تابع باب الخلاء والاستطابة

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
قال المصنف رحمنا الله وإياه: (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي معي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء) والعنزة: الحربة الصغيرة, والإداوة: إناء صغير من جلد)
وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء))

لازلنا مع آداب الخلاء والاستنجاء فذكر المصنف هنا حديثين:
الحديث الأول: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي معي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء)
والحديث الآخر: حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء )
هذا الحديثان كلاهما صحيح وكلاهما رواه البخاري ومسلم ورواه غيرهما من أصحاب السنن والإمام أحمد ونحوه.
قال في الحديث: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء)
قال: (فأحمل أنا وغلام نحوي) أنس بن مالك -رضي الله عنه- كان غلاماً يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صغير لم يتجاوز العاشرة من عمره, الغلام في اللغة: هو الصغير قيل إلى حد سبع سنوات, وقيل إلى أن ينبت؛ إلى أن تنبت لحيته فيسمى غلاماً, ويطلق على الكبير مجازاً يعني أن نقول هذا غلام, ويأتي أيضاً كما يأتي في بعض اللهجات الدارجة لأي شخص: يا رجل, أياً كان, فالغلام أحياناً يطلق على الكبير مجازاً, لكن الأصل في اللغة أنه الصغير إلى حد سبع سنوات وقيل تسع سنوات وقيل عشر سنوات وقيل إلى الالتحاء .
قال: (نحوي) يعني في السن أو العمل نحوي في السن متقاربين في السن أو متقاربين في العمل التي هي خدمة النبي -صلى الله عليه وسلم.
قال: (أحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء) الإداوة الإناء الصغير من الجلد الذي يوضع فيه ماء (وعنزة) العنزة العصا الطويلة, العادة أن تكون مدببة كالرمح لكنها أقل من الرمح؛ الرمح يكون طويل هذه العصا تكون أقل طولاً.
العنزة في ذلك الوقت كان عندهم عرف أن الإنسان يحمل معه عنزة لأنه كثيراً ما يكون في الخلاء يتوكأ عليها أحياناً, أحياناً يقتل بها الدواب, أحياناً يقتل بها الدواب, أحياناً يطرد بها هوام, أحيانا يعلق عليها شيء يريده أن يستتر به كما في البول أو الغائط.
قال: (إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء) الاستنجاء مر معنا مأخوذ من نجوت الشجرة أي قطعتها والمراد هنا قطع الأذى الحاصل من الدبر أو من البول. (فيستنجي النبي -صلى الله عليه وسلم- بالماء) الاستنجاء يكون بالماء والاستجمار يكون بالأحجار ونحوها .
في الحديث الآخر قال: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمنه وهو يبول ) يعني أثناء البول
(ولا يتمسح من الخلاء بيمينه) أي لا يسمح الدبر بيمينه بعد قضاء الحاجة (ولا يتنفس في الإناء) يعني أثناء الأكل والشرب .
هذان الحديثان فيهما وجوب إزالة الخارج من السبيلين :
الفقهاء -رحمهم الله- دائما يعبرون: الخارج من السبيلين؛ وهما سبيل البول وسبيل الغائط, وهذا التعبير من أدق التعبيرات؛ لأنه لو قال: إزالة البول أو قطع أثر البول أو قطع أثر الغائط لكان هناك أشياء تخرج ليس البول وليس الغائط, فلما قال: يخرج من السبيلين وهما سبيلا الخروج المعتادة قطع أي شيء؛ يعني لو خرج دم مثلاً يجب تنظيفه, لو خرج مثلاً قيح سواء من القبل أو من الدبر؛ لذلك يعبر الفقهاء هذا التعبير الدقيق: الخارج من السبيلين, لكن الغالب الخارج من السبيلين هو البول أو الغائط, فيجب إزالة هذا الخارج وتنظيف المحل, هنا النبي -صلى الله عليه وسلم- نظفه بالماء, والتنظيف يكون: إما بالماء وهو أكمل لأن الماء يقطع الأثر تماماً, ويجوز إزالته بالتراب أو الحصى ونحوه
هل يكفي أحدهما عن الآخر؟ على رأي جمهور أهل العلم نعم يكفي أحدهما عن الآخرو الأفضل الماء بلا شك؛ لأنه أكثر إنقاء وهو الأصل في التطهير والطهارة, لكن الجواز -من حيث هو- يجوز الحجارة أو نحوها .
كذلك مما يفهم من الحديث أن المسلم إذا أراد قضاء الحاجة سواء في دورة المياه أو الخلاء في الصحراء يستعد بما يطهر, يعني مثل هنا قال: (أحمل أنا وغلام نحوي معي إداوة من ماء) فهذا الماء للتطهير فلذلك يستعد الإنسان أثناء قضاء الحاجة للتطهير.
الحديث الثاني نهى عن جملة أمور:
الأمر الأول: لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول؛ لأن المعتاد أن مسك الذكر يكون أدعى للإنقاء, فحينئذ يخرج كامل ما في المثانة من البول, فإذا مسكه قطع الأثر بسرعة, فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ينبه إلى أنه لا يكون هذا المسك باليمين,لأن اليمين مكرمة وتكون للأشياء المستحسنة, وهذا مر معنا في حديث عائشة -رضي الله عنها- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله) وهذا من ضمن الطهور.
الأمر الثاني: ولا يتمسح من الخلاء بيمينه لكي يطهر المحل فلا يكون أيضاً باليمين؛ لأن اليمين للأشياء التكريمية, فكذلك هنا التطهير -تطهير المحل- يكون بالشمال ولا يكون باليمين كما أن مسك الذكر أثناء البول يكون بالشمال.
قال: (ولا يتنفس في الإناء) لا يتنفس في الإناء أثناء الشرب أو أثناء الأكل لأن النفس هو مردود ما في الجوف وهذا المردود إذا رجع للإناء بهذه الصورة يكون أثَّر على ما في هذا الإناء, فإذا شربه شخص آخر بعده أو شرب في هذا الإناء, فإذا كان في هذا مرض أو كان فيه رائحة أو نحو ذلك انتقلت إلى هذا الإنسان.
فمن الأدب الكامل ألا يتنفس في الإناء ولذلك ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا شرب شرب ثلاثاً؛ يعني يأخذ الإناء فيشرب المرة الأولى ويتنفس خارج الإناء, ثم الثانية ثم يتنفس خارج الإناء, ثم الثالثة .
فهذا فيه عدة فوائد:
- الفائدة المهمة التي عندنا أنه لا يتنفس في الإناء.
- من الفوائد أن الماء يأخذ مكانه في الجسم فيستفيد منه الجسم أما إذا شربه دفعة واحدة فكأنه نزل بقوة على هذه المعدة فما يستفيد الجسم من الماء.
مما يتعلق بالنفس أيضاً: النفخ, أحياناً يكون حاراً فينفخ فيه, هذا نفس الشيء مثل النَفَس, كذلك بدل أن يكون بالفم يكون بالأنف فنفس القضية أيضاً سواء كان حاراً أو بارداً أو يزيل شيء معين في الماء أو نحو ذلك فلا ينبغي وهذا من الأدب.
ذكر بعض أهل العلم أن هذه الأوامر: لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء, أن الأمر للوجوب على ظاهره, لكن جمهور أهل العلم على أنه للاستحباب إلا في قضية التنفس إذا قصد الضرر, لكن الأوامر الباقية للاستحباب وقالوا هذه توجيهات أدبية لا يترتب عليها شيء, فقالوا: إن فعْلها مكروه ولا ينبغي وهذا النهي الذي نهاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ينبغي أن يتمثله المسلمون.
الصغير ينبغي أن يخدم الكبير؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا يخدمه أنس والغلام الذي معه ولم ينهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فينبغي أو من الأدب أن الصغير أياً كان ينبغي أن يخدم الكبير فيما يرى أنه يقوم بخدمته به.
ديننا دين النظافة وهذا الحرص الدقيق على مستوى هذه النظافة العالية من نظافة الجسم؛ لئلا يؤثرهذا البول أو الغائط على البدن وأن تبقى رائحته ويجمع الأمراض ويحوي الجراثيم هذا الأدب النبوي من أكثر من ألف وأربعمائة سنة,

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير, أما أحدهما فكان لا يستتر من البول, وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة, فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين, فغرز في كل قبر وحداة, فقالوا: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبس)
الحديث رواه البخاري -رحمه الله- في صحيحه ورواه غيره هذا الحديث حديث عظيم, فيه مسائل عظيمة، النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يروي الصحابي الجليل ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال (مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- دائماً مع أصحابه
النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتماعي يذهب ويأتي ويزور ويدخل ويخرج مع أصحابه, مرة من المرات مروا على قبرين وقال: (إنهما ليعذبان ) وهذا أمر غيبي والمسائل الغيبية تؤخذ بالوحي, والوحي إما القرآن وإما السنة النبوية؛ يعني ما يحكيه النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأمور الغيبية إما يروي عن القرآن وهذا لا إشكال فيه, وإما ما يذكره هو, وهو أمر غيبي -عليه الصلاة والسلام- يبقى هو المصدق, فعذاب القبر هنا قال: إنهما ليعذبان في قبورهما, فهو أمر غيبي, قال: ( وما يعذبان في كبير) وجاء في رواية زيادة: (بلى إنه لكبير) يعني قال: وما يعذبان في كبير, فكأنكم تنتظرون ما هو الجواب, فقال: (بلى إنه لكبير) بلى: يعني إنه لكبير, وقيل المعنى الآخر: وما يعذبان في كبير فيما يظن الناس أنه كبير, لكنه كبير عند الله -سبحانه وتعالى.
قال: (أما أحدهما فكان لا يستتر من البول) قيل فيها معنيان:
المعنى الأول: لا يستتر أي يراه الناس، فلا يتحفظ أن يراه الناس فتنكشف عورته فلا يبالي.
المعنى الآخر: وهو الأقرب كما جاء في بعض الروايات أنه: (لا يستبرئ من البول) يعني لا يتنظف من بوله, فكثير من الناس بحكمة الله -سبحانه وتعالى- أحياناً البول لا ينقطع دفعة واحدة وإنما ينتظر قليلاً فتخرج نقط, مثل هذا يعني قبل أن يتكامل البول يقوم فلا يستبرئ, أو لا ينظفه النظافة الكاملة المطلوبة بحيث أنه ينقي أو يتأكد من إنقاء هذه النظافة؛ يعني لا ينقطع الأثر.
قال: (وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) النميمة: هي نقل الكلام من شخص إلى آخر أو من مجموعة إلى أخرى أو من مجتمع إلى مجتمع فنقل من جانبين على سبيل الإفساد بينهما, هذه هي النميمة .
قال: (فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين) الجريدة وهي قطعة النخل
فأخذها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه الجريدة: (رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة, قالوا: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ فقال: لعله يُخفِّف عنهما -أو يخفَّف عنهما- ما لم ييبس) يعني تخفيف مؤقت حتى تيبس هذه الجريدة.
هذا الحديث حديث عظيم جداً أول هذه العظمة تنبئ عن إثبات عذاب القبر, ولا شك أن الإنسان في قبره إما أنه ينعم أو يعذب, والمعذب هنا: إما لكفره -لأنه كفر بالله سبحانه وتعالى- أو لنفاقه أو لفسقه, فالكافر والمنافق يعذب أبداً, والفاسق يعذب بقدر فسقه إلا أن يكون قد عفا الله -سبحانه وتعالى- عنه بعفوه ومنته ورحمته, فالشاهد هنا إثبات هذا العذاب, وقال الله -سبحانه وتعالى- عن آل فرعون: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ﴾[غافر: 46]، في الصباح وفي المساء, قال المفسرون أن هذا العذاب هو عذاب القبر, في كل يوم يعذبون, فالنار يعرضون غدواً وعشياً فهو عذاب القبر, ذكرت عائشة -رضي الله عنها- فيما رواه البخاري ومسلم ( أن يهودية جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت عذاب القبر, فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر) تعني النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت عائشة -رضي الله عنها: (سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عذاب القبر, فقال: نعم عذاب القبر حق، قالت: فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك صلى صلاة إلا وتعوذ من عذاب القبر)
ولذلك شرع لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل صلاة في التشهد الأخير بعد الصلاة والسلام عليه أن نتعوذ بالله من عذاب النار ومن عذاب القبر, فعذاب القبر حق ومأساة عظيمة لمن وقع عليه. طبعاً هذا الحديث حديث صحيح رواه البخاري ومسلم.
كذلك الأحاديث المتواترة التي رُويت في عذاب القبر –بمختلف الألفاظ- أن الإنسان إذا وضع في قبره أتاه ملكان فيسألانه الأسئلة الثلاثة المعروفة: من ربك؟ ما دينك؟ من هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فإن كان مؤمنا حقاً؛ قال: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد, ثم يفتح له منزله من النار فيقال هذا منزلك من النار فأبدلك الله به منزلاً من الجنة فيفسح له في قبره مد البصر, وأما الآخر الكافر والمنافق فيسأل هذه الأسئلة فيقول: ها ها لا أدري, سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت, فيعلجم على لسانه ولو كان أكثر الناس ثقافة وعلماً ومعرفة في الدنيا أو وجاهة ما دام كافراً بالله تعالى, جاء في بعض الروايات أنه يضرب بمطرقة من حديد يسمعها كل شيء من حوله إلا الثقلين الإنس والجن, ولو سمع الثقلان لصعقوا من هذه الصيحة أو من هذه الصرخة, هذه كلها تدل على عذاب القبر.
هذين الشخصين عملا بعض المعاصي, لم ينبئ النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنهما كفار, وإلا ما قال أما أحدهما فيمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من البول, وإنما في الظاهر -والله أعلم- أنهما كانا مسلمين ولكن استحقا هذا العذاب بهذه المعصية, أو أنهما كفار وهذا لم يتبين لنا لكن استحقا مزيداً من العذاب بسبب هذين الذنبين, والله أعلم بحالهما.
من الفوائد: أن عدم إزالة النجاسة -سواء من البول أو من الغائط- سبب لعذاب القبر, لأن هذه النجاسات تؤذي الإنسان ولا تقبل معها الأعمال الصالحة إلا بإزالة هذه النجاسات؛ ولذلك هذا الدين دين الطهر, دين النظافة, ينبغي للمسلم بل يجب عليه أن يتطهر من هذه النجاسات ومنها هذا الأمرالذي يجب على المسلم أن يتأكد من نظافة المحل -نظافة محل البول ومحل الغائط- لا شك أنه بالماء أكمل فإن لم يجد الماء فبالاستجمار.
من الفوائد: أن النميمة كبيرة كبائر الذنوب والنميمة -كما عرفنا- نقل كلام الآخر لغيره على سبيل الإفساد بينهما. يفسد بين الزوج وزوجته, يفسد بين الأب وابنه, يفسد بين الأخ وأخيه, يفسد بين الصديق وصديقه, يفسد بين القبلية والقبيلة, العائلتين, الجيران الأصحاب الزملاء والأصدقاء في العمل والوظيفة, المجتمعين أحياناً, القريتين وهكذا, نقل الكلام على سبيل الإفساد هذا ما يسمى بالنميمة والله -سبحانه وتعالى- جعل من أسباب العقوبة ما ذكره عن بعض الكفار أنه: ﴿هَمَّازٍ مَّشَّاءِ بِنَمِيمٍ ﴿11﴾ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿12﴾﴾[القلم: 11، 12]، فهذه سبب من أسباب العقوبة, ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا يدخل الجنة قتات) والقتات هو النمام, وفي رواية عند مسلم (لا يدخل الجنة نمام ) بالنص, وفي حديث آخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا أخبركم ما العَضْه قال هي النميمة القالة بين الناس ) وهذا كله يدل على عظم شرر هذه النميمة.
ولما تتأمل وتتفكر في هذه النميمة: أولا: هي أفسدت بين طرفين, فإن كانت بين زوجين قطعت بينهما وترتب عليه الأثر على الذرية والأولاد, ترتب عليه الأسرتين, ترتب عليه الكذب والزور والبهتان ويحمل كل واحد ما لا يحتمل, فضرَّ عدداً كبيراً, والضرر المتعدي -ولو كان قصيراً- إثمه أعظم من الضرر الخاص على الإنسان نفسه -وإن كان كبيراً-, نعم ما دام أن الضرر متعدي على الآخرين؛ لا شك أن ضرره عظيم, وإثمه عظيم يسبب عذاب القبر, وهذا بلا شك يجره -والعياذ بالله- الحسد والحقد بين الناس
يقول الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: وكل من حملت إليه نميمة وقيل له فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا فعليه بستة أمور:
الأمر الأول: ألا يصدقه؛ لأن النمام فاسق.
الأمر الثاني: أن ينهاه وينصحه ويقبح له فعله ويقول هذه نميمة هذه كذا هذه كذا.
الأمر الثالث: أن يبغضه في الله –تعالى- لأنه بغيض في هذه المسألة وإن كان مسلماً فيبغض فيه هذه الصفة.
الأمر الرابع: ألا يظن بأخيه الغائب السوء فيحمله على الظن الحسن؛ يعني لا يظن السوء وإنما يظن الحسن, يعني مثلاً زيد يقول لعمرو صالح فعل فيك وفعل, فعمرو يجب أن يظن في صالح خيراً, وأن الذي يقول زيد هو الذي صاحب الظن السيء.
الأمر الخامس: ألا تحمله هذه النميمة على التجسس والبحث هل فعلا قال في كذا أم لا ؟ ويبحث يتجسس هذا فعلا الأمر.
الأمر السادس: ألا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكي نميمته عنه, فلان حكى كذا فيصير به نماماً.
آخر الفوائد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فوضعها على القبرين هل هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- أو عام للناس من مر أو ظن أن هذا القبر يعذب يضع جريدة ؟ لا.. هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- والدليل على ذلك:
- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر بمثل هذا العمل.
- الأمر الثاني أن الصحابة الذين كانوا معه لم يفعلوه, ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
- أيضاً النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله مع غير هذين القبرين, فدل على أن هذا العمل لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى فلا يفعلها الإنسان مع من يظن أنه يعذب.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

ام عبد المولى

مراقب عام
إنضم
26 سبتمبر 2012
المشاركات
2,741
النقاط
38
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
الجزء الخامس
احب القراءة برواية
ورش
القارئ المفضل
الشيخ الحصري
الجنس
اخت
بارك الله لك في علمك شيختنا الغالية
وجعله نورا يضيئك
دنيا واخرة يارب
جزاكي الفروس الاعلى
وصدقة جارية لك يارب
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
582651.gif
 
أعلى