ينقسم الفعل من حيث الجمود وعدمه ( التصرف ) إلى قسمين : فعل جامد ، وفعل غير جامد ( متصرف ) . وذهبنا لاختيار مصطلح جامد وغير جامد في الأفعال بدلا من جامد ومتصرف ، لأن المصطلح ( جامد ) يطلق على الأفعال والأسماء ، ومع ذلك فهو يعد من قبيل المشترك اللفظي ، ذلك أن مفهوم الجمود في الأفعال يختلف عنه في الأسماء ففي الأفعال نجد المصطلح جامد يقابله المصطلح متصرف، بينما في الأسماء نجد مصطلح جامد يقابله المصطلح مشتق ، ونتيجة لاختلاف اللفظ في المصطلحات المقابله للجامد أخترنا مصطلحا مشتركا وهو ( غير جامد ) لجمع دراسة ظاهرتين متشابهتين في حيز واحد . أولا ـ الفعل الجامد : هو كل فعل يلازم صورة من صور التصريف الدالة على الحدث والمقرونة ، أو غير المقرونة بزمن . وهو نوعان : 1 ـ الفعل الملازم لصورة الماضي : هو كل فعل وجد في اللغة على صورة الماضي ، ولا يمكن أن نشتق منه مضارعا ، أو أمرا . ومن هذه الأفعال : أ ـ ليس ، وما دام من أخوات كان . ب ـ كرب عسى ، حرى ، اخلولق ، أنشأ ، طفِق ، طفَق ، أخذ ، جعل ، علق ، هبَّ ، قام ، هلهل ، أولى ، ألَمَّ ، وهي من أخوات كاد (1) . ـــــــــــ
1 ـ قال بعض اللغويين بتصرف بعض هذه الأفعال ، فقد حكى الجوهري مضارع طفق ، وحكى الأخفش مصدره ، وحكى الجرجاني اسم الفعل من عسى ، وحكى الكسائي مضارع جعل . انظر همع العوامع في شرج جمع الجوامع للسيوطي تحقيق عبد العال سالم مكرم ط1975 ، ج2 ص 136 .
وجمود هذه الأفعال مرتبط بحال نقصانها ، أما إذا كانت تامة فهي متصرفة كغيرها من الأفعال . ج ـ نعم ، بئس ، ساء ، حَسُنَ ، حبذا ، لا حبذا ، أفعال للمدح والذم . د ـ خلا ، عدا ، حاشا . في حال اعتبارها أفعالا . هـ ـ وهب ، وهو من أخوات ظن ، ولا يستعمل بمعنى صير إلا إذا كان في صيغة الماضي . و ـ أفعال التعجب وهي : ما أحسنه ، وأحسن به ، ولا تستعمل هاتان الصيغتان إلا في صورة الماضي . أما " حَسُن " بمعنى ما أحسنه ، وغيره من الأفعال التي بنيت هذا البناء للتعبير عن التعجب ، فهي متصرفة في الأصل ، وجمودها مرهون بجعلها ضمن صيغ التعجب فحسب . ز ـ الفعل ( قلَّ ) النافي ، وهو بمعنى ( ما ) النافية . نحو : قل طالب يهمل الواجب ، أي : ما طالب يهمل الواجب . ويكف ( قل ) ونظائره عن طلب الفاعل بـ " ما " الكافة ، نقول : قلما يذكر كذا . ومثلها : طالما ، وشدَّ ما ، وعزَّما ، وكثر ما ، وغيرها . أما إذا كان ( قل ) ضد ( كثر ) ، أو اتصل به ( ما ) المصدرية فهو فعل متصرف ، وعندئذ يجب فصل ما عن الفعل . نحو : قلَّ ما حضرت مبكرا . ح ـ الفعل ( كذب ) في الإغراء ، يقال : كذباك ، أي : عليك بهما ، وكذب عليك ، أي : عليك به ، وكذبتك الظهائر ، أي : عليك بالمشي في حر الهواجر وابتذال النفس (1) . ـــــــــــــ 1 ـ انظر الفائق في غريب الحديث لجار الله الزمخشري ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرون ط2 عيسى البابي الحلبي / القاهرة ، ج3 ص 250 ، وشرح ابن عقيل ج3 ص 246 ، وعده الرضي في شرح الكافية بهذا الاستخدام اسم فعل ، غير أن البغدادي رد عليه في خزانته ، انظر خزانة الأدب ج6 ص 183 ، 190 تحقيق عبد السلام هارون .
ط ـ الفعل ( سُقِطَ ) يقال : سُقِطَ في يده ، وأُسْقِط في يده . أي : ندم . ويقال إنه بمعنى ارتبك (1) . ك ـ الفعل ( هدَّ ) يقال : مررت برجل ، هدّك من رجل . أي : أثقلك وصف محاسنه (2) . 2 ـ الفعل الملازم لصورة الأمر : هو كل فعل لا يمكن أن نشتق منه ماضيا ، أو مضارعا . ومن هذه الأفعال : أ ـ هبْ ، وتعلَّمْ : و " هب " فعل قلبي من أخوات ظن . نحو : هبْ عليّا حاضرا . ولم يكن المقصود به فعل الأمر من الفعل " هاب " من الهيبة ، لأن هاب متصرف نقول : هاب ، يهاب ، هبْ ، وكذلك ليس الأمر من " وهب " بمعنى الهبة ، لأن وهب متصرف ، نقول : وهب ، يهب ، هبْ . أما " تعلَّمْ " فهو فعل قلبي أيضا من أخوات " ظن " بمعنى " اِعْلَمْ " . تقول : تعلَّمِ الأمانة فائز حاملها . فإن كان " تعلَّمْ " من " تعلَّمَ " الدال على المعرفة فهو متصرف ، وينصب مفعولا واحدا فقط . نحو : تعلَّمَ ، يتعلَّمُ ، تعلَّمْ . تقول : تعلمت درسا من الماضي . ب ـ هأْ ، وهاء بمعن خذ ، (3) . ج ـ أفعال زجر الخيل وهي : أقْدِم ، واقْدُم ، وهبْ ، وارحبْ ، وهِجِدْ .
ـــــــــــــ 1 ـ الفعل في القرآن الكريم : تعديه ولزومه ، أبو أوس إبراهيم الشمسان ط1 ، جامعة الكويت 1986 ص 573 . 2 ـ ابن عقيل ، المساعد ج3 ص245 . 3 ـ ابن مالك : تسهيل الفوائد ص247 .
قال ابن مالك ليست أصواتا ، ولا أسماء أفعال لرفعها الضمائر البارزة (1) . د ـ الفعل " هلمَّ " في لغة تميم ، ولم تستعمله إلا في صورة الأمر . (2) هـ ـ الفعل " عِمْ " . يقولون : عِم صباحا . (3) و ـ " تعال ، وهات " : الفعل " تعال " مرهون جموده بدلالته على الأمر بالإقبال . (4) أما " هات " فهو جامد لأن العرب قد أماتت كل شيء من فعلها غير الأمر . وقد عده الزمخشري في أسماء الأفعال (5) . 3 ـ ما لزم صيغة المضارع : أ ـ " أهَلُمُّ " فعل مضارع جامد ، ودخول همزة المتكلم دليل فعليته ، ولم يستعمل العرب منه ماضيا ، كما لا يستعمل أكثرهم منه أمرا ، لذل قيل : إنه غير متصرف . يقال : هلُمَّ ، فتقول : إلى مَ أَهَلُمُّ ؟ (6) . ب ـ " يَهِيطُ " بمعنى يصيح ويضج (7) . ج ـ " يسْوى " فعل مضارع جامد بمعنى : يساوي ، وعده في الجوامد ابن الحاج . (8) . ــــــــــــ 1 ـ ابن عقيل ، المساعد ج3 ص 249 . 2 ـ المرجع السابق ج3 ص 250 . 3 ـ أحمد سليمان ياقوت : الأفعال غير المتصرفه وشبه المتصرفة ص159 . 4 ـ ابن منظور : اللسان مادة " هتا " ج3 ص 769 . 5 ـ المفصل للزمخشري ص 151 . 6 ـ المساعد ، ابن عقيل ج3 ص 249 . 7 ـ كتاب الأفعال لابن القطاع ج3 ص 366 . 8 ـ ارتشاف الضرب لأبي حيان ج 3 ص 14 .
د ـ " أهاءُ " بمعنى آخذُ وأعطي ، وهو فعل مضارع جامد . جاء في تاج العروس " وإذا قيل لك : هاءَ ، بالفتح ، قلت : ما أهاءُ ، أي : ما آخذ ؟ ولا أدري ما أهاءُ ، أي : ما أُعطي ، وما أهاءُ ، أي : على ما لم يسم فاعله ، أي : ما أُعطي (1) . ثانيا ـ الفعل المتصرف : هو كل فعل لا يلزم صورة واحدة من صور التصريف الدالة على الحدث ، والمقرونة بزمن ، أو غير مقرونة . وهو نوعان : 1 ـ فعل ناقص التصرف : وهو ما يشتق من ماضيه المضارع فقط ، للدلالة على حدث مقترن بزمن ، واسم الفاعل والمصدر مما لا يقترن بزمن . نحو : زال : يزال ، زائل ، وزيْل . برح : يبرح ، بارح ، وبراح . فتئ : يفتأ ، فاتئ . ولا مصدر له . انفك : ينفك ، منفك . ولا مصدر له . كاد : يكاد ، كائد ، وكود وكيد . أوشك : يوشك : موشك . اسم فاعله على قلة ، ولا مصدر له . ومنها الفعل : انبغى له ، وينبغي له بمعنى تيسر وأمكن (2) . 2 ـ فعل تام التصرف : وهو كل فعل يمكن أن نأخذ منه الماضي والمضارع والأمر مما يدل على حدث مقترن بزمن ، واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر ، ــــــــــــ 1 ـ ابن مالك : تسهيل الفوائد ص 247 ، وتاج العروس ج1 ص 518 . 2 ـ قال ابن مالك في تسهيل الفوائد بجموده ، وأنه لا ماضي له ، انظر التسهيل ص 147 ، وذهب أبو حيان في ارتشاف الضرب ج3 ص 14 ، إلى تصرفه ، وذكر ابن عقيل في شرح التسهيل ذهاب غيره إلى تصرفه كابن فارس في المجمل انظر المساعد على تسهيل الفوائد ج 3 ص 248 .
وغيرها من المشتقات مما يدل على حدث غير مقترن بزمن . وهو بقية الأفعال في اللغة العربية غير ما ذكرنا في الفعل الناقص التصرف . نحو : جلس : وهو الفعل الماضي التام الذي نشتق منه الآتي : المضارع : يجلس ، والأمر : اجلس ، واسم الفاعل : جالس ، واسم المفعول : مجلوس ، وصيغة المبالغة : جلاس ، واسم المكان : مجلس ، واسم التفضيل : أجلس ، والصفة المشبهة : جليس ، وغيرها . ونقول في غضب : يغضب ، واغضبْ ، وغاضب ، ومغضوب ، وغضْب . ونلاحظ من اشتقاقات الفعل " جلس " أنه تام التصرف ، فقد أمكننا أن نأخذ منه : الماضي ، والمضارع ، والأمر ، والمصدر ، واسم الفاعل ، واسم المفعول ، وصيغة المبالغة ، واسم المكان ، وغيرها ، ومثله جميع الأفعال تامة التصرف .
كيفية تصريف الأفعال : يمكننا تصريف الأفعال بعضها من بعض على النحو التالي : 1 ـ تصريف المضارع من الماضي : أ ـ إذا كان الماضي ثلاثيا سكنت فاؤه ، وحركت عينه بالفتح ، أو الضم ، أو الكسر حسبما يقتضيه نص اللغة بعد أن يزاد في أوله أحد أحرف المضارعة . مثل : ذهَبَ : يذهَبُ ، وضَعَ : يضَعُ ، لعِبَ : يلعَبُ ، سمِعَ : يسمَعُ ، غضِبَ : يغضَبُ ، حسِبَ : يحسَبُ . رسَمَ : يرسُمُ ، كتَبَ : يكتُبُ ، عظُمَ : يعظُمُ ، حسُنَ : يحسُنُ . كبُرَ : يكبُرُ . نزَلَ : ينزِلُ ، وعَدَ : يعِدُ ، وجَدَ : يجِدُ . ب ـ وإذا كان الماضي رباعيا زيد في أوله أحد أحرف المضارعة مضموما . مثل : دحرج : يُدحرج ، بعثر : يُبعثر ، زلزل : يُزلزل ، طمأن : يُطمئن ، أعطى : يُعطي ، أفاد : يُفيد ، أهدى : يُهدي ، أعان : يُعين . ج ـ إذا كان الفعل الماضي خماسيا مبدوءا بتاء زائدة بقي على حاله . مثل : تعلَّم : يَتَعلَّمُ ، تدحرج : يَتَدحْرَجُ ، تكلَّم : يتكلم ، تعاون : يتعاون . تبعثر : يتبعثر ، تغير : يتغير . وإذا لم يكن مبدوءا بتاء كسر ما قبل آخره سواء أكان رباعيا ، أم أكثر . مثل : واصل : يواصِل ، بايع : يبايِع ، انكسر : ينكسِر ، انفجر : ينفجِر . استعمل : يستعمِل ، استعان : يستعين ، استولى : يستولِي . وشذ منه : احمرَّ : يحمرُّ ، واغبرَّ : يغبرُّ ، واسودَّ : يسودُّ وانهدّ : ينهدَّ ، وأشباهها فلا يكسر ما قبل آخرها . فإن كان مزيدا بالهمزة في أوله سواء أكان رباعيا ، أم أكثر حذفت همزته . مثل : أعطى : يعطي ، أرسل : يرسل ، أيلغ : يبلغ ، أفاد : يفيد . انتصر : ينتصر ، انعطف : ينعطف ، انكسر : ينكسر . اشتمل : يشتمل : استقام : يستقيم ، استغنى : يستغني . 2 ـ تصريف الأمر من المضارع : يؤخذ الأمر من المضارع بحذف حرف المضارعة من أول الفعل . مثل : يكتب : اكتب ، يلعب : العب ، ينام : نم ، يقول : قل ، يبيع : بع ، يسعى : اسع ، يرمي : ارم . يدحرج : دحرج ، يوسوس : وسوس ، ينتصر : انتصر ، يستقيم : استقم . فإن كان أول الفعل بعد حذف حرف المضارعة ساكنا ، زيد في أوله همزة ، لأن الهمزة متحركة ، ولا يصح الابتداء بالحرف الساكن . مثل : جلس : اجلس ، كتب : اكتب ، انكسر : انكسر ، استحوذ : استحوذ .
الاسم الجامد والاسم المشتق
ينقسم الاسم من حيث الجمود والاشتقاق إلى قسمين : 1 ـ الاسم الجامد : وهو اسم مرتجل وضع للدلالة على معناه ، ولم يؤخذ من لفظ غيره . وهو نوعان : أ ـ اسم ذات ، وهو ما يدرك بالحواس ، وله حيز في الوجود . مثل : الرجل ، الغلام ، العصفور ، الحصان ، الشجرة . ب ـ اسم معنى ، وهو : ما دل على معنى يدرك بالذهن ، ويشمل المصادر الدالة على أحداث . (1) مثل : الأمانة ، الوفاء ، العدل ، الحق ، الكراهية . 2 ـ اسم مشتق : وهو ما أخذ من غيره . مثل : قائم ، مؤمن ، مكسور ، مُبعثر ، جبار ، عليم ، منشار ، مكتب
يطلق مصطلح " مجرد " على الكلمات التي تتألف من الحد الأدنى من الأحرف المعبرة عن الدلالة العامة للكلمة ، فكلمة " جلس " مثلا تتكون من ثلاثة أحرف هي : الجيم ، واللام ، والسين ، ولا يمكن إدراك دلالة الكلمة بأقل من هذه الأحرف . أما كلمة " جلوس " ، فمن المؤكد أن لها ارتباط بالكلمة السابقة ، وهذا الارتباط هو تضمنها معنى الفعل السابق ، مع معنى إضافي نتج عن زيادة حرف الواو ، وهذا النوع من الكلمات يطلق عليه مصطلح " المزيد " ، لأنه زيد فيه حرف ، أو أكثر على الأحرف الأصول للكلمة . والفرق بين الأحرف الأصلية للكلمة ، والأحرف الزائدة أن الأولى خاصة بالكلمة نفسها ، وتحمل معناها المعجمي الأساسي المتفرد ، أما الثانية فهي تتكرر في نظائر كثيرة لهذه الكلمة تشترك معها في البناء ، فحرف الواو الزائد في كلمة " جلوس " نجده في كلمات أخرى مثل وجد ، سمو ، وردة ، عصفور ... إلخ وهذا يعني أن هناك مستويين لمعنى الكلمة المزيدة ، أحدهما المعنى المعجمي الخاص وهو ما تحمله الأحرف المجردة ، والآخر معنى البناء الذي تشارك في حمله أحرف الزيادة ، والنعنى الذي جلبته أحرف الزيادة إنما هو معنى البناء ، ذلك المعنى الذي قد تكرر مع كل كلمة على هذا البناء . (1) . أحرف الزيادة : يزاد على الأصل بطريقتين : 1 ـ تضعيف الحرف الأصلي ، وهو زيادة حرف من جنس عين الكلمة ، أو لامها . مثل : كَرُمَ : كرَّم ، حَطَمَ : حطَّم ، عَلِمَ : علَّم ، جلب : جلبَبَ ، طمأن : اطمأنَّ . وهذا النوع من الزيادة ليس خاصا بحرف دون الآخر ، بل كل أحرف الهجاء يمكن تضعيفها ماعدا " الألف " فلا تضعف ، لأنها حرف مد ، وتظهر هذه الأحرف في الميزان مضعفة بشكلها الموجود في الكلمة الموزونة ، لا بنصها . مثل : علَّم : فَعَّلَ ، جلبب : فعلل . 2 ـ إقحام حرف من أحرف الزيادة المعرفة في كلمة ( سألتمونيها ) . ويمكن التفريق بين الحرف الناتج عن التضعيف الأصلي ، ومماثلة من أحرف سألتمونيها في زيادة الكلمة ، أن زيادة أي حرف من أحرف سألتمونيها يكون مطردا في زيادته ، وفي مواضع مختلفة من الكلمة ، في حين زيادة الحرف المضعف لا يكون إلا تكرارا لعين الكلمة ، ولا يظهر في هذا الموضع مع أفعال أخرى . ففي كلمة : حوَّل ، وقتَّل ، وعيَّن ، وجلَّس . نجد أن أحرف الزيادة وهو الواو في حوّل ، والتاء في قتّل ، والياء في عيّن ، ـــــــــــــــ 1 ـ دروس في الصرف ج1 ص 86 .
واللام في جلّس ليست من أحرف سألتمونيها وإن كانت مشابهة لها ، لأن هذه الأحرف ما هي إلا تكرار لعين الكلمة ، ولا يمكن زيادتها في نفس الموضع مع أفعال أخرى ، إذ لا يصح زيادة الواو في الفعل كسر ونقول : كوسر ، ولا الياء في علم ، ونقول عيلم ، وإنما نزيد على كسر سينا ونقول : كسّر ، ونزيد على علم لاما ، ونقول : علَّم ، لأن أحرف الزيادة التي تجمعها كلمة سالتمونيها تتغير بتغير الأصل الذي زيدت عنه ، أما زيادة الحرف المضعف الأصلي ما هي إلا تضعيف لعين الكلمة كما ذكرنا سابقا .
أنواع الزيادة : 1 ـ الزيادة البنائية : وهي الزيادة التي تغير من بناء الكلمة الأصلي ، فينتج عن ذلك كلمة جديدة ، نتيجة لزياد حرف أو أكثر على الكلمة الأصل . نحو : كتب : كاتب ، وعطف : معطوف ، اسم : أسماء . 2 ـ زيادة إلصاقية : وهي الزيادة الناتجة عن أحرف تلصق إلى الكلمة الأصل دون تغيير في بنائها ، ولا تنقلها من المجرد إلى المزيد . نحو : قرأ : يقرأ ، اقرأ ، أقرأ ، نقرأ . قلم : قلمان ، مجتهد : مجتهدون ، هند : هندات ، معلمة : معلمات . نصر : انتصر ، عمل : استعمل . يلاحظ من الأمثلة السابقة أن الزيادة الإلصاقية تدخل على كل الكلمات المجردة منها والمزيدة ، لذلك لا تعد أبنية هذه الكلمات من أبنية المزيد ، وإن كانت تلك الأحرف قد زيدت على الكلمات الأصول ، وتظهر في الميزان كما تظهر في أحرف الزيادة . نحو : قرأ : فعل ، اقرأ : افعل ، قلم : فعل ، قلمان : فعلان ، مجتهد : مفتعل ، مجتهدون : مفتعلون .
أبنية الأفعال : ينقسم الفعل من حيث عدد أحرفه الأصول ، أو الزوائد إلى نوعين . الفعل المجرد ، والفعل المزيد . الفعل المجرد : هو كل فعل جردت حروفه الأصلية من أحرف الزيادة ، بمعنى أن تكون جميع الأحرف المكونة للفعل ـ ويعطي بوساطتها دلالة صحيحة ـ أحرفا أصلية ، ولا يسقط منها حرف في أحد التصاريف التي تلحق بالفعل ، إلا لعلة تصريفية ، وأقل أحرف الفعل المجرد ثلاثة ، حرف يُبدأ به ، وحرف يُقف عليه ، وحرف يتوسط بينهما . نحو : كتب ، جلس ، ذهب ، قام ، رمى ، دعا . فكل فعل من الأفعال السابقة يعتبر فعلا مجردا من أحرف الزيادة ، لأن جميع أحرفه المكونة له ، وتؤلف منه كلمة لها دلالتها التي يقبلها المنطق أحرفا أصلية لا يمكن الاستغناء عن أحدها ، وبإسقاط أي منها يختل تركيب الفعل وتزول دلالته . فالفعل " ذهب " مثلا مكون من ثلاثة أحرف هي : الذال ، والهاء ، والباء ، وهذه الأحرف الثلاثة أحرف أصول في تركيب الفعل المذكور لكي يكون ذا دلالة لغوية ، فإذا حذفنا حرفا منها اختل بناؤه ، وما تبقى فيه من أحرف لا يفي ببنائه ليكون ذا قيمة دلالية ، فهذه الأحرف الثلاثة تشكل في مجموعها القواعد الأساس التي بني عليها الفعل مجتمعة ، وكذلك الحال إذا كان الفعل مكونا من أربعة أحرف أصلية . نحو : دحرج ، بعثر ، وسوس ، زلزل ، طمأن ، عسعس . فلو جردنا أحرف الفعل دحرج مثلا لوجدناه مكونا من أربعة أحرف هي : الدال ، والحاء ، والراء ، والجيم ، وهذه الأحرف مجتمعة شكلت بنيته لتدل على معنى معين له ارتباط زمني يتقبله العقل ، فإذا حذفنا حرفا من تلك الأحرف الأساس في تكوين الفعل السابق ونظائره اختل بناؤه اللغوي والدلالي ، ولم يعد للأحرف الباقية قيمة في بناء الفعل ، أو دلالته .
أقسام الفعل المجرد :
ينقسم الفعل المجرد إلى قسمين : 1 ـ المجرد الثلاثي . 2 ـ المجرد الرباعي . أوزان المجرد الثلاثي : للفعل المجرد الثلاثي باعتبار صورة الماضي ثلاثة أوزان ، ويرجع هذا التحديد إلى أن الفعل الماضي المكون من ثلاثة أحرف أصلية وهي : الفاء ، والعين ، واللام . لا تكون فاؤه ولامه إلا متحركتان بالفتح دائما ، أما عينه فتتحرك بالفتح ، أو الضم ، أو الكسر ، وبناء عليه يتشكل منه ثلاثة أبنية ( أوزان ) على النحو الآتي : كَتَبَ : فَعَلَ . جَلَسَ : فَعَلَ . دَفَعَ : فَعَلَ . عَظُمَ : فَعُلَ . كَبُرَ : فَعَلَ . حَسُنَ : فَعُلَ . عَلِمَ : فَعِلَ . رَبِحَ : فَعِلَ . حَفِظَ : فَعِلَ . أما إذا نظرنا إلى الفعل باعتبار صورتي الماضي والمضارع معا فإننا نجد له ستة أوزان على النحو التالي : 1 ـ الثلاثي المفتوح العين ولمضارعة ثلاثة أوزان هي : أ ـ فتح عين مضارعه ( فَعَلَ : يَفْعَلُ ) ويكون متعديا ولازما . نحو : قَرَأَ : يَقْرَأُ . سَأَلَ : يَسْأَلُ . رَفَعَ : يَرْفَعُ . ذَهَبَ : يَذْهَبُ . نَهَضَ : يَنْهَضُ . فالمتعدي مثل : قرأ محمد الدرس ، ويقرأ التلميذ النشيد . وسأل الفقير الغني مالا ، ويسأل العبد ربه مغفرة . ورفع اللاعب الأثقال . ويرفع الله المؤمن درجات . ومثال اللازم : ذهب الولد إلى المدرسة ، ويذهب الرجل إلى عمله مبكرا . ب ـ ضم عين مضارعه ( فَعَلَ : يَفْعُلُ ) ويكون متعديا ولازما . نحو : مدَّ : يمُدُّ . ردّ : يرُدُّ . كتَبَ : يكتُبَ . طلَعَ : يطلُعُ . مَكَثَ : يَمْكُثُ . ومثال المتعدي : مدَّ الرجل يده للمصافحة ، ويمد يده للمصافحة . كتب التلميذ الواجب ، ويكتب التلميذ الواجب . ومثال اللازم : طلع الفجر ، ويطلع الفجر . ومكث الزرع في الأرض طويلا ، ويمكث الزرع في الأرض طويلا . ج ـ كسر عين مضارعه ( فَعَلَ : يَفْعِلُ ) ويكون متعديا ولازما . نحو : وَعَدَ : يَعِدُ . ضَرَبَ : يَضْرِبُ . قَفَزَ : يَقْفِزُ . نَزَلَ : يَنْزِلُ . مثال المتعدي : وعد الله المؤمنين النصر ، ويعد الله المؤمنين النصر . ومثال اللازم : قفز اللاعب قفزا عاليا ، ويقفز اللاعب قفزا عاليا . 2 ـ الثلاثي المضموم العين ( فَعُلَ : يَفْعُلُ ) لمضارعه وزن واحد ، وهو ضم عين مضارعه ، ويختص هذا الوزن بالأفعال الدالة على طبائع البشر ، وهو ما جبل عليه الإنسان من الأفعال الصادرة عن الطبيعة ، ولا يكون إلا لازما . نحو : حَسُنَ : يَحْسُنُ . كَرُمَ : يَكْرُمُ . شَرُفَ : يَشْرُفُ . عَظُمَ : يَعْظُمُ . ومنها : قبُح ، ووسُمَ ، وصغُر ، وكبُر ، وطوُل ، وقصُر ، وغلُظ ، ورفُق ، وسهُل ، وصعُب ، وسهُل ، وسرُع ، وبطُأ ، وفحُش ، وغيرها . حسن عمل الرجل ، ويحسن عملك . 3 ـ الثلاثي المكسور العين ولمضارعه وزنان هما : أ ـ فتح عين المضارع ( فَعِلَ : يَفْعَلُ ) ويكون متعديا ولازما . نحو : عَلِمَ : يَعْلَمُ . نَسِيَ : يَنْسَى . أَمِنَ : يَأمَنُ . وَجِلَ : يَوجِلُ . وَسِنَ : يَوسِنُ . ويختص هذا الوزن بالأفعال الدالة على الآتي : ـ الفرح والحزن . نحو : فرِح : يفرَح . طرِب : يَطرَبُ . حَزِن : يحزَن . ـ الامتلاء والخلو . نحو : بَطِر : يَبطَر . أشِر : يأشَر . غضِب : يغضَب . شَبِع : يشبَع . عطِش : يعطَش . ـ الألوان والعيوب . نحو : حَمِرَ : يحْمَرُ . سَوِدَ : يَسْوَدُ . عوِر : يَعْوَرَ . ـ وعلى الخَلْق الظاهر . نحو : غَيِدَ : يَغْيَدُ . هَيِفَ : يَهْيَفُ . نَحِفَ : يَنْحَفُ . سَمِنَ : يَسْمَنُ . تَخِن : يَتْخَنُ . مثال المتعدي : علم الله ما في نفوسنا ، ويعلم الله ما في نفوسنا . ومثال اللازم : فرح عليّ بنجاح أخيه ، ويفرح الطفل بالثناء عليه . ب ـ كسر عين مضارعه ( فَعِلَ : يَفْعِلَ ) ويكون متعديا ولازما . نحو : حَسِبَ : يَحْسِبُ . وَرِثَ : يَرِثُ . وَلِيَ : يَلِي . وَثِقَ : يَثِقُ . مثال المتعدي : حسبت الأمر هينا ، ويحسب الأمر هينا . وثق الرجل بصديقه ، ويثق الرجل بصديقه .
تنبيهات وفوائد : 1 ـ لا تكون فاء الفعل إلا مفتوحة كما ذكرنا سابقا ، وبفتحها يحصل للمتكلم العذوبة في اللفظ ، ويصغي السامع إليه لأنس المسامع بالأخف ، بخلاف الاسم فإنه لما كان خفيفا يجوزون الابتداء فيه بالثقيل . 2 ـ لا يصح تسكين عين الفعل كما هو الحال في عين الاسم ، لأن الفعل عند اتصاله بضمائر الرفع المتحركة يجب إسكان لامه لئلا يتوالى أربع حركات ، ولكونه إذا اتصل بالضمير يصبح كالكلمة الواحدة ، فلو كانت عين الفعل ساكنة للزم اجتماع ساكنين . فنقول في " جلس " بعد اتصاله يضمير رفع متحرك " جلسْتُ " . وفي " كتب " كتبْنا " . فنلاحظ تسكين " لام " الفعل ، فلو كانت " عينه " ساكنة أيضا لالتقى ساكنان ، وذلك لا يصح لاستثقال النطق ، وعدم استقامة لفظ الكلمة .
ثانيا ـ المجرد الرباعي : للفعل الرباعي المجرد بناء واحد على وزن " فَعْلَلَ " ، ومضارعه " يُفَعْلِلُ " ، ويكون متعديا وهو الغالب ، ويأتي لازما . نحو : دَحْرَجَ : يُدَحْرِجُ ، بعثر : يبعثر ، طمأن : يطمئن ، جلجل : يجلجل . وسوس : يوسوس ، زخرف : يزخرف ، زلزل : يزلزل ، ولول : يولول . مثال المتعدي : دحرج اللاعب الكرة ، يدحرج اللاعب الكرة . 106 ـ ومنه قوله تعالى : { إذا زلزلت الأرض زلزالها }1 . 1 الزلزلة ونحو : بعثر الفلاح الحبوب ، ويبعثر الفلاح الحبوب . 107 ـ ومنه قوله تعالى : { وبعثر ما في القبور }2 . ومثال اللازم : وسوس له الشيطان ، ويوسوس لهم الشيطان . 108 ـ ومنه قوله تعالى : { فوسوس لهما الشيطان }3 . وقوله تعالى : { ونعلم ما توسوس به نفسه }4 . ويلحق بالرباعي المجرد ستة أوزان أخرى هي : 1 ـ ما كان على وزن " فَوْعَلَ " : " يُفَوْعِلُ " . وهو لازم . نحو : حَوْقَلَ : يُحَوْقِلُ ، وأصله : حَقُلَ بمعنى ضَعُفَ . نقول : حوقل الشيخ . إذا ضعف وفتر عن الجماع . ويكون مركبا في النحت . نحو : حوقل المصلي . قال : لا حول ولا قوة إلا بالله . ومنه : جَوْرَبَ : يُجَوْرِبُ . وهو متعد . نحو : جوربت الأم طفلها . أي : ألبسته الجورب . 2 ـ ما كان على وزن " فَعْوَلَ " : " يُفَعْوِلُ " . ويكون متعديا ولازما . مثال المتعدي : جَهْوَرَ : يُجَهْوِرُ . وأصله جَهَرَ بالقول . أي : رفع صوته به . تقول : جهور الرجل قوله . أي : رفعه . ومثال اللازم : رَهْوَلَ : يُرَهْوِلُ . أي : أسرع . تقول : رهول الغلام في مشيته . 3 ـ ما كان على وزن " فَيْعَلَ " : " يُفْعِلُ " . ويكون متعديا ولازما . ـــــــــــ 1 ـ 1 الزلزلة . 2 ـ 9 العاديات . 3 ـ 20 الأعراف . 4 ـ 50 ق . مثال المتعدي : بَيْطَرَ : يُبَيْطِرُ . بمعنى عالج الحيوان . ويأتي بمعنى البمالغة في التبختر . تقول : بيطر الطبيب القط ، ويبيطر الطبيب القط . أي : يعالجه . ومثال اللازم : بَيْقَرَ : يُبَيْقِرُ . بمعنى : أسرع . تقول : بيقر الرجل ، ويبيقر الغلام . ومصدره : البيقرة ، وهو إسراع يطأطئ الرجل فيه رأسه . ومنه قول المثقب العبدي : فبات يجتاب شُعَارى كما بيقر من يمشي إلى الجلسد (1) 4 ـ ما كان على وزن " فَعْيَلَ " : " يُفَعْيِلُ " . وهو متعد . نحو : شَرْيَفَ : يُشَرْيِفُ . بمعنى قطع . تقول : شريف الفلاح الزرع . أي : قطع شريافه . ونحو : عثير : يعثير . وأصله عثر بمعنى : زلق ولم تستقر رجله . وعثير بمعنى أثار . تقول : عثيرت الريح الغبار . إذا أثارته . 5 ـ ما كان على وزن " فَعْلى " : " يُفَعْلي " . ويكون متعديا ولازما . مثال المتعدي : سليقت الرجل . أي : ألقيته . ومثال اللازم : سَلْقَى : يُسَلْقِي . بمعنى : استلقى . تقول : سلقى الرجل على ظهره . أي : استلقى على ظهره . 6 ـ ما كان على وزن " فَعْنَلَ " : " يُفَعْنِلُ " . وهو متعد . نحو : قَلْنَسَ : يُقَلْنِسُ . بمعنى : ألبس . تقول : قلنست الطفل من البرد . أي : ألبسته القلنسوة . ــــــــــــــ 1 ـ " شُعَارى " مخفف للضرورة من " شُعَّارى وهو نوع من النبات . الجلسد : الصنم ، أو الوثن . فوائد وتنبيهات : لقد استعمل العرب وزن فعلل لمعان كثيرة منها : 1 ـ الدلالة على المشابهة : نحو : علقمت القهوة . أي : صارت كالعلقم في مرارته . ونحو : عندم الجسد . صار محمرا كالعندم . والعندم شجر أحمر . 2 ـ للصيرورة : نحو : مركشت الرجل . أي : صيرته مراكشيا . وسعوده . صيره سعوديا ، ولبننه ، صيره لبنانيا . 3 ـ للدلالة على ان الاسم المأخوذ منه آلة : نحو : عرجن . أي : استعمل العرجون . وتلفز . استعمل التلفاز . 4 ـ للنحت على وزنه ، سواء أكان النحت من مركب إضافي . نحو : عمنفى من عبد مناف . وعبقسى من عبد قيس . وعبدلى من عبد الله . أم كان النحت من جملة . نحو : بسمل . من قوله : بسم الله . وحوقل . من قوله : لا حول ولا قوة إلا بالله .
نماذج من الإعراب
106 ـ قال تعالى : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) 1 الزلزلة . إذا زلزلت : إذا ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط ، مبني على السكون في محل نصب متعلق بجوابه " تحدث " ، وزلزلت فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء للتأنيث ، وجملة زلزلت في محل جر بإضافة إذا إليها . الأرض : نائب فاعل مرفوع . زلزالها : مفعول مطلق منصوب ، وزلزال مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه . وجملة إذا وما بعدها لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
107 ـ قال تعالى : ( وبعثر ما في القبور ) 9 العاديات . وبعثر : الواو حرف عطف ، وبعثر فعل ماض مبني للمجهول . ما : اسم موصول في محل رفع نائب فاعل . وجملة بعثر معطوفة على ما قبلها . في القبور : جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول لا محل لها من الإعراب .
108 ـ قال تعالى : ( فوسوس لهما الشيطان ) 20 الأعراف . فوسوس : الفاء حرف عطف ، ووسوس فعل ماض مبني على الفتح . لهما : جار ومجرور متعلقان بوسوس . الشيطان : فاعل مرفوع بالضمة ، وجملة وسوس معطوفة على ما قبلها .