- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
المسح على الخفين والحوائل
تعريف المسح :المسح لغةً هو مصدر مسح ، ومعناه إمرار اليد على الشيء بسطاً .، والمسح على الخفين : إصابة البلل لخف مخصوص في محل مخصوص وزمن مخصوص . ([1])
والخف :نعل من أدم ( جلد ) يغطى الكعبين ، وجمعه خفاف بكسر الخاء ، والكعبين : العظمتان البارزتان عند ملتقى الساق بالقدم .
مشرعيتة :ثبتت مشروعية المسح على الخفين بالسنة النبوية المتواترة عن النبي ﷺ ، وإجماع أهل العلم عليه .، وقد روى مشروعية المسح على الخفين أكثر من ثمانين من الصحابة رضي الله عنهم من العشرة . ([2])
أما السنة :
فعن هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ t «بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى» فَسُئِلَ، فَقَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا» قَالَ إِبْرَاهِيمُ: «فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ»([3]) . وذلك بعد نزول آية المائدة التي فيها قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ والتي قيل أنها ناسخة للمسح .
وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t، قَالَ: «بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ نَزَلَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنْ إِدَاوَةٍ كَانَتْ مَعِي، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ»([4]) .
وعَنْ عَلِيٍّ t، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ»([5]) .
تعريف المسح :المسح لغةً هو مصدر مسح ، ومعناه إمرار اليد على الشيء بسطاً .، والمسح على الخفين : إصابة البلل لخف مخصوص في محل مخصوص وزمن مخصوص . ([1])
والخف :نعل من أدم ( جلد ) يغطى الكعبين ، وجمعه خفاف بكسر الخاء ، والكعبين : العظمتان البارزتان عند ملتقى الساق بالقدم .
مشرعيتة :ثبتت مشروعية المسح على الخفين بالسنة النبوية المتواترة عن النبي ﷺ ، وإجماع أهل العلم عليه .، وقد روى مشروعية المسح على الخفين أكثر من ثمانين من الصحابة رضي الله عنهم من العشرة . ([2])
أما السنة :
فعن هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ t «بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى» فَسُئِلَ، فَقَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا» قَالَ إِبْرَاهِيمُ: «فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ»([3]) . وذلك بعد نزول آية المائدة التي فيها قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ والتي قيل أنها ناسخة للمسح .
وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t، قَالَ: «بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ نَزَلَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنْ إِدَاوَةٍ كَانَتْ مَعِي، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ»([4]) .
وعَنْ عَلِيٍّ t، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ»([5]) .
أما الإجماع :
قال ابن المنذر في الأوسط 1/433 : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، وكل من لقيت منهم على القول به ، وعن ابن المبارك : أنه ليس فى المسح على الخفين خلاف أنه جائز . اهـ ، وقال ابن بطال : اتفق العلماء على جواز المسح على الخفين ، وقالت الخوارج : لا يجوز أصلاً لأنه لم يرد في القرآن ، وقالت الشيعة : لا يجوز لأن علياً أمتنع منه . ([6])
قال أبو عمر ابن عبد البر : فيه الحكم الجلل الذي فرق بين أهل السنة وأهل البدع ، وهو المسح على الخفين ، لا ينكره إلا مبتدع خارج على جماعة المسلمين ، فأهل الفقه والأثر لا خلاف بينهم . ([7])
وقال النووي : أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر ، سواء كان لحاجة أو غيرها ، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يعتد بخلافهم . ([8])
الحكمة منه :
التيسير والتخفيف ورفع المشقة عن المكلفين الذين يشق عليهم نزع الخف وغسل الرجلين ، خاصة في أوقات الشتاء والبرد الشديد ، وفى السفر وما يصاحبه من الاستعجال ومواصلة السفر .
حُكمُ المسح على الخفين : الأصل في المسح على الخفين الجواز ثم اختلف العلماء هل المسح
أفضل أم الغسل على قولين .
القول الأول : أن الغسل أفضل : وإليه ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية ، وهو مروى عن عمر وابنه عبد الله وأبو أيوب الأنصاري .
قالوا لأنه المفترض فى كتاب الله ، والمسح رخصه فالغاسل مؤدٍ ما فترض عليه ، والماسح فاعل ما لما أبيح له .
القول الثاني : أن المسح أفضل : وهو مذهب الحنابلة ، وهو قول الشعبي وحماد والحكم وإسحاق وابن أبى ليلى والنخعى . ([9])
قالوا ذلك لأنها من السنن الثابتة عن النبي ﷺ ، وقد طعن فيها طوائف من أهل البدع فكان إحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من إماتته .
واحتجوا بحديث ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»([10]) . وفى رواية عن ابن عباس «كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» .
وحديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: « مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنَ الْآخَرِ، إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا »([11]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والأفضل لكل أحد بحسب قدمه؛ فللابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه، اقتداء بالنبي ﷺ وأصحابه، ولمن قدماه مكشوفتان: الغسل، ولا يتحرى لبسه ليمسح عليه، وكان النبي ﷺ يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح إذا كان لابس الخفين . ([12])اهـ
مدة المسح على الخفين في الحضر والسفر : اختلف الفقهاء في مدة المسح على قولين .
الأول : مدة المسح في الحضر يومٍ وليلةٍ ، وفى السفر ثلاثة أيام وليليها : وإليه ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية في الجديد والحنابلة والظاهرية ، وهو قول عمر وعلى وابن مسعود وابن عباس ، وشريح وعطاء والثوري والأوزاعى وإسحاق واختاره ابن المنذر . ([13])
واستدلوا بحديث شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»([14]).
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ t « أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ:
ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ وَلَيَالِيهِنَّ ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ » ([15]).
وعن صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ t قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا أَوْ مُسَافِرِينَ أَلَّا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إِلَّا مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ»([16])
وقد رأى الشافعية والحنابلة أن المسافر سفر معصية يمسح يوماً وليلة كالمقيم ، لأن ما زاد ما زاد يستفيده بالسفر وهو معصية فلا يجوز أن يستفاد بها رخصة . ([17])
والثاني : لا حد في مدة المسح بيوم أو ليلة ولا أكثر ولا أقل :بل يمسح أبداً ولو لمعصية إلا من جنابة ، ويندب للمكلف نزعهما كل أسبوع مرة يوم الجمعة ، فإذا نزعهما لسبب أو غيره وجب عليه غسل الرجلين .، واليه ذهب المالكية وحكي عن الليث وربيعة . ([18])
واستدلوا بحديث أَبِي عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ t، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ لِلْقِبْلَتَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمًا؟ قَالَ: «نَعَمْ وَيَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَثَلَاثَةً»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَثَلَاثَةً؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَمَا شِئْتَ» ([19]) .
وحديث خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ t، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «امْسَحُوا عَلَى الْخِفَافِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَلَوْ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا .([20])
وأجيب : عن الأول بأنه ضعيف لا يحتج به ، وعن الثاني بأن فيه أبو عبد الجدلي وهو ضعيف
رمى بالتشيع ، ولو صح لما كان حجة ، لأنه ليس فيه أن النبي ﷺ أباح المسح أكثر من ثلاث ، ولكن قول الراوي لو استزدناه لزادنا ، وهذا ظن وغيب لا يحل القطع به في أخبار الناس ، فكيف في دين الله إلا أنه صح من هذا اللفظ أن السائل لم يتماد فلم يزدهم شيئاً ، فصار الخبر لو صح حجة لنا عليهم ، ومبطلاً لقولهم . ([21])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولا تتوقف مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين . ([22]) اهـ
قلت : قول الجمهور بالتوقيت هو الأقوى دليلاً والأحوط عملاً . والله أعلم
بداية مدة المسح عند من قال بالتوقيت :
تقدم أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن مدة المسح يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ورجحناه ، وقد اختلفوا متى يبدأ حساب هذه المدة على أقوال :
الأول : أنه يبدأ من أول حدث بعد اللبس : وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد وقول سفيان الثوري . ([23])
قالوا بأن الذي أبيح له المسح فيه ، وجب خلع الخف . المسح رخصة ، فلما أحدث هذا فأبيح له المسح ، ولم يمسح وترك ما أبيح له إلى أن جاء الوقت الذي أحدث فيه ، فقد تم الوقت .
الثاني : أنه يبدأ من أول مسح بعد الحدث :وهو قول أحمد بن حنبل والأوزاعى وداود ، واختاره ابن المنذر والنووي ، ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين والألباني .([24]) وهو الراجح لظاهر الحديث .والله أعلم
وقد استدلوا بقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ : «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً» . قالوا وظاهر الحديث يدل على أن الوقت في ذلك وقت المسح لا وقت الحدث ، وليس للحدث ذكر في شيء من الأخبار ، فلا يجوز أن يعدل عن ظاهر قول النبي ﷺ .، وقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ: «يَمْسَحُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَوَضَّأَ فِيهَا»
الثالث : أن المقيم يمسح خمس صلوات والمسافر خمس عشرة صلاة لا أكثر : وهو قول إسحاق والشعبي وسليمان بن داود وأبو ثور . ([25])
مسائل تتعلق بمدة بالمسح :
1- إذا مسح المقيم ثم سافر : فيه قولان للعلماء . ([26])
الأول : له أن يتم ثلاثة أيام ولياليهن من وقت مسحه وهو مقيم : وإليه ذهب الحنفية ورواية عن أحمد ، به قال الثوري واختاره ابن حزم .
الثاني : له أن يمسح حتى يتم يوم وليلة لا يزيد على ذلك : وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
قلت : والراجح القول الأول ، لظاهر قول النبي ﷺ يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ ، وهذا سافر بمسح لم تنتهي مدته ، وقد خرج من رخصة ضيقه إلى رخصه أوسع منها ، والحكمة من التشريع التيسير ورفع المشقة فلا يعدل عنه إلا بنص . والله أعلم
2- إذا مسح في السفر ثم أقام :
قال ابن المنذر في الأوسط 1/446 : أجمع كل من يقول بالتحديد في المسح من أهل العلم
، أن من مسح ، ثم قدم الحضر خلع خفيه ، إن كان مسح يوماً وليلةً مسافراً ، ثم قدم وأقام فإن
له ما للمقيم ، وإن مسح في السفر أقل من يومٍ وليلةٍ ، مسح بعد قدومه تمام يومٍ وليلةٍ . اهـ
3- إذا انتهت مدة المسح أو نزع الممسوح، فهل تبقي الطهارة أو تنتقض؟اختلف العلماء فيه على عدة أقوال . ([27])
الأول : تبقى طهارته ولا يلزمه شيء، فيُصلي بطهارته ما لم يُحدث : وهو قول الحسن البصري وقتادة وسلمان والنخعى وابن أبى ليلى وداود ، واختاره ابن المنذر والنووي وابن حزم وشيخ
الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين ، وهو الراجح . والله أعلم
الثاني : يلزمه غسل القدمين فقط : وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه والثوري وأبى ثور وأصح القولين عند الشافعي ورواية عن أحمد ، وبه قال عطاء وعلقمة والأسود والمزني .
الثالث : يلزمه الوضوء : وهو قول الزهري والأوزاعى وإسحاق وأصح الروايتين عن أحمد ، وهو محكي عن مكحول والحسن بن صالح والنخعى وابن أبى ليلى .
الرابع : يلزمه الوضوء إن طال الفصل بين النزع وغسل الرجلين، وإلا كفاه غسل الرجلين : وهو مذهب مالك والليث .
قلت : قد ناقش ابن حزم الأقوال الثلاثة الأخيرة وانتصر للقول ببقاء الطهارة فليراجع .([28])
شروط المسح على الخفين :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل لحديث صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ t، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ . ([29])
أما المسح من الحدث الأصغر فقد اشترطوا له شروط سيأتي بيانها على قسمين :
أولاً : الشروط المتفق عليها :
1- أن يلبسهما على طهارة كاملة :لحديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا . ([30])
وقد اختلفوا في بعض الجزئيات : ([31])
فالجمهور غير الشافعية يشترطون الطهارة بالماء ، والشافعية جواز الطهارة بالماء والتيمم وهو الراجح إذا تعذر استعمال الماء ، لأن العبرة هي الطهارة ، وتحدث بالتيمم . والله أعلم
إذا غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف ، ثم غسل الأخرى وأدخلها ، فذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق إلى أن لا يجوز له المسح عليهما ، بينما ذهب أبو حنيفة وأبو ثور وأحمد فى رواية والثوري وداود والمزني ، واختاره ابن المنذر وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية ، إلى أنه يجوز له المسح عليها لأنه يصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين . وهو الراجح عندي ، والأحوط العمل بقول الجمهور إن لم تستدعيه الحاجة إلى فعل ذلك . والله أعلم
2- أن يكون الخف طاهراً :فلا يجوز المسح على خف نجس كجلد الميتة قبل الدبغ . ([32])
3- أن يكون الخف ساتراً لمحل الفرض : فلا يجوز المسح على خف غير ساتر للكعبين مع القدم . ([33])
4- إمكان متابعة المشي فيه بحسب المعتاد:وتقدير ذلك محل خلاف . ([34])
فقال الحنفية : أن يكون الخف مما يمكن متابعة المشي المعتاد فيه فرسخاً فأكثر([35])، فلا يجوز المسح على خف متخذ من زجاج أو خشب أو حديد، أو خف رقيق يتخرق بالمشي. واشترطوا في الخفين : استمساكهما على الرجلين من غير شد .
والمالكية : أن يمكن تتابع المشي فيه عادة، فلا يجوز المسح على خف واسع لا تستقر القدم أو أكثرها فيه، وإنما ينسلت من الرجل عند المشي فيه.
والشافعية : أن يمكن التردد فيه لقضاء الحاجات، للمقيم سفر يوم وليلة، وللمسافر: سفر ثلاثة أيام ولياليهن، وهو سفر القصر؛ لأنه بعد انقضاء المدة يجب نزعه.
وانفرد الحنابلة برأي خاص فقالوا: إمكان المشي فيه عرفاً، ولو لم يكن معتاداً، فجاز المسح على الخف من جلد ولبود وخشب، وزجاج وحديد ونحوها؛ لأنه خف ساتر يمكن المشي فيه، فأشبه الجلود، وذلك بشرط ألا يكون واسعاً يرى منه محل الفرض، أي كما قال الحنفية والمالكية .
ثانياً : الشروط المختلف فيها :
1- الخف المتُخرق : اختلف العلماء فى جواز المسح على الخف الذي به خرق على قولين :
الأول : لا يجوز المسح عليه مطلقاً : مهما كان الخرق صغيراً ، وبه قال الشافعية والحنابلة ،
قالوا لأنه عندئذ لا يكون ساتراً لجميع القدم ، وما انكشف كان حكمه الغسل وما استتر كان حكمه المسح ، ولا يجوز الجمع بين الغسل والمسح فى آنٍ واحد . ([36])
الثاني : أنه يجوز المسح عليه : ما لم يكن الخرق فاحشاً بحيث يكون المشي فيه ممكناً واسمه باقياً وهو قول الجمهور الحنفية والمالكية والشافعي في القديم ، وبه قال داود الظاهري وإسحاق والثوري وأبو ثور ، واختاره ابن المنذر وابن حزم وابن تيميه .([37])وهو الراجح
قالوا : لأن المسح على الخف يدخل فيه كل ما وقع عليه اسم الخف لظاهر أخبار الرسول ﷺ فلا يجوز أن يستثنى من السنن إلا بسنة مثلها أو إجماع ، ولو كان الخرق يمنع من المسح لبينه النبي ﷺ لاسيما مع كثرة فقراء الصحابة في عهده ، والغالب أن لا تخلوا خفافهم من الخروق .
2- أن يكون الخف من الجلد : هذا شرط عند المالكية ، فلا يصح المسح عندهم على خف متخذ من القماش، كما لا يصح عندهم المسح على الجورب وهو ما صنع من قطن أو كتان أو صوف، إلا إذا كسي بالجلد، فإن لم يجلَّد، فلا يصح المسح عليه .
وأجاز الجمهور غير المالكية : المسح على الخف المصنوع من الجلود، أو الخِرَق، أو غيرها، فلم يشترطوا هذا الشرط . وهو الراجح والله أعلم
كيفية المسح وصفته
اختلف العلماء فى صفة المسح على الخفين على قولين :
الأول : يسمح الظاهر والباطن : فإن مسح الظاهر دون الباطن أجزأه ، وإن مسح باطنه دون ظاهره لم يجزئه ، وهو مذهب المالكية والشافعية والزهري وإسحاق ، به قال ابن عمر وعمر بن عبد العزيز ، وهو مروى عن سعد بن أبى وقاص ومكحول. ([38])
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةِ t: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أَسْفَلَ الْخُفِّ وَأَعْلَاهُ»([39]).
الثاني : يمسح ظاهر الخف دون الباطن : وذلك بأن يمسح أكثر أعلى الخف مرة واحدة ، ولا يجزئ مسح أسفله وعقبه ولا يسن ، ولو جمع بين الأعلى والأسفل صَحَّ مع الكراهة .
وهو مذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد والثوري والأوزاعى ، وهو قول عمر بن الخطاب وعلى ابن أبى طالب أنس بن مالك وقيس بن سعد رضي الله عنهم ، وبه قال عروة بن الزبير والحسن والنخعى وعطاء والشعبي واختاره ابن المنذر . ([40])
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ t : «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ»([41])
وحديث عَلِيٍّ t، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ»([42]).
قال ابن المنذر : ولا أعلم أحداً يرى أن مسح أسفل الخف وحده يجزئ من المسح ، وكذلك لا أعلم أحداً أوجب الإعادة على من اقتصر على مسخ أعلى الخف . ([43])
كيفية المسح :الصحيح من أقوال العلماء أن يمسح أكثر مقدم ظاهر الخف خطوطاً بالأصابع من أصابعه إلى ساقه ..
نواقض المسح على الخفين
ينتقض المسح على الخف بكل ما ينقض الوضوء ، لأن المسح بدل عن الوضوء في البعض ، والبد لينقضه ناقض الأصل ، فإذا انتقض وضوءه أعاد ومسح على خفيه إن كانت مدة المسح باقية ، وإلا خلع خفيه وغسل رجليه .
1- كل ما يوجب الغسل : كالجنابة والحيض والنفاس فإذا وجد أحدها وجب نزع الخفين والاغتسال .
2- نزع الخف مع الحدث قبل لبسه : فلو نزع خفه ولو قبل انتهاء المدة ثم أحدث قبل أن يلبسه ، فلا يجوز له أن يمسح عليه حتى يتوضأ ويغسل رجليه ويدخلهما طاهرتين .
3- مضى مدة المسح : وهى يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر ، فإذا انقضت
وجب نزع خفيه ، وقد تقدم بيان أقوال العلماء بيان بقاء الطهارة من عدمه لمن نزع خفيه .
قال ابن المنذر في الأوسط 1/433 : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، وكل من لقيت منهم على القول به ، وعن ابن المبارك : أنه ليس فى المسح على الخفين خلاف أنه جائز . اهـ ، وقال ابن بطال : اتفق العلماء على جواز المسح على الخفين ، وقالت الخوارج : لا يجوز أصلاً لأنه لم يرد في القرآن ، وقالت الشيعة : لا يجوز لأن علياً أمتنع منه . ([6])
قال أبو عمر ابن عبد البر : فيه الحكم الجلل الذي فرق بين أهل السنة وأهل البدع ، وهو المسح على الخفين ، لا ينكره إلا مبتدع خارج على جماعة المسلمين ، فأهل الفقه والأثر لا خلاف بينهم . ([7])
وقال النووي : أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر ، سواء كان لحاجة أو غيرها ، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يعتد بخلافهم . ([8])
الحكمة منه :
التيسير والتخفيف ورفع المشقة عن المكلفين الذين يشق عليهم نزع الخف وغسل الرجلين ، خاصة في أوقات الشتاء والبرد الشديد ، وفى السفر وما يصاحبه من الاستعجال ومواصلة السفر .
حُكمُ المسح على الخفين : الأصل في المسح على الخفين الجواز ثم اختلف العلماء هل المسح
أفضل أم الغسل على قولين .
القول الأول : أن الغسل أفضل : وإليه ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية ، وهو مروى عن عمر وابنه عبد الله وأبو أيوب الأنصاري .
قالوا لأنه المفترض فى كتاب الله ، والمسح رخصه فالغاسل مؤدٍ ما فترض عليه ، والماسح فاعل ما لما أبيح له .
القول الثاني : أن المسح أفضل : وهو مذهب الحنابلة ، وهو قول الشعبي وحماد والحكم وإسحاق وابن أبى ليلى والنخعى . ([9])
قالوا ذلك لأنها من السنن الثابتة عن النبي ﷺ ، وقد طعن فيها طوائف من أهل البدع فكان إحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من إماتته .
واحتجوا بحديث ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»([10]) . وفى رواية عن ابن عباس «كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» .
وحديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: « مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنَ الْآخَرِ، إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا »([11]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والأفضل لكل أحد بحسب قدمه؛ فللابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه، اقتداء بالنبي ﷺ وأصحابه، ولمن قدماه مكشوفتان: الغسل، ولا يتحرى لبسه ليمسح عليه، وكان النبي ﷺ يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح إذا كان لابس الخفين . ([12])اهـ
مدة المسح على الخفين في الحضر والسفر : اختلف الفقهاء في مدة المسح على قولين .
الأول : مدة المسح في الحضر يومٍ وليلةٍ ، وفى السفر ثلاثة أيام وليليها : وإليه ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية في الجديد والحنابلة والظاهرية ، وهو قول عمر وعلى وابن مسعود وابن عباس ، وشريح وعطاء والثوري والأوزاعى وإسحاق واختاره ابن المنذر . ([13])
واستدلوا بحديث شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»([14]).
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ t « أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ:
ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ وَلَيَالِيهِنَّ ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ » ([15]).
وعن صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ t قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا أَوْ مُسَافِرِينَ أَلَّا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إِلَّا مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ»([16])
وقد رأى الشافعية والحنابلة أن المسافر سفر معصية يمسح يوماً وليلة كالمقيم ، لأن ما زاد ما زاد يستفيده بالسفر وهو معصية فلا يجوز أن يستفاد بها رخصة . ([17])
والثاني : لا حد في مدة المسح بيوم أو ليلة ولا أكثر ولا أقل :بل يمسح أبداً ولو لمعصية إلا من جنابة ، ويندب للمكلف نزعهما كل أسبوع مرة يوم الجمعة ، فإذا نزعهما لسبب أو غيره وجب عليه غسل الرجلين .، واليه ذهب المالكية وحكي عن الليث وربيعة . ([18])
واستدلوا بحديث أَبِي عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ t، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ لِلْقِبْلَتَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمًا؟ قَالَ: «نَعَمْ وَيَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَثَلَاثَةً»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَثَلَاثَةً؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَمَا شِئْتَ» ([19]) .
وحديث خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ t، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «امْسَحُوا عَلَى الْخِفَافِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَلَوْ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا .([20])
وأجيب : عن الأول بأنه ضعيف لا يحتج به ، وعن الثاني بأن فيه أبو عبد الجدلي وهو ضعيف
رمى بالتشيع ، ولو صح لما كان حجة ، لأنه ليس فيه أن النبي ﷺ أباح المسح أكثر من ثلاث ، ولكن قول الراوي لو استزدناه لزادنا ، وهذا ظن وغيب لا يحل القطع به في أخبار الناس ، فكيف في دين الله إلا أنه صح من هذا اللفظ أن السائل لم يتماد فلم يزدهم شيئاً ، فصار الخبر لو صح حجة لنا عليهم ، ومبطلاً لقولهم . ([21])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولا تتوقف مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين . ([22]) اهـ
قلت : قول الجمهور بالتوقيت هو الأقوى دليلاً والأحوط عملاً . والله أعلم
بداية مدة المسح عند من قال بالتوقيت :
تقدم أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن مدة المسح يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ورجحناه ، وقد اختلفوا متى يبدأ حساب هذه المدة على أقوال :
الأول : أنه يبدأ من أول حدث بعد اللبس : وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد وقول سفيان الثوري . ([23])
قالوا بأن الذي أبيح له المسح فيه ، وجب خلع الخف . المسح رخصة ، فلما أحدث هذا فأبيح له المسح ، ولم يمسح وترك ما أبيح له إلى أن جاء الوقت الذي أحدث فيه ، فقد تم الوقت .
الثاني : أنه يبدأ من أول مسح بعد الحدث :وهو قول أحمد بن حنبل والأوزاعى وداود ، واختاره ابن المنذر والنووي ، ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين والألباني .([24]) وهو الراجح لظاهر الحديث .والله أعلم
وقد استدلوا بقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ : «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً» . قالوا وظاهر الحديث يدل على أن الوقت في ذلك وقت المسح لا وقت الحدث ، وليس للحدث ذكر في شيء من الأخبار ، فلا يجوز أن يعدل عن ظاهر قول النبي ﷺ .، وقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ: «يَمْسَحُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَوَضَّأَ فِيهَا»
الثالث : أن المقيم يمسح خمس صلوات والمسافر خمس عشرة صلاة لا أكثر : وهو قول إسحاق والشعبي وسليمان بن داود وأبو ثور . ([25])
مسائل تتعلق بمدة بالمسح :
1- إذا مسح المقيم ثم سافر : فيه قولان للعلماء . ([26])
الأول : له أن يتم ثلاثة أيام ولياليهن من وقت مسحه وهو مقيم : وإليه ذهب الحنفية ورواية عن أحمد ، به قال الثوري واختاره ابن حزم .
الثاني : له أن يمسح حتى يتم يوم وليلة لا يزيد على ذلك : وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
قلت : والراجح القول الأول ، لظاهر قول النبي ﷺ يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ ، وهذا سافر بمسح لم تنتهي مدته ، وقد خرج من رخصة ضيقه إلى رخصه أوسع منها ، والحكمة من التشريع التيسير ورفع المشقة فلا يعدل عنه إلا بنص . والله أعلم
2- إذا مسح في السفر ثم أقام :
قال ابن المنذر في الأوسط 1/446 : أجمع كل من يقول بالتحديد في المسح من أهل العلم
، أن من مسح ، ثم قدم الحضر خلع خفيه ، إن كان مسح يوماً وليلةً مسافراً ، ثم قدم وأقام فإن
له ما للمقيم ، وإن مسح في السفر أقل من يومٍ وليلةٍ ، مسح بعد قدومه تمام يومٍ وليلةٍ . اهـ
3- إذا انتهت مدة المسح أو نزع الممسوح، فهل تبقي الطهارة أو تنتقض؟اختلف العلماء فيه على عدة أقوال . ([27])
الأول : تبقى طهارته ولا يلزمه شيء، فيُصلي بطهارته ما لم يُحدث : وهو قول الحسن البصري وقتادة وسلمان والنخعى وابن أبى ليلى وداود ، واختاره ابن المنذر والنووي وابن حزم وشيخ
الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين ، وهو الراجح . والله أعلم
الثاني : يلزمه غسل القدمين فقط : وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه والثوري وأبى ثور وأصح القولين عند الشافعي ورواية عن أحمد ، وبه قال عطاء وعلقمة والأسود والمزني .
الثالث : يلزمه الوضوء : وهو قول الزهري والأوزاعى وإسحاق وأصح الروايتين عن أحمد ، وهو محكي عن مكحول والحسن بن صالح والنخعى وابن أبى ليلى .
الرابع : يلزمه الوضوء إن طال الفصل بين النزع وغسل الرجلين، وإلا كفاه غسل الرجلين : وهو مذهب مالك والليث .
قلت : قد ناقش ابن حزم الأقوال الثلاثة الأخيرة وانتصر للقول ببقاء الطهارة فليراجع .([28])
شروط المسح على الخفين :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل لحديث صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ t، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ . ([29])
أما المسح من الحدث الأصغر فقد اشترطوا له شروط سيأتي بيانها على قسمين :
أولاً : الشروط المتفق عليها :
1- أن يلبسهما على طهارة كاملة :لحديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا . ([30])
وقد اختلفوا في بعض الجزئيات : ([31])
فالجمهور غير الشافعية يشترطون الطهارة بالماء ، والشافعية جواز الطهارة بالماء والتيمم وهو الراجح إذا تعذر استعمال الماء ، لأن العبرة هي الطهارة ، وتحدث بالتيمم . والله أعلم
إذا غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف ، ثم غسل الأخرى وأدخلها ، فذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق إلى أن لا يجوز له المسح عليهما ، بينما ذهب أبو حنيفة وأبو ثور وأحمد فى رواية والثوري وداود والمزني ، واختاره ابن المنذر وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية ، إلى أنه يجوز له المسح عليها لأنه يصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين . وهو الراجح عندي ، والأحوط العمل بقول الجمهور إن لم تستدعيه الحاجة إلى فعل ذلك . والله أعلم
2- أن يكون الخف طاهراً :فلا يجوز المسح على خف نجس كجلد الميتة قبل الدبغ . ([32])
3- أن يكون الخف ساتراً لمحل الفرض : فلا يجوز المسح على خف غير ساتر للكعبين مع القدم . ([33])
4- إمكان متابعة المشي فيه بحسب المعتاد:وتقدير ذلك محل خلاف . ([34])
فقال الحنفية : أن يكون الخف مما يمكن متابعة المشي المعتاد فيه فرسخاً فأكثر([35])، فلا يجوز المسح على خف متخذ من زجاج أو خشب أو حديد، أو خف رقيق يتخرق بالمشي. واشترطوا في الخفين : استمساكهما على الرجلين من غير شد .
والمالكية : أن يمكن تتابع المشي فيه عادة، فلا يجوز المسح على خف واسع لا تستقر القدم أو أكثرها فيه، وإنما ينسلت من الرجل عند المشي فيه.
والشافعية : أن يمكن التردد فيه لقضاء الحاجات، للمقيم سفر يوم وليلة، وللمسافر: سفر ثلاثة أيام ولياليهن، وهو سفر القصر؛ لأنه بعد انقضاء المدة يجب نزعه.
وانفرد الحنابلة برأي خاص فقالوا: إمكان المشي فيه عرفاً، ولو لم يكن معتاداً، فجاز المسح على الخف من جلد ولبود وخشب، وزجاج وحديد ونحوها؛ لأنه خف ساتر يمكن المشي فيه، فأشبه الجلود، وذلك بشرط ألا يكون واسعاً يرى منه محل الفرض، أي كما قال الحنفية والمالكية .
ثانياً : الشروط المختلف فيها :
1- الخف المتُخرق : اختلف العلماء فى جواز المسح على الخف الذي به خرق على قولين :
الأول : لا يجوز المسح عليه مطلقاً : مهما كان الخرق صغيراً ، وبه قال الشافعية والحنابلة ،
قالوا لأنه عندئذ لا يكون ساتراً لجميع القدم ، وما انكشف كان حكمه الغسل وما استتر كان حكمه المسح ، ولا يجوز الجمع بين الغسل والمسح فى آنٍ واحد . ([36])
الثاني : أنه يجوز المسح عليه : ما لم يكن الخرق فاحشاً بحيث يكون المشي فيه ممكناً واسمه باقياً وهو قول الجمهور الحنفية والمالكية والشافعي في القديم ، وبه قال داود الظاهري وإسحاق والثوري وأبو ثور ، واختاره ابن المنذر وابن حزم وابن تيميه .([37])وهو الراجح
قالوا : لأن المسح على الخف يدخل فيه كل ما وقع عليه اسم الخف لظاهر أخبار الرسول ﷺ فلا يجوز أن يستثنى من السنن إلا بسنة مثلها أو إجماع ، ولو كان الخرق يمنع من المسح لبينه النبي ﷺ لاسيما مع كثرة فقراء الصحابة في عهده ، والغالب أن لا تخلوا خفافهم من الخروق .
2- أن يكون الخف من الجلد : هذا شرط عند المالكية ، فلا يصح المسح عندهم على خف متخذ من القماش، كما لا يصح عندهم المسح على الجورب وهو ما صنع من قطن أو كتان أو صوف، إلا إذا كسي بالجلد، فإن لم يجلَّد، فلا يصح المسح عليه .
وأجاز الجمهور غير المالكية : المسح على الخف المصنوع من الجلود، أو الخِرَق، أو غيرها، فلم يشترطوا هذا الشرط . وهو الراجح والله أعلم
كيفية المسح وصفته
اختلف العلماء فى صفة المسح على الخفين على قولين :
الأول : يسمح الظاهر والباطن : فإن مسح الظاهر دون الباطن أجزأه ، وإن مسح باطنه دون ظاهره لم يجزئه ، وهو مذهب المالكية والشافعية والزهري وإسحاق ، به قال ابن عمر وعمر بن عبد العزيز ، وهو مروى عن سعد بن أبى وقاص ومكحول. ([38])
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةِ t: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أَسْفَلَ الْخُفِّ وَأَعْلَاهُ»([39]).
الثاني : يمسح ظاهر الخف دون الباطن : وذلك بأن يمسح أكثر أعلى الخف مرة واحدة ، ولا يجزئ مسح أسفله وعقبه ولا يسن ، ولو جمع بين الأعلى والأسفل صَحَّ مع الكراهة .
وهو مذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد والثوري والأوزاعى ، وهو قول عمر بن الخطاب وعلى ابن أبى طالب أنس بن مالك وقيس بن سعد رضي الله عنهم ، وبه قال عروة بن الزبير والحسن والنخعى وعطاء والشعبي واختاره ابن المنذر . ([40])
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ t : «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ»([41])
وحديث عَلِيٍّ t، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ»([42]).
قال ابن المنذر : ولا أعلم أحداً يرى أن مسح أسفل الخف وحده يجزئ من المسح ، وكذلك لا أعلم أحداً أوجب الإعادة على من اقتصر على مسخ أعلى الخف . ([43])
كيفية المسح :الصحيح من أقوال العلماء أن يمسح أكثر مقدم ظاهر الخف خطوطاً بالأصابع من أصابعه إلى ساقه ..
نواقض المسح على الخفين
ينتقض المسح على الخف بكل ما ينقض الوضوء ، لأن المسح بدل عن الوضوء في البعض ، والبد لينقضه ناقض الأصل ، فإذا انتقض وضوءه أعاد ومسح على خفيه إن كانت مدة المسح باقية ، وإلا خلع خفيه وغسل رجليه .
1- كل ما يوجب الغسل : كالجنابة والحيض والنفاس فإذا وجد أحدها وجب نزع الخفين والاغتسال .
2- نزع الخف مع الحدث قبل لبسه : فلو نزع خفه ولو قبل انتهاء المدة ثم أحدث قبل أن يلبسه ، فلا يجوز له أن يمسح عليه حتى يتوضأ ويغسل رجليه ويدخلهما طاهرتين .
3- مضى مدة المسح : وهى يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر ، فإذا انقضت
وجب نزع خفيه ، وقد تقدم بيان أقوال العلماء بيان بقاء الطهارة من عدمه لمن نزع خفيه .
المسح على الجوربين
تعريف الجورب : هو ما يلبسه الإنسان في رجليه سواء كان مصنوعاً من الصوف أو القطن أو الكتان أو نحو ذلك .
وقد اتفق العلماء على جواز المسح على الجوربين ، ولكن اختلفوا في حكمه على أقوال :
الأول : لا يجوز المسح إلا أن يكون الجوربين مجلدين : يغطهما الجلد من أعلى وأسفل ، لأنهما يقومان مقام الخف ، بحيث لا يصل الماء إلى القدم ، ولأن الجلد لا يشف الماء .
وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعى ومجاهد وعطاء . ([44])
الثاني : يجوز المسح على الجوربين بشرط أن يكونا صفيقين : لا يبدو منه شيء من القدم ، يثبت بنفسه ،يمكن متابعة المشي فيه .
وإليه ذهب الحنابلة والصاحبان من الحنفية ، وبه قال عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والنخعى والثوري والأعمش . ([45])
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةِ t: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ» ([46]) .
وعن الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: « رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَحْدَثَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ،
تعريف الجورب : هو ما يلبسه الإنسان في رجليه سواء كان مصنوعاً من الصوف أو القطن أو الكتان أو نحو ذلك .
وقد اتفق العلماء على جواز المسح على الجوربين ، ولكن اختلفوا في حكمه على أقوال :
الأول : لا يجوز المسح إلا أن يكون الجوربين مجلدين : يغطهما الجلد من أعلى وأسفل ، لأنهما يقومان مقام الخف ، بحيث لا يصل الماء إلى القدم ، ولأن الجلد لا يشف الماء .
وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعى ومجاهد وعطاء . ([44])
الثاني : يجوز المسح على الجوربين بشرط أن يكونا صفيقين : لا يبدو منه شيء من القدم ، يثبت بنفسه ،يمكن متابعة المشي فيه .
وإليه ذهب الحنابلة والصاحبان من الحنفية ، وبه قال عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والنخعى والثوري والأعمش . ([45])
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةِ t: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ» ([46]) .
وعن الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: « رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَحْدَثَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ،
وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مِنْ صُوفٍ فَقُلْتُ: أَتَمْسَحُ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: إِنَّهُمَا خُفَّانِ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ صُوفٍ » ([47])
عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ» ([48])
قال ابن المنذر في الأوسط 1/463 : قال أحمد : قد فعله سبعة أو ثمانية من أصحاب النبي ﷺ ، وقال إسحاق مضت السنة من أصحاب النبي ﷺ ومن بعدهم من التابعين في المسح على الجوربين ، لا اختلاف بينهم في ذلك .اهـ
الثالث : أن المسح على الجوربين جائز مطلقاً ولو كانا رقيقين : وهو مذهب ابن حزم وابن تيمية وابن القيم ، ورجحه ابن عثيمين والسعدي . ([49]) وهو الراجح عندي والله أعلم
واستدلوا بما استدل به الفريق الثاني وقالوا في الخفين الرقيقين ، لا فرق بين كونه رقيق أو صفيق ، فهذا لا تأثير له كما لا تأثير لكون الجلد قوياً بل يجوز المسح على ما بقى وما لا يبقى ، وأيضاً معلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقاً بين متماثلين وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة ، ومن فرق بكون هذا ينفذ الماء وهذا لا ينفذه ، فقد ذكر فرقاً طردياً عديم التأثير .
فاشتراط هذه الشروط يناقض روح الشريعة ومقصودها من التيسير ورفع المشقة .
قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين فى الممتع 4/379 : إن التحديد توقيف ، أي : أنه حد من حدود الله يحتاج إلى دليل، فأي إنسان يحدد شيئاً أطلقه الشارع فعليه الدليل، وأي إنسان يخصص شيئاً عمّمه الشارع فعليه الدليل، لأن التقييد زيادة شرط، والتخصيص إخراج شيء من نصوص الشارع، فلا يحل لأحد أن يضيف إلى ما أطلقه الشارع شرطاً يقيده، ولهذا قلنا في المسح على الخف : إن الصحيح أنه لا يشترط فيه ما يشترطه الفقهاء من كونه ساتراً لمحل الفرض بحيث لا يتبين فيه ولا موضع الخرز، وقلنا: إن ما سمي خفاً فهو خف، سواء كان مخرقاً أو رقيقاً أو ثخيناً أو سليماً .
مسألة :ماذا إذا لبس خفاً فوق خف ، أو خفاً فوق جورب ، أو جورباً فوق جورب ؟
إذا كان قبل الحدث، فالحكم للفوقاني، وإن كان بعد الحدث، فالحكم للتحتاني، وإن لبس خفًا
فلم يحدث حتى لبس آخر، مسح على أيهما شاء مسح الفوقاني وإن شاء مسح التحتاني، ، فلو لَبِسَ خفًّا ثم أحدث، ثم لبس خُفًّا آخر جاز له أن يمسح عليه – أي الفوقاني- ؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين .
عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ» ([48])
قال ابن المنذر في الأوسط 1/463 : قال أحمد : قد فعله سبعة أو ثمانية من أصحاب النبي ﷺ ، وقال إسحاق مضت السنة من أصحاب النبي ﷺ ومن بعدهم من التابعين في المسح على الجوربين ، لا اختلاف بينهم في ذلك .اهـ
الثالث : أن المسح على الجوربين جائز مطلقاً ولو كانا رقيقين : وهو مذهب ابن حزم وابن تيمية وابن القيم ، ورجحه ابن عثيمين والسعدي . ([49]) وهو الراجح عندي والله أعلم
واستدلوا بما استدل به الفريق الثاني وقالوا في الخفين الرقيقين ، لا فرق بين كونه رقيق أو صفيق ، فهذا لا تأثير له كما لا تأثير لكون الجلد قوياً بل يجوز المسح على ما بقى وما لا يبقى ، وأيضاً معلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقاً بين متماثلين وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة ، ومن فرق بكون هذا ينفذ الماء وهذا لا ينفذه ، فقد ذكر فرقاً طردياً عديم التأثير .
فاشتراط هذه الشروط يناقض روح الشريعة ومقصودها من التيسير ورفع المشقة .
قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين فى الممتع 4/379 : إن التحديد توقيف ، أي : أنه حد من حدود الله يحتاج إلى دليل، فأي إنسان يحدد شيئاً أطلقه الشارع فعليه الدليل، وأي إنسان يخصص شيئاً عمّمه الشارع فعليه الدليل، لأن التقييد زيادة شرط، والتخصيص إخراج شيء من نصوص الشارع، فلا يحل لأحد أن يضيف إلى ما أطلقه الشارع شرطاً يقيده، ولهذا قلنا في المسح على الخف : إن الصحيح أنه لا يشترط فيه ما يشترطه الفقهاء من كونه ساتراً لمحل الفرض بحيث لا يتبين فيه ولا موضع الخرز، وقلنا: إن ما سمي خفاً فهو خف، سواء كان مخرقاً أو رقيقاً أو ثخيناً أو سليماً .
مسألة :ماذا إذا لبس خفاً فوق خف ، أو خفاً فوق جورب ، أو جورباً فوق جورب ؟
إذا كان قبل الحدث، فالحكم للفوقاني، وإن كان بعد الحدث، فالحكم للتحتاني، وإن لبس خفًا
فلم يحدث حتى لبس آخر، مسح على أيهما شاء مسح الفوقاني وإن شاء مسح التحتاني، ، فلو لَبِسَ خفًّا ثم أحدث، ثم لبس خُفًّا آخر جاز له أن يمسح عليه – أي الفوقاني- ؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين .
المسح على النعلين
النعلين لهم حكم الخفين على الصحيح من أقوال العلماء لحديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَالنَّعْلَيْنِ»([50]) .
وهذا يدل على أن النعلين لم يكونا عليهما ، لأنهما لو كانا كذلك لم يذكر النعلين فإنه لا يقال مسحت على الخف ونعله . ([51])
حديث أَبِي ظَبْيَانَ: أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا t بَالَ قَائِمًا , ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ , فَتَوَضَّأَ , وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ , ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ , ثُمَّ صَلَّى . ([52])
وهذا يدل على أن المسح على النعلين إنما كان عليهما دون شيء آخر معهما كجورب .
النعلين لهم حكم الخفين على الصحيح من أقوال العلماء لحديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَالنَّعْلَيْنِ»([50]) .
وهذا يدل على أن النعلين لم يكونا عليهما ، لأنهما لو كانا كذلك لم يذكر النعلين فإنه لا يقال مسحت على الخف ونعله . ([51])
حديث أَبِي ظَبْيَانَ: أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا t بَالَ قَائِمًا , ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ , فَتَوَضَّأَ , وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ , ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ , ثُمَّ صَلَّى . ([52])
وهذا يدل على أن المسح على النعلين إنما كان عليهما دون شيء آخر معهما كجورب .
المسح على اللفائف
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والصواب أنه يمسح على اللفائف وهى بالمسح أولى من الخف والجورب ، فإن تلك اللفائف تستعمل للحاجة في العادة وفى نوعها ضرر ، إما إصابة البرد وإما التأذي بالحفاء وإما التأذي بالجُرح ، فإذا جاز المسح على الخفين والجوربين فاللفائف بطريق الأولى ، ومن ادعى في شيء من ذلك إجماعاً فليس معه إلا عدم العلم ، ولا يمكنه أن ينقل المنع عن عشرة من العلماء المشهورين فضلاً عن الإجماع ، والنزاع في ذلك معروف فى مذهب أحمد وغيره . ([53]) اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والصواب أنه يمسح على اللفائف وهى بالمسح أولى من الخف والجورب ، فإن تلك اللفائف تستعمل للحاجة في العادة وفى نوعها ضرر ، إما إصابة البرد وإما التأذي بالحفاء وإما التأذي بالجُرح ، فإذا جاز المسح على الخفين والجوربين فاللفائف بطريق الأولى ، ومن ادعى في شيء من ذلك إجماعاً فليس معه إلا عدم العلم ، ولا يمكنه أن ينقل المنع عن عشرة من العلماء المشهورين فضلاً عن الإجماع ، والنزاع في ذلك معروف فى مذهب أحمد وغيره . ([53]) اهـ
المسح على الجبيرة
تعريفها : أعواد من خشب أو جريد تجبر بها الأعضاء المكسورة ، ونحوها كالجبس مما يربط على الكسر ليجبر ويلتئم، أو اللزقة التي تكون على الجرح، أو على ألم في الظَّهر أو ما أشبه ذلك .
فالجبيرة عند الفقهاء اسم للرباط الذي يربط به العضو المريض .
حكم الجبائر :اتفق الفقهاء على مشروعية المسح على الجبائر في حالة العذر نيابة عن الغَسل أو المسح في الوضوء أو الغُسل أو التيمم .
واستدلوا بحديث جَابِرٍ t قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ علَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» ([54]) .
وقول عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: « مَنْ كَانَ لَهُ جُرْحٌ مَعْصُوبٌ عَلَيْهِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْعَصَائِبِ وَيَغْسِلُ مَا حَوْلَ الْعَصَائِبِ »([55]).
والقياس على المسح على الخفين ، فإنه جاز لغير ضرورة فعند الضرورة من باب الأولى ، والضرورة تقدر بقدرها ولا فرق فيها بين الحدثين .
شروط المسح على الجبيرة
1- أن يكون غَسل العضو المصاب أو مسح عين الجرح مما يضُر به أو يؤخر الشفاء ، أو كان يخشى حودث الضرر بنزع الجبيرة .
2- ألا يكون غَسل الأعضاء الصحيحة يضر بالأعضاء الجريحة فإن كان يسبب الضرر
ففرضه التيمم اتفاقاً .
3- إذا كانت الأعضاء الصحيحة قليلة جداً ، كيد واحدة أو رجل واحدة ، ففرضه التيمم إذا التافه لا حكم له وهذا مذهب الحنفية والمالكية .
4- لا يشرط تقدم الطهارة على شد الجبيرة ، فى أصح أقوال العلماء ، لأنه مما لا ينضبط ويغلظ على الناس ، وإنما جاز المسح دفعاً للمشقة .
5- لا يشترط للجبيرة التوقيت ، بل يمسح عليها ما دامت على العضو حتى يبرئ أو ينزعها .
كيفية المسح على الجبيرة
يغسل الأعضاء الصحيحة ، ثم يمسح على الجبيرة مرة واحده ، ويجب استيعاب الجبيرة بالمسح عند جمهور العلماء ، والراجح عندي أنه يجزئ ما يطلق عليه اسم المسح وإن لم يستوعبها ، وهذا وجه عند الشافعية وقول عند الحنفية .
زاد الشافعية في الصحيح من المذهب وجوب التيمم مع الغسل والمسح .
تعريفها : أعواد من خشب أو جريد تجبر بها الأعضاء المكسورة ، ونحوها كالجبس مما يربط على الكسر ليجبر ويلتئم، أو اللزقة التي تكون على الجرح، أو على ألم في الظَّهر أو ما أشبه ذلك .
فالجبيرة عند الفقهاء اسم للرباط الذي يربط به العضو المريض .
حكم الجبائر :اتفق الفقهاء على مشروعية المسح على الجبائر في حالة العذر نيابة عن الغَسل أو المسح في الوضوء أو الغُسل أو التيمم .
واستدلوا بحديث جَابِرٍ t قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ علَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» ([54]) .
وقول عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: « مَنْ كَانَ لَهُ جُرْحٌ مَعْصُوبٌ عَلَيْهِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْعَصَائِبِ وَيَغْسِلُ مَا حَوْلَ الْعَصَائِبِ »([55]).
والقياس على المسح على الخفين ، فإنه جاز لغير ضرورة فعند الضرورة من باب الأولى ، والضرورة تقدر بقدرها ولا فرق فيها بين الحدثين .
شروط المسح على الجبيرة
1- أن يكون غَسل العضو المصاب أو مسح عين الجرح مما يضُر به أو يؤخر الشفاء ، أو كان يخشى حودث الضرر بنزع الجبيرة .
2- ألا يكون غَسل الأعضاء الصحيحة يضر بالأعضاء الجريحة فإن كان يسبب الضرر
ففرضه التيمم اتفاقاً .
3- إذا كانت الأعضاء الصحيحة قليلة جداً ، كيد واحدة أو رجل واحدة ، ففرضه التيمم إذا التافه لا حكم له وهذا مذهب الحنفية والمالكية .
4- لا يشرط تقدم الطهارة على شد الجبيرة ، فى أصح أقوال العلماء ، لأنه مما لا ينضبط ويغلظ على الناس ، وإنما جاز المسح دفعاً للمشقة .
5- لا يشترط للجبيرة التوقيت ، بل يمسح عليها ما دامت على العضو حتى يبرئ أو ينزعها .
كيفية المسح على الجبيرة
يغسل الأعضاء الصحيحة ، ثم يمسح على الجبيرة مرة واحده ، ويجب استيعاب الجبيرة بالمسح عند جمهور العلماء ، والراجح عندي أنه يجزئ ما يطلق عليه اسم المسح وإن لم يستوعبها ، وهذا وجه عند الشافعية وقول عند الحنفية .
زاد الشافعية في الصحيح من المذهب وجوب التيمم مع الغسل والمسح .
المسح على العمامة
اختلف الفقهاء في حكم المسح على العمامة على أقوال يمكن جمعها في قولين :
الأول : أن المسح على العمامة جائز مطلقاً : وهو مذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور والأوزاعى ، وهو قول أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأنس وأبو أمامة وسعد بن أبى وقاص وأبى الدرداء ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ومكحول وقتادة والحسن البصري ، واختاره ابن المنذر وابن حزم وابن تيميه ، وهو الراجح . والله أعلم
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةِ t، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: «تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ» ([56]).، وعَنْ بِلَالٍ t : «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» ([57]). – الخمار : غطاء الرأس -
وعن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ t، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ»([58]) .
قالوا: ولأنه حائل في محل ورود الشرع بمسحه ، فجاز المسح عليه كالخفين .
الثاني : أنه لا يجوز المسح على العمامة إلا مع الناصية : وهو مذهب الحنفية والشافعية والمالكية ، وقد روى عن على وابن عمر وجابر ، وبه قال عروة الشعبي والنخعى والقاسم .
واستدلوا بحديث مرسل عَنْ عَطَاءٍ t، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَوَضَّأَ فَحَسَرَ الْعِمَامَةَ وَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ أَوْ قَالَ: نَاصِيَتَهُ بِالْمَاءِ. ([59])
وحديث المغيرة السابق أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ : «تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ»
قلت : وإن كان القول الأول أرجح عندي ، إلا أن الأولى مسح بعض من ناصية الرأس خروجاً من الخلاف . والله أعلم
- ويشترط لجواز المسح على العمامة ، أن لا تكون محرمة كعمامة الحرير والمغصوبة ، وأن يكون لابس العمامة رجلاً ، فلا يجوز للمرأة المسح على العمامة لأنها منهية عن التشبه بالرجال . ([60])
- يجوز المسح على العمامة وإن لبسها على غير طهارة ، وكذلك لا توقيت ولا تحديد لمدة المسح لأن النبي ﷺ وقت للخف ولم يوقت للعمامة . ([61])
اختلف الفقهاء في حكم المسح على العمامة على أقوال يمكن جمعها في قولين :
الأول : أن المسح على العمامة جائز مطلقاً : وهو مذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور والأوزاعى ، وهو قول أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأنس وأبو أمامة وسعد بن أبى وقاص وأبى الدرداء ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ومكحول وقتادة والحسن البصري ، واختاره ابن المنذر وابن حزم وابن تيميه ، وهو الراجح . والله أعلم
واستدلوا بحديث الْمُغِيرَةِ t، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: «تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ» ([56]).، وعَنْ بِلَالٍ t : «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» ([57]). – الخمار : غطاء الرأس -
وعن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ t، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ»([58]) .
قالوا: ولأنه حائل في محل ورود الشرع بمسحه ، فجاز المسح عليه كالخفين .
الثاني : أنه لا يجوز المسح على العمامة إلا مع الناصية : وهو مذهب الحنفية والشافعية والمالكية ، وقد روى عن على وابن عمر وجابر ، وبه قال عروة الشعبي والنخعى والقاسم .
واستدلوا بحديث مرسل عَنْ عَطَاءٍ t، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَوَضَّأَ فَحَسَرَ الْعِمَامَةَ وَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ أَوْ قَالَ: نَاصِيَتَهُ بِالْمَاءِ. ([59])
وحديث المغيرة السابق أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ : «تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ»
قلت : وإن كان القول الأول أرجح عندي ، إلا أن الأولى مسح بعض من ناصية الرأس خروجاً من الخلاف . والله أعلم
- ويشترط لجواز المسح على العمامة ، أن لا تكون محرمة كعمامة الحرير والمغصوبة ، وأن يكون لابس العمامة رجلاً ، فلا يجوز للمرأة المسح على العمامة لأنها منهية عن التشبه بالرجال . ([60])
- يجوز المسح على العمامة وإن لبسها على غير طهارة ، وكذلك لا توقيت ولا تحديد لمدة المسح لأن النبي ﷺ وقت للخف ولم يوقت للعمامة . ([61])
المسح على الخمار
الخلاف في المسح على الخمار كالعمامة فذهب الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في رواية إلى أنه لا يجوز إلا مع مقدم رأسها .
بينما ذهب الحسن والرواية الأخرى عن أحمد وهى المعتمدة ، إلى أنه يصح المسح على الخمار لحديث أُمِّ سَلَمَةَ، «أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ»([62]) . وحديث بِلَالٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَسَحَ
عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ»([63]).
قالوا : ولأنه ملبوس معتاد يشق نزعه فأشبه العمامة .
قلت : القول في الخمار كالعمامة ، وكذا القلنسوة ( الطاقية ) . والله اعلم
الخلاف في المسح على الخمار كالعمامة فذهب الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في رواية إلى أنه لا يجوز إلا مع مقدم رأسها .
بينما ذهب الحسن والرواية الأخرى عن أحمد وهى المعتمدة ، إلى أنه يصح المسح على الخمار لحديث أُمِّ سَلَمَةَ، «أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ»([62]) . وحديث بِلَالٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَسَحَ
عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ»([63]).
قالوا : ولأنه ملبوس معتاد يشق نزعه فأشبه العمامة .
قلت : القول في الخمار كالعمامة ، وكذا القلنسوة ( الطاقية ) . والله اعلم
[1])) انظر : القاموس المحيط ، ومقاييس اللغة ، والدر المختار 1/174.
[2])) الدر المختار 1/177، والموسوعة الفقهية الكويتية 37/262 .
[3])) متفق عليه : رواه البخاري برقم 387 ، ومسلم برقم 272 وغيرهما .
[4])) متفق عليه : رواه البخاري برقم 363 ، ومسلم برقم 274 وغيرهما .
[5])) صحيح : رواه أبو داود برقم 162 وغيره ، وصححه الألباني في الإرواء برقم 103 .
[6])) شرح صحيح البخاري لابن بطال 1/305 .
[7])) الاستذكار 1/216 .
[8])) شرح النووي على مسلم 3/164 .
[9])) شرح النووي على مسلم 3/164 ، والأوسط لابن المنذر 1/439- 466.
[10])) صحيح : رواه أحمد برقم 5866 ، والبزار برقم 5998 ، وابن خزيمة برقم 2027 ، وعن ابن عباس أخرجه ابن حبان برقم 354 ، وصححه الألباني في الإرواء برقم 564 .
[11])) متفق عليه : رواه البخاري برقم 6786 ، ومسلم برقم 2327 وغيرهما .
[12])) الاختيارات الفقهية ص 13 .
[13])) الأوسط لابن المنذر 1/434 ، ومغنى المحتاج 1/64 ، والمحلى 1/326 .
[14])) صحيح : رواه مسلم برقم 276 ، والنسائي برقم 128.
[15])) صحيح : رواه أحمد برقم 23995 ، والبيهقى في الكبرى برقم 1306 ، والطبراني في الأوسط برقم 1145 ، وصححه الألباني في الإرواء برقم 102 .
[16])) تقدم تخريجه .
[17])) مغنى المحتاج 1/64 ، والمجموع 1/505 ، والموسوعة الفقهية الكويتية 37/263 .
[18])) الشرح الصغير 1/153 ، وجوهر الإكليل 1/24 ، والأوسط لابن المنذر 1/436 ، والمحلى لابن حزم 1/326 ، والموسوعة الفقهية الكويتية 37/263 .
[19])) ضعيف : رواه أبو داود برقم 158 ، وابن ماجه برقم 557 ، قال النووي هو حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث ، وضعفه الألباني في ضعيف أبى داود برقم 21 .
[20])) صحيح : رواه أبو داود برقم 157 ، وأحمد برقم 21857 ، وغيرهما ، وصححه الأرنؤوط والألباني في صحيح أبى داود برقم 146 .
[21])) المحلى لابن حزم 1/326 .
[22])) الفتاوى الكبرى 5/305 ، والاختيارات الفقهية ص 15.
[23])) الأوسط 1/443 ، والمحلى 1/330 .
[24])) الأوسط 1/443 ، والمحلى 1/330 ، والمجموع 1/487 ، مجموع فتاوى ابن باز 10/112 ، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11/186 ، صحيح أبو داود للألباني 1/271 .
[25])) المرجع السابق .
[26])) الأوسط 1/445 ، والمحلى 1/331 ، ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11/187 .
[27])) الأوسط 1/447 ، والمحلى 1/329 ، والمجموع 1/511 ، والمعاني البديعة فى اختلاف أهل الشريعة 1/42 ، ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11/188 .
[28])) المحلى /329 - 330 .
[29])) تقدم تخريجه .
[30])) متفق عليه : رواه البخاري برقم 206 ، ومسلم برقم 274 .
[31])) أنظر : الأوسط 1/442 ، مختصر اختلاف العلماء 1/143، والمعاني البديعة فى معرفة اختلاف أهل الشريعة 1/40 ، المحلى 1/333 ، ومجموع الفتاوى 21/209 ، والموسوعة الفقهية الكويتية 37/264 .
[32])) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/142 ، نهاية المحتاج 1/203 ، الفقه على المذاهب الأربعة 1/178 ، موسوعة الفقه الإسلامي للتويجرى 2/351 ، الفقه الإسلامي د/وهبه الزحيلى 1/481 .
[33])) مغني المحتاج 1 / 65، والشرح الصغير 1 /229، والدر المختار 1 /47، ونيل الأوطار 1 / 78، وابن عابدين 1 /262 .
[34])) ابن عابدين 1/263 ، مغنى المحتاج 1/66 ، ومنتهى الإرادات1/22 ، الفقه على المذاهب الأربعة 1/129 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 37/264 .
[35])) الفرسخ : ثلاثة أميال ، اثنا عشر ألف خطوة ، والميل:1848م ، فيكون الفرسخ مساوياً5544م .
[36])) المجموع 1 / 522، ومغني المحتاج 1 / 67 وشرح معاني الآثار 1 / 98.
[37])) الأوسط 1/450 ، والمعاني البديعة 1/39، والمحلى 1/333، الفقه على المذاهب الأربعة 1/135 ، ومجموع الفتاوى 21/173 ، الفقه الإسلامي د/وهبه الزحيلى 1/482 .
[38])) الأوسط 1/451 ، ومختصر اختلاف العلماء 1/138 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 37/268 .
[39])) ضعيف : رواه أبو داود برقم 165 ، والترمذي برقم 97، وأحمد برقم 18197 ، وضعفه الألباني في الضعيفة برقم 5553 فيه الوليد بن مسلم يدلس ويسوّي، وهو شر أنواع التدليس، وقد عنعنه ، وفيه انقطاع أيضاً .
[40])) الأوسط 1/452 – 453 ، ومختصر اختلاف العلماء 1/138 ، الفقه الميسر 1/25، الموسوعة الفقهية الكويتية 37/269 .
[41])) صحيح : رواه أحمد برقم 18156 ، والطبراني في الكبير برقم 882 ، والدراقطنى 754 .
[42])) سبق تخريجه .
[43])) الأوسط 1/454 .
[44])) التمهيد 11/156، الأوسط 1/465 ، والمحلى 1/324 ، ومختصر اختلاف العلماء 1/139.
[45])) المغنى لابن قدامه 1/215 ، والأوسط 1/465 ، والمحلى 1/324 ، ومختصر اختلاف العلماء 1/139.
[46])) صحيح : رواه أبو داود برقم 159 ، والترمذي برقم 99 ، وابن ماجه برقم 559 ، وأحمد برقم 18206 ، وصححه الألباني في الإرواء برقم 101 .
[47])) حسن : أخرجه الدوابى في الكنى برقم 1009 .
[48])) صحيح : أخرجه عبد الرزاق برقم 782 ، وابن أبى شيبة برقم 1994 .
[49])) المحلى 1/324 ، ومجموع الفتاوى 21/214 ، والشرح الممتع 4/379 ، صحيح فقه السنة 1/157 .
[50])) تقدم تخريجه .
[51])) المغنى لابن قدامه 1/295 .
[52])) صحيح : أخرجه عبد الرزاق برقم 784 ، وابن أبى شيبة برقم 1998 ، والطحاوى في شرح معاني الآثار برقم 615 وغيرهم ، وصححه الألباني في تمام المنة ص 115 .
[53])) مجموع الفتاوى 21/185.
[54])) حسن بمجموع طرقه : رواه أبو داود برقم 336 ، وابن ماجه برقم 572 ، وأحمد برقم 3056 ، وغيرهم ، وحسنه الألباني في الإرواء برقم 105 ، وصحيح أبى داود برقم 363 .
[55])) صحيح : أخرجه ابن أبى شيبة برقم 1448 ، والبيهقى في الكبرى برقم 1078بسند صحيح .
[56])) صحيح : رواه مسلم برقم 274 .
[57])) صحيح : رواه مسلم برقم 275 .
[58])) صحيح : رواه البخاري برقم 205 .
[59])) مرسل : رواه البيهقى فى الكبرى برقم 282 ، والشافعي في مسنده برقم 78 ترتيب السندى .
[60])) المغنى لابن قدامه 1/300 ، والإنصاف 1/187 .
[61])) المحلى لابن حزم 1/309 .
[62])) ضعيف : أخرجه ابن أبى شيبة برقم 223 وفيه الحسن البصري وهو مدلس وقد عنعنه .
[63])) تقدم تخريجه .
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع