قصة وحكمة من التراث العربي

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
qatarya_AKbUhyc5gz.gif

قصة وحكمة من التراث العربي


يحكى أن شيخاً من مشائخ القبائل كان له أربعة أبناء ، فلما أحس بدنو أجله أمر أحد خدمه باحضار أربعة صناديق ،
ذات أقفال ، فقام الشيخ خفية ، بدون علم أحد، ووضع بداخلها أشياء، ثم كتب على كل منها اسم واحد من أبنائه.
و بعد ذلك جمعهم ، وقال:

"يا أبنائي إن الدنيا فانية زائلة ، وإنني قد قسمت بينكم قسمة عادلة ، و قسمتي موجودة في هذا الصندوق،
فلتفتحوه إذا أتي على الموت ، وليرض كل منكم بما قسمت له، وإن اختلفتم فيما بينكم فارجعوا إلى الحاكم الفلاني : (وسمى لهم رجلاً مشهوراً بالحكمة من قضاة العرف) وأسأل الله لكم الهداية و السداد".

و بعد أيام توفي الشيخ ، فاجتمع الأبناء الأربعة ، وقال كبيرهم :
"هيا بنا نفتح الصناديق المغلقة ، وليرض كل منا بقسمه"،

فلما اجتمعوا وفتحوها ، وجد أكبرهم في الصندوق "السيف و خاتم الرئاسة و الراية "، ووجد أخوه الثاني :"الرمل والحجارة"، ووجد أخوه الثالث:"العظام"، ووجد الرابع:"الذهب و الفضة".
عند ذلك اختلفوا فيما بينهم،لأنهم طمعوا في نصيب أصغرهم ، فتذكروا وصية أبيهم بالرجوع إلى الحاكم المشار إليه ، فقالوا لابد أن نتحاكم إلى القاضي الذي ذكر والدنا،و كان بعيداً عنهم، فأعدوا العدة للسفرإليه.
وخرجوا من قريتهم فلما قطعوا ربع المسافة فإذا بثعبان صغير معترض أمامهم فأهوى إليه أصغرهم ليضربه، فأخطأه، ففتح فاه حتى كاد يسد الطريق من شدة ثورته، ثم إنهم حاولوا الهرب حتى نجو.
فلما مضى الربع الثاني : وجدوا جملاً في أرض جرداء قاحلة ، وكان الجمل سميناً، لا يظهر عليه جدب أرضه،ثم مشوا قليلاً فوجدوا جملاً آخر هزيلاً في روضة خضراء ، يانعة ، فأنكروا حالة.
فلما بقي من المسافة القليل وجدوا طائراً يطير حول سدرتين ، كلما وقع على إحداهما: اخضرت ، ويبست الأخرى ، فإذا وقع على اليابسة اخضرت و يبست الأخرى.

فأدهشهم هذا الأمر ، فذهبوا وهم في حيرة من أمرهم ، حتى وصلوا القرية التي فيها القاضي ،فسألوا عن منزله،
فلما طرقوا الباب فتحه لهم شيخ كبير ضعيف البصر ، فسألوه عن القاضي هل هو موجود ؟ فقال : نعم ، وهو أخي الأكبر، وهو في تلك الدار ، و أشار إلى دار مجاورة .
فذهبوا إليه و هم في دهشة ، كيف سيقضي بيننا وهو شيخ هرم فان،فإنه لا يستطيع القضاء بيننا ، إذا كان هذا أخوه ، فكيف هو .
فلما طرقوا الباب فإذا امرأة حيية ، فسألوها عن القاضي ، فقالت : نعم ، ادخلوا إلى المجلس حتى يأتيكم ، فدخلوا عنده، وعند انتهاء القهوة ، دخل عليهم فسلم ، فكان رجلاً نشيطاً قليل الشيب ، مكتمل القوة ، فلما أكرمهم .


قال كبيرهم:
"أيها الشيخ :جئناك لمسألة واحدة ، لكنها في طريقنا إليك، صارت خمس مسائل، فقد وجدنا أربع مسائل أدهشتنا و حيرتنا،".
فقال ::هاتوا المسائل الأربع التي اعترضتكم في طريقكم، ثم اعرضوا علي مسألتكم التي جئتم من أجلها،عسى الله أن يوفقني و إياكم لحلها".


قال كبيرهم:" أما المسألة الأولى :عندما سرنا إليك وجدنا ثعباناً صغيرأ فلما هاجه أحدنا ، فتح فاه ، فكاد يسد الطريق علينا، لولا أننا تسللنا منه لواذاً لما استطعنا هرباً منه".

[قال القاضي :"هذا ياأبنائي الشر ، أوله صغير ، يستطيع كل شخص مجانبته ، فإذا دُخل فيه كبر و استفحل


ثم قال : "هاتوا يا أبنائي الثانية" .

فقال المتكلم منهم : "المسألة الثانية : أنا لما سرنا وجدنا جملين الأول منهما:كان يرعى في روضة جرداء قاحلة و حالته سمينة ، والثاني :منهما: يرعى في أرض خضراء ممرعة ، وحالته هزيلة ، فعجبنا من حالتيهما، فأخبرنا عنهما".

قال القاضي : "أما الجمل الأول :وهو السمين القانع بما أعطاه الله فينتفنع بما في يديه ، فارتاح في دنياه.
و أما الثاني: فهو الرجل كثير المال عنده خيرات كثيرة من المال و الولد، لا يشكر ربه على ما أعطاه ، فلا ينتفع بشيء أبداً

ثم قال: "هاتوا الثالثة".

فقال المتكلم منهم: "ثم لما سرنا فوجدنا طائراً عنده سدرتان ، إذا وقع على أحدهما اخضرت ، و الأخرى يبست ، وهكذا دواليك".

[فقال القاضي : "نعم يا أبنائي ذاك الرجل المتزوج زوجتان، إذا ذهب أتى واحدة غضبت الأخرى ، فإذا جاءها رضيت و غضب الأخرى ، وهكذا شأنه كله".
ثم قال المتكلم منهما: "و المسألة الرابعة : حينما دخلنا القرية سألنا عن منزلكم ،فأرشدنا لمنزل أخيك الأكبر، فوجدنا شيخاً هرماً ، فلما سألناه عنكم، قال : إنه قريب ، ولكن داره هناك، فلما جئنا إليكم، ازداد عجبنا حيث رأيناك- ماشاء الله - بصحة و عافية متعك الله بهما،فما سر صحتك مع أنك أكبرمنه ، وهو أضعف منك بكثير ".


قال القاضي : "أما ما وجدتموه من حال أخي الكبر ، فإنه يرجع إلى أن عنده امرأة سليطة اللسان ، بذية المنطق ،ةفهي تسلخ منه كل يوم ، عسى الله أن يفرج عنه ما هو فيه ، و أما اننا فإنني – والحمد لله على ذلك – أعيش عيشة هنية، أسأل الله ان يحفظها علي ،فزوجتي صالحة ، حيية أمينة ، فأنتم جئتم و كنت نائماً ، فلم توقظني ، حتى جهزت القهوة و كل ما تحتاجونه ، ثم أيقظتني ، فجئت إليكم ، و أنا نشيط مرتاح ، والحمد لله على ذلك، فذلك سر سعادتي".

قال المتكلم منهم: "و الخامسة وهي مسألتنا ، فنحن أبناء شيخ قبيلتنا" و سموا له قبيلتهم ، و قالوا : لما توفي والدنا ، قسم حظوظنا من أمواله بيننا ، ووضعها في صناديق لا تفتح إلا بعد موته ، فلما مات ، فتحناها ، فوجدنا في كل صندوق اسم واحد منا ، و في الأول منها:السيف و ختم الرئاسة و الراية ، ووجدنا في الثاني : الرمل و الحجارة ، ووجدنا في الثالث: العظام ، ووجدنا في الرابع : الذهب و الفضة ، فاختلفنا عند ذلك ، وكان أبي أوصانا أن نرجع إليكم ،فها نحن قد جئنا إليكم، لتحكم بيننا بما اراك الله، و نسأل الله أن يوفقكم للعدل و الإنصاف، ونحن مستعدون بتنفيذ ما حكمت به بيننا، إن شاء الله تعالى ".

فقال القاضي: "لقد كان أبوكم حكيماً ياأبنائي ، فلقد أعطى كل منكم ما يستحقه فمن كان نصيبه:السيف و الختم و الراية فهو شيخ القبيلة ، سلف لأبيه، و عليكم السمع و الطاعة له ، و أن ترجعوا إليه، في كل أمر من أموركم ، و من كان نصيبه:الرمل و الحجارة فله العقار و البيوت و الأراضي ، ومن كان نصيبه:العظام فله المواشي من خيل وإبل و بقر و غنم ، و من كان نصيبه:الذهب و الفضة فهو أضعفكم ، فلا تنسوه عند انتهاء ما لديه من مال،،،، و أوصيكم يا أبنائي بالاتفاق و جمع الكلمة ، و أسأل الله أن يحفظكم و يرعاكم ".

ثم انصرفوا من عنده راضين بما حكم به لهم ، و ما فرض لهم أبوهم ، ويسألون لأبيهم المغفرة و الرحمة و الرضوان.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

شذا القران

يَا دُنيا اِعذُرينِي فَالجنّة تُنَادِينِي
إنضم
17 أكتوبر 2010
المشاركات
1,492
النقاط
36
الإقامة
بين جدران الزمن
احفظ من كتاب الله
كاملا والكمال لله وجل
احب القراءة برواية
حفص وربنا يقدرنا نتعلم باقي الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابرهيم الاخضر
الجنس
اختكم في الله لا تنسونا من الدعاء
سبحان الله


يخرجون من عند والدهم راضين بحكم والدهم ويدعو له بالمغفرة والصلاح
 
إنضم
27 أكتوبر 2010
المشاركات
97
النقاط
6
الإقامة
القاهرة
احفظ من كتاب الله
3 اجزاء
احب القراءة برواية
حفص عن عاصم
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد .الشيخ ابوبكر الشاطري .الشيخ فارس عباد , الشيخ ماهر المعيقلي
الجنس
اخت
سبحان الله قصة رائعة حقا
اللهم ارزقنا الرضا بما قسمته لنا و ارض عنا وارزقنا الحكمة وتوقير الحكماء فينا
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيكم شيختنا الفاضلة ام حذيفة
علئ هذه القصة الحكيمة النافعة والعبرة المهمة
وبان كل منا يحتاج الئ الحكمة والرضئ بما قسمه الله لنا دوما
وان الطمع يعمي عيوننا عن اشياء ثمينة بين ايدينا
وفقكم والله ونفع بكم وبعلمكم وجزاكم الله عنا جنات الفردوس
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
اللهم املاء نفسي بالرضا

بوركت شيختنا الحبيبه
طرح حكيم جدا واكثر من رائع
كتب الباري سبحانه اجرك ونفع بك جل شأنه
وجزاك جل وعلا كل الخير
ورفع قدرك جل جلاله في الدارين
 
إنضم
3 يناير 2011
المشاركات
374
النقاط
18
الإقامة
في أرض الله الواسعة
احفظ من كتاب الله
ما تيسر منه
احب القراءة برواية
ورش عن نافع
القارئ المفضل
كل القراء المتقنين للتجويد
الجنس
اخت

[frame="1 80"]فقال القاضي: "لقد كان أبوكم حكيماً ياأبنائي ، فلقد أعطى كل منكم ما يستحقه فمن كان نصيبه:السيف و الختم و الراية فهو شيخ القبيلة ، سلف لأبيه، و عليكم السمع و الطاعة له ، و أن ترجعوا إليه، في كل أمر من أموركم ، و من كان نصيبه:الرمل و الحجارة فله العقار و البيوت و الأراضي ، ومن كان نصيبه:العظام فله المواشي من خيل وإبل و بقر و غنم ، و من كان نصيبه:الذهب و الفضة فهو أضعفكم ، فلا تنسوه عند انتهاء ما لديه من مال،،،، و أوصيكم يا أبنائي بالاتفاق و جمع الكلمة ، و أسأل الله أن يحفظكم و يرعاكم "[/frame].

اللهم ارزقنا القناعة والرضا بما قسمت لنا والزهد عما في ايدي الناس ، اللهم رضنا وارض عنا يارب العالمين .
 
التعديل الأخير:
أعلى