الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40737" data-attributes="member: 329"><p>حكم الحرف الدّنيئة :</p><p>12 - د - وجمهور الفقهاء على أنّ المكاسب غير المحرّمة كلّها في الإباحة سواء . ولكن هذه الإباحة تكتنفها الكراهة إذا اختار المرء لنفسه أو ولده حرفةً دنيئةً إن وسعه احتراف ما هو أصلح منها . ومع هذا فقد قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : مكسبة فيها بعض الدّناءة خير من مسألة النّاس . وقال ابن عقيل : يكره تعلّم الصّنائع الرّديئة مع إمكان ما هو أصلح منها . ونصّ الشّافعيّة على زوال هذه الكراهة إذا كانت الحرفة الدّنيئة هي حرفة أبيه . ونصّ ابن مفلح الحنبليّ على زوال هذه الكراهة إذا احترف المرء حرفةً دنيئةً للقيام بفرض الكفاية . وقال بعض المتشدّدين من الحنفيّة : ما يرجع إلى الدّناءة من المكاسب في عرف النّاس لا يسع الإقدام عليه إلاّ عند الضّرورة لقوله صلى الله عليه وسلم : « ليس لمؤمن أن يذلّ نفسه » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه يحبّ معالي الأمور ويبغض سفسافها » ، ولكنّ الصّحيح عند الحنفيّة الأوّل .</p><p>الحرف المحظورة</p><p>13 - أ - الأصل أنّه لا يجوز احتراف عمل محرّم بذاته ، ومن هنا منع الاتّجار بالخمر واحتراف الكهانة .</p><p>ب - كما لا يجوز احتراف ما يؤدّي إلى الحرام أو ما يكون فيه إعانة عليه ، كالوشم : لما فيه من تغيير خلق اللّه وككتابة الرّبا : لما فيه من الإعانة على أكل أموال النّاس بالباطل ونحو ذلك . وتعرّض الفقهاء إلى اتّخاذ حرف يتكسّب منها المحترف من غير أن يبذل فيها جهداً ، أو يزيد زيادةً ، كالخيّاط يتسلّم الثّوب ليخيطه بدينارين فيعطيه لمن يخيطه بدينار ويأخذ الفرق . فذهب الفقهاء إلى جواز ذلك ؛ لأنّ مثل هذه الإجارة كالبيع ، وبيع المبيع يجوز برأس المال وبأقلّ منه وبأكثر ، فكذلك الإجارة إلاّ أنّ الحنفيّة نصّوا على أنّه إذا كانت الأجرة الثّانية من جنس الأجرة الأولى فإنّ الزّيادة لا تطيب له إلاّ إذا بذل جهداً أو زاد زيادةً ، فإنّها تطيب ولو اتّحد الجنس .</p><p>آثار الاحتراف :</p><p>14 - أ - يعطى الفقير المحترف الّذي لا يملك آلات حرفته من الزّكاة ما يشتري به آلة حرفته . وتفصيل ذلك في ( زكاة ) .</p><p>ب - إذا فعل المحترف فعلاً في حدود حرفته ، فأخطأ فيه خطأً يحتمل أن يخطئ فيه المحترفون ، فلا ضمان عليه ، كالطّبيب . أمّا من عداه فيضمن . وتفصيل ذلك في باب الضّمان .</p><p>ج - يرى بعض الفقهاء جواز إفطار رمضان لمن يحترف حرفةً شاقّةً يتعذّر عليه الصّيام معها ، وليس بإمكانه تركها في رمضان .</p><p>د - للمعتدّة - ولا سيّما المحترفة - الخروج في حوائجها نهاراً سواء أكانت مطلّقةً أو متوفًّى عنها وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلاّ لضرورة . وتفصيله في ( عدّة ) ( وإحداد ) .</p><p>هـ - للاحتراف أثر في الكفاءة بين الزّوجين وتفصيله في ( نكاح ) ، وللاحتراف أثر في تخفيف بعض الأحكام الشّرعيّة ، كالتّرخيص للقصّاب بالصّلاة في ثياب مهنته مع ما عليها من الدّم ، ما لم يفحش . وتفصيله في ( نجاسة - ما يعفى عنه من النّجاسات ) .</p><p>احتساب</p><p>التّعريف</p><p>1 - تأتي كلمة " احتساب " في اللّغة بمعان عديدة منها : أ - الاعتداد بالشّيء ، من الحسب ، وهو العدّ .</p><p>ب - طلب الثّواب ، وقد استعمل الفقهاء هذا اللّفظ بهذين المعنيين كليهما ، على أنّه عند الإطلاق ينصرف إلى معنى طلب الثّواب . الاحتساب بمعنى الاعتداد أو الاعتبار :</p><p>2 - يطلق الفقهاء كلمة " احتساب " عندما يأتي المكلّف بالفعل على غير وجه الكمال ، ومع ذلك فإنّ الشّارع يعتبره صحيحاً مقبولاً . فالمسبوق في الصّلاة إذا أدرك الرّكوع مع الإمام احتسبت له ركعة ، وإن لم يأت بالفرائض الّتي قبله ، ومن دخل المسجد ، فرأى الجماعة قائمةً لصلاة الظّهر فنوى تحيّة المسجد وصلاة الظّهر ودخل معهم في صلاتهم ، احتسبت له تلك الصّلاة تحيّة مسجد وصلاة ظهر . وتفصيل ذلك في " الصّلاة » . الاحتساب بمعنى طلب الثّواب من اللّه تعالى :</p><p>3 - طلب الثّواب من اللّه تعالى بالاحتساب يتحقّق في أمور كثيرة منها : أ - تنازل المسلم عن حقّه المترتّب على الغير طلباً لثواب اللّه تعالى ، لا عجزاً ، كعتق الرّقيق ، احتساباً ، ووضع السّيّد بعض مال الكتابة احتساباً والعفو عن القصاص دون مقابل احتساباً ، وإرضاع الصّغير دون مقابل احتساباً .</p><p>ب - أداء حقّ من حقوق اللّه تعالى المحضة كالصّلاة ، والصّوم ، وأداء الشّهادة دون طلب في حقّ من حقوق اللّه المحضة ، وفيما للّه تعالى فيه حقّ غالب مؤكّد ، وهو ما لا يتأثّر برضا الآدميّ - كطلاق ، وعتق ، وعفو عن قصاص ، وبقاء عدّة ، وانقضائها ، وحدّ ، ونسب . وقد فصّل الفقهاء القول في ذلك في كتاب الشّهادات عند كلامهم على ما يؤدّى حسبةً من الشّهادات ، وما يتّصل بأحكام المحتسب ينظر في مصطلح « حسبة » .</p><p>احتشاش</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاحتشاش معناه في اللّغة طلب الحشيش وجمعه ، والحشيش يابس الكلأ . قال الأزهريّ : لا يقال للرّطب حشيش . واصطلاحاً : قطع الحشيش ، سواء أكان يابساً أم رطباً . وإطلاقه في الرّطب من قبيل المجاز ، باعتبار ما يؤول إليه .</p><p>( الحكم الإجماليّ )</p><p>2 - اتّفقت المذاهب في الجملة على إباحة الاحتشاش ، رطباً كان الكلأ أو جافّاً ، في غير الحرم ، ما دام غير مملوك لأحد . أمّا إذا كان مملوكاً فلا يجوز احتشاشه إلاّ بإذن مالكه . أمّا في الحرم فقد اتّفقت المذاهب على أنّه لا يحلّ قطع حشيش الحرم غير المملوك لأحد ، إلاّ أنّهم أباحوا الإذخر وملحقاته والسّواك والعوسج ، وقد أباح الشّافعيّة والحنابلة في رأي وأبو يوسف في رأي أيضاً الاحتشاش في الحرم لعلف الدّوابّ . ولتفصيل ذلك ينظر الجنايات في الإحرام .</p><p>السّرقة في الاحتشاش :</p><p>3 - قال المالكيّة والشّافعيّة ، وهو رأي للحنابلة : تقطع اليد في العشب المحتشّ إذا أخذ من حرز وبلغت قيمته نصاباً ، وقال الحنفيّة وهو رأي للحنابلة : لا قطع فيه .</p><p>حماية الكلأ من الاحتشاش :</p><p>4 - قال الحنفيّة والحنابلة وهو رأي للشّافعيّة أنّه يجوز للإمام أن يمنع الاحتشاش في مكان معيّن يجعله حمًى لرعي خيل المجاهدين ، ولما يشبه ذلك من المصالح العامّة . أمّا المالكيّة والشّافعيّة فهم لا يجيزون المنع من الاحتشاش .</p><p>الشّركة في الاحتشاش :</p><p>5 - الحنفيّة والشّافعيّة لا يجيزون عقد الشّركة في تحصيل المباحات العامّة ولا التّوكيل فيها . والاحتشاش والاحتطاب من هذا القبيل . أمّا المالكيّة والحنابلة فقد أجازوا ذلك . ولتفصيل ذلك يرجع إلى أبواب الشّركة والوكالة .</p><p>احتضار</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاحتضار لغةً : الإشراف على الموت بظهور علاماته . وقد يطلق على الإصابة باللّمم أو الجنون ، ولا يخرج معناه في الاصطلاح عن المعنى اللّغويّ الأوّل .</p><p>علامات الاحتضار :</p><p>2 - للاحتضار علامات كثيرة يعرفها المختصّون ، ذكر منها الفقهاء : استرخاء القدمين ، واعوجاج الأنف ، وانخساف الصّدغين ، وامتداد جلدة الوجه .</p><p>ملازمة أهل المحتضر له :</p><p>3 - يجب على أقارب المحتضر أن يلازموه ، فإن لم يكن فعلى أصحابه ، فإن لم يكن فعلى جيرانه ، فإن لم يكن فعلى عموم المسلمين على وجه الكفاية ، ويستحبّ أن يليه من أقاربه أحسنهم خلقاً وخلقاً وديناً ، وأرفقهم به ، وأعلمهم بسياسته ، وأتقاهم للّه . وندب أن يحضروا عنده طيباً ، وأن يبعدوا النّساء لقلّة صبرهنّ ، وندب إظهار التّجلّد لمن حضر من الرّجال . ولا بأس بحضور الحائض والنّفساء والجنب عند المحتضر وقت الموت ، إذ إنّه قد لا يمكن منعهنّ ، للشّفقة ، أو للاحتياج إليهنّ . وعن الحسن أنّه كان لا يرى بأساً أن تحضر الحائض الميّت والكراهة قول الحنابلة . وقالت المالكيّة : يندب تجنّب حائض وجنب وتمثال وآلة لهو .</p><p>من يجري عليهم حكم الاحتضار :</p><p>4 - يجري حكم الاحتضار على من قدّم للقتل حدّاً ، أو قصاصاً ، أو ظلماً ، أو من أصيب إصابةً قاتلةً ، كما يجري على من كان عند التحام صفوف المعركة .</p><p>ما يفعله المحتضر :</p><p>5 - أ - ينبغي للمحتضر تحسين الظّنّ باللّه تعالى ، فيندب لمن حضرته الوفاة أن يرجو رحمة ربّه ومغفرته وسعة عفوه ، زيادةً على حالة الصّحّة ، ترجيحاً للرّجاء على الخوف ، لما روي عن جابر رضي الله عنه قال " سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث : « لا يموتنّ أحدكم إلاّ وهو يحسن الظّنّ باللّه تعالى » ولخبر الشّيخين في الحديث القدسيّ قال اللّه تعالى : « أنا عند حسن ظنّ عبدي بي ، فلا يظنّ بي إلاّ خيراً » . ولحديث أنس رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على شابّ وهو بالموت ، فقال : كيف تجدك ؟ قال : واللّه يا رسول اللّه إنّي أرجو اللّه ، وإنّي أخاف ذنوبي ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلاّ أعطاه اللّه ما يرجو وأمّنه ممّا يخاف » .</p><p>ب - وجوب الإيصاء بأداء الحقوق لأصحابها .</p><p>ج - توصية أهله باتّباع ما جرت به السّنّة في التّجهيز والدّفن واجتناب البدع في ذلك اتّباعاً لأصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقد وردت الآثار الكثيرة عنهم في هذا المجال ، منها ما ورد عن أبي بردة قال : أوصى أبو موسى رضي الله عنه حين حضره الموت ، قال : إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا بي المشي ، ولا تتبعوني بمجمّر ، ولا تجعلوا على لحدي شيئاً يحول بيني وبين التّراب ، ولا تجعلوا على قبري بناءً . وأشهدكم أنّي بريء من كلّ حالقة أو سالقة أو خارقة . قالوا : سمعت فيه شيئاً ؟ قال : نعم من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .</p><p>د - التّوصية لأقربائه الّذين لا يرثون منه ، إن لم يكن وصّى لهم في حال صحّته ، لقوله تعالى : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصيّة للوالدين والأقربين بالمعروف حقّاً على المتّقين } . ولحديث « سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال : كنت مع رسول اللّه في حجّة الوداع ، فمرضت مرضاً أشفيت منه على الموت ، فعادني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول اللّه إنّ لي مالاً كثيراً ، وليس يرثني إلاّ ابنة لي ، أفأوصي بثلثي مالي ؟ قال : لا . قلت : بشطر مالي ؟ قال : لا . قلت : فثلث مالي ؟ قال : الثّلث ، والثّلث كثير ، إنّك يا سعد إن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالةً يتكفّفون النّاس » .</p><p>( التّوبة إلى اللّه )</p><p>6 - يجب على المحتضر ومن في حكمه أن يتوب إلى اللّه من ذنوبه قبل وصول الرّوح إلى الحلقوم ؛ لأنّ قرب الموت لا يمنع من قبول التّوبة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « إنّ اللّه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر » . وتفصيل ما يتّصل بالتّوبة من أحكام في مصطلح « توبة » .</p><p>تصرّفات المحتضر ومن في حكمه</p><p>7 - يجري على تصرّفات المحتضر ومن في حكمه ما يجري على تصرّفات المريض مرض الموت من أحكام ، إذا كان في وعيه ، وتفصيله في مصطلح « مرض الموت » .</p><p>ما يسنّ للحاضرين أن يفعلوه عند الاحتضار : أوّلاً : التّلقين :</p><p>8 - ينبغي تلقين المحتضر : « لا إله إلاّ اللّه » لقول الرّسول صلى الله عليه وسلم : « لقّنوا موتاكم لا إله إلاّ اللّه » . قال النّوويّ : المراد بالموتى في الحديث المحتضرون الّذين هم في سياق الموت ، سمّوا موتى لقربهم من الموت ، تسميةً للشّيء باسم ما يصير إليه مجازاً . وظاهر الحديث يقتضي وجوب التّلقين ، وإليه مال القرطبيّ ، والّذي عليه الجمهور أنّه مندوب ، وأنّه لا يسنّ زيادة " محمّد رسول اللّه " وهو ما صحّحه في الرّوضة ، والمجموع . ويكون التّلقين قبل الغرغرة ، جهراً وهو يسمع ؛ لأنّ الغرغرة تكون قرب كون الرّوح في الحلقوم ، وحينئذ لا يمكن النّطق بها . والتّلقين إنّما يكون لمن حضر عقله وقدر على الكلام ، فإنّ شارد اللّبّ لا يمكن تلقينه ، والعاجز عن الكلام يردّد الشّهادة في نفسه . والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام : « لقّنوا موتاكم لا إله إلاّ اللّه » ذكّروا المحتضر « لا إله إلاّ اللّه » لكي تكون آخر كلامه ، كما في الحديث : « من كان آخر كلامه لا إله إلاّ اللّه دخل الجنّة » . ويرى جماعة أنّه يلقّن الشّهادة ، وقالوا : صورة التّلقين أن يقال عنده في حالة النّزع قبل الغرغرة ، جهراً وهو يسمع : « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه " ولا يقال له : قل ، ولا يلحّ عليه في قولها ، مخافة أن يضجر فيأتي بكلام غير لائق . فإذا قالها مرّةً لا يعيدها عليه الملقّن ، إلاّ أن يتكلّم بكلام غيرها . ويستحبّ أن يكون الملقّن غير متّهم بالمسرّة بموته ، كعدوّ أو حاسد أو وارث غير ولده ، وأن يكون ممّن يعتقد فيه الخير . وإذا ظهرت من المحتضر كلمات توجب الكفر لا يحكم بكفره ، ويعامل معاملة موتى المسلمين . ثانياً : قراءة القرآن :</p><p>9 - يندب قراءة سورة ( يس ) عند المحتضر ، لما روى أحمد في مسنده عن صفوان ، قال : « كانت المشيخة يقولون : إذا قرئت ( يس ) عند الموت خفّف عنه بها . وأسنده صاحب مسند الفردوس إلى أبي الدّرداء وأبي ذرّ ، قالا : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « ما من ميّت يموت فتقرأ عنده يس إلاّ هوّن اللّه عليه » . قال ابن حبّان : أراد به من حضرته المنيّة ، لا أنّ الميّت يقرأ عليه . وبه قال الشّافعيّة والحنابلة . وزادت الحنابلة قراءة الفاتحة . وقال الشّعبيّ : « كان الأنصار يقرءون عند الميّت بسورة البقرة » . وعن جابر بن زيد أنّه كان يقرأ عند الميّت سورة الرّعد . وقالت المالكيّة : يكره قراءة شيء من القرآن عند الموت وبعده وعلى القبور ؛ لأنّه ليس من عمل السّلف . ثالثاً : التّوجيه :</p><p>10 - يوجّه المحتضر للقبلة عند شخوص بصره إلى السّماء ، لا قبل ذلك ، لئلاّ يفزعه ، ويوجّه إليها مضطجعاً على شقّه الأيمن اعتباراً بحال الوضع في القبر ؛ لأنّه أشرف عليه . وفي توجيه المحتضر إلى القبلة ورد : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور . فقالوا : توفّي وأوصى بثلث ماله لك ، وأن يوجّه للقبلة لمّا احتضر . فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أصاب الفطرة ، وقد رددت ثلث ماله على ولده ، ثمّ ذهب فصلّى عليه ، وقال : اللّهمّ اغفر له وارحمه وأدخله جنّتك ، وقد فعلت » . قال الحاكم : ولا أعلم في توجيه المحتضر إلى القبلة غيره . وفي اضطجاعه على شقّه الأيمن قيل : يمكن الاستدلال عليه بحديث النّوم ، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا أتيت مضجعك فتوضّأ وضوءك للصّلاة ، ثمّ اضطجع على شقّك الأيمن ، وقل : اللّهمّ إنّي أسلمت نفسي إليك . . . إلى أن قال : فإن متّ متّ على الفطرة » وليس فيه ذكر القبلة . ولم يذكر ابن شاهين في باب المحتضر من كتاب الجنائز له غير أثر عن إبراهيم النّخعيّ قال : « يستقبل بالميّت القبلة " وزاد عطاء بن أبي رباح : « على شقّه الأيمن . ما علمت أحداً تركه من ميّت " ، ولأنّه قريب من الوضع في القبر ، ومن اضطجاعه في مرضه ، والسّنّة فيهما ذلك ، فكذلك فيما قرب منهما . ويستدلّ عليه أيضاً بما روى أحمد أنّ فاطمة رضي الله عنها عند موتها استقبلت القبلة ، ثمّ توسّدت يمينها . ويصحّ أن يوجّه المحتضر إلى القبلة مستلقياً على ظهره ، فذلك أسهل لخروج الرّوح ، وأيسر لتغميضه وشدّ لحييه ، وأمنع من تقوّس أعضائه ، ثمّ إذا ألقي على القفا يرفع رأسه قليلاً ليصير وجهه إلى القبلة دون السّماء . ويقول بعض الفقهاء : إنّه لم يصحّ حديث في توجيه المحتضر إلى القبلة ، بل كره سعيد بن المسيّب توجيهه إليها . فقد ورد عن زرعة بن عبد الرّحمن : « أنّه شهد سعيد بن المسيّب في مرضه ، وعنده أبو سلمة بن عبد الرّحمن ، فغشي على سعيد ، فأمر أبو سلمة أن يحوّل فراشه إلى الكعبة ، فأفاق ، فقال : حوّلتم فراشي ؟ قالوا : نعم ، فنظر إلى أبي سلمة فقال : أراه بعلمك ، فقال : أنا أمرتهم . فأمر سعيد أن يعاد فراشه » . رابعاً : بلّ حلق المحتضر بالماء :</p><p>11 - يسنّ للحاضرين أن يتعاهدوا بلّ حلق المحتضر بماء أو شراب ، وأن يتعاهدوا تندية شفتيه بقطنة لأنّه ربّما ينشف حلقه من شدّة ما نزل به فيعجز عن الكلام . وتعاهده بذلك يطفئ ما نزل به من الشّدّة ، ويسهّل عليه النّطق بالشّهادة . خامساً : ذكر اللّه تعالى :</p><p>12 - يستحبّ للصّالحين ممّن يحضرون عند المحتضر أن يذكروا اللّه تعالى ، وأن يكثروا من الدّعاء له بتسهيل الأمر الّذي هو فيه ، وأن يدعوا للحاضرين ، إذ هو من مواطن الإجابة ؛ لأنّ الملائكة يؤمّنون على قولهم قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا حضرتم المريض ، أو الميّت ، فقولوا خيراً ، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون » . سادساً : تحسين ظنّ المحتضر باللّه تعالى :</p><p>13 - إذا رأى الحاضرون من المحتضر أمارات اليأس والقنوط وجب عليهم أن يحسّنوا ظنّه بربّه ، وأن يطمّعوه في رحمته ، إذ قد يفارق على ذلك فيهلك ، فتعيّن عليهم ذلك ، أخذاً من قاعدة النّصيحة الواجبة . وهذا الحال من أهمّها .</p><p>ما يسنّ للحاضرين أن يفعلوه عند موت المحتضر :</p><p>14 - إذا تيقّن الحاضرون موت المحتضر ، وعلامة ذلك انقطاع نفسه وانفراج شفتيه تولّى أرفق أهله به إغماض عينيه ، والدّعاء له ، وشدّ لحييه بعصابة عريضة تشدّ في لحييه للأسفل وتربط فوق رأسه ، لأنّه لو ترك مفتوح العينين والفم حتّى يبرد بقي مفتوحهما فيقبح منظره ، ولا يؤمن دخول الهوامّ فيه والماء في وقت غسله ، ويليّن مفاصله ويردّ ذراعيه إلى عضديه ثمّ يمدّهما ، ويردّ أصابع يديه إلى كفّيه ثمّ يمدّها ، ويردّ فخذيه إلى بطنه ، وساقيه إلى فخذيه ثمّ يمدّهما . ويقول مغمضه : « باسم اللّه ، وعلى ملّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . اللّهمّ يسّر عليه أمره ، وسهّل عليه ما بعده ، وأسعده بلقائك ، واجعل ما خرج إليه خيراً ممّا خرج منه » . فقد روي عن أمّ سلمة أنّها قالت : « دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شقّ بصره ، فأغمضه ثمّ قال : إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر . فضجّ ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلاّ بخير ، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون . ثمّ قال : اللّهمّ اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديّين المقرّبين واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يا ربّ العالمين ، وأفسح له في قبره ، ونوّر له فيه » . وعن شدّاد بن أوس : قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر . وإنّ البصر يتبع الرّوح . وقولوا خيراً ، فإنّه يؤمّن على ما قال أهل الميّت » .</p><p>كشف وجه الميّت والبكاء عليه :</p><p>15 - يجوز للحاضرين وغيرهم كشف وجه الميّت وتقبيله ، والبكاء عليه ثلاثة أيّام بكاءً خالياً من الصّراخ والنّواح ، لما ورد عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنه قال : « لمّا قتل أبي جعلت أكشف الثّوب عن وجهه أبكي ، ونهوني ، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم لا ينهاني ، فأمر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم فرفع فجعلت عمّتي فاطمة تبكي . فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : تبكين أو لا تبكين ، ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتّى رفعتموه » . ولما ورد عن عائشة رضي الله عنها : أنّ أبا بكر كشف وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقبّله بين عينيه ، ثمّ بكى ، وقال : بأبي أنت وأمّي يا رسول اللّه ، طبت حيّاً وميّتاً ، « وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميّت ، فكشف عن وجهه ، ثمّ أكبّ عليه ، فقبّله وبكى حتّى رأيت الدّموع تسيل على وجنتيه » وعن عبد اللّه بن جعفر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم ، ثمّ أتاهم ، فقال : لا تبكوا على أخي بعد اليوم » .</p><p>احتطاب</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاحتطاب مصدر احتطب ، يقال احتطب بمعنى جمع الحطب ، والحطب : ما أعدّ من شجر وقوداً للنّار . والمعنى الاصطلاحيّ لا يخرج عن المعنى اللّغويّ . صفته ( حكمه التّكلّفيّ ) :</p><p>2 - اتّفقت المذاهب في الجملة على إباحة الاحتطاب رطباً كان الشّجر أو جافّاً في غير الحرم ما دام لا يملكه أحد . أمّا إذا كان محوزاً أو مملوكاً ، فلا يجوز أخذه أو الاحتطاب منه إلاّ بإذن صاحبه . الحكم الإجماليّ ) :</p><p>3 - يأخذ الاحتطاب حكم الاحتشاش التّكليفيّ ( ر : احتشاش ) ، غير أنّه يخالفه في أمرين : الأوّل : يباح في الاحتشاش في الحرم قطع الإذخر والعوسج وملحقاتهما ولا يباح ذلك في الاحتطاب . الثّاني : أباح بعض العلماء في الاحتشاش من الحرم علف الدّوابّ منه بخلاف الاحتطاب الّذي لم يبح فيه ذلك .</p><p>احتقان</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاحتقان لغةً : مصدر احتقن ، بمعنى احتبس . يقال : حقن الرّجل بوله : حبسه وجمعه ، فهو حاقن ومطاوعه : الاحتقان : وحقنت المريض إذا أوصلت الدّواء إلى باطنه بالمحقن . ويطلق في الشّريعة على احتباس البول ، كما يطلقونه على تعاطي الدّواء بالحقنة في الدّبر .</p><p>( الألفاظ ذات الصّلة ) :</p><p>2 - الاحتباس . مصدر احتبس . يقال : حبسته فاحتبس بمعنى منعته فامتنع . فالاحتباس أعمّ . الحصر : هو الإحاطة والمنع والحبس . يقال حصره العدوّ في منزله : حبسه ، وأحصره المرض : منعه من السّفر . ويطلق على احتباس النّجو من ضيق المخرج ، فهو كذلك أعمّ . الحقب : حقب بالكسر حقباً فهو حقيب : تعسّر عليه البول ، أو أعجله . وقيل : الحاقب الّذي احتبس غائطه . فهو على المعنى الثّاني مباين للاحتقان . صفته ( حكمه التّكليفيّ ) :</p><p>3 - يختلف حكم الاحتقان تبعاً لإطلاقاته ، فيطلق الاحتقان على امتناع خروج البول لمرض أو غيره ، وهذا هو الاحتقان الطّبيعيّ . ويعتبر أحد الأعذار الّتي يسقط معها الحكم التّكليفيّ ما دامت موجودةً . أمّا منع الإنسان نفسه من خروج البول عند الشّعور بالحاجة للتّبوّل فهو الحقن . ويسمّى الإنسان حينئذ حاقناً . وحكمه التّكليفيّ الكراهة أو الحرمة - على خلاف سيأتي ذكره - في حالتي الصّلاة ، والقضاء بين النّاس . ويطلق الاحتقان أيضاً على تعاطي الدّواء أو الماء عن طريق الشّرج ، وحكمه التّكليفيّ تارةً الإباحة ، وتارةً الحظر ، على خلاف وتفصيل سيأتي بيانه . ودليل حكم الحقن في الصّلاة أو القضاء بين النّاس هو حديث عائشة ، رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا صلاة بحضرة الطّعام ولا وهو يدافع الأخبثين » وحديث « لا يحلّ لامرئ مسلم أن ينظر في جوف امرئ حتّى يستأذن ، ولا يقوم إلى الصّلاة وهو حاقن » . وحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الّذي رواه أبو بكرة عنه قال : « لا يحكم أحدكم بين اثنين وهو غضبان » . وقاسوا عليه الحاقن . ودليل الاحتقان للتّداوي هو دليل التّداوي نفسه بشروط . ( ر : تداوي ) .</p><p>أوّلاً - احتقان البول وضوء الحاقن :</p><p>4 - في المسألة رأيان : ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا ينتقض وضوء الحاقن ؛ لأنّهم اعتبروا لانتقاض الوضوء الخروج الفعليّ من السّبيلين ، لا الخروج الحكميّ . والحاقن لم يخرج منه شيء من السّبيلين . أمّا المالكيّة فإنّهم اعتبروا الخروج الفعليّ أو الحكميّ ناقضاً للوضوء ، واعتبروا الحقن الشّديد خروجاً حكميّاً ينقض الوضوء . ولكنّهم انقسموا إلى رأيين في تحديد درجة الاحتقان الّتي تنقض الوضوء ، فقال بعضهم : إذا كان الاحتقان شديداً بحيث يمنع من الإتيان بشيء من أركان الصّلاة حقيقةً أو حكماً ، كما لو كان يقدر على الإتيان بها بعسر ، فقد أبطل الحقن الوضوء ، فليس له أن يفعل به ما يتوقّف على الطّهارة ، كمسّ المصحف . واعتبروا هذا خروجاً حكميّاً ينقض الوضوء . وقال البعض الآخر : الحقن الشّديد ينقض الوضوء ، وإن لم يمنع من الإتيان بشيء من أركان الصّلاة .</p><p>صلاة الحاقن :</p><p>5 - للفقهاء في حكم صلاة الحاقن اتّجاهان : فذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو رأي للشّافعيّة ، إلى أنّ صلاة الحاقن مكروهة ، لما ورد من الأحاديث السّابقة . وقال الخراسانيّون وأبو زيد المروزيّ من الشّافعيّة : إذا كانت مدافعة الأخبثين شديدةً لم تصحّ الصّلاة . واستدلّ الجميع بحديث عائشة رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا صلاة بحضرة الطّعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان » . وما روى ثوبان عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتّى يستأذن ، ولا يقوم إلى الصّلاة وهو حاقن » ، فالقائلون بالكراهة حملوا النّهي في الأحاديث على الكراهة . وأخذ بظاهر الحديث أصحاب الرّأي الثّاني فحملوه على الفساد . أمّا المالكيّة فقد ذهبوا إلى أنّ الحقن الشّديد ناقض للوضوء ، فتكون صلاته باطلةً .</p><p>إعادة الحاقن للصّلاة :</p><p>6 - لم يقل بإعادة صلاة الحاقن أحد ممّن قال بصحّة الصّلاة مع الكراهة ، إلاّ الحنابلة على رأي ، فقد صرّحوا بإعادة الصّلاة للحاقن لظاهر الحديثين السّابقين . وقد تقدّم أنّ المالكيّة يرون بطلان صلاة الحاقن حقناً شديداً فلا بدّ من إعادتها .</p><p>الحاقن وخوف فوت الوقت :</p><p>7 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه إذا كان في الوقت متّسع فينبغي أن يزيل العارض أوّلاً ، ثمّ يشرع في الصّلاة . فإن خاف فوت الوقت ففي المسألة رأيان : ذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو رأي للشّافعيّة ، إلى أنّه يصلّي وهو حاقن ، ولا يترك الوقت يضيع منه ، إلاّ أنّ الحنابلة قالوا بالإعادة في الظّاهر عند ابن أبي موسى للحديث . وذهب الشّافعيّة في رأي آخر حكاه المتولّي إلى أنّه يزيل العارض أوّلاً ويتوضّأ وإن خرج الوقت ، ثمّ يقضيها ، لظاهر الحديث ؛ ولأنّ المراد من الصّلاة الخشوع ، فينبغي أن يحافظ عليه وإن فات الوقت .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40737, member: 329"] حكم الحرف الدّنيئة : 12 - د - وجمهور الفقهاء على أنّ المكاسب غير المحرّمة كلّها في الإباحة سواء . ولكن هذه الإباحة تكتنفها الكراهة إذا اختار المرء لنفسه أو ولده حرفةً دنيئةً إن وسعه احتراف ما هو أصلح منها . ومع هذا فقد قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : مكسبة فيها بعض الدّناءة خير من مسألة النّاس . وقال ابن عقيل : يكره تعلّم الصّنائع الرّديئة مع إمكان ما هو أصلح منها . ونصّ الشّافعيّة على زوال هذه الكراهة إذا كانت الحرفة الدّنيئة هي حرفة أبيه . ونصّ ابن مفلح الحنبليّ على زوال هذه الكراهة إذا احترف المرء حرفةً دنيئةً للقيام بفرض الكفاية . وقال بعض المتشدّدين من الحنفيّة : ما يرجع إلى الدّناءة من المكاسب في عرف النّاس لا يسع الإقدام عليه إلاّ عند الضّرورة لقوله صلى الله عليه وسلم : « ليس لمؤمن أن يذلّ نفسه » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه يحبّ معالي الأمور ويبغض سفسافها » ، ولكنّ الصّحيح عند الحنفيّة الأوّل . الحرف المحظورة 13 - أ - الأصل أنّه لا يجوز احتراف عمل محرّم بذاته ، ومن هنا منع الاتّجار بالخمر واحتراف الكهانة . ب - كما لا يجوز احتراف ما يؤدّي إلى الحرام أو ما يكون فيه إعانة عليه ، كالوشم : لما فيه من تغيير خلق اللّه وككتابة الرّبا : لما فيه من الإعانة على أكل أموال النّاس بالباطل ونحو ذلك . وتعرّض الفقهاء إلى اتّخاذ حرف يتكسّب منها المحترف من غير أن يبذل فيها جهداً ، أو يزيد زيادةً ، كالخيّاط يتسلّم الثّوب ليخيطه بدينارين فيعطيه لمن يخيطه بدينار ويأخذ الفرق . فذهب الفقهاء إلى جواز ذلك ؛ لأنّ مثل هذه الإجارة كالبيع ، وبيع المبيع يجوز برأس المال وبأقلّ منه وبأكثر ، فكذلك الإجارة إلاّ أنّ الحنفيّة نصّوا على أنّه إذا كانت الأجرة الثّانية من جنس الأجرة الأولى فإنّ الزّيادة لا تطيب له إلاّ إذا بذل جهداً أو زاد زيادةً ، فإنّها تطيب ولو اتّحد الجنس . آثار الاحتراف : 14 - أ - يعطى الفقير المحترف الّذي لا يملك آلات حرفته من الزّكاة ما يشتري به آلة حرفته . وتفصيل ذلك في ( زكاة ) . ب - إذا فعل المحترف فعلاً في حدود حرفته ، فأخطأ فيه خطأً يحتمل أن يخطئ فيه المحترفون ، فلا ضمان عليه ، كالطّبيب . أمّا من عداه فيضمن . وتفصيل ذلك في باب الضّمان . ج - يرى بعض الفقهاء جواز إفطار رمضان لمن يحترف حرفةً شاقّةً يتعذّر عليه الصّيام معها ، وليس بإمكانه تركها في رمضان . د - للمعتدّة - ولا سيّما المحترفة - الخروج في حوائجها نهاراً سواء أكانت مطلّقةً أو متوفًّى عنها وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلاّ لضرورة . وتفصيله في ( عدّة ) ( وإحداد ) . هـ - للاحتراف أثر في الكفاءة بين الزّوجين وتفصيله في ( نكاح ) ، وللاحتراف أثر في تخفيف بعض الأحكام الشّرعيّة ، كالتّرخيص للقصّاب بالصّلاة في ثياب مهنته مع ما عليها من الدّم ، ما لم يفحش . وتفصيله في ( نجاسة - ما يعفى عنه من النّجاسات ) . احتساب التّعريف 1 - تأتي كلمة " احتساب " في اللّغة بمعان عديدة منها : أ - الاعتداد بالشّيء ، من الحسب ، وهو العدّ . ب - طلب الثّواب ، وقد استعمل الفقهاء هذا اللّفظ بهذين المعنيين كليهما ، على أنّه عند الإطلاق ينصرف إلى معنى طلب الثّواب . الاحتساب بمعنى الاعتداد أو الاعتبار : 2 - يطلق الفقهاء كلمة " احتساب " عندما يأتي المكلّف بالفعل على غير وجه الكمال ، ومع ذلك فإنّ الشّارع يعتبره صحيحاً مقبولاً . فالمسبوق في الصّلاة إذا أدرك الرّكوع مع الإمام احتسبت له ركعة ، وإن لم يأت بالفرائض الّتي قبله ، ومن دخل المسجد ، فرأى الجماعة قائمةً لصلاة الظّهر فنوى تحيّة المسجد وصلاة الظّهر ودخل معهم في صلاتهم ، احتسبت له تلك الصّلاة تحيّة مسجد وصلاة ظهر . وتفصيل ذلك في " الصّلاة » . الاحتساب بمعنى طلب الثّواب من اللّه تعالى : 3 - طلب الثّواب من اللّه تعالى بالاحتساب يتحقّق في أمور كثيرة منها : أ - تنازل المسلم عن حقّه المترتّب على الغير طلباً لثواب اللّه تعالى ، لا عجزاً ، كعتق الرّقيق ، احتساباً ، ووضع السّيّد بعض مال الكتابة احتساباً والعفو عن القصاص دون مقابل احتساباً ، وإرضاع الصّغير دون مقابل احتساباً . ب - أداء حقّ من حقوق اللّه تعالى المحضة كالصّلاة ، والصّوم ، وأداء الشّهادة دون طلب في حقّ من حقوق اللّه المحضة ، وفيما للّه تعالى فيه حقّ غالب مؤكّد ، وهو ما لا يتأثّر برضا الآدميّ - كطلاق ، وعتق ، وعفو عن قصاص ، وبقاء عدّة ، وانقضائها ، وحدّ ، ونسب . وقد فصّل الفقهاء القول في ذلك في كتاب الشّهادات عند كلامهم على ما يؤدّى حسبةً من الشّهادات ، وما يتّصل بأحكام المحتسب ينظر في مصطلح « حسبة » . احتشاش التّعريف 1 - الاحتشاش معناه في اللّغة طلب الحشيش وجمعه ، والحشيش يابس الكلأ . قال الأزهريّ : لا يقال للرّطب حشيش . واصطلاحاً : قطع الحشيش ، سواء أكان يابساً أم رطباً . وإطلاقه في الرّطب من قبيل المجاز ، باعتبار ما يؤول إليه . ( الحكم الإجماليّ ) 2 - اتّفقت المذاهب في الجملة على إباحة الاحتشاش ، رطباً كان الكلأ أو جافّاً ، في غير الحرم ، ما دام غير مملوك لأحد . أمّا إذا كان مملوكاً فلا يجوز احتشاشه إلاّ بإذن مالكه . أمّا في الحرم فقد اتّفقت المذاهب على أنّه لا يحلّ قطع حشيش الحرم غير المملوك لأحد ، إلاّ أنّهم أباحوا الإذخر وملحقاته والسّواك والعوسج ، وقد أباح الشّافعيّة والحنابلة في رأي وأبو يوسف في رأي أيضاً الاحتشاش في الحرم لعلف الدّوابّ . ولتفصيل ذلك ينظر الجنايات في الإحرام . السّرقة في الاحتشاش : 3 - قال المالكيّة والشّافعيّة ، وهو رأي للحنابلة : تقطع اليد في العشب المحتشّ إذا أخذ من حرز وبلغت قيمته نصاباً ، وقال الحنفيّة وهو رأي للحنابلة : لا قطع فيه . حماية الكلأ من الاحتشاش : 4 - قال الحنفيّة والحنابلة وهو رأي للشّافعيّة أنّه يجوز للإمام أن يمنع الاحتشاش في مكان معيّن يجعله حمًى لرعي خيل المجاهدين ، ولما يشبه ذلك من المصالح العامّة . أمّا المالكيّة والشّافعيّة فهم لا يجيزون المنع من الاحتشاش . الشّركة في الاحتشاش : 5 - الحنفيّة والشّافعيّة لا يجيزون عقد الشّركة في تحصيل المباحات العامّة ولا التّوكيل فيها . والاحتشاش والاحتطاب من هذا القبيل . أمّا المالكيّة والحنابلة فقد أجازوا ذلك . ولتفصيل ذلك يرجع إلى أبواب الشّركة والوكالة . احتضار التّعريف 1 - الاحتضار لغةً : الإشراف على الموت بظهور علاماته . وقد يطلق على الإصابة باللّمم أو الجنون ، ولا يخرج معناه في الاصطلاح عن المعنى اللّغويّ الأوّل . علامات الاحتضار : 2 - للاحتضار علامات كثيرة يعرفها المختصّون ، ذكر منها الفقهاء : استرخاء القدمين ، واعوجاج الأنف ، وانخساف الصّدغين ، وامتداد جلدة الوجه . ملازمة أهل المحتضر له : 3 - يجب على أقارب المحتضر أن يلازموه ، فإن لم يكن فعلى أصحابه ، فإن لم يكن فعلى جيرانه ، فإن لم يكن فعلى عموم المسلمين على وجه الكفاية ، ويستحبّ أن يليه من أقاربه أحسنهم خلقاً وخلقاً وديناً ، وأرفقهم به ، وأعلمهم بسياسته ، وأتقاهم للّه . وندب أن يحضروا عنده طيباً ، وأن يبعدوا النّساء لقلّة صبرهنّ ، وندب إظهار التّجلّد لمن حضر من الرّجال . ولا بأس بحضور الحائض والنّفساء والجنب عند المحتضر وقت الموت ، إذ إنّه قد لا يمكن منعهنّ ، للشّفقة ، أو للاحتياج إليهنّ . وعن الحسن أنّه كان لا يرى بأساً أن تحضر الحائض الميّت والكراهة قول الحنابلة . وقالت المالكيّة : يندب تجنّب حائض وجنب وتمثال وآلة لهو . من يجري عليهم حكم الاحتضار : 4 - يجري حكم الاحتضار على من قدّم للقتل حدّاً ، أو قصاصاً ، أو ظلماً ، أو من أصيب إصابةً قاتلةً ، كما يجري على من كان عند التحام صفوف المعركة . ما يفعله المحتضر : 5 - أ - ينبغي للمحتضر تحسين الظّنّ باللّه تعالى ، فيندب لمن حضرته الوفاة أن يرجو رحمة ربّه ومغفرته وسعة عفوه ، زيادةً على حالة الصّحّة ، ترجيحاً للرّجاء على الخوف ، لما روي عن جابر رضي الله عنه قال " سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث : « لا يموتنّ أحدكم إلاّ وهو يحسن الظّنّ باللّه تعالى » ولخبر الشّيخين في الحديث القدسيّ قال اللّه تعالى : « أنا عند حسن ظنّ عبدي بي ، فلا يظنّ بي إلاّ خيراً » . ولحديث أنس رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على شابّ وهو بالموت ، فقال : كيف تجدك ؟ قال : واللّه يا رسول اللّه إنّي أرجو اللّه ، وإنّي أخاف ذنوبي ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلاّ أعطاه اللّه ما يرجو وأمّنه ممّا يخاف » . ب - وجوب الإيصاء بأداء الحقوق لأصحابها . ج - توصية أهله باتّباع ما جرت به السّنّة في التّجهيز والدّفن واجتناب البدع في ذلك اتّباعاً لأصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقد وردت الآثار الكثيرة عنهم في هذا المجال ، منها ما ورد عن أبي بردة قال : أوصى أبو موسى رضي الله عنه حين حضره الموت ، قال : إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا بي المشي ، ولا تتبعوني بمجمّر ، ولا تجعلوا على لحدي شيئاً يحول بيني وبين التّراب ، ولا تجعلوا على قبري بناءً . وأشهدكم أنّي بريء من كلّ حالقة أو سالقة أو خارقة . قالوا : سمعت فيه شيئاً ؟ قال : نعم من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . د - التّوصية لأقربائه الّذين لا يرثون منه ، إن لم يكن وصّى لهم في حال صحّته ، لقوله تعالى : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصيّة للوالدين والأقربين بالمعروف حقّاً على المتّقين } . ولحديث « سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال : كنت مع رسول اللّه في حجّة الوداع ، فمرضت مرضاً أشفيت منه على الموت ، فعادني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول اللّه إنّ لي مالاً كثيراً ، وليس يرثني إلاّ ابنة لي ، أفأوصي بثلثي مالي ؟ قال : لا . قلت : بشطر مالي ؟ قال : لا . قلت : فثلث مالي ؟ قال : الثّلث ، والثّلث كثير ، إنّك يا سعد إن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالةً يتكفّفون النّاس » . ( التّوبة إلى اللّه ) 6 - يجب على المحتضر ومن في حكمه أن يتوب إلى اللّه من ذنوبه قبل وصول الرّوح إلى الحلقوم ؛ لأنّ قرب الموت لا يمنع من قبول التّوبة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « إنّ اللّه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر » . وتفصيل ما يتّصل بالتّوبة من أحكام في مصطلح « توبة » . تصرّفات المحتضر ومن في حكمه 7 - يجري على تصرّفات المحتضر ومن في حكمه ما يجري على تصرّفات المريض مرض الموت من أحكام ، إذا كان في وعيه ، وتفصيله في مصطلح « مرض الموت » . ما يسنّ للحاضرين أن يفعلوه عند الاحتضار : أوّلاً : التّلقين : 8 - ينبغي تلقين المحتضر : « لا إله إلاّ اللّه » لقول الرّسول صلى الله عليه وسلم : « لقّنوا موتاكم لا إله إلاّ اللّه » . قال النّوويّ : المراد بالموتى في الحديث المحتضرون الّذين هم في سياق الموت ، سمّوا موتى لقربهم من الموت ، تسميةً للشّيء باسم ما يصير إليه مجازاً . وظاهر الحديث يقتضي وجوب التّلقين ، وإليه مال القرطبيّ ، والّذي عليه الجمهور أنّه مندوب ، وأنّه لا يسنّ زيادة " محمّد رسول اللّه " وهو ما صحّحه في الرّوضة ، والمجموع . ويكون التّلقين قبل الغرغرة ، جهراً وهو يسمع ؛ لأنّ الغرغرة تكون قرب كون الرّوح في الحلقوم ، وحينئذ لا يمكن النّطق بها . والتّلقين إنّما يكون لمن حضر عقله وقدر على الكلام ، فإنّ شارد اللّبّ لا يمكن تلقينه ، والعاجز عن الكلام يردّد الشّهادة في نفسه . والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام : « لقّنوا موتاكم لا إله إلاّ اللّه » ذكّروا المحتضر « لا إله إلاّ اللّه » لكي تكون آخر كلامه ، كما في الحديث : « من كان آخر كلامه لا إله إلاّ اللّه دخل الجنّة » . ويرى جماعة أنّه يلقّن الشّهادة ، وقالوا : صورة التّلقين أن يقال عنده في حالة النّزع قبل الغرغرة ، جهراً وهو يسمع : « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه " ولا يقال له : قل ، ولا يلحّ عليه في قولها ، مخافة أن يضجر فيأتي بكلام غير لائق . فإذا قالها مرّةً لا يعيدها عليه الملقّن ، إلاّ أن يتكلّم بكلام غيرها . ويستحبّ أن يكون الملقّن غير متّهم بالمسرّة بموته ، كعدوّ أو حاسد أو وارث غير ولده ، وأن يكون ممّن يعتقد فيه الخير . وإذا ظهرت من المحتضر كلمات توجب الكفر لا يحكم بكفره ، ويعامل معاملة موتى المسلمين . ثانياً : قراءة القرآن : 9 - يندب قراءة سورة ( يس ) عند المحتضر ، لما روى أحمد في مسنده عن صفوان ، قال : « كانت المشيخة يقولون : إذا قرئت ( يس ) عند الموت خفّف عنه بها . وأسنده صاحب مسند الفردوس إلى أبي الدّرداء وأبي ذرّ ، قالا : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « ما من ميّت يموت فتقرأ عنده يس إلاّ هوّن اللّه عليه » . قال ابن حبّان : أراد به من حضرته المنيّة ، لا أنّ الميّت يقرأ عليه . وبه قال الشّافعيّة والحنابلة . وزادت الحنابلة قراءة الفاتحة . وقال الشّعبيّ : « كان الأنصار يقرءون عند الميّت بسورة البقرة » . وعن جابر بن زيد أنّه كان يقرأ عند الميّت سورة الرّعد . وقالت المالكيّة : يكره قراءة شيء من القرآن عند الموت وبعده وعلى القبور ؛ لأنّه ليس من عمل السّلف . ثالثاً : التّوجيه : 10 - يوجّه المحتضر للقبلة عند شخوص بصره إلى السّماء ، لا قبل ذلك ، لئلاّ يفزعه ، ويوجّه إليها مضطجعاً على شقّه الأيمن اعتباراً بحال الوضع في القبر ؛ لأنّه أشرف عليه . وفي توجيه المحتضر إلى القبلة ورد : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور . فقالوا : توفّي وأوصى بثلث ماله لك ، وأن يوجّه للقبلة لمّا احتضر . فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أصاب الفطرة ، وقد رددت ثلث ماله على ولده ، ثمّ ذهب فصلّى عليه ، وقال : اللّهمّ اغفر له وارحمه وأدخله جنّتك ، وقد فعلت » . قال الحاكم : ولا أعلم في توجيه المحتضر إلى القبلة غيره . وفي اضطجاعه على شقّه الأيمن قيل : يمكن الاستدلال عليه بحديث النّوم ، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا أتيت مضجعك فتوضّأ وضوءك للصّلاة ، ثمّ اضطجع على شقّك الأيمن ، وقل : اللّهمّ إنّي أسلمت نفسي إليك . . . إلى أن قال : فإن متّ متّ على الفطرة » وليس فيه ذكر القبلة . ولم يذكر ابن شاهين في باب المحتضر من كتاب الجنائز له غير أثر عن إبراهيم النّخعيّ قال : « يستقبل بالميّت القبلة " وزاد عطاء بن أبي رباح : « على شقّه الأيمن . ما علمت أحداً تركه من ميّت " ، ولأنّه قريب من الوضع في القبر ، ومن اضطجاعه في مرضه ، والسّنّة فيهما ذلك ، فكذلك فيما قرب منهما . ويستدلّ عليه أيضاً بما روى أحمد أنّ فاطمة رضي الله عنها عند موتها استقبلت القبلة ، ثمّ توسّدت يمينها . ويصحّ أن يوجّه المحتضر إلى القبلة مستلقياً على ظهره ، فذلك أسهل لخروج الرّوح ، وأيسر لتغميضه وشدّ لحييه ، وأمنع من تقوّس أعضائه ، ثمّ إذا ألقي على القفا يرفع رأسه قليلاً ليصير وجهه إلى القبلة دون السّماء . ويقول بعض الفقهاء : إنّه لم يصحّ حديث في توجيه المحتضر إلى القبلة ، بل كره سعيد بن المسيّب توجيهه إليها . فقد ورد عن زرعة بن عبد الرّحمن : « أنّه شهد سعيد بن المسيّب في مرضه ، وعنده أبو سلمة بن عبد الرّحمن ، فغشي على سعيد ، فأمر أبو سلمة أن يحوّل فراشه إلى الكعبة ، فأفاق ، فقال : حوّلتم فراشي ؟ قالوا : نعم ، فنظر إلى أبي سلمة فقال : أراه بعلمك ، فقال : أنا أمرتهم . فأمر سعيد أن يعاد فراشه » . رابعاً : بلّ حلق المحتضر بالماء : 11 - يسنّ للحاضرين أن يتعاهدوا بلّ حلق المحتضر بماء أو شراب ، وأن يتعاهدوا تندية شفتيه بقطنة لأنّه ربّما ينشف حلقه من شدّة ما نزل به فيعجز عن الكلام . وتعاهده بذلك يطفئ ما نزل به من الشّدّة ، ويسهّل عليه النّطق بالشّهادة . خامساً : ذكر اللّه تعالى : 12 - يستحبّ للصّالحين ممّن يحضرون عند المحتضر أن يذكروا اللّه تعالى ، وأن يكثروا من الدّعاء له بتسهيل الأمر الّذي هو فيه ، وأن يدعوا للحاضرين ، إذ هو من مواطن الإجابة ؛ لأنّ الملائكة يؤمّنون على قولهم قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا حضرتم المريض ، أو الميّت ، فقولوا خيراً ، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون » . سادساً : تحسين ظنّ المحتضر باللّه تعالى : 13 - إذا رأى الحاضرون من المحتضر أمارات اليأس والقنوط وجب عليهم أن يحسّنوا ظنّه بربّه ، وأن يطمّعوه في رحمته ، إذ قد يفارق على ذلك فيهلك ، فتعيّن عليهم ذلك ، أخذاً من قاعدة النّصيحة الواجبة . وهذا الحال من أهمّها . ما يسنّ للحاضرين أن يفعلوه عند موت المحتضر : 14 - إذا تيقّن الحاضرون موت المحتضر ، وعلامة ذلك انقطاع نفسه وانفراج شفتيه تولّى أرفق أهله به إغماض عينيه ، والدّعاء له ، وشدّ لحييه بعصابة عريضة تشدّ في لحييه للأسفل وتربط فوق رأسه ، لأنّه لو ترك مفتوح العينين والفم حتّى يبرد بقي مفتوحهما فيقبح منظره ، ولا يؤمن دخول الهوامّ فيه والماء في وقت غسله ، ويليّن مفاصله ويردّ ذراعيه إلى عضديه ثمّ يمدّهما ، ويردّ أصابع يديه إلى كفّيه ثمّ يمدّها ، ويردّ فخذيه إلى بطنه ، وساقيه إلى فخذيه ثمّ يمدّهما . ويقول مغمضه : « باسم اللّه ، وعلى ملّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . اللّهمّ يسّر عليه أمره ، وسهّل عليه ما بعده ، وأسعده بلقائك ، واجعل ما خرج إليه خيراً ممّا خرج منه » . فقد روي عن أمّ سلمة أنّها قالت : « دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شقّ بصره ، فأغمضه ثمّ قال : إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر . فضجّ ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلاّ بخير ، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون . ثمّ قال : اللّهمّ اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديّين المقرّبين واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يا ربّ العالمين ، وأفسح له في قبره ، ونوّر له فيه » . وعن شدّاد بن أوس : قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر . وإنّ البصر يتبع الرّوح . وقولوا خيراً ، فإنّه يؤمّن على ما قال أهل الميّت » . كشف وجه الميّت والبكاء عليه : 15 - يجوز للحاضرين وغيرهم كشف وجه الميّت وتقبيله ، والبكاء عليه ثلاثة أيّام بكاءً خالياً من الصّراخ والنّواح ، لما ورد عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنه قال : « لمّا قتل أبي جعلت أكشف الثّوب عن وجهه أبكي ، ونهوني ، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم لا ينهاني ، فأمر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم فرفع فجعلت عمّتي فاطمة تبكي . فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : تبكين أو لا تبكين ، ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتّى رفعتموه » . ولما ورد عن عائشة رضي الله عنها : أنّ أبا بكر كشف وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقبّله بين عينيه ، ثمّ بكى ، وقال : بأبي أنت وأمّي يا رسول اللّه ، طبت حيّاً وميّتاً ، « وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميّت ، فكشف عن وجهه ، ثمّ أكبّ عليه ، فقبّله وبكى حتّى رأيت الدّموع تسيل على وجنتيه » وعن عبد اللّه بن جعفر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم ، ثمّ أتاهم ، فقال : لا تبكوا على أخي بعد اليوم » . احتطاب التّعريف 1 - الاحتطاب مصدر احتطب ، يقال احتطب بمعنى جمع الحطب ، والحطب : ما أعدّ من شجر وقوداً للنّار . والمعنى الاصطلاحيّ لا يخرج عن المعنى اللّغويّ . صفته ( حكمه التّكلّفيّ ) : 2 - اتّفقت المذاهب في الجملة على إباحة الاحتطاب رطباً كان الشّجر أو جافّاً في غير الحرم ما دام لا يملكه أحد . أمّا إذا كان محوزاً أو مملوكاً ، فلا يجوز أخذه أو الاحتطاب منه إلاّ بإذن صاحبه . الحكم الإجماليّ ) : 3 - يأخذ الاحتطاب حكم الاحتشاش التّكليفيّ ( ر : احتشاش ) ، غير أنّه يخالفه في أمرين : الأوّل : يباح في الاحتشاش في الحرم قطع الإذخر والعوسج وملحقاتهما ولا يباح ذلك في الاحتطاب . الثّاني : أباح بعض العلماء في الاحتشاش من الحرم علف الدّوابّ منه بخلاف الاحتطاب الّذي لم يبح فيه ذلك . احتقان التّعريف 1 - الاحتقان لغةً : مصدر احتقن ، بمعنى احتبس . يقال : حقن الرّجل بوله : حبسه وجمعه ، فهو حاقن ومطاوعه : الاحتقان : وحقنت المريض إذا أوصلت الدّواء إلى باطنه بالمحقن . ويطلق في الشّريعة على احتباس البول ، كما يطلقونه على تعاطي الدّواء بالحقنة في الدّبر . ( الألفاظ ذات الصّلة ) : 2 - الاحتباس . مصدر احتبس . يقال : حبسته فاحتبس بمعنى منعته فامتنع . فالاحتباس أعمّ . الحصر : هو الإحاطة والمنع والحبس . يقال حصره العدوّ في منزله : حبسه ، وأحصره المرض : منعه من السّفر . ويطلق على احتباس النّجو من ضيق المخرج ، فهو كذلك أعمّ . الحقب : حقب بالكسر حقباً فهو حقيب : تعسّر عليه البول ، أو أعجله . وقيل : الحاقب الّذي احتبس غائطه . فهو على المعنى الثّاني مباين للاحتقان . صفته ( حكمه التّكليفيّ ) : 3 - يختلف حكم الاحتقان تبعاً لإطلاقاته ، فيطلق الاحتقان على امتناع خروج البول لمرض أو غيره ، وهذا هو الاحتقان الطّبيعيّ . ويعتبر أحد الأعذار الّتي يسقط معها الحكم التّكليفيّ ما دامت موجودةً . أمّا منع الإنسان نفسه من خروج البول عند الشّعور بالحاجة للتّبوّل فهو الحقن . ويسمّى الإنسان حينئذ حاقناً . وحكمه التّكليفيّ الكراهة أو الحرمة - على خلاف سيأتي ذكره - في حالتي الصّلاة ، والقضاء بين النّاس . ويطلق الاحتقان أيضاً على تعاطي الدّواء أو الماء عن طريق الشّرج ، وحكمه التّكليفيّ تارةً الإباحة ، وتارةً الحظر ، على خلاف وتفصيل سيأتي بيانه . ودليل حكم الحقن في الصّلاة أو القضاء بين النّاس هو حديث عائشة ، رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا صلاة بحضرة الطّعام ولا وهو يدافع الأخبثين » وحديث « لا يحلّ لامرئ مسلم أن ينظر في جوف امرئ حتّى يستأذن ، ولا يقوم إلى الصّلاة وهو حاقن » . وحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الّذي رواه أبو بكرة عنه قال : « لا يحكم أحدكم بين اثنين وهو غضبان » . وقاسوا عليه الحاقن . ودليل الاحتقان للتّداوي هو دليل التّداوي نفسه بشروط . ( ر : تداوي ) . أوّلاً - احتقان البول وضوء الحاقن : 4 - في المسألة رأيان : ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا ينتقض وضوء الحاقن ؛ لأنّهم اعتبروا لانتقاض الوضوء الخروج الفعليّ من السّبيلين ، لا الخروج الحكميّ . والحاقن لم يخرج منه شيء من السّبيلين . أمّا المالكيّة فإنّهم اعتبروا الخروج الفعليّ أو الحكميّ ناقضاً للوضوء ، واعتبروا الحقن الشّديد خروجاً حكميّاً ينقض الوضوء . ولكنّهم انقسموا إلى رأيين في تحديد درجة الاحتقان الّتي تنقض الوضوء ، فقال بعضهم : إذا كان الاحتقان شديداً بحيث يمنع من الإتيان بشيء من أركان الصّلاة حقيقةً أو حكماً ، كما لو كان يقدر على الإتيان بها بعسر ، فقد أبطل الحقن الوضوء ، فليس له أن يفعل به ما يتوقّف على الطّهارة ، كمسّ المصحف . واعتبروا هذا خروجاً حكميّاً ينقض الوضوء . وقال البعض الآخر : الحقن الشّديد ينقض الوضوء ، وإن لم يمنع من الإتيان بشيء من أركان الصّلاة . صلاة الحاقن : 5 - للفقهاء في حكم صلاة الحاقن اتّجاهان : فذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو رأي للشّافعيّة ، إلى أنّ صلاة الحاقن مكروهة ، لما ورد من الأحاديث السّابقة . وقال الخراسانيّون وأبو زيد المروزيّ من الشّافعيّة : إذا كانت مدافعة الأخبثين شديدةً لم تصحّ الصّلاة . واستدلّ الجميع بحديث عائشة رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا صلاة بحضرة الطّعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان » . وما روى ثوبان عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لا يحلّ لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتّى يستأذن ، ولا يقوم إلى الصّلاة وهو حاقن » ، فالقائلون بالكراهة حملوا النّهي في الأحاديث على الكراهة . وأخذ بظاهر الحديث أصحاب الرّأي الثّاني فحملوه على الفساد . أمّا المالكيّة فقد ذهبوا إلى أنّ الحقن الشّديد ناقض للوضوء ، فتكون صلاته باطلةً . إعادة الحاقن للصّلاة : 6 - لم يقل بإعادة صلاة الحاقن أحد ممّن قال بصحّة الصّلاة مع الكراهة ، إلاّ الحنابلة على رأي ، فقد صرّحوا بإعادة الصّلاة للحاقن لظاهر الحديثين السّابقين . وقد تقدّم أنّ المالكيّة يرون بطلان صلاة الحاقن حقناً شديداً فلا بدّ من إعادتها . الحاقن وخوف فوت الوقت : 7 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه إذا كان في الوقت متّسع فينبغي أن يزيل العارض أوّلاً ، ثمّ يشرع في الصّلاة . فإن خاف فوت الوقت ففي المسألة رأيان : ذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو رأي للشّافعيّة ، إلى أنّه يصلّي وهو حاقن ، ولا يترك الوقت يضيع منه ، إلاّ أنّ الحنابلة قالوا بالإعادة في الظّاهر عند ابن أبي موسى للحديث . وذهب الشّافعيّة في رأي آخر حكاه المتولّي إلى أنّه يزيل العارض أوّلاً ويتوضّأ وإن خرج الوقت ، ثمّ يقضيها ، لظاهر الحديث ؛ ولأنّ المراد من الصّلاة الخشوع ، فينبغي أن يحافظ عليه وإن فات الوقت . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية