تابع كتاب المفتاح ........................14
باب يذكر فيه ما استثناه السوسي من الهمز الساكن في جميع القرآن
اعلم أن السوسي كان يترك كل همزة ساكنة إلا أن يكون فيها علة من أحد علل خمس وهن :
أن يكون سكونها علم للجزم أو للبناء أو يوقع الالتباس ما لا أصل له في الهمز , أو يكون ترك همزه أثقل من همزه , أو مخوج من لغة إلى لغة , وتجتمع هذه العلل ثلاثا وثلاثين همزة متفرقات فيهن .
أولهن : في سورة البقرة : ( يا آدم أنبئهم ) وفيها : ( أو ننسأها ) , وفي آل عمران : ( تسؤهم ) , وفي النساء : ( إن يشأ يذهبكم ) , وفي المائدة : ( تسؤكم ) , وفي الأنعام : ( ومن يشأ يجعله ) وفيها : ( إن يشأ يذهبكم ) , وفي الأعراف : ( أرجئه ) , وفي سورة براءة : ( تسؤهم ) , وفي يوسف : ( نبئنا بتأويله ) , وفي إبراهيم : ( إن يشأ يذهبكم ) , وفي الحجر موضعان : ( نبئ عبادي ) و ( نبئهم ) , وفي سبحان ثلاثة مواضع : ( اقرأ كتابك ) و ( إن يشأ يرحمكم ) و ( إن يشأ يعذبكم ) , وفي الشعراء موضعان : ( إن نشأ ننزل ) و ( أرجئه ) , وفي الأحزاب موضع واحد : ( تؤوي إليك ) , وفي المعارج : ( التي تؤويه ) , وفي سبأ : ( إن نشأ نخسف ) , وفي فاطر : ( إن يشأ يذهبكم ) , وفي يس : ( إن نشأ نغرقهم ) , وفي عسق : ( إن يشأ يسكن الريح ) , وفي والنجم : ( أو لم ينبأ ) , وفي القمر : ( نبئهم ) , وفي البلد : ( مؤصدة ) , ومثله في الهمزة .
وكان السوسي إذا أثر ترك الهمز , همز هذه المواضع كلها لعلل يأتي شرحها بعد هذا إن شاء الله .
زاد البصريون في هذه الهمزات قوله في سورة الأنعام : ( من بشأ الله يضلله ) , وفي عسق : ( فإن يشأ الله يختم ) و وهما } .....{ في خبر الهمز المتحرك فلا معنى لذكرها في هذا الباب .
فصل
واعلم أن استثناء السوسي للهمزات المقدمات الذكر أنها كانت للعلل المجموعة أولا , فاستثناؤه : ( إن يشأ يذهبكم ) وما جانسه , و ( تسؤهم ) لأن كلمة : ( " يشأ " " تؤهم " همزة مضمومة قبلها حرف ساكن , فلما وصل } ...{ أذهب الضمة , فالتقى ساكنان بحذف الحرف الذي قبل الهمزة } ... { , فلو حذف الهمز لكان قد حذف من الكلمة ثلاثة أشياء , فيكون ذلك إجحافا .
وأما استثناؤه : ( نبئهم ) و ( نبئ ) , فليس فيهم حذف , لكنه لما حذف الحركة } ...{ كره أن تذهب الهمزة فيكون بذلك قد أخطأ شيئين من الكلمة , فيكون ذلك إخلالاً بها .
وأما استثناؤه : ( ورئيا ) و ( مؤصدة ) , فليسا من هذا في شيء , فإنما همز ( ورئيا ) لأنه عنه من " الرواة " الذي هو " النظر " , لو ترك الهمز لكان من " الريّ " الذي هو ضد العطش , وهمز " مؤصدة " , لأنها عنده من الصوت إذا أصقبت , فلو ترك الهمز لكان من " أوصدت " .
وأما استثناؤه : ( تؤوي إليك ) و ( تؤويه ) فمن أجل أنه إنما ترك الهمز الساكن في جميع القرآن لتقبلها , وإنما تخرج بها بكلفة واجتهاد عند النطق بها , حتى إن يستقر بها أنزلها منزلة التهوع , وأنزلها الكوفيون منزلة النقلة , فلو ترك همزة ( تؤويه ) لكان قد فر من ثقيل إلى ما هو أثقل منه , وكان يلفظ عند ترك الهمز بواو ساكنة بعدها واواً مكسورة بعدها ياء ساكنة , فيكون أثقل مما فرَّ منه .
باب الهمزة المتحركة
وهي تكون فاءً وعيناً ولاماً في الأسماء والأفعال .
أما الهمزة المتحركة التي تكون ما في الأسماء والأفعال فإنها تأتي على ضربين :
الأول : أن تكون حركتها قبلها من جنسها نحو : ( مآب ) و ( فأذن ) و ( تأخر ) .
فاجمعوا على همزها حيث وقعت في الحالين , إلا أني قرأت لحمزة بالهمز , ويترك الهمز في حال الوقف .
الضرب الثاني : أن يكون ما قبل الهمزة مخالف لإعرابها , نحو : ( مؤصدة ) و ( مؤلفة ) و ( تؤزهم ) و ( يؤوسا ) و ( يؤوده ) , فكان ورش يترك همز هذا الباب كله إلا ( يؤوده ) فلا خلاف عنه , و ( تؤزهم ) و ( يؤوسا ) بخلاف عنه .
حمزة يترك همز جميع ذلك كله في حال الوقف دون أن يلفظ بواو .
الباقون : يهمزون جميع الباب في الحالين .
ومن هذا الباب كلمات قد اختلف عن القراء فيهن , فسيأتي ذكرهن في مواضعهن إن شاء الله .
فصل
وأما الهمزة التي تكون عينها من الفعل في الأسماء والأفعال فنحو : ( يسأل ) و ( يسألونك ) و ( أرأيت ) و ( يسأمون ) و ( فؤادك ) , وما أشبه ذلك , فكان حمزة يترك جميع ذلك , وما جاء في الوقف ويهمز في الوصل .
وفي هذا الباب خلاف بين القراء نحو : ( واسأل ) و ( أرأيت ) و ( استيأس ) , وما أشبه ذلك , وسأذكر ذلك في مواضعه إن شاء الله .
فصل
وأما الهمزة التي تكون لاماً من الفعل فنحو : ( يستهزئون ) و ( متكئون ) و ( خاطئون ) و " قارئون " , وما أشبه ذلك , وكان حمزة يحقق جميع ذلك , ويلينه في الوقف بخلاف عنه في صفة التليين , نذكره في باب الوقف لحمزة مجرداً ليكون أسهل للحفظ .
باب الهمزة المتحركة تكون في أول الكلمة
اعلم أنهم اتفقوا على همز الهمزة التي تقع في أول الكلمة نحو : ( أنعمت ) و ( أنت ) و ( لأنهم ) , وما أشبه ذلك , إلا أن ورشاً كان ينقل حركة الهمز إلى الساكن قبلها إذا كانا من كلمتين , سواء كان الساكن حرفاً من أصل الكلمة أو تنوينا نحو : ( قد أفلح ) و ( من آمن ) و ( جديد افترى ) و ( عذاب أليم ) , وما أشبه ذلك .
وأما استثناؤه في سورة الحاقة : ( كتابيه إني ظننت ) , فلم ينقل إلا أنها هاء وقف , وقد قرأت له في هذا الموضع بنقل الحركة .
فصل
فإن كان الساكن قبل الهمزة حرف مد ولين وهو الواو الساكنة المضموم ما قبلها , والياء الساكنة المكسور ما قبلها , والألف ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا, لم ينقل إليهن الحركة , فإن كان الحرف الساكن والهمزة في كلمة , لم ينقل حركة الهمزة إليه نحو : ( يسألون ) و ( يسأم ) إلا أن يكون الساكن لام التعريف , فإنه ينقل إليه الحركة نحو : ( الأرض ) و ( الآخرة ) و ( الإنسان ) وما أشبه ذلك , وفي حرف واحد في القرآن في غير لام التعريف قوله تعالى : ( ردءاً يصدقني ) ووافقه قالون على نقل الحركة إلى الساكن في موضعين في سورة يونس : ( ءالآن ) , ( ءالآن ) , وقد قرأته له بالهمز فيها من غير نقل الحركة .
