الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40733" data-attributes="member: 329"><p>مدّة السّفر</p><p>28 - السّفر لغةً قطع المسافة ، وليس كلّ سفر تتغيّر به الأحكام ، من جواز الإفطار ، وقصر الصّلاة الرّباعيّة ، ومسح الخفّ ، وإنّما سفر خاصّ ، حدّده الفقهاء ، وإن اختلفوا في هذا التّحديد : فيرى المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّ طويل السّفر هو المجيز لقصر الصّلاة ، وقالوا : إنّ السّفر الطّويل هو أربعة برد فأكثر برّاً أو بحراً . وقد استدلّ أصحاب هذا الرّأي بما روي أنّ ابن عمر وابن عبّاس كانا يقصران ويفطران في أربعة برد فما فوقها . ولا يعرف لهما مخالف ، وأسنده البيهقيّ بسند صحيح ، قال الخطّابيّ : ومثل هذا لا يكون إلاّ عن توقيف . وروي عن جماعة من السّلف ما يدلّ على جواز القصر في أقلّ من يوم . فقال الأوزاعيّ : كان أنس يقصر فيما بينه وبين خمسة فراسخ . وروي عن عليّ رضي الله عنه أنّه خرج من قصره بالكوفة حتّى أتى النّخيلة فصلّى بها كلّاً من الظّهر والعصر ركعتين ، ثمّ رجع من يومه ، فقال : أردت أن أعلّمكم سنّتكم . ويرى الحنفيّة أنّ السّفر الّذي تتغيّر به الأحكام أن يقصد الإنسان مسيرة ثلاثة أيّام ولياليها ، بسير الإبل ، ومشي الأقدام ، لقوله عليه السلام : « يمسح المقيم كمال يوم وليلة ، والمسافر ثلاثة أيّام ولياليها » عمّ الجنس ، ومن ضرورته عموم التّقدير ؛ ولأنّ الثّلاثة الأيّام متّفق عليها ، وليس فيما دونها توقيف ولا اتّفاق . وقدّره أبو يوسف رحمه الله بيومين وأكثر الثّالث . والسّير المذكور هو الوسط ، ويعتبر في الجبل ما يليق به ، وفي البحر اعتدال الرّياح . فينظر كم يسير في مثله ثلاثة أيّام فيجعل أصلاً » .</p><p>الفصل الثّاني الأجل القضائي</p><p> 29 - المراد بالأجل القضائيّ : الأجل الّذي يضربه القاضي لحضور الخصوم ، أو إحضار البيّنة ، أو إحضار الكفيل ، أو تأجيل المعسر إلى ميسرة . الحضور للتّقاضي :</p><p>30 - إنّ الأجل الّذي يضربه القاضي لحضور المتخاصمين موكول إلى تقديره وطبيعة موضوع النّزاع . وللفقهاء تفصيلات كثيرة في هذا ، هي من قبيل الأوضاع الزّمنيّة الّتي تتغيّر ، وتفصيلها في أبواب الدّعوى والقضاء من كتب الفقه .</p><p>( إحضار البيّنة ) :</p><p>31 - يرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّ للقاضي أن يمهل المدّعي ثلاثة أيّام لإحضار البيّنة ، بينما يرى المالكيّة والحنابلة أنّ ذلك موكول لاجتهاد القاضي .</p><p>الفصل الثّالث</p><p>الأجل الاتّفاقيّ</p><p>32 - يقصد به المدّة المستقلّة الّتي يحدّدها الملتزم للوفاء بالتزامه ، سواء أكان هذا الالتزام يقابله التزام من آخر أو لا يقابله ، أو يحدّدها لإنهاء هذا الالتزام . وينقسم هذا النّوع من الأجل إلى قسمين : أجل إضافة ، ومحلّ بيان أحكامه مصطلح ( إضافة ) وأجل توقيت ، وفيما يلي آراء الفقهاء في حكمه :</p><p>اشتراط تأجيل تسليم العين في التّصرّفات النّاقلة للملكيّة :</p><p>33 - اختلف الفقهاء في صحّة اشتراط تأجيل تسليم ( العين ) إلى المنقول إليه ملكيّتها مدّةً معلومةً للانتفاع بها على رأيين : الأوّل : يرى المالكيّة والحنابلة وهو رأي مرجوح في مذهب الشّافعيّة : أنّه يجوز أن يشترط تأجيل تسليم العين إلى المدّة الّتي يحدّدها المتعاقدان ، وأن يكون المنتفع بها هو النّاقل للملكيّة ، وهذا الرّأي منقول عن الأوزاعيّ ، وابن شبرمة ، وإسحاق ، وأبي ثور . ومن أمثلته : إذا باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً ، ثمّ يسلّمها إليه ، أو أرضاً على أن يزرعها سنةً ، أو دابّةً على أن يركبها شهراً ، أو ثوباً على أن يلبسه أسبوعاً . واستدلّ لهذا الرّأي بأنّ عموم الآيات والأحاديث تأمر بالوفاء بالعقود . قال اللّه تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود . . . } وقال تعالى : { وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسئولاً } وقال عليه الصلاة والسلام : « المسلمون على شروطهم إلاّ شرطاً حرّم حلالاً ، أو أحلّ حراماً » ، فالآيات والأحاديث تأمر بالوفاء بكلّ عقد وشرط لا يخالف كتاب اللّه ، ولا سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم . وبخصوص ما روي عن جابر رضي الله عنه : « أنّه كان يسير على جمل قد أعيا ، فضربه النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسار سيراً لم يسر مثله . فقال : بعنيه . فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي » . متّفق عليه . فهذا الحديث يدلّ على جواز اشتراط تأجيل تسليم المبيع فترةً ينتفع فيها البائع به ، ثمّ يسلّمه إلى المشتري . ويؤيّده أنّه صلى الله عليه وسلم « نهى عن الثّنيا أي الاستثناء إلاّ أن تعلم » وهذه معلومة ، وأكثر ما فيه تأخير تسليم المبيع مدّة معلومة ، فصحّ . الثّاني : يرى الحنفيّة ، وهو الرّاجح عند الشّافعيّة ، عدم صحّة اشتراط تأجيل تسليم العين . واستدلّوا بما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه « نهى عن بيع وشرط » ، وروي أنّ عبد اللّه بن مسعود اشترى جاريةً من امرأته زينب الثّقفيّة . وشرطت عليه أنّك إن بعتها فهي لي بالثّمن . فاستفتى عمر رضي الله عنه ، فقال : « لا تقربها » ، وفيها شرط لأحد وروي أنّ عبد اللّه بن مسعود اشترى جاريةً واشترط خدمتها ، فقال له عمر لا تقربها وفيها مثنويّة . وأمّا إذا جعل تأجيل تسليم العين لمصلحة أجنبيّ عن العقد ، كما إذا باعه بشرط أن ينتفع بها فلان « الأجنبيّ عن العقد » شهراً ، فلم ير صحّة هذا أحد من الفقهاء غير الحنابلة .</p><p>المبحث الثّالث</p><p>تأجيل الدّين الدّين : هو مال حكميّ يحدث في الذّمّة ببيع أو استهلاك أو غيرهما . </p><p>مشروعيّة تأجيل الدّيون</p><p>34 - لقد شرع جواز تأجيل الدّيون بالكتاب والسّنّة والإجماع . أمّا الكتاب فقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمًّى فاكتبوه . . . } فهذه الآية ، وإن كانت لا تدلّ على جواز تأجيل سائر الدّيون ، إلاّ أنّها تدلّ على أنّ من الدّيون ما يكون مؤجّلاً ، وهو ما نقصده هنا من الاستدلال بها على مشروعيّة الأجل . وأمّا السّنّة فما روي عن السّيّدة عائشة رضي الله عنها : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اشترى من يهوديّ طعاماً إلى أجل ، ورهنه درعاً له من حديد » . رواه مسلم واللّفظ له . فهو يدلّ على مشروعيّة تأجيل الأثمان ، وقد أجمعت الأمّة على ذلك . حكمة قبول الدّين التّأجيل دون العين :</p><p>35 - نصّ الفقهاء على أنّ الفرق بين الأعيان والدّيون من حيث جواز التّأجيل في الثّانية دون الأولى : أنّ الأعيان معيّنة ومشاهدة ، والمعيّن حاصل وموجود ، والحاصل والموجود ليس هناك مدعاة لجواز ورود الأجل عليه . أمّا الدّيون : فهي مال حكميّ يثبت في الذّمّة ، فهي غير حاصلة ولا موجودة ، ومن ثمّ شرع جواز تأجيلها ، رفقاً بالمدين ، وتمكيناً له من اكتسابها وتحصيلها في المدّة المضروبة ، حتّى إنّ المشتري لو عيّن النّقود الّتي اشترى بها لم يصحّ تأجيلها . الدّيون من حيث جواز التّأجيل وعدمه :</p><p>36 - أوضح الفقهاء أنّ الدّيون تكون حالّةً ، وأنّه يجوز تأجيلها إذا قبل الدّائن ، واستثنى جمهور الفقهاء من هذا الأصل عدّة ديون : أ - ( رأس مال السّلم ) :</p><p>37 - وذلك لأنّ حقيقته شراء آجل ، وهو المسلم فيه ( وهو السّلعة ) ، بعاجل ، وهو رأس المال ( وهو الثّمن ) فرأس مال السّلم لا بدّ من كونه حالّاً ، عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ؛ لأنّ من شرط صحّة هذا العقد قبض رأس المال قبل انتهاء مجلس العقد ولأنّه لو تأخّر لكان في معنى بيع الدّين بالدّين ، ( إن كان رأس المال في الذّمّة ) وهو منهيّ عنه ، لما روي أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « نهى عن بيع الكالئ بالكالئ » أي النّسيئة بالنّسيئة ؛ ولأنّ في السّلم غرراً ، فلا يضمّ إليه غرر تأخير تسليم رأس المال ، فلا بدّ من حلول رأس المال ، كالصّرف ، فلو تفرّقا قبل قبض رأس المال بطل العقد . ويرى المالكيّة أنّ من شروط صحّة عقد السّلم قبض رأس المال كلّه في مجلس العقد ، ويجوز تأخير قبضه بعد العقد لمدّة لا تزيد على ثلاثة أيّام ، ولو بشرط ذلك في العقد ؛ لأنّ ما قارب الشّيء يعطى حكمه ، وهذا إذا لم يكن أجل السّلم قريباً كيومين ، وذلك فيما شرط قبضه في بلد آخر ، وإلاّ فلا يجوز تأخير هذه المدّة ؛ لأنّه عين الكالئ بالكالئ ، فيجب أن يقبض رأس المال بالمجلس أو ما يقرب منه . وفي فساد السّلم بالزّيادة على الثّلاث ( بلا شرط إن لم تكثر جدّاً - بألاّ يحلّ أجل المسلم فيه - ) وعدم فساده قولان لمالك .</p><p>ب - ( بدل الصّرف ) :</p><p>38 - من شروط صحّة الصّرف تقابض الثّمنين في مجلس العقد ، أي قبل افتراق المتعاقدين بأبدانهما ، فلو اشترط الأجل فيه فسد ؛ لأنّ الأجل يمنع القبض ، وإذا لم يتحقّق القبض لم يتحقّق شرط صحّته ، وهذا ما صرّح به الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « الذّهب بالذّهب ، والفضّة بالفضّة ، والبرّ بالبرّ ، والشّعير بالشّعير ، والتّمر بالتّمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواءً بسواء ، يداً بيد . فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد » ، أي مقابضةً . قال الرّافعيّ : ومن لوازمه الحلول . وقال ابن المنذر : أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أنّ الصّرف فاسد ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الذّهب بالورق رباً إلاّ هاء وهاء » ، وقوله عليه الصلاة والسلام : « بيعوا الذّهب بالفضّة كيف شئتم يداً بيد » .</p><p>ج - ( الثّمن بعد الإقالة ) :</p><p>39 - الإقالة جائزة في البيع بمثل الثّمن الأوّل ، عليه إجماع المسلمين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « من أقال نادماً بيعته أقال اللّه عثرته يوم القيامة » . أخرجه أبو داود وابن ماجه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته » زاد ابن ماجه : « يوم القيامة » . ورواه ابن حبّان في صحيحه والحاكم ، وقال على شرط الشّيخين ، وأمّا لفظ « نادماً " فعند البيهقيّ . والإقالة عند الجمهور عود المتعاقدين إلى الحال الأوّل ، بحيث يأخذ البائع المبيع والمشتري الثّمن . فإن شرط غير جنس الثّمن ، أو أكثر منه ، أو أجله ، بأن كان الثّمن حالّاً فأجّله المشتري عند الإقالة ، فإنّ التّأجيل يبطل ، وتصحّ الإقالة . وذهب المالكيّة إلى أنّ الإقالة بيع فتجري عليها أحكامه من التّأجيل وغيره .</p><p>د - ( بدل القرض ) :</p><p>40 - اختلف العلماء في جواز اشتراط تأجيل القرض : فيرى جمهور الفقهاء أنّه يجوز للمقرض المطالبة ببدله في الحال ، وأنّه لو اشترط فيه التّأجيل لم يتأجّل ، وكان حالّاً ، وبهذا قال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة والحارث العكليّ والأوزاعيّ وابن المنذر . وذلك لأنّه سبب يوجب ردّ المثل في المثليّات ، فأوجبه حالّاً ، كالإتلاف ، ولو أقرضه بتفاريق ، ثمّ طالبه بها جملةً فله ذلك ؛ لأنّ الجميع حالّ ، فأشبه ما لو باعه بيوعاً حالّةً ، ثمّ طالبه بثمنها جملةً ؛ ولأنّ الحقّ يثبت حالّاً ، والتّأجيل تبرّع منه ووعد ، فلا يلزم الوفاء به ، كما لو أعاره شيئاً ، وهذا لا يقع عليه اسم الشّرط ، ولو سمّي شرطاً ، فلا يدخل في حديث : « المؤمنون عند شروطهم » .</p><p>هـ - ( ثمن المشفوع فيه ) :</p><p>41 - اختلف الفقهاء في كون ثمن المشفوع فيه هل يجب حالّاً ، أو يجوز فيه التّأجيل ، فيرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّه يجب حالّاً ولو كان الثّمن مؤجّلاً على المشتري ، ويرى المالكيّة والحنابلة أنّه إذا بيع العقار مؤجّلاً أخذه الشّفيع إلى أجله .</p><p>الدّيون المؤجّلة بحكم الشّرع</p><p>أ - ( الدّية ) :</p><p>42 - لمّا كانت الدّية قد تجب في القتل العمد ( إذا عفي عن القاتل ، وطلبها أولياء المقتول ، كما هو رأي الشّافعيّة والحنابلة - أو رضي أولياء الدّم ورضي القاتل بدفعها كما هو رأي الحنفيّة والمالكيّة ) ، وفي شبه العمد ، وفي الخطأ ، ولمّا كان الفقهاء قد اختلفوا في كيفيّة أدائها في كلّ نوع من أنواع القتل الّذي وجبت فيه ، كان لا بدّ من بيان آرائهم فيما يكون منها حالّاً أو مؤجّلاً . الدّية في القتل العمد :</p><p>43 - يرى جمهور الفقهاء ( المالكيّة ، والشّافعيّة والحنابلة ) أنّها تجب في مال القاتل حالّةً غير مؤجّلة ولا منجّمة ، وذلك لأنّ ما وجب بالقتل العمد كان حالّاً ، كالقصاص ، فإنّه يجب حالّاً ، ويرى الحنفيّة التّفريق بين الدّية الّتي تجب بالصّلح ، فيجعلونها حالّةً في مال القاتل ، وبين الّتي تجب بسقوط القصاص بشبهة ، كما إذا قتل الأب ابنه عمداً ، فإنّها تجب في مال القاتل في ثلاث سنين ، وذلك قياساً على القتل الخطأ .</p><p>الدّية في القتل شبه العمد :</p><p>44 - تجب الدّية في هذا النّوع من القتل على العاقلة في ثلاث سنين ، وهو رأي الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ( وهو المرويّ عن عمر وعليّ وابن عبّاس رضي الله عنهم ، وبه قال الشّعبيّ والنّخعيّ وقتادة وعبد اللّه بن عمر وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر ) . واستدلّوا بما روي أنّ عمر وعليّاً قضيا بالدّية على العاقلة في ثلاث سنين ، ولا مخالف لهما في عصرهما فكان إجماعاً ، ولأنّ المرويّ عنهما كالمرويّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه ممّا لا يعرف بالرّأي .</p><p>الدّية في القتل الخطأ :</p><p>45 - يرى جمهور الفقهاء أنّ الدّية في القتل الخطأ تكون مؤجّلةً لمدّة ثلاث سنوات ، يؤخذ في كلّ سنة ثلث الدّية ، ويجب في آخر كلّ سنة ، وهو رأي الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . واستدلّوا بما روي عن عمر بن الخطّاب أنّه قضى بالدّية على العاقلة في ثلاث سنين ، وقد قال هذا أيضاً عليّ وعبد اللّه بن عبّاس ، وقد عزاه الإمام الشّافعيّ في المختصر إلى قضاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقد نقل الرّافعيّ والتّرمذيّ في جامعه وابن المنذر الإجماع على ذلك .</p><p>ب - المسلم فيه :</p><p>46 - لمّا كان السّلم هو شراء آجل بعاجل ، والآجل هو المسلم فيه ، فقد اشترط الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والأوزاعيّ لصحّة السّلم أن يكون المسلم فيه مؤجّلاً إلى أجل معلوم ، ولا يصحّ السّلم الحالّ لقول النّبيّ عليه الصلاة والسلام : « من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ، أو وزن معلوم ، إلى أجل معلوم » . فأمر بالأجل ، وأمره يقتضي الوجوب ؛ ولأنّه أمر بهذه الأمور تبييناً لشروط السّلم ، ومنعاً منه بدونها ، وكذلك لا يصحّ إذا انتفى الكيل والوزن ، فكذلك الأجل ؛ ولأنّ السّلم إنّما جاز رخصةً للرّفق ، ولا يحصل الرّفق إلاّ بالأجل ، فإذا انتفى الأجل انتفى الرّفق ، فلا يصحّ ، كالكتابة ؛ ولأنّ الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه . ويرى الشّافعيّة وأبو ثور وابن المنذر أنّه يجوز أن يكون السّلم في الحالّ ؛ لأنّه عقد يصحّ مؤجّلاً فصحّ حالّاً ، كبيوع الأعيان ؛ ولأنّه إذا جاز مؤجّلاً ، فحالّاً أجوز ، ومن الغرر أبعد .</p><p>ج - ( مال الكتابة ) :</p><p>47 - اختلف الفقهاء في وجوب تأجيل العوض المكاتب به إلى أجل معيّن : فيرى الحنفيّة ، وابن رشد من المالكيّة ، وابن عبد السّلام والرّويانيّ من الشّافعيّة ، أنّه لا يشترط ذلك ، بل تصحّ بمال مؤجّل وبمال حالّ ، ويرى المالكيّة - على الرّاجح عندهم - والشّافعيّة والحنابلة : أنّها لا تكون إلاّ بمال مؤجّل منجّم تيسيراً على المكاتب في الجملة .</p><p>د - توقيت القرض :</p><p>48 - سبق بيان آراء الفقهاء في جواز تأجيل بدل القرض وعدمه . أمّا عقد القرض فهو عقد لا يصدر إلاّ مؤقّتاً ، وذلك لأنّه عقد تبرّع ابتداءً ، ومعاوضة انتهاءً ، أو دفع مال إرفاقاً لمن ينتفع به ويردّ بدله . والانتفاع به يكون بمضيّ فترة ينتفع فيها المقترض بمال القرض ، وذلك باستهلاك عينه ؛ لأنّه لو كان الانتفاع به مع بقاء عينه كان إعارةً لا قرضاً ، ثمّ يردّ مثله إذا كان مثليّاً وقيمته إذا كان قيميّاً ، وقد اختلف الفقهاء في المدّة الّتي يلزم فيها هذا العقد : فيرى المالكيّة أنّه عقد لازم في حقّ الطّرفين طوال المدّة المشترطة في العقد ، فإن لم يكن اشتراط فللمدّة الّتي اعتيد اقتراض مثله لها ، ويرى الحنابلة أنّ عقد القرض عقد لازم بالقبض في حقّ المقرض ، جائز في حقّ المقترض ، ويثبت العوض عن القرض في ذمّة المقترض حالّاً ، وإن أجّله ؛ لأنّه عقد منع فيه من التّفاضل ، فمنع الأجل فيه ، كالصّرف ، إذ الحالّ لا يتأجّل بالتّأجيل ، وهو عدة تبرّع لا يلزم الوفاء به . قال أحمد : القرض حالّ ، وينبغي أن يفي بوعده ، ويحرم الإلزام بتأجيل القرض ؛ لأنّه إلزام بما لا يلزم . ويرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّ القرض عقد إرفاق جائز في حقّ الطّرفين ، وذلك لأنّ الملك في القرض غير تامّ ؛ لأنّه يجوز لكلّ واحد منهما أن ينفرد بالفسخ .</p><p>القسم الثّاني أجل التّوقيت</p><p>49 - يقصد بأجل التّوقيت : الزّمن الّذي يترتّب على انقضائه زوال التّصرّف ، أو انتهاء الحقّ الّذي اكتسب خلال هذه المدّة المتّفق عليها ، والعقود والتّصرّفات من حيث قبولها للتّوقيت تنقسم إلى : أ - ( عقود لا تصلح إلاّ ممتدّةً لأجل ) ( مؤقّتة ) .</p><p>ب - عقود تصحّ حالّةً ومؤقّتةً . كما أنّ هذه العقود منها ما لا يصحّ إلاّ بأجل معلوم ، ومنها ما لا يصحّ إلاّ بأجل مجهول ، ومنها ما يصحّ بأجل معلوم أو مجهول ، وفيما يلي بيان ذلك . المبحث الأوّل عقود لا تصحّ إلاّ ممتدّةً لأجل ( مؤقّتة ) .</p><p>وهذا القسم يشمل عقود : الإجارة ، والكتابة والقراض :</p><p>أ - ( عقد الإجارة ) :</p><p>50 - إنّ الإجارة مؤقّتة إمّا بمدّة ، وإمّا بعمل معيّن ، والعمل يتمّ في زمن عادةً ، وبانتهاء العمل ينتهي عقد الإجارة ، فهو عقد مؤقّت . ومثل عقد الإجارة : المساقاة والمزارعة .</p><p>عقد المساقاة :</p><p>51 - يرى الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة أنّ المساقاة تكون مؤقّتةً ، فإن لم يبيّنا مدّةً وقع على أوّل ثمر يخرج ، ويرى الحنابلة أنّها يصحّ توقيتها ؛ لأنّه لا ضرر في تقدير مدّتها ، ولا يشترط توقيتها .</p><p>( تأقيت المزارعة ) :</p><p>52 - المزارعة لا يجيزها الإمام أبو حنيفة ، ويجيزها الصّاحبان أبو يوسف ومحمّد وبقولهما يفتى في المذهب . كما لا يجيزها الشّافعيّة إلاّ إذا كان بين النّخل أو العنب بياض ( أي أرض لا زرع فيها ) صحّت المزارعة عليه مع المساقاة على النّخل أو العنب تبعاً للمساقاة ، ويرى المالكيّة ومحمّد بن الحسن والحنابلة أنّ عقد المزارعة يجوز بلا بيان مدّة ، وتقع على أوّل زرع يخرج ، ويرى جمهور الحنفيّة أنّ من شروط صحّة عقد المزارعة ذكر مدّة متعارفة ، فتفسد بما لا يتمكّن فيها من المزارعة ، وبما لا يعيش إليها أحدهما غالباً .</p><p>ب - ( عقد الكتابة ) :</p><p>53 - هو عقد بين السّيّد ومملوكه على مال يوجب تحرير يد المملوك ( أي تصرّفه ) في الحال ورقبته في المآل وهو من محاسن الإسلام ، إذ فيه فتح باب الحرّيّة للأرقّاء ، وعقد الكتابة يوجب تأجيل العوض المكاتب به إلى أجل معيّن عند جمهور الفقهاء ، فإذا أدّاه المكاتب عتق ، فيكون هذا العقد مؤقّتاً بتأقيت العوض فيه . فإذا وفّى بما التزمه انتهى عقد الكتابة ، وعتق ، وإن لم يوفّ أو عجز نفسه ، انتهى عقد الكتابة وعاد رقيقاً ، على تفصيل في ذلك .</p><p>المبحث الثّاني</p><p>عقود تصحّ مطلقةً ومقيّدةً تأقيت عقد العاريّة لأجل :</p><p>54 - لمّا كانت حقيقة العاريّة أنّها إباحة نفع عين يحلّ الانتفاع بها مع بقاء العين ، ليردّها على مالكها ، لذلك لم يختلف الفقهاء في أنّ هذه الإباحة موقوتة ، غير أنّ هذا الوقت قد يكون محدّداً ، وتسمّى عاريّة مقيّدة - وقد لا يكون ، وتسمّى العاريّة المطلقة ، ويرى جمهور الفقهاء أنّ العاريّة عقد غير لازم فلكلّ واحد من المتعاقدين الرّجوع متى شاء ، خلافاً للمالكيّة في المقيّدة ، وفي المطلقة إلى مدّة ينتفع فيها بمثلها عادةً .</p><p>تأقيت الوكالة لأجل :</p><p>55 - يجوز تأقيت الوكالة بأجل عند جميع الفقهاء ، كقوله " وكّلتك شهراً ، فإذا مضى الشّهر امتنع الوكيل عن التّصرّف " " ولو قال وكّلتك في شراء كذا في وقت كذا صحّ بلا خلاف " لأنّ الوكيل لا يملك من التّصرّف إلاّ ما يقتضيه إذن الموكّل ، وعلى الوجه الّذي أراده ، وفي الزّمن والمكان الّذي حدّده . والأصل في الوكالة أنّها عقد جائز من الطّرفين ، لكلّ واحد منهما فسخها متى شاء ، إلاّ إذا تعلّق بها حقّ للغير ؛ لأنّه إذن في التّصرّف ، فكان لكلّ واحد منها إبطاله ، كالإذن في أكل طعامه . وهذا ما صرّح به جمهور الفقهاء في الجملة . وللمالكيّة تفصيل في هذا تبعاً للعوض وعدمه ، يرجع فيه وفي التّفصيلات الأخرى إلى الوكالة .</p><p>توقيت المضاربة ( القراض ) :</p><p>56 - اختلف الفقهاء في جواز تأقيت المضاربة : فيرى الحنفيّة والحنابلة أنّه يجوز توقيت المضاربة ، مثل أن يقول : ضاربتك على هذه الدّراهم سنةً ، فإذا انقضت فلا تبع ولا تشتر . فإذا وقّت لها وقتاً انتهت بمضيّه ؛ لأنّ التّوقيت مقيّد ، وهو وكيل ، فيتقيّد بما وقّته ، كالتّقييد بالنّوع والمكان . ولأنّه تصرّف يتوقّت بنوع من المتاع ، فجاز توقيته في الزّمان ، كالوكالة ؛ ولأنّ لربّ المال منعه من البيع والشّراء في كلّ وقت إذا رضي أن يأخذ بماله عرضاً ، فإذا شرط ذلك فقد شرط ما هو من مقتضى العقد ، فصحّ ، كما لو قال : إذا انقضت السّنة فلا تشتر شيئاً . ويرى المالكيّة ، والشّافعيّة ، أنّه لا يجوز توقيت المضاربة .</p><p>تأقيت الكفالة بأجل :</p><p>57 - اختلف الفقهاء في جواز تأقيت الكفالة ، كما لو قال : « أنا كفيل بزيد إلى شهر وبعده أنا بريء » . فيرى الحنفيّة والشّافعيّة ( على الصّحيح عندهم ) والحنابلة أنّه يجوز توقيتها ، وكذلك المالكيّة بشروط تفصيلها في باب الضّمان من كتبهم ؛ لأنّه قد يكون له غرض في التّقيّد بهذه المدّة ، وقد أورد الحنفيّة بعض صور التّوقيت . واختلف المذهب في صحّة التّوقيت فيها يرجع إليها في الكفالة . ويرى الشّافعيّة ( على الأصحّ عندهم ) أنّه لا يجوز توقيت الكفالة .</p><p>( تأقيت الوقف بأجل ) :</p><p>58 - إذا صدر الوقف مؤقّتاً ، وذلك بأن علّق فسخه على مجيء زمن معيّن ، كما لو قال : « داري وقف إلى سنة ، أو إلى أن يقدم الحاجّ » . فقد اختلف الفقهاء في حكمه ، فيرى الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّه لا يصحّ ؛ لأنّ الوقف مقتضاه التّأبيد . ويرى المالكيّة ، وهو قول للحنابلة ، أنّه لا يشترط في صحّة الوقف التّأبيد ، فيصحّ مدّةً معيّنةً ، ثمّ يرجع ملكاً كما كان .</p><p>تأقيت البيع :</p><p>59 - لمّا كان البيع هو مبادلة المال بالمال بالتّراضي ، وكان حكمه هو ثبوت الملك للمشتري في المبيع ، وللبائع في الثّمن للحالّ ولمّا كان هذا الملك يثبت له على التّأبيد ، فإنّه لا يحتمل التّأقيت جاء في الأشباه والنّظائر للسّيوطيّ : « أنّ ممّا لا يقبل التّأقيت بحال ، ومتى أقّت بطل ، البيع بأنواعه » ... وذلك كما قال الكاسانيّ : « لأنّ عقود تمليك الأعيان لا تصحّ مؤقّتةً » . وقد أبطل الفقهاء كلّ شرط يؤدّي إلى تأقيت البيع ، أي إلى عودة المبيع إلى بائعه الأوّل ، سواء كان هذا التّأقيت ناتجاً عن الصّيغة ، كبعتك هذا سنةً ، أو عن شرط يؤدّي إلى توقيت البيع ، كبعتك هذا بشرط أن تردّه لي بعد مدّة كذا .</p><p>بيوع الآجال عند المالكيّة</p><p>60 - وهي بيوع دخل فيها الأجل ، واتّحدت فيها السّلعة ، واتّحد فيها المتعاقدان ، وقد أبرزها فقهاء المالكيّة ، وبيّنوا أنّ هذه البيوع ظاهرها الجواز ، لكنّها قد تؤدّي إلى ممنوع ، وذلك لأنّها قد تؤدّي إلى بيع وسلف ، أو سلف جرّ منفعةً ، وكلاهما ممنوع ، كما وضعوا ضابطاً لما يمنع من هذه البيوع . فقالوا : يمنع من هذه البيوع ما اشتمل على بيع وسلف ، وما اشتمل على سلف جرّ منفعةً ، أو يمنع منها ما كثر قصد النّاس إليه للتّوصّل إلى الرّبا الممنوع ، كبيع وسلف ، وسلف بمنفعة ، ولا يمنع ما قلّ قصده ، كضمان بجعل ، أي كبيع جائز أدّى إلى ضمان بجعل .</p><p>( صور بيوع الآجال ) :</p><p>61 - وصورها كما ذكرها المالكيّة متعدّدة ، وتشمل الصّور التّالية : إذا باع شيئاً لأجل ، ثمّ اشتراه بجنس ثمنه فهذا إمّا أن يكون :</p><p>1 - نقداً .</p><p>2 - أو لأجل أقلّ .</p><p>3 - أو لأجل أكثر .</p><p>4 - أو لأجل مساو للأجل الأوّل .</p><p>وكلّ ذلك إمّا أن يكون :</p><p>1 - بمثل الثّمن الأوّل .</p><p>2 - أو أقلّ من الثّمن الأوّل .</p><p>3 - أو أكثر من الثّمن الأوّل . فتكون هذه الصّور اثنتي عشرة صورةً ، يمنع من هذه الصّور ثلاث فقط وهي ما تعجّل فيه الأقلّ ، وهي :</p><p>1 - ما إذا باع سلعةً لأجل ، ثمّ اشتراها بأقلّ نقداً ( بيع العينة ) .</p><p>2 - وما إذا باع سلعةً لأجل ثمّ اشتراها لأجل دون الأجل الأوّل .</p><p>3 - وما إذا باع سلعةً لأجل ثمّ اشتراها لأجل أبعد من الأجل الأوّل ، وعلّة المنع في هذه الصّور هي دفع قليل في كثير ، وهو سلف بمنفعة ، إلاّ أنّه في الصّورتين الأوليين من البائع ، وفي الأخيرة من المشتري ، وأمّا الصّور التّسع الباقية فجائزة . والضّابط أنّه إذا تساوى الأجلان أو الثّمنان فالجواز ، وإن اختلف الأجلان والثّمنان فينظر إلى اليد السّابقة بالعطاء ، فإن دفعت قليلاً عاد إليها كثيراً فالمنع ، وإلاّ فالجواز :</p><p>62 - فمن صور « بيوع الآجال » بيع العينة . وبيع العينة قال الرّافعيّ : هو أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجّل ، ويسلّمه إلى المشتري ، ثمّ يشتريه قبل قبض الثّمن بثمن نقد أقلّ من ذلك القدر وقال ابن رسلان في شرح السّنن : وسمّيت هذه المبايعة عينةً لحصول النّقد لصاحب العينة ؛ لأنّ العين هو المال الحاضر ، والمشتري إنّما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه من فوره ، ليصل به إلى مقصوده ، وقد روي عدم جواز بيع العينة عن ابن عبّاس وعائشة وابن سيرين والشّعبيّ والنّخعيّ ، وبه قال الثّوريّ والأوزاعيّ وأبو حنيفة ومالك وإسحاق وأحمد . وقد استدلّوا بأحاديث ، منها : ما روي عن ابن عمر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا ضنّ النّاس بالدّينار والدّرهم وتبايعوا بالعينة ، واتّبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل اللّه ، أنزل اللّه بهم بلاءً ، فلا يرفعه حتّى يراجعوا دينهم » . رواه أحمد وأبو داود ، ولفظه : « إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزّرع ، وتركتم الجهاد ، سلّط اللّه عليكم ذلّاً لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم » . واستدلّ ابن القيّم على عدم جواز بيع العينة بما روي عن الأوزاعيّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « يأتي على النّاس زمان يستحلّون الرّبا بالبيع » . قال : وهذا الحديث وإن كان مرسلاً فإنّه صالح للاعتضاد به بالاتّفاق ، وله من المسندات ما يشهد له ، وهي الأحاديث الدّالّة على تحريم العينة ، فإنّه من المعلوم أنّ العينة عند من يستعملها إنّما يسمّيها بيعاً ، وقد اتّفقا على حقيقة الرّبا الصّريح قبل العقد ، ثمّ غيّر اسمها إلى المعاملة ، وصورتها إلى التّبايع الّذي لا قصد لهما فيه ألبتّة ، وإنّما هو حيلة ومكر وخديعة للّه تعالى . وأجاز الشّافعيّة هذا البيع مستدلّين على الجواز بما وقع من ألفاظ البيع ، ولأنّه ثمن يجوز بيعها به من غير بائعها ، فجاز من بائعها ، كما لو باعها بثمن المثل ، ولم يأخذوا بالأحاديث المتقدّمة .</p><p>تأقيت الهبة :</p><p>63 - اتّفق الفقهاء على أنّ الهبة لا يجوز توقيتها لأنّها عقد تمليك لعين في الحال ، وتمليك الأعيان لا يصحّ مؤقّتاً ، كالبيع . فلو قال : وهبتك هذا سنةً ثمّ يعود إليّ ، لم يصحّ . وقد استثنى بعض الفقهاء من ذلك العمرى والرّقبى على خلاف وتفصيل موطنه في مصطلحيهما .</p><p>( تأقيت النّكاح )</p><p>تأقيت النّكاح له صور نبيّنها ونبيّن آراء الفقهاء في كلّ صورة منها :</p><p>أ - ( نكاح المتعة ) :</p><p>64 - وهو أن يقول لامرأة خالية من الموانع : أتمتّع بك مدّة كذا وقد ذهب إلى حرمته الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وكثير من السّلف . وتفصيله في نكاح المتعة</p><p>ب - ( النّكاح المؤقّت أو النّكاح لأجل ) :</p><p>65 - وهو أن يتزوّج امرأة بشهادة شاهدين إلى عشرة أيّام مثلاً . وهذا النّكاح أيضاً باطل عند الحنفيّة ( عدا زفر فإنّه قال بصحّة العقد وبطلان الشّرط ) والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لأنّه في معنى المتعة . وتفصيل أحكامه في موضع آخر ( ر : نكاح ) .</p><p>ج - النّكاح المؤقّت بمدّة عمره أو عمرها ، أو إلى مدّة لا يعيشان إليها :</p><p>66 - اختلف الفقهاء في حكم النّكاح المؤقّت إلى مدّة عمر الزّوج أو الزّوجة أو إلى مدّة لا يعيشان أو أحدهما إليها : فيرى الحنفيّة غير الحسن بن زياد والمالكيّة غير أبي الحسن والشّافعيّة غير البلقينيّ والحنابلة أنّه باطل ، لأنّه في معنى نكاح المتعة ، ويرى الحسن بن زياد أنّهما إذا ذكرا من الوقت ما يعلم أنّهما لا يعيشان إليه ، كمائة سنة أو أكثر ، كان النّكاح صحيحاً ؛ لأنّه في معنى التّأبيد ، وهو رواية عن أبي حنيفة . ويرى البلقينيّ أنّه يستثنى من بطلان النّكاح ما إذا نكحها مدّة عمره ، أو مدّة عمرها ، قال : فإنّ النّكاح المطلق لا يزيد على ذلك ، والتّصريح بمقتضى الإطلاق لا يضرّ ، فينبغي أن يصحّ النّكاح في هاتين الصّورتين ، قال : وفي نصّ الأمّ ما يشهد له ، وتبعه على ذلك بعض المتأخّرين . وجاء في حاشية الدّسوقيّ أنّ « ظاهر كلام أبي الحسن أنّ الأجل البعيد الّذي لا يبلغه عمرهما لا يضرّ بخلاف ما يبلغه عمر أحدهما فيضرّ » .</p><p>د - ( إضمار الزّوج تأقيت النّكاح ) :</p><p>67 - صرّح الحنفيّة والشّافعيّة بأنّه لو تزوّج وفي نيّته أن يطلّقها بعد مدّة نواها صحّ زواجه ، لكن الشّافعيّة قالوا بكراهة النّكاح ، إذ كلّ ما صرّح به أبطل يكون إضماره مكروهاً عندهم كما قال المالكيّة إنّ الأجل إذا لم يقع في العقد ، ولم يعلمها الزّوج بذلك ، وإنّما قصده في نفسه ، وفهمت المرأة أو وليّها المفارقة بعد مدّة ، فإنّه لا يضرّ وهذا هو الرّاجح ، وإن كان بهرام صدّر في « شرحه » وفي « شامله » بالفساد إذا فهمت منه ذلك الأمر الّذي قصده في نفسه فإن لم يصرّح للمرأة ولا لوليّها بذلك ولم تفهم المرأة ما قصده في نفسه فليس نكاح متعة . أمّا الحنابلة فقد صرّحوا بأنّه لو تزوّج الغريب بنيّة طلاقها إذا خرج ، فإنّ النّكاح يبطل ؛ لأنّه نكاح متعة ، وهو باطل . ولكن جاء في المغني : « وإن تزوّجها بغير شرط إلاّ أنّ في نيّته طلاقها بعد شهر ، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد ، فالنّكاح صحيح في قول عامّة أهل العلم إلاّ الأوزاعيّ ، قال : هو نكاح متعة . والصّحيح أنّه لا بأس به ، ولا تضرّ نيّته ، وليس على الرّجل أن ينوي حبس امرأته ، وحسبه إن وافقته وإلاّ طلّقها .</p><p>هـ - ( احتواء النّكاح على وقت يقع فيه الطّلاق ) :</p><p>68 - إذا تزوّج امرأةً بشرط أن يطلّقها في وقت معيّن ، لم يصحّ النّكاح ، وسواء كان معلوماً أو مجهولاً ، مثل أن يشترط عليه طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها ، وقال أبو حنيفة : يصحّ النّكاح ، ويبطل الشّرط ، وهو أظهر قولي الشّافعيّ ، قاله في عامّة كتبه ؛ لأنّ النّكاح وقع مطلقاً ، وإنّما شرط على نفسه شرطاً ، وذلك لا يؤثّر فيه ، كما لو شرط ألاّ يتزوّج عليها أو لا يسافر بها . واستدلّ القائلون بالبطلان بأنّ هذا الشّرط مانع من بقاء النّكاح فأشبه نكاح المتعة ، ويفارق ما قاسوا عليها فإنّه لم يشترط قطع النّكاح .</p><p>تأقيت الرّهن بأجل :</p><p>69 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا يجوز تأقيت الرّهن بأجل ، كأن يقول : رهنتك هذا الشّيء شهراً ، في الدّين الّذي لك عليّ .</p><p>تقسيم الأجل باعتبار ضبطه وتحديده :</p><p>70 - ينقسم الأجل من حيث ضبطه وتحديده إلى أجل معلوم وأجل مجهول . ومعلوميّة الأجل وجهالته لها أثر على صحّة العقد ، وعدم صحّته ، لما تورثه الجهالة من الغرر ، إلاّ أنّ من الجهالة ما كان متقارباً ، ومنها ما كان متفاوتاً ، وفيما يلي آراء المذاهب في ذلك .</p><p>( المبحث الأوّل الأجل المعلوم )</p><p>71 - اتّفق الفقهاء على صحّة الأجل ( فيما يقبل التّأجيل ) إذا كان الأجل معلوماً فأمّا كيفيّة العلم به فإنّه يحتاج فيها إلى أن يعلم بزمان بعينه لا يختلف من شخص إلى شخص ومن جماعة إلى جماعة ، وذلك إنّما يكون إذا كان محدّداً باليوم والشّهر والسّنة . والدّليل على اشتراط معلوميّة الأجل : قوله تعالى { يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمًّى فاكتبوه } . ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال في موضع شرط الأجل : « من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم » وقد انعقد الإجماع على صحّة التّأجيل إلى أجل معلوم . ولأنّ جهالة الأجل تفضي إلى المنازعة في التّسلّم والتّسليم ، فهذا يطالبه في قريب المدّة ، وذاك في بعيدها ، وكلّ ما يفضي إلى المنازعة يجب إغلاق بابه . ولأنّه . سيؤدّي إلى عدم الوفاء بالعقود ، وقد أمرنا بالوفاء بها . 72 - وقد اختلف الفقهاء في حقيقة العلم بالأجل ، أو معلوميّة الأجل : فصرّح بعضهم بأنّ الأجل المعلوم هو ما يعرفه النّاس ، كشهور العرب . وبعضهم جعله " ما يكون معلوماً للمتعاقدين ولو حكماً ، وأنّ الأيّام المعلومة للمتعاقدين كالمنصوصة ، وأنّ التّأجيل بالفعل الّذي يفعل في الأيّام المعتادة كالتّأجيل بالأيّام » . وإزاء هذين الاتّجاهين لا بدّ من بيان آراء الفقهاء في التّأجيل إلى أزمنة معلومة حقيقةً أو حكماً ، أو إلى فصول أو مناسبات ، أو إلى فعل يقع في أزمنة معتادة .</p><p>التّأجيل إلى أزمنة منصوصة</p><p>73 - اتّفق الفقهاء على صحّة التّأجيل إلى أزمنة منصوصة ، كما لو قال " خذ هذا الدّينار سلماً في إردبّ قمح إلى أوّل شهر رجب من هذا العام ، أو آخذه منك بعد عشرين يوماً » . والأصل في التّأجيل إلى الشّهور والسّنين عند الإطلاق أن تكون هلاليّةً ، فإذا ضرب أجلاً مدّته شهر أو شهران ، أو سنة أو سنتان ، مثلاً ، انصرف عند الإطلاق إلى الأشهر والسّنين الهلاليّة ، وذلك لأنّه عرف الشّرع ، قال تعالى : { يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للنّاس والحجّ } وقال تعالى : { إنّ عدّة الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السّموات والأرض منها أربعة حرم } وقد صرّح بهذا الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة .</p><p>التّأجيل بغير الشّهور العربيّة</p><p>74 - إذا جعل الأجل مقدّراً بغير الشّهور الهلاليّة فذلك قسمان : القسم الأوّل : ما يعرفه المسلمون ، وهو بينهم مشهور ، ككانون وشباط . فقد جاز ذلك عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) لأنّه أجل معلوم لا يختلف ، فصار كالتّأجيل بالشّهور الهلاليّة . القسم الثّاني : ما قد لا يعرفه المسلمون كالتّأجيل إلى النّيروز والمهرجان ونحوهما فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التّأجيل إليه .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40733, member: 329"] مدّة السّفر 28 - السّفر لغةً قطع المسافة ، وليس كلّ سفر تتغيّر به الأحكام ، من جواز الإفطار ، وقصر الصّلاة الرّباعيّة ، ومسح الخفّ ، وإنّما سفر خاصّ ، حدّده الفقهاء ، وإن اختلفوا في هذا التّحديد : فيرى المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّ طويل السّفر هو المجيز لقصر الصّلاة ، وقالوا : إنّ السّفر الطّويل هو أربعة برد فأكثر برّاً أو بحراً . وقد استدلّ أصحاب هذا الرّأي بما روي أنّ ابن عمر وابن عبّاس كانا يقصران ويفطران في أربعة برد فما فوقها . ولا يعرف لهما مخالف ، وأسنده البيهقيّ بسند صحيح ، قال الخطّابيّ : ومثل هذا لا يكون إلاّ عن توقيف . وروي عن جماعة من السّلف ما يدلّ على جواز القصر في أقلّ من يوم . فقال الأوزاعيّ : كان أنس يقصر فيما بينه وبين خمسة فراسخ . وروي عن عليّ رضي الله عنه أنّه خرج من قصره بالكوفة حتّى أتى النّخيلة فصلّى بها كلّاً من الظّهر والعصر ركعتين ، ثمّ رجع من يومه ، فقال : أردت أن أعلّمكم سنّتكم . ويرى الحنفيّة أنّ السّفر الّذي تتغيّر به الأحكام أن يقصد الإنسان مسيرة ثلاثة أيّام ولياليها ، بسير الإبل ، ومشي الأقدام ، لقوله عليه السلام : « يمسح المقيم كمال يوم وليلة ، والمسافر ثلاثة أيّام ولياليها » عمّ الجنس ، ومن ضرورته عموم التّقدير ؛ ولأنّ الثّلاثة الأيّام متّفق عليها ، وليس فيما دونها توقيف ولا اتّفاق . وقدّره أبو يوسف رحمه الله بيومين وأكثر الثّالث . والسّير المذكور هو الوسط ، ويعتبر في الجبل ما يليق به ، وفي البحر اعتدال الرّياح . فينظر كم يسير في مثله ثلاثة أيّام فيجعل أصلاً » . الفصل الثّاني الأجل القضائي 29 - المراد بالأجل القضائيّ : الأجل الّذي يضربه القاضي لحضور الخصوم ، أو إحضار البيّنة ، أو إحضار الكفيل ، أو تأجيل المعسر إلى ميسرة . الحضور للتّقاضي : 30 - إنّ الأجل الّذي يضربه القاضي لحضور المتخاصمين موكول إلى تقديره وطبيعة موضوع النّزاع . وللفقهاء تفصيلات كثيرة في هذا ، هي من قبيل الأوضاع الزّمنيّة الّتي تتغيّر ، وتفصيلها في أبواب الدّعوى والقضاء من كتب الفقه . ( إحضار البيّنة ) : 31 - يرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّ للقاضي أن يمهل المدّعي ثلاثة أيّام لإحضار البيّنة ، بينما يرى المالكيّة والحنابلة أنّ ذلك موكول لاجتهاد القاضي . الفصل الثّالث الأجل الاتّفاقيّ 32 - يقصد به المدّة المستقلّة الّتي يحدّدها الملتزم للوفاء بالتزامه ، سواء أكان هذا الالتزام يقابله التزام من آخر أو لا يقابله ، أو يحدّدها لإنهاء هذا الالتزام . وينقسم هذا النّوع من الأجل إلى قسمين : أجل إضافة ، ومحلّ بيان أحكامه مصطلح ( إضافة ) وأجل توقيت ، وفيما يلي آراء الفقهاء في حكمه : اشتراط تأجيل تسليم العين في التّصرّفات النّاقلة للملكيّة : 33 - اختلف الفقهاء في صحّة اشتراط تأجيل تسليم ( العين ) إلى المنقول إليه ملكيّتها مدّةً معلومةً للانتفاع بها على رأيين : الأوّل : يرى المالكيّة والحنابلة وهو رأي مرجوح في مذهب الشّافعيّة : أنّه يجوز أن يشترط تأجيل تسليم العين إلى المدّة الّتي يحدّدها المتعاقدان ، وأن يكون المنتفع بها هو النّاقل للملكيّة ، وهذا الرّأي منقول عن الأوزاعيّ ، وابن شبرمة ، وإسحاق ، وأبي ثور . ومن أمثلته : إذا باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً ، ثمّ يسلّمها إليه ، أو أرضاً على أن يزرعها سنةً ، أو دابّةً على أن يركبها شهراً ، أو ثوباً على أن يلبسه أسبوعاً . واستدلّ لهذا الرّأي بأنّ عموم الآيات والأحاديث تأمر بالوفاء بالعقود . قال اللّه تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود . . . } وقال تعالى : { وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسئولاً } وقال عليه الصلاة والسلام : « المسلمون على شروطهم إلاّ شرطاً حرّم حلالاً ، أو أحلّ حراماً » ، فالآيات والأحاديث تأمر بالوفاء بكلّ عقد وشرط لا يخالف كتاب اللّه ، ولا سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم . وبخصوص ما روي عن جابر رضي الله عنه : « أنّه كان يسير على جمل قد أعيا ، فضربه النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسار سيراً لم يسر مثله . فقال : بعنيه . فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي » . متّفق عليه . فهذا الحديث يدلّ على جواز اشتراط تأجيل تسليم المبيع فترةً ينتفع فيها البائع به ، ثمّ يسلّمه إلى المشتري . ويؤيّده أنّه صلى الله عليه وسلم « نهى عن الثّنيا أي الاستثناء إلاّ أن تعلم » وهذه معلومة ، وأكثر ما فيه تأخير تسليم المبيع مدّة معلومة ، فصحّ . الثّاني : يرى الحنفيّة ، وهو الرّاجح عند الشّافعيّة ، عدم صحّة اشتراط تأجيل تسليم العين . واستدلّوا بما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه « نهى عن بيع وشرط » ، وروي أنّ عبد اللّه بن مسعود اشترى جاريةً من امرأته زينب الثّقفيّة . وشرطت عليه أنّك إن بعتها فهي لي بالثّمن . فاستفتى عمر رضي الله عنه ، فقال : « لا تقربها » ، وفيها شرط لأحد وروي أنّ عبد اللّه بن مسعود اشترى جاريةً واشترط خدمتها ، فقال له عمر لا تقربها وفيها مثنويّة . وأمّا إذا جعل تأجيل تسليم العين لمصلحة أجنبيّ عن العقد ، كما إذا باعه بشرط أن ينتفع بها فلان « الأجنبيّ عن العقد » شهراً ، فلم ير صحّة هذا أحد من الفقهاء غير الحنابلة . المبحث الثّالث تأجيل الدّين الدّين : هو مال حكميّ يحدث في الذّمّة ببيع أو استهلاك أو غيرهما . مشروعيّة تأجيل الدّيون 34 - لقد شرع جواز تأجيل الدّيون بالكتاب والسّنّة والإجماع . أمّا الكتاب فقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمًّى فاكتبوه . . . } فهذه الآية ، وإن كانت لا تدلّ على جواز تأجيل سائر الدّيون ، إلاّ أنّها تدلّ على أنّ من الدّيون ما يكون مؤجّلاً ، وهو ما نقصده هنا من الاستدلال بها على مشروعيّة الأجل . وأمّا السّنّة فما روي عن السّيّدة عائشة رضي الله عنها : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اشترى من يهوديّ طعاماً إلى أجل ، ورهنه درعاً له من حديد » . رواه مسلم واللّفظ له . فهو يدلّ على مشروعيّة تأجيل الأثمان ، وقد أجمعت الأمّة على ذلك . حكمة قبول الدّين التّأجيل دون العين : 35 - نصّ الفقهاء على أنّ الفرق بين الأعيان والدّيون من حيث جواز التّأجيل في الثّانية دون الأولى : أنّ الأعيان معيّنة ومشاهدة ، والمعيّن حاصل وموجود ، والحاصل والموجود ليس هناك مدعاة لجواز ورود الأجل عليه . أمّا الدّيون : فهي مال حكميّ يثبت في الذّمّة ، فهي غير حاصلة ولا موجودة ، ومن ثمّ شرع جواز تأجيلها ، رفقاً بالمدين ، وتمكيناً له من اكتسابها وتحصيلها في المدّة المضروبة ، حتّى إنّ المشتري لو عيّن النّقود الّتي اشترى بها لم يصحّ تأجيلها . الدّيون من حيث جواز التّأجيل وعدمه : 36 - أوضح الفقهاء أنّ الدّيون تكون حالّةً ، وأنّه يجوز تأجيلها إذا قبل الدّائن ، واستثنى جمهور الفقهاء من هذا الأصل عدّة ديون : أ - ( رأس مال السّلم ) : 37 - وذلك لأنّ حقيقته شراء آجل ، وهو المسلم فيه ( وهو السّلعة ) ، بعاجل ، وهو رأس المال ( وهو الثّمن ) فرأس مال السّلم لا بدّ من كونه حالّاً ، عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ؛ لأنّ من شرط صحّة هذا العقد قبض رأس المال قبل انتهاء مجلس العقد ولأنّه لو تأخّر لكان في معنى بيع الدّين بالدّين ، ( إن كان رأس المال في الذّمّة ) وهو منهيّ عنه ، لما روي أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « نهى عن بيع الكالئ بالكالئ » أي النّسيئة بالنّسيئة ؛ ولأنّ في السّلم غرراً ، فلا يضمّ إليه غرر تأخير تسليم رأس المال ، فلا بدّ من حلول رأس المال ، كالصّرف ، فلو تفرّقا قبل قبض رأس المال بطل العقد . ويرى المالكيّة أنّ من شروط صحّة عقد السّلم قبض رأس المال كلّه في مجلس العقد ، ويجوز تأخير قبضه بعد العقد لمدّة لا تزيد على ثلاثة أيّام ، ولو بشرط ذلك في العقد ؛ لأنّ ما قارب الشّيء يعطى حكمه ، وهذا إذا لم يكن أجل السّلم قريباً كيومين ، وذلك فيما شرط قبضه في بلد آخر ، وإلاّ فلا يجوز تأخير هذه المدّة ؛ لأنّه عين الكالئ بالكالئ ، فيجب أن يقبض رأس المال بالمجلس أو ما يقرب منه . وفي فساد السّلم بالزّيادة على الثّلاث ( بلا شرط إن لم تكثر جدّاً - بألاّ يحلّ أجل المسلم فيه - ) وعدم فساده قولان لمالك . ب - ( بدل الصّرف ) : 38 - من شروط صحّة الصّرف تقابض الثّمنين في مجلس العقد ، أي قبل افتراق المتعاقدين بأبدانهما ، فلو اشترط الأجل فيه فسد ؛ لأنّ الأجل يمنع القبض ، وإذا لم يتحقّق القبض لم يتحقّق شرط صحّته ، وهذا ما صرّح به الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « الذّهب بالذّهب ، والفضّة بالفضّة ، والبرّ بالبرّ ، والشّعير بالشّعير ، والتّمر بالتّمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواءً بسواء ، يداً بيد . فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد » ، أي مقابضةً . قال الرّافعيّ : ومن لوازمه الحلول . وقال ابن المنذر : أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أنّ الصّرف فاسد ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الذّهب بالورق رباً إلاّ هاء وهاء » ، وقوله عليه الصلاة والسلام : « بيعوا الذّهب بالفضّة كيف شئتم يداً بيد » . ج - ( الثّمن بعد الإقالة ) : 39 - الإقالة جائزة في البيع بمثل الثّمن الأوّل ، عليه إجماع المسلمين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « من أقال نادماً بيعته أقال اللّه عثرته يوم القيامة » . أخرجه أبو داود وابن ماجه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته » زاد ابن ماجه : « يوم القيامة » . ورواه ابن حبّان في صحيحه والحاكم ، وقال على شرط الشّيخين ، وأمّا لفظ « نادماً " فعند البيهقيّ . والإقالة عند الجمهور عود المتعاقدين إلى الحال الأوّل ، بحيث يأخذ البائع المبيع والمشتري الثّمن . فإن شرط غير جنس الثّمن ، أو أكثر منه ، أو أجله ، بأن كان الثّمن حالّاً فأجّله المشتري عند الإقالة ، فإنّ التّأجيل يبطل ، وتصحّ الإقالة . وذهب المالكيّة إلى أنّ الإقالة بيع فتجري عليها أحكامه من التّأجيل وغيره . د - ( بدل القرض ) : 40 - اختلف العلماء في جواز اشتراط تأجيل القرض : فيرى جمهور الفقهاء أنّه يجوز للمقرض المطالبة ببدله في الحال ، وأنّه لو اشترط فيه التّأجيل لم يتأجّل ، وكان حالّاً ، وبهذا قال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة والحارث العكليّ والأوزاعيّ وابن المنذر . وذلك لأنّه سبب يوجب ردّ المثل في المثليّات ، فأوجبه حالّاً ، كالإتلاف ، ولو أقرضه بتفاريق ، ثمّ طالبه بها جملةً فله ذلك ؛ لأنّ الجميع حالّ ، فأشبه ما لو باعه بيوعاً حالّةً ، ثمّ طالبه بثمنها جملةً ؛ ولأنّ الحقّ يثبت حالّاً ، والتّأجيل تبرّع منه ووعد ، فلا يلزم الوفاء به ، كما لو أعاره شيئاً ، وهذا لا يقع عليه اسم الشّرط ، ولو سمّي شرطاً ، فلا يدخل في حديث : « المؤمنون عند شروطهم » . هـ - ( ثمن المشفوع فيه ) : 41 - اختلف الفقهاء في كون ثمن المشفوع فيه هل يجب حالّاً ، أو يجوز فيه التّأجيل ، فيرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّه يجب حالّاً ولو كان الثّمن مؤجّلاً على المشتري ، ويرى المالكيّة والحنابلة أنّه إذا بيع العقار مؤجّلاً أخذه الشّفيع إلى أجله . الدّيون المؤجّلة بحكم الشّرع أ - ( الدّية ) : 42 - لمّا كانت الدّية قد تجب في القتل العمد ( إذا عفي عن القاتل ، وطلبها أولياء المقتول ، كما هو رأي الشّافعيّة والحنابلة - أو رضي أولياء الدّم ورضي القاتل بدفعها كما هو رأي الحنفيّة والمالكيّة ) ، وفي شبه العمد ، وفي الخطأ ، ولمّا كان الفقهاء قد اختلفوا في كيفيّة أدائها في كلّ نوع من أنواع القتل الّذي وجبت فيه ، كان لا بدّ من بيان آرائهم فيما يكون منها حالّاً أو مؤجّلاً . الدّية في القتل العمد : 43 - يرى جمهور الفقهاء ( المالكيّة ، والشّافعيّة والحنابلة ) أنّها تجب في مال القاتل حالّةً غير مؤجّلة ولا منجّمة ، وذلك لأنّ ما وجب بالقتل العمد كان حالّاً ، كالقصاص ، فإنّه يجب حالّاً ، ويرى الحنفيّة التّفريق بين الدّية الّتي تجب بالصّلح ، فيجعلونها حالّةً في مال القاتل ، وبين الّتي تجب بسقوط القصاص بشبهة ، كما إذا قتل الأب ابنه عمداً ، فإنّها تجب في مال القاتل في ثلاث سنين ، وذلك قياساً على القتل الخطأ . الدّية في القتل شبه العمد : 44 - تجب الدّية في هذا النّوع من القتل على العاقلة في ثلاث سنين ، وهو رأي الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ( وهو المرويّ عن عمر وعليّ وابن عبّاس رضي الله عنهم ، وبه قال الشّعبيّ والنّخعيّ وقتادة وعبد اللّه بن عمر وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر ) . واستدلّوا بما روي أنّ عمر وعليّاً قضيا بالدّية على العاقلة في ثلاث سنين ، ولا مخالف لهما في عصرهما فكان إجماعاً ، ولأنّ المرويّ عنهما كالمرويّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه ممّا لا يعرف بالرّأي . الدّية في القتل الخطأ : 45 - يرى جمهور الفقهاء أنّ الدّية في القتل الخطأ تكون مؤجّلةً لمدّة ثلاث سنوات ، يؤخذ في كلّ سنة ثلث الدّية ، ويجب في آخر كلّ سنة ، وهو رأي الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . واستدلّوا بما روي عن عمر بن الخطّاب أنّه قضى بالدّية على العاقلة في ثلاث سنين ، وقد قال هذا أيضاً عليّ وعبد اللّه بن عبّاس ، وقد عزاه الإمام الشّافعيّ في المختصر إلى قضاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقد نقل الرّافعيّ والتّرمذيّ في جامعه وابن المنذر الإجماع على ذلك . ب - المسلم فيه : 46 - لمّا كان السّلم هو شراء آجل بعاجل ، والآجل هو المسلم فيه ، فقد اشترط الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والأوزاعيّ لصحّة السّلم أن يكون المسلم فيه مؤجّلاً إلى أجل معلوم ، ولا يصحّ السّلم الحالّ لقول النّبيّ عليه الصلاة والسلام : « من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ، أو وزن معلوم ، إلى أجل معلوم » . فأمر بالأجل ، وأمره يقتضي الوجوب ؛ ولأنّه أمر بهذه الأمور تبييناً لشروط السّلم ، ومنعاً منه بدونها ، وكذلك لا يصحّ إذا انتفى الكيل والوزن ، فكذلك الأجل ؛ ولأنّ السّلم إنّما جاز رخصةً للرّفق ، ولا يحصل الرّفق إلاّ بالأجل ، فإذا انتفى الأجل انتفى الرّفق ، فلا يصحّ ، كالكتابة ؛ ولأنّ الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه . ويرى الشّافعيّة وأبو ثور وابن المنذر أنّه يجوز أن يكون السّلم في الحالّ ؛ لأنّه عقد يصحّ مؤجّلاً فصحّ حالّاً ، كبيوع الأعيان ؛ ولأنّه إذا جاز مؤجّلاً ، فحالّاً أجوز ، ومن الغرر أبعد . ج - ( مال الكتابة ) : 47 - اختلف الفقهاء في وجوب تأجيل العوض المكاتب به إلى أجل معيّن : فيرى الحنفيّة ، وابن رشد من المالكيّة ، وابن عبد السّلام والرّويانيّ من الشّافعيّة ، أنّه لا يشترط ذلك ، بل تصحّ بمال مؤجّل وبمال حالّ ، ويرى المالكيّة - على الرّاجح عندهم - والشّافعيّة والحنابلة : أنّها لا تكون إلاّ بمال مؤجّل منجّم تيسيراً على المكاتب في الجملة . د - توقيت القرض : 48 - سبق بيان آراء الفقهاء في جواز تأجيل بدل القرض وعدمه . أمّا عقد القرض فهو عقد لا يصدر إلاّ مؤقّتاً ، وذلك لأنّه عقد تبرّع ابتداءً ، ومعاوضة انتهاءً ، أو دفع مال إرفاقاً لمن ينتفع به ويردّ بدله . والانتفاع به يكون بمضيّ فترة ينتفع فيها المقترض بمال القرض ، وذلك باستهلاك عينه ؛ لأنّه لو كان الانتفاع به مع بقاء عينه كان إعارةً لا قرضاً ، ثمّ يردّ مثله إذا كان مثليّاً وقيمته إذا كان قيميّاً ، وقد اختلف الفقهاء في المدّة الّتي يلزم فيها هذا العقد : فيرى المالكيّة أنّه عقد لازم في حقّ الطّرفين طوال المدّة المشترطة في العقد ، فإن لم يكن اشتراط فللمدّة الّتي اعتيد اقتراض مثله لها ، ويرى الحنابلة أنّ عقد القرض عقد لازم بالقبض في حقّ المقرض ، جائز في حقّ المقترض ، ويثبت العوض عن القرض في ذمّة المقترض حالّاً ، وإن أجّله ؛ لأنّه عقد منع فيه من التّفاضل ، فمنع الأجل فيه ، كالصّرف ، إذ الحالّ لا يتأجّل بالتّأجيل ، وهو عدة تبرّع لا يلزم الوفاء به . قال أحمد : القرض حالّ ، وينبغي أن يفي بوعده ، ويحرم الإلزام بتأجيل القرض ؛ لأنّه إلزام بما لا يلزم . ويرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّ القرض عقد إرفاق جائز في حقّ الطّرفين ، وذلك لأنّ الملك في القرض غير تامّ ؛ لأنّه يجوز لكلّ واحد منهما أن ينفرد بالفسخ . القسم الثّاني أجل التّوقيت 49 - يقصد بأجل التّوقيت : الزّمن الّذي يترتّب على انقضائه زوال التّصرّف ، أو انتهاء الحقّ الّذي اكتسب خلال هذه المدّة المتّفق عليها ، والعقود والتّصرّفات من حيث قبولها للتّوقيت تنقسم إلى : أ - ( عقود لا تصلح إلاّ ممتدّةً لأجل ) ( مؤقّتة ) . ب - عقود تصحّ حالّةً ومؤقّتةً . كما أنّ هذه العقود منها ما لا يصحّ إلاّ بأجل معلوم ، ومنها ما لا يصحّ إلاّ بأجل مجهول ، ومنها ما يصحّ بأجل معلوم أو مجهول ، وفيما يلي بيان ذلك . المبحث الأوّل عقود لا تصحّ إلاّ ممتدّةً لأجل ( مؤقّتة ) . وهذا القسم يشمل عقود : الإجارة ، والكتابة والقراض : أ - ( عقد الإجارة ) : 50 - إنّ الإجارة مؤقّتة إمّا بمدّة ، وإمّا بعمل معيّن ، والعمل يتمّ في زمن عادةً ، وبانتهاء العمل ينتهي عقد الإجارة ، فهو عقد مؤقّت . ومثل عقد الإجارة : المساقاة والمزارعة . عقد المساقاة : 51 - يرى الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة أنّ المساقاة تكون مؤقّتةً ، فإن لم يبيّنا مدّةً وقع على أوّل ثمر يخرج ، ويرى الحنابلة أنّها يصحّ توقيتها ؛ لأنّه لا ضرر في تقدير مدّتها ، ولا يشترط توقيتها . ( تأقيت المزارعة ) : 52 - المزارعة لا يجيزها الإمام أبو حنيفة ، ويجيزها الصّاحبان أبو يوسف ومحمّد وبقولهما يفتى في المذهب . كما لا يجيزها الشّافعيّة إلاّ إذا كان بين النّخل أو العنب بياض ( أي أرض لا زرع فيها ) صحّت المزارعة عليه مع المساقاة على النّخل أو العنب تبعاً للمساقاة ، ويرى المالكيّة ومحمّد بن الحسن والحنابلة أنّ عقد المزارعة يجوز بلا بيان مدّة ، وتقع على أوّل زرع يخرج ، ويرى جمهور الحنفيّة أنّ من شروط صحّة عقد المزارعة ذكر مدّة متعارفة ، فتفسد بما لا يتمكّن فيها من المزارعة ، وبما لا يعيش إليها أحدهما غالباً . ب - ( عقد الكتابة ) : 53 - هو عقد بين السّيّد ومملوكه على مال يوجب تحرير يد المملوك ( أي تصرّفه ) في الحال ورقبته في المآل وهو من محاسن الإسلام ، إذ فيه فتح باب الحرّيّة للأرقّاء ، وعقد الكتابة يوجب تأجيل العوض المكاتب به إلى أجل معيّن عند جمهور الفقهاء ، فإذا أدّاه المكاتب عتق ، فيكون هذا العقد مؤقّتاً بتأقيت العوض فيه . فإذا وفّى بما التزمه انتهى عقد الكتابة ، وعتق ، وإن لم يوفّ أو عجز نفسه ، انتهى عقد الكتابة وعاد رقيقاً ، على تفصيل في ذلك . المبحث الثّاني عقود تصحّ مطلقةً ومقيّدةً تأقيت عقد العاريّة لأجل : 54 - لمّا كانت حقيقة العاريّة أنّها إباحة نفع عين يحلّ الانتفاع بها مع بقاء العين ، ليردّها على مالكها ، لذلك لم يختلف الفقهاء في أنّ هذه الإباحة موقوتة ، غير أنّ هذا الوقت قد يكون محدّداً ، وتسمّى عاريّة مقيّدة - وقد لا يكون ، وتسمّى العاريّة المطلقة ، ويرى جمهور الفقهاء أنّ العاريّة عقد غير لازم فلكلّ واحد من المتعاقدين الرّجوع متى شاء ، خلافاً للمالكيّة في المقيّدة ، وفي المطلقة إلى مدّة ينتفع فيها بمثلها عادةً . تأقيت الوكالة لأجل : 55 - يجوز تأقيت الوكالة بأجل عند جميع الفقهاء ، كقوله " وكّلتك شهراً ، فإذا مضى الشّهر امتنع الوكيل عن التّصرّف " " ولو قال وكّلتك في شراء كذا في وقت كذا صحّ بلا خلاف " لأنّ الوكيل لا يملك من التّصرّف إلاّ ما يقتضيه إذن الموكّل ، وعلى الوجه الّذي أراده ، وفي الزّمن والمكان الّذي حدّده . والأصل في الوكالة أنّها عقد جائز من الطّرفين ، لكلّ واحد منهما فسخها متى شاء ، إلاّ إذا تعلّق بها حقّ للغير ؛ لأنّه إذن في التّصرّف ، فكان لكلّ واحد منها إبطاله ، كالإذن في أكل طعامه . وهذا ما صرّح به جمهور الفقهاء في الجملة . وللمالكيّة تفصيل في هذا تبعاً للعوض وعدمه ، يرجع فيه وفي التّفصيلات الأخرى إلى الوكالة . توقيت المضاربة ( القراض ) : 56 - اختلف الفقهاء في جواز تأقيت المضاربة : فيرى الحنفيّة والحنابلة أنّه يجوز توقيت المضاربة ، مثل أن يقول : ضاربتك على هذه الدّراهم سنةً ، فإذا انقضت فلا تبع ولا تشتر . فإذا وقّت لها وقتاً انتهت بمضيّه ؛ لأنّ التّوقيت مقيّد ، وهو وكيل ، فيتقيّد بما وقّته ، كالتّقييد بالنّوع والمكان . ولأنّه تصرّف يتوقّت بنوع من المتاع ، فجاز توقيته في الزّمان ، كالوكالة ؛ ولأنّ لربّ المال منعه من البيع والشّراء في كلّ وقت إذا رضي أن يأخذ بماله عرضاً ، فإذا شرط ذلك فقد شرط ما هو من مقتضى العقد ، فصحّ ، كما لو قال : إذا انقضت السّنة فلا تشتر شيئاً . ويرى المالكيّة ، والشّافعيّة ، أنّه لا يجوز توقيت المضاربة . تأقيت الكفالة بأجل : 57 - اختلف الفقهاء في جواز تأقيت الكفالة ، كما لو قال : « أنا كفيل بزيد إلى شهر وبعده أنا بريء » . فيرى الحنفيّة والشّافعيّة ( على الصّحيح عندهم ) والحنابلة أنّه يجوز توقيتها ، وكذلك المالكيّة بشروط تفصيلها في باب الضّمان من كتبهم ؛ لأنّه قد يكون له غرض في التّقيّد بهذه المدّة ، وقد أورد الحنفيّة بعض صور التّوقيت . واختلف المذهب في صحّة التّوقيت فيها يرجع إليها في الكفالة . ويرى الشّافعيّة ( على الأصحّ عندهم ) أنّه لا يجوز توقيت الكفالة . ( تأقيت الوقف بأجل ) : 58 - إذا صدر الوقف مؤقّتاً ، وذلك بأن علّق فسخه على مجيء زمن معيّن ، كما لو قال : « داري وقف إلى سنة ، أو إلى أن يقدم الحاجّ » . فقد اختلف الفقهاء في حكمه ، فيرى الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّه لا يصحّ ؛ لأنّ الوقف مقتضاه التّأبيد . ويرى المالكيّة ، وهو قول للحنابلة ، أنّه لا يشترط في صحّة الوقف التّأبيد ، فيصحّ مدّةً معيّنةً ، ثمّ يرجع ملكاً كما كان . تأقيت البيع : 59 - لمّا كان البيع هو مبادلة المال بالمال بالتّراضي ، وكان حكمه هو ثبوت الملك للمشتري في المبيع ، وللبائع في الثّمن للحالّ ولمّا كان هذا الملك يثبت له على التّأبيد ، فإنّه لا يحتمل التّأقيت جاء في الأشباه والنّظائر للسّيوطيّ : « أنّ ممّا لا يقبل التّأقيت بحال ، ومتى أقّت بطل ، البيع بأنواعه » ... وذلك كما قال الكاسانيّ : « لأنّ عقود تمليك الأعيان لا تصحّ مؤقّتةً » . وقد أبطل الفقهاء كلّ شرط يؤدّي إلى تأقيت البيع ، أي إلى عودة المبيع إلى بائعه الأوّل ، سواء كان هذا التّأقيت ناتجاً عن الصّيغة ، كبعتك هذا سنةً ، أو عن شرط يؤدّي إلى توقيت البيع ، كبعتك هذا بشرط أن تردّه لي بعد مدّة كذا . بيوع الآجال عند المالكيّة 60 - وهي بيوع دخل فيها الأجل ، واتّحدت فيها السّلعة ، واتّحد فيها المتعاقدان ، وقد أبرزها فقهاء المالكيّة ، وبيّنوا أنّ هذه البيوع ظاهرها الجواز ، لكنّها قد تؤدّي إلى ممنوع ، وذلك لأنّها قد تؤدّي إلى بيع وسلف ، أو سلف جرّ منفعةً ، وكلاهما ممنوع ، كما وضعوا ضابطاً لما يمنع من هذه البيوع . فقالوا : يمنع من هذه البيوع ما اشتمل على بيع وسلف ، وما اشتمل على سلف جرّ منفعةً ، أو يمنع منها ما كثر قصد النّاس إليه للتّوصّل إلى الرّبا الممنوع ، كبيع وسلف ، وسلف بمنفعة ، ولا يمنع ما قلّ قصده ، كضمان بجعل ، أي كبيع جائز أدّى إلى ضمان بجعل . ( صور بيوع الآجال ) : 61 - وصورها كما ذكرها المالكيّة متعدّدة ، وتشمل الصّور التّالية : إذا باع شيئاً لأجل ، ثمّ اشتراه بجنس ثمنه فهذا إمّا أن يكون : 1 - نقداً . 2 - أو لأجل أقلّ . 3 - أو لأجل أكثر . 4 - أو لأجل مساو للأجل الأوّل . وكلّ ذلك إمّا أن يكون : 1 - بمثل الثّمن الأوّل . 2 - أو أقلّ من الثّمن الأوّل . 3 - أو أكثر من الثّمن الأوّل . فتكون هذه الصّور اثنتي عشرة صورةً ، يمنع من هذه الصّور ثلاث فقط وهي ما تعجّل فيه الأقلّ ، وهي : 1 - ما إذا باع سلعةً لأجل ، ثمّ اشتراها بأقلّ نقداً ( بيع العينة ) . 2 - وما إذا باع سلعةً لأجل ثمّ اشتراها لأجل دون الأجل الأوّل . 3 - وما إذا باع سلعةً لأجل ثمّ اشتراها لأجل أبعد من الأجل الأوّل ، وعلّة المنع في هذه الصّور هي دفع قليل في كثير ، وهو سلف بمنفعة ، إلاّ أنّه في الصّورتين الأوليين من البائع ، وفي الأخيرة من المشتري ، وأمّا الصّور التّسع الباقية فجائزة . والضّابط أنّه إذا تساوى الأجلان أو الثّمنان فالجواز ، وإن اختلف الأجلان والثّمنان فينظر إلى اليد السّابقة بالعطاء ، فإن دفعت قليلاً عاد إليها كثيراً فالمنع ، وإلاّ فالجواز : 62 - فمن صور « بيوع الآجال » بيع العينة . وبيع العينة قال الرّافعيّ : هو أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجّل ، ويسلّمه إلى المشتري ، ثمّ يشتريه قبل قبض الثّمن بثمن نقد أقلّ من ذلك القدر وقال ابن رسلان في شرح السّنن : وسمّيت هذه المبايعة عينةً لحصول النّقد لصاحب العينة ؛ لأنّ العين هو المال الحاضر ، والمشتري إنّما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه من فوره ، ليصل به إلى مقصوده ، وقد روي عدم جواز بيع العينة عن ابن عبّاس وعائشة وابن سيرين والشّعبيّ والنّخعيّ ، وبه قال الثّوريّ والأوزاعيّ وأبو حنيفة ومالك وإسحاق وأحمد . وقد استدلّوا بأحاديث ، منها : ما روي عن ابن عمر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا ضنّ النّاس بالدّينار والدّرهم وتبايعوا بالعينة ، واتّبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل اللّه ، أنزل اللّه بهم بلاءً ، فلا يرفعه حتّى يراجعوا دينهم » . رواه أحمد وأبو داود ، ولفظه : « إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزّرع ، وتركتم الجهاد ، سلّط اللّه عليكم ذلّاً لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم » . واستدلّ ابن القيّم على عدم جواز بيع العينة بما روي عن الأوزاعيّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « يأتي على النّاس زمان يستحلّون الرّبا بالبيع » . قال : وهذا الحديث وإن كان مرسلاً فإنّه صالح للاعتضاد به بالاتّفاق ، وله من المسندات ما يشهد له ، وهي الأحاديث الدّالّة على تحريم العينة ، فإنّه من المعلوم أنّ العينة عند من يستعملها إنّما يسمّيها بيعاً ، وقد اتّفقا على حقيقة الرّبا الصّريح قبل العقد ، ثمّ غيّر اسمها إلى المعاملة ، وصورتها إلى التّبايع الّذي لا قصد لهما فيه ألبتّة ، وإنّما هو حيلة ومكر وخديعة للّه تعالى . وأجاز الشّافعيّة هذا البيع مستدلّين على الجواز بما وقع من ألفاظ البيع ، ولأنّه ثمن يجوز بيعها به من غير بائعها ، فجاز من بائعها ، كما لو باعها بثمن المثل ، ولم يأخذوا بالأحاديث المتقدّمة . تأقيت الهبة : 63 - اتّفق الفقهاء على أنّ الهبة لا يجوز توقيتها لأنّها عقد تمليك لعين في الحال ، وتمليك الأعيان لا يصحّ مؤقّتاً ، كالبيع . فلو قال : وهبتك هذا سنةً ثمّ يعود إليّ ، لم يصحّ . وقد استثنى بعض الفقهاء من ذلك العمرى والرّقبى على خلاف وتفصيل موطنه في مصطلحيهما . ( تأقيت النّكاح ) تأقيت النّكاح له صور نبيّنها ونبيّن آراء الفقهاء في كلّ صورة منها : أ - ( نكاح المتعة ) : 64 - وهو أن يقول لامرأة خالية من الموانع : أتمتّع بك مدّة كذا وقد ذهب إلى حرمته الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وكثير من السّلف . وتفصيله في نكاح المتعة ب - ( النّكاح المؤقّت أو النّكاح لأجل ) : 65 - وهو أن يتزوّج امرأة بشهادة شاهدين إلى عشرة أيّام مثلاً . وهذا النّكاح أيضاً باطل عند الحنفيّة ( عدا زفر فإنّه قال بصحّة العقد وبطلان الشّرط ) والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لأنّه في معنى المتعة . وتفصيل أحكامه في موضع آخر ( ر : نكاح ) . ج - النّكاح المؤقّت بمدّة عمره أو عمرها ، أو إلى مدّة لا يعيشان إليها : 66 - اختلف الفقهاء في حكم النّكاح المؤقّت إلى مدّة عمر الزّوج أو الزّوجة أو إلى مدّة لا يعيشان أو أحدهما إليها : فيرى الحنفيّة غير الحسن بن زياد والمالكيّة غير أبي الحسن والشّافعيّة غير البلقينيّ والحنابلة أنّه باطل ، لأنّه في معنى نكاح المتعة ، ويرى الحسن بن زياد أنّهما إذا ذكرا من الوقت ما يعلم أنّهما لا يعيشان إليه ، كمائة سنة أو أكثر ، كان النّكاح صحيحاً ؛ لأنّه في معنى التّأبيد ، وهو رواية عن أبي حنيفة . ويرى البلقينيّ أنّه يستثنى من بطلان النّكاح ما إذا نكحها مدّة عمره ، أو مدّة عمرها ، قال : فإنّ النّكاح المطلق لا يزيد على ذلك ، والتّصريح بمقتضى الإطلاق لا يضرّ ، فينبغي أن يصحّ النّكاح في هاتين الصّورتين ، قال : وفي نصّ الأمّ ما يشهد له ، وتبعه على ذلك بعض المتأخّرين . وجاء في حاشية الدّسوقيّ أنّ « ظاهر كلام أبي الحسن أنّ الأجل البعيد الّذي لا يبلغه عمرهما لا يضرّ بخلاف ما يبلغه عمر أحدهما فيضرّ » . د - ( إضمار الزّوج تأقيت النّكاح ) : 67 - صرّح الحنفيّة والشّافعيّة بأنّه لو تزوّج وفي نيّته أن يطلّقها بعد مدّة نواها صحّ زواجه ، لكن الشّافعيّة قالوا بكراهة النّكاح ، إذ كلّ ما صرّح به أبطل يكون إضماره مكروهاً عندهم كما قال المالكيّة إنّ الأجل إذا لم يقع في العقد ، ولم يعلمها الزّوج بذلك ، وإنّما قصده في نفسه ، وفهمت المرأة أو وليّها المفارقة بعد مدّة ، فإنّه لا يضرّ وهذا هو الرّاجح ، وإن كان بهرام صدّر في « شرحه » وفي « شامله » بالفساد إذا فهمت منه ذلك الأمر الّذي قصده في نفسه فإن لم يصرّح للمرأة ولا لوليّها بذلك ولم تفهم المرأة ما قصده في نفسه فليس نكاح متعة . أمّا الحنابلة فقد صرّحوا بأنّه لو تزوّج الغريب بنيّة طلاقها إذا خرج ، فإنّ النّكاح يبطل ؛ لأنّه نكاح متعة ، وهو باطل . ولكن جاء في المغني : « وإن تزوّجها بغير شرط إلاّ أنّ في نيّته طلاقها بعد شهر ، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد ، فالنّكاح صحيح في قول عامّة أهل العلم إلاّ الأوزاعيّ ، قال : هو نكاح متعة . والصّحيح أنّه لا بأس به ، ولا تضرّ نيّته ، وليس على الرّجل أن ينوي حبس امرأته ، وحسبه إن وافقته وإلاّ طلّقها . هـ - ( احتواء النّكاح على وقت يقع فيه الطّلاق ) : 68 - إذا تزوّج امرأةً بشرط أن يطلّقها في وقت معيّن ، لم يصحّ النّكاح ، وسواء كان معلوماً أو مجهولاً ، مثل أن يشترط عليه طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها ، وقال أبو حنيفة : يصحّ النّكاح ، ويبطل الشّرط ، وهو أظهر قولي الشّافعيّ ، قاله في عامّة كتبه ؛ لأنّ النّكاح وقع مطلقاً ، وإنّما شرط على نفسه شرطاً ، وذلك لا يؤثّر فيه ، كما لو شرط ألاّ يتزوّج عليها أو لا يسافر بها . واستدلّ القائلون بالبطلان بأنّ هذا الشّرط مانع من بقاء النّكاح فأشبه نكاح المتعة ، ويفارق ما قاسوا عليها فإنّه لم يشترط قطع النّكاح . تأقيت الرّهن بأجل : 69 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا يجوز تأقيت الرّهن بأجل ، كأن يقول : رهنتك هذا الشّيء شهراً ، في الدّين الّذي لك عليّ . تقسيم الأجل باعتبار ضبطه وتحديده : 70 - ينقسم الأجل من حيث ضبطه وتحديده إلى أجل معلوم وأجل مجهول . ومعلوميّة الأجل وجهالته لها أثر على صحّة العقد ، وعدم صحّته ، لما تورثه الجهالة من الغرر ، إلاّ أنّ من الجهالة ما كان متقارباً ، ومنها ما كان متفاوتاً ، وفيما يلي آراء المذاهب في ذلك . ( المبحث الأوّل الأجل المعلوم ) 71 - اتّفق الفقهاء على صحّة الأجل ( فيما يقبل التّأجيل ) إذا كان الأجل معلوماً فأمّا كيفيّة العلم به فإنّه يحتاج فيها إلى أن يعلم بزمان بعينه لا يختلف من شخص إلى شخص ومن جماعة إلى جماعة ، وذلك إنّما يكون إذا كان محدّداً باليوم والشّهر والسّنة . والدّليل على اشتراط معلوميّة الأجل : قوله تعالى { يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمًّى فاكتبوه } . ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال في موضع شرط الأجل : « من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم » وقد انعقد الإجماع على صحّة التّأجيل إلى أجل معلوم . ولأنّ جهالة الأجل تفضي إلى المنازعة في التّسلّم والتّسليم ، فهذا يطالبه في قريب المدّة ، وذاك في بعيدها ، وكلّ ما يفضي إلى المنازعة يجب إغلاق بابه . ولأنّه . سيؤدّي إلى عدم الوفاء بالعقود ، وقد أمرنا بالوفاء بها . 72 - وقد اختلف الفقهاء في حقيقة العلم بالأجل ، أو معلوميّة الأجل : فصرّح بعضهم بأنّ الأجل المعلوم هو ما يعرفه النّاس ، كشهور العرب . وبعضهم جعله " ما يكون معلوماً للمتعاقدين ولو حكماً ، وأنّ الأيّام المعلومة للمتعاقدين كالمنصوصة ، وأنّ التّأجيل بالفعل الّذي يفعل في الأيّام المعتادة كالتّأجيل بالأيّام » . وإزاء هذين الاتّجاهين لا بدّ من بيان آراء الفقهاء في التّأجيل إلى أزمنة معلومة حقيقةً أو حكماً ، أو إلى فصول أو مناسبات ، أو إلى فعل يقع في أزمنة معتادة . التّأجيل إلى أزمنة منصوصة 73 - اتّفق الفقهاء على صحّة التّأجيل إلى أزمنة منصوصة ، كما لو قال " خذ هذا الدّينار سلماً في إردبّ قمح إلى أوّل شهر رجب من هذا العام ، أو آخذه منك بعد عشرين يوماً » . والأصل في التّأجيل إلى الشّهور والسّنين عند الإطلاق أن تكون هلاليّةً ، فإذا ضرب أجلاً مدّته شهر أو شهران ، أو سنة أو سنتان ، مثلاً ، انصرف عند الإطلاق إلى الأشهر والسّنين الهلاليّة ، وذلك لأنّه عرف الشّرع ، قال تعالى : { يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للنّاس والحجّ } وقال تعالى : { إنّ عدّة الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السّموات والأرض منها أربعة حرم } وقد صرّح بهذا الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . التّأجيل بغير الشّهور العربيّة 74 - إذا جعل الأجل مقدّراً بغير الشّهور الهلاليّة فذلك قسمان : القسم الأوّل : ما يعرفه المسلمون ، وهو بينهم مشهور ، ككانون وشباط . فقد جاز ذلك عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) لأنّه أجل معلوم لا يختلف ، فصار كالتّأجيل بالشّهور الهلاليّة . القسم الثّاني : ما قد لا يعرفه المسلمون كالتّأجيل إلى النّيروز والمهرجان ونحوهما فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التّأجيل إليه . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية