الرد على الموضوع

ولا على التمني والشرط والاستفهام والأمر والنهي حتى يتأتى بأجوبتها كقوله: (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) حتى يقول: (فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا)، وكذلك: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) إلى أن يقول (فَتَطْرُدَهُمْ) وهكذا (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ إلا أن يقول (يَرِثُنِي)، وأشباه ذلك الاستفهام (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) إلى أن يقول (فَيُضَاعِفَهُ) القصة، والشرط (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا) إلى أن يقول (فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى)، ولا يفصل بين لام كي وما عملت فيه، ولا يبتدأ بها كقوله: (وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا) إلا إذا كان على مذهب أهل البصرة الذين يحملونه على القسم، ولا على هذا تأولوا وقوله: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ) ولا يفصل بين العاطف والمعطوف عليه كقوله: (بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ)، ولا بين البدل والمبدل كقوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) حتى يقول: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، ولا بين الناعت والمنعوت كقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) حتى يقول: (رَبِّ الْعَالَمِينَ)، ولا على المؤكد دون ما أكد به (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ) حتى يقول: (كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)، ولا على عطف البيان دون ما عطف عليه كقوله: (ذَلِكَ) حتى يقول: (الْكِتَابُ)، ولا على المضاف دون المضاف إليه كقوله: (وَالْمُقِيمِي) حتى يقول: (الصَّلَاةِ)، ولا على المجاور دون ما جاوره كقوله: (يشتَهُونَ) حتى يقول: (وَحُورٌ عِينٌ) على مذاهب من كسر، وما في النفي، ولا التنزيه، ولا يفصل بين الجار والمجرور وما ارتفع بالعود عليه عند أهل الكوفة مثل قوله: (وَمِنْهُمْ) حتى يقول: (أُمِّيُّونَ) فهذه جملة كافية على جهة الاختصار.

واعلم أن الوقوف على ضروب: منها، وقف التمام " كقوله: (نَسْتَعِينُ)، (الضَّالِّينَ)، (الْمُفْلِحُونَ) على أحد القولين (عَظِيم) على أحد القولين، وأشباهه كثيرة كتمام قصة موسى وقصة البقرة وشبه ذلك.

والثاني: الحسن وهو ما يتميز به المعنى من المعنى قوله: (لَا رَيْبَ فِيهِ) إذ رجعت (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) على المبتدأ أو (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) إذا لم تنصب (غِشَاوَةٌ).

والثالث: الكاف مثل ذلك قوله: (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ)، وهكذا (وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ويبتدئ (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ).

والرابع: السنة وهو أن يقف على رؤوس الآي كما فعل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في رواية أم سلمة حتى قطع الفاتحة فقال: (الرَّحِيمِ)، (الدِّينِ) وهو قول أَبِي عَمْرٍو ومن قال بقوله.

والخامس: وقف البيان كما روى عن نافع ونصير (بِعَادٍ إِرَمَ) وقفا عليه؛ لأنهما لم يجعله (ذَاتِ العِمَادِ) نعتا وجعلوا (إرَمَ) قبيلة أو رجلا، ومن جعل (ذَاتِ العِمَادِ نعتا لم يقف وهكذا (إِن تَرَكَ خَيرًا) على قولهما يجعلان (الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) متعلقة بإجازة الورش ولا يجعلانهما منسوخة، والصحيح أنها منسوخة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا وصية لوارث (1) أو مخصصة.

والسادس: وقف التمييز كما ذكرنا في الفرق بين ما اختص به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التوقير، وما اختص به اللَّه تعالى من التسبيح والحسن قد يسمى مستحسنا، ومن عرف هذه الجملة قاس عليهما، ولابد من أشياء يرجع فيها إلى الأستاذ لتعلم منزلته؛ لأن ما من عالم إلا قد صنف في الوقف والابتداء كنافع، ونصير، والعباس بن الفضل الرَّازِيّ وابن عيسى، وأبي حاتم والأنباري، والزَّعْفَرَانِيّ، والْأَخْفَش، وابن مهران، والعراقي وأنا في غير هذا الكتاب

_______

(1) أخرجه أبو داود (2870)، والنسائي (3641)، وابن ماجه (2713)، وغيرهم.

فمن أراد ذلك فليتأمل درة الوقوف والجامع وبينت فيه وقف الفقهاء، والصوفية، والمتكلمين، والقراء، وأهل المعاني مثل قول الشافعي (فَلَا جُنَاحَ) وييتدي عليه (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، وقول من جعل العمرة غير الحج كابن سيرين وغيره حين قرأ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)، وقول أهل المعرفة (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ)، وربما قالوا وهو قول المتكلمين (فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ)، وقول أهل المعاني (وَجَهْرَكُمْ)، وقول الحنابلة (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ)، وهل حكى من أمور آية الكرسي في عدد أوقافها (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وشبه ذلك مبوبًا هناك أبوابًا من أراد أن يعلم فليطالعها وأشرنا إلى هذه الجملة في هذا الكتاب لئلا يخليه من علم الوقف والابتداء وجعلناها كافة، إذ المقصود منه بيان ليحثه على طلب غيره من الكتب. إذا علم هذه الجملة واحتاج إلى تفسير ما نطرق إلى المؤلفة، التي ذكرناها في هذا العلم وما تشبع القول فيه؛ إذ المقصود منه ييان القراءات والروايات واللَّه يوفق طالبه للخيرات بمنه وفضله وهذا حين أذكر.

* * *


اكتب معهد الماهر
أعلى