الدرس الثالث ( الحديث الـرابع: الخلق والأجل والرزق)

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
( الحديث الـرابع: الخلق والأجل والرزق)


عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعـود - رضي الله تعالى عنه - قال : حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق - :(


إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مـضغـة مثل ذلك، ثم يرسل إليه المَلَك، فينفخ فيه الروح، ويـؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فــيسـبـق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) [رواه البخاري ومسلم].)



هذا الحديث رواه البخاري ومسلم، من طريق هذا الصحابي الجليل ابن مسعود - رضي الله عنه – .


قال : حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق – ا قوله : الصادق المصدوق، وصف للنبي - صلى الله عليه وسلم – يعني الصادق في قوله.


والمصدوق يعني: المصدق فيما جاء به من الوحي عن الله - سبحانه وتعالى – .


لماذا ذكر ابن مسعودوهو الصادق المصدوق، لأنه نبي الله عليه الصلاة والسلام، وتأكيد احترام مصداقية النبي – صلى الله عليه وسلم – لأن الكلام الآتي، هو في أمر غيبي، فكما نصدق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في الأشياء الحاضرة والأعمال البينة الواضحة فكذلك يجب أن نصدقه في الأعمال الغيبية أو في الأمور الغيبية، وهذا الحديث كله في أمر غيبي كما سيأتي، فلذلك نصدقه عليه الصلاة والسلام فهو الصادق في قوله والمصدوق، يعني المصدَّق فيما جاء به عن الله - عزّ وجلّ – .


قال ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه ) يعني عند التقاء ماء الرجل بماء المرأة فيجتمع هذان الماءان ويكونان هذا التكوين الخلقي .


( يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ) النطفة هي الماء ليبقى الحمل في الشهر الأول والعشرة الأيام من الشهر الثاني ماء .


فالماء في الأيام الأولى يبقى ماء أو في الشهر الأول والعشرة الأيام يبقى الجنين عبارة عن ماء لمدة 40 يوما.


ثم قال ( ثم يكون علقة مثل ذلك ) مثل ذلك يعني في المدة، والعلقة هي القطعة من الدم انتقل هذا الجنين من ماء إلى دم .


قال ( ثم يكون مضغة مثل ذلك ) والمضغة هي قطعة اللحم، يعني انتقلت أن تكون من ماء ثم دم إلى قطعة من اللحم.


بمعنى أربعين يوم، وأربعين يوم، وأربعين ( مائة وعشرين يوم) بعد مائة وعشرين يكون هذا الجنين قطعة وتبدأ بإذن الله - عزّ وجلّ – في التكوين الخلقي للإنسان شيئاً فشيئاً فيرسل الله - سبحانه وتعالى – إليه الملك الموكل بهذا الأمر، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات أي بأربعة أشياء،بكتب رزقه، رزق هذا الجنين، إلى أن يموت، وبكتب أجله يعني عمره،وبكتب عمله في هذه الدنيا، ماذا سيعمل، وشقي أو سعيد، في هذه الحياة وما بعدها في الدار الآخرة .


( فوالله الذي لا إله إلا هو ) هذا قسم ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع ) يعني مدة يسيرة، (فيسبق عليه الكتاب ) يعني الذي سبقت في علم الله - سبحانه وتعالى – أو في اللوح المحفوظ، كما سيأتينا في مسألة القدر ( فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) .


الوحدة الأولى في الحديث تتعلق في : أطوار خلق الإنسان


هذا الحديث دل على أن الجنين يمر بأطوار، الطور الأول وهو طور النطفة والماء، عندما يلتقي ماء الرجل بماء المرأة، ويأذن الله - سبحانه وتعالى – بأن يتكون جنين من التقاء الماءين حينئذ تبدأ الأربعون يوم الأولى هي عبارة عن ماء، ثم هذا الماء يتحول إلى دم لمدة أربعين يوماً، ويتحول الدم أيضاً للطور الثالث وهو العلقة قطعة اللحم بعد العلقة بعد المضغة، قطعة لحم بعد ذلك يبدأ خلق الإنسان تتفتح عيناه وأذناه ويتبين فيه خلق الإنسان .


بعد المائة والعشرين يوم بإذن الله - عزّ وجلّ – ينفخ فيه الروح، وهذه الأطوار ذكرها أيضاً ربنا – جلّ وعلا – في آيات كثيرة، قوله – جلّ وعلا - ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون:12] هذا أصل التكوين، عندما خلق آدم ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المؤمنون:13] القرار المكين ما هو ؟ الرحم ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:14] - جلّ وعلا - .


لم يخلق الإنسان دفعة واحدة، إنما مر بالرحم بتكوين عجيب من الله - سبحانه وتعالى – ولا شك أن هذا التكوين لحكمة أرادها الله – جلّ وعلا


المسألة الثانية: في أطوار خلق الإنسان يكون حياً كما في الحديث بعد مائة وعشرين يوم، يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، وبناء على نفخ الروح هذا هو الحد الفاصل بين ما يجوز فيه إسقاط الجنين وما لا يجوز فيه إسقاط الجنين، بعد مائة وعشرين يوم لا يجوز بأي حال من الأحوال كما ذكر أهل العلم، أن يسقط الجنين لأنه أصبح حياً، فلا يجوز إزهاق هذه الروح، وإسقاط الجنين بعد مائة وعشرين هو إزهاق لنفس معصومة عصمها الله - تبارك وتعالى – وهي نفس حية فلا يجوز إسقاطها بأي حال من الأحوال .


أطوار خلق الإنسان تدل على عظمة الله - سبحانه وتعالى – في خلق الإنسان بأن أوجده شيئاً إلى أن يكون شيئاً، وهذه إشارة أيضاً إلى أن الإنسان بعد خروجه إلى هذه الدنيا يمكن أن يتطور هو بذاته، يعني كل فرد بذاته، يمكن أن يتطور في قدراته في مواهبه، فيما أعطاه الله - سبحانه وتعالى – وإشارة إلى أن الإنسان جنس الإنسان يمكن أن يتطور أيضاً في قدراته وفيما أعطاه الله - سبحانه وتعالى – والواقع يشهد على هذا، والبشرية تقدمت في بعض القضايا ولا زالت تتقدم وتتبارى في هذه الأمور، والفرد أيضاً كذلك .


الوحدة الثانية: وهي وحدة القدر


بيّن الرسول – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث أنه عند نفخ الروح يؤمر الملَك، بكتابة أربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد .


هذا التقدير لكل إنسان، وهذا من التقدير الخاص، وهناك تقديرات أخرى وهو التقدير العام أن الله - سبحانه وتعالى – قدر الأشياء قبل وقوعها، وكتبها في اللوح المحفوظ قبل خلق الناس، كما جاء في الحديث الصحيح ( إن أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال: ما أكتب ؟ قال اكتب ما هو كان وما يكون إلى يوم القيامة ) فكل شيء في هذه الدنيا مقدر قد علمه الله - سبحانه وتعالى – ثم كتبه ثم شاءه ثم أوجده .


أربع مراتب أولا تقدير عام : علم الله الأشياء قبل وجودها، ثم شاءها، ثم كتبها في اللوح المحفوظ، ثم شاءها، ثم خلقها، وأوجدها.


تقديرات خاصة: تقدير خاص لكل إنسان أثناء نفخ الروح فيه.


تقدير للسنة: وهذا التقدير الذي للسنة يكون في ليلة القدر، قال الله - سبحانه وتعالى – ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾[الدخان:4] .


تقدير يومي :في كل يوم كما قال الله - سبحانه وتعالى ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾[الرحمن: 29] .


إذاً هذه التقديرات التي يقدرها الله - سبحانه وتعالى – على هذا الإنسان وعلى عموم الناس.


نخلص من هذا أن ما يعمله الإنسان وأن رزقه وأن عمره وأجله وإن شقاوته أو سعادته في الدنيا وفى الآخرة مكتوبة عند الله - سبحانه وتعالى – هذه حقيقة يجب أن تستقر في ذهن الإنسان تصديقاً لما جاء عن الله - جلّ وعلا – وما جاء عن رسوله - صلى الله عليه وسلم –


النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل فيما رواه الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – فيما أخرجه البخاري وغيره، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – مرة من المرات ( ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار وإلا قد كتب شقياً أو سعيداً، فقال رجل يا رسول الله: أفلا نمكث على كتابنا ) يعني نتكل على كتابنا ( وندع العمل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) نلاحظ كلمة اعملوا .


فأهل السعادة ميسرون لعمل أهل السعادة وأهل الشقاوة ميسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ - صلى الله عليه وسلم – ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿5﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿6﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴿7﴾ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿8﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿9﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿10﴾[ الليل:5-10]


لمَ العمل ؟ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) .

اذالا نجعل القدر حجة على أعمالنا، وإنما علينا العمل وعلينا بذل الأسباب، ومن هنا ننتقل إلى حقيقة أننا في هذه الحياة
نتتعامل مع أقدار الله، ومع الأعمال نتعامل من جانبين:


الجانب الأول: أننا نعتمد على الله - سبحانه وتعالى – بمعنى أن نتوكل على الله في جميع أمورنا، فالله - سبحانه وتعالى – خلق هذا الكون وجعله متناسق مع حركة الإنسان، ولذلك الطير كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – ( تغدو خماص) يعني جياع ( وتروح بطاناً ) فبذلت السبب، الطير بذلت السبب وهي تمشي بخلق الله لها بفطرة الله - سبحانه وتعالى –

إذاً الأمر الأول الجانب الأول: قوة الاعتماد على الله - سبحانه وتعالى – .


الجانب الآخر: بذل السبب، الطالب لا ينجح إلا بالمذاكرة، المريض يشفى بعد بذل السبب في الذهاب وطلب التداوي، المسافر لا يصل إلى مكانه إلا لما يركب وسيلة السفر، وهكذا، فإذاً لابد من بذل السبب ويمشى الأمران جنبا إلى جنب كجناح طائر .


فلا نقول نحن متوكلون وننام في بيوتنا ونريد الرزق يأتينا ونريد الشفاء يأتينا ونريد السعادة تأتينا، ولا نريد أي منغص من منغصات الحياة، أو نعتمد على السبب كله كما هو في حال كثير من الناس ضعاف الإيمان


اذا يجب علينا أن نبذل الأسباب مع قوة الاعتماد على الله - سبحانه وتعالى – هكذا نتعامل مع القدر.


هل لهما ترتيب معين السبب أو التوكل ؟


لا هما جنباً إلى جنب أنا أبذل السبب وفى نفس الوقت أتوكل على الله. كما قال صاحب الإبل، جاء ليصلى، قال: يا رسول الله أتوكل على الله وأتركها، قال رسول الله ( اعقلها وتوكل )


أوجد الله - سبحانه وتعالى – في هذا الكون تناسق بين الكون وبين الإنسان، تناسق بين الأسباب وبين مسبباتها، يعني أشبه بقضايا مترتبة بعضها على بعض، لو كان هذا الكون لا يمشي بسنن، ولا الأسباب ولا المسببات، لمشت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم – .


الله - سبحانه وتعالى – قادر على أن يجعل النبي – صلى الله عليه وسلم – ينتصر في يوم وليلة، كما أوجد معجزة الإسراء والمعراج في ليلة قادر على أن يوجد معجزة الهجرة من مكة إلى المدينة بثواني .


لكن الله - سبحانه وتعالى – أراد أن يعلم الناس السبب، في قصة موسى وهارون مع فرعون، الله - سبحانه وتعالى – أمرهم وقال ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾[طـه:43] ثم قال لما خاف من فرعون قال له الله - سبحانه وتعالى – ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴿46﴾﴾ [ طه:46] ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾[طـه:44] .


مع سابق علم الله بأن فرعون لن يتذكر ولن يخشى، فنلاحظ في إرسال الله - سبحانه وتعالى – لموسى وهارون الأمرين، الأمر الأول التوكل على الله ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا ﴾ فهما متوكلان على الله - عزّ وجلّ – ثم ﴿ اذْهَبَا ﴾ السبب ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ ﴾ ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ﴾ إذاً هذا القول المنهج في بذل السبب، فلابد من الأمرين، التوكل على الله الاعتماد على الله، اللجوء إلى الله، مع بذل السبب الشرعي الممكن الذي في مقدرة الإنسان .


وحدة القدر: عرفنا فيها أن التقدير فيه تقدير عام وهو في اللوح المحفوظ، قبل خلق الكون قبل خلق الناس كلهم في تقدير خاص للإنسان في بطن أمه، فيه تقدير للسنة في ليلة القدر في كل يوم من أيام هذا الزمن ..


هل يتعارض الدعاء مع ما قضاه الله وقدره؟ ذكر أهل العلم عدة أجوبة لهذا الأمر :


منها أن القدر الذي يعلمه الله - سبحانه وتعالى – وكتب في اللوح المحفوظ هذا لا يرد ولكن هذا في علم الملك، فيخبر الملك بأن فلان يقضى عليه بكذا فلما دعا قضي عليه بكذا، هذا التدرج أو هذا التقلب هو في علم الله - سبحانه وتعالى – وفى قضاء الله - سبحانه وتعالى – وهذا أقرب ما يكون .


فكلا الأمور في قدر الله، يعني أن الله قدر أن الإنسان قدر عليه كذا، ثم قدر أن هذا الإنسان يدعو، ثم قدر أنه يرد عنه يعني هذا القضاء وهذا أقرب ما قاله أهل العلم في هذا الباب .


الوحدة الثالثة:


وحدة العواقب والنتائج


بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث أن الأعمال بالخواتيم، وأن الثمرة بالخواتيم .


وبناء على ذلك في علم الحديث، وفى الوقت نفسه هو علم نبوي كريم، نستنبطه من حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – ونستنبطه من القرآن الكريم، هذا يشتمل على عدة أمور :


الأمر الأول : تحديد الهدف، فإذا حددت الهدف في حياتي استطعت أن أعمل له، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – يعلمنا هنا أن المسلم في هذه الحياة يجب أن يتنبه للنتيجة، للهدف الذي يريد السعي؛ ولذلك قال ( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) .


فلذلك ان ننتبه إلى ضرورة : النتيجة تحتم علينا ضرورة رسم الهدف في هذه الحياة، سواء الهدف الأخير الذي هو رضا الله - عزّ وجلّ – ودخول الجنة، أو داخل المرحلية في حياة الإنسان .


إذاً الأمر الأول النظر للعواقب، والنتائج وهذا النظر للعواقب يجعلني أرسم أهداف حياتي الهدف الكبير، هو رضا الله - سبحانه وتعالى – ودخولي الجنة، كما قال الله - سبحانه وتعالى – ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ ﴾ ماذا ؟ ﴿ الدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾ إذاً هذا الهدف الأخير ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [ القصص:77


الأمر الثاني: الأعمال بالخواتيم وحسن العواقب والنتائج، يجعلني أتنبه إلى إتقان العمل، وعدم إتقان العمل يجعلني لا أصل إلى النتيجة المطلوبة .والرسول - صلى الله عليه وسلم – قال ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) فمنهج المسلم منهج جاد في عمله مهما كان سيؤديه بشيء من الإتقان .


الأمر الثالث: في العواقب الاهتمام بحسن الخاتمة، والحذر من سوء الخاتمة وهذا واضح في الحديث ( فيسبق عليه الكتاب ) .


فإذًا دائماً يسعى لأمرين: لتحقيق حسن الخاتمة، وتحاشي سوء الخاتمة، وهو كل ما كان عمل الإنسان صالحاً أدى بإذن الله إلى حسن الخاتمة، وكلما ابتعد عن الأعمال السيئة في حياته تحاشى سوء الخاتمة .


ثم لا يتكل على هذا العمل بل يكثر من الدعاء، بسؤال الله حسن الخاتمة والثبات على هذا الدين، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان يكثر في دعائه ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .


سعي الإنسان في الحياة بين الخوف والرجاء، إذاً أنت ترجو حسن الخاتمة وما بعدها، أيضاً عليك الخوف من سوء الخاتمة فالإنسان كما ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في هذه الحياة يعيش في هذه الدنيا كالطائر له رأس وله جناحان، أما الرأس فهو محبة الله - عزّ وجلّ – والجناحان الرجاء والخوف .


هو يعمل حتى يحقق الرجاء فيرجو الثواب، يصلى يرجو الثواب لكن في الوقت نفسه يخشى العقاب، يخشى عدم قبول هذا العمل أو هذه الصلاة، فيعيش كجناحي طائر في هذه الدنيا بين الرجاء وبين الخوف، ولذلك جاءت نصوص الشريعة كثيرة في القرآن وفي السنة وفي جميع ما وردنا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بين الترغيب والترهيب، بين الرجاء وبين الخوف .


المسائل التربوية التي ينميها هذا الحديث في نفس المتلقي ونفس الإنسان :
القضية التربوية الا ولى: الشعور بعظمة الله - جلّ وعلا – إذا علم الإنسان قدرة الله - سبحانه وتعالى – بأن خلق الإنسان بهذه الأطوار لا شك أن هذا خلق عظيم، فهذا يربي في المسلم تعظيم الله - سبحانه وتعالى – ومن ثم تعظيم شعائره - جلّ وعلا - .


القضية التربوية الثانية: وهي تعطي الإنسان دفعة قوية لأعماله: هي الراحة النفسية والطمأنينة القلبية في مسألة الرزق .


فالإنسان يعمل متوكلاً على الله ويبذل السبب حينئذ يطمئن .


القضية الثالثة: يربي هذا الحديث في الإنسان الشجاعة القلبية في مواجهة مكابد الحياة ومشقتها ومصائبها .


القضية الرابعة : هذا الحديث يعالج بعض الطغيان والكبر الموجود في نفسية بعض الناس من أنت؟ أنت أصلك ماء، خرج من أمك وأبيك، ثم قطعة دم، ثم قطعة لحم، إلى أن تكبرت ورأيت الناس بعين صغيرة فلتتواضع وتعالج هذا الكبر والغرور والتعالي الذي ينفخ فيه الشيطان في نفسك، فأنت نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم سترجع إلى التراب .

الدروس المستفادة من الحديث:
1-أن الأعمال بالخواتيم، وأن الثمرة بالخواتيم .
2-أهمية تحديد الهدف، فإذا حددت الهدف في حياتي استطعت أن أعمل له، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – يعلمنا هنا أن المسلم في هذه الحياة يجب أن يتنبه للنتيجة، للهدف الذي يريد السعي؛ ولذلك قال ( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) .
3-أن الأعمال بالخواتيم وحسن العواقب والنتائج، يجعلني أتنبه إلى إتقان العمل، وعدم إتقان العمل يجعلني لا أصل إلى النتيجة المطلوبة، .
4- الاهتمام بحسن الخاتمة، والحذر من سوء الخاتمة ثم لا يتكل على هذا العمل بل يكثر من الدعاء، بسؤال الله حسن الخاتمة والثبات على هذا الدين، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان يكثر في دعائه ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .
5_" أن سعي الإنسان هنا في هذه الحياة بين الخوف والرجاء، إذاً أنت ترجو حسن الخاتمة وما بعدها، أيضاً عليك الخوف من سوء الخاتمة فالإنسان كما ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في هذه الحياة يعيش في هذه الدنيا كالطائر له رأس وله جناحان، أما الرأس فهو محبة الله - عزّ وجلّ – والجناحان الرجاء والخوف .




أسأل الله - عزّ وجلّ – أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً، إنه سميع قريب مجيب
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

منة الله

ظˆظ‡ط°ط§ ط²ظ…ط§ظ† ط§ظ„طµط¨ط±
إنضم
8 نوفمبر 2012
المشاركات
515
النقاط
18
الإقامة
ط*ظٹط« ظٹطھظ„ظ‰ ظƒطھط§ط¨ ط§ظ„ظ„ظ‡
الموقع الالكتروني
www.qoranona.com
احفظ من كتاب الله
ظ†ط³ط£ظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ طھط¹ط§ظ„ظ‰ ط§ظ„ظ‚ط¨ظˆظ„ ظˆط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµ
احب القراءة برواية
ط¨ط±ظˆط§ظٹط© ظˆط±ط´ ط¹ظ† ظ†ط§ظپط¹ ظ…ظ† ط·ط±ظٹظ‚ ط§ظ„ط£ط²ط±ظ‚
القارئ المفضل
ط§ظ„ط´ظٹط® ط§ظ„ط*طµط±ظٹ
الجنس
ط£ط®طھ
جزاكم الله عنا خير الجزاء شيختنا الحبيبة وأحسن اليكم .
 
أعلى