سورة الزلزلة ، العاديات ، القارعة

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
سورة الزلزلة
سورة الزلزلة من قصار المفصَّل، وقصار المفصل تبدأ من سورة الضحى إلى سورة الناس، وهذه القصار تُشرع قراءتها في صلاة المغرب، أما صلاة العشاء والعصر والظهر فيُشرع القراءة فيها من أواسط المفصل، وأما صلاة الفجر فيُشرع القراءة فيها من طوال المفصل.
سورة الزلزلة ليس لها إلا هذا الاسم، لكن يُصرَّف تصريفات متعددة فيقال: الزلزال، وإذا زلزلت الأرض، وإذا زلزلت، والزلزلة، لكن كلها تدور حول هذا الاسم.
اختلف فيها هل هي مكية أو مدنية.
جمهور المفسرين على أنها سورة مدنية، ومنهم مَن يقول أنها سورة مكية.
والذين استدلوا بأنها مدنية قالوا إنها لما نزلت قرأها النبي -صلى الله عليه وسلم- بكى أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- من قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
عدد آياتها ثمان آيات، لم يختلفوا في هذا .
محور هذه السورة فهو: ذكر هول يوم القيامة وانقسام الناس فيه، فمنهم مَن يكون من أهل اليمين، ومنهم مَن يكون من أهل الشمال كما قال الله -عز وجل: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}.
ثم فيها بيان السبيل لأن نكون من أهل اليمين، والسبيل لأن نكون من أهل الشمال -أعاذنا الله من طريقته- وهي: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، وهذه الآية تسمى "الآية الجامعة الفاذَّة"، لأنها جمعت الخير والشر، وذلك لأن الله -سبحانه وتعالى- قد أبلغنا بأبلغ عبارة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}.
والذرة شيء يسير لا يكاد يُحسّ به البدن عندما يلمسه .
مناسبة هذه السورة لما قبلها وهي سورة البينة فظاهر لأن الله بيَّن في سورة البينة أن البشر قسمان:
- قسم هو شر البرية. - وقسم هم خير البرية.
فجاءت هذه السورة لتبين كيف يكون الإنسان من هؤلاء أو من هؤلاء، إنما يكون من هؤلاء بالعمل ومن هؤلاء بالعمل، وألا يستصغر شيئًا من الشر يأتيه،
ولا يستصغر شيئًا من الخير يأتيه لأن الجميع مُحصى وسيوزن وسيراها الإنسان في صحيفة عمله.
قال الله -عز وجل: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}.
زلزلت بمعنى: حُرِّك حركتها الشديدة المناسبة لذلك اليوم وهو يوم القيامة، تهتز الأرض هزة عظيمة مهولة فيرتجّ كل شيء عليها، ولذلك لأنه في يوم القيامة سيتغيَّر كل شيءالشمس، القمر، النجوم والكواكب التي نراها عالية في السماء ولا نستطيع أن نصل إليها، وإنما نرى أثرًا من آثارها، وهو هذا الضوء المرسل منها.
الجبال الراسية، المياه، البحار؛ كل شيء سيتغيَّر، وذلك للإعلام بأن هذا الكون سيتحوَّل إلى عالم آخر وهو عالم الآخرة، وانتهى العالم الأول وهو عالم الدنيا.
{وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}، من آثار تلك الزلزلة تُخرج الأرض أثقالها.
أثقالها:كل شيء كان فيها، الموتى، والكنوز، وكل ما هو فيها يخرج فيراه الناس باديًا أمامهم، حتى من الذهب والفضة يمر به الناس، يمر به السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ويمر به القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويمر به القاتل
فيقول: في هذا قتلت نفسًا معصومة. يبدو هكذا بين أيديهم مبذولًا شاهدًا أو ظاهرًا لا ترتفع إليه الأنفس، ولا تبالي به القلوب.
قال: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}، أي ما في جوفها من الموتى، لأن الموتى يكونون في جوف الأرض فتخرجهم هذه الأرض، وأيضًا تخرج ما فيها من الكنوز التي كان الناس يتنافسون عليها ويتقاتلون من أجلها ويبيعون دينهم لأجل عرض من الدنيا يخرج من هذه الأرض.
{ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا} ما الذي حصل لهذه الأرض التي كانت قارَّة، وكانت مطمئنة، وكانت ثابتة، لم يكن فيها هذا الاهتزاز، ولم يكن فيها شيء من هذه الزلزلة، ما لها؟ ما الذي أصابها؟
لأن هذا يحدث بغتة، ويحدث في حالة لا يظن الناس فيها أن الأرض تزلزل .
قال الله -عز وجل:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} أي في ذلك اليوم تتحدث الأرض بما وقع على ظهرها من خير وشر، وهذا من كمال عدل الله -سبحانه وتعالى- في عباده. لماذا؟
لأن العباد قد يقولون: ما عملنا، ما صنعنا شيئًا، ما صنعنا شيء. ينكرون!
فالله -عز وجل- يقيم لهم شهودًا ممن؟ من الملائكة الذين كانوا يصحبونهم، والصحيفة التي سُجِّل فيها كل صغير وكبير وقليل وكثير من كلامه، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
أيضًا أعضا ء الانسان وجوارحه تشهد عليهم، من الأرض التي كان يدبُّ عليها، تقول الأرض: مشى عليَّ فلان وفلان، وفلان صلى فوقي، وفلان زنى فوقي، وفلان سرق فوقي، تُحدِّث الأرض بما وقع عليها وبما حصل فيها في تاريخها الطويل لتقوم الحجة ويكمل العدل، وعدل الله -عز وجل- ليس فوقه عدل.
قال: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}، أي تحدث أخبارها بسبب فالباء هنا للسببية أي بسبب أن ربك أوحى لها، أوحى إليها أن تتحدث، يُقال: أوحى لها وأحى إليها بمعنًى واحد، ووحى لها ووحى إليها بمعنًى واحد، لأن الله أوحى لها أن تتحدث؛ تحدثت.
فالأرض مطواعة لله -عز وجل-، إذا أمرها الله أن تصمت صمتت، وإذا أمرها أن تنطق نطقت، لا تستطيع أن تخالف كما قال الله -عز وجل- في سورة الانشقاق: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الإنشقاق: 2]، أي استمعت لما تُؤمر به من ربها وحُقَّ لها أن تستمع لأنها عبد لله، مملوك، مقهور، مربوب، لا يستطيع أن يعصي الله -سبحانه وتعالى- ولا شيء من خلق الله يستطيع أن يخالف أمر الله إلا أن يجعل الله فيه هذه المخالفة ابتلاءً؛ وإلا فالجميع مقهورون ذليلون مملوكون لله -عز وجل- لا يستطيعون أن يخرجوا من قبضة الله.
قال: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} أوحى لها أن تتكلم وتُحدِّث بأخبارها.
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}أي في ذلك اليوم يصدر الناس أشتاتًا.
{لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}، أي بعد أن يجتمعوا في أرض المحشر ويُحاسبوا، يصدرون بعد ذلك ليروا جزاء أعمالهم، فمنهم مَن يُسلك به إلى اليمين، ومنهم مَن يأخذ ذات الشمال .
قال: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} أي طرقًا مختلفة، لأنهم كانوا في الدنيا مختلفين، ولم يكونوا شيئًا واحدًا، ألم يقل الله -عز وجل- {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل 1-4 ]، فسعيكم مختلف ليس متحدًا، كذلك أنتم يوم القيامة ستكونون أشتاتًا مختلفين متفرقين، لستم على جادة واحدة، مَن عمل صالحًا سيرى شيئًا صالحًا، ومَن عمل سيئًا سيرى شيئًا سيئًا.
قال: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} أي ليُروا جزاء أعمالهم وبالفعل في ذلك اليوم لا عمل ولكن ترى ثمرة العمل وترى جزاء العمل.
قال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} أي مَن عمل منكم شيئًا من الخير سيراه اليوم، مَن عمل منكم شيئًا من الشر سيراه اليوم، وهذا الشيء مهما صغر ولو كان حرفًا واحدًا من ذكر، أو شيئًا يسيرًا من صدقة، كله سيراه الإنسان ولوكان مثل حبة القمح أو حبة الشعير.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة)، ليس بتمرة وإنما بشقها أي جزء منا، يُبيِّن لنا أنه لا تهاون في الإسلام بالأشياء اليسيرة، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحقرات الذنوب). لماذا؟
لأنهن يجتمعن على الإنسان فيهلكنه، هذه كذبة بيضاء، وهذه غيبة بسيطة، وهذه نميمة بين اثنين، وهذه نظرة وهذا ريال أخذته، وهذا جزء يسير من الوقت اقتطعته من أول الدوام أو آخره مثل هذه الأشياء فتُهلك الإنسان -والعياذ بالله.
والسيئة -كما يقول العلماء- دائمًا تقول: أختي أختي.
قال الله -عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}، سيراه، سيكون هذا الخير بين يديه يوم القيامة، جزاءه وكتابته، وسيراه مكتوبًا في الصحف يفرح به ويُسر، ثم يرى جزاءه.
{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، أيضًا نفس العملية لا تهاون لا في هذا ولا في هذا.
ولذلك لا تحقر قليلًا من الخير تأتيته ولا قليلًا من الشر تتركه ودائمًا جبال الحسنات تُبنى من القليل كما أن جبال الرمال تُبنى بذرات يسيرة لا تكاد تُلمَس من صغرها وقلتها لكنها تكون جبالًا عالية.
هذه السورة تحفزنا على أن نستعد لذلك اليوم المهول. بالعمل الصالح، نستعد باتقاء الشر كله، فنكون عاملين متقين، نعمل الخير ونحن نعلم أننا سنقابل ذلك الخير، ونتقي الشر ونحن نعلم أن اتقاءنا للشر سينفعنا يوم أن نلقى ربنا -سبحانه وتعالى.
جاء رجل من الصحابة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله علمني شيئًا من القرآن، فإني قدر رقَّ عظمي وكبر سنِّي، وثقل لساني.
فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: «اقرأ شيئًا من المسبحات»، فقال: يا رسول الله الأمر أشد عليَّ، فلو خففت عليَّ.
قال: «اقرأ قول الله -عز وجل- {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}».
قال: والله يا رسول الله لا أزيد على هذه ولا أنقص.
فلماولى قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق»، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام.
قال الإمام الشافعي لما مرَّ بسورة العصر قال: "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لوسعتهم". لأنها قد جمعت الأسباب المنجية من الخسران .
سورة العاديات
وهي سورة مكيَّة لا إشكال في ذلك
هذه السورة مكوَّنة من إحدى عشرة آية.
واسمها: سورة العاديات، وتسمى: سورة العاديات، والعاديات ضبحًا .
محورها فهو عن قلة شكر الإنسان، وصفاته القبيحة، وتذكيره بما يزيل ذلك عنه، فالله -عز وجل- قد ذكر فيها أن الإنسان لربه لكنود، وأنه على ذلك لشهيد، وأنه لحب الخير لشديد، فنعظه بما يزيل هذا الأمر عنه، {أفلا أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}.
مناسبتها لسورة الزلزلة :لأن الزلزلة قسمت الناس قسمين، وهذه بيَّنت ما هي الصفات التي توقع الناس في أن يكونوا من أهل الشمال، ذكرتهم بما يخلصهم من أن يقعوا في غضب الله وسخطه.
قال الله -عز وجل- فيها مقسمًا: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} العاديات صفة لموصوف لم يُذكر، ولذلك اختلف العلماء ما هي العاديات، هل العاديات هي الخيل أو الإبل، لأن العدْو صفة، العاديات صفة لموصوف محذوف، ومن هنا اختلف السلف هل المقصود الْعَادِيَاتأي الخيل يُقسم الله بها .
في حالة ضبحها، والضبح هو صوت الخيل حين العدْو، هذا الصوت الذي يخرج من الخيل عندما تعدو يسمى الضبح، وبعض العلماء يقول العاديات هي الخيل وبعضهم يقول هي الإبل.
هذا الخلاف من باب اختلاف التنوع، لأنه إن أقسم الله بهذه أو أقسم بهذه فالقسم صحيح، ولله أن يقسم بما شاء من خلقه، والمقصود يتحقق، لكن هل الوصف مع الخيل أوضح وأظهر أو مع الإبل أوضح وأظهر؟
هذا محل خلاف بين أهل العلم، وإن كان كثير من المفسرين وجمهور السلف على أن العاديات هي الخيل .
قال الله -عز وجل: {وَالْعَادِيَاتِ}، أقسم بالخيل عندم تعدو، ويخرج منها ذلك الصوت الذي يكون عند العدْو.
{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}، أورَت يعني أشعلت، خرج منها الشرر عندما تحتكُّ حوافرها بالأرض أو بالحصى .
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}، يعني التي تغير في وقت الصباح على العدو، وهذا يدل على أن الإغارة أفضل أوقاتها هو الصباح
{ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}، أي أثرن الغبار بتلك الإغارة.
{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} توسطن الجمع الذي هو ملتقى الفريقين.
لماذا أقسم الله بالعاديات وبحالتها هذه التي تبيِّن كيف تُقدِم على العدْو وتغير عليه وتقبل على المهالك، وتتوسط الموت وهي ترى بريق السيوف. ما الذي يحملها على ذلك؟
قال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}، المقسم عليه ما هو؟ جواب القسم: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} .
كنود: أي حجود وكفور بنعمة الله -عز وجل.
هنا الفرق بين الخيل وبين الإنسان: الخيل لأن صاحبها يطعمها ويربيها ويدللها ويهتم بها، إذا جاء وقت الحرب ما نسيت له المعروف، تُقدِم وتحارب، وتُقاتل وتُغير، وتثير النقع، وتتوسط الجمع، لأنها تريد أن تنقذ صاحبها وأن تهزم عدوه وأن تظفره بمن يخالفه، وما تنسى له المعروف، لا تفر ولا تهرب .
وأنت أيها الإنسان يُحسن الله إليك، ويُكرمك أعظم الكرامة، ويملأ ما بين يديك وما خلفك بالنعم، ومع ذلك ماذا تفعل عندما يطلب الله منك شيء، عندما يقول لك أنفق يا عبدي، صلِّ يا عبدي، قاتل يا عبدي، تصدق يا عبدي، صم يا عبدي؛ وإذا بك تنكص وتفر وتنسى كرم الله عليك ونعمته الموالية عليك.
ما أشد جحودك! أهذه البهيمة تشكر أكثر من شكرك! وتحسن لصاحبها الذي أحسن إليها في وقت الشدة وأنت تنسى فضل الله عليك في رخائك وفي شدتك!
أما في الرخاء فأنت إذا كثرت النعمة لديك طغيت، وحصل منك الخروج عن الحد المعقول في الإسراف وفي البذخ وفي الطغيان، في انتهاك المعاصي، وتقحم المنكرات.
وأما في وقت الضراء فإنه إذا نزلت بك الضراء استغثت بالمقبور فلان والصنم فلان، يا سيدي فلان، يا هبل، يا لات، يا...، إلى آخره.
فأنت -والعياذ بالله -كفور شديد الكفر، ولذلك قال الله -عز وجل: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17]، يعني ما أشد كفره.
قال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}، أي جحود لربه، لا يكاد يرد هذه النعمة ويعترف بالفضل لله -عز وجل-، بل إنه إذا كثر الخير لديه نسي أن هذا الفضل من الله -سبحانه وتعالى- {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]. {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} [الكهف35، 36]
قال الله -عز وجل: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ}، {وَإِنَّهُ}، اختلف فيها، الضمير هذا، قيل: إنه يرجع إلى الإنسان، وذلك طلبًا لاتحاد الضمائر، لأن الضمير عائد عليه، أيضًا الضمير عائد على الانسان.
إذن فقوله: {وَإِنَّهُ} أي الإنسان.
{عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ يشهد على نفسه بأنه جحود كفور، وأن يتنكر للنعمة ولا ينسبها لله -عز وجل-، ولا يقوم بشكرها كما أمر الله -سبحانه وتعالى- منه.
وقيل إن قوله {وَإِنَّهُ}، يعود إلى الله، وإنه -أي الله- على ذلك لشهيد، أي الله يشهد عليه بانه كنود، وهذا المعنى صحيح ليس باطلًا، ولذلك يعتبر هذا الخلاف من باب اختلاف التنوع، لكن أيهما أولى؟ لا شك أن القول الأول أولى من القول الثاني.

{لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} الخير هو المال قال في سورة البقرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180]، قال العلماء: الخير هنا المال، أو المال الكثير.
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ}، أي المال {لَشَدِيدٌ}، كما في قوله في سورة الفجر التي أخذناها قبل فترة وجيزة: {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر 17، 20]، فالإنسان محبٌّ للمال، يُقاتل من أجله، يعيش من أجله، يسهر من أجله، يُفرِّط في حق ربه، وحق والديه، وحق أرحامه، وحق دينه، وحق بلده من أجل هذا المال الذي سيأتي وسيودعه ولا يبقى منه شيء.
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، فهو ذمٌّ له على محبته الشديدة للمال، لأن المطلوب في المال هو أن تجمعه من حله وتنفقه في محله، أما أن تضع قلبك فيه فهذا مذموم ولا يليق بك، والمحبة المعقولة التي تدعو الإنسان إلى كسبه وإلى طلبه لا يُلام الإنسان عليها لأنها فطرة، لكن إذا اشتدَّ ذلك حتى طغى على الإنسان وأصبح هو المحرم وهو الذي يقع الإنسان في البلايا.
وقال بعض العلماء: إن الآية تذم الإنسان على البخل، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، يمسكه فيبخل به فلا يضعه مواضعه التي أمر الله -سبحانه وتعالى- أن
توضع فيه، لا في نفقة واجبة، ولا فيما أمر الله -عز وجل- من زكاة ونحوها، ولا في صدقة وإحسان وإكرام وغير ذلك من أنواع الإكرام التي يؤمر بها الإنسان.
قال: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}، يعني هذا الإنسان ألا يعلم عندما تبعثر القبور وذلك إذا أثيرت هذه القبور وأخرج مَن فيها كما في سورة الزلزلة قبل قليل، قال: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}. هنا: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} عندما يُبعثر ما في القبور لن تجد معك في ذلك الوقت شيئًا من هذا المال الذي أحببته وأفنيت عمرك فيه، ولن يكون معك إلا عملك الصالح وشكرك لربك وما قدمته من بذل وتضحية وإنفاق في سبيل الله -عز وجل.
قال: { وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} أخرج ما في الصدور.
نلاحظ أنه ذكر الحب وذكر الكنود : وهما شيئان قلبيَّان الجحود شيء قلبي.. وحب الخير لشديد، قال هنا: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}، أخرج ما في الصدور وبُيِّن وأُظهِر لك وجُوزيتَ عليه، هناك ستندم أشد الندامة.
قال الله -عز وجل: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} أي إن الله -سبحانه وتعالى- بهم في ذلك اليوم لخبير، وهو -سبحانه وتعالى- الخبير بعباده في كل حال، لكن خبرته في ذلك اليوم تظهر عيانًا لنا والخبرة أدق من وصف العلم.

لأنها العلم بدقائق الأمور، ولذلك يُقال: فلان خبير بالشيء هذا أدق من وصف: عالم به.
فالعالم هو الذي يعلم الشيء، الخبير هو الذي يعلم دقائق هذا الشيء، ولذلك تأتي كلمة "خبير" في المواطن الدقيقة، مثلُا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ} [النور: 30]. لماذا "خبير" لأن "يغضوا من أبصارهم" شيء دقيق، مَن الذي يعلم ذلك؟ الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.لذلك قال: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}.
سورة القارعة.
سورة القارعة قريبة من السورتين الماضيتين تتحدث عن القيامة وعن أهوالها، وتبيِّن مآل الناس وموازينهم، منهم مَن تثقل موازينه، ومنهم مَن تخف موازينه.
اسمها سورة القارعة، وقد جاء على منوالها عدد من السور، القارعة، والحاقة، والغاشية، ووصف يوم القيامة بهذه الأوصاف في القرآن، وبمثل: القيامة، والصاخة، والطامة، والواقعة، فهذه كلها جيء بها أوصاف ليوم القيامة كل وصف أو كل اسم يدل على موقف، ليس هناك اسم علم يدل على يوم القيامة ليس تحته معنى.
سميت القارعة : لأنها تقرع القلوب بهولها، يوم شديد لا يبقى قلب مهما كان إلا فزع من شدة الهول الذي يحصل في ذلك اليوم، فهي قارعة.
هذه السورة مكيَّة.
وعدد آياتها اختلف فيها:
فقيل: ثمان آيات.
وقيل: عشر آيات.
وقيل: إحدى عشرة آية.
{الْقَارِعَةُ} التي تقرع القلوب بأهوالها، لأنها مهولة كما وصفها الله -سبحانه وتعالى- في سورة الحج، قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ
حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج 1، 2].
قال: {مَا الْقَارِعَةُ}أي شيء هذه القارعة؟ إنها شيء مهول وعظيم، وهذا الأسلوب عند العرب معروف يُراد به التهويل، والتوكيد، والعظيم، والتفخيم.
ويقولون: إن إعادة الخبر بنفس ألفاظ المبتدأ تدل على التهويل أو على التعظيم أو على التأكيد، مثل ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله يعني ما في شيء أكثر من هذا. لكن قال في الثانية: «مَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»، ما قال: "فهجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها" لأنها شيء محتقر.
قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} هذا أيضًا أسلوب في تهويل ذلك اليوم وتفخيمه وتعظيمه.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}، وقد مرَّ بنا هذا الأسلوب كثيرًا، {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} [البلد 11، 12]، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الإنفطار 17، 18]، ونحوه في قول الله -عز وجل: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} [المطففين 7، 8]، ونحوها. هذا يُراد به التفخيم والتهويل.


ثم بيَّن ما هو ذلك اليوم فقال: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ لماذا يكون الناس كالفراش المبثوث؟
من هول ذلك اليوم، فيه ناس تطلع، وفيه ناس تدخل، وفيه ناس تذهب بعيد، وقريبًا، كل فيه ربكة واضطراب ظاهر جدًا.
قال: {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7]، فكلهم يمشي لكن من ذا الذي يهتدي من شدة ماهم فيه من الويل -نسأل الله العافية والسلامة.
ولذلك يبشر الله المؤمنين دائمًا {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: 89]، كما أنهم في الدنيا كانوا مترقبين خائفين يُؤمِّنهم الله -عز وجل- في ذلك اليوم، نسأل الله أن نكون من أهل الأمن التام، {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].
{كَالْفَرَاشِ} هو هذه الحشرة التي تقترب أو تأتي عند النار.
{الْمَبْثُوثِ} المتفرق المنشر.
قال: {وَتَكُونُ} أي في ذلك اليوم.
{الْجِبَالُ} الراسية الضخمة الهولة التي لا يكاد أحد يستطيع أن يهدَّ منها شيئًا من قوتها وصلابتها تكون كالعهن.
العهن هو الصوف الذي يؤخذ من جلود البهائم هذا إذا نُفِش صار خفيفًا ويقبل أن يتطاير إذا نفش ونُدِف وضُرِب بالعصا أو الآلة المحددة التي تنفشه وتفرزه.
قال: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} الآية تشير إلى الجبال الراسية تكون في ذلك اليوم مثل الصوف المندوف.
يبيِّن الله لنا ذلك لشدة الهول هذه الجبال تتغير حالتها وتنقلب عما هي عليه فبدل ما كانت صلبة يحصل لها هذا الحال المذكور في الآية.
قال تعالى {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحاقة: 14]
وفي الآية: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: 5].
وفي قوله: {فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه: 105]}.
ثم يأتي من بعدها أن تكون هكذا كالعهن المنفوش، ثم يأتي من بعدها أن تراها كأنها تسير، قال: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ

الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] ثم يأتي من بعدذلك حال تصبح قاعًا صفصفًا، لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا، فكل موطن يُذكر فيه حال من أحوال الجبال يُناسب لك الآيات أو تلك السورة، أو الموطن الذي ذكرت فيه.
ثم بيَّن بعد هذا وهذا من أهوال تلك القارعة، قال: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} كلمة {ثَقُلَتْ} مناسبة لقوله {كَالْفَرَاشِ} لأن الناس في ذلك اليوم من شدة الهول تجدهم قد خفَّت عقولهم، وأصبحوا طائشين مثل الفراشة التي تدور وتكاد تقترب من النار التي تهلكها وتحرقها، لكن أصحاب الموازين الثقيلة يصبحون في ذلك اليوم ثقالًا متَّزنين، فيهم حكمة وفيهم وقار.
قال: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} هذه الموازين اختلف فيها هل هي متعددة أو واحدة؟ وظاهر القرآن يدل على أنها متعددة، قال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]، فهناك موازين للناس، وهناك موازين للأعمال، وهناك موازين للصحف، فالصحيفة توزن كما في حديث البطاقة، قال: «فجيء ببطاقة فيها "لا إله إلا الله" فوضعت فطاشت بتلك السجلات».
ويؤتى بالشخص نفسه ويوزن، ويؤتى بالعمل أيضًا ويوزن، الصلاة توزن، الصوم يوزن، الحج يوزن، الزكاة توزن، البر يوزن، الذكر يوزن، كل شيء له ميزان، ولذلك قال هنا: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ}، فظاهر القرآن يدل على أن الإنسان له موازين وليس ميزانًا واحدًا، وهذه المسألة مما ذكر العلماء فيه الخلاف، قال: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ}، ثقلت بأي شيء؟ بأعمال صالحة، بأعمال طيبة يرتفع بها الميزان ويثقل حتى ينجو الإنسان من عذاب الرحمن.
قال: {فَهُوَ} أي الذي ثقلت موازينه.
{فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي سيكون في عيش هنيء.
{رَاضِيَةٍ} هذه العيشة نفسها راضية من شدة ما يكسب الإنسان من الرضى تكون نفس العيشة راضية.
و{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} جاء إلى يوم القيامة لكن ليس معه شيء يثقل الميزان،كل الأعمال التي كان يعملها من أجل بطنه من أجل فرجه، من أجل لذة النظر، لذة الاستماع، ولكنه لم يُقدم على الله -عز وجل- بشيء من عمله الصالح، كانت بأيديه أموال، وكان عنده خيرات ولكنه كان يستعملها في الباطل، كان يستعلها في المباحات، ولم يستعملها ليثقل بها موازينه، فلنتقِ الله ولنثقل موازيننا.
امرأة كانت تكفل الأيتام فكأنها تباطأت مرة من المرات وشعرت أنه ليس له داعٍ أتابع وأكافح في هذا الميدان، وأرادت أن تنقطع، فرأت في المنام رؤيا عجيبة
رأت كأنها في عرصات القيامة والخلق شاهدون وهم يعرضون على ميزان يقفون عليه، قالت: فوقفت على الميزان فلم يتحرك الميزان، فعلمت أني هالكة.
قالت: فالتفت فرأيت صبية صغارًا قد جاؤوا على طرف الميزان فتعلقوا به، فارتفع الميزان حتى بلغ الدرجة العالية، فأنقذني الله بهم، فاستيقظت من منامي وأنا أعلم أن هؤلاء الأطفال الصغار هم الأيتام الذين كنت أسعى من أجل إعالتهم.
قال {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}، أي يهوي على أم رأسه.
وقيل: فأمه التي تضمه وتؤويه إليها هي الهاوية وهي النار .
العادة أن الإنسان يأوي في حال الشدة إلى أمه، هذا الذي خفَّت موازينه سيأوي إلى أمه هذه الأم إنها النار تضمه وتحضنه وتستقبله بحرارتها وعذابه وهلالكها الشديد.
قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} أي هذه الأم.
{نَارٌ حَامِيَةٌ} نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكفينا شرها.
وصلى الله سلم وبارك على نبينا محمد .


يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

ام عبد المولى

مراقب عام
إنضم
26 سبتمبر 2012
المشاركات
2,741
النقاط
38
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
الجزء الخامس
احب القراءة برواية
ورش
القارئ المفضل
الشيخ الحصري
الجنس
اخت
اللهم زادك علما ونفعا يارب
وجازكي الفردوس الاعلى عل كل جهودك يارب
وصدقة جارية لك يارب
 
أعلى