه في ذلك، فهم أصلًا لم يصدقوه في رسالته علمًا بأنه جاء بآية من أعظم الآيات بيِّنة، لا يمكن أن يستطيع أحد من البشر أن يأتي بمثلها، ولا يمكن لأحد أن يقدر عليها، لكن الله -سبحانه وتعالى- قد أجراها أمامهم لتكون آية لنبي الله صالح -عليه الصلاة والسلام.
قال: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا؛ أي قتلوها.
قال: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم﴾؛ أي أنزل عليهم عذابًا مُدمدِمًا أي مستأصلًا، ما ترك فيهم نفسًا.
﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ، قوله: ﴿بِذَنْبِهِمْ، القرآن دائمًا يدلنا على سبب وقوع العذاب، وأن العذاب ما وقع اعتباطًا أو من غير أن يكون هناك أسباب أوقعت فيه، لنأخذ من ذلك العظة والعبرة، وهي أن هناك ذنوب تكون مسببة لما ينزل من العذاب.
قال: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ، ولاحظ عندما جاء بكلمة "الرب"، هذا الرب الذي رحمهم وأعطاهم هذه الناقة التي كانت تسقيهم حليبها، وتعطيهم ما في بطنها من هذا الخير، هو الرب الذي يُدمدم عليهم، بأن نقمته بمَن عصاه وكفر بنعمته وكذب برسوله ستكون شديدة وبطشه شديد.
هذا الرب الذي أوجد هذه الآية الفائقة المهولة هو الذي يقدر على أن يوجد عذابًا -أيضًا- مهولًا عظيمًا.
قال: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، سوَّاها، لم يُبقِ فيها شيئًا.
قال: ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا، ﴿وَلاَ يَخَافُ﴾، اختلف هل هي عائدة على الله أو على الأشقى؟ والصحيح أنها عائدة على الله.
قال: ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا؛ أي لا يخاف الله عاقبة فعله، لأنه ما من أحدٍ يعاقِب عقوبة إلا ويخاف من عاقبة تلك العقوبة، يخاف أن تكبر المسألة، يخاف أن تكون هناك ردَّة فعل قوية جدًّا لم يُقدَّر لها قدرها، يخاف من تبعات تلك العقوبة، حتى ولو كان ملِكًا بطَّاشًا أو ظالمًا، فتَّاكًا أو قديرًا أو قويًّا؛ لا بد أن يخاف من العاقبة. من هو الوحيد الذي لا يخاف من عاقبة ما يفعله؟ الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنه يعلم كل شيء وقادر على كل شيء، وبيده كل شيء.
ولذلك قال: ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا، لا يخاف العاقبة من العقوبة التي ينزلها بمَن طغى وأذنب وكذب برسوله -صلى الله عليه وسلم.
سورة الليل
سورة الليل سورة مكيَّة على الصحيح، وتسمى سورة الليل، وفي بعض الكتب يقال: والليل إذا يغشى، وهذا ليس فرقًا بين الاسمين.
نزلت في مكة، عند جمهور العلماء وهي من السور المكية المتقدمة في النزول ولأن سبب نزول هذه السورة قصة أبي بكر عندما كان يشتري الأرقَّاء من الصحابة المضطهدين من أسيادهم المشركين ويعتقهم، فكان أبوه يقول: إني أراك تشتري هؤلاء الضعفاء من الأعبد، فلو أنك اشتريت الأقوياء ذوي الجد والنشاط والمال لكي ينفعوك.
فقال: دعني يا أبي فإني أريد ما أريده -أو كما قال رضي الله تعالى عنه.
فأنزل الله -عز وجل- في شأنه هذه الآيات التي ذكرها العلماء وأجمعوا عليها، وهي أن الآيات نزلت فيه.
في قوله -سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى * فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لاَ يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى، الأتقى هو أبو بكر بإجماع المفسرين، كما ذكر ذلك بعض المفسرين، ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى.
فهذه السورة نازلة في أبي بكر، وهل هي خاصة به؟ ليست خاصة به؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فنحن نأخذ عموم الألفاظ ولو كانت الآيات نازلة على سبب خاص.
عدد آياتها عشرون آية بالإجماع .
محور هذه السورة.
منهم مَن يقول: محور هذه السورة ذِكْرُ أسباب النجاة بأن يعطي الإنسان ويتقي ويصدِّق بالحسنى لييسر الله له اليسرى.
ومنهم مَن يقول: إن هذه السورة هي في البخل والإنفاق كما ورد ذلك عن ابن عباس، وهذا حقيقة جلي وظاهر من الآيات.
ومنهم مَن يقول: محور السورة في الفرق بين النفوس، فمن النفوس مَن هي نفوس معطية متقية مصدقة تؤمن بالخلف من الله -عز وجل-، ومن النفوس مَن هي نفوس بخيلة مستغنية عن الله وعن عباد الله، ومكذبة بالخلف من الله -سبحانه وتعالى- فهي لبيان الفرق بين النفوس .
﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى، فمن الناس مَن يسعى هذا السعي، ومنهم مَن يسعى هذا السعي، والفرق بينهما شاسع.
وعلى كلٍّ تطمئن نفسي إلى أنها في الإنفاق والبخل؛ لأن قوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى، بدأ بالعطاء، ﴿وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ؛ أي أمسك، بدأ بالبخل، ﴿وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى.
ثم ذكر بعد ذلك قصة أبي بكر وأنه كان يعطي العطاء لا يريد منه إلا وجه الله -سبحانه وتعالى-، قال: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى،
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

ام عبد المولى

مراقب عام
إنضم
26 سبتمبر 2012
المشاركات
2,741
النقاط
38
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
الجزء الخامس
احب القراءة برواية
ورش
القارئ المفضل
الشيخ الحصري
الجنس
اخت
االلهم بارك لك في علمك شيختنا الغالية

وجزاكي الفردوس الاعلى يارب
وصدقة جارية لك يارب
 
أعلى