العمل بالقرآن

طباعة الموضوع

دكتور أشرف

عضو مميز
إنضم
6 فبراير 2012
المشاركات
214
النقاط
16
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
www.qoranona.com
احفظ من كتاب الله
اللهم اجعلنا من أهل القرآن
احب القراءة برواية
حفص عن عاصم
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري - رحمه الله -
الجنس
أخ
" العمل بالقرآن "
الحمد لله رب العالمين
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا)
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا


لقد أنزل الله تعالى كتابه شرعًا للعباد، ومنهجًا يحتذون طريقه، ونورًا مبينًا
والعمل بالقرآن هو الغاية الكبرى من إنزاله؛ لقول الله - عز وجل -: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب} (ص-29)
والعمل بالقرآن: هو تصديق أخباره، واتباع أحكامه: بفعل جميع ما أمر الله به فيه، وترك جميع ما نهى الله عنه: ابتغاء مرضاة الله، وخوفاً من عقابه، وطمعاً في ثوابه ، والعمل بكتاب الله تعالى هو أصل كلِّ سعادة؛ فلن يسعد الخلق إلاَّ إذا عملوا بكتاب ربهم تبارك وتعالى، كما أنَّ ترك العمل بكتاب الله تعالى أصل كلِّ شقاء


قال الله تعالى(قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)
طه: 123، 126


أخرج بن جرير – رحمه الله – بسنده عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن".
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إنَّ أ حدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يُسقِط منه حرفًا وقد أسقط العمل به
قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله : كنا إذا تعلَّمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلَّم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها



وقد ذم اللهتعالى – اليهود على تركهم العمل بما في التوراة من العقائد والعبادات والآداب والأخلاق. وشبههم بالحمار الذي يحمل على ظهره أسفاراً من كتب العلم النافع، وهو لا يدرك ما على ظهره من الخير. فقال تعالى ) مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين)[الجمعة: 5].
يقول القرطبيرحمه الله -: (وفي هذا تنبيه من الله تعالى لمن حمل الكتاب أن يتعلم معانيه ويعلم ما فيه لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء).
وقال ابن القيم –رحمه الله - (فقاس من حمّله سبحانه كتابه ليؤمن به، ويتدبره، ويعمل به، ويدعو إليه، ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلبفقراءته بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه – كحمار على ظهره زاملة أسفار، لا يدري ما فيها، وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا، فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره، فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به، ولم يؤد حقه، ولم يرعه حق رعايته).



قال الله تعالى(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته)[البقرة: 121]
أي يتبعونه حق اتباعه ، باتباع الأمر والنهي ، فيحللون حلاله ، ويحرمون حرامه ، ويعملون بما تضمنه

قال ابن مسعود رضي الله عنه : يقرءونه كما أنزل ولا يحرفونه ، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه
وقال أبو العالية : قال ابن مسعود : والذي نفسي بيده ، إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ، ولا يحرف الكلم عن مواضعه ، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله



وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والقرآن حجة لك أو عليك". صحيح مسلمقال القرطبي في (التذكار في أفضل الأذكار): (القرآن حجة لمن عمل به واتبع ما فيه. وحجة على من لم يعمل به ولم يتبع ما فيه. فمن أوتي القرآن فلم ينتفع، وزجرته نواهيه فلم يرتدع، وارتكب من المآثم قبيحاً، ومن الجرائم فضوحاً، كان القرآن حجة عليه وخصماً لديه).


وعن النواس بن سمعان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به. تقدمه سورة البقرة وآل عمران. وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال: كأنهما غمامتان أو ظلمتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حِزْقان من طير صواف. تحاجان عن صاحبهما".فهذا الحديث دل على أن من قرأ القرآن وعمل به فهو من أهل القرآن، ومن قرأه ولم يعمل به لم يكن من أهله. فلا يكون القرآن شفيعاً له بل يكون حجة عليه.



وعن أبي أمامة – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه"
القرآن يأتي يوم القيامة فيشفع لصاحبه المشتغل به الذي يأتمر بأمره وينـزجر عن نهيه، يشفع له عند الله وتقبل شفاعته. وما جعله الله – تعالى – شافعاً إلا ليقبل شفاعته. ثم يقوده إلى الجنة. نسأل الله الكريم من فضله






أما من قرأ القرآن وتعدى حدوده وضيع فرائضه وترك طاعته فإنه لا يشفع له. بل يكون شاهداً عليه. ويقوده إلى النار عياذاً بالله.
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "القرآن شافع مشفّع فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار"
والمعنى من عمل بما فيه ساقه إلى الجنة، ومن تركه وغفل عنه وأعرض ساقه إلى النار والعياذ بالله.





ومن العمل بالقرآن العمل بالسنة فقد أمر الله في القرآن بالأخذ بسنة النبي –صلى الله عليه وسلم- وما يأمر به والانتهاء عما ينهى عنه والأمر في ذلك يقتضي الوجوب قال الله تعالى: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"[الحشر:7] بل بين -سبحانه وتعالى- أتم البيان أنه لا تتم طاعته –سبحانه وتعالى- إلا بتمام طاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: "من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا" [النساء:90].



قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ((يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم- بأنه من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى))


ثم قرن الله تعالى طاعته بطاعة رسوله ، قال تعالى : ( يـا أيّها الّذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول ) وأمر سبحانه وتعالى عباده بالاستجابة لله والرسول ، قال تعالى : ( يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم..) . ثم أمرهم سبحانه برد ما تنازعوا فيه إليه ، وذلك عند الاختلاف ، قال تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردّوُه إلى الله والرّسول ) .


فالنبي عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله، والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة، والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات، وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات



بل قد حذر الله تعلى عباده المؤمنين من مخالفة نبيه –صلى الله عليه وسلم- وبين خطورة هذا الفعل في كثير من آياته –سبحانه وتعالى- قال الله تعالى:"فليحذر الذين يخافون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" النور:63.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
"
فليحذر الذين يخافون عن أمره" أي عن أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله فما وافق ذلك قُبل وما خالف فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". أي فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا "أن تصيبهم فتنة" أي في قلوبه من كفر ونفاق وبدعة "أو يصيبهم عذاب أليم" أي في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك.



ختاما
فإن العمل بالقرآن
هو تصديق أخباره، واتباعِ أحكامه، بفعل جميع ما أمر الله به، وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه

فالقرآن الكريم هو
حياة القلوب وشفاء الصدور، ولا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر، والتفكُّرِ، فإنه يورث المحبة، والشوقِ للقاء الله تعالى، وخوفه ورجائه، والإنابة إليه، والتوكل، والرضا، والتفويض والشكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلوب وكمالها، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلوب وهلاكها؛ ولو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24]

و الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وأصحابه أجمعين
منقول بتصرف من
تفسير القرطبي
تفسير ابن كثير
فضل القرآن الكريم ووجوب العمل به وتدبره الشيخ سعيد القحطاني

عظمة القرآن وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة

وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن باز رحمه الله

الأدلة الشّرعية على حجيّة السنّة النبوية الشيخ محمد المنجد

العمل بالسنة أ.د. عبد الله بن محمد الطيار

مقال بعنوان العمل بالقرآن
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
التعديل الأخير:
أعلى