تابع باب الجنابة

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- (وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: (يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد)
وعن أم سلمة زوج النبي-صلى الله عليه وسلم- قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق, هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم– نعم إذا رأت الماء))
الحديثان كلاهما رواه البخاري ومسلم فهما متفق عليهما, وكلاهما في باب الغسل .
: الحديث الأول:
حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر -رضي الله عنه- قال: (يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟)
أيرقد : أي ينام
وهو جنب: على جنابةوالجنابة في الأصل هي البعد .
و في الاصطلاح : ما تلبس به المرء من الجماع أو الإنزال وسواء كان الإنزال باحتلام أو بجماع أو بأي سبب آخر.
(قال: نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد)
الحديث فيه المسألة المهمة في الغسل : وهي جواز النوم قبل الغسل .
والمقصود بالنوم هنا نوم الجنب, جواز نوم الجنب قبل الغسل, ولكن النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا توضأ) وهذا الحديث الذي يشعر به سؤال عمر, المفهوم لدى الصحابة -رضوان الله عليهم- أن الأصل أن الجنب أن يغتسل قبل أن ينام؛ لذلك سأل عمر -رضي الله عنه- (أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال النبي-صلى الله عليه وسلم- نعم إذا توضأ) أي يجوز -نوم الجنب- قبل أن يغتسل لكن النبي-صلى الله عليه وسلم- وجه إلى أن يتوضأ .
لذلك اختلف أهل العلم: نوم الجنب هل يجوز ولو لم يتوضأ أو أن يتوضأ وجوباً: جمهور أهل العلم على أن الأدب أن يتوضأ قبل أن ينام, لكن هل أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا توضأ) هل هو على الوجوب, أو يجوز له أن ينام أيضا ولو لم يتوضأ؟ -جمهور أهل العلم- على أنه يجوز أن ينام ولو لم يتوضأ, فحملوا الأمر على الاستحباب وإن كان بعض أهل العلم قال يجب أن يتوضأ؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- أرشد هنا إلى الوضوء -وضوء الجنب- لكن الجمهور قالوا: الوضوء هنا للاستحباب وليس للوجوب.
يرد المسألة الأخرى هنا: ما علة الحكم لماذا يتوضأ قبل أن ينام الجنب مع أن الوضوء لا يرفع الحدث الأكبر وإنما يرفع الحدث الأصغر؟
- من أهل العلم من قال إنه أنشط له فإذا توضأ نشط وإذا نشط دعاه هذا للغسل فيكون وسيلة للغسل .
- ومنهم من قال إن العلة هنا أنه خشية أن يموت وهو على جنابة كاملة فإذا توضأ اتبع حينئذ توجيه النبي-صلى الله عليه وسلم-
في الحديث الآخر (أنك إذا أخذت موضعك فتوضأ وضوءك للصلاة فإنك إذا مت مت على الفطرة)
ذكر بعض أهل العلم أن العلة هنا وهي أنه خشية أن يموت وهو على جنابة ولم يتوضأ فيكون مخالفا للحديث الآخر (أنه إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة....) إلى أن قال (.. فإن مت من ليلتك مت على الفطرة وإذا أصبحت, أصبحت وقد أصبت خير)
- ومن أهل العلم من قال: لا.. إن العلة تعبدية هنا الله أعلم, إن العلة تعبدية وليست لسبب أو آخر مما ذكر سواء كان الموت على الفطرة, ومن المعلوم أنه حتى لو مات وهو على جنابة وهذه جنابة مسببها شرعي كجماع ونحوه فهو أيضا على خير وعلى الفطرة.
لاشك أن الأكمل أنه يغتسل قبل أن ينام, فإن لم يغتسل يتوضأ قبل أن ينام وهذا درجة ثانية, الدرجة الثالثة أن ينام وهو على جنب وهو على هذا جائز, لكن ينبغي على المسلم أن يدرب نفسه على الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه من مواضع الاقتداء فما تأتي أوامر النبي-صلى الله عليه وسلم- وتوجيهاته عبثاً, وإنما لو لم يكن فيها إلا محاولة نشدان الكمال في سلوك الإنسان في تصرفاته, ولا شك أن النوم جنب يبقى الإنسان على غير طهارة وحدث أكبر, وكونه ينام ساعات وهو على غير طهارة يكون معرضا للشياطين, لكن إذا تطهر على طهارة كاملة كان أنشط له أن يقوم من الليل -إذا كان نوم الليل لصلاة الفجر أو قبلها- وأن يصلي ما شاء الله -سبحانه وتعالى- من الركعات فيكون هذا عامل نشاط له.

قال المؤلف-رحمه الله- (وعن أم سلمة زوج النبي-صلى الله عليه وسلم- قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نعم إذا رأت الماء))
-حديث أم سلمة- حديث عظيم ويعطينا عدة مسائل وقواعد نقف معها:
المسألة الأولى: مسألة السؤال عن الدين: أن أم سليم جاءت إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- تسأله عن أمر يهم دينها (هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟) فإذن ينبغي بل يجب على المسلم إذا جهل أمراً أن يسئل عنه, وهذا مصداقه قول الله سبحانه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7] وأهل الذكر بمعنى أهل الاختصاص -أهل العلم- الذين يعلمون هذا الأمر.
وبناء على هذا نخرج بمسألتين:
المسألة الأولى: وهي ضرورة السؤال: ألا يبني الإنسان عبادته في هذه الحياة ولا تعامله مع الله -سبحانه وتعالى- ولا تعامله مع الخلق إلا بعلم وبسؤال إذا جهل هذا الباب من العلم, سواء كان في العبادات؛ في الطهارة في الصلاة في الزكاة في الحج, في المعاملات المالية, في معاملات الأسرة؛ النكاح الطلاق الخلع, في المعاملات الجنائية, في الأوقاف الوصايا, كل هذه التعاملات في سلوك الإنسان إذا جهل شيئا عليه أن يسأل. .
المسألة الثانية: أن العبادة على جهل ضلال .
في الحديث أم سليم تقول: (يا رسول الله: إن الله لا يستحيي من الحق) في قولها إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ الحياء خلق, وهذا الخلق يكون في النفس, يبعث هذا الخلق على اجتناب العمل القبيح, هذا الخلق –الحياء- حالة في القلب -كما قال أهل العلم تبعث على اجتناب القبيح وفعل الحسن. ا
الأصل في الحياء المدح، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كما قالت عنه عائشة -رضي الله عنها- وغيرها: (أشد حياء من العذراء في خدرها) والعذراء: البنت التي لم تتزوج, (في خدرها) في سترها, في بيتها, فالنبي -صلى الله عليه وسلم- موصوف بالحياء وهو -عليه الصلاة والسلام- أشد حياء من العذراء في خدرها, والحياء شعبة من شعب الإيمان- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (والحياء من الإيمان) وهذه الصفة خير للإنسان كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الحياء خير كله) وسواء كان هذا الحياء للرجل أو للمرأة, ولكنه في حق المرأة أشد؛ لأنها أمرت بالستر والعفاف والبعد عن مواطن الشبه والأصل –فيها- قرارها في بيتها وعدم خروجها إلا لحاجة فالحياء بالنسبة للمرأة أشد, لذلك خفف عنها بعض التكاليف الشرعية لما ينبغي أن تتصف به من الحياء ..
الحياء نوعان :
حياء ممدوح يؤجر عليه الإنسان : لأنه يمنع من أكل الحرام, و يمنع من التقصير في حق الله سبحانه وتعالى, حياء يمنع من التلفظ بالالفاظ القبيحة, حياء يمنع بالتصرف بالتصرفات المشينة, فإذن هذا الحياء خير كله في الدنيا في سلوك الإنسان فيما يتصف به, لا يخرج كلمة نابية ولا يتصرف تصرف سيء .
الحياء المذموم: هو أن يستولي علينا الحياء فنتقاصر بأن نقصر في حق الله -سبحانه وتعالى- حياء يمنعني من السؤال عن العلم, وهذا الذي قصدته أم سليم: (إن الله لا يستحيي من الحق, هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟) الإمام مجاهد بن جبر من التابعين -رحمه الله- قال: «لا ينال العلم مستح ولا مستكبر» لأن الذي يستحي ما يسأل ... يفوته مسائل كثيرة جداً, كذلك المستكبر الذي يرى أنه فوق الناس ويرى: أنا أسأل.. أنا.. أنا فاهم أنا أسأل من !! فهذا أيضا يفوته شيء كثير من العلم؛ لأنه حينئذ لم يسأل ففاته أمور كثيرة وجهل أموراً كثيرة. الحياء الذي يجعل صاحبه يجامل في ارتكاب منكر أو يجامل في عدم إنكار المنكر أو أمر بالمعروف,
الحياء الذي يمنع من التقدم في العلم, من التقدم في الدين ؛ ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- على شدة حياءه لا يمنعه -عليه الصلاة والسلام- من قول كلمة الحق للناس بل كان يظهر الغضب -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث الثلاثة: الذين قال أحدهم إني أصوم ولا أفطر والثاني يقول أصلي ولا أنام والثالث يقول لا أتزوج النساء تعبد لله -عز وجل- قام مغضباً وقال (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا أما إني لأتقاكم لله وأخشاكم له) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمنعه الحياء حينئذ من البيان, البيان يجب بالأسلوب المناسب..
قالت أم سيلم: (إن الله لا يستحيي من الحق) قالت ذلك؛ لأن الذي ستسأل عنه هي مما يستحى من ذكره, امرأة تأتي لرجل وتقول: أنا أحتلم, هذا مما يستحى من ذكره, ولكن المسألة مسألة دين, فقالت: (إن الله لا يستحيي من الحق) النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرها على هذا وأجاب على سؤالها -عليه الصلاة والسلام- ورضي عنها, وإن كان مما يُستحى من ذكره فالحياء لم يمنع هنا من السؤال ولم يمنع أيضا من الإجابة.
مسألة في الحياء: أنها قالت: (إن الله لا يستحيي من الحق) الله -سبحانه وتعالى- يتصف بصفة الحياء، فنثبت هذه الصفة لله -سبحانه وتعالى- كما يليق بجلاله وعظمته, لا نكيف, نثبتها بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل, ولا تعطيل للمعنى أيضا فمعنى الحياء معلوم، فنثبتها كما أثبتها النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا ولم يعترض عليها -عليه الصلاة والسلام- ونثبتها بما يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى.
فيجب على المسلم أن يتخلق بهذه الخلق العظيم.
مسألة: وهي (هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- نعم إذا رأت الماء) إذن من موجبات الغسل الاحتلام؛ والاحتلام بأن ترى المرأة أو يرى الرجل أنه يجامع امرأة أو هي ترى أنها يجامعها رجل هذا هو الاحتلام, إذا صاحب هذا الاحتلام إنزال للماء فيجب الغسل، أما إذا لم يصاحبه إنزال -احتلام مجرد عن الإنزال- فهذا لا يجب الغسل .. أما في الجماع فسواء أنزل أو لم يُنزل يجب الغسل .

يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى