باب المواقيت ( الدرس الأول )

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
((بابُ المَوَاقِيتِ))
الْحَدِيثُ الرابعُ والأربعونَ
عنْ أبِي عَمْرٍو الشَّيبانيِّ –واسمُهُ سَعْدُ بنُ إياسٍ- قالَ: حدَّثَنِي صاحبُ هذهِ الدارِ – وأشارَ بيدهِ إلى دارِ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ- قالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللَّهِ ؟ قالَ: ((الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا)) قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ((بِرُّ الوَالِدَينِ)) قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ((الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَو اسْتَزدْتُهُ لَزَادَنِي.

الْحَدِيثُ الخامسُ والأربعونَ
عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهَا قالَتْ: لقدْ كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلِّي الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِن المُؤْمِنَاتِ، مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ. ما يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِن الْغَلَسِ)) .


الْحَدِيثُ السادسُ والأربعونَ
عنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالمَغْرِبَ: إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ: أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا. إِذَا رَآهُم اجْتَمَعُوا: عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أبْطَؤُوا: أَخَّرَ. وَالصُّبْحَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيها بِغَلَسٍ)).


الْحَدِيثُ السابعُ والأربعونَ
عنْ أبِي المِنْهالِ- سَيَّارِ بنِ سلامَةَ- قالَ: دَخَلْـتُ أَنَا وأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضـى اللَّهُ عنهُ. فقالَ لهُ أَبِي: كَيْفَ كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟ فقالَ: كانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ- الَّتِي تَدْعُونَهَا الْأُولَى- حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ. وَيُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلى رَحْلِهِ في أَقْصَى المَدِينَةِ، وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ. وَنَسِيتُ مَا قَالَ في المغْرِبِ. وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِن الْعِشَاءِ، الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ. وَكَان يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَجُلُ جَلِيسَهُ. يَقْرَأُ بِالسِّتينَ إلى المائَةِ)).

الْحَدِيثُ الثامنُ والأربعونَ
عنْ عَلِيِّ بنِ أبى طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ يومَ الْخَنْدَقِ: ((مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ)).
وفي لفظٍ لِمسلمٍ: ((شَغَلونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى؛ صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)).
ولهُ عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رسـولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ، حتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ اصْفَرَّتْ. فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((شَغَلُونَا عَن الصَّلَاةِ الْوُسْطَى؛ صَلَاةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا. أوْ: ((حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبورَهُمْ نَارًا)).


الْحَدِيثُ التاسعُ والأربعونَ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعِشَاءِ، فَخرجَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، فقالَ: الصَّلَاةَ يا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ- وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ – يَقُولُ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي- أَو عَلَى النَّاسِ- لأَمَرْتُهُمْ بهذه الصَّلاةِ هذِهِ السَّاعَةَ)).



بابٌ في شيءٍ منْ مَكْرُوهَاتِ الصلاةِ
الْحَدِيثُ الخمسونَ
عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهَا: عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَحَضَرَ الْعَشَاءُ، فابْدَؤُوا بالْعَشَاءِ)). وعن ابنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا نحوَهُ.

الْحَدِيثُ الحادي والخمسون
ولِمسلمٍ عنهَا رَضِيَ اللَّهُ عنهَا قالَتْ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ)).

بابُ أَوْقَاتِ النَّهْيِ
الْحَدِيثُ الثاني والخمسونَ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ: شَهِـدَ عِنْدِي رِجالٌ مَرْضِيُّونَ- وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي: عُمَـرُ- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ، حتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ)).

الْحَدِيثُ الثالثُ والخمسونَ
عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، عنْ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَرْتَفعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ)).
وفي البَابِ عنْ عَلِيِّ بنِ أبِي طالبٍ، وعبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ، وعبدِ اللَّهِ بنِ عمَرَ، وعبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وسَمُرةَ بنِ جُنْدُبٍ، وسلَمَةَ بنِ الْأَكْوَعِ، وزيدِ بنِ ثابِتٍ، ومعاذِ بنِ عَفْراءَ، وكَعْبِ بنِ مُـرَّةَ، وأَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وعَمْـرِو بنِ عَبسةَ السُّلَمِيِّ، وعَائِشَـةَ رِضْـوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، والصُّنابَحيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، ولَمْ يَسْمَعْ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


بابُ قضاءِ الفوائتِ وترتِيبِهَا
الْحَدِيثُ الرابعُ والخمسونَ
عنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، أَنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، بَعْدَ مَا غَرَبَت الشَّمْسُ. فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. فقالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((واللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا)) قالَ: فَقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ، بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ)).
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
التعديل الأخير:

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
الــــــــ الأول ــــــــدرس (باب المواقيت )

الــــــــ الأول ــــــــدرس

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم.
أما بعد :
ان دراسة السنة النبوية من خير ما بذلت فيه الأوقات وأفنيت فيه الساعات وذلك لما للسنة النبوية من أهمية عظمى في بناء الإسلام فهي مصدر من مصادر التشريع مستقل بذاته إذ أن كثيرًا من الأحكام الشرعية سواءً الأحكام المتعلقة بالعقائد أو المتعلقة بالأمور العملية لا يمكن معرفتها إلا عن طريق السنة النبوية.
وهي أيضًا شارحة للقرآن ومبينة له وموضحة له كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 44] فالذكر هنا هو السنة.
وهي محفوظة أيضًا،لكن الله -جل وعلا- حفظها بطريقة غير حفظ القرآن قيد لها رجالا يذبون عنها الضعيف والموضوع والباطل وما لا أصل له.
فالسنة محفوظة بحفظ الله -جل وعلا- لها فهي شارحة للقرآن ومبينة له، وموضحة له ومبينة لمجمله، فإذا قرأنا قول الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43].
من أين نعرف أن الظهر أربع و الصبح ركعتان إن لم ترجع إلى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- من أين نعرف مقدار الزكاة وكان الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يمشي يوما من الأيام فوجد مجموعة من الطلاب يتدارسون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال: إني لأحسب هؤلاء من الذين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله ).
وقد قيد الله -جل وعلا- لهذه الأمة من يحفظ سنة نبيها -صلى الله عليه وآله وسلم- فجمعوا الأحاديث وبوبوها.
وأحاديث الأحكام التي قام عليها بنيان الفقه الإسلامي بعد كتاب الله -عز وجل- قد أفردها الأئمة بالتصنيف فمنها الكبير ومنها المتوسط، ومنها الصغير.
وكتاب عمدة الأحكام من أقدم الكتب التى اعتنت بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوجزها وأصحها وهو الكتاب -بإذن الله تعالى- الذي سنتناول كتاب الصلاة فيه .
وهذا الكتاب للإمام الحافظ تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي المقدسي الحنبلي -عليه رحمة الله تعالى- ويشتمل هذا الكتاب على أربعمائة حديث وتسعة عشر أو أكثر على خلاف بين الناس في جعل هذا الحديث مع الآخر متمما له أو أنه حديث مفرد.
اقتصر فيه -رحمه الله تعالى- على الأحاديث المتعلقة بالأحكام والموجودة في الصحيحين، ولا يوجد في هذا الكتاب ما يخرج من الأحاديث المتفق عليها إلا أحاديث يسيرة معدودة ظن المصنف -رحمه الله تعالى- أنها من باب المتفق عليه وإنما هي مما انفرد به البخاري أو مسلم -عليه رحمة الله تعالى- وهي أحاديث قليلة لا تؤثر في اصطلاح المؤلف -عليه رحمة الله تعالى.
لهذا كتاب عمدة الأحكام قريبا للمبتديء ....وكذلك للمتوسط .... ولا يستغني عنه المبتديء والمتبحر.
وقد شرح هذا الكتاب عدة علماء منهم الإمام الحافظ تقي الدين محمد بن علي بن وهب القشيري المعروف بابن دقيق العيد -عليه رحمة الله تعالى.
ولد الإمام رحمه الله في جماعيل .... وجماعيل من جبال نابلس بفلسطين في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة هجرية وكانت له رحلات عديدة في طلب العلم من أهمها علم الحديث، وتوفي -عليه رحمة الله تعالى- في يوم الإثنين الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة ستمائة هجرية في مصر ودفن في القرافة بها.
.
قال المصنف -رحمه الله تعالى- (كتاب الصلاة باب المواقيت عن أبي عمرو الشيباني واسمه سعد بن إياس قال: (حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أحب إلى الله -عز وجل - قال: الصلاة على وقتها قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال حدثني بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ولو استزدته لزادني) )

الصلاة لغة : الدعاء قال تعالى: ﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ﴾ [التوبة: 103] أي: ادع لهم واستغفر لهم وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتي بصدقة قوم صلى عليهم أي دعا لهم فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى) .
وفي الشرعِ:" أقوالٌ وأفعالٌ مُفتتَحَةٌ بالتكبيرِ، ومُختتَمَةٌ بالتسليمِ، مع النِّيَّةِ ".
والصلواتُ الخمسُ أحدُ أركانِ الإسلامِ الخمسةِ، بل أعظمُها بعدَ الشهادتيْنِ.
وثبوتُها بالكتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ، فمَن جحدَها فقد كفرَ.
شروط صحة الصلاة :
فلا بد من دخول الوقت وهذا من أهم الشروط التي تكون لصحة الصلاة.
فبدأ بباب المواقيت والأوقات خمسة لمن لا يجمع، وثلاثة لمن يجمع، بدخول وقت العصر في وقت العصر في وقت الظهر، ووقت العشاء في وقت المغرب، وهذه الثلاث الأوقات والتي تكون في حال العذر هي المذكورة في قوله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78] .
﴿ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ﴾ ودلوك الشمس هو ميلها عن كبد السماء، وهو أول وقت الظهر، ويدخل فيه أيضا وقت العصر للعذر: ﴿ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ .
وغسق الليل هو: وقت العشاء الآخرة أي: هو أول وقت العشاء، وأيضًا هو آخر وقت المغرب فكأن الله جل وعلا ذكر في هذه الآية الأوقات الخمسة لكنها مجموعة لأصحاب الأعذار.
والحديث هو حديث أبي عمرو الشيباني وكما قال المصنف واسمه سعد بن إياس قال: (حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود) فهذا الحديث ذكره المصنف هنا لبيان فضيلة الصلاة في أول وقتها فسأله عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال الصلاة على وقتها) وفي صحيح مسلم: (الصلاة لوقتها) وهذا أصرح في بيان أن المراد هو أول وقت الصلاة فذكر المصنف -رحمه الله تعالى- هذا الحديث هنا ليبين أنه يستحب للمرء أن يبادر بفعل الصلاة في أول وقتها.
موضوع هذا الحديث: هو فضيلة الصلاة لوقته، وذكر أن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله -عز وجل -هو الصلاة على وقته ثم ذكر بر الوالدين وبر الوالدين هو الإحسان إليهما ثم ذكر الجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله هو قتال الكفار لتكون كلمة الله هي العليا.
ثم قال (لو استزدته لزادني) أي: لوطلبت منه الزيادة لزادني ولكنه ترك الزيادة خشية السآمة والملل.
الشرح الإجمالي لهذا الحديث:
كان الصحابة -رضي الله عنهم- أحرص الناس على خير فسأل ابن مسعود -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أحب الأعمال إلى الله تعالى ليعلم ويعمل فكانوا ما يتعلمون إلا ليعملوا فبين له النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أحب الأعمال إلى الله تعالى هي الصلاة لوقته، أي في أولها أو في أول وقتها إلا في صلاة العشاء .
فالصلاة هي أعظم حقوق الله تعالى بعد الإيمان ثم بر الوالدين؛ لأن حقهما أعظم حقوق الآدميين ثم الجهاد في سبيل الله لما فيه من إظهار الدين والدفاع عنه.
ثم قال ابن مسعود -رضي الله عنه- لو طلبت منه الزيادة لزادني لعلمه لحرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعليم أمته، ولكنه ترك ذلك خشية السآمة والملل.
فقول السائل في الحديث: (أي الأعمال أحب إلى الله تعالى) يريد أعمال أهل الإيمان، أي: الأعمال أحب إلى الله تعالى لا أعمال الناس مطلقًا فهو لا يسأله عن مطلق الأعمال لكن يسأله عن أعمال أهل الإيمان . فالإيمان غير مسئول عنه بل السؤال عن أفضلية الأعمال للمتصفين بالإيمان.
والمراد من الأعمال في الحديث:
إما أعمال أبدان أو أعمال جوارح وهي الأعمال الظاهرة، وإما أعمال قلوب، فهل سأله عن أعمال القلوب وأعمال الأبدان أم أنه سأله عن الأعمال الظاهرة؟.
الظاهر من الحديث أنه سأله عن الأعمال الظاهرة، وقيل أيضًا إن الأعمال هنا في هذا الحديث يدخل فيها أعمال القلوب ما عدا الإيمان.
يفصل ذلك أن الصلاة تفضل كثيرًا من أعمال القلوب كالحب في الله والبغض في الله الذي يتسبب عنه الجهاد، وقد بين الحديث أن الصلاة لوقتها أفضل من الجهاد، ولكن الظاهر من الحديث أن المقصود بالأعمال هنا هي الأعمال الظاهرة.
وفي قوله الصلاة على وقتها يصدق عليه أول الوقت ويصدق عليه آخر الوقت .
لكن رواية مسلم بينت أن الصلاة لوقتها فهذه أصرح أن المراد هو أول الصلاة تأمل في قوله -صلى الله عليه وسلم- أن اللام هنا للاستقبال أي مستقبلين أول الوقت كما قال تعالى: ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1] أي مستقبلين لوقتها.
فالمفضل هنا الصلاة لوقته، وقد أخرج الحاكم وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من حديث ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سئل أي الأعمال أفضل قال الصلاة لأول وقتها) فهذا تصريح أن المراد أن الصلاة على وقتها هو الصلاة في أول وقته، لكن هذا الحديث ضعيف ضعفه ابن حجر وغيره.
وقد أطلق النووي -رحمه الله تعالى- في شرح المهذب أن رواية لأول الوقت ضعيفة والروايات الصحيحة هي على وقتها أو لوقتها.
فوائد الحديث :
1ـ أنَّ أحبَّ الأعمالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، الصَّلاةُ في وَقْتِهَا، ثم بِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثم الجهادُ في سبيلِ اللَّهِ، وذلك بعدَ وُجودِ أصلِ الإيمانِ. فإنَّ العِباداتِ فروعُه وهو أساسُهَا.
2ـ يُقصدُ بهذا السُّؤالِ الأعمالُ البدَنِيَّةُ، بِقرينةِ تخصيصِ الجوابِ بالصَّلاةِ، وبِرِّ الوَالِدَيْنِ، والجهادِ، ولم يَدخُلْ في السُّؤالِ ولا جَوابِه شيءٌ مِنْ أعمالِ القلوبِ التي أعلاهَا الإيمانُ.
3ـ أنَّ الأعمالَ ليستْ في دَرجةٍ واحدَةٍ في الأفضلِيَّةِ، وإنَّما تَتفاوتُ حَسَبَ تَقريبِهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، ونَفعِهَا، ومَصلَحتِهَا. فَسَألَهُ عمَّا يَنبغِي تَقدِيمُه منهَا.
4ـ أنَّ الأعْمالَ تَفضُلُ عَنْ غيرِهَا مِنْ أجلِ مَحبَّةِ اللَّهِ لهَا.
5ـ إثباتُ صِفةِ المحبَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى إثْباتاً يَليقُ بجلالِهِ.
6ـ فضْلُ السُّؤالِ عَنِ العِلْمِ، خُصوصاً الأشْياءَ الهامَّةَ. فقد أَفادَ هذا السُّؤَالُ نَفعاً عَظيماً.
7ـ تَركُ بعضِ السُّؤَالِ عَنِ العِلمِ لبعضِ الأسبابِ كمخَافةِ الإضْجارِ والهَيْبةِ مِنَ المَسؤولِ.



الحديث الثاني
قال المصنف -رحمه الله تعالى- ((عن عائشة -رضي الله عنهم- قالت لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس))
موضوع هذا الحديث الحديث الثاني الذي ذكره المصنف -رحمه الله تعالى- في الباب هو بيان وقت صلاة الفجر متى كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها.
معاني الكلمات:
متلفعات أي: متلففات أو متلحفات متلفعات بمروطهن المِرط بكسر الميم هو كساء من خز أو صوف أو كتان، وهو كساء فيه أعلام أي: مخطط.
ما يعرفهن أحد أي: أنساء هن أم رجال؟ فلا يظهر للرائي إلا أشخاصًا خاصة.
الغلس : هو ظلمة آخر الليل بعد طلوع الفجر أو اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل.
الشرح الإجمالي للحديث:
أخبرت عائشة -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبادر بصلاة الفجر إذ كان يصليها فيرجع النساء اللاتي حضرن الصلاة إلى بيوتهن متلفعات بمروطهن، وما يعرفهن أحد، أنساء هن أم رجال من ظلمة آخر الليل.
من فوائد هذا الحديث:
1- استحباب التبكير لصلاة الصبح في أول وقته، وهو التغليس، وقد بوب الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- لهذا الحديث باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها.
أيضًا فيه جواز خروج المرأة ليل، وذلك إذا أمنت الفتنة وإلا فلا فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
أيضًا هذا الحديث أن المرأة إذا خرجت تتستر بالعباءة، ونحوها؛ لأن النساء خرجن متلفعات بمروطهن.
وأيضًا فيه مبادرة النساء بالرجوع إلى بيوتهن، وكن بعد انتهاء الصلاة يرجعن أو ينقلبن إلى بيوتهن مباشرة.
هذا الحديث الذي بينت عائشة -رضي الله عنهم- في هذا الحديث أنه يستحب التبكير لصلاة الصبح قد ورد ما يعارضه وهو ما أخرجه أصحاب السنن وصححه غير واحد من حديث رافع بن خديج أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر) هذا الحديث اخلتف في سنده ومتنه كما قال البيهقي.
وقد صححه بعض أهل العلم وضعفه آخرون، وأولى الطرق للجمع بين هذا الحديث وحديث هذا الباب ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسفر بالفجر ثم كانت صلاته بعد بالغلس حتى مات ) لم يعد إلى أن يسفر فكان في البداية يسفر، ثم بعد ذلك كانت صلاته بالغلس حتى مات، فذلك صريح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- داوم على التبكير بصلاة الفجر حتى مات.
هل يكن الجمع بين الحديثين على أن الإنسان يبدأ بالصلاة بالغلس ثم يطيل في الصلاة حتى الإصفار.
جمع بعض أهل العلم أنه يبدأ الصلاة بغلس وينتهي منها بإسفار، لكن الذي يمنع ذلك أنه في نص الحديث يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس فهذا يدل على أنه انتهى من الصلاة، وما زالت الظلمة موجودة فيكون حديث أبي سعيد أولى بالجمع من هذا.
الحديث الثالث
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت والعشاء أحيانً، وأحيانًا إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر، والصبح كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها بغلس))
موضوع الحدبث : هو بيان أوقات الصلاة، ومتى كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها.
بالهاجرة أي: في شدة الحر بعد الزوال، وكان يصلي العصر والشمس نقية.
والعصر لغة :الدهر .
والعصران : الليل والنهار والغداة والعشي أيضا يقال لهما: عصران وذلك سميت صلاة العصر صلاة العشي .
ويصلي العصر والشمس نقية أي: صافية لم يشبها صفار ولم تتغير أي في أول وقتها.
ويصلي المغرب إذا وجبت أي: إذا غربت الشمس.
الشرح الإجمالي للحديث:
قدم الحجاج بن يوسف المدينة أميرًا عليها من قبل عبد الملك بن مروان، وذلك في سنة أربع وسبعين من الهجرة فكان يؤخر الصلاة، فسأل الناس جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن صلاة النبي فأخبرهم بأنه كان يبادر بالصلوات كلها في أول وقتها إلا العشاء فإنه كان يراعي أحوال الناس كان إذا رآهم اجتمعوا عجّل، وإذا رآهم أبطأوا أخر فكان يراعي أحوال الناس.
فوائد الحديث:
أولًا: هذا الحديث يدل أنه ينبغي المحافظة على الصلاة في أول وقتها إلا صلاة العشاء، وذلك حسب أحوال الناس كما ورد في الحديث.
كيف يحقق فضيلة الصلاة في أول وقتها؟ ذكرنا في الأحاديث السابقة الصلاة لوقتها فهل بعد دخول الوقت يكبر ويصلي مباشرة ويكون مستعدًا قبلها حتى يحصل هذه الفضيلة أو بم يحصل هذه الفضيلة؟ يحصل هذه الفضيلة ولم ينشغل إلا بما يتعلق بالصلاة فلم يشتغل بدخول الوقت إلا بما يتعلق بالصلاة فإذا اشتغل بأسبابها من الوضوء وخلافه، وسعى إلى المسجد وانتظر الجماعة فإنه يكون محصلا لفضيلة الصلاة أول وقتها ويشهد لذلك فعل السلف والخلف، فإن لم ينشغل بعد دخول وقتها إلا بها فهو محصل لفضلية الصلاة لوقتها.
أيضًا من فوائد هذا الحديث: مراعاة المأمومين باجتناب ما يشق عليهم.
عرفنا ذلك من قول جابر -رضي الله عنه-: ( فإذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر) عجلوا يعني اجتمعوا جميعا في المسجد وكان -صلى الله عليه وسلم- يقيم الصلاة حتى لا يطيل عليهم وإذا أبطأوا يعني تأخروا في المجيء أخر -صلى الله عليه وسلم- لمراعاة حالهم حتى يدركوا الصلاة في وقتها.
استنتج العلماء من هذا الحديث قاعدة وأنه يستحب ترك المستحب من أجل رفع المشقة، هو يستحب أن يؤخر الصلاة يؤخر صلاة العشاء إلى ثلث الليل، لكنه إذا وجد الناس اجتمعوا عجل وترك هذا المستحب رفعا للمشقة عن الناس، ﴿ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].
قاعدة هامة: يستحب ترك المستحب من أجل رفع المشقة وأيضًا على هذه القاعدة. استنتج العلماء يستحب ترك المستحب من أجل تأليف القلوب، ويشهد لهذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن دخل مكة فاتحا لها نظر للكعبة وقال: (لولا أن قومك حديثي عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم، وجعلت لها بابين باب يدخل منه الناس وباب يخرجون) ولكنه ما فعل ذلك حرصًا على تأليف قلوب المسلمين.
(لولا أن قومك حديثي عهد بكفر) يعني دخلوا الإسلام قريبًا فخشي على قلوب هؤلاء، ولم يفعل هذا فاستنتج العلماء من هذا فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه يستحب ترك المستحب من أجل تأليف القلوب.
وقد عمل بذلك الأئمة فالإمام أحمد -رحمه الله تعالى- من مذهبه أنه لا يقنت في الفجر ومذهب الشافعي -عليه رحمة الله تعالى- أنه يقنت في صلاة الفجر وذهب الإمام أحمد في مسجد من مساجد الشافعية بعد موت الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- فقدموه للإمامة يؤم الناس في صلاة الصبح فأمهم وقنت بهم مع أن مذهبه أن القنوت في الفجر مرجوح لكنه فعل هذا المرجوح تأليفا لقلوب من خلفه.
وعلى هذا درج الأئمة أنه يستحب ترك المستحب من أجل تأليف القلوب لا الواجب من أجل تأليف القلوب، فالواجب لا بد من فعله ولا فعل المحرم من أجل تأليف القلوب لكن يستحب ترك المستحب من أجل تأليف القلوب.
أيضًا من فوائد هذا الحديث حسن رعاية النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأفته بأمته إنه إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر صلوات الله وسلامه عليه.
أيضًا ورد ما يعارض هذا الحديث بالنسبة لوقت الظهر وما يدل على تأخيرها في شدة الحر روى الجماعة من حديث أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جنم) إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة أي انتظروا حتى يبرد الجو، فإن شدة الحر من فيح جهنم.
وفي صحيح البخاري: (أبردوا بالظهر) نص على صلاة الظهر (فإن شدة الحر من فيح جهنم) فيستحب تأخير صلاة الظهر عن أول وقتها في شدة الحر كما ورد في هذا الحديث جمعا بينه وبين حديث الباب، أما غير ذلك فيستحب بالمبادرة في الصلاة في أول وقتها.
أيضًا ذهب الشافعي -رحمه الله تعالى- والأكثرون إلى أنه لا اشتراك بين وقت الظهر ووقت العصر لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي رواه مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحبط العصر).
إذن هذا وقت صلاة الظهر، وقت صلاة الظهر يبدأ من بعد زوال الشمس أي: بعد أن تميل الشمس عن كبد السماء ثم بعد ذلك يقوم الظل فإلى أن يصل ظل الشيء إلى مثله فعند ذلك ينتهي آخر وقت الظهر .
ووقت العصر يبدأ بعد نهاية وقت الظهر بنص حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وقت الظهر ما لم يحبط العصر) (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله) فحدد لنا أول وقت الظهر وآخر وقت الظهر فأول وقته بعد زوال الشمس وآخر وقته بعد أن يصير ظل كل شيء مثله وما لم يحبط العصر.
لكن في حديث جابر وهو الذي رواه أهل السنن رواه الترمذي وراه أحمد والنسائي وقال عنه البخاري هو أصح حديث في باب المواقيت الذي فيه: (أن جبريل عليه السلام جاء وأم النبي -صلى الله عليه وسلم- في صبيحة ليلة الإسراء فصلى الظهر بعد أن مالت الشمس عن كبد السماء أي في أول وقتها في أول يوم وصلى العصر بعد أن صار ظل كل شيء مثله.
ثم بعد ذلك صلى المغرب عندما وجبت الشمس وصلى العشاء عند ذهاب الشفق الأحمر أو عند ذهاب الشفق ).


فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أو في فعله -صلوات الله وسلامه عليه- عرفنا بداية الصلوات في اليوم الثاني صلى جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر وقت الظهر عندما صار ظل كل شيء مثله.
وصلى العصر عندما صار ظل كل شيء مثليه فصار الآن اشتراك بين نهاية وقت الظهر وبداية وقت العصر فهل هناك وقت مشترك بينهما حديث جبريل يدل على ذلك لكن حديث عبد الله بن عمرو يدل على أنه لا اشتراك بين وقت الظهر ووقت العصر.
إذن كيف الجمع بين هذا وهذا جمع النووي -رحمه الله تعالى- قال: وأجابوا عن حديث جابر بأن معناه فرغ من الظهر حيث صار ظل كل شيء مثله يعني انتهى من الظهر في اليوم التالي حيث صار ظل كل شيء مثله.
وشرع في صلاة العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله فلا اشتراك يعني: هذا في النهاية وهذا في البداية قال وهذا التأويل متعين للجمع بين الأحاديث.
وأيضًا أخذ بعضهم من الحديث أن وقت المغرب وقت واحد وأيضا في حديث جبريل (أنه صلى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في اليومين المغرب عندما غربت الشمس) فأخذ بعضهم من الحديث أن وقت المغرب وقت واحد، والصحيح أنه مستمر إلى غيبوبة الشفق وقال النووي -رحمه الله تعالى- في شرح مسلم: وذهب المحققون إلى ترجيح القول بجواز تأخير صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت هذا هو الصحيح والصواب الذي لا يجوز غيره.
ولماذا قال ذلك؛ لأن أحاديث كثيرة في صحيح مسلم تبين أن وقت المغرب ممتدد من غروب الشمس إلى الشفق من ذلك ما صح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ووقت المغرب ما لم يغب الشفق) ومنها أيضا (فإذا صليتم المغرب فإنه وقت ما لم يسقط الشفق) ومنه صلوات الله وسلامه عليه بيانا لمن سأله عن الأوقات ، فصلى في أول يوم في أول الوقت وفي اليوم الثاني في آخر الوقت وقال بين هذين وقت فهذا يدل على أنه وقت المغرب ممتد من غروب الشمس إلى ذهاب الشفق الأحمر.
الحديث الرابع
قال المصنف -رحمه الله تعالى- (عن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: (دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فقال له أبي حدثنا كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي المكتوبة فقال: كان يصلي الهجير وهي التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية، ونسيت ما قال في المغرب وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة))
أيضا هذا الحديث موضوعه أنه يبين أوقات الصلاة، ومتى كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها.
كلمات الحديث:
بدأ في هذا الحديث كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي المكتوبة، كيف هذه سؤال عن الكيفية لكن في إجابة السؤال بين لنا الأوقات التي كان يصلي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستعملت كيف هنا مجازا للسؤال عن الوقت .
(كان يصلي الهجير) الهجير وهي صلاة الظهر (وهي التي تدعونها الأولى) سميت الأولى؛ لأنها أول صلاة صلاها جبريل عليه السلام بالنبي صلوات الله وسلامه عليه حين نزل لبيان أوقات الصلاة.
وقال كان يصلي الهجير التي تسمونها الأولى حين تدحض الشمس تدحض أي حين تزول، فيكون أول وقت الظهر حين تزول الشمس عن كبد السماء، ويعني يبتديء الظل يطول يعني قبل الزوال الظل يقل وبعد الزوال يبتديء الظل في أنه يطول يقل يقل إلى أن يصل إلى فيء الزوال وهو الظل عند تعامد الشمس في كبد السماء.
ثم بعد ذلك يبتديء في الزيادة فعندما يبتديء الظل في الزيادة فهذا هو أول وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء كل مثله سوى هذا الفيء الذي كان عند الزوال، فذلك نهاية وقت ظهر وهو أول وقت العصر، فكان يصلي الظهر حين تدحض الشمس (ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله) أي إلى منزله في أقصى المدينة
(والشمس حية) أي صافية حارة، هذا يدل على أنه كان يصلي أيضًا العصر في أول وقتها وينفتل في صلاة الصبح أو من صلاة الغداة وهي صلاة الصبح أي ينصرفوا.
والعتمة التي ذكرت في الحديث المقصود بها ثلث الليل بعد غيبوبة الشفق ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق،
وصلاة الغداة المقصود بها صلاة الفجر
والغداة هي البكرة: ﴿ وسَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم: 11].
الشرح الإجمالي للحديث: كان التابعون يتسآلون عن وقت تأدية النبي -صلى الله عليه وسلم- للصلوات الخمس، ولعل السبب في ذلك ما جرى من بعض الأمراء من تأخيرها وكان السؤال لأبي برزة الأسلمي -رضي الله تعالى عنه- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الظهر حين تزول الشمس ويبادر بصلاة العصر حتى أن الرجل يرجع إلى منزله في أقصى المدينة والشمس حية لا تزال تحتفظ بنورها وحرارتها.
وبين متى يصلي المغرب لكن نسي الراوي ولم يبين نسي الراوي في هذا الحديث، وهذا يدل على أن الراوي إذا نسي بعض الحديث لا يمنع من أن يذكر باقي الحديث، ولم يبين أبو برزة -رضي الله تعالى عنه- متى يصلي النبي -صلى الله عليه وسلم- العشاء ولكن بين أنه كان يستحب أن يؤخر منه، وبين أنه كان يبكر بصلاة الصبح فينصرف منها حين يعرف الرجل جليسه يعني: بالكاد يتبين وجه الذي بجواره، وكان يقرأ بالستين آية إلى مائة آية يعني يطيل الصلاة.
ومع هذا كان يكاد يرى الرجل جليسه هذا دليل على أنه يبكر بالصلاة كما هو معلوم كان يصلي الصبح بغلس.
وقد استطرد أبو برزة -رضي الله تعالى عنه- فذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل صلاة العشاء، وذلك خشية أن يفوت وقتها، وكان يكره الحديث بعدها؛ لأن لا يؤدي السهر إلى ترك الليل وإلى عدم القيام لصلاة الفجر.
فوائد الحديث:
حرص السلف عن البحث والعلم.
ثانياً: المبادرة بصلاة الظهر من حين الزال، ويستثنى من ذلك وقت شدة الحر.
أيضًا: يستفاد التبكير بصلاة العصر والتبكير بصلاة العصر وتطويل القراءة في صلاة الفجر
أيضًا يستفاد قراءة النوم قبل صلاة العشاء، وأيضًا كراهة السمر بعدها إلا في مصلحة، وقد بوب البخاري في صحيحه أو ترجم في صحيحه باب السمر بالعلم يعني: يجوز أن الإنسان يبقى بعد العشاء للعلم، وكذلك بوب باب السمر في الفقه والخير وبوب باب السمر مع الأهل والضيف فإذا كان السمر لمصلحة جاز وإلا كره.
أيضًا: ورد في الحديث تسمية الحديث بالعتمة، وهذا ما يقتضي ورد في بعض الأحاديث كراهة تسمية العشاء بالعتمة فقد أخرج مسلم من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها في كتاب الله العشاء) فيعني لا تقول العتمة، ولكن قولوا العشاء، ولكن في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا) (لو يعلمون ما في العتمة) فسماها العتمة فاختلف العلماء في الجمع بين كراهة تسمية العشاء بالعتمة (لايغلبنكم الأعراب على ذلك).
وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً) فالأول من الجمع أن الإطلاق لبيان الجواز لا للحرمة ولا للكراهة أنه يجوز ويكون النهي في ذلك، ويكون النهي في ذلك للتنزيه.
الجمع الثاني: أن النهي إذا كان هذا الاسم يغلب دائما نقول العتمة، لكن إن قيل: أحيانا والاسم الغالب هو العشاء فيجوز إطلاق ذلك نادرًا لا دائمًا؛ لأن الأولى تسمية الشيء باسمه الذي يوضع له أو الذي وضعه الشارع له، وقد جمع النووي -رحمه الله تعالى- بوجه آخر، وقال: إنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-إذا كان يخاطب من لا يعرفون العشاء فخاطبهم بالعتمة لكون ذلك أشهر عندهم، فهذا أقرب إلى فهمهم فخاطبهم بها لكن لا يغلب هذا الاسم على الاسم الشرعي وهو تسميتها بالعشاء.
 
التعديل الأخير:

ام عبد المولى

مراقب عام
إنضم
26 سبتمبر 2012
المشاركات
2,741
النقاط
38
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
الجزء الخامس
احب القراءة برواية
ورش
القارئ المفضل
الشيخ الحصري
الجنس
اخت
جزاكي الفردوس الاعلى شيختنا الغالية
على ما تقدمي لنا من فوائد
جعله في ميزان حسناتك وصدقة جارية لك يارب
 

راجية المغفرة

معلمة قرآن
إنضم
28 يونيو 2013
المشاركات
167
النقاط
16
الإقامة
المنستير
احفظ من كتاب الله
جزء
احب القراءة برواية
قالون حفص و ورش
القارئ المفضل
ماهر المعيقلي سعد الغامدي
الجنس
اخت
جزاكم الله الفردوس الاعلى شيختنا الغالية
على ما تقدمونه لنا من فوائد
جعله في ميزان حسناتمك وصدقة جارية لكم يارب
 
أعلى