( الألفاظ ذات الصّلة )
( القياس )
2 - الّذي عليه الأصوليّون أنّ الاجتهاد أعمّ من القياس . فالاجتهاد يكون في أمر ليس فيه نصّ ، بإثبات الحكم له ، لوجود علّة الأصل فيه ، وهذا هو القياس . ويكون الاجتهاد أيضاً في إثبات النّصوص بمعرفة درجاتها من حيث القبول والرّدّ ، وبمعرفة دلالات تلك النّصوص ، ومعرفة الأحكام من أدلّتها الأخرى غير القياس ، من قول صحابيّ ، أو عمل أهل المدينة ، أو الاستصحاب ، أو الاستصلاح أو غيرها ، عند من يقول بها .
التّحرّي :
3 - هو لغةً الطّلب والابتغاء ، وشرعاً طلب شيء من العبادات بغالب الرّأي . عند تعذّر الوقوف على الحقيقة . وإنّما قيّد بالعبادات لأنّهم كما قالوا ( التّحرّي ) فيها ، قالوا ( التّوخّي ) في المعاملات . والتّحرّي غير الشّكّ والظّنّ ، فإنّ الشّكّ أن يستوي طرفا العلم والجهل ، والظّنّ ترجّح أحدهما من دليل ، والتّحرّي ترجّح أحدهما بغالب الرّأي . وهو دليل يتوصّل به إلى طرف العلم ، وإن كان لا يتوصّل به إلى ما يوجب حقيقة العلم . كذا قال السّرخسيّ في المبسوط . وفيه أيضاً : الاجتهاد مدرك من مدارك الأحكام الشّرعيّة ، وإن كان الشّرع لا يثبت به ابتداءً ، وكذلك التّحرّي مدرك من مدارك التّوصّل إلى أداء العبادات ، وإن كانت العبادة لا تثبت به ابتداءً .
الاستنباط :
4 - وهو استخراج العلّة أو الحكم إذا لم يكونا منصوصين ، بنوع من الاجتهاد .
( أهليّة الاجتهاد ) :
5 - اشترط الأصوليّون في المجتهد أن يكون مسلماً صحيح الفهم عالماً بمصادر الأحكام ، من كتاب وسنّة وإجماع وقياس ، وبالنّاسخ منها والمنسوخ ، عالماً باللّغة العربيّة نحوها وصرفها وبلاغتها ، عالماً بأصول الفقه . والمراد بمعرفة الكتاب معرفة آيات الأحكام ، وليس المراد حفظها بل معرفة مواقعها بحيث يستطيع الوصول إليها بيسر وسهولة ، ويستطيع معرفة معانيها كذلك . والمراد بمعرفة السّنّة معرفة ما ورد من الأحاديث في الأحكام ، وليس المراد حفظها ، وإنّما يكفي أن يكون لديه أصل جامع لغالبيّة أحاديث الأحكام يستطيع أن يتعرّف فيه بيسر وسهولة ، مواقع كلّ باب منها ليرجع إليه عند الحاجة ، ولا بدّ أن يعرف المقبول منها من المردود . واشترطت معرفته بالنّاسخ والمنسوخ ، لئلاّ يفتي بما هو منسوخ . واشترطت معرفته بالعربيّة لكي يتمكّن من فهم القرآن والسّنّة على وجههما الصّحيح ، لأنّهما وردا بلسان العرب ، وجريا على أساليب كلامهم . واشترطت معرفته بأصول الفقه لكي لا يخرج في استنباطه للأحكام ، وفي التّرجيح عند التّعارض ، عن القواعد الصّحيحة لذلك . وهذه الشّروط إنّما هي للمجتهد المطلق المتصدّي للاجتهاد في جميع مسائل الفقه .
درجات الاجتهاد :
6 - الاجتهاد قد يكون مطلقاً كاجتهاد الأئمّة الأربعة وقد يكون غير مطلق وفي درجاته تفصيل موطنه الملحق الأصوليّ .
صفة الاجتهاد بالاستعمال الأصوليّ ( حكمه التّكليفيّ ) 7 - الاجتهاد فرض كفاية إذ لا بدّ للمسلمين من استخراج الأحكام لما يحدث من الأمور . ويتعيّن الإجهاد على من هو أهله إن سئل عن حادثة وقعت فعلاً ، ولم يكن غيره ، وضاق الوقت بحيث يخاف من وقعت به فواتها ، إن لم يجتهد من هو أهل لتحصيل الحكم فيها . وقيل : يتعيّن أيضاً إذا وقعت الحادثة بالمجتهد نفسه وكان لديه الوقت للاجتهاد فيها . وهذا رأي الباقلاّنيّ والآمديّ وأكثر الفقهاء . وقال غيرهم : يجوز له التّقليد مطلقاً ، وقال : آخرون يجوز في أحوال معيّنة . وتفصيل ما يتّصل بالاجتهاد موطنه الملحق الأصوليّ .
صفة الاجتهاد بالاستعمال الفقهيّ ( حكمه التّكليفيّ ) 8 - يذكر الفقهاء نوعاً آخر من الاجتهاد ، سوى الاجتهاد في الأدلّة الشّرعيّة ، يحتاج إليه المسلم في القيام بالعبادات ، عند حصول الاشتباه . فمن ذلك أن يجتهد في تحديد القبلة لأجل استقبالها في صلاته ، وذلك عندما لا يجد من يخبره بالجهة ، فيستدلّ عليها بأدلّتها المعتبرة شرعاً ، كمواقع النّجوم ، ومطالع الشّمس والقمر ، واتّجاه الرّيح وغير ذلك . ويذكره الفقهاء في مباحث استقبال القبلة في مقدّمات الصّلاة . ومن ذلك الاجتهاد عند اشتباه ثياب طاهرة بثياب نجسة لم يجد غيرها ، أو ماء طهور بماء نجس لم يجد غيرهما ، ويذكر الفقهاء ذلك في مباحث شرط إزالة النّجاسة في مقدّمات الصّلاة كذلك . ومنه أيضاً اجتهاد من حبس في مكان لا يعرف فيه دخول وقت الصّلاة ، أو وقت الصّوم ، ويذكر الفقهاء ذلك في مبحث معرفة دخول الشّهر من أبواب الصّوم .
أجر
التّعريف
1 - الأجر في اللّغة مصدر أجره يأجره ويأجره إذا أثابه وأعطاه جزاء عمله . ويكون الأجر أيضاً اسماً للعوض المعطى عن العمل . ومنه ما يعطيه اللّه العبد جزاء عمله الصّالح في الدّنيا من مال أو ذكر حسن أو ولد أو غير ذلك ، قال اللّه تعالى { وآتيناه أجره في الدّنيا } ، وما يعطيه في الآخرة من النّعيم ، ومنه قوله تعالى : { والشّهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم } وقوله : { وإنّما توفّون أجوركم يوم القيامة } ، وكذلك ما يعطيه العباد بعضهم بعضاً من العوض عن أعمالهم يسمّى أجراً ، قال اللّه تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ } وسمّى القرآن مهر المرأة أجراً ، كما في قوله تعالى : { يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ } . والأجر عند الفقهاء بمعنى العوض عن العمل ، سواء أكان من اللّه أم من العباد ، مع العلم بأنّ الأجر من اللّه تفضّل منه وبمعنى بدل المنفعة سواء أكانت منفعة عقار كسكنى دار ، أو منفعة منقول كركوب سيّارة . ونقل أبو البقاء في الكلّيّات عن بعضهم : « الأجر يقال فيما كان عقداً وما يجري مجرى العقد ، ولا يكون إلاّ في النّفع » .
( مواطن البحث )
2 - يذكر الفقهاء مسائل الأجر على العمل والمنفعة ضمن مباحث الإجارة ، والأجرة فليرجع إليها .
أجر المثل
انظر : إجارة .
أجرد
التّعريف
1 - الرّجل الأجرد لغةً هو من لا شعر على جسده . والمرأة جرداء . وفي اصطلاح الفقهاء : الأجرد الّذي ليس على وجهه شعر وقد مضى أوان طلوع لحيته ، أمّا قبل ذلك فهو أمرد .
( الحكم الإجماليّ )
2 - أثبت العلماء لمن قارب البلوغ من الفتيان ولم ينبت شعر وجهه - وهو الّذي يسمّى الأمرد - أثبتوا له ، إذا كان صبيح الوجه ، بعض الأحكام الخاصّة ، على اختلاف بينهم فيها ، صيانةً له ودرءاً للفتنة به . من ذلك أنّهم رأوا تحريم النّظر إليه بشهوة ، والخلوة به ، ومسّه ، أو كراهة ذلك ( ر : أمرد ) ثمّ إن لم ينبت شعره بعد أوانه ، وهو الّذي يسمّى الأجرد ، فقد صرّح بعضهم في مثل ذلك بعدم انطباق أحكام الأمرد عليه ، كما نقل ابن عابدين عن بعض من كره إمامة الأمرد أنّه لم يكره الصّلاة خلف من تجاوز حدّ الإنبات ولم ينبت عذاره . ولم نجد لغير الحنفيّة نصّاً في ذلك .
أجرة
التّعريف
1 - الأجر لغةً وشرعاً : بدل المنفعة ، وهي ما يعطاه الأجير في مقابلة العمل ، وما يعطاه صاحب العين مقابل الانتفاع بها . وتسمّى الأجرة الأجر والكراء والكروة ( بكسر الكاف ) وفي القاموس : « النّول جعل السّفينة " وفي اللّسان : « الآجرة والإجارة والإجارة ما أعطيت من أجر " وجمعها أجر ، كغرف . ويجوز جمعها على " أجرات " بضمّ الجيم وفتحها .
( الحكم الإجماليّ )
2 - يجوز أن يكون بدل المنفعة في الإجارة ما جاز أن يكون ثمناً من عرض أو منفعة أخرى أو نقد حالّ أو مؤجّل . وما لا يصلح أن يكون ثمناً قد يصلح أن يكون أجرةً كالمنفعة ، ولا يصلح في ذلك الخمر والخنزير ونحوهما إلاّ للذّمّيّين . ويجب أن تكون معلومةً للمتعاقدين بإشارة أو تعيين أو بيان ، فلا يصحّ العقد بأجرة مجهولة ، ولا يصحّ بأجرة هي جزء من المعمول أو بعض النّاتج من العمل ، كمن يستأجر من يسلخ شاةً بجلدها . ويجوز تسعير الأجور في بعض الأحوال . وفي كثير ممّا ذكرناه خلاف وتفصيل يرجع إليه تحت عنوان ( إجارة ) .
( مواطن البحث )
3 - يتعرّض الفقهاء لمسائل الأجرة ضمن مباحث الإجارة . ويتعرّضون لأخذ الأجرة على فعل القربات ضمن مباحث الأذان والحجّ والجهاد ، ولأخذها على القسمة ضمن مباحث القسمة ، ولأخذ الرّهن أو الكفيل بالأجرة ضمن مباحث الرّهن والكفالة ، ولتسعيرها ضمن مسائل التّسعير ، من البيوع ، ولجعل الأجرة منفعةً مماثلةً ضمن مسائل الرّبا ، وبعض مباحث الوقف .
أجرة المثل
انظر : إجارة .
إجزاء
التّعريف
1 - الإجزاء في اللّغة الكفاية والإغناء . وهو شرعاً : إغناء الفعل عن المطلوب ولو من غير زيادة عليه .
( الألفاظ ذات الصّلة )
الجواز
2 - يفترق الإجزاء عن الجواز بأنّ الإجزاء يكون بأداء المطلوب ولو دون زيادة كما ذكر . أمّا الجواز فإنّه يطلق على ما لا يمتنع شرعاً . الحلّ : كما يفترق الإجزاء عن الحلّ بأنّ الأجزاء قد يكون مع الشّوائب ، أمّا الحلّ ، فهو الإجزاء الخالص من كلّ شائبة ، ولذلك فإنّ الكراهة قد تجامع الإجزاء ، ولكنّها لا تجامع الحلّ في بعض الإطلاقات . الحكم الإجماليّ ومواطن البحث :
3 - يكون التّصرّف مجزئاً إذا استجمع شرائطه وأركانه وواجباته أيضاً عند الحنابلة فيجزئ في الوضوء الإتيان بفرائضه دون سننه ومستحبّاته . ويجزئ في الطّهارة بالماء التّطهّر بأحد المياه السّبعة وإن كان الماء الّذي جرى التّطهّر به مملوكاً للغير ، عند الجمهور . كما هو مذكور في باب الوضوء من كتب الفقه . ونحو ذلك كثير تجده في أبوابه من كتب الفقه .
نهاية الجزء الأول / الموسوعة الفقهية