الله عز وجل يتجلى ضاحكا

طباعة الموضوع

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
الله عز وجل يتجلى ضاحكا

د.أحمد إبراهيم خضر


تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد وعلى آلِه وصحبِه وسلم.


نعيشُ في هذا الكُتَيِّبِ بعض المشاهد النورانيَّة حينما يَأمُر الله - عزَّ وجلَّ - جبريل - عليه السلامُ - بأنْ يرفع حِجابه ليراه عِباده، فنرى كيف أنْجَزَ الله وعدَه لعباده بالنظَر إلى وجهه الكريم، وكيف يُشرِفُ على أهل الجنَّة بنوره ويُسلِّم عليهم ويتجلى لهم ضاحكًا، وكيف يزداد طيب الجنَّة ما نظَرَ الله إليها، وكيف أنَّ النَّظرة إلى وجه الرحمن تُنسي كلَّ نعيمٍ، ثم نرى أنَّ الله يُجالس ويُحادث أهلَ الجنَّة، ثم يجمع الناس يوم القيامة في صَعِيدٍ واحد، ويأمر كلَّ إنسانٍ بأنْ يتبع ما يَعبُدُ، ثم يطلع على المسلمين ويُثبِّتهم ويعرفهم بنفسه، ثم يمرُّون على الصِّراط بسرعة، وبعد أنْ يدخل أهل الجنَّةِ الجنَّةَ ويدخل أهل النارِ النارَ يُقال لأهل الجنَّة: يا أهل الجنة، خلودٌ ولا موت، ويا أهل النار، خلودٌ ولا موت، ثم يسلك باليهود والنصارى إلى جهنَّم، ثم نعرف أنَّ في الجنَّة سوقًا، وفيه يزورُ الناس الله تعالى، وتُوضَع لهم منابرُ من لؤلؤ وياقوت وذهب، ويجلسُ أدناهم على كثبان المسك والكافور.​

الملائكة تحفُّ بسوق الجنَّة، والسحابة تمطر طيبًا، والنساء تلاحظن جمال وطيب أزواجهنَّ بعد أنْ يكونوا قد جالسوا ربهم الجبَّار، ثم ننتقل إلى مشهد يوم الجمعة في الآخِرة وهُبوط الجبَّار من عرشه، ثم ارتفاعه عن كرسيه.​

كلُّ هذه المشاهد نجدُها في هذا الكتيب رقم (22) في سلسلة "مختارات من كتاب التراث الإسلامي"، ونحن نُواصِل رحلتنا مع الشيخ ابن القيِّم في كتابه "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" الذي حقَّقه الدكتور "السيد الجميلي"، ونسأله - عزَّ وجلَّ - لذَّة النظَر إلى وجهه والشوق إلى لقائه.​


القلوبُ مفطورةٌ على محبِّة الكمال ومَن قامَ به، والله - سبحانه وتعالى - له الكمالُ المطلق من كلِّ وجهٍ، لا نقص فيه بوجهٍ ما، وهو سبحانه الجميلُ الذي لا أجمل منه، بل لو كان جمال الخلق كلِّهم على رجلٍ واحد منهم وكانوا جميعهم بذلك الجمال، لما كان لجمالهم قط نسبة إلى جمالِ الله، بل كانت النِّسبة أقل من نسبة سِراجٍ ضعيف إلى حذاء جرم الشمس؛ ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60].​

وقد رُوِي عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قولُه: ((إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال)(انظر: ابن القيم 420)، ومن أسمائه الحسنى: (الجميل)، ومَن أحقُّ بالجمال ممَّن كلُّ جمالٍ في الوجود من آثار صُنعه، فله جمالُ الذات، وجمال الأوصاف، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، فأسماؤه كلُّها حُسنى، وصِفاته كلها كمال، وأفعاله كلها جميلة، ولا يستطيع بشرٌ النظَر إلى جلاله وكماله في هذه الدار.​

1- لو كشَف الله حجاب نورِه لأحرَقتْ أنوار وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقِه:
جاء في "صحيح البخاري" من حديث أبي موسى - رضِي الله عنه - قال: قام فينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بخمس كلمات فقال: ((إنَّ الله لا ينامُ، ولا ينبغي له أنْ ينام، يخفضُ القسطَ (العدلَ والميزانَ) ويرفعُه، يُرفَعُ إليه عملُ الليل قبل عمل النهار، وعملُ النهار قبل عملِ الليل، حجابه النورُ لو كشَفَه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصَرُه من خلقه)).​

2- دعاء الرسول بنور وجه الله:
دعا النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم الطائف: ((أعوذُ بنور وجهك الذي أشْرقَتْ له الظُّلمات وصلح عليه أمرُ الدنيا والآخِرة أنْ يحلَّ عليَّ غضبُك، أو ينزل علي سخطُك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله)(رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، "المحقق").​

وفي الصحيحين من حديث أبي بكرٍ - رضِي الله عنه - في استفتاح النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قيام الليل: ((اللهمَّ لك الحمدُ أنت نور السَّماوات والأرض ومَن فيهن))، وقال عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه -: نور السَّماوات والأرض من نور وجهه، تفسير لقوله تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35].​

3- الله - عزَّ وجلَّ - يُشرِفُ على أهل الجنَّة بنوره ويُسلِّم عليهم:
في "سنن ابن ماجه" قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بَيْنَا أهل الجنَّة في نعيمهم إذ سطَع لهم نورٌ، فرفعوا رؤوسهم فإذا الربُّ قد أشرف عليهم من فوقهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الجنَّة، وذلك قوله: ﴿ سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾ [يس: 58]، فيرفعون رؤوسهم فينظُرون إليه وينظُر إليهم، ولا يلتفتون إلى شيءٍ من النعيم حتى يحتجب عنهم، فيبقى نوره وبركته عليهم وعلى ديارهم ومنازلهم)).​

4- دعاء الرسول بلذَّة النَّظر إلى وجه الله - عزَّ وجلَّ -:
ذكَر الإمام أحمد والنسائي وابن حبان في "صحيحه" أنَّه كان من دعاء النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أسألك لذَّة النظَر إلى وجهك والشَّوْق إلى لقائك)).​

5- الله - عزَّ وجلَّ - يُنجز وعدَه لعباده بالنظر إلى وجهه الكريم:
عن عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - قال: إنَّ الله إذا أسكن أهل الجنَّةِ الجنَّةَ وأهل النارِ النارَ بعَث إلى أهل الجنَّة الروح الأمين فيقول: يا أهل الجنَّة، إنَّ ربَّكم يُقرِئكم السلام، ويأمُرُكم أنْ تزوروه إلى فناء الجنَّة، وهو أبطح الجنَّة (المكان الفسيح الذي يمرُّ به السيل فيترك الحصى) تربته المسك وحَصباؤه (حَصاه) الدرُّ والياقوت، وشجره الذهب الرطب، وورقُه الزمرد، فيخرُج أهل الجنَّة مستبشِرين مسرورين، فثَمَّ يجمعهم وثَمَّ كرامة الله والنظر إلى وجهه، وهو موعد الله أنجَزَه لهم، فيأذن الله لهم في السَّماع والأكل والشرب، ويُكسَوْن حُلَلَ الكرامة، ثم يُنادي مُنادٍ: يا أولياء الله، هل بقي ممَّا وعدَكُم الله (ربكم) شيء؟ فيقولون: لا، وقد أنجزنا ما وعدنا، فما بقي شيءٌ إلا النظر إلى وجهه، فيتجلَّى لهم الرَّبُّ - تبارك وتعالى - في حُجُبٍ فيقول: يا جبريل، ارفَعْ حجابي لعبادي كي ينظُروا إلى وجهي، قال: فيرفع الحجاب الأوَّل فينظرون إلى نورٍ من نور الرب فيخرُّون له سُجَّدًّا فيُناديهم الرب: يا عبادي، ارفَعُوا رُؤوسكم؛ فإنها ليستْ بدار عملٍ إنما هي دار ثواب، فيرفع الحجاب الثاني فينظرون أمرًا هو أعظم وأجل، فيخرُّون لله حامِدين ساجِدين، فيُناديهم الربُّ: أنِ ارفَعُوا رُؤوسكم؛ إنها ليست بدار عملٍ، إنما هي دار ثواب ونعيم مقيم، فيرفع الحجاب الثالث فعند ذلك ينظُرون إلى وجه ربِّ العالمين فيقولون حين ينظرون إلى وجهه: سُبحانك ما عبدناك حقَّ عبادتك، فيقول: كرامتي أمكنتكم من النظر إلى وجهي وأحلَّتْكم داري، فيأذن الله للجنة: أنْ تكلَّمي، فتقول: طُوبى لمن سكنني، وطُوبى لمن يخلد فِيَّ، وطوبي لمن أُعدِدت له؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 29] وقوله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]، (انظر: ابن القيم ص424).​

6- ما بين أهل الجنَّة والنَّظر إلى وجه الله الكريم:
وفي الصحيحين من حديث أبي مُوسى - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((جنَّتان من ذهبٍ آنيتهما وحليتهما وما فيهما، وجنَّتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أنْ ينظُروا إلى ربهم إلا رِداء الكِبرياء على وجهه في جنَّة عدن)).​

7- طيب ومسك وحُسن وجمال وأعياد:
ذكر الدَّارمي عن جَرِير بن عبدالحميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالله بن الحارث، عن كعبٍ قال: ما نظَر الله إلى الجنَّة إلا قال: طيبي لأهلك، فزادَتْ طيبًا على ما كانت، وما من يومٍ كان عيدًا في الدُّنيا إلا يخرُجون في مِقداره إلى رياض الجنَّة، ويبرز لهم الرَّبُّ - تبارك وتعالى - وينظُرون إليه وتسفى (تحمل) عليهم الريح بالطيب والمسك فلا يسألون ربهم - تبارك وتعالى - شيئًا إلا أعطاهم، فيَرجِعون إلى أهلهم وقد ازدادوا على ما كانوا عليه من الحُسن والجمال سبعين ضعفًا.​

8- خدم ونعيم وسُرر مسيرة ألف سنة:
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ أدنى أهل الجنَّة منزلة مَن يَنظُر إلى خدمه ونعيمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله مَن ينظُر إلى وجهه غدوة وعشيَّة، ثم تلا هذه الآية: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

9- النظرة إلى وجه الرحمن تُنسِي كلَّ نعيم:
ذكر الدارمي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - رفعه إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ أهل الجنَّة إذا بلَغ منهم النعيم كلَّ مبلغ وظنُّوا ألا نعيم أفضل منه تجلَّى لهم الرب - تبارك وتعالى - فنظروا إلى وجه الرحمن فنسوا كلَّ نعيم عايَنُوه حين نظَرُوا إلى وجه الرحمن)).​

10- الله يُجالس ويُحادث أهل الجنَّة:
ذكر النسائي من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: "... فإنَّكم سترَوْن ربكم حتى إنَّ أحدكم ليُحاضره محاضرة فيقول: عبدي، هل تعرفُ ذنب كذا وكذا؟ فيقول: يا رب، ألم تغفرْ لي؟! فيقول: بمغفرتي صِرتَ إلى هذا".​

11- رضوان بلا سخط أبدًا:
في الصحيحين من حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيدٍ الخُدري - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله تعالى يقولُ لأهل الجنَّة: يا أهل الجنَّة فيقولون: لبَّيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رَضِيتم؟ فيقولون: ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحدًا من خلقك! فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب، وأيُّ شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدًا)).​

12- النَّظر إلى وجه الله أحبُّ شيءٍ أعطاه الله لأهل الجنَّة:
في الصحيح والسنن والمسانيد عن صُهَيْبٍ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا دخَل أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ نادى مُنادٍ: يا أهل الجنَّة، إنَّ لكم عند الله موعدًا يريدُ أنْ يُنجِزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يُبيِّض وجوهنا، ويثقل موازيننا، ويُدخلنا الجنَّة، ويُجِرنا من النار؟! فيكشفُ الحجاب فيَنظُرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحبَّ إليهم من النَّظر إليه ولا أقرَّ لأعينهم)).​

13- السبيل إلى رؤية الله - عزَّ وجلَّ -:
في "صحيح البخاري" من حديث جرير بن عبدالله قال: كُنَّا جُلوسًا عند النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ نظَر إلى القمر ليلة البدر فقال: ((إنَّكم سترَوْن ربكم كما ترَوْن هذا القمر لا تُضامون (أي: لا يلحق بكم ضيمٌ) في رؤيته، فإنِ استطعتُم ألا تُغلَبوا على صلاةٍ قبل طُلوع الشمس وقبل غُروبها فافعَلُوا)).​

14- الله يجمَعُ الناس يومَ القيامة في صعيدٍ واحد ويَأمُر كلَّ إنسان أنْ يتبع ما يَعبُدُ:
وفي الصحيحين من حديث الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - أنَّ الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربَّنا يومَ القيامة؟ فقال رسول الله: ((هل تُضارون في القمر ليلةَ البدر؟)) قالوا: لا يا رسول الله، قال: ((فهل تُضارون في الشمس ليس دُوننا سحاب؟)) قالوا: لا يا رسول الله، قال: ((فإنَّكم ترَوْنه كذلك))، وفي لفظ: ((فإنَّكم لا تُضارون في رُؤية ربِّكم إلا كما تضارون في رؤيتهما)).​

روى الترمذيُّ في حديثِ أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يجمَعُ الله الناسَ يوم القيامة في صعيدٍ واحد، ثم يطلع عليهم ربُّ العالمين - تبارك وتعالى - فيقول: ليتبع كلُّ إنسان ما كان يَعبُد؛ فيمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما يعبدون...

15- الله يطلع على المسلمين ويُثبِّتهم:
... ويبقى المسلمون، فيطلع عليهم ربُّ العالمين - تبارك وتعالى - فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذُ بالله منك، نعوذُ بالله منك، الله ربُّنا، هذا مكاننا حتى نرى ربَّنا، وهو يأمُرهم ويُثبِّتهم، ثم يتوارى، ثم يطلع عليهم فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذُ بالله منك، نعوذُ بالله منك، الله ربُّنا، وهذا مكاننا، حتى نرى ربَّنا وهو يأمُرهم ويُثبِّتهم)).

16- الله تعالى يُعرِّف المسلمين بنفسه ثم يمرُّون على الصراط بسرعة:
استكمالاً للحديث السابق: ((... ثم يتَوارَى، ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول: أنا ربُّكم فاتَّبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصراط، فيمرُّون عليه مثل جِياد الخيل والركاب، وقولهم عليه: سلِّم سلِّم)).​

17- يا أهلَ الجنَّة، خلودٌ ولا موت:
من الحديث السابق: ((... ويبقى أهلُ النار، فيُطرَح منهم فيها فوجٌ فيُقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيدٍ، ثم يُطرَح فيها فوجٌ فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيدٍ، حتى إذا أوعبوا فيها (أُدخِلوا فيها جميعًا) وضَع الرحمن - تبارك وتعالى - فيها قدَمَه فأزوى بعضها إلى بعض وقالت: قَطْ قَطْ، فإذا أدخَل الله أهل الجنَّةِ الجنَّةَ وأهل النارِ النارَ أتى بالموت مُلبيًا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنَّة وأهل النار ثم يُقال: يا أهل الجنَّة، فيطلعون خائفين، ثم يُقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة، فيُقال لأهل الجنَّة والنار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون - هؤلاء وهؤلاء -: قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا، فيُضجَع فيُذبَح ذبحًا على السور، ثم يُقال: يا أهل الجنَّة، خُلودٌ ولا موت، ويا أهل النار، خُلودٌ ولا موت)).
قال الترمذي: حسن صحيح، وأصله في الصحيحين، لكنَّ هذا السياق أجمع وأخصر (ابن القيم).​

18- لو أنَّ أحدًا مات فرحًا لمات أهل الجنَّة:
في لفظ الترمذي من الحديث السابق: ((فلو أنَّ أحدًا مات فرحًا لمات أهل الجنَّة، ولو أنَّ أحدًا مات حُزنًا لمات أهل النار)).​

19- المسلمون أقرب الناس منزلةً إلى الله:
في "مسند الحارث بن أبي أسامة" من حديث قرَّة عن مالك، عن زياد بن سعد، حدَّثنا أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - يقول: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إذا كان يوم القيامة جُمِعت الأمم ودُعِي كلُّ أناس بإمامهم، فجِئنا آخِر الناس فيقول قائلٌ من الناس: مَن هذه الأمَّة؟ قال: فيُشرف إلينا الناس فيُقال: هذه الأمَّة الأمينة، هذه أمَّة محمد، وهذا محمد في أمَّته، فيُنادي مُنادٍ: إنَّكم الآخِرون الأوَّلون، قال: فنأتي فنتخطَّى رِقاب الناس حتى نكون أقرَبَ الناس إلى الله تعالى منزلةً...

20- اليهود إلى جهنَّم:
... ثم يُدعى الناس، كلُّ أناسٍ بإمامهم، فيُدعى اليهود فيُقال: مَن أنتم؟ فيقولون: نحن اليهود، فيقول: مَن نبيُّكم؟ فيقولون: نبيُّنا موسى، فيقول: ما كتابكم؟ فيقولون: كتابنا التوراة، فيقول: ما تعبدون؟ فيقولون: نعبُد عُزَيْرًا ونعبُد الله، فيقول للملأ حوله: اسلُكوا بهم في جهنَّم...


21- النصارى إلى جهنم:
ثم يُدعَى النَّصارى فيقول: مَن أنتم؟ فيقولون: نحن النصارى، فيقول: مَن نبيُّكم؟ فيقولون: نبيُّنا عيسى، فيقول: ما كتابكم؟ فيقولون: كتابنا الإنجيل، فيقول: ما تعبدون؟ فيقولون: نعبُد عيسى وأمَّه والله، فيقول للملأ حوله: اسلُكوا بهم إلى جهنَّم...


22- آلهة الخشب والحجارة والشمس والقمر والدجال:
... ثم يُدعَى كلُّ أناسٍ بإمامهم وما كانوا يعبدون، ثم يصرخ الصارخ: أيها الناس، مَن كان يعبد إِلَهًا فليتَّبعه، تقدمهم آلهتهم منها الخشب والحجارة ومنها الشمس والقمر ومنها الدَّجَّال...


23- المسلمون خير اسم وخير داعية:
... حتى تبقى المسلمون فيقف عليهم فيقول: مَن أنتم؟ فيقولون: نحن المسلمون، قال: خير اسم وخير داعية، فيقول: مَن نبيُّكم؟ فيقولون: محمد، فيقول: ما كتابكم؟ فيقولون: القُرآن، فيقول: ما تعبدون؟ فيقولون: نعبُد الله وحدَه لا شريك له، قال: سينفعكم ذلك إنْ صدقتم، قالوا: هذا يومنا الذي وعدنا، فيقول: أتعرفون الله إذا رأيتموه؟ فيقولون نعم...


24- المسلمون يعرفون الله ويخرُّون له سجدًا:
... فيقول: وكيف تعرفونه ولم ترَوْه؟ فيقولون: نعلم أنَّه لا عدل له قال: فيتجلَّى لهم - تبارك وتعالى - فيقولون: أنت ربُّنا - تباركت أسماؤك - ويخرُّون له سُجَّدًا، ثم يمضى النور بأهله)).

25- الله يتجلَّى ضاحكًا:
في "مسند الإمام أحمد" - رضي الله عنه - من حديث أبي الزبير قال: سألت جابرًا عن الورود فأخبرني أنَّه سمع رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((يَجِيء يوم القيامة على كوم (تل مرتفع) فوق الناس، فتُدعَى الأمم بأوثانها وما كانت تعبُدُ، الأوَّل فالأوَّل، ثم يأتينا ربُّنا بعد ذلك فيقول: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربَّنا فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: حتى ننظُر إليك فيتجلَّى لهم يضحَكُ فيتَّبعونه)).​

26- يهودي أو نصراني مكان كلِّ مسلم في النار:
في حديثٍ ذكَرَه الدارمي عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((... أبشِرُوا مَعشَرَ المسلمين، فإنَّه ليس منكم أحدٌ إلا وقد جعلت مكانَه في النار يهوديًّا أو نصرانيًّا)).​

27- سوق الجنَّة:
في الترمذي من حديث الأوزاعي عن سعيد بن المسيب أنَّه لقي أبا هريرة - رضي الله عنه - فقال أبو هريرة: أسأل الله تعالى أنْ يجمع بيني وبينك في سوق الجنَّة، فقال سعيد: أوَفِيها سوق؟ قال: نعم...​

28- في سوق الجنَّة يزور الناس الله تعالى وتُوضع لهم منابرُ من لؤلؤ وياقوت وذهب، ويجلس أدناهم على كثبان المسك والكافور:
... أخبرني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ أهل الجنة إذا دخلوها (أي: السوق) نزَلُوا فيها بفضل أعمالهم، فيُؤذن لهم في مِقدار يوم الجمعة من أيَّام الدنيا فيزورون الله - تبارك وتعالى - فيبرز لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم - وما فيهم دنيءٌ - على كثبان (تلال) المسك والكافور، ما يرون أنَّ أهل الكراسي أفضل منهم مجلسًا.​

29- سحابة تُمطِرُ طيبًا:
في حديثٍ لأبي هريرة - رضي الله عنه - عن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((... فبينا هم على ذلك (في يوم القيامة بعد أنْ يرَوْا ربَّهم ويُحاضروه) غشيَتْهم سحابةٌ من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبًا لم يجدوا مثل ريحه شيئًا قطُّ...​

30- تحفُّ الملائكة بسوق الجنَّة ويحمل إلى الناس ما يشتهونه بلا بيع ولا شراء:
... ثم يقول: قُوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخُذُوا ما اشتهيتُم، فنأتي سُوقًا قد حفَّت به الملائكة فيه ما لم تنظُرِ العيون إلى مثله، ولم تسمَعِ الآذان، ولم يخطرْ على القلوب، فيحمل إلينا ما اشتهَيْنا ليس يُباع فيه شيءٌ ولا يُشتَرى...​

31- لباس حسن:
... وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنَّة بعضهم بعضًا فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة فيَلقَى مَن هو دونه - وما فيهم دني - فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخِر حديثه حتى يتمثَّل عليه أحسن منه، وذلك أنَّه لا ينبغي لأحدٍ أنْ يحزن فيها...​

32- النساء تُلاحظنَ جمال وطيب أزواجهنَّ:
... ثم ننصرفُ إلى مَنازلنا فتتلقَّانا أزواجنا فيَقُلن: مرحبًا وأهلاً، لقد جئت وإنَّ بك من الجمال والطيب أكثر ممَّا فارقتنا عليه، فيقول: إنَّا جالسنا اليوم ربَّنا الجبار، ويَحِقُّنا أن ننقلب بمثْل ما انقلَبْنا)).​

33- أهل الجنَّة يزورُون الله تعالى كلَّ جمعة:
عن يعقوب بن سُفيان في "مسنده" عن عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يزورُ أهلُ الجنَّة الربَّ - تبارك وتعالى - في كلِّ يوم جمعة)) وذكر ما يُعطَوْن.​

34- مشهد يوم الجمعة في الآخِرة: هبوط الجبَّار من عرشه ثم ارتفاعه إلى كرسيِّه وحاجة أهل الجنَّة إلى العلماء في الجنة:
قال عثمان بن سعيد: حدثنا هشام بن خالد الدمشقي، وكان ثقةً، حدثنا محمد بن شعيب بن شاور، حدثنا عمر بن عبدالله مولى غفرة، عن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((جاءني جبريلُ وفي كفِّه مِرآة فيها نكتة (النقطة السوداء في الأبيض أو البيضاء في أسود) سوداء، فقلت: ما هذه يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة أرسل بها إليك ربك فتكون هدى لك ولأمَّتك من بعدك، فقلت: وما لنا فيها؟ قال: لكم فيها خيرٌ كثير، أنتم الآخِرون السابقون يوم القيامة، وفيها ساعة لا يُوافقها عبد مؤمن يُصلِّي يسأل الله خيرًا هو له قسم إلا أتاه، ولا خيرًا ليس له بقسم إلا دُخر له أفضل منه، ولا يستعيذُ بالله ما هو مكتوب عليه إلا دفع عنه أكثر منه، قلت: ما هذه النكتة السوداء؟ قال: هذه الساعة يوم تقوم القيامة، وهو سيِّد الأيام، ونحن نُسمِّيه عندنا يوم المزيد، قلت: ولِمَ تسمونه يوم المزيد يا جبريل؟ قال: لأنَّ ربَّك اتَّخذ في الجنَّة واديًا أفيح (فسيح) من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة من أيَّام الآخِرة هبَط الجبَّار عن عرشه إلى كرسيِّه إلى ذلك الوادي وقد حفَّ الكرسي بمنابر من نور يجلسُ عليها الصِّدِّيقون والشُّهَداء يوم القيامة، ثم يجيءُ أهل الغُرَف حتى يحفُّوا بالكثيب، ثم يبدو لهم ذو الجلال والإكرام - تبارك وتعالى - فيقول: أنا الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نِعمتي، وأحللتكم دار كرامتي، فسَلُوني، فيقولون: بأجمعهم نسألك الرضا عنَّا، فيشهد لهم على الرضا، ثم يقول لهم: سَلُوني، فيسألونه حتى ينتهي نهمة كلِّ عبد منهم، ثم يقول: سَلُوني، فيقولون: حسبُنا ربنا، رضينا، فيرجع الجبَّار - جلَّ جلاله - إلى عرشه فيفتح لهم بقدر إشْراقهم من يوم الجمعة ما لا عين رأت، ولا أذُن سمعت، ولا خطَر على قلب بشر.​

ويرجعُ أهل الغُرَفِ إلى غُرَفِهم وهي غُرفةٌ من لؤلؤةٍ بيضاء وياقوتة حمراء وزمرُّدة خضراء ليس فيها قصم (كسر) ولا وصم (عيب)، مطَّردة أنهارها، متدلِّية فيها ثمارها، فيها أزواجُها وخدمها ومساكنها، فليسوا إلى يومٍ أحوج منهم إلى يوم الجمعة؛ ليزدادوا فضلاً من ربهم ورضوانًا)).​

وفي حديثٍ آخَر كلُّ رواته عن أنسٍ وصحَّحه جماعةٌ من الحُفَّاظ زاد الشافعي في "مسنده" في آخِره: ((... ثم يرتفعُ على كرسيِّه ويرتفع معه النبيُّون والصِّدِّيقون والشُّهَداء، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم)).​

وروى محمد بن الزبرقان، عن مقاتل بن حيان، عن أبي الزبير، عن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ أهل الجنَّة ليحتاجون إلى العُلَماء في الجنَّة كما يحتاجون إليهم في الدُّنيا؛ وذلك أنهم يزورون ربهم في كلِّ جمعة فيقول لهم: تمنَّوا، فيقولون: وما نتمنَّى وقد أدخلتنا الجنَّة، وقد أعطَيْتَنا ما أعطَيْتَنا؟! فيُقال لهم: تمنَّوا، فيلتفتون إلى العلماء...)) وذكَر الحديث في قصَّة الجمعة.​

هذه هي بعض المشاهد النورانيَّة التي تحدُث حينما يأمُر الله - عزَّ وجلَّ - جبريلَ - عليه السلام - بأنْ يرفع حِجابَه ليراه عبادَه، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبِه وسلَّم.​


اللهم اجعلنا من اهل الفردوس الأعلى
وارزقنا يا ربنا لذة النظر الى وجهك الكريم سبحانك
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

المشفقة

عضو مميز
إنضم
20 فبراير 2012
المشاركات
231
النقاط
18
احفظ من كتاب الله
كاملا بحمد الله
القارئ المفضل
مشاري العفاسي
الجنس
اخت
بوركت أختي الغالية

وجزاك الله خيراً

ورزقنا وإياكم الفردوس الأعلى

ولذة النظر الى وجهه الكريم بكرمه ورحمته


سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
بوركت أختي الغالية

وجزاك الله خيراً

ورزقنا وإياكم الفردوس الأعلى

ولذة النظر الى وجهه الكريم بكرمه ورحمته


سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
آمين يارب العالمين

سلمتِ معلمتنا الحبيبة
جزاك الباري سبحانه كل الخير
جُل الثناء لمرورك الكريم
 
أعلى