بـاب في المـذي وغيـره

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
بـاب في المـذي وغيـره


قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (باب في المذي وغيره, وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوض) وللبخاري: (اغسل ذكرك وتوض) ولمسلم: (توضأ وانضح فرجك).
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ)، وللبخاري: (اغسل ذكرك وتوضأ) ولمسلم: (توضأ وانضح فرجك)) هذا الحديث متفق عليه، رواه الإمام البخاري ورواه الإمام مسلم، وأيضاً رواه غيرهما من أهل السنن والإمام أحمد وغيره.


قال المصنف: (باب في المذي)المذي هو: سائل يخرج من الذكر عند تهيج الشهوة، ويختلف عن ماء الرجل -المني- بأنه أخف منه، أخف من المني وأيضاً لا يكون دفقاً ولا بلذة؛ لا يصاحبه الدفق ولا تصاحبه اللذة، لكن عندما تهيج الشهوة ينزل هذا السائل.
إذن السوائل في الغالب ثلاثة: البول، والمذي، والمني، بالنسبة للرجل.
السائل الأول: البول: وهو معلوم، وهو نجس ويجب فيه الوضوء، بعد غسل الذكر، أو غسل ما نزل عليه هذا البول، فهو نجس يغسل الذكر ويغسل ما أصاب الجسد أو الثوب منه.
السائل الثاني: المذي: والمذي مثل ما قلنا أنه يخرج عند تهيج الشهوة ولا يكون دفق، ولا يكون بلذة وهو أخف من المني، ويميل لونه إلى الصفرة أكثر من المني .
السائل الثالث: المني: هو يخرج دفقاً وبلذة، يشعر فيه الرجل بالدفق ويخرج باللذة، وغالباً ما يكون ثقيلاً، المني ليس نجساً كالمذي والبول، فلو أصاب البدن أو أصاب الثوب فلا شك أن مقتضى النظافة أنه يغسل لكن يجب فيه الغُسل سواءً خرج بقصد كالجماع, أو خرج بدون قصد كالاحتلام, أو خرج بإخراجه بأي وسيلة من وسائل الإخراج سواءً طبية أو غير طبية، فيجب فيه الغسل .
إذن الذي معنا هنا المذي وهو ليس بولاً وليس منياً.
أورد المصنف في حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (كنت رجلاً مذاء) وهذه تقع لبعض الرجال يكون كذلك بينما يكون البعض ليس كذلك.
(فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته مني) من المعلوم أن الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان زوجاً لفاطمة بنت محمد -رضي الله عنها وأرضاها- فيستحي أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه زوج ابنته.
(فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ) في الرواية الثانية: (اغسل ذكرك وتوضأ) في الرواية الثالثة رواية مسلم: (توضأ وانضح فرجك)، والنضح أخف من الغسل، النضح: الرش بالماء حتى يتشبع المرشوش به، يعني تنضح على هذه القطعة أو على هذا الثوب ترشه رش حتى يتشبع هذا الثوب بهذا الماء، أما الغسل فيصاحبه الدلك، أو يتأكد من النظافة، يتأكد من زواله حتى ولو تكاثر عليه الماء.
قوله: (كنت رجلاً مذاءً) يعني هذه صيغة مبالغة، بمعنى كثير المذي،
هذا الحديث فيه بيان ما يجب في المذي:
الأمر الأول: أن المذي يصيب بعض الرجال ويكثر عند آخرين ويقل عند آخرين وأن أهم مسبباته تهيج الشهوة عند هذا الرجل.
قال: الواجب أن يُغسل الذكر وأن ينظف, ولكن هل يغسل الذكر جميعه أو يغسل ما أصابه المذي؟ جمهور أهل العلم -من المالكية والشافعية والحنابلة- أن الغسل للذكر جميعاً، وذهب بعض أهل العلم بأنه يغسل ما أصابه المذي فقط، وهذا قول الشافعية وبعض الأحناف، لكن الذي يظهر أن القول الأول أرجح بأن يغسل الذكر جميعاً لسبيين:
- السبب الأول: نص الحديث: (يغسل ذكره) الرواية الأخرى: (اغسل ذكرك وتوضأ)، فدل على أن المراد الغسل لجميعه.
- والسبب الثاني: أنه ما دام لتهيج الشهوة فالماء يطفئ هذه الشهوة فيغسل الذكر جميعاً.
الأمر الثاني: الوضوء، فدل على أن المذي ناقض للوضوء فلابد إذا أراد الإنسان أن يصلي أو يقرأ القرآن -أن يمس المصحف- أو يطوف فعليه أن يتوضأ فمما يجب في المذي أن صاحبه يتوضأ فهو ناقض للوضوء.
الأمر الثالث: أن المذي نجس، بدليل قال: (يغسل ذكره) والغسل يكون من النجاسة فدل على أنه إذا أصاب البدن شيء منه أو أصاب الثوب شيء منه فلابد أن يُغسل, بدليل النص على الغسل، فدل على أن الثوب أو البدن أو ما أصابه المذي يجب أن يغسل, وكونه يغسل دل على أنه نجس.
إذن هنا خالف المني من وجوه:
الوجه الأول: عند خروج المني يجب الغسل، بينما المذي يوجب الوضوء.
الوجه الثاني: المني طاهر والمذي نجس؛ لأنه سيأتينا عند أحاديث الغسل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصيب بدنه أو يصيب ثوبه وما كان يغسل وإنما إذا كان يابساً يفرك، فخالف المذي المني بهذه الأحكام وهذا مما دعى الإمام علي -رضي الله عنه- بأن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الأمر.
بعض أهل العلم يقول: أنه يغسل أو تغسل الأنثيان بعد خروج هذا المذي؛ لأنه قد ورد بعض الروايات (وغسل الأنثيين).
هل يجزئ الاستجمار -سواءً كان بالحجارة أو بغيرها- عن الماء؟ كما في البول أو لا تجزئ ؟ إذا خرج المذي فلا تجزئ ولا يجوز تطهيره بمجرد الحجارة فلابد من الماء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اغسل) يعني فأمر بالغسل فدل على أنه لا يجزئ تطيهر المذي بالحجارة كما يطهر البول بها، أو بعموم الاستجمار.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وعن عباد بن تميم -رضي الله عنه- عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني -رضي الله عنه- قال: (شُكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريح)).
هذا الحديث متفق عليه، رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما أيضاً.
الحديث عظيم، والأحاديث جميعها كذلك, لكن بعض الأحاديث تأخذ شكل قاعدة من القواعد التي يمكن تطبيقها في سائر أبواب الدين، من المعلوم أن القاعدة -في مصطلح القواعد - هي التي تكون شاملة لصور متعددة من جميع الأبواب أو من أبواب كثيرة, فتكون ضابطا لهذه المسائل في الأبواب الكثيرة، الضابط هو: الذي يجمع المسائل في الباب الواحد، مثلاً نقول: ضابط هذا الشيء في الطهارة .
قاعدة : معناها أنها في الطهارة في الصلاة في المعاملات في الأحوال الشخصية وهكذا.
هذا الحديث في الصلاة وظاهره في الصلاة, أو في الوضوء -في الطهارة في الحدث- لكن يستنتج منه قاعدة عظيمة وكبيرة تطبق في جميع أبواب الدين،
قال: (عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني قال: (شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل)) شُكي المبني للمجهول (إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة) يعني يتصور، والتخيل معروف؛ يتصور الشيء ولو لم يكن حقيقة (يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة) يجد الشيء في الصلاة يعني من الحدث، قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريح)، يجد ريحاً يعني يشم رائحة، فإن لم يسمع الصوت -صوت الخارج- أو يشم الرائحة فلا يخرج من الصلاة، هذا الحديث ظاهره أن الإنسان في صلاته -مستمر في صلاته- لا ينقض طهارته إلا أن يسمع بأذنه صوت خرج منه أو يشم بأنفه رائحة خرجت منه، حينئذ انتقض وضوءه وبطلت صلاته وعليه أن يتوضأ ويأتي للصلاة مرى أخرى، هذا ظاهر الحديث.
ولكن هذا الظاهر شكل أهل العلم منه قاعدة وهي: أن الاصل بقاء ما كان على ما كان، هذه قاعدة .
والقاعدة الثانية, وهي مرتبطة بها: أن اليقين لا يزول بالشك.
مثال :الآن أذَّن المغرب،لاأتذكر صليت العصر أشك أحدثت ولا ما أحدثت، إذن الأصل بقاء ما كان -هو الطهارة- على ما كان, فأصلي بناءً على الأصل .
اليقين لا يزول بالشك أنا الآن متيقن أنني محدث لكن لااتذكر هل توضأت أم لا؟ الأصل اليقين و هو: الحدث إذن يجب أن أتوضأ لكي أصلي، في الصلاة مثلاً شكيت أني صليت ثنتين أم ثلاثة ماذا أعمل؟ أبني على اليقين، اليقين ما هو؟ ثنتين، وأستمر، وحينئذ نتيجة للخطأ أو السهو أسجد للسهو، لكن البناء على على اليقين،
هنا نطبق هذه القواعد في جميع الأبواب، في الحج مثلاً: أنا الآن طفت لكني شكيت هل هي ثلاث أشواط أو أربعة أشواط، البناء على ماذا؟ على اليقين الذي هي ثلاثة، أنا الآن أرمي الجمرات، رميت أربع أو خمس لااعلم كم؟ اليقين ما هو؟ أربع, أبني على اليقين، إذن دائماً أنطلق على اليقين، سواءً زيادة أو نقص فأبني على اليقين، اليقين أربع حصيات أو خمس, أربع, أمشي على أنه أربع وأزيد أخرى .
فإذا هذه قاعدة في جميع شئون الحياة كلها نمضي فيها ونعمل بها, اليقين لا يزول بالشك، الأصل بقاء ما كان على ما كان.
إنسان كثير الشك، كيف يتعامل معه عرفنا أن الأصل بقاء ما كان على ما كان ،، ولا يزول اليقين بمجرد الشك .
لكن إنسان يشك في أصل العبادة في أثناء العبادة وبعد العبادة، نقول: القاعدة في هذا أن:
الشك إذا كان في وقت العبادة يعني إنسان شك في الصلاة وهو لا زال يصلي، هو صلى ثلاث أو أربع، بقاء ما كان أو الأصل وهو اليقين وهو الثلاثة.
إنسان صلى وانتهى، ثم بدأ يشك أنا صليت ثلاثة ولا أربعة كيف يتعامل هل يقول ثلاثة أو أربع نقول: لا محل للشك هنا، فالشك بعد أداء العبادة لا محل له، إذا أدى الإنسان العبادة وحصل الشك بعدها فلا يلتفت للشك مطلقاً لماذا؟ ما الدليل؟ نفس القاعدة، وهو بقاء الأصل، والأصل أنه أدى العبادة كما كانت, وهذا يحصل كثير عندما تلتبس الأمور مثل:
- لما يكون في الطواف والزحام ومشغول الذهن في الزحام ويمكن يعد بأصابعه الطوفات ومع الزحام اختلفت الأصابع، فعند نفسه أنه طاف سبعة أشواط، لكن لما رجع وهدأ في البيت وتنفس بعد الزحام قال والله ما أدري أنا طفت أربعة أشواط أو خمسة أو ستة أو سبعة، ماذا أعمل؟ أعيد الطواف أو ماذا أعمل؟ نقول: لا، اليقين أنك أديت العبادة بيقين وانتهت.
إذن الشك بعد أداء العبادة لا يلتفت إليه مطلقاً لأن الأصل أن الإنسان أدى العبادة كما شرعت إذن يختلف عما يكون الشك في أثناء العبادة فهذا يبني على اليقين، وأما إذا كان الشك بعد العبادة فهذا لا يلتفت إلى الشك؛ لأن الأصل أنه أدى العبادة كما كانت وهذه محل إشكال عند كثير من الناس.
قاعدةأخرى وهو أن العمل بهذه القاعدة يعطي الإنسان وقاية من أمراض الشكوك والوساوس؛ لأن هذه الشكوك اليسيرة هي مدخل الشيطان للوسوسة، فيستمر الإنسان بوسوسة, فإذا عمل بهذه القاعدة أغلق باب الوسواس، هذه أمور مهمة وخصوصاً في منهج الحياة مع خضم إشكالات الحياة.
قاعدة اليقين لا يزول بالشك، وقاعدة الأصل بقاء ما كان على ما كان، هذه القواعد وقائية عظيمة عن الوسوسة والشكوك، إن استسلم لهذه الشكوك زادت حتى صارت وسوسة, وإذا صارت وسوسة أصبحت مرضا يحتاج إلى علاج؛ لذلك يجب على المسلم أن يتنبه لهذا الأمر بأن يضع الوقاية خلاص الشك في أثناء الحدث أو في أثناء العبادة يبني على اليقين، الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه مطلقاً؛ ولذلك لو طبقنا هذه القاعدة على ما جاء في الحديث (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريح) لان الانسان يشعر أنه أحدث أنه خرج منه ريح أو خرج منه بلل, لا يلتفت إلى هذا مطلقاً، لا يلتفت إلى هذا إلا أن يسمع الصوت أو يشم الريح بمعنى آخر أنه يتيقن الخروج، لا يشك وإنما يتيقن الخروج؛كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يأتي الشيطان ينفخ في دبر أحدكم، فيظن أنه خرج ريح) هذه محاولة من الشيطان لأن يبدأ بالوسوسة لهذا الانسان الذي إذا استمر معه أصبح مرضاً.

الوسوسة: هي عبارة عن مدافعة من الشيطان لهذا الإنسان لأجل أن يوقعه في إفساد عبادته، وضوءه أو صلاته، أو يؤذيه أو يبعده عنها أو يجعله يتأخر عنها، إذن يحتاج هذه المدافعة الشيطان ضعيف لكنه وسواس خناس ما يمل فالإنسان هنا يحاول أن يتقوى فإذا قوي الإنسان بهذه المدافعة بإذن الله -تعالى- ذهبت هذه الوسوسة طبعاً الوسوسة وقد تنتج أحيانًا ليس من هذا وإنما خلل عند الإنسان في المخ مثلاً نتيجة حادث معين أو سقوط أو شيء معين, هذه تحتاج إلى علاج بالعقاقير يعرفها أهل الطب النفسي, لكن أيضاً مع هذا نعمل بهذه القواعد المهمة في شئون الحياة كلها, وما وقع بعد ذلك من خطأ أو سهو فالله -سبحانه وتعالى- عفا عنه بمنته وكرمه .
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ

30761086gk7.gif



15926069jh9.gif

 
أعلى