الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40736" data-attributes="member: 329"><p>بواعث الإجهاض ووسائله :</p><p>9 - بواعث الإجهاض كثيرة ، منها قصد التّخلّص من الحمل سواء أكان الحمل نتيجة نكاح أم سفاح ، أو قصد سلامة الأمّ لدفع خطر عنها من بقاء الحمل أو خوفاً على رضيعها ، على ما سبق بيانه . كما أنّ وسائل الإجهاض كثيرة قديماً وحديثاً ، وهي إمّا إيجابيّة وإمّا سلبيّة . فمن الإيجابيّة : التّخويف أو الإفزاع كأن يطلب السّلطان من ذكرت عنده بسوء فتجهض فزعاً ، ومنها شمّ رائحة ، أو تجويع ، أو غضب ، أو حزن شديد ، نتيجة خبر مؤلم أو إساءة بالغة ، ولا أثر لاختلاف كلّ هذا . ومن السّلبيّة امتناع المرأة عن الطّعام ، أو عن دواء موصوف لها لبقاء الحمل . ومنه ما ذكره الدّسوقيّ من أنّ المرأة إذا شمّت رائحة طعام من الجيران مثلاً ، وغلب على ظنّها أنّها إن لم تأكل منه أجهضت فعليها الطّلب . فإن لم تطلب ، ولم يعلموا بحملها ، حتّى ألقته ، فعليها الغرّة لتقصيرها ولتسبّبها .</p><p>عقوبة الإجهاض :</p><p>10 - اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب في الجناية على جنين الحرّة هو غرّة . لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره : « أنّ امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى ، فطرحت جنينها ، فقضى فيه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بغرّة عبد أو وليدة » .</p><p>11 - واتّفق فقهاء المذاهب على أنّ مقدار الغرّة في ذلك هو نصف عشر الدّية الكاملة ، وأنّ الموجب للغرّة كلّ جناية ترتّب عليها انفصال الجنين عن أمّه ميّتاً ، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول أم ترك ، ولو من الحامل نفسها أو زوجها ، عمداً كان أو خطأً .</p><p>12 - ويختلف الفقهاء في وجوب الكفّارة - وهي العقوبة المقدّرة حقّاً للّه تعالى - مع الغرّة . ( والكفّارة هنا هي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) فالحنفيّة والمالكيّة يرون أنّها مندوبة وليست واجبةً ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقض إلاّ بالغرّة . كما أنّ الكفّارة فيها معنى العقوبة ؛ لأنّها شرعت زاجرةً ، وفيها معنى العبادة ؛ لأنّها تتأدّى بالصّوم . وقد عرف وجوبها في النّفوس المطلقة فلا يتعدّاها لأنّ العقوبة لا يجري فيها القياس ، والجنين يعتبر نفساً من وجه دون وجه لا مطلقاً . ولهذا لم يجب فيه كلّ البدل ، فكذا لا تجب فيه الكفّارة لأنّ الأعضاء لا كفّارة فيها . وإذا تقرّب بها إلى اللّه كان أفضل . وعلى هذا فإنّها غير واجبة . ويرى الشّافعيّة والحنابلة وجوب الكفّارة مع الغرّة . لأنّها إنّما تجب حقّاً للّه تعالى لا لحقّ الآدميّ ؛ ولأنّه نفس مضمونة بالدّية ، فوجبت فيه الكفّارة . وترك ذكر الكفّارة لا يمنع وجوبها . فقد ذكر الرّسول صلى الله عليه وسلم في موضع آخر الدّية ، ولم يذكر الكفّارة . وهذا الخلاف إنّما هو في الجنين المحكوم بإيمانه لإيمان أبويه أو أحدهما ، أو المحكوم له بالذّمّة . كما نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّه إذا اشترك أكثر من واحد في جناية الإجهاض لزم كلّ شريك كفّارة ، وهذا لأنّ الغاية من الكفّارة الزّجر . أمّا الغرّة فواحدة لأنّها للبدليّة .</p><p>الإجهاض المعاقب عليه :</p><p>13 - يتّفق الفقهاء على وجوب الغرّة بموت الجنين بسبب الاعتداء ، كما يتّفقون على اشتراط انفصاله ميّتاً ، أو انفصال البعض الدّالّ على موته . إذ لا يثبت حكم المولود إلاّ بخروجه ؛ ولأنّ الحركة يجوز أن تكون لريح في البطن سكنت ، وبالإلقاء ظهر تلفه بسبب الضّرب أو الفزع ونحوهما ، غير أنّ الشّافعيّة قالوا : لو علم موت الجنين وإن لم ينفصل منه شيء فكالمنفصل . والحنفيّة يعتبرون انفصال الأكثر كانفصال الكلّ ، فإن نزل من قبل الرّأس فالأكثر خروج صدره ، وإن كان من قبل الرّجلين فالأكثر انفصال سرّته . والحنفيّة والمالكيّة على أنّه لا بدّ أن يكون ذلك قبل موت أمّه يقول ابن عابدين : وإن خرج جنين ميّت بعد موت الأمّ فلا شيء فيه ؛ لأنّ موت الأمّ سبب لموته ظاهراً ، إذ حياته بحياتها ، فيتحقّق موته بموتها ، فلا يكون في معنى ما ورد به النّصّ ، إذ الاحتمال فيه أقلّ ، فلا يضمن بالشّكّ ؛ ولأنّه يجري مجرى أعضائها ، وبموتها سقط حكم أعضائها . وقال الحطّاب والموّاق : الغرّة واجبة في الجنين بموته قبل موت أمّه . وقال ابن رشد : ويشترط أن يخرج الجنين ميّتاً ولا تموت أمّه من الضّرب . أمّا الشّافعيّة والحنابلة فيوجبون الغرّة سواء أكان انفصال الجنين ميّتاً حدث في حياة الأمّ أو بعد موتها لأنّه كما يقول ابن قدامة : جنين تلف بجناية ، وعلم ذلك بخروجه ، فوجب ضمانه كما لو سقط في حياتها . ولأنّه لو سقط حيّاً ضمنه ، فكذلك إذا سقط ميّتاً كما لو أسقطته في حياتها . ويقول القاضي زكريّا الأنصاريّ : ضرب الأمّ ، فماتت ، ثمّ ألقت ميّتاً ، وجبت الغرّة ، كما لو انفصل في حياتها . يتّفق الفقهاء في أصل ترتّب العقوبة إذا استبان بعض خلق الجنين ، كظفر وشعر ، فإنّه يكون في حكم تامّ الخلق اتّفاقاً ولا يكون ذلك كما يقول ابن عابدين إلاّ بعد مائة وعشرين يوماً ، وتوسّع المالكيّة فأوجبوا الغرّة حتّى لو لم يستبن شيء من خلقه ، ولو ألقته علقةً أي دماً مجتمعاً ، ونقل ابن رشد عن الإمام مالك قوله : كلّ ما طرحت من مضغة أو علقة ممّا يعلم أنّه ولد ففيه غرّة والأجود أن يعتبر نفخ الرّوح فيه . والشّافعيّة يوجبون الغرّة أيضاً لو ألقته لحماً في صورة آدميّ ، وعند الحنابلة إذا ألقت مضغةً ، فشهد ثقات من القوابل أنّه مبتدأ خلق آدميّ ، وجهان : أصحّهما لا شيء فيه ، وهو مذهب الشّافعيّ فيما ليس فيه صورة آدميّ . أمّا عند الحنفيّة ففيه حكومة عدل ، إذ ينقل ابن عابدين عن الشّمنّيّ : أنّ المضغة غير المتبيّنة الّتي يشهد الثّقات من القوابل أنّها بدء خلق آدميّ فيها حكومة عدل .</p><p>تعدّد الأجنّة في الإجهاض :</p><p>14 - لا خلاف بين فقهاء المذاهب في أنّ الواجب الماليّ من غرّة أو دية يتعدّد بتعدّد الأجنّة . فإن ألقت المرأة بسبب الجناية جنينين أو أكثر تعدّد الواجب بتعدّدهم ؛ لأنّه ضمان آدميّ ، فتعدّد بتعدّده ، كالدّيات . والقائلون بوجوب الكفّارة مع الغرّة - وهم الشّافعيّة والحنابلة كما تقدّم - يرون أنّها تتعدّد بتعدّد الجنين أيضاً .</p><p>من تلزمه الغرّة :</p><p>15 - الغرّة تلزم العاقلة في سنة بالنّسبة للجنين الحرّ عند فقهاء الحنفيّة ، للخبر الّذي روي عن محمّد بن الحسن « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قضى بالغرّة على العاقلة في سنة » ، ولا يرث الجاني وهذا هو الأصحّ عند الشّافعيّة ، فقد قالوا : الغرّة على عاقلة الجاني ولو الحامل نفسها ؛ لأنّ الجناية على الجنين لا عمد فيها حتّى يقصد بالجناية ، بل يجري فيها الخطأ وشبه العمد . سواء أكانت الجناية على أمّه خطأً أم عمداً أم شبه عمد . وللحنفيّة تفصيل : فلو ضرب الرّجل بطن امرأته ، فألقت جنيناً ميّتاً ، فعلى عاقلة الأب الغرّة ، ولا يرث فيها ، والمرأة إن أجهضت نفسها متعمّدةً دون إذن الزّوج ، فإنّ عاقلتها تضمن الغرّة ولا ترث فيها ، وأمّا إن أذن الزّوج ، أو لم تتعمّد ، فقيل . لا غرّة ؛ لعدم التّعدّي ، لأنّه هو الوارث والغرّة حقّه ، وقد أذن بإتلاف حقّه . والصّحيح أنّ الغرّة واجبة على عاقلتها أيضاً ؛ لأنّه بالنّظر إلى أنّ الغرّة حقّه لم يجب بضربه شيء ، ولكن لأنّ الآدميّ لا يملك أحد إهدار آدميّته وجبت على العاقلة ، فإن لم يكن لها عاقلة فقيل في مالها ، وفي ظاهر الرّواية : في بيت المال ، وقالوا : إنّ الزّوجة لو أمرت غيرها أن تجهضها ، ففعلت ، لا تضمن المأمورة ، إذا كان ذلك بإذن الزّوج . ويرى المالكيّة وجوب الغرّة في مال الجاني في العمد مطلقاً ، وكذا في الخطأ ، إلاّ أن يبلغ ثلث ديته فأكثر فعلى عاقلته ، كما لو ضرب مجوسيّ حرّةً حبلى ، فألقت جنيناً ، فإنّ الغرّة الواجبة هنا أكثر من ثلث دية الجاني . ويوافقهم الشّافعيّة في قول غير صحيح عندهم فيما إذا كانت الجناية عمداً ، إذ قالوا : وقيل : إن تعمّد الجناية فعليه الغرّة لا على عاقلته ، بناءً على تصوّر العمد فيه والأصحّ عدم تصوّره لتوقّفه على علم وجوده وحياته . أمّا الحنابلة فقد جعلوا الغرّة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمّه وكانت الجناية عليها خطأً أو شبه عمد . أمّا إذا كان القتل عمداً ، أو مات الجنين وحده ، فتكون في مال الجاني ، وما تحمله العاقلة يجب مؤجّلاً في ثلاث سنين ، وقيل : من لزمته الكفّارة ففي ماله مطلقاً على الصّحيح من المذهب ، وقيل ما حمله بيت المال من خطأ الإمام والحاكم ففي بيت المال . والتّفصيل في مصطلحات ( عاقلة . غرّة . جنين . دية . كفّارة ) .</p><p>الآثار التّبعيّة للإجهاض :</p><p>16 - بالإجهاض ينفصل الجنين عن أمّه ميّتاً ، ويسمّى سقطاً . والسّقط هو الولد تضعه المرأة ميّتاً أو لغير تمام أشهره ولم يستهلّ . وقد تكلّم الفقهاء عن حكم تسميته وتغسيله وتكفينه والصّلاة عليه ودفنه . وموضع بيان ذلك وتفصيله مصطلح سقط . أثر الإجهاض في الطّهارة والعدّة والطّلاق :</p><p>17 - لا خلاف في أنّ الإجهاض بعد تمام الخلق تترتّب عليه الأحكام الّتي تترتّب على الولادة . من حيث الطّهارة ، وانقضاء العدّة ، ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة ، لتيقّن براءة الرّحم بذلك ، ولا خلاف في أنّ الإجهاض لا أثر له فيما يتوقّف فيه استحقاق الجنين على تحقّق الحياة وانفصاله عن أمّه حيّاً كالإرث والوصيّة والوقف . أمّا الإجهاض في مراحل الحمل الأولى قبل نفخ الرّوح ففيه الاتّجاهات الفقهيّة الآتية : فبالنّسبة لاعتبار أمّه نفساء ، وما يتطلّبه ذلك من تطهّر ، يرى المالكيّة في المعتمد عندهم ، والشّافعيّة ، اعتبارها نفساء ، ولو بإلقاء مضغة هي أصل آدميّ ، أو بإلقاء علقة . ويرى الحنفيّة والحنابلة أنّه إذا لم يظهر شيء من خلقه فإنّ المرأة لا تصير به نفساء . ويرى أبو يوسف ومحمّد في رواية عنه أنّه لا غسل عليها ، لكن يجب عليها الوضوء ، وهو الصّحيح . وبالنّسبة لانقضاء العدّة ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة فإنّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة يرون أنّ العلقة والمضغة الّتي ليس فيها أيّ صورة آدميّ لا تنقضي بها العدّة ، ولا يقع الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لم يثبت أنّه ولد بالمشاهدة ولا بالبيّنة . أمّا المضغة المخلّقة والّتي بها صورة آدميّ ولو خفيّةً ، وشهدت الثّقات القوابل بأنّها لو بقيت لتصوّرت ، فإنّها تنقضي بها العدّة ويقع الطّلاق ؛ لأنّه علم به براءة الرّحم عند الحنفيّة والحنابلة . لكن الشّافعيّة لا يوقعون الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لا يسمّى ولادةً ، أمّا المالكيّة فإنّهم ينصّون على أنّ العدّة تنقضي بانفصال الحمل كلّه ولو علقةً .</p><p>إجهاض جنين البهيمة :</p><p>18 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو الصّحيح عند الحنابلة ، إلى أنّه يجب في جنين البهيمة إذا ألقته بجناية ميّتاً ما نقصت الأمّ ، أي حكومة عدل ، وهو أرش ما نقص من قيمتها . وإذا نزل حيّاً ثمّ مات من أثر الجناية فقيمته مع الحكومة ، وفي المسائل الملقوطة الّتي انفرد بها مالك أنّ عليه عشر قيمة أمّه ، وهو ما قال به أبو بكر من الحنابلة . ولم نقف للشّافعيّة على كلام في هذا أكثر من قولهم : لو صالت البهيمة وهي حامل على إنسان ، فدفعها ، فسقط جنينها ، فلا ضمان . وهذا يفيد أنّ الدّفع لو كان عدواناً لزمه الضّمان .</p><p>أجير</p><p>التّعريف</p><p>1 - الأجير هو المستأجر ، والجمع أجراء . ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذا المعنى ، وهو على قسمين : أجير خاصّ : وهو الّذي يقع العقد عليه في مدّة معلومة يستحقّ المستأجر منفعته المعقود عليها في تلك المدّة ، ويسمّى بالأجير الوحد ؛ لأنّه لا يعمل لغير مستأجره ، كمن استؤجر شهراً للخدمة . وأجير مشترك : وهو من يعمل لعامّة النّاس كالنّجّار والطّبيب .</p><p>( الحكم الإجماليّ )</p><p>2 - استئجار الآدميّ جائز شرعاً لقول اللّه تعالى : { قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه » . ومتى كان الأجير جائز التّصرّف ، مستوفياً لشروط العقد من سلامة الأسباب والآلات ، قادراً على تسليم المنفعة المطلوبة منه حسّاً وشرعاً ، ولم يكن فيما يستأجر عليه معصية ، فإنّه يجب عليه الوفاء بما تمّ العقد عليه . فإن كان أجيراً خاصّاً وجب عليه تسليم نفسه لمستأجره ، وتمكينه من استيفاء منفعته المعقود عليها في هذه المدّة ، وامتناعه من العمل لغير مستأجره فيها ، إلاّ أداء الصّلاة المفروضة باتّفاق ، والسّنن على خلاف ، وإذا سلّم نفسه في المدّة فإنّه يستحقّ الأجرة المسمّاة ، وإن لم يعمل شيئاً ، وإن كان أجيراً مشتركاً وجب عليه الوفاء بالعمل المطلوب منه والتّسليم للمستأجر ، ويستحقّ الأجرة بالوفاء بذلك . وما مرّ محلّ اتّفاق بين الفقهاء .</p><p>( مواطن البحث )</p><p>3 - هذا ، وللأجير أحكام كثيرة باعتباره أحد طرفي عقد الإجارة ، وباعتبار المنفعة المطلوبة منه ، وبيان مدّتها ، أو نوعها ومحلّها ، والأجرة وتعجيلها ، أو تأجيلها ، ومن ناحية خياره وعدمه ، ومتى تنفسخ معه الإجارة ومتى لا تنفسخ ، وغير ذلك . وينظر في مصطلح ( إجارة ) .</p><p>إحالة</p><p>انظر : حوالة .</p><p>أحباس</p><p>انظر : وقف .</p><p>إحبال</p><p>انظر : حمل</p><p>احتباء</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاحتباء في اللّغة القعود على مقعدته وضمّ فخذيه إلى بطنه واشتمالهما مع ظهره بثوب أو نحوه ، أو باليدين . وهو عند الفقهاء كذلك . الفرق بين الاحتباء والإقعاء :</p><p>2 - الإقعاء وضع الأليتين واليدين على الأرض مع نصب الرّكبتين وعلى هذا يكون الفرق بينهما أنّه يرافق الاحتباء ضمّ الفخذين إلى البطن ، والرّكبتين إلى الصّدر ، والتزامهما باليدين أو بثوب بينما لا يكون في الإقعاء ذلك الالتزام . الحكم العامّ ومواطن البحث :</p><p>3 - الاحتباء خارج الصّلاة مباح إن لم يرافقه محظور شرعيّ آخر ككشف العورة مثلاً . والأولى تركه وقت الخطبة وعند انتظار الصّلاة ؛ لأنّه يكون متهيّئاً للنّوم والوقوع وانتقاض الوضوء . هو مكروه في الصّلاة لما ورد من النّهي عنه ، وما فيه من مخالفة الوضع المسنون في الصّلاة .</p><p>4 - وقد فصّل الفقهاء حكم الاحتباء في كتاب الصّلاة ، عند كلامهم على مكروهات الصّلاة .</p><p>احتباس</p><p>التّعريف</p><p>1 - الحبس والاحتباس ، ضدّ التّخلية ، أو هو المنع من حرّيّة السّعي ، ولكن الاحتباس - كما يقول أهل اللّغة - يختصّ بما يحبسه الإنسان لنفسه ، قال في لسان العرب : احتبست الشّيء إذا اختصصته لنفسك خاصّةً . وكما أنّه يأتي متعدّياً فإنّه يأتي لازماً ، مثل ما في الحديث : « احتبس جبريل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم » وقولهم : احتبس المطر أو اللّسان .</p><p>( الألفاظ ذات الصّلة )</p><p>أ - الحبس :</p><p>2 - الفرق بين الحبس والاحتباس ، أنّ الحبس لا يأتي إلاّ متعدّياً ، وليس كذلك الاحتباس فإنّه يأتي متعدّياً ولازماً .</p><p>ب - الحجر :</p><p>3 - والفرق بين الاحتباس والحجر ، أنّ الحجر منع شخص من التّصرّف في ماله رعايةً لمصلحته . وبذلك يكون الفرق بينهما أنّ الاحتباس هو منع لصالح المحتبس ( بكسر الباء ) ، والحجر منع لصالح المحجور عليه .</p><p>ج - الحصر :</p><p>4 - والفرق بين الاحتباس والحصر ، أنّ الحصر هو الحبس مع التّضييق ، والتّضييق لا يرد إلاّ على ذي روح ، والاحتباس يرد على ذي الرّوح وغيره ، كما لا يلزم أن يكون في الاحتباس تضييق .</p><p>د - الاعتقال :</p><p>5 - والفرق بين الاحتباس والاعتقال : أنّ الاعتقال هو الحبس عن حاجته ، أو هو الحبس عن أداء ما هو من وظيفته ، ومن هنا يقولون : اعتقل لسانه إذا حبس ومنع عن الكلام . وليس كذلك الاحتباس ، إذ لا يقصد منه المنع من أداء الوظيفة .</p><p>( الحكم الإجماليّ ومواطن البحث )</p><p>6 - يجوز الاحتباس في حالتين :</p><p>الحالة الأولى : عندما يكون حقّ المحتبس في المحبوس هو الغالب ، كحبس المرهون بالدّين - كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الرّهن ، وحبس الأجير المشترك العين الّتي له فيها أثر حتّى يتسلّم الأجرة ، واحتباس البائع ما في يده من البيع حتّى يسلّم المشتري ما في يده من الثّمن إلاّ بشرط مخالف .</p><p>الحالة الثّانية : عندما تتطلّب المصلحة هذا الاحتباس ، كاحتباس المال عن مالكه السّفيه ، كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الحجر ، واحتباس ما غنمه أهل العدل من أموال البغاة حتّى يتوبوا ، كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب البغاة ، واحتباس الأرض المفتوحة عنوةً للمسلمين ، وعدم توزيعها بين المحاربين ، ونحو ذلك .</p><p>7 - ويمتنع الاحتباس في أحوال :</p><p>الحال الأولى : عندما يكون حقّ الغير هو الغالب ، كحقّ المرتهن في العين المرهونة ففي هذه الحال يمتنع على المالك ( الرّاهن ) حقّه الأصليّ في الاحتباس .</p><p>الحال الثّانية : حالة الضّرورة ، كاحتباس الضّروريّات لإغلاء السّعر على النّاس ، وتفصيل الكلام على ذلك موطنه مصطلح « احتكار » . الحال الثّالثة : حال الحاجة ، ولذلك كره حبس الأشياء المعتاد إعارتها عن الغير إن احتاج إليه ذلك الغير .</p><p>من آثار الاحتباس :</p><p>8 - من احتبس إنساناً أو حيواناً وجبت عليه مؤنته ، ولذلك وجبت النّفقة للزّوجة ، والقاضي ، والمغصوب ، والحيوان المحتبس ، ووجبت الأجرة للأجير الخاصّ بمجرّد الاحتباس ، ونحو ذلك . وتكره الصّلاة مع احتباس الرّيح أو الغائط - مدافعة الأخبثين - وقد ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الصّلاة عند كلامهم على مكروهات الصّلاة ، وتسنّ صلاة الاستسقاء عند احتباس المطر ، وتفصيل ذلك في كتاب الصّلاة ، فصل صلاة الاستسقاء من كتب الفقه . ويعامل محتبس الكلام - أي من اعتقل لسانه - معاملة الأخرس إذا طال احتباس الكلام عنه كما سنفصّل ذلك في كلمة « أخرس » .</p><p>احتجام</p><p>التّعريف</p><p>1 - ( الاحتجام طلب الحجامة ) . والحجم في لغة : المصّ ، يقال : حجم الصّبيّ ثدي أمّه ، أي ، مصّه ، ومن هنا سمّي الحجام بذلك ، لأنّه يمصّ الجرح ، وفعل المصّ واحترافه يسمّى الحجامة ، ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذه الكلمة عن هذا المعنى . والفرق بين الحجامة والفصد : أنّ الفصد هو شقّ العرق لإخراج الدّم منه فهو غير الاحتجام .</p><p>( الحكم الإجماليّ )</p><p>2 - الاحتجام مباح للتّطبيب ، ويكره في الوقت الّذي يحتاج فيه المسلم للقوّة والنّشاط لأداء عبادة ونحوها ، لما يورثه من ضعف في البدن ، وكذلك للصّائم . كما نصّ الفقهاء على ذلك في كتاب الصّوم ، عند كلامهم على مكروهات الصّيام . وذهب الحنابلة إلى فساد الصّيام بالحجامة ، وقد ذكروا ذلك في كتاب الصّوم عند كلامهم على ما يفسد الصّوم ولا يوجب الكفّارة .</p><p>3 - والحجامة حرفة دنيئة لمخالطة محترفها النّجاسة ، ويترتّب عليها من الآثار ما يترتّب على الحرف الدّنيئة . وتفصيل ذلك في مصطلح احتراف " ويذكره الفقهاء في الكفاءة من باب النّكاح ، وفي باب الإجارة .</p><p>4 - الحجامة تطبيب ، فيترتّب عليها ما يترتّب على التّطبيب من آثار : كجواز نظر الحاجم إلى عورة المحجوم عند الضّرورة . وذكر الحنفيّة ذلك في كتاب الحظر والإباحة في باب النّظر ، ويذكره غيرهم غالباً في كتاب النّكاح استطراداً أو في كتاب الصّلاة عند كلامهم على ستر العورة ، وكضمان ما تلف بفعل الحجّام ، ذكر ذلك جمهور الفقهاء في كتاب الجنايات . وذكره المالكيّة في الإجارة ، وذكره ابن قدامة من الحنابلة في التّعزير .</p><p>5 - ودم الحجامة نجس كغيره ، ولكن يجزئ المسح في تطهير مكان الجرح منه للضّرورة ، ويجب أن ينزّه المسجد عن الحجامة فيه .</p><p>احتراف</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاحتراف في اللّغة : الاكتساب ، أو طلب حرفة للكسب . والحرفة كلّ ما اشتغل به الإنسان واشتهر به ، فيقولون حرفة فلان كذا ، يريدون دأبه وديدنه . وهي بهذا ترادف كلمتي صنعة ، وعمل . أمّا الامتهان فإنّه لا فرق بينه وبين احتراف ؛ لأنّ معنى المهنة يرادف معنى الحرفة ، وكلّ منهما يراد به حذق العمل . ويوافق الفقهاء اللّغويّين في هذا ، فيطلقون الاحتراف على مزاولة الحرفة وعلى الاكتساب نفسه .</p><p>( الألفاظ ذات الصّلة ) : أ - الصّناعة :</p><p>2 - الاحتراف يفترق عن " الصّناعة " لأنّها عند أهل اللّغة ترتيب العمل على ما تقدّم علم به ، وبما يوصّل إلى المراد منه ، ولذا قيل للنّجّار صانع ولا يقال للتّاجر صانع . فلا يشترطون في الصّناعة أن يجعلها الشّخص دأبه وديدنه ، ويخصّ الفقهاء ، كلمة " صناعة " بالحرف الّتي تستعمل فيها الآلة ، فقالوا : الصّناعة ما كان بآلة .</p><p>ب - العمل .</p><p>3 - يفترق الاحتراف عن العمل ، بأنّ العمل يطلق على الفعل سواء حذقه الإنسان أو لم يحذقه ، اتّخذه ديدناً له أو لم يتّخذه ، ولذلك قالوا : العمل المهنة والفعل . وغالب استعمال الفقهاء إطلاق العمل على ما هو أعمّ من الاحتراف والصّنعة ، كما أنّ الاحتراف أعمّ من الصّنعة .</p><p>ج - الاكتساب أو الكسب :</p><p>4 - يفترق معنى الاحتراف عن معنى الاكتساب أو الكسب ، بأنّ كلّاً منهما أعمّ من الاحتراف ، لأنّهما عند أهل اللّغة ما يتحرّاه الإنسان ممّا فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظّ ، فلا يشترط فيه أن يجعله الشّخص دأبه وديدنه كما هو الحال في الاحتراف ، ويطلق الفقهاء الاكتساب أو الكسب على تحصيل المال بما حلّ أو حرم من الأسباب سواء أكان باحتراف أو بغير احتراف ، كما يطلقون الكسب على الحاصل بالاكتساب . الحكم التّكليفيّ إجمالاً :</p><p>5 - الاحتراف فرض كفاية على العموم لاحتياج النّاس إليه وعدم استغنائهم عنه . وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد إن شاء اللّه .</p><p>تصنيف الحرف :</p><p>6 - تصنّف الحرف إلى صنفين : الصّنف الأوّل : حرف شريفة ، والصّنف الثّاني حرف دنيئة . والأصل في هذا التّصنيف ما رواه عمر بن الخطّاب ، قال : « سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : إنّي وهبت لخالتي غلاماً ، وأنا أرجو أن يبارك لها فيه . فقلت لها : لا تسلّميه حجّاماً ، ولا صائغاً ، ولا قصّاباً » . قال ابن الأثير : الصّائغ ربّما كان من صنعه شيء للرّجال وهو حرام ، أو كان من آنية وهي حرام ، أمّا القصّاب فلأجل النّجاسة الغالبة على ثوبه وبدنه مع تعذّر الاحتراز . وروي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « العرب أكفاء بعضهم لبعض إلاّ حائكاً أو حجّاماً » . قيل للإمام أحمد : وكيف تأخذ بهذا الحديث وأنت تضعّفه ؟ قال : العمل عليه .</p><p>تفاوت الحرف الشّريفة فيما بينها :</p><p>7 - فاضل الفقهاء بين الحرف الشّريفة لاعتبارات ذكروها ، فاتّفقوا على أنّ أشرف الحرف العلم وما آل إليه ، كالقضاء والحكم ونحو ذلك ، ولذلك نصّ الحنفيّة على أنّ المدرّس كفء لبنت الأمير . وذكر ابن مفلح إجماع العلماء على أنّ أشرف الكسب الغنائم إذا سلم من الغلول . ثمّ اختلفوا فيما يتلوه في الفضل . هذا وإنّ للفقهاء في كتبهم كلاماً في المفاضلة بين الحرف الشّريفة ، من علم أو تجارة أو صناعة أو زراعة . . إلخ ولهم في اتّجاهاتهم المختلفة فيما هو أشرف استدلال بأحاديث ووجوه من المعقول ظنّيّة الورود أو الدّلالة ، ولعلّ في آرائهم تلك مراعاةً لبعض الأعراف والملابسات الّتي كانت سائدةً في زمانهم ، ونجتزئ بهذه الإشارة عن إيراد الاتّجاهات المختلفة في هذه المسألة .</p><p>الحرف الدّنيئة :</p><p>8 - لقد حرص الفقهاء على تحديد الحرف الدّنيئة ليبقى ما وراءها من الحرف شريفاً . فقالوا : الحرف الدّنيئة هي كلّ حرفة دلّت ملابستها على انحطاط المروءة وسقوط النّفس . وقد اتّفق الفقهاء على اعتبارهم الحرف المحرّمة ، كاحتراف الزّنا وبيع الخمر ونحو ذلك ، حرفاً دنيئةً كما سيأتي ، وقد سلك الفقهاء في تحديد الحرف الدّنيئة - فيما عدا المحرّمة منها - مسلكين : الأوّل : تحديدها بالضّابط ، ومنه ما نصّ عليه الشّافعيّة من أنّ كلّ حرفة فيها مباشرة نجاسة هي حرفة دنيئة . الثّاني : تحديدها بالعرف ، وهو مسلك جمهور الفقهاء ، ومنهم الشّافعيّة أيضاً ، واجتهدوا استناداً إلى الأعراف السّائدة في عصورهم في تحديد الحرف الدّنيئة . هذا ، وإنّ ما جاء في بعض الكتب الفقهيّة من وصف بعض أنواع من الحرف بالدّناءة - تبعاً لأوضاع زمنيّة - فإنّ القائلين بذلك صرّحوا بأنّه تزول كراهة الاحتراف بحرفة دنيئة إذا كان احترافها للقيام بفرض الكفاية ، إذ ينبغي أن يكون في كلّ بلد جميع الصّنائع المحتاج إليها .</p><p>التّحوّل من حرفة إلى حرفة :</p><p>9 - قال ابن مفلح في الآداب الشّرعيّة : قال القاضي أبو يعلى : يستحبّ إذا وجد الخير في نوع من التّجارة أن يلزمه ، وإن قصد إلى جهة من التّجارة فلم يقسم له فيها رزقه ، عدل إلى غيره ، لما روى ابن أبي الدّنيا عن موسى بن عقبة مرفوعاً : « إذا رزق أحدكم في الوجه من التّجارة فليلزمه . » وروى ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطّاب قال : من اتّجر في شيء ثلاث مرّات ، فلم يصب فيه فليتحوّل إلى غيره . وقال عبد اللّه بن عمر : من اتّجر في شيء ثلاث مرّات فلم يصب فيه ، فليتحوّل إلى غيره . ولكن هل لهذا التّحوّل أثر في الكفاءة بين الزّوجين في الحرفة ؟ ( ر : كفاءة . نكاح )</p><p>الحكم التّكليفيّ للاحتراف تفصيلاً</p><p>10 - أ - يندب للمرء أن يختار حرفةً لكسب رزقه ، قال عمر بن الخطّاب : إنّي لأرى الرّجل فيعجبني ، فأقول : له حرفة ؟ فإن قالوا : لا ، سقط من عيني .</p><p>ب - ويجب - على الكفاية - أن يتوفّر في بلاد المسلمين أصول الحرف جميعها ، احتيج إليها أو لا . قال ابن تيميّة : قال غير واحد من أصحاب الشّافعيّ وأحمد وغيرهم كالغزاليّ ، وابن الجوزيّ ، وغيرهم : إنّ هذه الصّناعات فرض على الكفاية ، فإنّه لا تتمّ مصلحة النّاس إلاّ بها . وقد اختار ابن تيميّة أنّ احتراف بعض الحرف يصبح فرض كفاية إذا احتاج المسلمون إليها ، فإن استغنوا عنها بما يجلبونه أو يجلب إليهم فقد سقط وجوب احترافها . فإذا امتنع المحترفون عن القيام بهذا الفرض أجبرهم الإمام عليه بعوض المثل . قال ابن تيميّة : إنّ هذه الأعمال الّتي هي فرض على الكفاية متى لم يقم بها إلاّ إنسان بعينه صارت فرض عين عليه ، إن كان غيره عاجزاً عنها ، فإذا كان النّاس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجباً يجبرهم وليّ الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل ، ولا يمكّنهم من مطالبة النّاس بزيادة عن عوض المثل .</p><p>11 - ج - ولمّا كان إقامة الصّناعات فرض كفاية كان توفير المحترفين الّذين يعملون في هذه الصّناعات فرضاً ، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ، وهو ما ذهب إليه الشّافعيّة ، قال القليوبيّ في حاشيته ما مفاده : يجب أن يسلّم الوليّ الصّغير لذي حرفة يتعلّم منه الحرفة . ورغم أنّ الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة لم ينصّوا على وجوب دفع الوليّ الصّغير إلى من يعلّمه الحرفة إلاّ أنّ كلامهم يقتضي ذلك .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40736, member: 329"] بواعث الإجهاض ووسائله : 9 - بواعث الإجهاض كثيرة ، منها قصد التّخلّص من الحمل سواء أكان الحمل نتيجة نكاح أم سفاح ، أو قصد سلامة الأمّ لدفع خطر عنها من بقاء الحمل أو خوفاً على رضيعها ، على ما سبق بيانه . كما أنّ وسائل الإجهاض كثيرة قديماً وحديثاً ، وهي إمّا إيجابيّة وإمّا سلبيّة . فمن الإيجابيّة : التّخويف أو الإفزاع كأن يطلب السّلطان من ذكرت عنده بسوء فتجهض فزعاً ، ومنها شمّ رائحة ، أو تجويع ، أو غضب ، أو حزن شديد ، نتيجة خبر مؤلم أو إساءة بالغة ، ولا أثر لاختلاف كلّ هذا . ومن السّلبيّة امتناع المرأة عن الطّعام ، أو عن دواء موصوف لها لبقاء الحمل . ومنه ما ذكره الدّسوقيّ من أنّ المرأة إذا شمّت رائحة طعام من الجيران مثلاً ، وغلب على ظنّها أنّها إن لم تأكل منه أجهضت فعليها الطّلب . فإن لم تطلب ، ولم يعلموا بحملها ، حتّى ألقته ، فعليها الغرّة لتقصيرها ولتسبّبها . عقوبة الإجهاض : 10 - اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب في الجناية على جنين الحرّة هو غرّة . لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره : « أنّ امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى ، فطرحت جنينها ، فقضى فيه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بغرّة عبد أو وليدة » . 11 - واتّفق فقهاء المذاهب على أنّ مقدار الغرّة في ذلك هو نصف عشر الدّية الكاملة ، وأنّ الموجب للغرّة كلّ جناية ترتّب عليها انفصال الجنين عن أمّه ميّتاً ، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول أم ترك ، ولو من الحامل نفسها أو زوجها ، عمداً كان أو خطأً . 12 - ويختلف الفقهاء في وجوب الكفّارة - وهي العقوبة المقدّرة حقّاً للّه تعالى - مع الغرّة . ( والكفّارة هنا هي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) فالحنفيّة والمالكيّة يرون أنّها مندوبة وليست واجبةً ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقض إلاّ بالغرّة . كما أنّ الكفّارة فيها معنى العقوبة ؛ لأنّها شرعت زاجرةً ، وفيها معنى العبادة ؛ لأنّها تتأدّى بالصّوم . وقد عرف وجوبها في النّفوس المطلقة فلا يتعدّاها لأنّ العقوبة لا يجري فيها القياس ، والجنين يعتبر نفساً من وجه دون وجه لا مطلقاً . ولهذا لم يجب فيه كلّ البدل ، فكذا لا تجب فيه الكفّارة لأنّ الأعضاء لا كفّارة فيها . وإذا تقرّب بها إلى اللّه كان أفضل . وعلى هذا فإنّها غير واجبة . ويرى الشّافعيّة والحنابلة وجوب الكفّارة مع الغرّة . لأنّها إنّما تجب حقّاً للّه تعالى لا لحقّ الآدميّ ؛ ولأنّه نفس مضمونة بالدّية ، فوجبت فيه الكفّارة . وترك ذكر الكفّارة لا يمنع وجوبها . فقد ذكر الرّسول صلى الله عليه وسلم في موضع آخر الدّية ، ولم يذكر الكفّارة . وهذا الخلاف إنّما هو في الجنين المحكوم بإيمانه لإيمان أبويه أو أحدهما ، أو المحكوم له بالذّمّة . كما نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّه إذا اشترك أكثر من واحد في جناية الإجهاض لزم كلّ شريك كفّارة ، وهذا لأنّ الغاية من الكفّارة الزّجر . أمّا الغرّة فواحدة لأنّها للبدليّة . الإجهاض المعاقب عليه : 13 - يتّفق الفقهاء على وجوب الغرّة بموت الجنين بسبب الاعتداء ، كما يتّفقون على اشتراط انفصاله ميّتاً ، أو انفصال البعض الدّالّ على موته . إذ لا يثبت حكم المولود إلاّ بخروجه ؛ ولأنّ الحركة يجوز أن تكون لريح في البطن سكنت ، وبالإلقاء ظهر تلفه بسبب الضّرب أو الفزع ونحوهما ، غير أنّ الشّافعيّة قالوا : لو علم موت الجنين وإن لم ينفصل منه شيء فكالمنفصل . والحنفيّة يعتبرون انفصال الأكثر كانفصال الكلّ ، فإن نزل من قبل الرّأس فالأكثر خروج صدره ، وإن كان من قبل الرّجلين فالأكثر انفصال سرّته . والحنفيّة والمالكيّة على أنّه لا بدّ أن يكون ذلك قبل موت أمّه يقول ابن عابدين : وإن خرج جنين ميّت بعد موت الأمّ فلا شيء فيه ؛ لأنّ موت الأمّ سبب لموته ظاهراً ، إذ حياته بحياتها ، فيتحقّق موته بموتها ، فلا يكون في معنى ما ورد به النّصّ ، إذ الاحتمال فيه أقلّ ، فلا يضمن بالشّكّ ؛ ولأنّه يجري مجرى أعضائها ، وبموتها سقط حكم أعضائها . وقال الحطّاب والموّاق : الغرّة واجبة في الجنين بموته قبل موت أمّه . وقال ابن رشد : ويشترط أن يخرج الجنين ميّتاً ولا تموت أمّه من الضّرب . أمّا الشّافعيّة والحنابلة فيوجبون الغرّة سواء أكان انفصال الجنين ميّتاً حدث في حياة الأمّ أو بعد موتها لأنّه كما يقول ابن قدامة : جنين تلف بجناية ، وعلم ذلك بخروجه ، فوجب ضمانه كما لو سقط في حياتها . ولأنّه لو سقط حيّاً ضمنه ، فكذلك إذا سقط ميّتاً كما لو أسقطته في حياتها . ويقول القاضي زكريّا الأنصاريّ : ضرب الأمّ ، فماتت ، ثمّ ألقت ميّتاً ، وجبت الغرّة ، كما لو انفصل في حياتها . يتّفق الفقهاء في أصل ترتّب العقوبة إذا استبان بعض خلق الجنين ، كظفر وشعر ، فإنّه يكون في حكم تامّ الخلق اتّفاقاً ولا يكون ذلك كما يقول ابن عابدين إلاّ بعد مائة وعشرين يوماً ، وتوسّع المالكيّة فأوجبوا الغرّة حتّى لو لم يستبن شيء من خلقه ، ولو ألقته علقةً أي دماً مجتمعاً ، ونقل ابن رشد عن الإمام مالك قوله : كلّ ما طرحت من مضغة أو علقة ممّا يعلم أنّه ولد ففيه غرّة والأجود أن يعتبر نفخ الرّوح فيه . والشّافعيّة يوجبون الغرّة أيضاً لو ألقته لحماً في صورة آدميّ ، وعند الحنابلة إذا ألقت مضغةً ، فشهد ثقات من القوابل أنّه مبتدأ خلق آدميّ ، وجهان : أصحّهما لا شيء فيه ، وهو مذهب الشّافعيّ فيما ليس فيه صورة آدميّ . أمّا عند الحنفيّة ففيه حكومة عدل ، إذ ينقل ابن عابدين عن الشّمنّيّ : أنّ المضغة غير المتبيّنة الّتي يشهد الثّقات من القوابل أنّها بدء خلق آدميّ فيها حكومة عدل . تعدّد الأجنّة في الإجهاض : 14 - لا خلاف بين فقهاء المذاهب في أنّ الواجب الماليّ من غرّة أو دية يتعدّد بتعدّد الأجنّة . فإن ألقت المرأة بسبب الجناية جنينين أو أكثر تعدّد الواجب بتعدّدهم ؛ لأنّه ضمان آدميّ ، فتعدّد بتعدّده ، كالدّيات . والقائلون بوجوب الكفّارة مع الغرّة - وهم الشّافعيّة والحنابلة كما تقدّم - يرون أنّها تتعدّد بتعدّد الجنين أيضاً . من تلزمه الغرّة : 15 - الغرّة تلزم العاقلة في سنة بالنّسبة للجنين الحرّ عند فقهاء الحنفيّة ، للخبر الّذي روي عن محمّد بن الحسن « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قضى بالغرّة على العاقلة في سنة » ، ولا يرث الجاني وهذا هو الأصحّ عند الشّافعيّة ، فقد قالوا : الغرّة على عاقلة الجاني ولو الحامل نفسها ؛ لأنّ الجناية على الجنين لا عمد فيها حتّى يقصد بالجناية ، بل يجري فيها الخطأ وشبه العمد . سواء أكانت الجناية على أمّه خطأً أم عمداً أم شبه عمد . وللحنفيّة تفصيل : فلو ضرب الرّجل بطن امرأته ، فألقت جنيناً ميّتاً ، فعلى عاقلة الأب الغرّة ، ولا يرث فيها ، والمرأة إن أجهضت نفسها متعمّدةً دون إذن الزّوج ، فإنّ عاقلتها تضمن الغرّة ولا ترث فيها ، وأمّا إن أذن الزّوج ، أو لم تتعمّد ، فقيل . لا غرّة ؛ لعدم التّعدّي ، لأنّه هو الوارث والغرّة حقّه ، وقد أذن بإتلاف حقّه . والصّحيح أنّ الغرّة واجبة على عاقلتها أيضاً ؛ لأنّه بالنّظر إلى أنّ الغرّة حقّه لم يجب بضربه شيء ، ولكن لأنّ الآدميّ لا يملك أحد إهدار آدميّته وجبت على العاقلة ، فإن لم يكن لها عاقلة فقيل في مالها ، وفي ظاهر الرّواية : في بيت المال ، وقالوا : إنّ الزّوجة لو أمرت غيرها أن تجهضها ، ففعلت ، لا تضمن المأمورة ، إذا كان ذلك بإذن الزّوج . ويرى المالكيّة وجوب الغرّة في مال الجاني في العمد مطلقاً ، وكذا في الخطأ ، إلاّ أن يبلغ ثلث ديته فأكثر فعلى عاقلته ، كما لو ضرب مجوسيّ حرّةً حبلى ، فألقت جنيناً ، فإنّ الغرّة الواجبة هنا أكثر من ثلث دية الجاني . ويوافقهم الشّافعيّة في قول غير صحيح عندهم فيما إذا كانت الجناية عمداً ، إذ قالوا : وقيل : إن تعمّد الجناية فعليه الغرّة لا على عاقلته ، بناءً على تصوّر العمد فيه والأصحّ عدم تصوّره لتوقّفه على علم وجوده وحياته . أمّا الحنابلة فقد جعلوا الغرّة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمّه وكانت الجناية عليها خطأً أو شبه عمد . أمّا إذا كان القتل عمداً ، أو مات الجنين وحده ، فتكون في مال الجاني ، وما تحمله العاقلة يجب مؤجّلاً في ثلاث سنين ، وقيل : من لزمته الكفّارة ففي ماله مطلقاً على الصّحيح من المذهب ، وقيل ما حمله بيت المال من خطأ الإمام والحاكم ففي بيت المال . والتّفصيل في مصطلحات ( عاقلة . غرّة . جنين . دية . كفّارة ) . الآثار التّبعيّة للإجهاض : 16 - بالإجهاض ينفصل الجنين عن أمّه ميّتاً ، ويسمّى سقطاً . والسّقط هو الولد تضعه المرأة ميّتاً أو لغير تمام أشهره ولم يستهلّ . وقد تكلّم الفقهاء عن حكم تسميته وتغسيله وتكفينه والصّلاة عليه ودفنه . وموضع بيان ذلك وتفصيله مصطلح سقط . أثر الإجهاض في الطّهارة والعدّة والطّلاق : 17 - لا خلاف في أنّ الإجهاض بعد تمام الخلق تترتّب عليه الأحكام الّتي تترتّب على الولادة . من حيث الطّهارة ، وانقضاء العدّة ، ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة ، لتيقّن براءة الرّحم بذلك ، ولا خلاف في أنّ الإجهاض لا أثر له فيما يتوقّف فيه استحقاق الجنين على تحقّق الحياة وانفصاله عن أمّه حيّاً كالإرث والوصيّة والوقف . أمّا الإجهاض في مراحل الحمل الأولى قبل نفخ الرّوح ففيه الاتّجاهات الفقهيّة الآتية : فبالنّسبة لاعتبار أمّه نفساء ، وما يتطلّبه ذلك من تطهّر ، يرى المالكيّة في المعتمد عندهم ، والشّافعيّة ، اعتبارها نفساء ، ولو بإلقاء مضغة هي أصل آدميّ ، أو بإلقاء علقة . ويرى الحنفيّة والحنابلة أنّه إذا لم يظهر شيء من خلقه فإنّ المرأة لا تصير به نفساء . ويرى أبو يوسف ومحمّد في رواية عنه أنّه لا غسل عليها ، لكن يجب عليها الوضوء ، وهو الصّحيح . وبالنّسبة لانقضاء العدّة ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة فإنّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة يرون أنّ العلقة والمضغة الّتي ليس فيها أيّ صورة آدميّ لا تنقضي بها العدّة ، ولا يقع الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لم يثبت أنّه ولد بالمشاهدة ولا بالبيّنة . أمّا المضغة المخلّقة والّتي بها صورة آدميّ ولو خفيّةً ، وشهدت الثّقات القوابل بأنّها لو بقيت لتصوّرت ، فإنّها تنقضي بها العدّة ويقع الطّلاق ؛ لأنّه علم به براءة الرّحم عند الحنفيّة والحنابلة . لكن الشّافعيّة لا يوقعون الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لا يسمّى ولادةً ، أمّا المالكيّة فإنّهم ينصّون على أنّ العدّة تنقضي بانفصال الحمل كلّه ولو علقةً . إجهاض جنين البهيمة : 18 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو الصّحيح عند الحنابلة ، إلى أنّه يجب في جنين البهيمة إذا ألقته بجناية ميّتاً ما نقصت الأمّ ، أي حكومة عدل ، وهو أرش ما نقص من قيمتها . وإذا نزل حيّاً ثمّ مات من أثر الجناية فقيمته مع الحكومة ، وفي المسائل الملقوطة الّتي انفرد بها مالك أنّ عليه عشر قيمة أمّه ، وهو ما قال به أبو بكر من الحنابلة . ولم نقف للشّافعيّة على كلام في هذا أكثر من قولهم : لو صالت البهيمة وهي حامل على إنسان ، فدفعها ، فسقط جنينها ، فلا ضمان . وهذا يفيد أنّ الدّفع لو كان عدواناً لزمه الضّمان . أجير التّعريف 1 - الأجير هو المستأجر ، والجمع أجراء . ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذا المعنى ، وهو على قسمين : أجير خاصّ : وهو الّذي يقع العقد عليه في مدّة معلومة يستحقّ المستأجر منفعته المعقود عليها في تلك المدّة ، ويسمّى بالأجير الوحد ؛ لأنّه لا يعمل لغير مستأجره ، كمن استؤجر شهراً للخدمة . وأجير مشترك : وهو من يعمل لعامّة النّاس كالنّجّار والطّبيب . ( الحكم الإجماليّ ) 2 - استئجار الآدميّ جائز شرعاً لقول اللّه تعالى : { قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه » . ومتى كان الأجير جائز التّصرّف ، مستوفياً لشروط العقد من سلامة الأسباب والآلات ، قادراً على تسليم المنفعة المطلوبة منه حسّاً وشرعاً ، ولم يكن فيما يستأجر عليه معصية ، فإنّه يجب عليه الوفاء بما تمّ العقد عليه . فإن كان أجيراً خاصّاً وجب عليه تسليم نفسه لمستأجره ، وتمكينه من استيفاء منفعته المعقود عليها في هذه المدّة ، وامتناعه من العمل لغير مستأجره فيها ، إلاّ أداء الصّلاة المفروضة باتّفاق ، والسّنن على خلاف ، وإذا سلّم نفسه في المدّة فإنّه يستحقّ الأجرة المسمّاة ، وإن لم يعمل شيئاً ، وإن كان أجيراً مشتركاً وجب عليه الوفاء بالعمل المطلوب منه والتّسليم للمستأجر ، ويستحقّ الأجرة بالوفاء بذلك . وما مرّ محلّ اتّفاق بين الفقهاء . ( مواطن البحث ) 3 - هذا ، وللأجير أحكام كثيرة باعتباره أحد طرفي عقد الإجارة ، وباعتبار المنفعة المطلوبة منه ، وبيان مدّتها ، أو نوعها ومحلّها ، والأجرة وتعجيلها ، أو تأجيلها ، ومن ناحية خياره وعدمه ، ومتى تنفسخ معه الإجارة ومتى لا تنفسخ ، وغير ذلك . وينظر في مصطلح ( إجارة ) . إحالة انظر : حوالة . أحباس انظر : وقف . إحبال انظر : حمل احتباء التّعريف 1 - الاحتباء في اللّغة القعود على مقعدته وضمّ فخذيه إلى بطنه واشتمالهما مع ظهره بثوب أو نحوه ، أو باليدين . وهو عند الفقهاء كذلك . الفرق بين الاحتباء والإقعاء : 2 - الإقعاء وضع الأليتين واليدين على الأرض مع نصب الرّكبتين وعلى هذا يكون الفرق بينهما أنّه يرافق الاحتباء ضمّ الفخذين إلى البطن ، والرّكبتين إلى الصّدر ، والتزامهما باليدين أو بثوب بينما لا يكون في الإقعاء ذلك الالتزام . الحكم العامّ ومواطن البحث : 3 - الاحتباء خارج الصّلاة مباح إن لم يرافقه محظور شرعيّ آخر ككشف العورة مثلاً . والأولى تركه وقت الخطبة وعند انتظار الصّلاة ؛ لأنّه يكون متهيّئاً للنّوم والوقوع وانتقاض الوضوء . هو مكروه في الصّلاة لما ورد من النّهي عنه ، وما فيه من مخالفة الوضع المسنون في الصّلاة . 4 - وقد فصّل الفقهاء حكم الاحتباء في كتاب الصّلاة ، عند كلامهم على مكروهات الصّلاة . احتباس التّعريف 1 - الحبس والاحتباس ، ضدّ التّخلية ، أو هو المنع من حرّيّة السّعي ، ولكن الاحتباس - كما يقول أهل اللّغة - يختصّ بما يحبسه الإنسان لنفسه ، قال في لسان العرب : احتبست الشّيء إذا اختصصته لنفسك خاصّةً . وكما أنّه يأتي متعدّياً فإنّه يأتي لازماً ، مثل ما في الحديث : « احتبس جبريل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم » وقولهم : احتبس المطر أو اللّسان . ( الألفاظ ذات الصّلة ) أ - الحبس : 2 - الفرق بين الحبس والاحتباس ، أنّ الحبس لا يأتي إلاّ متعدّياً ، وليس كذلك الاحتباس فإنّه يأتي متعدّياً ولازماً . ب - الحجر : 3 - والفرق بين الاحتباس والحجر ، أنّ الحجر منع شخص من التّصرّف في ماله رعايةً لمصلحته . وبذلك يكون الفرق بينهما أنّ الاحتباس هو منع لصالح المحتبس ( بكسر الباء ) ، والحجر منع لصالح المحجور عليه . ج - الحصر : 4 - والفرق بين الاحتباس والحصر ، أنّ الحصر هو الحبس مع التّضييق ، والتّضييق لا يرد إلاّ على ذي روح ، والاحتباس يرد على ذي الرّوح وغيره ، كما لا يلزم أن يكون في الاحتباس تضييق . د - الاعتقال : 5 - والفرق بين الاحتباس والاعتقال : أنّ الاعتقال هو الحبس عن حاجته ، أو هو الحبس عن أداء ما هو من وظيفته ، ومن هنا يقولون : اعتقل لسانه إذا حبس ومنع عن الكلام . وليس كذلك الاحتباس ، إذ لا يقصد منه المنع من أداء الوظيفة . ( الحكم الإجماليّ ومواطن البحث ) 6 - يجوز الاحتباس في حالتين : الحالة الأولى : عندما يكون حقّ المحتبس في المحبوس هو الغالب ، كحبس المرهون بالدّين - كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الرّهن ، وحبس الأجير المشترك العين الّتي له فيها أثر حتّى يتسلّم الأجرة ، واحتباس البائع ما في يده من البيع حتّى يسلّم المشتري ما في يده من الثّمن إلاّ بشرط مخالف . الحالة الثّانية : عندما تتطلّب المصلحة هذا الاحتباس ، كاحتباس المال عن مالكه السّفيه ، كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الحجر ، واحتباس ما غنمه أهل العدل من أموال البغاة حتّى يتوبوا ، كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب البغاة ، واحتباس الأرض المفتوحة عنوةً للمسلمين ، وعدم توزيعها بين المحاربين ، ونحو ذلك . 7 - ويمتنع الاحتباس في أحوال : الحال الأولى : عندما يكون حقّ الغير هو الغالب ، كحقّ المرتهن في العين المرهونة ففي هذه الحال يمتنع على المالك ( الرّاهن ) حقّه الأصليّ في الاحتباس . الحال الثّانية : حالة الضّرورة ، كاحتباس الضّروريّات لإغلاء السّعر على النّاس ، وتفصيل الكلام على ذلك موطنه مصطلح « احتكار » . الحال الثّالثة : حال الحاجة ، ولذلك كره حبس الأشياء المعتاد إعارتها عن الغير إن احتاج إليه ذلك الغير . من آثار الاحتباس : 8 - من احتبس إنساناً أو حيواناً وجبت عليه مؤنته ، ولذلك وجبت النّفقة للزّوجة ، والقاضي ، والمغصوب ، والحيوان المحتبس ، ووجبت الأجرة للأجير الخاصّ بمجرّد الاحتباس ، ونحو ذلك . وتكره الصّلاة مع احتباس الرّيح أو الغائط - مدافعة الأخبثين - وقد ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الصّلاة عند كلامهم على مكروهات الصّلاة ، وتسنّ صلاة الاستسقاء عند احتباس المطر ، وتفصيل ذلك في كتاب الصّلاة ، فصل صلاة الاستسقاء من كتب الفقه . ويعامل محتبس الكلام - أي من اعتقل لسانه - معاملة الأخرس إذا طال احتباس الكلام عنه كما سنفصّل ذلك في كلمة « أخرس » . احتجام التّعريف 1 - ( الاحتجام طلب الحجامة ) . والحجم في لغة : المصّ ، يقال : حجم الصّبيّ ثدي أمّه ، أي ، مصّه ، ومن هنا سمّي الحجام بذلك ، لأنّه يمصّ الجرح ، وفعل المصّ واحترافه يسمّى الحجامة ، ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذه الكلمة عن هذا المعنى . والفرق بين الحجامة والفصد : أنّ الفصد هو شقّ العرق لإخراج الدّم منه فهو غير الاحتجام . ( الحكم الإجماليّ ) 2 - الاحتجام مباح للتّطبيب ، ويكره في الوقت الّذي يحتاج فيه المسلم للقوّة والنّشاط لأداء عبادة ونحوها ، لما يورثه من ضعف في البدن ، وكذلك للصّائم . كما نصّ الفقهاء على ذلك في كتاب الصّوم ، عند كلامهم على مكروهات الصّيام . وذهب الحنابلة إلى فساد الصّيام بالحجامة ، وقد ذكروا ذلك في كتاب الصّوم عند كلامهم على ما يفسد الصّوم ولا يوجب الكفّارة . 3 - والحجامة حرفة دنيئة لمخالطة محترفها النّجاسة ، ويترتّب عليها من الآثار ما يترتّب على الحرف الدّنيئة . وتفصيل ذلك في مصطلح احتراف " ويذكره الفقهاء في الكفاءة من باب النّكاح ، وفي باب الإجارة . 4 - الحجامة تطبيب ، فيترتّب عليها ما يترتّب على التّطبيب من آثار : كجواز نظر الحاجم إلى عورة المحجوم عند الضّرورة . وذكر الحنفيّة ذلك في كتاب الحظر والإباحة في باب النّظر ، ويذكره غيرهم غالباً في كتاب النّكاح استطراداً أو في كتاب الصّلاة عند كلامهم على ستر العورة ، وكضمان ما تلف بفعل الحجّام ، ذكر ذلك جمهور الفقهاء في كتاب الجنايات . وذكره المالكيّة في الإجارة ، وذكره ابن قدامة من الحنابلة في التّعزير . 5 - ودم الحجامة نجس كغيره ، ولكن يجزئ المسح في تطهير مكان الجرح منه للضّرورة ، ويجب أن ينزّه المسجد عن الحجامة فيه . احتراف التّعريف 1 - الاحتراف في اللّغة : الاكتساب ، أو طلب حرفة للكسب . والحرفة كلّ ما اشتغل به الإنسان واشتهر به ، فيقولون حرفة فلان كذا ، يريدون دأبه وديدنه . وهي بهذا ترادف كلمتي صنعة ، وعمل . أمّا الامتهان فإنّه لا فرق بينه وبين احتراف ؛ لأنّ معنى المهنة يرادف معنى الحرفة ، وكلّ منهما يراد به حذق العمل . ويوافق الفقهاء اللّغويّين في هذا ، فيطلقون الاحتراف على مزاولة الحرفة وعلى الاكتساب نفسه . ( الألفاظ ذات الصّلة ) : أ - الصّناعة : 2 - الاحتراف يفترق عن " الصّناعة " لأنّها عند أهل اللّغة ترتيب العمل على ما تقدّم علم به ، وبما يوصّل إلى المراد منه ، ولذا قيل للنّجّار صانع ولا يقال للتّاجر صانع . فلا يشترطون في الصّناعة أن يجعلها الشّخص دأبه وديدنه ، ويخصّ الفقهاء ، كلمة " صناعة " بالحرف الّتي تستعمل فيها الآلة ، فقالوا : الصّناعة ما كان بآلة . ب - العمل . 3 - يفترق الاحتراف عن العمل ، بأنّ العمل يطلق على الفعل سواء حذقه الإنسان أو لم يحذقه ، اتّخذه ديدناً له أو لم يتّخذه ، ولذلك قالوا : العمل المهنة والفعل . وغالب استعمال الفقهاء إطلاق العمل على ما هو أعمّ من الاحتراف والصّنعة ، كما أنّ الاحتراف أعمّ من الصّنعة . ج - الاكتساب أو الكسب : 4 - يفترق معنى الاحتراف عن معنى الاكتساب أو الكسب ، بأنّ كلّاً منهما أعمّ من الاحتراف ، لأنّهما عند أهل اللّغة ما يتحرّاه الإنسان ممّا فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظّ ، فلا يشترط فيه أن يجعله الشّخص دأبه وديدنه كما هو الحال في الاحتراف ، ويطلق الفقهاء الاكتساب أو الكسب على تحصيل المال بما حلّ أو حرم من الأسباب سواء أكان باحتراف أو بغير احتراف ، كما يطلقون الكسب على الحاصل بالاكتساب . الحكم التّكليفيّ إجمالاً : 5 - الاحتراف فرض كفاية على العموم لاحتياج النّاس إليه وعدم استغنائهم عنه . وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد إن شاء اللّه . تصنيف الحرف : 6 - تصنّف الحرف إلى صنفين : الصّنف الأوّل : حرف شريفة ، والصّنف الثّاني حرف دنيئة . والأصل في هذا التّصنيف ما رواه عمر بن الخطّاب ، قال : « سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : إنّي وهبت لخالتي غلاماً ، وأنا أرجو أن يبارك لها فيه . فقلت لها : لا تسلّميه حجّاماً ، ولا صائغاً ، ولا قصّاباً » . قال ابن الأثير : الصّائغ ربّما كان من صنعه شيء للرّجال وهو حرام ، أو كان من آنية وهي حرام ، أمّا القصّاب فلأجل النّجاسة الغالبة على ثوبه وبدنه مع تعذّر الاحتراز . وروي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « العرب أكفاء بعضهم لبعض إلاّ حائكاً أو حجّاماً » . قيل للإمام أحمد : وكيف تأخذ بهذا الحديث وأنت تضعّفه ؟ قال : العمل عليه . تفاوت الحرف الشّريفة فيما بينها : 7 - فاضل الفقهاء بين الحرف الشّريفة لاعتبارات ذكروها ، فاتّفقوا على أنّ أشرف الحرف العلم وما آل إليه ، كالقضاء والحكم ونحو ذلك ، ولذلك نصّ الحنفيّة على أنّ المدرّس كفء لبنت الأمير . وذكر ابن مفلح إجماع العلماء على أنّ أشرف الكسب الغنائم إذا سلم من الغلول . ثمّ اختلفوا فيما يتلوه في الفضل . هذا وإنّ للفقهاء في كتبهم كلاماً في المفاضلة بين الحرف الشّريفة ، من علم أو تجارة أو صناعة أو زراعة . . إلخ ولهم في اتّجاهاتهم المختلفة فيما هو أشرف استدلال بأحاديث ووجوه من المعقول ظنّيّة الورود أو الدّلالة ، ولعلّ في آرائهم تلك مراعاةً لبعض الأعراف والملابسات الّتي كانت سائدةً في زمانهم ، ونجتزئ بهذه الإشارة عن إيراد الاتّجاهات المختلفة في هذه المسألة . الحرف الدّنيئة : 8 - لقد حرص الفقهاء على تحديد الحرف الدّنيئة ليبقى ما وراءها من الحرف شريفاً . فقالوا : الحرف الدّنيئة هي كلّ حرفة دلّت ملابستها على انحطاط المروءة وسقوط النّفس . وقد اتّفق الفقهاء على اعتبارهم الحرف المحرّمة ، كاحتراف الزّنا وبيع الخمر ونحو ذلك ، حرفاً دنيئةً كما سيأتي ، وقد سلك الفقهاء في تحديد الحرف الدّنيئة - فيما عدا المحرّمة منها - مسلكين : الأوّل : تحديدها بالضّابط ، ومنه ما نصّ عليه الشّافعيّة من أنّ كلّ حرفة فيها مباشرة نجاسة هي حرفة دنيئة . الثّاني : تحديدها بالعرف ، وهو مسلك جمهور الفقهاء ، ومنهم الشّافعيّة أيضاً ، واجتهدوا استناداً إلى الأعراف السّائدة في عصورهم في تحديد الحرف الدّنيئة . هذا ، وإنّ ما جاء في بعض الكتب الفقهيّة من وصف بعض أنواع من الحرف بالدّناءة - تبعاً لأوضاع زمنيّة - فإنّ القائلين بذلك صرّحوا بأنّه تزول كراهة الاحتراف بحرفة دنيئة إذا كان احترافها للقيام بفرض الكفاية ، إذ ينبغي أن يكون في كلّ بلد جميع الصّنائع المحتاج إليها . التّحوّل من حرفة إلى حرفة : 9 - قال ابن مفلح في الآداب الشّرعيّة : قال القاضي أبو يعلى : يستحبّ إذا وجد الخير في نوع من التّجارة أن يلزمه ، وإن قصد إلى جهة من التّجارة فلم يقسم له فيها رزقه ، عدل إلى غيره ، لما روى ابن أبي الدّنيا عن موسى بن عقبة مرفوعاً : « إذا رزق أحدكم في الوجه من التّجارة فليلزمه . » وروى ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطّاب قال : من اتّجر في شيء ثلاث مرّات ، فلم يصب فيه فليتحوّل إلى غيره . وقال عبد اللّه بن عمر : من اتّجر في شيء ثلاث مرّات فلم يصب فيه ، فليتحوّل إلى غيره . ولكن هل لهذا التّحوّل أثر في الكفاءة بين الزّوجين في الحرفة ؟ ( ر : كفاءة . نكاح ) الحكم التّكليفيّ للاحتراف تفصيلاً 10 - أ - يندب للمرء أن يختار حرفةً لكسب رزقه ، قال عمر بن الخطّاب : إنّي لأرى الرّجل فيعجبني ، فأقول : له حرفة ؟ فإن قالوا : لا ، سقط من عيني . ب - ويجب - على الكفاية - أن يتوفّر في بلاد المسلمين أصول الحرف جميعها ، احتيج إليها أو لا . قال ابن تيميّة : قال غير واحد من أصحاب الشّافعيّ وأحمد وغيرهم كالغزاليّ ، وابن الجوزيّ ، وغيرهم : إنّ هذه الصّناعات فرض على الكفاية ، فإنّه لا تتمّ مصلحة النّاس إلاّ بها . وقد اختار ابن تيميّة أنّ احتراف بعض الحرف يصبح فرض كفاية إذا احتاج المسلمون إليها ، فإن استغنوا عنها بما يجلبونه أو يجلب إليهم فقد سقط وجوب احترافها . فإذا امتنع المحترفون عن القيام بهذا الفرض أجبرهم الإمام عليه بعوض المثل . قال ابن تيميّة : إنّ هذه الأعمال الّتي هي فرض على الكفاية متى لم يقم بها إلاّ إنسان بعينه صارت فرض عين عليه ، إن كان غيره عاجزاً عنها ، فإذا كان النّاس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجباً يجبرهم وليّ الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل ، ولا يمكّنهم من مطالبة النّاس بزيادة عن عوض المثل . 11 - ج - ولمّا كان إقامة الصّناعات فرض كفاية كان توفير المحترفين الّذين يعملون في هذه الصّناعات فرضاً ، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ، وهو ما ذهب إليه الشّافعيّة ، قال القليوبيّ في حاشيته ما مفاده : يجب أن يسلّم الوليّ الصّغير لذي حرفة يتعلّم منه الحرفة . ورغم أنّ الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة لم ينصّوا على وجوب دفع الوليّ الصّغير إلى من يعلّمه الحرفة إلاّ أنّ كلامهم يقتضي ذلك . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية