مصطفى داود
عضو نشيط
- إنضم
- 3 يونيو 2013
- المشاركات
- 27
- النقاط
- 1
- احفظ من كتاب الله
- اليسير
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- الجنس
- اخ
كان أبو حنيفة "رحمه الله" ذات يومٍ في درسِه في أحد المساجد بالكوفة بجنوب العراق،وأمامه المئات مِن طلابه،أتوا من كلِّ مكانٍ، وكان مِن ضِمن هؤلاء الطُّلاب
غلامٌ صغيرٌ عمره لم يتجاوزعمره الإثنتَيْ عشرةَ عامًا..
كان يأتي ويجلس ويسأل بعض الأسئلة التي تدلُّ على ذكائِه..
هذا الغلام كان اسمه أبو يُوسُف، فأُعْجَبَ به أبو حنيفة، إلا أنَّ الإمام لاحظ كثرة غياب غلامه الأثير عن الدَّرسِ، فسأله ذات يومٍ: يا بُنيَّ أنت لماذا تغيب عن الدَّرس؟،
فقال أبو يوسف: نحن قومٌ فقراءَ وأبي يُلزِمُني أنْ أذهب إلى السُّوق وأشتغل حمَّالاً
مِن أجل أنْ أُعْطِيَ أبي وأُمِّي،
فقال أبو حنيفة: يا بُنيَّ اطلب العِلم، فطَلَبُ العِلم فضيلةٌ وفريضةٌ، وسيرفَعك اللهُ بهذا العِلم.
فلمَّا انتظم الولد في الصَّفِّ جاء أبوه وضربه وأخرجه من المسجد،
فذهَبَ إليه أبو حنيفة، وقال له: لماذا لا تجعل ابنك يطلب العِلمَ؟،
قال: يا أبا حنيفة أنت رجلٌ خُبزُك مشويٌّ، ونحن قومٌ فقراءَ، ولابدَّ أنْ يشتغل ويُنفِقُ عليَّ ويُساعدُني ويُنفِقُ على إخوته الصِّغار،
فقال له أبو حنيفة: كم يكسب ولدك كلَّ يومٍ؟،
قال: يكسب درهمَيْن،
قال: دعه عندي يطلب العِلم وأنا أعطيه في كلِّ يومٍ درهمَيْن،
فوافق الأب.
هنا قال له أبو حنيفة قولةً وكأنها نبوءةٌ: اسمع، والله إني لأعلِّم ولدَكَ عِلمًا إنْ أتقنه؛ جلس على الطَّنافس في صدور المجالس عند الخُلفاء وأكل الَّلوز بالفالوذج.. والَّلوز بالفالوذج هو نوعٌ مِن الحلوى غالي الثَّمَن،
فقال الأب: هذا يأكل الَّلوز بالفالوذج؟!، أهذا يجلس عِند الخُلفاء؟!..
قال أبو حنيفة: نعم.
فصار أبو حنيفة يُعطي الغُلام كلَّ يومٍ درهمَيْن، ويُعطيها هذا لأبيه، واستمرَّ
هذا الوضع حتى كَبُرَ أبو يُوسُف وصار صاحب علمٍ يناقش فيه أبا حنيفة،
وذات يومٍ مرض التِّلميذ، فافتقده أبو حنيفة، وسأل عنه، فقالوا له هو مريضٌ،
فمضى إليه حتى دخل عليه في بيتِه فإذا هو قد اشتدَّ به المَرَض حتى أشرف على الهلاك،
فحزنَ أبو حنيفة وأخذ يقول: يا أبا يُوسُف، لقد كنت أرجوك للنَّاس مِن بعدي
، أنا كُنتُ أُخطِّطُ أنْ تُصْبِحَ أنت العالِم مِن بعدي، ولكن ها هو الموت يهجم عليك.
ثُمَّ مضى أبو حنيفة إلى درسِه وهو يدعو لأبي يُوسُف،
وشفِيَ أبو يُوسُف، فقام واغتسل ولَبِسَ أحسن ثيابِه، وأراد أنْ يخرج إلى المسجد،
فقال له بعضُ أهلِه: إلى أين؟
، قال: إلى الدَّرسِ،
قالوا له: أنت ما تحتاج أبا حنيفة ، فأنت شَيْخٌ مثله،
قال: كيف أنا شَيْخٌ؟،
قالوا: إنَّ أبا حنيفة لما جاء زائرًا لك ورآك مريضًا، خرج وهو يقول: أه يا أبا يُوسُف لقد كنت أرجوك للنَّاس مِن بعدي، فأبو حنيفة شَيْخٌ وأنت شَيْخٌ.
هنا حدَّث أبو يُوسُف نفسه وقال: أنا شَيْخ؟!!،
وعندما دخل المسجد، بدلاً مِن أنْ يذهب للحلقة التي فيها أبو حنيفة كالعادة
، ذهب لمكانٍ آخرَ في المسجد في حلقةٍ وبدأ يُحدِّثُ، واجتمع النَّاس عنده،
وأبو حنيفة جالسٌ، ووجد أنَّ المجموعة التي تجلس معه أقلُّ في العددِ من كلِّ يومٍ،
فالتفت فإذا هناك حلقةٌ جديدةٌ بشَيْخٍ جديدٍ، فقال أبو حنيفة: أنزل بالبلد شَيْخٌ؟،
قالوا: لا،
قال: عَجَبًا، ومَن هذا؟،
قالوا: هذا أبو يُوسُف،
قال: أبو يُوسُف، أشُفِيَ؟!،
قالوا: نعم،
قال: عجبًا فلماذا لم يأتِ ويحضر معنا الدَّرْس؟،
قالوا: قد حُدِّث بما قُلت،
فقال أبو حنيفة: يأبى أبو يُوسُف إلا أن نقشِّرَ له العصا حتى يتأدَّب..
فنادى أبو حنيفة واحدًا مِن الطُّلاب عنده، قال:
نعم يا شَيْخ،
قال: اذهب إلى الشَّيْخ الذي جالسٌ، وقُل له يا شَيْخ أنا عندي مسألةٌ، فسيفرح،
ويقول لك: ما مسألتُكَ؟،
فقُل له: رجلٌ دفع ثوبًا له إلى خيَّاطٍ ليقصِّرُه، ثُمَّ جاء بعد أيَّامٍ يُريد ثوبَه، فجحده الخيَّاط، وقال ما لك ثوبٌ، فذهب إلى الشُّرطة، وجاءت الشُّرطة وفتَّشَتْ الخيَّاط، حتى وَجَدَتْ الثَّوب وأعطته الرَّجُل، السُّؤال هل يستحق الخيَّاط أُجرةً على تقصيره الثَّوب أم لا يستحق، فاسأل الشَّيْخ الذي جالسٌ هناك، فإنْ قال لك يستحقُّ؛ فقُل له أخطأت، وإنْ قال لك لا يستحقُّ؛ فقُل له أخطأت..
مضى الغُلام حتى وقف بين يدَيْ أبي يُوسُف..
قال: يا شَيْخ أنا عندي مسألةٌ، فَرِحَ أبو يُوسُف، وقال: ما مسألَتُك؟،
قال: يا شيخَ هذا رجلٌ معه ثوبٌ طويلٌ، فذَهَبَ إلى خيَّاطٍ ليُقصِّرَه، دفعه إلى الخيَّاط، ثُمَّ جاء بعد أيَّامٍ ليأخذ ثوبَه، فجحده الخيَّاط، وقال ما أعطيتني ثوبًا، فذهب إلى الشُّرطة فجاءوا وفتَّشوا المحل وأخرجوا الثَّوب ودفعوه لصاحبه،
والسُّؤال: هل يستحقُّ يا فضيلة الشَّيْخ الخيَّاط أجرةً على تقصير الثَّوب أم لا يستحقُّ؟..
فقال أبو يُوسُف: نعم ما دام قد قصَّر الثَّوب فهو يستحقُّ،
قال: أخطأت..
قال: أَعِدْ المسألة،
وقال له: أيستحقَّ؟،
قال: جَحَدَ الثَّوب،
قال: نعم،
قال: ما يستحقُّ الأُجرة،
قال: أخطأتُ،
فقال أبو يُوسُف: مَن أرسلك؟
، قال: أرسلني الشَّيْخ أبو حنيفة..
هنا قام أبو يُوسُف إلى أبي حنيفة، فأقبل حتى وقف بين يدَيْ أبي حنيفة،
وقال: يا شَيْخ ما المسألة؟، فلم يلتفت له أبو حنيفة واستمرَّ في درسِه،
فقال: يا شَيْخ المسألة، فما ردَّ عليه وأكمل الدَّرس،
فجاء أبو يُوسُف وجلس بين يدي أبي حنيفة، قال: يا شَيْخ، عندي مسألةٌ، قال: أَجِبُ، فأنت شَيْخٌ،
قال:
لا والله، بل أنت الشَّيْخ وليس أنا،
قال أبو حنيفة فما مسألتُك؟،
قال: تعرفها،
فقال: مسألة الخيَّاط والرَّجُل؟،
فقال أبو حنيفة: نحن الآن نُريد أنْ نحدِّدَ هل يستحق الخيَّاط أُجرةً على تقصير الثَّوب أم لا.
قال أبو حنيفة: ننظر في مقدار تقصيره للثَّوب، فإنْ كان قد قصَّر الثَّوب على مقاسِ نفسِه؛ فلا يستحقَّ الأُجرة، لأنَّه نوى سَرِقَة الثَّوب، ثُمَّ قام بالعمل بالخياطة التَّقصير، فهو قام بالعمل مِن أجل نفسه، لا مِن أجل الرَّجل فما يستحقَّ أُجرةً،
وإنْ كان قصَّر الثَّوب على مقاس الرَّجل؛ فيستحقُّ الأجرة، لأنَّه عَمِلَ العمل مِن أجل الرَّجل، ثُمَّ بدا له أنْ يسرقَ الثَّوب..
فهمت يا أبا يُوسُف؟،
فقال أبو يُوسُف: نعم،
وجلس أبو يُوسُف عند أبو حنيفة حتى مات أبو حنيفة "رحمه الله" في العام 150 للهجرة، وكان أبو يُوسُف هو القاضي مِن بعده.
وفي يومٌ مِن الأيَّام، جلس أبو يُوسُف في مجلس أحد خلفاء بني العبَّاس، قد يكون أبو جعفر المنصور أو ابنه المهدي، وكان فيه الكثير من الحضور من علية القوم،
وفيهم من القُضاة والعُلماء، وكان قاضي القضاة في ذلك الحين، وجيئ إلى النَّاس بالطَّعام وجيئ إلى الخليفة بحلوى خاصَّةٌ، لوز بالفالوذج، فلمَّا وُضِعَ بين يدَيْه؛
قال الخليفة: أبدأوا بالشَّيْخ، وأشار إلى أبي يُوسُف باعتباره قاضي القضاة،
فجاءوا ووضعوه بين يدَيْ أبي يُوسُف. . فماذا حدث؟!..
لمَّا نظر أبو يُوسُف إلى الَّلوز بالفالوذج ضحك وضحك حتى استلقى على ظهره
مِن شدَّة الضَّحِك، فتعجَّب الخليفة من أمره، وقال له: ما الخبر يا شَيْخ؟،
قال: والله أيُّها الخليفة لم أقصد شيئًا سوى أنِّي ذكرت أبي لمَّا قال له أبو حنيفة
"رحمه الله" أنِّي أُعلِّمُ وَلَدَكَ علمًا إنْ أتقنه؛ جَلَسَ في صدور المجالس عند الخلفاء
وأكل الَّلوز بالفالوذج، وأبي يقول: أهذا يأكل الَّلوز بالفالوذج؟!، أهذا يدخل عند الخلفاء؟!، فانظر الآن كيف رفعني العِلم حتى أجلس على الطَّنافِس في صدور المجالس عند الخلفاء وأكلتُ الَّلوز بالفالوذج..!!
غلامٌ صغيرٌ عمره لم يتجاوزعمره الإثنتَيْ عشرةَ عامًا..
كان يأتي ويجلس ويسأل بعض الأسئلة التي تدلُّ على ذكائِه..
هذا الغلام كان اسمه أبو يُوسُف، فأُعْجَبَ به أبو حنيفة، إلا أنَّ الإمام لاحظ كثرة غياب غلامه الأثير عن الدَّرسِ، فسأله ذات يومٍ: يا بُنيَّ أنت لماذا تغيب عن الدَّرس؟،
فقال أبو يوسف: نحن قومٌ فقراءَ وأبي يُلزِمُني أنْ أذهب إلى السُّوق وأشتغل حمَّالاً
مِن أجل أنْ أُعْطِيَ أبي وأُمِّي،
فقال أبو حنيفة: يا بُنيَّ اطلب العِلم، فطَلَبُ العِلم فضيلةٌ وفريضةٌ، وسيرفَعك اللهُ بهذا العِلم.
فلمَّا انتظم الولد في الصَّفِّ جاء أبوه وضربه وأخرجه من المسجد،
فذهَبَ إليه أبو حنيفة، وقال له: لماذا لا تجعل ابنك يطلب العِلمَ؟،
قال: يا أبا حنيفة أنت رجلٌ خُبزُك مشويٌّ، ونحن قومٌ فقراءَ، ولابدَّ أنْ يشتغل ويُنفِقُ عليَّ ويُساعدُني ويُنفِقُ على إخوته الصِّغار،
فقال له أبو حنيفة: كم يكسب ولدك كلَّ يومٍ؟،
قال: يكسب درهمَيْن،
قال: دعه عندي يطلب العِلم وأنا أعطيه في كلِّ يومٍ درهمَيْن،
فوافق الأب.
هنا قال له أبو حنيفة قولةً وكأنها نبوءةٌ: اسمع، والله إني لأعلِّم ولدَكَ عِلمًا إنْ أتقنه؛ جلس على الطَّنافس في صدور المجالس عند الخُلفاء وأكل الَّلوز بالفالوذج.. والَّلوز بالفالوذج هو نوعٌ مِن الحلوى غالي الثَّمَن،
فقال الأب: هذا يأكل الَّلوز بالفالوذج؟!، أهذا يجلس عِند الخُلفاء؟!..
قال أبو حنيفة: نعم.
فصار أبو حنيفة يُعطي الغُلام كلَّ يومٍ درهمَيْن، ويُعطيها هذا لأبيه، واستمرَّ
هذا الوضع حتى كَبُرَ أبو يُوسُف وصار صاحب علمٍ يناقش فيه أبا حنيفة،
وذات يومٍ مرض التِّلميذ، فافتقده أبو حنيفة، وسأل عنه، فقالوا له هو مريضٌ،
فمضى إليه حتى دخل عليه في بيتِه فإذا هو قد اشتدَّ به المَرَض حتى أشرف على الهلاك،
فحزنَ أبو حنيفة وأخذ يقول: يا أبا يُوسُف، لقد كنت أرجوك للنَّاس مِن بعدي
، أنا كُنتُ أُخطِّطُ أنْ تُصْبِحَ أنت العالِم مِن بعدي، ولكن ها هو الموت يهجم عليك.
ثُمَّ مضى أبو حنيفة إلى درسِه وهو يدعو لأبي يُوسُف،
وشفِيَ أبو يُوسُف، فقام واغتسل ولَبِسَ أحسن ثيابِه، وأراد أنْ يخرج إلى المسجد،
فقال له بعضُ أهلِه: إلى أين؟
، قال: إلى الدَّرسِ،
قالوا له: أنت ما تحتاج أبا حنيفة ، فأنت شَيْخٌ مثله،
قال: كيف أنا شَيْخٌ؟،
قالوا: إنَّ أبا حنيفة لما جاء زائرًا لك ورآك مريضًا، خرج وهو يقول: أه يا أبا يُوسُف لقد كنت أرجوك للنَّاس مِن بعدي، فأبو حنيفة شَيْخٌ وأنت شَيْخٌ.
هنا حدَّث أبو يُوسُف نفسه وقال: أنا شَيْخ؟!!،
وعندما دخل المسجد، بدلاً مِن أنْ يذهب للحلقة التي فيها أبو حنيفة كالعادة
، ذهب لمكانٍ آخرَ في المسجد في حلقةٍ وبدأ يُحدِّثُ، واجتمع النَّاس عنده،
وأبو حنيفة جالسٌ، ووجد أنَّ المجموعة التي تجلس معه أقلُّ في العددِ من كلِّ يومٍ،
فالتفت فإذا هناك حلقةٌ جديدةٌ بشَيْخٍ جديدٍ، فقال أبو حنيفة: أنزل بالبلد شَيْخٌ؟،
قالوا: لا،
قال: عَجَبًا، ومَن هذا؟،
قالوا: هذا أبو يُوسُف،
قال: أبو يُوسُف، أشُفِيَ؟!،
قالوا: نعم،
قال: عجبًا فلماذا لم يأتِ ويحضر معنا الدَّرْس؟،
قالوا: قد حُدِّث بما قُلت،
فقال أبو حنيفة: يأبى أبو يُوسُف إلا أن نقشِّرَ له العصا حتى يتأدَّب..
فنادى أبو حنيفة واحدًا مِن الطُّلاب عنده، قال:
نعم يا شَيْخ،
قال: اذهب إلى الشَّيْخ الذي جالسٌ، وقُل له يا شَيْخ أنا عندي مسألةٌ، فسيفرح،
ويقول لك: ما مسألتُكَ؟،
فقُل له: رجلٌ دفع ثوبًا له إلى خيَّاطٍ ليقصِّرُه، ثُمَّ جاء بعد أيَّامٍ يُريد ثوبَه، فجحده الخيَّاط، وقال ما لك ثوبٌ، فذهب إلى الشُّرطة، وجاءت الشُّرطة وفتَّشَتْ الخيَّاط، حتى وَجَدَتْ الثَّوب وأعطته الرَّجُل، السُّؤال هل يستحق الخيَّاط أُجرةً على تقصيره الثَّوب أم لا يستحق، فاسأل الشَّيْخ الذي جالسٌ هناك، فإنْ قال لك يستحقُّ؛ فقُل له أخطأت، وإنْ قال لك لا يستحقُّ؛ فقُل له أخطأت..
مضى الغُلام حتى وقف بين يدَيْ أبي يُوسُف..
قال: يا شَيْخ أنا عندي مسألةٌ، فَرِحَ أبو يُوسُف، وقال: ما مسألَتُك؟،
قال: يا شيخَ هذا رجلٌ معه ثوبٌ طويلٌ، فذَهَبَ إلى خيَّاطٍ ليُقصِّرَه، دفعه إلى الخيَّاط، ثُمَّ جاء بعد أيَّامٍ ليأخذ ثوبَه، فجحده الخيَّاط، وقال ما أعطيتني ثوبًا، فذهب إلى الشُّرطة فجاءوا وفتَّشوا المحل وأخرجوا الثَّوب ودفعوه لصاحبه،
والسُّؤال: هل يستحقُّ يا فضيلة الشَّيْخ الخيَّاط أجرةً على تقصير الثَّوب أم لا يستحقُّ؟..
فقال أبو يُوسُف: نعم ما دام قد قصَّر الثَّوب فهو يستحقُّ،
قال: أخطأت..
قال: أَعِدْ المسألة،
وقال له: أيستحقَّ؟،
قال: جَحَدَ الثَّوب،
قال: نعم،
قال: ما يستحقُّ الأُجرة،
قال: أخطأتُ،
فقال أبو يُوسُف: مَن أرسلك؟
، قال: أرسلني الشَّيْخ أبو حنيفة..
هنا قام أبو يُوسُف إلى أبي حنيفة، فأقبل حتى وقف بين يدَيْ أبي حنيفة،
وقال: يا شَيْخ ما المسألة؟، فلم يلتفت له أبو حنيفة واستمرَّ في درسِه،
فقال: يا شَيْخ المسألة، فما ردَّ عليه وأكمل الدَّرس،
فجاء أبو يُوسُف وجلس بين يدي أبي حنيفة، قال: يا شَيْخ، عندي مسألةٌ، قال: أَجِبُ، فأنت شَيْخٌ،
قال:
لا والله، بل أنت الشَّيْخ وليس أنا،
قال أبو حنيفة فما مسألتُك؟،
قال: تعرفها،
فقال: مسألة الخيَّاط والرَّجُل؟،
فقال أبو حنيفة: نحن الآن نُريد أنْ نحدِّدَ هل يستحق الخيَّاط أُجرةً على تقصير الثَّوب أم لا.
قال أبو حنيفة: ننظر في مقدار تقصيره للثَّوب، فإنْ كان قد قصَّر الثَّوب على مقاسِ نفسِه؛ فلا يستحقَّ الأُجرة، لأنَّه نوى سَرِقَة الثَّوب، ثُمَّ قام بالعمل بالخياطة التَّقصير، فهو قام بالعمل مِن أجل نفسه، لا مِن أجل الرَّجل فما يستحقَّ أُجرةً،
وإنْ كان قصَّر الثَّوب على مقاس الرَّجل؛ فيستحقُّ الأجرة، لأنَّه عَمِلَ العمل مِن أجل الرَّجل، ثُمَّ بدا له أنْ يسرقَ الثَّوب..
فهمت يا أبا يُوسُف؟،
فقال أبو يُوسُف: نعم،
وجلس أبو يُوسُف عند أبو حنيفة حتى مات أبو حنيفة "رحمه الله" في العام 150 للهجرة، وكان أبو يُوسُف هو القاضي مِن بعده.
وفي يومٌ مِن الأيَّام، جلس أبو يُوسُف في مجلس أحد خلفاء بني العبَّاس، قد يكون أبو جعفر المنصور أو ابنه المهدي، وكان فيه الكثير من الحضور من علية القوم،
وفيهم من القُضاة والعُلماء، وكان قاضي القضاة في ذلك الحين، وجيئ إلى النَّاس بالطَّعام وجيئ إلى الخليفة بحلوى خاصَّةٌ، لوز بالفالوذج، فلمَّا وُضِعَ بين يدَيْه؛
قال الخليفة: أبدأوا بالشَّيْخ، وأشار إلى أبي يُوسُف باعتباره قاضي القضاة،
فجاءوا ووضعوه بين يدَيْ أبي يُوسُف. . فماذا حدث؟!..
لمَّا نظر أبو يُوسُف إلى الَّلوز بالفالوذج ضحك وضحك حتى استلقى على ظهره
مِن شدَّة الضَّحِك، فتعجَّب الخليفة من أمره، وقال له: ما الخبر يا شَيْخ؟،
قال: والله أيُّها الخليفة لم أقصد شيئًا سوى أنِّي ذكرت أبي لمَّا قال له أبو حنيفة
"رحمه الله" أنِّي أُعلِّمُ وَلَدَكَ علمًا إنْ أتقنه؛ جَلَسَ في صدور المجالس عند الخلفاء
وأكل الَّلوز بالفالوذج، وأبي يقول: أهذا يأكل الَّلوز بالفالوذج؟!، أهذا يدخل عند الخلفاء؟!، فانظر الآن كيف رفعني العِلم حتى أجلس على الطَّنافِس في صدور المجالس عند الخلفاء وأكلتُ الَّلوز بالفالوذج..!!
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع