شيوع الرواية وبداية تدوين السنة

طباعة الموضوع
إنضم
4 يناير 2012
المشاركات
587
النقاط
18
الإقامة
الفيوم
الموقع الالكتروني
www.alfayyumy.com
احفظ من كتاب الله
كاملا بحمد الله
احب القراءة برواية
عاصم
القارئ المفضل
المنشاوي
الجنس
أخ
شيوع الرواية وبداية تدوين السنة




انتشرت رواية الحديث بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستقرار عصر الخلافة، ذلك أن الصحابة في أول عهود الخلافة كانوا يتشددون في أمر الرواية والنقل، خشية وقوع الكذب على رسول الله، والتقول عليه بما لم يقله، وخشية انشغال الأمة عن القرآن ومدارسته، وسرعان ما استقر أمر الأمة واحتاج المسلمون إلى الحديث وروايته، لأحداث وأمور تقع بين وقت وآخر.
فشاعت الرواية في جيل الصحابة وأتباعهم، وصار الرواة بها رجالًا وركبانًا، فظهر في جيل التابعين مجاهد بن جبير، وسعيد بن جبير، ومقسم بن بجرة، وخالد الكلاعي، وأبو الزبير المكي، ومحمد بن شهاب الزهري، وغيرهم، ممن دونوا وكتبوا وجمعوا.
ثم لما اتسعت رقعة الفتوحات الإسلامية للبلاد، ودخل من سائر البلدان فئام وأقوام من الناس لا يحصون في دين الإسلام، وظهرت بعض الفتن فأحدثت تفرقًا في الصف المسلم وظهرت الفرق، ظهر إثرها الوضاعون والكذابون والمدلسون في العلم والحديث، وصار في بعض البلدان والأمصار من يلبس على الناس في شرائعهم، ودينهم، فاستلزمت هذه السلسلة من التقلبات والأحداث والفتن، حفظ السنة النبوية المطهرة وعلومها، من أيدي العابثين والكذابين.
ولهذا جاء عن ابن سيرين أنه قال: كانوا لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة. قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، والى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
وجاء في صحيح الإمام مسلم؛ عن عبدان بن عثمان يقول: سمعت عبدالله بن المبارك يقول: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء". وقال محمد بن عبدالله، حدثني العباس بن أبي رزمة، قال: سمعت عبدالله يقول: "بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد"[1].
فظهرت حركة تدوين السنة والحديث ظهور تدريجيًا، وكان عمادها الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله -، وقد جاء عند البخاري: "كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء" وفي لفظ أبي نعيم: "كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الآفاق انظروا ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجمعوه".
ثم قام بأول الجمع المحدث الكبير محمد بن شهاب الزهري، حتى قال عن نفسه: "لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني"، ثم جاء الإمام الأوزاعي بالشام، وسفيان الثوري بالكوفة، وحماد بن سلمة بالبصرة، والإمام مالك بن أنس بالمدينة، ومعمر باليمن وجرير بن عبدالحميد بالري، وابن المبارك بخراسان، وغيرهم فجمعوا وحدثوا وصنفوا، رحمهم الله جميعًا.
وكانت هناك همة أيضًا في جمع ما يتعلق بالرواية، وآداب الراوي والمحدث، وطرق التحمل والرواية، وعلوم الحديث وأنواعها، وكان من السابقين إلى هذا القاضي أبو محمد الحسنُ بنُ عبدالرحمن بن خَلاَّد الرَّامَهُرْمُزِي، في كتابه الشهير "الْمُحَدِّث الفاصل بين الراوي والواعي"، وكذلك كتب الإمام أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن البَيِّع النَّيْسَابُورِي المعروف بالإمام الحاكم في كتابه، "معرفة علوم الحديث"، وكذلك كتب الخطيب البغدادي أبو بكر أحمدَ بنَ عليِّ بنِ ثابت، في كتابه "الكفاية في علم الرواية"، و"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"، ثم تتابعت المصنفات بحثًا وجمعًا وتهذيبًا، حتى كان الإمام أبو عمرو بن الصلاح، صاحب المقدمة الشهيرة "مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث"، فكانت من أهم ما كتب في علوم الحديث وروايته.
ثم تتابعت المصنفات في ذلك حتى ازدهرت معالم علم الحديث، ودون فيه علم المصطلح، وعلم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم غريب الحديث، وعلم التخريج ودراسة الأسانيد، وعلم مختلف الحديث ومشكله، وعلم العلل، وغيرها من علوم الحديث، التي امتدت عبر مسيرة الأمة الإسلامية، منذ عصر الصحابة وإلى يومنا هذا.
__________________

[1] انظر صحيح الإمام مسلم.


نشر في الألوكة

♦♦♦♦♦
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى