شرح الحديث الثالث عشر والثاني عشر

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
عن أبي حمزة أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).رواه البخاري ومسلم.
الحديث أخرجه البخاري ومسلم فهو حديث متفق عليه، و هو من أعلى درجات الصحة.
الحديث يمثل قاعدة عظيمة من قواعد الأدب سواء في الأعمال الظاهرة، أو في التأدب الباطني، فهو يمثل قاعدة من قواعد الأدب الظاهرة والباطنة. فقال: (لا يؤمن أحدكم ): أي لا يؤمن الإيمان الكامل، فالمحبة في الله، أو المحبة من المسلم لإخوانه المسلمين أمر يزيد في الإيمان، وهذا الحديث فيه من المسائل الكثير التي يجب علينا معرفته.
المسألة الأولى: النبي - صلى الله عليه وسلم – يحرص تمام الحرص على أن يبلغ المسلمون والمؤمنون كمال إيمانهم؛ ولذلك جاءت توجيهاته -عليه الصلاة والسلام- في مواضع كثيرة إلى ما يكمل إيمان المؤمن؛ ولذلك قال في هذا الحديث: (لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فمما يزيد في الإيمان محبة المسلم لأخيه المسلم.
المسألة الثانية: فائدة أخرى أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والمحبة في الله، ومحبة المسلم لأخيه المسلم من الطاعات التي تزيد في مستوى الإيمان، وعلى هذا فكل الطاعات تزيد من إيمان المؤمن، والمعاصي تنقص من إيمانه.
المسألة الثالثة:روابط الناس فيما بينهم كثيرة، والله -سبحانه وتعالى- خلق الناس أشتاتا ومتفرقين، وجعل هناك روابط كثيرة: منها روابط القرابة، منها رابطة المال، منها رابطة الصداقة المجرد منها علاقة العمل والوظيفة، ومنها رابطة الزمالة في الطلب، روابط كثيرة .

و الرابطة التي يجب أن تكون ثابتة وراسخة ولا تغيرها الأحوال هي :
رابطة الدين
رابطة الدين التي عبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم – هنا بالأخوة، قال: (حتى يحب لأخيه)

يستنبط من هذا أن الأخوة الدينية أن الأخوة الإيمانية هي أعظم الراوبط لا مانع أن تأتي روابط أخرى تزيد في العلاقة ... لكن الرابطة الأعظم الرابطة الثابتة، الرابطة التي يجب أن نحرص عليها- الرابطة التي يجب ألا تنفك هي الرابطة الإيمانية ولذلك سماها النبي - صلى الله عليه وسلم – هنا (حتى يحب لأخيه ) وهذا تسمية الله –تعالى- في القرآن ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾[الحجرات:10] أخوة الإيمان ولذلك حرص النبي - صلى الله عليه وسلم – عليها أشد الحرص عندما هاجر من مكة إلى المدينة فمن أول ما عمله الرسول - صلى الله عليه وسلم – في أسس تمكين المسلمين في المدينة: أنه آخى بين المهاجرين والأنصار علما أن بين كل مسلم ومسلم رابطة الأخوة وجميع الروابط كلها تنفك يوم القيامة وجميعهم يعادي بعضهم بعضا إلا إن كان هناك بينهم رابطة الإيمان لا تنفك يوم القيامة .
ولذلك أخبر الله -سبحانه وتعالى- أن الأخلاء يوم القيامة أعداء إلا المتقين فلذلك يجب أن نحرص على هذه الرابطة القوية وأن ننميها في قلوبنا وفي أعمالنا أيضا.
المسألة الرابعة: إن مما يسعد الفرد والمجتمع إحياء هذه الرابطة -هذه الأخوة- وحاول النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يصورها تصويرات كبيرة، يصور هذه الرابطة وما ينبني عليها، مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). فهذا الحديث الصحيح يبين قوة الرابطة بين المسلمين وأن مما ينبني عليها المحبة والتراحم والتواد والتعاطف وكل ما يندرج تحت هذه العناوين من أعمال فالمحبة يندرج أن تهدي له أن تتمنى له الخير أن تعطف عليه أن تساعده أن تعاونه فيما يحتاج إلى ذلك... ولذلك إذا ارتفعت مستوى هذه المحبة والأخوة إلى درجات الكمال و قال النبي - صلى الله عليه وسلم – (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله..)ذكر منهم رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وافترقا عليه لم يجمع بينهم إلا طاعة الله ، لم يحبه لأنه أعطاه مال لم يحبه لأن بينه وبينه مصالح مشتركة أو مجرد زمالة في العمل فلما انتهى من هذا العمل انتهت هذه الأخوة وهذه الرابطة إنما يحبه حتى وإن لم يلتقِ وإياه إنما لأنه يشاهده يصلى بجواره في المسجد كل وقت من هذه الأوقات الخمسة في اليوم والليلة، فهو يحبه لهذه الصلاة، والآخر كذلك.
هنا اجتمعوا عليه وافترقا عليه ومن هنا تأتي هذه المحبة في درجات الكمال، وجاءت فيها أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم –
المسألة الخامسة: هي أن الإنسان قد لا يرتفع عند الله بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام ولا بكثرة أعمال ولكن ترفعه الأعمال القلبية التي يجدها في قلبه لإخوانه المسلمين فهذا الذي سلم قلبه من الغش والغل والحقد والحسد والبغضاء، فلا يكره مسلما، ولا يتمنى زوال النعمة عنه، ولا يقف حجرا في طريقه، ولا يشاغبه في أعماله ولا يبغضه ولا يعترض بأذى له.
هذا الذي سلم قلبه من هذه الأحقاد من هذه الضغائن من هذه البغضاء من هذا الحسد، يرتفع بها عند الله –تعالى-؛ ولذلك في الأثر الذي يؤثر عن عبد الله بن عمرو بن العاص -وإن كان في صحته نظر هو مشهور عند الوعاظ ولكن في صحته من حيث الإسناد نظر ومن حيث المتن أيضا والقصة المشهورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( يطلع عليكم رجل من أهل الجنة)؛ فدخل رجل غير معروف، فتبعه عبد الله بن عمرو ابن العاص ثم ذهب إليه، وقال: بيني وبين أبي خصومة، وأريد أن تستضيفني هذه الليلة، فرحب به وأضافه، وعبد الله بن عمرو يطالع أعمال الرجل، فلم يجد عملا بينا في الليلة الأولى، والليلة الثانية، والليلة الثالثة، ثم صارحه فقال: لم يكن بيني وبين أبي شيء قال النبي - صلى الله عليه وسلم –( يطلع عليكم رجل من أهل الجنة) وأنا لم أر عندك مزيد من الأعمال، قال: هو كما رأيت، لكني لا أنام على فراشي في كل ليلة إلا نزعت من قلبي كل ما شابه من غل وحقد وحسد، ولا أتمنى إلا الخير للناس، فقال: تلك التي جعلتك تصل إلى هذه المنزلة ومن يطيقه.
إذًا مما يخل بالأخوة هذه الأمراض القلبية: الحسد، البغضاء، الكره لإخوانه المسلمين، تمني زوال النعمة عنهم، حسدهم فيما أعطاهم الله -سبحانه وتعالى- محبة الشر لهم، وأن على المسلم أن يزيل هذه الصفات المشينة، وأن يعلم أن الذي أعطاهم قادر أن يعطيه، وأن الذي منع قادر أن يمنع عنهم، وأن المتصرف في هذه الأمور هو الله -سبحانه وتعالى-.
من الأمراض الفتاكة الشديدة هذه التي يدخل الشيطان إلى قلب المؤمن من خلالها الحسد البغضاء الكره للآخرين تمنى زوال النعمة، وتتطور إذا عمل الإنسان عمل يؤدي إلى هذا، كمن يؤذي جيرانه، كمن يؤذي إخوانه، كمن يؤذي الآخرين أيا كانوا بأي نوع من أنواع الأذى؛ لأن مصدر الأذى موجود في القلب سواء حسد أو غل أو بغضاء، بالإضافة إلى أن هذه الأمراض إذا دخلت إلى قلب المسلم سببت له أمراضا فعلية: كثير من القلق الذي يعتري بعض الناس، كثير من الاكتئاب، كثير من التردد والشكوك كلها أو كثير منها الذي نراه في واقع بعض الناس، مصدرها ما حصل في القلب من الحسد أو البغضاء أو من تمني زوال النعمة عن الآخرين أو كره الآخرين
ومن هنا نرى عظمة هذا الحديث عندما يوجه النبي - صلى الله عليه وسلم – هذا التوجيه الكبير: أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، ويجعل هذا عنصر من عناصر زيادة الإيمان؛ لذلك نأتي للنتيجة النهائية أن يدرب نفسه على محبة الآخرين على محبة إخوانه الآخرين المحبة القلبية التي يرى أثرها ظاهرا على أعماله وسلوكه، ومن هنا جاءت تشريعات الإسلام بارتفاع مستوى هذه المحبة، وهذه المسألة قبل الأخيرة أن يعمل الإنسان على مستوى ارتفاع هذه المحبة بالعمل بتشريعات الإسلام، النصيحة الأمر بالمعروف التوجيه الإرشاد إطعام الطعام إفشاء السلام هذه الأشياء وأمثالها ترفع من مستوى المحبة بين المسلمين.
المسألة الأخيرة : فعلى المسلم كما يعمل بأسباب زيادة المحبة يعمل بمقتضيات المحبة يعني: ما ينبني على هذه المحبة، فيفرح لأفراح أخيه المسلم، و جاءت التشريعات في التهنئة عندما يأتي المسلم ما يفرحه في أي مجال، نجح في الامتحان، كسب مكسب عظيم من أمور الدنيا، من أمور الآخرة، أيضا أن يحزن لأحزانه؛ ولذلك جاءت التعزية عند الإصابة، عندما يصاب الإنسان بمصيبة وبالذات المصائب الكبرى أيضا جاءت المواساة أن يواسيه عند الحاجة كما في المواساة في زيارة المريض وعيادة المريض، وأن يدعوا له بالشفاء والعافية والأجر والثواب عند الله -سبحانه وتعالى- و جاءت أيضا التوجيهات للنصح والإرشاد عندما يراه أخطأ الطريق، وانحرف من الطريق الصحيح إلى طريق غير صحيح، كما جاءت المساعدة عندما يحتاج إلى مساعدتك.
من هنا نرى عظمة هذا التوجيه العظيم الذي كان من جوامع كلم النبي - صلى الله عليه وسلم – وهذه الأمور لا شك ترفع من مستوى الإيمان الذي ينشده المسلم .

عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –:(لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) .
الحديث أخرجه البخاري ومسلم، فهو حديث متفق عليه .

قال: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (لا يحل دم امرئ مسلم) إذًا الأصل أن دم المسلم حرام (يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله ) هذه الجملة تفسيرية لقوله مسلم (إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني)
الثيب هو :المتزوج سواء كان رجل أو امرأة ويسمى المحصن سواء كان ذكرا أو أنثى، الزاني نسبة إلى الزنا .
والزنا هو: وطء الرجل المرأة في غير نكاح صحيح أو شبهة نكاح وطء الرجل للمرأة إذا لم يوجد الوطء لم يسمى زنا ولا يأخذ أحكام الزنا إذًا في الزنا لابد أن يوجد الوطء، وطء الرجل المرأة أيا كان الرجل أو المرأة .
واختلف العلماء هل وطء الصغير يعتبر زنا أو لا يعتبر هذا محل خلاف بين أهل العلم.
قال في غير نكاح صحيح

النكاح الصحيح هو :
هو ما توافرت فيه شروط النكاح الصحيح: وهو الزواج، أو التسري: وهو نكاح الإماء.
أو شبهة نكاح، شبهة نكاح هي :
شبهة النكاح : هي أن يطأ الرجل امرأة ظانا أنها امرأته، لم يقصد زنا ولكن ظن أنها امرأته، فمثلا: في القديم لم يكن هناك أنوار ولا مصابيح ولا أي شيء من هذا فتكون الدنيا بالليل ظلام فينادي يا فلانة، وفلانة اسم امرأته فتأتي مثلا من واحدة قريباته اسمها فلانة فيجامعها ظنا أنها امرأته، فلما تبين ليست امرأته ما حكم هذا النكاح؟
هذا يسمى شبهة نكاح هو بعيد عن الزنا، وبعيد عن هذه الفواحش، لكن للشبهة في الاسم وطء المرأة هذا نكاح شبهة.

(الثيب الزاني، والنفس بالنفس) النفس تطلق على البدن، وتطلق على الروح، والمراد بقوله النفس بالنفس، ومعنى قوله (النفس بالنفس) يعنى لا تقتل النفس إلا بقتلها للنفس عمدا، لا تقتل النفس إلا من خلال أن تقتل نفسا أخرى عمدا.
قال: (التارك لدينه) : المرتد عن دينه عن دين الإسلام، هو التارك لدينه المفارق للجماعة: لجماعة المسلمين، من أهل العلم من جعل قوله: (المفارق للجماعة) توضيح للتارك لدينه؛ لأنه قال: (التارك لدينه المفارق للجماعة) فجعل المفارق للجماعة وصف للتارك لدينه لكنها تعطي معنى آخر،وهو أنه من فارق الجماعة ولم يرتد عن دينه، بأن هذا مخالفة كبيرة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا وصف التارك لدينه بأنه خالف الجماعة، إذًا مخالفة الجماعة هنا وصف سيئ. و لو فارق الجماعة بسبب غير الترك للدين لاتصف بصفة سيئة وصفة مشينة.
هذا الحديث حديث عظيم جدا، وكل حديث في الأربعين النووية قاعدة كبيرة، هذا الحديث يمثل أشياء كثيرة في احترام النفس الإنسانية واحترام الجماعة، احترام دم المسلم يمثل احترام العرض يمثل احترام الجماعة، يمثل احترام الدين الذي ينبني عليه احترام الدين.
ومن أهم هذه مسائل الحديث: عصمة دم المسلم وحرمة دمه، وهذا المعنى الكبير الذي ينبني عليه أن المسلم معصوم الدم والمال، أكد النبي - صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع عندما خطب النبي - صلى الله عليه وسلم – في يوم عرفة وهو يوم عظيم أعظم أيام السنة، وفي حج وهو من أعظم أركان الإسلام، والخطبة التي هي أعظم الخطب خطبة يوم عرفة، والخطيب هو النبي - صلى الله عليه وسلم –و في آخر أيامه -عليه الصلاة والسلام-، في هذه الخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم –كما هو مشهور وضع الأسس: أسس التعامل مع الله، وأسس التعامل مع الناس، والأسس الكبيرة التي ينطلق منها المسلم في أعماله في هذه الحياة.

فمن أهم هذه الأسس حرمة الدماء والأموال فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) ولم يسكت (كحرمة يومكم هذ) يوم عرفة (في شهركم هذا في بلدكم هذا ) كل هذا مؤكدات لهذه الحرمة ويشهدهم على البلاغ (اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد) هذا يفيد التأكيد العظيم على حرمة النفس، ومن أعظم التأكيد على حرمة النفس حرمة نفسه هو، فلا يجوز أن يعتدي الانسان على نفسه لأنه لا يملكها الذي يملكها الله -سبحانه وتعالى-.
هذا يعطينا أهمية كبيرة لدم المسلم لمال المسلم لعرض المسلم: فهو معصوم الدم والمال ولم يرد في القرآن أن الله -سبحانه وتعالى- توعد بالخلود في النار لمعصية من المعاصي سوى القتل متعمد ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ﴾ [النساء: 93]، لم يرد الخلود في النار لأي معصية من المعاصي بعد الشرك سوى القاتل القتل العمد. و هذا يدل على عظمة أمر النفس المسلمة، هذه النفس المسلمة لا يجوز الاعتداء عليها مطلقا .

لكن متى يعتدي على هذه النفس: إذا اعتدت على النفس ولذلك قال: (والنفس بالنفس) فإذا قتل إنسان إنسانًا آخر عمدا استحق القصاص بتشريع الله -سبحانه وتعالى- في قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ ﴾[البقرة: 178]، وجعل هذا القصاص حياة ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾[البقرة: 179] في القصاص حياة إذا اقتص من القاتل
لأنه إذا رأى أي شخص آخر قصاص إنسان قتل شخص وقاموا بقتله حدا، فإنه يعتبر ويرتدع عن هذا الأمر إذا كان يراوده
فلا يجوز الاعتداء على هذه النفس إلا بإحدى ثلاث:

1- الاعتداء على النفس عمدا، أما إذا قتل خطأ فعليه الدية، وإن كان شبه عمد فعليه الدية المثقلة، هذا الأمر الأول.
2- الزنا : الذي يستحق به القتل الزنا إذا كان الزاني محصنا،أي سبق له الزواج سواء كان امرأة أو رجلا و وردت فيه أحاديث كثيرة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – رجم ماعز -رضي الله عنه- عندما اعترف بالزنا وهو محصن، ورجم المرأة التي اعترفت بالزنا وهي محصنة، فإذا كان الزاني محصنا استحق القتل.
وقت الزنا أم سبق له الزواج ثم طلق
حتى ولو طلق أصبح محصنا، فما دام سبق له الزواج فهو محصن . والقتل بصيغة الرجم فيرمى بالحجارة حتى يموت.
3- التارك لدينه : المرتد الذي فارق الجماعة بارتداده عن دينه وحينئذ يستحق القتل ولكن القتل بعد أن يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل.

من الذي ينفذ هذه الأحكام؟
القاضي الشرعي هو الذي يحكم بها، والذي يأمر بتنفيذ الحكم هو الوالي .إذًا الإسلام ربط هذه الأحكام بالوالي والدليل أن ماعز -رضي الله عنه- عندما زنى أتى لأبي بكر إني زنيت فماذا أفعل؟ قال: تب واستتر بستر الله، ولكن الرجل تألمه المعصية،أبو بكر -رضي الله عنه- الرجل الثاني بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم – هل ذهب ورجمه؟ لا ، ذهب إلى عمر -رضي الله عنه- بعد ذلك قال: يا عمر زنيت فماذا فما الحل؟ قال: تب واستتر بستر الله، فإذًا هل عمر نفذ فيه الحكم؟ لا بعد ذلك الرجل تأرقه المعصية، فذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: إني زنيت فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة ومرتين، وفي الرابعة حكم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرجم. إذًا الذي حكم هنا هو النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو الإمام -عليه الصلاة والسلام- في وقته، ولي أمر المسلمين في وقته.

إذًا هذه الأحكام الكبرى مناطة بالإمام ليس لآحاد الرعية، ولا لآحاد الناس بأن يحكم من نفسه وينفذ الحكم بنفسه، ولو عمل الناس بهذا لسبب هذا أضرارا كثيرة، الحكم مربوط بالإمام.
مسألة : هذه الأحكام جعل الإسلام فيها حدود قاطعة، وجعل آثارها كبيرة جدا، هي عبارة عن أبواب، والباب ضخم، ومن كسر هذا الباب الضخم يستحق العقوبة الشديدة، لذلك نجد أن من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا، هذا يدل على أن من تعامل بهذه المعاملات اعتدى على النفس، اعتدى على العرض، اعتدى على المال، يستحق العقوبة الشديدة، وكلما زادت هذه الاعتداءات زادت العقوبة مثل: المفسدون في الأرض الذين ينهبون ويغتصبون ويقتلون ويسرقون نزلت فيهم آية الحرابة أطلقت ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ﴾[المائدة:33]، إذًا الأمر مطلق في اتخاذ أقصى العقوبات على من زادت مفسدته في الأرض، هذا دليل على أن الإنسان المسلم له حرمة كبيرة يجب سواء في نفسه أو في روحه أو في عرضه أو في ماله، لا يجوز الاعتداء على هذه النفس والعرض والمال، ومن اعتدى عليها استحق هذه الآثار الكبيرة.
مسألة : الذي يعتدي كم هو جر من أضرار وخيمة، هذا الذي اعتدى أولا: نشر الخوف بين الناس ونشرالرعب والخوف بين الناس هو بحد ذاته جريمة.
الأمر الثاني: كم يتم من طفل و كم علق من أرملة عندما يقتل هذا القاتل رب أسرة كم اعتدى على هذا المال هو أيضا ارتد عليه وعلى أسرته لأنه سيسجن، سيحكم عليه بالقتل بالسجن بالعقوبات الأخرى كما اعتدى علي ذلك.
كذلك الذي اعتدى على هذا العرض كم سبب من مشكلات لهذه الأسرة من اختلاط الأنساب من إشاعة الفاحشة من الاعتداء على هذه الأسر على تماسك المجتمع إلى آخره.
هذه الجرائم الكبيرة يجب على المسلم أن يعمل جاهدا على الابتعاد عنها، وأن يعمل بالأسباب التي تبعده عن هذه الجرائم الكبيرة، من أهم هذه الأسباب كثرة التعلق بالله -عز وجل-، في مختلف الظروف والأحوال

والمحافظة على الفرائض من أهم الأمور لأن أحب ما يحب الله –تعالى- ما افترضه على عباده فإذا عمل الإنسان بما يحبه الله -سبحانه وتعالى- أدى هذا إلى حبه هو، كذلك سؤال الله الثبات دائما وأبدا، والنبي - صلى الله عليه وسلم – دائما يدعو: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) وإذا ثبت القلب على الدين حجزه -بإذن الله- من الوقوع في هذه الجرائم الكبرى والجنايات العظمى.
من أهم الأمور المساعدة على حجز النفس عن الوقوع في هذه الجرائم:كثرة التأمل في كتاب الله وفي ملكوت الله -سبحانه وتعالى-، عندما تقرأ آية وعيد شديد تهتز النفس؛ لأن فيها وعيد، يعني هذا الذي يعتدي على نفسه ينتحر أو يعتدى على الآخرين بأن يقتلهم بأنه مع استحقاقه للقتل يكون خالد مخلد في النار، فهذا أمر رهيب وهو يهز المشاعر فيحجز النفس، كذلك مصاحبة الأخيار الذين إذا رأوا عليه خطأ عدلوه، ومن أهم الأخيار من العلماء في مجالسهم طلاب العلم الكبار في مجالسهم في دروسهم، في أوقاتهم التي يفتحونها للجلوس للاستفسار، حضور الندوات التي تساعد الإنسان على أن يحجز عن هذه المعاصي.
النقطة الأخيرة في هذا الحديث، كما يعمل بالأسباب التي تحجزه عن هذه الجرائم يبتعد عن الأسباب أو العوامل التي تقربه للجريمة، ومن ذلك التهاون بالمعاصي الصغيرة، فالصغيرة مع الصغيرة تبقى كبيرة، و عندما يتساهل فيها الإنسان مع الاستمرار يألفها, وإذا ألفها استمرأها، وإذا استمرأها أصبحت أمرا عاديا لديه فتجر كل واحدة إلى أخرى، ولذلك يجب ألا ينظر الإنسان على أنها معصية صغيرة، وإنما ينظر أنه يعصي، مَن؟ الله –تعالى-، وإذا نظر الإنسان بهذه العين حينئذ انحجز عن المعصية.

يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى