الدرس الثالث (باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها)

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت

الدرس الثالث (باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها)

قال المصنف -رحمه الله تعالى- (باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم– قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعف، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خُطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط بها عنه خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة)) .
موضوع الحديث الأول والثاني في الباب:
هو الترغيب في صلاة الجماعة وبيان فضلها، فذكر حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، ثم ذكر الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وبين أن صلاة الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا.
الحديث الأول قال: صلاة الجماعة أفضل، ولم يخصها بمكان، فسواء كانت في المسجد أو سواء كانت في أي موضع فهي أفضل، فالحديث الأول عام ولم يخص مكان دون مكان، والحديث الثاني خصها بالمسجد.
الكلام على الحديث من وجوه:
الوجه الأول: العدد الذي تنعقد به الجماعة.
معلوم أن الجماعة في اللغة أقلها ثلاثة لكن الشرع جعل جماعة الصلاة اثنين .
وردت عدة أحاديث (اثنان فما فوقهما جماعة) لكن هذه الأحاديث ضعيفة، لكن فهم ذلك من أحاديث أخر واتفاق الأئمة على ذلك، وبوب البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه "باب اثنان فما فوقهما جماعة" وذكر تحت هذه الترجمة حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- قال: (أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلان يريدان السفر فقال -عليه الصلاة والسلام- إذا أنتما خرجتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما) هذا لينال فضل الجماعة.
و أيضًا يبين ذلك ما أخرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي سعيد وحسنه الترمذي: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ما انتهى من صلاة - وفي بعض الروايات صلاة الفجر- جاء رجل تأخر عن الصلاة فدخل يصلي فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:ألا رجل يتصدق على هذا) أي يصلي معه لينال ثواب الجماعة.
فاثنان فما فوقهما جماعة، وليس معنى ذلك أننا نلغي المثنى، فالمثنى لغة موجود، وذكر في القرآن وفي السنة لكن الشرع جعل الاثنين جماعة فضلًا من الله -تبارك وتعالى- حتى إن لم يوجد إلا اثنان، وصلوا فيحصلوا على أجر الجماعة.
هذا الذي يستفاد أولا من الحديث.
ثانيا: اختلاف الأحاديث في التفضيل وسبب ذلك:
نجد أن الحديث الأول حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).

الحديث الثاني: حديث أبي هريرة: (أنها تفضل بخمسة وعشرين درجة) سبع وعشرين وخمس وعشرين، وورد في صحيح مسلم: (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ ببضع وعشرين درجة).
وورد أيضًا في السنن: (أنها تفضل على صلاة الفذ بأربع وعشرين أو خمس وعشرين) على الشك، فكأن الأحاديث تئول في جملتها أو تجتم الروايات على الخمس والعشرين والسبع والعشرين؛ لأن بضع وعشرين هي تدخل فيها الخمس، وتدخل فيها السبع والأربعة والعشرين والخمسة والعشرين على الشك فرويت من غير شك فآلت الروايات كلها إلى الخمس وعشرين أوالسبع وعشرين.
ما وجه الجمع؟ بمعنى هل الدرجات التي بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- : (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين، بخمس وعشرين) فما سبب التفضيل؟.
قال العلماء: إن سبب التفضيل لاختلاف الجماعات.. جماعة صغيرة.. جماعة كبيرة، أو جماعة يعني تقيم السنن أكثر من جماعة أخرى، ففضل هذه الجماعة أكثر من فضل الجماعة الأخرى.
وقيل أيضًا: هذا الاختلاف في التفضيل لاختلاف الصلوات، فهناك صلاة أفضل من صلاة، وهذا التفضيل مرجعه إلى الشرع، فالله -تبارك وتعالى- يعني قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل) كما في صحيح مسلم، (ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل).
فبين لنا فضل العشاء والفجر عن غيرها من الصلوات.
وكذلك قال في الحديث التالي: (إن صلاة العشاء والفجر أثقل الصلاة على المنافقين، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا).
وأيضًا صلاة العصر: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) وأيضًا (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيسألهم ربهم -عز وجل- وهو أعلم بهم، كيف تركتم عبادي؟ قالوا: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون) وذلك في صلاة الفجر وصلاة العصر.
إذن بعض الصلوات أفضل من بعض، وهذا التفضيل مرجعه إلى الشرع أو قالوا الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة ثوابها أكبر من الصلاة التي لا يجهر فيها بالقراء.
ما عظم فضله عظم أجره، أي : كلما كان الفضل أكثر كلما كان الأجر أكثر.
أيضًا قالوا: إن اختلاف الفضل في الصلوات يرجع إلى اختلاف الأماكن، فجماعة البيت أقل من جماعة المسجد، وجماعة المسجد أفضل، فيكون الفضل فيها أكثر.
وقالوا أيضًا: إن الاختلاف في الفضل بين الصلوات يرجع إلى فضائل الأعمال في الصلاة، فمثلا من أدرك الصف الأول، ليس كمن لم يدرك الصف الأول من أدرك يمين الصف ليس كمن أدرك شمال الصف: (إن الملائكة يصلون على ميامن الصفوف) ( لو يعلمون ما في النداء والصف الأول، ولم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه).
فبين أن هناك أعمال في الصلاة تجعل الثواب فيها أعلى من غيرها يعني أن هذا التفضيل يرجع إلى فضائل الأعمال في الصلاة.
هذا للجمع بين الرويات؛ لأن الأحاديث صحيحة (وأن صلاة الفذ أو أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بخمس وعشرين وبسبع وعشرين) والحديثان في الصحيحين، ولا بد من الجمع بين الأحاديث.
ثالثا ماحكم صلاة الفذ أو الفرد لغير عذر يعني لو صلى المرء وحده من غير عذر ؟
الحديث يقول صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، ولا بد أن يكون المفضول صحيحًا لأن ما لا يصح لا فائدة فيه فهذا يدل على صحة صلاة الفذ.
لكن هل يأثم بذلك أم لا؟ هذه مسألة أخرى، لكن الصلاة صحيحة، وكما نعلم من أقوال العلماء، لا علاقة بين الصحة والبطلان والحل والحرمة، فقد نقول: إن هذا العلم صحيح لكن فاعله آثم، مثلًا في الوضوء مس النساء الأجنبيات يحرم، فإذا مس الرجل امرأته حلال .
من نواقض الوضوء :إن مس النساء ناقض فلا فرق بين أنه مس امرأته أو مس غيره، لو قلنا إن مس النساء لشهوة غير ناقض للوضوء، وهذا قول طائفة من أهل العلم، فلو فرض أن رجلًا مس امرأة أجنبية بشهوة، فهل ينتقض وضوءه لا ينتقض وضوؤه على قول من قال إن المس غير ناقض، لكن يأثم؟ يأثم بذلك، إن مس امرأته لا ينتقض وضوؤه ولا يأثم.
إذن لا علاقة ولا ارتباط بين الإثم وعدمه، والصحة والبطلان، فالعمل صحيح وقد يأثم العبد وقد لا يأثم فلا ارتباط بينهما.
كذلك نقول: إن الصلاة صحيحة لكن لا علاقة بينها بأننا نقول أنه آثم أو غير آثم هذا موضوع آخر.
فهذا التفضيل أو المفضول لا بد وأن يكون صحيحً، وإلا ما لا يصح فهو باطل ولا فائدة فيه.
رابعًا: معنى الدرجات في الحديث: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) ما قدر الدرجة؟ هل الدرجة تساوي صلاة؟ تساوي صلاتان؟ تساوي أكثر؟ تساوي أقل؟ وفيه حديث خمسة وعشرين جزءًا.
وهنا هذه تضاعف يعني صلاة الرجل في الجماعة على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، فالضعف هنا لا بد أن تكون الصلوات مضاعفة، ورواية مسلم صريحة: (صلاة الجماعة تعدل خمسًا وعشرين من صلاة الفذ) فكأنه صلى خمس وعشرين صلاة.
أيضًا في الحديث معنى في مصلاه في حديث أبي هريرة: (فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه) يعني: إذا دخل المسجد المصلى وصلى ركعتين وجلس فالملائكة تصلي عليه، وهو في مصلاه.
إذا قام من هذا المكان بعدما صلى، وقعد في غيره هل الفضل مستمر أم أنه ينقطع، لأنه ترك مصلاه؟ ظاهر النص يقول: فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، لكن ليس ذلك مرادًا على وجه التعيين، أنه لو ترك مصلاه انقطع الأجر، لكن هذا خرج مخرج الغالب، فلو هو صلى في بقعة ثم بعد ذلك قام منها إلى بقعة أخرى في المسجد على نية الصلاة فكذلك الأجر مستمر معه.
سادسًا: في الحديث قال: (ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة) يعني: هو منتظر الصلاة، فهو في صلاة بنص كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : (ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة).
قال بعضهم يكره إذا سئل المرء في ذلك الوقت هل صليتم أم لا؟ فيقول ما صلينا والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (هو في صلاة) وإبراهيم النخعي -رحمه الله تعالى- على وجه التحديد هو الذي كره أن يسأل المرء هل صليت أم لا فيقول ما صلينا، رد عليه طائفة من أهل العلم في الحديث الذي ذكرنا قبل ذلك في الصحيحين (لما عمر -رضي الله عنه- جاء غاضبًا إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال والله يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب) فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (والله ما صليتها) قالوا هذا موضع فيجوز للمرء يقول صليت أم لا؟ تقول ما صليتها.
ولكن لو نظرت إذا كان المرء في المسجد وهو منتظر الصلاة هذا يختلف عن الحالة التي انشغل فيها عن الصلاة فلا تعارض تغاير الأمران فتغاير الحكم نتيجة لذلك لكن هذا تجده لا بأس أن يقول الإنسان ما صلينا.
سابعًا: تعليل الحكم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين بسبع وعشرين).
في الحديث علل الأفضلية قال -عليه الصلاة والسلام-: (أن صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا وذلك أنه ) وذلك أنه هذا التعليل للحكم لم الصلاة تضاعفت؟ قال (إذا توضأ فأحسن الوضوء) توضأ في بيته وأحسن الوضوءثم خرج إلى المسجد .
إذن الوضوء إحسان ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة ولم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وذهب إلى المسجد ماشيا فمشى إلى الصلاة هذا سببٌ لرفع الدرجات، ثم بعد ذلك صلى وجلس في المسجد والملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، فبين النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- سبب التفضيل في هذه الأمور، أنه توضأ في بيته، وأحسن الوضوء، وذهب ماشيًا إلى المسجد ثم جلس في مصلاه ينتظر الصلاة.
هل هذا الفضل فضل الجماعة يحصل للمعذور؟ كالمريض و المسافر أو انشغل بعذر منعه من الصلاة هل يحصل هذا الفضل أم لا؟.
إذا كان من شأنه أنه يحافظ على صلاة الجماعة في الأوقات التي لا يكون معذور فيها فهو يحصل ثوابها وهذا فضل. أما إذا كان من شأنه أنه يضيع صلاة الجماعة فلا يحصل له هذا الفضل.
لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحًا) حديث صحيح (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى).
هل تشرع الجماعة الثانية في المسجد أم لا؟.
إذا دخل الإنسان المسجد فوجد أن الناس صلوا ومعه آخر هل يصلي جماعة أم لا يصلي جماعة؟ هناك عدة آثار عن الصحابة عن ابن مسعود وعن غيره آثار صحيحة «أنهم إذا تخلفوا عن الجماعة لعذر رجعوا إلى بيوتهم وصلوا جماعة ولا يصلوها في المسجد» هذا من باب سد الذريعة حتى لا يظن بالجماعة الأولى، شرا ًأو لا يظن بإمام الجماعة شرًا، فلا تعاد الجماعة في المسجد.
وقد نص الشافعي -رحمه الله تعالى- في "الأم" على ذلك، وهذا مذهبه أن الجماعة الثانية لا تشرع في المسجد.
جماهير أهل العلم على جوازه : واستدلوا على ذلك بحديث أبي سعيد الذي ذكرناه ورواه الترمذي وأحمد الرجل الذي جاء متأخرًا عن الصلاة، وقال: (من يتصدق عليه من يتصدق على هذا) قال البعض هذا متصدق وهذا متصدق عليه، يعني واحد منهم يصلي نافلة والثاني فرض، فهل إذا جاء اثنان لم يصليا فلا يتقدم أحدهما فيصلي بالآخرهذا دليل الجمهور على جواز الجماعة الثانية في المسجد.
قال المصنف -رحمه الله تعالى- (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق في رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار))
موضوع هذا الحديث: كما هو واضح الترهيب من ترك صلاة الجماعة.
مفردات الحديث:
أولًا: معنى (ولو حبوًا) (ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا ) ما في صلاة العشاء والفجر، حبوًا يعني زحفًا يعني أن يمشي على يديه وركبتيه كما يحبو الطفل يمشي على يديه وركبتبه لو يعلمون ما فيهما من الخير لأتوهما ولو زحفًا.
ثانيًا: أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، لم هاتان الصلاتان هما أثقل الصلوات على المنافقين؟.
لقوة الداعي إلى ترك الحضور، أما في العشاء أتى من عمله متعبً، واجتمع بالأهل وظلمة الليل كل هذه دواعي تمنعه من الحضور، في الفجر لذة النوم تمنعه من الاستيقاظ والذهاب، لكن المؤمن يعلم أن الأجر على قدر المشقة، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره).
فهذه أشياء الإنسان يتغلب على نفسه بها التماسًا للأجر، وأثقل الصلوات على المنافقين لقوة الداعي لترك الحضور في العشاء والفجر بالذات، لذلك حفز النبي -صلى الله عليه وسلم- ورغب في المحافظة على صلاة العشاء وصلاة الفجر بالذات (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصفل الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قال الليل) وإلى غير ذلك (لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا).
أيضًا الوجه الثالث في الحديث: حكم صلاة الجماعة للرجال الظاهر من الحديث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق في رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرِّق عليهم بيوتهم بالنار) هذا لا يكون إلا لترك واجب.
صلاة الجماعة: من العلماء من قال: هي واجبة، ومنهم من قال: هي فرض كفاية، ومنهم من قال: هي سنة مؤكدة.
قول المالكية والحنفية إنها سنة مؤكدة، قول الشافعي إنها فرض على الكفاية، قول الإمام أحمد وعامة أهل الحديث إن صلاة الجماعة فرض عين.
الذين قالوا بوجوب صلاة الجماعة استدلوا بكتاب وسنة استدلوا بقول الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، وهنا مطلق الأمر يقتضي الوجوب ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ الأصل في الأمر هو الركوع، فأمرنا الله تعالى أن نركع مع الراكعين.
وأيضًا أمر بالجماعة في القتال مع شدة الخوف: ﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ﴾ [النساء: 102]، فأمر ربنا جل وعلا بصلاة الجماعة في القتال في الخوف، فهذا إذا كان ذلك في الخوف وفي حال القتال مع أنهم يتركون بعض الأركان وبعض الشروط للمحافظة على الجماعة وكان يمكن أن ينتظروا إلى الأمن ويؤدوا الصلاة بشروطها وأركانه، ولكن الله جل وعلا أمرهم بالجماعة في هذا الموضع فالأمر بها في حال الأمن من باب أولى.
أيضًا الحديث الذي بين أيدينا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هم أن يحرق بيوت القوم الذين تركوا صلاة الجماعة وهم قادرون على أن يأتوا.
أجيب على هذا الحديث أو اعترض على الاستدلال من هذا الحديث أن ذلك في المنافقين؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (أثقل الصلوات على المنافقين ) فالكلام كله متعلق بالمنافقين، فهذا العقاب الذي هم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفعله من أجل نفاق هؤلاء.
لكن رد على ذلك بأن في الحديث ما يبين السبب الذي من أجله هم بذلك قال إنه: (أنطلق في رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة) فعلل السبب الذي من أجله هم بتحريق بيوت هؤلاء وهو أنهم لا يشهدون الصلاة.
أيضًا قيل: إنه هم ولم يفعل ودل على عدم الوجوب لو كان واجبًا لفعل هم ولم يفعل كما بين في أحاديث أخر لولا وجود النساء والذرية في البيت، الذي منعه أنه وجود النساء والذرية في البيت منعه من ذلك.
قيل أيضًا: إن المراد صلاة الجمعة المراد صلاة الجمعة والحديث يرد لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم-يقول: (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر) فنص على صلاة العشاء والفجر.
قيل أيضًا: أنه -عليه الصلاة والسلام- ترك الصلاة مع القوم، يعني قال: (هممت أن آمر رجلًا يؤم الناس ويذهب فلو كانت واجبة ما تركها ) يجوز أن يترك الواجب لما هو أوجب منه، يعني إذا تعارضت الواجبات قدم أوجبهما.
أيضًا مما استدل به أهل الحديث، وممن قالوا بوجوب صلاة الجماعة على الأعيان حديث أبي هريرة في صحيح مسلم: (أن رجلا ًأعمى أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذنه أن يصلي في بيته) لأن ليس له قائد يلائمه يعني لا يتفق في كل وقت أن يجد القائد من أجل أن ينطلق معه إلى المسجد وقال: إن المدينة كثيرة الهوام والسباع والطرق غير ممهدة فيأذن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى يصلي في بيته فأذن له أو رخص له، ثم بعد أن ولى دعاه قال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم قال: فأجب.



قال فأجب فإذا كان معه قائد، وهو يسمع النداء وجب عليه أن يلبي وهو أعمى طبعًا لم يكن معه قائد فله عذره لكن إن كان معه القائد وهو أعمى وجبت عليه أيضًا الصلاة فهذا مما استدل به القائلون بوجوب صلاة الجماعة على الأعيان.
أيضًا حديث مالك بن الحويرث في صحيح البخاري: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) وأمر(إذا حضرت الصلاة) يعني صلوا جماعة.
حديث ابن مسعود في صحيح مسلم قال: (من سره أن يلقى الله غدًا مسلما فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيه سنن الهدى، وأن هذه الصلوات الخمس في المساجد اللاتي ينادى بهن فيها من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم).
ثم يقول: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) ثم يقول: (ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين -يعني الرجل الكبير يسند على رجلين- حتى يقام في الصف) أيضًا هذا يدل على وجوب صلاة الجماعة.
أجاب القائلون بعدم الوجوب لأنه ليس من العدل أن تذكر أدلة المجيزين وتترك أدلة الذين لم يقولوا بعدم الوجوب.
قالوا: إن التفضيل في الأحاديث التي ذكرناها صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ ببضع وعشرين خمس وعشرين يدل على اشتراكهما في أصل الفضل، أنها لها فضل والأخرى أفضل منها.
حملها القائلون بالوجوب على المعذور الذي يصلي في بيته فإذن صلاة الجماعة ستكون أفضل من صلاة الفرد المعذور بخمس وعشرين درجة.. بسبع وعشرين درجة، لماذا؟ للجمع بين هذا وبين الأحاديث الأخرى.
أيضًا حديث يزيد بن الأسود، ورواه الترمذي والنسائي وغيرهم، وهو حديث صحيح: (أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحج في مسجد الخيف بعدما صلى وجد رجلين أتيا متأخرين فقال -عليه الصلاة والسلام-: يعني كانوا في آخر المسجد: علي بهما فأتي بهما ترعد فرائصهما) يعني خافا أن يكونا قد ارتكبوا جرم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالوا: صلينا في رحالنا) يعني في مكان الرحل أو مكان المقيمين فيه في منى، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إذا صليتما في رحالكم، ثم أتيتما مسجد قوم أو شهدتم الجماعة فصلوا معهم، فإنها لكم نافلة) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم.
يقولون: إن الرجلين صلوا في رحالهما أو صليا في رحالهما ولم ينكر عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بل قال: (إذا أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة) فدلّ على عدم وجوب الصلاة في الجماعة.
نقول: إنهما صليا في رحالهما فيحتمل أنهما صليا جماعة، طبعا طائفة من العلماء قالت: إن الجماعة هي الواجبة في المسجد أو في غير المسجد وهناك من أوجبوا الجماعة في المسجد للحديث التالي في الباب حديث أبي هريرة الذي ذكرناه، فصلوا جماعة.
وأيضًا يجاب بأن هذه حوادث أحوال لعل الرجل كان هناك عذر تأخر عن صلاة الجماعة،وظن أن الجماعة صلوا فصلى مع أخيه في الرحل أو لغير ذلك من الأعذار فهذه قضايا أحوال لا ننزلها منزلة العموم من المقال لماذا؟.
لأنها قد تكون لها أسباب وبالتالي إذا نزل الدليل إلى مرتبة الاحتمال كما يقول العلماء أنك تستدل بذلك أن صلاة الجماعة ليست واجب، لكن هذا الدليل الذي تستدل به يدخله الاحتمال، وما دخل في الاحتمال يسقط به الاستدلال.
أيضًا حديث البخاري ومسلم حديث أبي موسى مرفوعًا من أدلتهم، وهو من أقوى أدلة القوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام، أعظم أجرًا من الذي يصليها ثم ينام) الحديث متفق عليه، هذا يدل على أنه لا تثريب عليه وأنه ما ارتكب إثما.
فنقول: شأن الحديث أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ ببضع وعشرين درجة أو بخمس وعشرين درجة فعلى هذا جمعا بين الأحاديث يحمل على المعذور أنه ترك الصلاة مع الإمام لعذر لمرض أو لسفر أو لغير ذلك من الأعذار التي تبيح له ترك الجماعة.
فثواب الذي انتظر له هذا الأجر، قد يعترض على هذا أن الذي امتنع لعذر فله أجر غير اامعذور، كما ذكرنا في الذي مرض أو سافر له كذلك.
لكن إذا كانت الأحاديث فيها التعارض هذا يقول لا نستدل على عدم الوجوب بهذا ونستدل على الوجوب بهذا قدم الواجب على غيره من باب الخروج من العهدة بيقين، هذا الحديث فيه شك هل صلاة الجماعة واجبة أو غير واجبة، فهناك أحاديث صريحة مثل: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق).
وحديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هم بتحريق بيوت القوم الذين لا يشهدون صلاة الجماعة، فالأقرب في هذا اولله أعلم أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان، غير شرط يعني لو صلى وحده يأثم إن ترك الجماعة لغير عذر وصلاته صحيحة، ليست باطلة. قال البعض ببطلانه، قال ابن حزم ببطلانه، ورواية عن الإمام أحمد ببطلانها ومال أيضًا ابن تيمة -رحمه الله تعالى- إلى ذلك.
حكم صلاة الجماعة للنساء منفردات عن الرجال:
رابعا : حكم صلاة الجماعة للنساء منفردات عن الرجال لا تجب الجماعة على النساء بالإجماع وتشرع لهن إجماعا أن يصلين جماعة عند الجمهور، ومنهم من قال إن صلاة الجماعة للنساء سنة أي مستحب ومنهم من قال مكروهة، ومنهم من قال مباحة.
الذين قالوا سنة استدلوا بحديث رواه أحمد والحاكم وأبوا داود وحسنه الشيخ ناصر -رحمه الله تعالى- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر امرأة تسمى أم ورقة أن تؤم أهل داره، وهذا يدل على مشروعية الجماعة لهن، ولما أمرها دل على أن هذا الأمر للاستحباب.
ومن قال: إنها مكروهة، قال إن هذا غير معهود في أمهات المؤمنين، وأن هذا من شعائر الإسلام والنساء لسن من ذلك، يعني استدل بالعموم: (خاب قوم ولو أمرهم امرأة) وجعل ذلك من الولاية فكره لها الإمامة أو كره لهن الجماعة.
القول الثالث: أنها مباحة، فإذا أبيح لها المسجد وأنها تأتي وتصلي جماعة مع أن الصلاة في بيتها أفضل لها، رغم أنها يجوز لها الجماعة في المسجد تكون الجماعة في بيتها أولى، وأيضًا لفعل عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- كما روى الشافعي عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها أمت نساء فكانت في وسطهن، كانت تؤم النساء وتقف في وسطهن.
وكذلك عن عائشة طبعًا من قالوا إنها مكروهة لم يصح عندهم الأثر بذلك.
فالراجح والله أعلم الاستحباب استدلالًا بالعموم لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) صلاة الجماعة عامة سواء كان لنساء أو للرجال، وأيضًا النساء شقائق الرجال، فما شرع للرجال يشرع للنساء ما لم يأت دليل يخص الرجال دون النساء.


قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها قال: فقال بلال والله لنمنعهن قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سبه سبًا ما سمعته سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: والله لنمنعهن) وفي لفظ: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) ).
موضوع الحديث النهي عن منع النساء عن المساجد عند الاستئذان.
الكلام عن الحديث من وجوه أولًا:
يلزم من النهي عن منعهن إباحته لهن، لكن الفقهاء خصوه بشروط وحالات، يعني شروط الإذن لخروج المرأة إلى المسجد:
1- ألا يتطيبن وليخرجن تفلات أي غير متطيبات. (فأيما امرأة خرجت وهي متعطرة فهي زانية).
وأيضًا في حديث مسلم (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا) ويلحق بذلك الحلي والملابس التي فيها شهرة، فتمنع المرأة من أجل ذلك.
روى البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – رأى ما أحدثه النساء من بعده لمنعهن المساجد، كما منعت بني إسرائيل).
أيضًا يستفاد من الحديث، وهو ثاني وجه نتكلم عليه: النهي عن معارضة الحديث بالرأي، انظر إلى فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- مع ولده بلال، -هذا ولده- الذي قال: والله لنمنعهن، ويقول له: (إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها) يذكر له قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم هو يقول: والله لنمنعهن، يعترض على كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- طبعا تغيظ عليه تغيظا شديدا وسبه سبا شديدا لم يسمع منه من قبل، لماذا؟ لأنه عارض السنة بعقله وبرأيه.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].
يا أيها الذين آمنوا لا تقترحوا بآرائكم وأهوائكم، وتقدموا ذلك على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم.
وأيضًا من قواعد أهل السنة: إذا صح النقل فلا تحكيم للعقل، لا تقل أن النساء يتخذن ذلك دغلا أو يتخذن ذلك وسلية للخروج أو لغير ذلك من الكلام، فإذا صح النقل لا تحكيم للعقل لم؟.
لأن النقل هو الشرع كتاب الله -عز وجل- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فكتاب الله ﴿ لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].
والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 4] فالشرع لا يخطيء وهو تنزيل من حكيم حميد، فإذا كان عقلك لا يفهم نصً، ويرى أنه معارضًا لشيء في عقله فينبغي عليه أن يتهم عقله ولا يتهم النص، الأصل هو تقديم النص على العقل فإذا صح النقل فلا تحكيم للعقل عليه أن يقول: سمعنا وأطعنا.
بعض السلف علم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- (نهى أن يشرب المرء من فيء السقاء) من فم القربة، يعني يشرب من ماء لا يراه، فقال جلست فترة لا أدري ما السبب، وفي نفسي من الأمر شيء، حتى علمت أن بعض الناس شرب من فيء السقاء فمات، ففتحوا القربة وجدوا بها حية بثت السم فشرب الرجل فمات قال فما عدت أسأل.
إذن عندما يكون الماء أمامك وأنت تشرب لو تغير لونه أو تغير شيء فيها رأيته، فالسنة أن ترى الماء وأنت تشربه لا تشربه وأنت لا تراه، فقال: ماعدت فإذا صح النقل فلا تحكيم للعقل، وأردفو هذه القاعدة بقاعدة أنه لا تعارض بين نقل صحيح وعقل صريح، يعني إذا كان التفكير الصحيح والعقل صريح والنقل صحيح لا يوجد تعارض: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].
فلماذا يقول الناس فيه تعارض في الأحاديث، أين هذا التعارض والجمع بين الأحاديث المتعارضة والآيات المتعارضة أين يكون هذا التعارض؟.
كما قال الشاطبي -رحمه الله تعالى- أنه ليس هناك تعارض بين الكتاب والسنة وإنما التعارض يكون في فهم المجتهد.
لا تعارض بين الآيات بعضها وبعض ولا الأحاديث بعضها وبعض لكن التعارض أين في أفهام الناس، لكن لما ينظر بعقل سديد فلا تعارض: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾.
وأيضًا من السنة ألا تجادل عن السنة، إذا أخبرت بالسنة فاسكت ولا تجادل عنها يكفيك أن تقول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فهو لا ينطق عن الهوى
قال المصنف -رحمه الله تعالى- (عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: (صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء ).
وفي لفظ: (فأما المغرب والعشاء والفجر والجمعة ففي بيته) وفي لفظ للبخاري: (أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: حدثتني حفصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها).
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر) وفي لفظ لمسلم: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) ).
المصنف -رحمه الله تعالى- يتكلم في هذين الحديثين عن السنن الرواتب قبل الفرائض وبعدها، بعدما تكلم عن المواقيت وتكلم عن صلاة الجماعة، يتكلم عن السنن الرواتب التي قبل الفرض وبعده، فذكر حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
والكلام عن الحديث من وجوه:
أولًا: عدد السنن الرواتب.
في هذا الحديث ذكر عشرة يعني: ركعتين قبل الظهر، ركعتين بعد الظهر ركعتين بعد المغرب ركعتين بعد العشاء، وركعتي الفجر، وبهذا قال الشافعية والحنابلة أن السنن الرواتب عشر.
عند الأحناف أنها اثنا عشر ركعة، لحديث البخاري عن عائشة -رضي الله عنها-: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع أربعًا قبل الظهر ) وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (كان يصلي ركعتين قبل الظهر) ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي ركعتين قبل الظهر وفي حديث عائشة: (أربع قبل الظهر) وقبل الظهر أربع أو اثنان، وأيضًا حديث بن عمر المتفق عليه: (حفظت عن النبي عشر ركعات) وهي السنن الرواتب التي ذكرناها.
مراتب السنن الرواتب: ليست في مرتبة واحدة فآكد هذه السنن ركعتي الفجر والوتر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يواظب على سنة الفجر والوتر بخلاف غيرها من السنن.
أيضًا سنن غير راتبة كما ورد في مسند أحمد وسنن الترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( رحم الله امرءً صلى قبل العصر أربعًا )
وفي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب ركعتين) أو (صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين ، صلوا قبل المغرب ركعتين قال في الثالثة لمن شاء) وبين الأذان والإقامة أيضًا ركعتان لمن شاء.
فعلى هذا عندنا سنن رواتب وسنن غير راتبة وفيه نوافل مطلقة، وسبيل معرفة ذلك كل حديث صحيح دل على هيئة أو عدد يعمل به، ولكن تختلف مراتب هذه الأحاديث.
أعلى المراتب ما دل النص على تأكده، إما بملازمة النبي -صلى الله عليه وسلم- له فعلًا كصلاة الليل وسنن الرواتب أو بكثرة فعله له صلوات الله وسلامه عليه، أو قوة دلالة اللفظ مثل صلاة الضحى مثلا أو الأحاديث يقوي بعضها بعض
وإذا كان هناك حديث ضعيف في فضل صلاة من الصلوات يعمل به بشروط كما قال العلماء:
1- أن يكون ليس معارضًا لحديث آخر.
2- أن يندرج تحت أصل من الأصول.
3- ألا يخالف قاعدة كلية من قواعد الدين، يعني ما معناه أنه مندرج تحت أصل من الأصول.
4- ألا يكون شديد الضعف.
5- لا يعارض حديثا صحيحا.
6- أن يكون مندرجًا تحت أصل، أو تحت قاعدة كلية.
ولو كان حديثا في الصلاة في الترغيب في الصلاة ضعيف مثلا يعني فيه أحاديث كثيرة صحيحة ترغب في الصلاة ولا يخالف حديثا صحيحًا.
أيضًا أن النوافل تستكثر منها ماشئت فهذا ليس مخالفًا لأصل فيعمل به ما لم يشتد ضعفه، مثلا لو كان فيه حديث ضعيف مثل صلاة مثلا الرغائب في الجمعة الأولى من رجب، فنجد أن هذا حديث ضعيف ويعارض الصحيح أنه، لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يوم الجمعة بصيام، فهذا يخالف الحديث الصحيح مع ضعف الحديث الوارد في هذا بل هذه الصلاة من الصلوات المبتدعة، سواء كانت في رجب أو في نصف شعبان أو ما كان كذلك.
أيضًا الاجتماع على النوافل، لا بأس به إن لم يكن راتبا يعني اجتمعنا في بيت ثم صلين، لا بأس إن لم نرتب موعدًا معينا نقوم فيه مثلا والأمر هذا يعني يعد بدعة كما نص الشاطبي -رحمه الله تعالى- على ذلك، ونص شيخ الإسلام على ذلك وخصوصًا إذا اجتمعنا في المسجد، وجعلنا هذا النفل جعلناه كالسنن الراتبة أشهرناه بل كالفرض؛ لأن الفروض هي التي تصلى في المساجد (خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) فلو صلينا هذه النوافل في المسجد وأصلها البيت فصارت البدعة أشد.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى