سورة البروج

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
سورة البروج.
السورة -وقد أجمع العلماء على ذلك- أنها مكية وهذا ظاهر من موضوعاتها ومن أسلوبها وطريقة خطابها.
تتحدث عن أولئك الذي يؤذون المؤمنين بغير حق، ما يؤذونهم إلا لأنهم آمنوا بالله فتهددهم وتتوعدهم من مصيرهم السيئ الذي سيلاقونه، وأن الله -عز وجل- لا يضيع من عملهم شيئًا، وأنه يمهلهم لكن لا يهملهم.
افتتحت السورة بأربعة أقسام، قال الله -عز وجل- فيها: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴿1وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴿2وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، هذه أربعة أقسام ولم يُذكر المُقسَم عليه، وهذا كثير في القرآن، أن يؤتى بالقسم ولا يُذكر جواب القسم.
لأن الجواب يكون معروفًا من القسم، أو معروفًا من السياق، وقد يكون هذا في بعض الأحيان أهْيَبُ للجواب .الجواب مذكور في الآيات التي تَليها، وهو أن الله -سبحانه وتعالى- يقول لعباده: ستعلمون جزاء عملِكم، وستدركون ما كنتم تعملون، كما قال في سورة الانفطار: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ [الانفطار: 5]، وقال في سورة التكوير: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ [التكوير: 14].
في سورة البروج لم يُذكر جواب القسم فما جواب القسم؟ قال العلماء: يُؤخذ من معنى القسم، فلما قال: ﴿واليوم الموعود﴾، عرفنا أنه يُريد به القسَم على البعث، فيكون المعنى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴿1وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴿2وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ لتبعثن ثم لتجازن بأعمالكم، والعلم عند الله.
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ذات المنازل المعروفة للكواكب؛ لأن الشمس والقمر تجريان في منازلَ معروفة، ولها أسماء معروفة عند أهل الفلك، فتُسمى هذه بروجًا.
أو يُقال: إن البروج هي النجوم التي نَراها نحن في السماء، ولذلك اختلف السلف فيها:
- فقيل: ذات القصور، ذات البروج بمعنى القصور.
- وقيل: ذات النجوم.
والثاني هذا أظهر، وإن كان لا يتعارض مع الأول، لأنه إذا قيل: النجوم، أو قيل: القصور أو المنازل فإنها أيضًا تعبّر عن ذات المعنى، فالله يُقسم بهذه السماء وما فيها من الآيات العظيمة وهي هذه النجوم الهائلة التي تدلّ على الله -سبحانه وتعالى- وعلى قدرته وعظمته.
ثم قال بعد ذلك: ﴿ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، أجمع المفسرون على أن اليوم الموعود هو يوم القيامة بلا شك.
﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، فقالوا: اليوم الموعود هو يوم القيامة بالإجماع، وأما الشاهد والمشهود فقد وقع الخلاف فيها على قريب من أربعين قولًا.
الخلاف نوعان:
- خلاف تنوع.
- وخلاف تضاد.
خلاف التضاد هو: إما أن تقول بهذا أو بهذا.
خلاف التنوع هو: أن يمكن تجتمع الأقوال في معنى الآية، ويكون كلّ واحد من المفسرين أشار إلى مثال، أو أشار إلى جهة من جهات المعنى، وهذا كثير في تفسير السلف.
لأن حقيقة التفسير هي: اجتهاد في إيضاح المعنى. هذا تفسير وهذا تفسير، هل هذان التفسيران عندما جاءا كانا متضادين؟ لا، بل متعاضدين، وبهذا نعرف أن الخلاف الذي يرد بين السلف كثير منه ليس ضارًّا في بيان المعنى، بل هو مفيد لأنه يوسّع المعنى ويدلنا على جهاته وأمثلته حتى يتضح لنا في صورة كاملة.
فقوله: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، منهم مَن قال: الشاهد: يوم الجمعة. والمشهود: يوم عرفة.
ومنهم من قال: الشاهد: يوم عرفة. والمشهود : يوم النحر.
ومنهم مَن قال: الشاهد: الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمشهود: أمته.
ومنهم مَن قال: الشاهد: أمة محمد. والمشهود: هي الأمم السابقة.
وأقوال كثيرة، كل ما ورد في القرآن مما وُصِفَ بأنه شاهد أو وُصِف بأنه مشهود قد ذُكر في تفسير هذه الآية إلا نادرًا.
وعليه الشاهد: هو قسَم بكل شيء شاهد.
والمشهود: قسم بكل شيء مشهود.
بهذا يكون هذا التفسير أعمَّ التفاسير، وما ورد عن السلف إنما ورد من باب المثال، وليس يُراد به الحصر.
يقول الله -عز وجل-: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴿1وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴿2وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ.
كل واحد مُقسَم به في هذه الأقسام الأربعة لا بد أن يكون له ارتباط بهذه السورة؛ لأن الله لا يُقسِم بالشيء منفصلًا عما سيأتي بعده، بل لا بد أن يكون متناسبًا معه.
كلمة ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قول: ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿شُهُودٌ﴾، مناسَبة، شاهد ومشهود ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ.
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إذن ما جاءت شاهد ومشهود إلا لتدل على الشهود في السورة، وهو أن هناك شهادة وشاهدًا، ومشهودًا، وتحذيرًا، وإنذارًا من الله لقومٍ قد حضروا شيئًا يُغضب الله، فالله يهددهم بشهادته عليهم، وباطلاعه على فعله؛ فليحذروا، وليخافوا.
ما جواب القسم؟ قال العلماء: مقدَّر بقوله: لتبعثنَّ ثم لتجازنَّ على أعمالكم.
قال سبحانه: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، بعض المفسرين يرى أن كلمة ﴿قُتِلَ﴾ هي جواب القسم، ولكن هذا قول فيه نظر -والعلم عند الله- لأن مثل هذه الصياغة لا تكون جوابًا للقسم في لغة العرب.
قال: ﴿قُتِلَدعاء بالقتل، واللعن، والطرد، والإبعاد عن رحمة الله.
﴿أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ؛ أي أصحاب الشق الذي في الأرض، لأن الخد هو الشق، والأخدود هو الأرض المشقوقة أو الشق في الأرض.
الآيات أشارت إلى أصحاب الأخدود ولم تبيِّن لنا مَن هم، هل كانوا في زمن مضى؟ هل كانوا في زمن نبيّ من الأنبياء؟ ما أشارت إلى شيء، لكن قالت: ﴿أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ.
ومن هنا اختلف المفسرون في المراد بأصحاب الأخدود مَن هم، هل هم قصة وقعت في اليمن؟ أو في نجران؟ أو في بلاد الشام؟ أو العراق؟ أو في صقع من الأرض آخر؟ ذكروا أقوالًا، ولا مانع من أن تكون الآية شاملة لكل أولئك؛ لأنه ليس في الآية ما يدل على أن المراد به قوم معينين، حتى الحديث الذي ورد فيه قصة أصحاب الأخدود في صحيح مسلم لم يُشِر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه الآيات من السورة لنقول إن هذا تفسير من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للسورة، بل إنه ذكر قصة أصحاب الأخدود ولم يقرأ آية من آيات سورة البروج.
ومن هنا مَن حمل تلك القصة على أنها تفسير لهذه السورة فهذا اجتهاد منه، ومَن قال: لا، شيء آخر، فهذا أيضًا اجتهاد منه، ولا مانع منه.
ولكن الأليق ما جاء في السنة النبوية، ولا مانع أن يكون غيره داخلًا فيه؛ لأن الآيات تحتمل هذا كله، تحتمل هذا كله.
قال: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، نسبهم إلى الأخدود؛ لأنهم عملوه ليضطهدوا به المؤمنين، فهم شقُّوا في الأرض شقًّا عظيمًا، ثم أضرموا فيه نارًا هائلة كبيرة، ثم ألقوا فيها مَن آمن، كما جاء في آيات السورة.
قال: ﴿النَّارِهنا مجرورةما الذي جعلها "النارِ"، ولم تكن "النارُ"؟
﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴿4النَّارِ.
يقال له: بدل اشتمال، لأن الأخدود اشتمل على النار، فهنا: ﴿النَّارِ هذه مجرورة بالبدلية من ﴿الْأُخْدُودِ؛ لأن الأخدود مشتمل على النار.
﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، صاحبة الوقود.
والوقود يعني: الحطب الذي أوقدت به تلك النار عندنا فرق بين الوَقود والوُقود.
فالوَقود: ما يُوقَد به، وهو تلك الحطب.
قال الله -عز وجل-: ﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، جالسون عليهامن شدة طغيانهم وظلمهم، يتلذذون بتعذيب المؤمنين، من شدة ما هم فيه من البغي والعدوان والظلم لهؤلاء المؤمنين الذين ما كان لهم من ذنب يستحقون عليه العذاب إلا أنهم قالوا ربنا الله.
﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴿6وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ؛ أي شاهدون وحاضرون على ما يفعلونه بالمؤمنين، وهذا للدلالة على قسوة قلوبهم، وعلى قصدهم لما فعلوا، وأن ما فُعل لم يجرِ في الخفاء، أو يجري من وراء ظهورهم، أو بغير رضاهم، أو بغير أمرهم؛ بل كان ذلك بأمرهم، وكانوا مسرورين بفعلهم، وكانوا يظنون أنهم قادرون على كل شيء.
قال: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِنقموامنهم من أجل أنهم كانوا مؤمنين.
وهذه من العجائب أن الإنسان يعاقب على الحق، وعلى التزامه به، وهذه إحدى السنن العظيمة في الصراع بين الحق والباطل، وهي أن الإنسان الملتزم يجد عداوة ممن لا يلتزم بالحق قوم لوط قالوا للوط؟ ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ [النمل: 56] أخرجوهم لأجل التطهر.
ثم قال: ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾، ختم الآية باسمين من أسمائه الحسنى.
العزيز: مأخوذ من العزة، والعزة عندنا عزة الله -عز وجل- التي نثبتها لله هي ثلاثة أنواع:
- عزة قدر.
- وعزة قهر.
- وعزة امتناع.
عزة القدْر: أن يكون الله -عز وجل- عزيزًا، يعني فلا يُنال بسوء، فهو ذو العزة في قدره -سبحانه وتعالى-.
وعزة القهْر: أن يكون قاهرًا على غيره، والله -عز وجل- قد قهر كل شيء ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام: 18].
وعزة الامتناع: أن يكون الله ممتنعًا عمن يريده بشيء من السوء، يعني مهما حاولوا أن يسيؤوا إلى ربهم -سبحانه وتعالى- فإنهم لن ينالوا من الله شيئًا، فالله عزيز.
ومنه سميت الأرض عزازًا، عزاز بمعنى: قوية ممتنعة، لا تسمح بالأرض أو للرِجل أو للقدم بأن تغوص فيها.
إذن: نحن نثبت في اسم الله العزيز ثلاثة معاني:
- عزة القدر.
- وعزة القهر.
- وعزة الامتناع.
والله -عز وجل- له أكمل ما في هذه المعاني من الأوصاف.
ثم قال: ﴿الْحَمِيدِ؛ أي المحمود، فعيل بمعنى: مفعول، يُحمد على أفعاله كلها.
جيء بالعزيز والحميد في قوله: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ إن مناسبة العزة: كأنها تهديد لهم، وأيضًا بشارة للمؤمنين، يعني: أيها المؤمنون سينتقم الله من هؤلاء الذي آذوكم وفعلوا بكم ما فعلوا.
الحميد: المحمود على كل أفعاله، فلا تظنوا أنه -سبحانه وتعالى- عندما يُمكِّن هؤلاء الظالمين من رقاب هؤلاء المؤمنين أن ذلك شر للمؤمنين، لا، هو خير لهؤلاء المؤمنين، إنه يُعجِّل بهم إليه ليُكرمهم، ويُعظم منازلهم.
ولذلك عندما كانوا يلقون المؤمنين في النار كانت الملائكة تسبق إلى هؤلاء المؤمنين فتأخذ أرواحهم قبل أن تصل أجسادهم إلى النار.
ما نالهم شيء، فهو -سبحانه وتعالى- العزيز الذي له القوة والقهر والقدرة على هؤلاء، فهذا تهديد لهم، وبشارة للمؤمنين، والحميد على كل أفعاله، فلا تظنوا أيها الناس أنه قد خذل المؤمنين، أو أنه ترك عباده المؤمنين دون نصرة، بل هو -سبحانه وتعالى- الناصر لكل مؤمن.
قال الله -عز وجل-: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وهذا من عزته، فهو القادر على كل شيء، الذي بيده ملكوت كل شيء، ولذلك ملك السماوات والأرض له سبحانه، فإذا كان له وهؤلاء في ملكه -هؤلاء الذين فعلوا ما فعلوا في ملكه- إذن لا خوف؛ لأنهم لن يفلتوا من قبضته، ولن يخرجوا عن ملكه، وسيجازيهم، وسينتقم منهم، وهكذا -سبحانه وتعالى- فإنه لا يقوم أحد من هؤلاء المبطلين بشيء يفعله للمؤمنين إلا والله -عز وجل- له بالمرصاد ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر: 14]، لا يفوت على الله أحد، ولا يفلت من ملكه وقبضته أحد -مهما كان.
﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، ﴿شَهِيدٌ بمعنى حاضر ومطلع وعالم مبصر، لا يخفى عليه من أمر العباد شيء -جل جلاله وتقدست أسماؤه-.
فاطمئنوا أيها المؤمنون، إياكم أن تظنوا أن ما يفعله أعداؤكم بكم قد فات على الله، أو أن الله لم يطلع عليه؛ الله مطلع على كل شيء، وسيعطي كل أحد جزاءه، إن صالحًا وإن سيئًا.
، الآن جاء بعد قوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ جاء دور الجزاء والعقوبة.
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا أي: أحرقوا.
﴿الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وهذه عادة القرآن، إذا ذُكِر الرجال والنساء قُدِّم الرجال على النساء.
﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ...﴾ [الأحزاب: 35]، إلى آخر الآية.
قال الله -عز وجل-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا، سبحان الله، فعلوا هذا الفعل العظيم البشع المنكر وهو الإحراق الذي هو أبلغ أنواع العذاب التي تنزل بالإنسان من أخيه الإنسان، ومع ذلك يقول: هؤلاء الذين فعلوا ما فعلوا إذا لم يتوبوا سأفعل بهم كذا وكذا.
سبحان الله، أي فضل من الله على عباده أعظم من هذا؟ وأي إطماع بالتوبة أبلغ من هذا الإطماع؟ هذا يدل على سعة رحمة الله، وأن الإنسان مهما فعل من كفر، وجحود، وبغي، وعدوان، وظلم، فإن الله -سبحانه وتعالى- يفتح له باب التوبة، «إن الله ليبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل»، وقد ورد في الحديث: «إن الإسلام يَـجُبُّ ما قبله».
قال: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا، فهذه من أرجى آيات القرآن، كيف يفعلون هذا الفعل؟ بكل المؤمنين والمؤمنات، الصغار والكبار، ثم يقال لهم: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا، يعني لو تابوا لمحا الله كل ذلك عنهم.
ولذلك يتعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتعجب الرب -سبحانه وتعالى- من اثنين يقتل أحدهما صاحبه، ثم يكونان في الجنة، قالوا: كيف؟ قال: يقتل هذا ذاك وهو كافر، ثم يسلم، فذاك يُكتب شهيدًا، ثم هذا يسلم فيموت على الإسلام فيدخلان الجنة.
قال: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ؛ أي العذاب الذي يكون في النار.
﴿وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِأليس عذاب جهنم هو عذاب الحريق؟
نقول: نعم ولا. عذاب جنهم أوسع من عذاب الحريق؛ لأن من عذاب جهنم الزمهرير الذي هو شدة البرودة.
يعني جزاؤهم يكون من جنس عملهم، وهذه من كمال عدل الله -عز وجل- أن يُجازيَ العبد جزاءً من جنس عمله.
وإذا تتبعت هذا وجدته مطردًا في كل جزاء مثلًا نلاحظ: اليد عندما تسرق تُقطع.. الجزاء من جنس العمل، كما كانت السرقة باليد أيضًا يكون القطع لتلك اليد.
مثلًا: بروا آباؤكم تبركم أبناؤكم. الجزاء من جنس العمل، وهذا كثير في كتاب الله وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهنا إنما ذُكر الحريق تذكيرًا بالحريق، فكما أحرقوا المؤمنين وهم شاهدون على ما يفعلون؛ فكذلك هم في جهنم يحرقون جزاءً وفاقًا.
قال الله -عز وجل- مبينًا بعد أن بيَّن عقوبة هؤلاء الذين فعلوا بالمؤمنين ما فعلوا وآذوا المؤمنين، وهذه سورة نزلت من باب التهديد للكفار الذين كانوا يؤذون النبي -صلى الله عليه وسلم- ويؤذون أصحابه ويبالغون في عداوتهم وإيصال الأذى إليهم- قال مبشرًا أولئك المؤمنين الصابرين الذين بذلوا مهجهم وأرواحهم من أجل دينهم، قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.
نلاحظ كثيرًا في القرآن القرن بين الإيمان والعمل الصالح لئلا يدعيَ إنسان أن مجرد إيمانه بالله وتصديقه القلبي المجرد كافٍ في وصوله إلى الفوز والنجاة، لا بد أن تصدق هذا الإيمان بعمل، ولذلك جعل أهل السنة من حقيقة الإيمان العمل، فقالوا: الإيمان اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، لا بد أن يكون عملٌ يُصدّق ذلك الإيمان الباطل.
أما إيمان باطل لا يصدّقه لا قول ولا عمل بالأركان؛ هذا إيمان غير صحيح، ولذلك يأتي هنا عندنا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.
ويكون العمل صالحًا بشرطين، أي عمل لا يمكن أن يسمى صالحًا حتى يكتمل فيه شرطان وهو أن يكون العمل خالصًا لله لا يُراد به إلا وجهه، وأن يكون موافقًا لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فإذا جاء الإنسان وعمل عملًا صالحًا وخالصًا، ولكنه غير موافق لسنة رسول الله فإن الله لا يقبله؛ لأنه لماذا بُعث رسول الله؟ ما بُعث رسول الله إلا لنعبد الله بما شرعه لنا رسول الله.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، فلا يجوز لك أن تتعبد الله بشيء لم يشرعه لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقد قال العلماء: إن اتباع السنة يكون باجتماع أمور ستة:
الموافقة في: الزمان والمكان والكم، والكيف، والسبب، والجنس، ستة أشياء.
فمن وافق السنة في هذه الأشياء الستة -الزمان، المكان، الكم، الكيف، الجنس، السبب، فقد وافق السنة، ومَن خالف في واحدٍ فقد خالف السنة.
قال الله -عز وجل-: ﴿لَهُمْ تمليك، ليشعر بأنه يملكون هذا الذي سيؤتونه في الجنة، ﴿لَهُمْ جَنَّاتٌ وليست جنة، والجنة بمعنى البستان المليء بالأشجار، واللذائذ، والطيبات، والثمار والمأكولات والمشروبات، جنات، وكل جنة تختلف عن الجنة الأخرى.
قال الله -عز وجل- في سورة الرحمن: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴿46فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿47ذَوَاتَا أَفْنَانٍ [الرحمن: 46-48]، ثم قال بعدها: ﴿وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴿62فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿63مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن: 62-64]، أي سوداوان من خضرتهما.
قال: ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، الأنهار تجري من تحت تلك الجنات، وهذا من ألذّ ما يكون في الراحة والنعمة واليسر، لأن النهر يجري من تحتك، فأنت تراه، تتلذذ بمرآه، وتسر بأنك فوقه، وأيضًا إذا أردت شيئًا وإذا هو قريب، فضلًا عن أن الغلمان يطوفون عليك بأكواب وأباريق وكأس من معين -نسأل الله الكريم من فضله.
طيب، ما هذه الأنهار؟ منوَّعة، ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى [محمد: 15]،من كل نوع من هذه الأنواع الأربعة أنهار، فالماء يأتيك بمذاقات وطعوم، واللبن بمذاقات وطعوم، والخمر يأتيك بمذاقات وطعوم، والعسل يأتيك مذاقات وطعوم.
﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة: 25]، في كل مرة يؤتى لك بكأس من اللبن تقول: هذا مثل الذي قبله، فإذا ذقت وإذا الطعم مختلف واللذة مختلفة تمامًا عمَّا كانت.
نحن مقبلون على دارٍ عظيمة، لا يمكن لنا لو أردنا أن نتخيل وأن نتصور ما نحن مقبلون عليه، نسأل الله الكريم من فضله، ونسأل الله أن يجعلنا من أهل تلك الجنة، وألا يكلنا إلى أنفسنا أو أعملنا أو إلى شيء من خلقه.
قال: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ، هذا الفوز الذي سيحققه هو الذي حقق الفوز الحقيقي .
ثم قال الله -عز وجل-: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ، هذا تهديد لهؤلاء الذي يفعلون بالمؤمنين ما يفعلون سواء كانوا من المعاصرين، أو من المتقدمين، لا يغرّنكم إمهال الله -عز وجل- وأنه -سبحانه وتعالى- ترككم تفعلون بالمؤمنين ما تفعلون، فإن هذه الدنيا ليست محلًّا في الأصل للجزاء، لأنها أحقر من أن تكون محلًّا للجزاء، «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة؛ ما سقى كافرًا منها شربة ماء».
فإذا فات على المؤمن أن يتنعم فيها أو يبقى فيها، أو يأخذ حقه ونصيبه فيها، فإنه ما فاته شيء أصلًا، ما فاته شيء، لأن الدنيا ليست بشيء، لا تزن عند الله جناح بعوضة.
ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يبين لنا مقياس ما بين الدنيا والآخرة، قال: «مثل ما في الجنة بالنسبة للدنيا مثل ما يضع أحدكم أصبعه في اليمِّ فلينظر بمَ يرجع»، يعني هذه نسبة ما بين الدنيا والآخرة، واحد وضع أصبعه في البحر، هذا البلل ماذا نقص من البحر؟ كذلك نسبة الدنيا بالنسبة للآخرة -لا إله إلا الله- شيء مهول.
ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر».
قال الله -عز وجل-: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴿12إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيعِيدُ.
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ﴾، البطش هو: الأخذ بشدة وقوَّة.
﴿لَشَدِيدٌ: لقوي عنيف، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ قوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102] ».
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾.
﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيعِيدُ، اختُلف في هذه الآية على قولين:
﴿يُبْدِئُ﴾ من إبداء الإنسان، أي خلقه أول مرة، وإعادته بعد موته، وهذا معنًى يرد في القرآن الكريم كثيرًا.
والثاني: إنه يُبدئ العذاب ثم يعيده، وهذا أنسب للسياق وإن كان المعنى الأول صحيح؛ لأن الله يُبدِئ الخلق ثم يعيدهم، أي يبعثهم بعد موتهم.
لكن اللائق بالسياق هو الثاني، فكأنه يقول: سيعجل العقوبة لهؤلاء الظالمين الذين أحرقوا المؤمنين بالنار، يعجل لهم العقوبة في الدنيا، ثم يعيدها عليهم في الآخرة؛ لأنه قال: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴿12إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيعِيدُ.
﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، سبحان الله! هذا من كون القرآن مثاني. يأتي بالمعنى ثم مرة أخرى يعيده لكن من وجه آخر، أو يأتي بالرجاء ثم الخوف، أو بالترغيب ثم بالترهيب، أو بالمؤمنين ثم الكافرين، أو بالجنة ثم النار، هذا من كون القرآن مثاني، تستوعب المعنى من جميع جهاته، تبقى متزنًا في فهم الحقائق.
قال: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ يُطمع هؤلاء بالتوبة، فهو غفور إذا استغفرتموه غفر لكم ومحا عنكم ذنوبكم.
والغَفَر عندنا نبغي أن تفهم فيه أمرين:
الغفَر بمعنى الستر.
والغفْر بمعنى التجاوز.
فإذا قيل: غفور، يعني الذي يستر الذنوب ويتجاوز عن عقوبتها ومجازاة أصحابها، ومنه المغفر الذي يضعه المقاتل على رأسه ليتقيَ به ضرب السيوف.
طيب، ثم عقبه بقوله ماذا؟ ﴿الْوَدُودُ، لماذا جاء ﴿الْوَدُودُ بعد ﴿الْغَفُورُ﴾؟ ترتيب الأسماء الحسنى في القرآن أيضًا له حكمة، ولا يمكن أن يوضع اسمٌ إلا في مكانه، يعني في هذا المكان لا يليق "وهو الودود الغفور"
{لأن الله -سبحانه وتعالى- يحب التوبة، و"ودود" بعد الغفران}.
المودة تكون من الله بعد الغفران،
معنى ﴿الْوَدُودُ
بمعنى: الوادُّ لأحبابه.
وقد تأتي بمعنى: الذي يوده أحبابه.
والمعنيان متلازمان؛ لأنه يتحبب إليهم فيحبونه ويحبهم، فهو الوادُّ لهم المودود منهم -سبحانه وتعالى-.
إذن هو الودود بمعنى: الحبيب الذي يتحبب لأوليائه، فإذا تحبب إليهم ودُّوه وأحبوه -سبحانه وتعالى- ولكن هذا لا يأتي إلا بعد المغفرة.
وجاء في سورة أخرى: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود: 90]، يعني جاءت ﴿وَدُودٌ بعد قوله: ﴿رَحِيمٌ﴾، لأن المودة منزلة عالية، لا تكون إلا لمَن غفر الله له ورحمه.
قال: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، إذن هذه إطماع من الله لهؤلاء الذين انحرفوا عن المسار الصحيح، وأحرقوا المؤمنين وفتنوهم.
ثم قال واصفًا نفسه ومعظمًا ذاته: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ؛ أي صاحب العرش، وإنما ذكر العرش دونما سواه لأنه أعظم المخلوقات، وهو المخلوق الذي جعله الله -عز وجل- محلًّا للاستواء ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5]، أي علا واستقرَّ -سبحانه وتعالى- وليس بحاجة إلى شيء من خلقه -جل جلاله-.
والعرش هو أعظم المخلوقات وهو سقفها، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من صفة العرش قوله: «أُذِن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش»، الذين قال الله فيهم ﴿وَيحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة: 17]، قال: «ما بين شحمة منكبه إلى شحمة أذنه خفقان الطير سبع مئة عام»، هذا فقط المسافة، سبع مئة عام والطير يخفق بأقصى سرعته، لا يصل إلى ما بين هذين المكانين.
قال: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، إذن "المجيد" هنا صفة لـ "ذو"، "ذو" مرفوعة، و"المجيد" مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة.
إذن: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، المجيد هو الله "ذو"، والمجيد مأخوذ من المجد هو الكرم والعظمة، العظيم الكريم الذي هو واسع في قوته وعظمته وكرمه -سبحانه وتعالى-.
فالله مجيد وعرشه مجيد، لكن المجد الذي وصف به العرش مجد يليق بالمخلوق، والمجد الذي وصف به الرب مجد يليق بالله -سبحانه وتعالى-.
ثم وصف نفسه قال: ﴿فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ، وهذا من باب التهديد، فهو -سبحانه وتعالى- يفعل كل شيء يريد، بخلافنا نحن نفعل أشياء لا نريدها، ونريد أشياء ولا نفعلها.
ثم قال -عز وجل- استدراكًا للوقت: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ، هذا بعد أن هدد في قصة أصحاب الخدود، هدد في قصص الأقوام الآخرين.
قال: ﴿فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ماذا فعل الله بهم؟ وهذا تهديد لكم يا أهل مكة، يا مَن تفعلون برسول الله ما فعلتم.
﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ، "بل" هنا للإضراب، الذين كفروا في تكذيب، يعني كأنهم من كثرة تكذيبهم لما يأتيهم من الآيات والبينات كأنهم في وسط التكذيب.
قال: ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِم مُّحِيطٌ؛ أي قد أحاط بهم من جميع الجهات، فكيف يظنون أنهم يفلتون من قبضة الله؟ وكيف يفعلون ما يفعلون برسول الله وبالمؤمنين معه؟ ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِم مُّحِيطٌ.
قال: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ؛ أي هذا القرآن الذي نزل على رسول الله قرآن مجيد كريم وعظيم، ولا يستطيع أحد أن يصل إليه بسوء.
قال: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ ﴿21فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ؛ أي هو مكتوب في اللوح المحفوظ.

ودمتم في حفظ الرحمن
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

ام عبد المولى

مراقب عام
إنضم
26 سبتمبر 2012
المشاركات
2,741
النقاط
38
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
الجزء الخامس
احب القراءة برواية
ورش
القارئ المفضل
الشيخ الحصري
الجنس
اخت
اللهم زدك علما ونفعا يارب
وجزاكي الفردوس الاعلى على كل مجهودك معنا
وصدقة جارية لك يارب
 
أعلى