شرح الحديث الثالث

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
شرح الحديث الثالث

عن أبي عـبد الرحمن عبد الله بن عـمر بـن الخطاب- رضي الله تعالى عـنهما- قـال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسـلم- يقـول بـني الإسـلام على خـمـس : شـهـادة أن لا إلـه إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيـتـاء الـزكـاة، وحـج البيت، وصـوم رمضان ) [رواه البخاري ومسلم]

الحديث أخرجه البخاري ومسلم، وهو متفق عليه، والحديث المتفق عليه هو ما رواه البخاري ومسلم عن طريق صحابي واحد، ولو اختلف اللفظ مادام أن المعنى واحد.
في الحديث قدم الحج على صوم رمضان، وهذه إحدى الرويات، وهناك رواية أخرى فيها تقديم صوم رمضان على الحج، وهذا التقديم يدل على دقة نقل الصحابة رضوان الله عليهم لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ضير في هذا التقديم، لأن هذين الركنين كلاهما ركنٌ من أركان الإسلام.
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( بني الإسلام )، "بني" فعلٌ ماضي مبني للمجهول، "الإسلام" والإسلام نائب فاعل، وبُني معناها أسس الإسلام، أي أن الإسلام يقوم على أسس، هذه الأسس هي الأسس الخمسة.
( بـني الإسـلام على خـمـس )، وفي رواية أيضًا ( خمسةٍ )، والمقصود خمس دعائم أو خمس أسس، ( شـهـادة أن لا إلـه إلا الله )، إذا قلنا "شهادةِ" هكذا بالجر، معناها من جهة الإعراب بدل من "خمسٍ"، ويجوز أن نقول "شهادةُ" على الاستئناف، يعني "هي شهادةُ"، خبر لمبتدأ محذوف، ( شـهـادة أن لا إلـه إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيـتـاء الـزكـاة، وحـج البيت، وصـوم رمضان ).
الشهادة في الأصل هي التصديق.. والمراد هنا في هذه الشهادة الإقرار والتصديق مع القيام بحقها .
الدليل على القول مع القيام بحقها: عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن فقال ( إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فإذا جئتهم فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك...... )، فالطاعة هنا تعني الانقياد والاستسلام مع الإقرار والقيام بمقتضاها، فلذلك معناها هنا مع التصديق، مع الشهادة في الأصل، ومع التصديق هنا أي القيام بحقها.

( شهادة أن لا إله إلا الله )، "لا إله" كما قال أهل العلم، اللا نافية، تنفي جميع الآلهة، "إلا الله"، و"إلا الله" استثنى من هذا النفي، فمعناه أن نثبت أن هناك آلهة هو الله سبحانه وتعالى، لكن قال أهل العلم هنا أنها لا معبود بحق إلا الله، و أتينا بحقٍ هذه لأنه يوجد آلهة، فليس المقصود نفي وجود الآلهة، فالآلهة موجودة، الناس على مرالزمان يعبدون غير الله، إذًا فالمقصود بـ "لا إله إلا الله" أي لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى.
( وأن محمدًا رسول الله )، هذا إثباتٌ لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم أنه مرسلٌ من عند الله، هذا الإثبات يعني عدة أمور، الأمر الأول التصديق بنبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ورسالته وأنه نبيٌّ مرسل من عند الله عزّ وجلّ،أيضًا تعني تنفيذ أوامر محمد صلى الله عليه وسلم، الأمر الثالث اجتناب ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرابع التصديق بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، الخامس أن يُعبد الله إلا بما شرع عليه الصلاة والسلام، السادس محبته عليه الصلاة والسلام، ولذلك قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت)، وفي حديث عمر قال: "والله إنك أحب إلي يا رسول الله إلا من نفسي"، قال ( لا يا عمر، حتى من نفسك )، قال: والله إنك أحب إلي حتى من نفسي، قال ( الآن يا عمر ).
قال ( وإقام الصلاة )، لماذا لم يقل "وتؤدي الصلاة"؟ لأن إقام الصلاة غير تأديتها، قد يؤديها الإنسان لكن قد يخل بها، لكن لابد وأن تقيمها، وإقامتها بمعنى أن تقيمها بشروطها وأركانها وواجباتها وتؤديها في وقتها. ثم ما يستطيع الإنسان من المستحبات التي تفعل في الصلاة.
والصلاة في الأصل هي الدعاء.
و في الاصطلاح الشرعي المقصود هي: أقوالٌ وأفعالٌ يُتعبد الله بها، تفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم. ولها أحكام في عدد ركعاتها وأوقاتها .
قال ( وإيـتـاء الـزكـاة )، الإيتاء أي الإعطاء.
والزكاة في الأصل هي النماء والزيادة والتطهير، "زكّى" أي نمى وطهر وزاد، ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النجم: 32]، يعني فلا تطهروها، وزكى الزرع إذا نمى.
والزكاة في الاصطلاح هي: حق مخصوص في مال مخصوص، حق مخصوص الذي هو النسبة المعلومة التي يخرجها المزكي من ماله لطائفة مخصوصة، للطائفة التي بينها الله سبحانه وتعالى بقوله ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ .... ﴾ [التوبة: 60].
قال ( وحجُ البيت )، الحج هو في الأصل اللغوي القصد،
و في الاصطلاح : هو قصد بيت الله الحرام في مكة لأداء أعمالٍ مخصوصة، في زمن مخصوص، والزمن المخصوص هو زمن أيام الحج، وحج البيت المقصود بيت الله الحرام الذي هو الكعبة.
( وصوم رمضان ) الصوم في اللغة :الإمساك،
والصوم في الاصطلاح :هو إمساكٌ على المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. ويقال طلوع الفجر الثاني لأن هناك فجرٌ أول، والفجر الأول يُسمى فجرٌ كاذب، وهو الذي يطلع من جهة الشرق على شكل عمود رأسي.
أما الفجر الثاني الذي يسمى الفجر الصادق يخرج على شكل أفقى، يعم الأفق من جهة الشرق، وبينهما ما يقارب الساعة، ويختلف باختلاف طول الليل وقصره، ولكنه في الغالب في حدود ساعة زمنية، إلى غروب الشمس، وغروب الشمس يكون بغياب قرص الشمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أدبر النهار من هاهنا وأقبل الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم ).
في هذا الحديث عدة مسائل أهمها:
1- أن هذا الدين الذي هو الإسلام له أسس وله فروع، وأسس الإسلام هي هذه الأسس الخمسة، إذًا الإسلام كالبناء، له أسس، هذه الأسس لا يقوم الإسلام إلا عليها .
2- أن أهم هذه الأسس وباقي الأسس يعتمد عليها هما الشهادتان، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهذه تمثل العمل القلبي الذي يظهر أثره على الجوارح، و العمل القلبي لابد وأن ينطق به اللسان وأن تعمل به الجوارح .
الحديث يبين عظم أمر الصلاة في إقامتها : فالصلاة هي عمود الدين، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم نفي الكفر أو الشرك لمن ترك أمرا من الدين إلا في الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )، وفي رواية ( إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة )، فيدل على أهمية الصلاة، والصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن كانت صالحة قُبل ونُظر في بقية أعماله الأخرى، وإن لم تكن صالحة رُدت عليه ورُد عليه سائر عمله.
والصلاة هي الفارق بين الإسلام وبين الكفر، لذلك يجب على المسلم أن يحرص على هذه الصلاة، وأن يؤديها في أوقاتها، ولأهمية هذا الأداء في أوقاتها، جاء جبريل عليه السلام ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم، صلى مرةً في أول الوقت وصلى مرة في آخر الوقت، وجعل الوقت فيما بين الصلاة الأولى والصلاة الثانية، وهذا يدل على أهميتها، ومما يدل على أهميتها أنها شرعت في السماء عندما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، شُرع خمسين صلاة، حتى شفع النبي صلى الله عليه وسلم في أمته حتى بلغت خمس صلوات في الأداء، وخمسين صلاة في الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، فأمر الصلاة عظيم، وينبني عليه أمر هذا الدين، وهو عمود الإسلام، وهي الذي أول ما يُحاسب عليه العبد .
الزكاة: و هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي تطهير للمال، كما هي تطهير للنفس من الشح والبخل وحب المال والحرص عليه، و كذلك تطهير للمال، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم أوساخ المال، عندما قال للحسن ( كخ كخ )، لما أخذ من تمر الصدقة، ( فإنها لا تحل لنا آل محمد، لأنها من أوساخ المال )، فالزكاة مظهرٌ اجتماعيٌّ مهم بين الغني والفقير، يسد حاجة المجتمع ويطهر المال ويطهر النفس، وهو شعورٌ أيضًا بتقارب المسلم مع أخيه المسلم، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا )، هذه من عناصر شد البنيان.
الركن الرابع: صوم شهر رمضان، وهو شهر في السنة،لتطهر النفس. وليصل بالصيام إلى تقوى الله عزّ وجلّ.
والخامس الحج إلى بيت الله الحرام : والحج يكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).
فهذا يدل على أهمية هذه الأركان.
ولا يعني هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على هذه الأركان بل هناك واجباتٌ أخرى بينتها النصوص الأخرى وإنما هذه دعائم وأسس.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى