الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40745" data-attributes="member: 329"><p>تفصيل كفّارة محظورات التّرفّه</p><p>151 - الأصل في هذا التّفصيل هو القياس على الأصل السّابق المنصوص عليه في الكتاب والسّنّة بخصوص الحلق ، فقاس الفقهاء عليه سائر مسائل الفصل بجامع اشتراك الجميع في العلّة وهي التّرفّه ، أو الارتفاق . وقد اختلفوا في بعض التّفاصيل ، في القدر الّذي يوجب الفدية من المحظور ، وفي تفاوت الجزاء بتفاوت الجناية ، وذلك بسبب اختلاف أنظارهم في المقدار الّذي يحصل به التّرفّه والارتفاق الّذي هو علّة وجوب الفدية ، فالحنفيّة اشترطوا كمال الجناية ، فلم يوجبوا الدّم أو الفداء إلاّ لمقادير تحقّق ذلك في نظرهم ، وغيرهم مال إلى اعتبار الفعل نفسه جنايةً . وتفصيل المذاهب في كلّ محظور من محظورات التّرفّه فيما يلي :</p><p>أوّلاً : اللّباس :</p><p>152 - من لبس شيئاً من محظور اللّبس ، أو ارتكب تغطية الرّأس ، أو غير ذلك ، فقال فقهاء الحنفيّة : إن استدام ذلك نهاراً كاملاً أو ليلةً وجب عليه الدّم . وكذا إذا غطّت المرأة وجهها بساتر يلامس بشرتها على ما سبق من التّفصيل فيه ( ف 67 ) وإن كان أقلّ من يوم أو أقلّ من ليلة فعليه صدقة عند الحنفيّة . وفي أقلّ من ساعة عرفيّة قبضة من برّ ، وهي مقدار ما يحمل الكفّ . ومذهب الشّافعيّ وأحمد أنّه يجب الفداء بمجرّد اللّبس ، ولو لم يستمرّ زمناً ؛ لأنّ الارتفاق يحصل بالاشتمال على الثّوب ، ويحصل محظور الإحرام ، فلا يتقيّد وجوب الفدية بالزّمن . وعند المالكيّة يشترط لوجوب الفدية من لبس الثّوب أو الخفّ أو غيرهما من محظورات اللّبس أن ينتفع به من حرّ أو برد ، فإن لم ينتفع به من حرّ أو برد بأن لبس قميصاً رقيقاً لا يقي حرّاً ولا برداً يجب الفداء إن امتدّ لبسه مدّةً كاليوم .</p><p>ثانياً : التّطيّب :</p><p>153 - يجب الفداء عند الثّلاثة المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لأيّ تطيّب ممّا سبق بيان حظره ، دون تقييد بأن يطيّب عضواً كاملاً ، أو مقداراً من الثّوب معيّناً . وفرّق الحنفيّة بين تطيّب وتطيّب ، وفصّلوا : أمّا في البدن فقالوا : تجب شاة إن طيّب المحرم عضواً كاملاً مثل الرّأس واليد والسّاق ، أو ما يبلغ عضواً كاملاً . والبدن كلّه كعضو واحد إن اتّحد مجلس التّطيّب ، وإن تفرّق المجلس فلكلّ طيب كفّارة ، وتجب إزالة الطّيب ، فلو ذبح ولم يزله لزمه دم آخر . ووجه وجوب الشّاة : أنّ الجناية تتكامل بتكامل الارتفاق ، وذلك في العضو الكامل ، فيترتّب كمال الموجب . وإن طيّب أقلّ من عضو فعليه الصّدقة لقصور الجناية ، إلاّ أن يكون الطّيب كثيراً فعليه دم . ولم يشرط الحنفيّة استمرار الطّيب لوجوب الجزاء ، بل يجب بمجرّد التّطيّب . وأمّا تطييب الثّوب : فيجب فيه الدّم عند الحنفيّة بشرطين : أوّلهما : أن يكون كثيراً ، وهو ما يصلح أن يغطّي مساحةً تزيد على شبر في شبر . والثّاني : أن يستمرّ نهاراً ، أو ليلةً . فإن اختلّ أحد الشّرطين وجبت الصّدقة ، وإن اختلّ الشّرطان معاً وجب التّصدّق بقبضة من قمح .</p><p>154 - لو طيّب محرم محرماً أو حلالاً فلا شيء على الفاعل ما لم يمسّ الطّيب ، عند الحنفيّة . وعلى الطّرف الآخر الدّم إن كان محرماً وإن كان مكرهاً . وعند الثّلاثة التّفصيل الآتي في مسألة الحلق ( ف 157 ) لكن عليه في حال لا تلزمه فيه الفدية ألاّ يستديمه ، بل يبادر بإزالته . فإن تراخى لزمه الفداء .</p><p>ثالثاً : الحلق أو التّقصير :</p><p>155 - مذهب الحنفيّة أنّ من حلق ربع رأسه أو ربع لحيته يجب عليه دم ؛ لأنّ الرّبع يقوم مقام الكلّ ، فيجب فيه الفداء الّذي دلّت عليه الآية الكريمة . ولو حلق رأسه ولحيته وإبطيه وكلّ بدنه في مجلس واحد فعليه دم واحد ، وإن اختلفت المجالس فلكلّ مجلس موجبه . وإن حلق خصلةً من شعره أقلّ من الرّبع يجب عليه الصّدقة ، أمّا إن سقط من رأسه أو لحيته عند الوضوء أو الحكّ ثلاث شعرات فعليه بكلّ شعرة صدقة ( كفّ من طعام ) . وإن حلق رقبته كلّها ، أو إبطيه ، أو أحدهما ، يجب الدّم . أمّا إن حلق بعض واحد منهما ، وإن كثر . فتجب الصّدقة ؛ لأنّ حلق جزء عضو من هذه الأشياء ليس ارتفاقاً كاملاً ، لعدم جريان العادة بحلق البعض فيها ، فلا يجب إلاّ الصّدقة . وقرّر الحنفيّة أنّ في حلق الشّارب حكومة عدل ، بأن ينظر إلى هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللّحية ، فيجب عليه بحسابه من الطّعام . وذهب المالكيّة إلى أنّه إن أخذ عشر شعرات فأقلّ ، ولم يقصد إزالة الأذى ، يجب عليه أن يتصدّق بحفنة قمح ، وإن أزالها بقصد إماطة الأذى تجب الفدية ، ولو كانت شعرةً واحدةً . وتجب الفدية أيضاً إذا أزال أكثر من عشر شعرات لأيّ سبب كان . وشعر البدن كلّه سواء . وذهب الشّافعيّ وأحمد إلى أنّه تجب الفدية لو حلق ثلاث شعرات فأكثر ، كما تجب لو حلق جميع الرّأس ، بل جميع البدن ، بشرط اتّحاد المجلس ، أي الزّمان والمكان . ولو حلق شعرةً أو شعرتين ففي شعرة مدّ ، وفي شعرتين مدّان من القمح ، وسواء في ذلك كلّه شعر الرّأس وشعر البدن .</p><p>156 - أمّا إذا سقط شعر المحرم بنفسه من غير صنع آدميّ فلا فدية باتّفاق المذاهب . </p><p>157 - إذا حلق محرم رأس غيره ، أو حلق غيره رأسه - ومحلّ المسألة إذا كان الحلق لغير التّحلّل - فعلى المحرم المحلوق الدّم عند الحنفيّة ، ولو كان كارهاً . وأمّا غيرهم فعندهم تفصيل في حقّ الحالق والمحلوق . ولهذه المسألة ثلاث صور تقتضيها القسمة العقليّة نبيّن حكمها فيما يلي : الصّورة الأولى : أن يكونا محرمين ، فعلى المحرم الحالق صدقة عند الحنفيّة ، سواء حلق بأمر المحلوق أو بغير أمره طائعاً أو مكرهاً ، ما لم يكن حلقه في أوان الحلق . فإن كان فيه ، فلا شيء عليه . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إن حلق له بغير رضاه فالفدية على الحالق ، وإن كان برضاه فعلى المحلوق فدية ، وعلى الحالق فدية ، وقيل حفنة . الصّورة الثّانية : أن يكون الحالق محرماً والمحلوق حلالاً ، فكذلك على الحالق المحرم صدقة عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : يفتدي الحالق . وعندهم في تفسيره قولان : قول أنّه يطعم قدر حفنة ، أي ملء يد واحدة من طعام ، وقول أنّ عليه الفدية . وقال الشّافعيّة والحنابلة : لا فدية على الحالق ، ولو حلق له المحرم بغير إذنه ، إذ لا حرمة لشعره في حقّ الإحرام . الصّورة الثّالثة : أن يكون الحالق حلالاً والمحلوق محرماً ، فعلى الحالق صدقة عند الحنفيّة . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إن كان بإذن المحرم أو عدم ممانعته فعلى المحرم الفدية . وإن كان الحلق بغير إذن المحرم فعلى الحلال الفدية .</p><p>رابعاً : تقليم الأظفار :</p><p>158 - قال الحنفيّة : إذا قصّ أظفار يديه ورجليه جميعها في مجلس واحد تجب عليه شاة . وكذا إذا قصّ أظفار يد واحدة ، أو رجل واحدة ، تجب شاة . وإن قصّ أقلّ من خمسة أظفار من يد واحدة ، أو خمسةً متفرّقةً من أظفاره ، تجب عليه صدقة لكلّ ظفر . ومذهب المالكيّة أنّه إن قلم ظفراً واحداً عبثاً أو ترفّهاً ، لا لإماطة أذًى ، ولا لكسره ، يجب عليه صدقة : حفنة من طعام . فإن فعل ذلك لإماطة الأذى أو الوسخ ففيه فدية . وإن قلّمه لكسره فلا شيء عليه إذا تأذّى منه . ويقتصر على ما كسر منه . وإن قلّم ظفرين في مجلس واحد ففدية ، ولو لم يقصد إماطة الأذى ، وإن قطع واحداً بعد آخر فإن كانا في فور ففدية ، وإلاّ ففي كلّ ظفر حفنة . وعند الشّافعيّة والحنابلة : يجب الفداء في تقليم ثلاثة أظفار فصاعداً في مجلس واحد ، ويجب في الظّفر والظّفرين ما يجب في الشّعرتين .</p><p>خامساً : قتل القمل :</p><p>159 - وهو ملحق بهذا المبحث ؛ لأنّ فيه إزالة الأذى ، لذا يختصّ البحث بما على بدن المحرم أو ثيابه . فقد ذهب الشّافعيّة إلى ندب قتل المحرم لقمل بدنه وثيابه لأنّه من الحيوانات المؤذية ، وقد صحّ أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتل الفواسق الخمس في الحلّ والحرم ، وألحقوا بها كلّ حيوان مؤذ . أمّا قمل شعر الرّأس واللّحية خاصّةً فيكره تنزيهاً تعرّضه له لئلاّ ينتتف الشّعر . ومقتضى تعليلهم الكراهة بالخوف من انتتاف الشّعر زوال هذه الكراهة فيما لو قتله بوسيلة لا يخشى معها الانتتاف كما إذا رشّه بدواء مطهّر مثلاً . وعلى أيّة حال فإذا قتل قمل شعر رأسه ولحيته لم يلزمه شيء لكن يستحبّ له أن يفدي الواحدة منه ولو بلقمة . وفي رواية عن أحمد إباحة قتل القمل مطلقاً دون تفريق بين قمل الرّأس وغيره لأنّه من أكثر الهوامّ أذًى فأبيح قتله كالبراغيث ، وسائر ما يؤذي . وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم » يدلّ بمعناه على إباحة قتل كلّ ما يؤذي بني آدم في أنفسهم وأموالهم . وفي رواية أخرى عنه حرمة قتله ، إلاّ أنّه لا جزاء فيه إذ لا قيمة له وليس بصيد . وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب الصّدقة ولا ريب أنّه إذا آذاه بالفعل ، ولم يمكنه التّخلّص منه إلاّ بقتله ، جاز له قتله طبقاً لقاعدة : « الضّرر يزال » ، وقاعدة : « الضّرورات تبيح المحظورات » .</p><p>المبحث الثّاني</p><p>في قتل الصّيد وما يتعلّق به</p><p>160 - أجمع العلماء على وجوب الجزاء في قتل الصّيد ، استدلالاً بقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا تقتلوا الصّيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمّداً فجزاء مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفّارة طعام مساكين ، أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا اللّه عمّا سلف ومن عاد فينتقم اللّه منه واللّه عزيز ذو انتقام } .</p><p>أوّلاً : قتل الصّيد :</p><p>161 - وجوب الجزاء في قتل الصّيد عمداً متّفق عليه عملاً بنصّ الآية الكريمة السّابقة . 162 - إنّ غير العمد في هذا الباب كالعمد ، يجب فيه الجزاء باتّفاق المذاهب الأربعة ؛ لأنّ العقوبة هنا شرعت ضماناً للمتلف ، وذلك يستوي فيه العمد والخطأ والجهل والسّهو والنّسيان .</p><p>163 - إنّ هذا الجزاء هو كما نصّت الآية : { مثل ما قتل من النّعم } . ويخيّر فيه بين الخصال الثّلاث . لكن اختلفوا بعد هذا في تفسير هذين الأمرين : ذهب الحنفيّة : إلى أنّه تقدّر قيمة الصّيد بتقويم رجلين عدلين ، سواء أكان للصّيد المقتول نظير من النّعم أم لم يكن له نظير . وتعتبر القيمة في موضع قتله ، ثمّ يخيّر الجاني بين ثلاثة أمور : الأوّل - أن يشتري هدياً ويذبحه في الحرم إن بلغت القيمة هدياً . ويزاد على الهدي في مأكول اللّحم إلى اثنين أو أكثر إن زادت قيمته ، لكنّه لا يتجاوز هدياً واحداً في غير مأكول اللّحم ، حتّى لو قتل فيلاً لا يجب عليه أكثر من شاة . الثّاني - أن يشتري بالقيمة طعاماً ويتصدّق به على المساكين ، لكلّ مسكين نصف صاع من برّ ، أو صاع من شعير أو تمر كما في صدقة الفطر . ولا يجوز أن يعطي المسكين أقلّ ممّا ذكر ، إلاّ إن فضل من الطّعام أقلّ منه ، فيجوز أن يتصدّق به . ولا يختصّ التّصدّق بمساكين الحرم . الثّالث - أن يصوم عن طعام كلّ مسكين يوماً ، وعن أقلّ من نصف صاع - إذا فضل - يوماً أيضاً . وذهب الأئمّة الثّلاثة المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى التّفصيل فقالوا : الصّيد ضربان : مثليّ : وهو ما له مثل من النّعم ، أي مشابه في الخلقة من النّعم ، وهي الإبل والبقر والغنم . وغير مثليّ ، وهو ما لا يشبه شيئاً من النّعم . أمّا المثليّ : فجزاؤه على التّخيير والتّعديل ، أي أنّ القاتل يخيّر بين ثلاثة أشياء على الوجه التّالي : الأوّل - أن يذبح المثل المشابه من النّعم في الحرم ، ويتصدّق به على مساكين الحرم . الثّاني - أن يقوّم المثل دراهم ثمّ يشتري بها طعاماً ، ويتصدّق به على مساكين الحرم . ولا يجوز تفرقة الدّراهم عليهم . وقال مالك بل يقوّم الصّيد نفسه ويشتري به طعاماً يتصدّق به على مساكين موضع الصّيد ، فإن لم يكن فيه مساكين فعلى مساكين أقرب المواضع فيه . الثّالث - إن شاء صام عن كلّ مدّ يوماً . وفي أقلّ من مدّ يجب صيام يوم . ويجوز الصّيام في الحرم وفي جميع البلاد . وأمّا غير المثليّ : فيجب فيه قيمته ويتخيّر فيها بين أمرين : الأوّل - أن يشتري بها طعاماً يتصدّق به على مساكين الحرم ، وعند مالك : على المساكين في موضع الصّيد . الثّاني - أن يصوم عن كلّ مدّ يوماً كما ذكر سابقاً . ثمّ قالوا في بيان المثليّ : المعتبر فيه التّشابه في الصّورة والخلقة . وكلّ ما ورد فيه نقل عن السّلف فيتبع ؛ لقوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم } ، وما لا نقل فيه يحكم بمثله عدلان فطنان بهذا الأمر ، عملاً بالآية . ويختلف الحكم فيه بين الدّوابّ والطّيور : أمّا الدّوابّ ففي النّعامة بدنة ، وفي بقر الوحش وحمار الوحش بقرة إنسيّة ، وفي الغزال عنز ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة . وعند مالك في الأرنب واليربوع والضّبّ القيمة . وأمّا الطّيور : ففي أنواع الحمام شاة . والمراد بالحمام كلّ ما عبّ في الماء ، وهو أن يشربه جرعاً ، فيدخل فيه اليمام اللّواتي يألفن البيوت ، والقمريّ ، والقطا . والعرب تسمّي كلّ مطوّق حماماً . وإن كان الطّائر أصغر من الحمام جثّةً ففيه القيمة . وإن كان أكبر من الحمام ، كالبطّة والإوزّة ، فالأصحّ أنّه يجب فيه القيمة ، إذ لا مثل له . وقال مالك : تجب شاة في حمام مكّة والحرم ويمامهما ، وفي حمام ويمام غيرهما تجب القيمة ، وكذا في سائر الطّيور . 164 - وعند الشّافعيّة والحنابلة : الواجب في الكبير والصّغير والسّمين والهزيل والمريض من الصّيد المثليّ مثله من النّعم ؛ لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل } وهذا مثليّ فيجزئ . وقال مالك : يجب فيه كبير ؛ لقوله تعالى : { هدياً بالغ الكعبة } ؟ والصّغير لا يكون هدياً ، وإنّما يجزئ في الهدي ما يجزئ في الأضحيّة .</p><p>ثانياً : إصابة الصّيد</p><p>165 - إذا أصاب الصّيد بضرر ، ولم يقتله ، يجب عليه الجزاء بحسب تلك الإصابة عند الثّلاثة : الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . فإن جرح المحرم صيداً ، أو نتف شعره . ضمن قيمة ما نقص منه ، اعتباراً للجزء بالكلّ ، فكما تجب القيمة بالكلّ تجب بالجزء . وهذا الجزاء يجب إذا برئ الحيوان وظهر أثر الجناية عليه ، أمّا إذا لم يبق لها أثر فلا يضمن عند الحنفيّة ، لزوال الموجب . وعند الشّافعيّة والحنابلة إن جرح صيداً يجب عليه قدر النّقص من مثله من النّعم إن كان مثليّاً ، وإلاّ بقدر ما نقص من قيمته ، وإذا أحدث به عاهةً مستديمةً فوجهان عندهم ، أصحّهما يلزمه جزاء كامل . أمّا إذا أصابه إصابةً أزالت امتناعه عمّن يريد أخذه وجب الجزاء كاملاً عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو أحد القولين عند الشّافعيّة ؛ لأنّه فوّت عليه الأمن بهذا . وفي قول عند الشّافعيّة : يضمن النّقص فقط . أمّا المالكيّة فعندهم لا يضمن ما غلب على ظنّه سلامته من الصّيد بإصابته بنقص ، ولا جزاء عليه ، ولا يلزمه فرق ما بين قيمته سليماً وقيمته بعد إصابته .</p><p>ثالثاً : حلب الصّيد أو كسر بيضه أو جزّ صوفه :</p><p>166 - يجب فيه قيمة كلّ من اللّبن والبيض والصّوف عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ويضمن أيضاً قيمة ما يلحق الصّيد نفسه من نقص بسبب من ذلك . ونصّ المالكيّة على البيض أنّ فيه عشر دية الأمّ ما لم يخرج منه فرخ ويستهلّ ثمّ يموت ، فإنّه حينئذ يلزمه الدّية كاملةً . وهذا الأخير متّفق عليه .</p><p>رابعاً : التّسبّب في قتل الصّيد :</p><p>167 - يجب في التّسبّب بقتل الصّيد الجزاء ، وذلك :</p><p>1 - بأن يصيح به وينفّره ، فيتسبّب ذلك بموته .</p><p>2 - بنصب شبكة وقع بها صيد فمات ، أو إرسال كلب .</p><p>3 - المشاركة بقتل الصّيد ، كأن يمسكه ليقتله آخر ، أو يذبحه .</p><p>4 - الدّلالة على الصّيد ، أو الإشارة ، أو الإعانة بغير المشاركة في اليد ، كمناولة آلة أو سلاح ، يضمن فاعلها عند الحنفيّة والحنابلة ، ولا يضمن عند المالكيّة والشّافعيّة .</p><p>خامساً : التّعدّي بوضع اليد على الصّيد :</p><p>168 - إذا مات الصّيد في يده فعليه الجزاء ؛ لأنّه تعدّى بوضع اليد عليه فيضمنه ولو كان وديعةً .</p><p>سادساً : أكل المحرم من ذبيحة الصّيد أو قتيله :</p><p>169 - إن أكل المحرم من ذبيحة أو صيد محرم أو ذبيحة صيد الحرم فلا ضمان عليه للأكل ، ولو كان هو قاتل الصّيد أيضاً أو ذابحه فلا جزاء عليه للأكل ، إنّما عليه جزاء قتل الصّيد أو ذبحه إن فعل ذلك هو ، وذلك عند جمهور العلماء ، ومنهم الأئمّة الثّلاثة ، وصاحبا أبي حنيفة . وقال أبو حنيفة كذلك بالنّسبة للمحرم إذا أكل من صيد غيره ، أو صيد الحرم إذا أكل منه الحلال الّذي صاده ، وأوجب على المحرم إذا أكل من صيده أو ذبيحته من الصّيد الضّمان سواء أكل منه قبل الضّمان أو بعده . استدلّ الجمهور بأنّه صيد مضمون بالجزاء ، فلم يضمن ثانياً ، كما لو أتلفه بغير الأكل ؛ ولأنّ تحريمه لكونه ميتةً ، والميتة لا تضمن بالجزاء . واستدلّ أبو حنيفة بأنّ " حرمته باعتبار أنّه محظور إحرامه ؛ لأنّ إحرامه هو الّذي أخرج الصّيد عن المحلّيّة ، والذّابح عن الأهليّة في حقّ الذّكاة ، فصارت حرمة التّناول بهذه الوسائط مضافةً إلى إحرامه » .</p><p>المبحث الثّالث</p><p>في الجماع ودواعيه</p><p>170 - اتّفق العلماء على أنّ الجماع في حالة الإحرام جناية يجب فيها الجزاء . والجمهور على أنّ العامد والجاهل والسّاهي والنّاسي والمكره في ذلك سواء . وهو مذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة . قال ابن قدامة : « لأنّه معنًى يتعلّق به قضاء الحجّ ، فاستوى عمده وسهوه كالفوات » . لكن استثنى الحنابلة من الفداء الموطوءة كرهاً ، فقالوا : لا فداء عليها ، بل يجب عليها القضاء فقط . وقال الشّافعيّة : النّاسي والمجنون والمغمى عليه والنّائم والمكره والجاهل لقرب عهده بالإسلام أو نشوئه ببادية بعيدة عن العلماء ، فلا يفسد الإحرام بالنّسبة إليهم بالجماع .</p><p>أوّلاً : الجماع في إحرام الحجّ : يكون الجماع في إحرام الحجّ جنايةً في ثلاثة أحوال :</p><p>171 - الأوّل - الجماع قبل الوقوف بعرفة . فمن جامع قبل الوقوف بعرفة فسد حجّه بإجماع العلماء ، ووجب عليه ثلاثة أمور :</p><p>1 - الاستمرار في حجّه الفاسد إلى نهايته لقوله تعالى : { وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه } وجه الاستدلال أنّه " لم يفرّق بين صحيح وفاسد » .</p><p>2 - أداء حجّ جديد في المستقبل قضاءً للحجّة الفاسدة ، ولو كانت نافلةً . ويستحبّ أن يفترقا في حجّة القضاء هذه عند الأئمّة الثّلاثة منذ الإحرام بحجّة القضاء ، وأوجب المالكيّة عليهما الافتراق .</p><p>3 - ذبح الهدي في حجّة القضاء . وهو عند الحنفيّة شاة ، وقال الأئمّة الثّلاثة : لا تجزئ الشّاة ، بل يجب عليه بدنة . استدلّ الحنفيّة بما ورد أنّ « رجلاً جامع امرأته وهما محرمان ، فسألا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال لهما : اقضيا نسككما وأهديا هدياً » رواه أبو داود في المراسيل والبيهقيّ ، وبما روي من الآثار عن الصّحابة أنّه يجب عليه شاة . واستدلّ الجمهور بما قال الرّمليّ : « لفتوى جماعة من الصّحابة ، ولم يعرف لهم مخالف » .</p><p>172 - الثّاني : الجماع بعد الوقوف قبل التّحلّل الأوّل : فمن جامع بعد الوقوف قبل التّحلّل يفسد حجّه ، وعليه بدنة - كما هو الحال قبل الوقوف - عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يفسد حجّه ، ويجب عليه أن يهدي بدنةً . استدلّ الثّلاثة : بما روي عن ابن عمر أنّ رجلاً سأله فقال : إنّي وقعت على امرأتي ونحن محرمان ؟ فقال : أفسدت حجّك . انطلق أنت وأهلك مع النّاس ، فاقضوا ما يقضون ، وحلّ إذا حلّوا . فإذا كان في العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك ، وأهديا هدياً ، فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعةً إذا رجعتم . وجه الاستدلال : أنّه ونحوه ممّا روي عن الصّحابة مطلق في المحرم إذا جامع ، لا تفصيل فيه بين ما قبل الوقوف وبين ما بعده ، فيكون حكمهما واحداً ، وهو الفساد ووجوب بدنة . واستدلّ الحنفيّة بقوله صلى الله عليه وسلم : « الحجّ عرفة » . أخرجه أحمد وأصحاب السّنن والحاكم ، وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث « عروة بن مضرّس الطّائيّ : وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تمّ حجّه وقضى تفثه » أخرجه أحمد وأصحاب السّنن ، وصحّحه التّرمذيّ ، وقال الحاكم : « صحيح على شرط كافّة أئمّة الحديث » . وجه الاستدلال : أنّ حقيقة تمام الحجّ المتبادرة من الحديثين غير مرادة ؛ لبقاء طواف الزّيارة ، وهو ركن إجماعاً ، فتعيّن القول بأنّ الحجّ قد تمّ حكماً ، والتّمام الحكميّ يكون بالأمن من فساد الحجّ بعده ، فأفاد الحديث أنّ الحجّ لا يفسد بعد عرفة مهما صنع المحرم . وإنّما أوجبنا البدنة بما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنًى قبل أن يفيض ، فأمره أن ينحر بدنةً . رواه مالك وابن أبي شيبة .</p><p>173 - الثّالث : الجماع بعد التّحلّل الأوّل : اتّفقوا على أنّ الجماع بعد التّحلّل الأوّل لا يفسد الحجّ . وألحق المالكيّة به الجماع بعد طواف الإفاضة ولو قبل الرّمي ، والجماع بعد يوم النّحر قبل الرّمي والإفاضة . ووقع الخلاف في الجزاء الواجب : فذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجب عليه شاة . قالوا في الاستدلال : « لخفّة الجناية ، لوجود التّحلّل في حقّ غير النّساء » . وقال مالك ، وهو قول عند الشّافعيّة والحنابلة : يجب عليه بدنة . وعلّله الباجيّ بأنّه لعظم الجناية على الإحرام . وأوجب مالك والحنابلة على من فعل هذه الجناية بعد التّحلّل الأوّل قبل الإفاضة أن يخرج إلى الحلّ ، ويأتي بعمرة ، لقول ابن عبّاس ذلك . قال الباجيّ في المنتقى : « وذلك لأنّه لمّا أدخل النّقص على طوافه للإفاضة بما أصاب من الوطء كان عليه أن يقضيه بطواف سالم إحرامه من ذلك النّقص ، ولا يصلح أن يكون الطّواف في إحرام إلاّ في حجّ أو عمرة » . ولم يوجب الحنفيّة والشّافعيّة ذلك .</p><p>ثانياً : الجماع في إحرام العمرة :</p><p>174 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو جامع قبل أن يؤدّي ركن العمرة ، وهو الطّواف أربعة أشواط ، تفسد عمرته ، أمّا لو وقع المفسد بعد ذلك لا تفسد العمرة ؛ لأنّه بأداء الرّكن أمن الفساد . وذهب المالكيّة إلى أنّ المفسد إن حصل قبل تمام سعيها ولو بشرط فسدت ، أمّا لو وقع بعد تمام السّعي قبل الحلق فلا تفسد ؛ لأنّه بالسّعي تتمّ أركانها ، والحلق من شروط الكمال عندهم . ومذهب الشّافعيّة والحنابلة أنّه إذا حصل المفسد قبل التّحلّل من العمرة فسدت . والتّحلّل بالحلق ، وهو ركن عند الشّافعيّة واجب عند الحنابلة . 175 يجب في إفساد العمرة ما يجب في إفساد الحجّ من الاستمرار فيها ، والقضاء والفداء باتّفاق العلماء . لكن اختلفوا في فداء إفساد العمرة : فمذهب الحنفيّة والحنابلة وأحد القولين عند الشّافعيّة أنّه يلزمه شاة ؛ لأنّ العمرة أقلّ رتبةً من الحجّ ، فخفّت جنايتها ، فوجبت شاة . ومذهب المالكيّة والشّافعيّة أنّه يلزمه بدنة قياساً على الحجّ . أمّا فداء الجماع الّذي لا يفسد العمرة فشاة فقط عند الحنفيّة وبدنة عند المالكيّة .</p><p>ثالثاً : مقدّمات الجماع :</p><p>176 - المقدّمات المباشرة أو القريبة ، كاللّمس بشهوة ، والتّقبيل ، والمباشرة بغير جماع : يجب على من فعل شيئاً منها الدّم سواء أنزل منيّاً أو لم ينزل . ولا يفسد حجّه اتّفاقاً بين الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، إلاّ أنّ الحنابلة قالوا : إن أنزل وجب عليه بدنة . ومذهب المالكيّة : إن أنزل بمقدّمات الجماع منيّاً فحكمه حكم الجماع في إفساد الحجّ ، وعليه ما على المجامع ممّا ذكر سابقاً ، وإن لم ينزل فليهد بدنةً . 177 - المقدّمات البعيدة : كالنّظر بشهوة والتّفكّر كذلك ، صرّح الحنفيّة والشّافعيّة أنّه لا يجب في شيء منهما الفداء ، ولو أدّى إلى الإنزال . وهو مذهب الحنابلة في الفكر . ومذهب المالكيّة : إذا فعل أيّ واحد منها بقصد اللّذّة ، واستدامه حتّى خرج المنيّ ، فهو كالجماع في إفساد الحجّ . وإن خرج المنيّ بمجرّد الفكر أو النّظر من غير استدامة فلا يفسد ، وإنّما فيه الهدي ( بدنة ) . ومذهب الحنابلة : إن نظر فصرف بصره فأمنى فعليه دم ، وإن كرّر النّظر حتّى أمنى فعليه بدنة .</p><p>رابعاً : في جماع القارن :</p><p>178 - قرّر الحنفيّة في جماع القارن - بناءً على مذهبهم أنّه يطوف طوافين ويسعى سعيين - التّفصيل الآتي :</p><p>1 - إن جامع قبل الوقوف ، وقبل طواف العمرة ، فسد حجّه وعمرته كلاهما ، وعليه المضيّ فيهما ، وعليه شاتان للجناية على إحرامهما ، وعليه قضاؤهما ، وسقط عنه دم القران .</p><p>2 - إن جامع بعدما طاف لعمرته كلّ أشواطه أو أكثرها فسد حجّه دون عمرته لأنّه أدّى ركنها قبل الجماع ، وسقط عنه دم القران ، وعليه دمان لجنايته المتكرّرة حكماً ، دم لفساد الحجّ ، ودم للجماع في إحرام العمرة لعدم تحلّله منها ، وعليه قضاء الحجّ فقط ، لصحّة عمرته .</p><p>3 - إن جامع بعد طواف العمرة وبعد الوقوف قبل الحلق ولو بعرفة لم يفسد الحجّ ولا العمرة ، لإدراكه ركنهما ، ولا يسقط عنه دم القران ؛ لصحّة أداء الحجّ والعمرة ، لكن عليه بدنة للحجّ وشاة للعمرة .</p><p>4 - لو لم يطف لعمرته - ثمّ جامع بعد الوقوف - فعليه بدنة للحجّ ، وشاة لرفض العمرة ، وقضاؤها .</p><p>5 - لو طاف القارن طواف الزّيارة قبل الحلق ، ثمّ جامع ، فعليه شاتان بناءً على وقوع الجناية على إحراميه ؛ لعدم التّحلّل الأوّل المرتّب عليه التّحلّل الثّاني .</p><p>المبحث الرّابع</p><p>في أحكام كفّارات محظورات الإحرام</p><p>كفّارات محظورات الإحرام أربعة أمور ، هي : الهدي ، والصّدقة ، والصّيام ، والقضاء ، والكلام هنا على أحكامها الخاصّة بهذا الموضوع : المطلب الأوّل الهدي .</p><p>179 - تراعى في الهدي وذبحه وأنواعه الشّروط والأحكام الموضّحة في مصطلح « هدي » .</p><p>المطلب الثّاني</p><p>الصّدقة</p><p>180 - يراعى في المال الّذي تخرج منه الصّدقة أن يكون من الأصناف الّتي تخرج منها صدقة الفطر ، كما تراعى أحكام الزّكاة في الفقير الّذي تدفع إليه . ويراعى في إخراج القيمة ، ومقدار الصّدقة لكلّ مسكين ما هو مقرّر في صدقة الفطر ، وهذا في الإطعام الواجب في الفدية . وأمّا في جزاء الصّيد فالمالكيّة والشّافعيّة لم يقيّدوا الصّدقة فيه بمقدار معيّن . وتفصيلات ذلك وآراء الفقهاء يرجع إليها في مصطلح هدي وكفّارة وصدقة الفطر .</p><p>المطلب الثّالث</p><p>الصّيام</p><p>181 - أوّلاً : من كفّر بالصّيام يراعي فيه أحكام الصّيام ولا سيّما تبييت النّيّة بالنّسبة للواجب غير المعيّن ( ر : صوم ) .</p><p>182 - ثانياً : الصّيام المقرّر جزاءً عن المحظور لا يتقيّد بزمان ولا مكان ولا تتابع اتّفاقاً ، إلاّ الصّيام لمن عجز عن هدي القران والتّمتّع ، فإنّه يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ ، وسبعةً إذا رجع إلى أهله . فلا يصحّ صيام الأيّام الثّلاثة قبل أشهر الحجّ ، ولا قبل إحرام الحجّ والعمرة في حقّ القارن ، ولا قبل إحرام العمرة في حقّ المتمتّع اتّفاقاً . أمّا تقديمها للمتمتّع على إحرام الحجّ فمنعه المالكيّة والشّافعيّة لقوله تعالى : { فصيام ثلاثة أيّام في الحجّ } وأجازه الحنفيّة والحنابلة لأنّه كما قال ابن قدامة : « وقت كامل جاز فيه نحر الهدي ، فجاز فيه الصّيام ، كبعد إحرام الحجّ . ومعنى قوله تعالى ( في الحجّ ) أي في وقته » . وأمّا الأيّام السّبعة الباقية على من عجز عن هدي القران والتّمتّع ، فلا يصحّ صيامها إلاّ بعد أيّام التّشريق ، ثمّ يجوز صيامها بعد الفراغ من أفعال الحجّ ، ولو في مكّة ، إذا مكث بها ، عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة . والأفضل المستحبّ أن يصومها إذا رجع إلى أهله ، وهو قول عند الشّافعيّة ، لكن الأظهر عند الشّافعيّة أنّه يصوم الأيّام السّبعة إذا رجع إلى أهله ، ولا يجوز أن يصومها في الطّريق ، إلاّ إذا أراد الإقامة بمكّة صامها بها . والدّليل للجميع قوله تعالى : { وسبعة إذا رجعتم } . فحمله الشّافعيّ على ظاهره ، وقال غيرهم : إنّ الفراغ من الحجّ هو المراد بالرّجوع ، فكأنّه بالفراغ رجع عمّا كان مقبلاً عليه .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40745, member: 329"] تفصيل كفّارة محظورات التّرفّه 151 - الأصل في هذا التّفصيل هو القياس على الأصل السّابق المنصوص عليه في الكتاب والسّنّة بخصوص الحلق ، فقاس الفقهاء عليه سائر مسائل الفصل بجامع اشتراك الجميع في العلّة وهي التّرفّه ، أو الارتفاق . وقد اختلفوا في بعض التّفاصيل ، في القدر الّذي يوجب الفدية من المحظور ، وفي تفاوت الجزاء بتفاوت الجناية ، وذلك بسبب اختلاف أنظارهم في المقدار الّذي يحصل به التّرفّه والارتفاق الّذي هو علّة وجوب الفدية ، فالحنفيّة اشترطوا كمال الجناية ، فلم يوجبوا الدّم أو الفداء إلاّ لمقادير تحقّق ذلك في نظرهم ، وغيرهم مال إلى اعتبار الفعل نفسه جنايةً . وتفصيل المذاهب في كلّ محظور من محظورات التّرفّه فيما يلي : أوّلاً : اللّباس : 152 - من لبس شيئاً من محظور اللّبس ، أو ارتكب تغطية الرّأس ، أو غير ذلك ، فقال فقهاء الحنفيّة : إن استدام ذلك نهاراً كاملاً أو ليلةً وجب عليه الدّم . وكذا إذا غطّت المرأة وجهها بساتر يلامس بشرتها على ما سبق من التّفصيل فيه ( ف 67 ) وإن كان أقلّ من يوم أو أقلّ من ليلة فعليه صدقة عند الحنفيّة . وفي أقلّ من ساعة عرفيّة قبضة من برّ ، وهي مقدار ما يحمل الكفّ . ومذهب الشّافعيّ وأحمد أنّه يجب الفداء بمجرّد اللّبس ، ولو لم يستمرّ زمناً ؛ لأنّ الارتفاق يحصل بالاشتمال على الثّوب ، ويحصل محظور الإحرام ، فلا يتقيّد وجوب الفدية بالزّمن . وعند المالكيّة يشترط لوجوب الفدية من لبس الثّوب أو الخفّ أو غيرهما من محظورات اللّبس أن ينتفع به من حرّ أو برد ، فإن لم ينتفع به من حرّ أو برد بأن لبس قميصاً رقيقاً لا يقي حرّاً ولا برداً يجب الفداء إن امتدّ لبسه مدّةً كاليوم . ثانياً : التّطيّب : 153 - يجب الفداء عند الثّلاثة المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لأيّ تطيّب ممّا سبق بيان حظره ، دون تقييد بأن يطيّب عضواً كاملاً ، أو مقداراً من الثّوب معيّناً . وفرّق الحنفيّة بين تطيّب وتطيّب ، وفصّلوا : أمّا في البدن فقالوا : تجب شاة إن طيّب المحرم عضواً كاملاً مثل الرّأس واليد والسّاق ، أو ما يبلغ عضواً كاملاً . والبدن كلّه كعضو واحد إن اتّحد مجلس التّطيّب ، وإن تفرّق المجلس فلكلّ طيب كفّارة ، وتجب إزالة الطّيب ، فلو ذبح ولم يزله لزمه دم آخر . ووجه وجوب الشّاة : أنّ الجناية تتكامل بتكامل الارتفاق ، وذلك في العضو الكامل ، فيترتّب كمال الموجب . وإن طيّب أقلّ من عضو فعليه الصّدقة لقصور الجناية ، إلاّ أن يكون الطّيب كثيراً فعليه دم . ولم يشرط الحنفيّة استمرار الطّيب لوجوب الجزاء ، بل يجب بمجرّد التّطيّب . وأمّا تطييب الثّوب : فيجب فيه الدّم عند الحنفيّة بشرطين : أوّلهما : أن يكون كثيراً ، وهو ما يصلح أن يغطّي مساحةً تزيد على شبر في شبر . والثّاني : أن يستمرّ نهاراً ، أو ليلةً . فإن اختلّ أحد الشّرطين وجبت الصّدقة ، وإن اختلّ الشّرطان معاً وجب التّصدّق بقبضة من قمح . 154 - لو طيّب محرم محرماً أو حلالاً فلا شيء على الفاعل ما لم يمسّ الطّيب ، عند الحنفيّة . وعلى الطّرف الآخر الدّم إن كان محرماً وإن كان مكرهاً . وعند الثّلاثة التّفصيل الآتي في مسألة الحلق ( ف 157 ) لكن عليه في حال لا تلزمه فيه الفدية ألاّ يستديمه ، بل يبادر بإزالته . فإن تراخى لزمه الفداء . ثالثاً : الحلق أو التّقصير : 155 - مذهب الحنفيّة أنّ من حلق ربع رأسه أو ربع لحيته يجب عليه دم ؛ لأنّ الرّبع يقوم مقام الكلّ ، فيجب فيه الفداء الّذي دلّت عليه الآية الكريمة . ولو حلق رأسه ولحيته وإبطيه وكلّ بدنه في مجلس واحد فعليه دم واحد ، وإن اختلفت المجالس فلكلّ مجلس موجبه . وإن حلق خصلةً من شعره أقلّ من الرّبع يجب عليه الصّدقة ، أمّا إن سقط من رأسه أو لحيته عند الوضوء أو الحكّ ثلاث شعرات فعليه بكلّ شعرة صدقة ( كفّ من طعام ) . وإن حلق رقبته كلّها ، أو إبطيه ، أو أحدهما ، يجب الدّم . أمّا إن حلق بعض واحد منهما ، وإن كثر . فتجب الصّدقة ؛ لأنّ حلق جزء عضو من هذه الأشياء ليس ارتفاقاً كاملاً ، لعدم جريان العادة بحلق البعض فيها ، فلا يجب إلاّ الصّدقة . وقرّر الحنفيّة أنّ في حلق الشّارب حكومة عدل ، بأن ينظر إلى هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللّحية ، فيجب عليه بحسابه من الطّعام . وذهب المالكيّة إلى أنّه إن أخذ عشر شعرات فأقلّ ، ولم يقصد إزالة الأذى ، يجب عليه أن يتصدّق بحفنة قمح ، وإن أزالها بقصد إماطة الأذى تجب الفدية ، ولو كانت شعرةً واحدةً . وتجب الفدية أيضاً إذا أزال أكثر من عشر شعرات لأيّ سبب كان . وشعر البدن كلّه سواء . وذهب الشّافعيّ وأحمد إلى أنّه تجب الفدية لو حلق ثلاث شعرات فأكثر ، كما تجب لو حلق جميع الرّأس ، بل جميع البدن ، بشرط اتّحاد المجلس ، أي الزّمان والمكان . ولو حلق شعرةً أو شعرتين ففي شعرة مدّ ، وفي شعرتين مدّان من القمح ، وسواء في ذلك كلّه شعر الرّأس وشعر البدن . 156 - أمّا إذا سقط شعر المحرم بنفسه من غير صنع آدميّ فلا فدية باتّفاق المذاهب . 157 - إذا حلق محرم رأس غيره ، أو حلق غيره رأسه - ومحلّ المسألة إذا كان الحلق لغير التّحلّل - فعلى المحرم المحلوق الدّم عند الحنفيّة ، ولو كان كارهاً . وأمّا غيرهم فعندهم تفصيل في حقّ الحالق والمحلوق . ولهذه المسألة ثلاث صور تقتضيها القسمة العقليّة نبيّن حكمها فيما يلي : الصّورة الأولى : أن يكونا محرمين ، فعلى المحرم الحالق صدقة عند الحنفيّة ، سواء حلق بأمر المحلوق أو بغير أمره طائعاً أو مكرهاً ، ما لم يكن حلقه في أوان الحلق . فإن كان فيه ، فلا شيء عليه . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إن حلق له بغير رضاه فالفدية على الحالق ، وإن كان برضاه فعلى المحلوق فدية ، وعلى الحالق فدية ، وقيل حفنة . الصّورة الثّانية : أن يكون الحالق محرماً والمحلوق حلالاً ، فكذلك على الحالق المحرم صدقة عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : يفتدي الحالق . وعندهم في تفسيره قولان : قول أنّه يطعم قدر حفنة ، أي ملء يد واحدة من طعام ، وقول أنّ عليه الفدية . وقال الشّافعيّة والحنابلة : لا فدية على الحالق ، ولو حلق له المحرم بغير إذنه ، إذ لا حرمة لشعره في حقّ الإحرام . الصّورة الثّالثة : أن يكون الحالق حلالاً والمحلوق محرماً ، فعلى الحالق صدقة عند الحنفيّة . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إن كان بإذن المحرم أو عدم ممانعته فعلى المحرم الفدية . وإن كان الحلق بغير إذن المحرم فعلى الحلال الفدية . رابعاً : تقليم الأظفار : 158 - قال الحنفيّة : إذا قصّ أظفار يديه ورجليه جميعها في مجلس واحد تجب عليه شاة . وكذا إذا قصّ أظفار يد واحدة ، أو رجل واحدة ، تجب شاة . وإن قصّ أقلّ من خمسة أظفار من يد واحدة ، أو خمسةً متفرّقةً من أظفاره ، تجب عليه صدقة لكلّ ظفر . ومذهب المالكيّة أنّه إن قلم ظفراً واحداً عبثاً أو ترفّهاً ، لا لإماطة أذًى ، ولا لكسره ، يجب عليه صدقة : حفنة من طعام . فإن فعل ذلك لإماطة الأذى أو الوسخ ففيه فدية . وإن قلّمه لكسره فلا شيء عليه إذا تأذّى منه . ويقتصر على ما كسر منه . وإن قلّم ظفرين في مجلس واحد ففدية ، ولو لم يقصد إماطة الأذى ، وإن قطع واحداً بعد آخر فإن كانا في فور ففدية ، وإلاّ ففي كلّ ظفر حفنة . وعند الشّافعيّة والحنابلة : يجب الفداء في تقليم ثلاثة أظفار فصاعداً في مجلس واحد ، ويجب في الظّفر والظّفرين ما يجب في الشّعرتين . خامساً : قتل القمل : 159 - وهو ملحق بهذا المبحث ؛ لأنّ فيه إزالة الأذى ، لذا يختصّ البحث بما على بدن المحرم أو ثيابه . فقد ذهب الشّافعيّة إلى ندب قتل المحرم لقمل بدنه وثيابه لأنّه من الحيوانات المؤذية ، وقد صحّ أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتل الفواسق الخمس في الحلّ والحرم ، وألحقوا بها كلّ حيوان مؤذ . أمّا قمل شعر الرّأس واللّحية خاصّةً فيكره تنزيهاً تعرّضه له لئلاّ ينتتف الشّعر . ومقتضى تعليلهم الكراهة بالخوف من انتتاف الشّعر زوال هذه الكراهة فيما لو قتله بوسيلة لا يخشى معها الانتتاف كما إذا رشّه بدواء مطهّر مثلاً . وعلى أيّة حال فإذا قتل قمل شعر رأسه ولحيته لم يلزمه شيء لكن يستحبّ له أن يفدي الواحدة منه ولو بلقمة . وفي رواية عن أحمد إباحة قتل القمل مطلقاً دون تفريق بين قمل الرّأس وغيره لأنّه من أكثر الهوامّ أذًى فأبيح قتله كالبراغيث ، وسائر ما يؤذي . وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم » يدلّ بمعناه على إباحة قتل كلّ ما يؤذي بني آدم في أنفسهم وأموالهم . وفي رواية أخرى عنه حرمة قتله ، إلاّ أنّه لا جزاء فيه إذ لا قيمة له وليس بصيد . وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب الصّدقة ولا ريب أنّه إذا آذاه بالفعل ، ولم يمكنه التّخلّص منه إلاّ بقتله ، جاز له قتله طبقاً لقاعدة : « الضّرر يزال » ، وقاعدة : « الضّرورات تبيح المحظورات » . المبحث الثّاني في قتل الصّيد وما يتعلّق به 160 - أجمع العلماء على وجوب الجزاء في قتل الصّيد ، استدلالاً بقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا تقتلوا الصّيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمّداً فجزاء مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفّارة طعام مساكين ، أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا اللّه عمّا سلف ومن عاد فينتقم اللّه منه واللّه عزيز ذو انتقام } . أوّلاً : قتل الصّيد : 161 - وجوب الجزاء في قتل الصّيد عمداً متّفق عليه عملاً بنصّ الآية الكريمة السّابقة . 162 - إنّ غير العمد في هذا الباب كالعمد ، يجب فيه الجزاء باتّفاق المذاهب الأربعة ؛ لأنّ العقوبة هنا شرعت ضماناً للمتلف ، وذلك يستوي فيه العمد والخطأ والجهل والسّهو والنّسيان . 163 - إنّ هذا الجزاء هو كما نصّت الآية : { مثل ما قتل من النّعم } . ويخيّر فيه بين الخصال الثّلاث . لكن اختلفوا بعد هذا في تفسير هذين الأمرين : ذهب الحنفيّة : إلى أنّه تقدّر قيمة الصّيد بتقويم رجلين عدلين ، سواء أكان للصّيد المقتول نظير من النّعم أم لم يكن له نظير . وتعتبر القيمة في موضع قتله ، ثمّ يخيّر الجاني بين ثلاثة أمور : الأوّل - أن يشتري هدياً ويذبحه في الحرم إن بلغت القيمة هدياً . ويزاد على الهدي في مأكول اللّحم إلى اثنين أو أكثر إن زادت قيمته ، لكنّه لا يتجاوز هدياً واحداً في غير مأكول اللّحم ، حتّى لو قتل فيلاً لا يجب عليه أكثر من شاة . الثّاني - أن يشتري بالقيمة طعاماً ويتصدّق به على المساكين ، لكلّ مسكين نصف صاع من برّ ، أو صاع من شعير أو تمر كما في صدقة الفطر . ولا يجوز أن يعطي المسكين أقلّ ممّا ذكر ، إلاّ إن فضل من الطّعام أقلّ منه ، فيجوز أن يتصدّق به . ولا يختصّ التّصدّق بمساكين الحرم . الثّالث - أن يصوم عن طعام كلّ مسكين يوماً ، وعن أقلّ من نصف صاع - إذا فضل - يوماً أيضاً . وذهب الأئمّة الثّلاثة المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى التّفصيل فقالوا : الصّيد ضربان : مثليّ : وهو ما له مثل من النّعم ، أي مشابه في الخلقة من النّعم ، وهي الإبل والبقر والغنم . وغير مثليّ ، وهو ما لا يشبه شيئاً من النّعم . أمّا المثليّ : فجزاؤه على التّخيير والتّعديل ، أي أنّ القاتل يخيّر بين ثلاثة أشياء على الوجه التّالي : الأوّل - أن يذبح المثل المشابه من النّعم في الحرم ، ويتصدّق به على مساكين الحرم . الثّاني - أن يقوّم المثل دراهم ثمّ يشتري بها طعاماً ، ويتصدّق به على مساكين الحرم . ولا يجوز تفرقة الدّراهم عليهم . وقال مالك بل يقوّم الصّيد نفسه ويشتري به طعاماً يتصدّق به على مساكين موضع الصّيد ، فإن لم يكن فيه مساكين فعلى مساكين أقرب المواضع فيه . الثّالث - إن شاء صام عن كلّ مدّ يوماً . وفي أقلّ من مدّ يجب صيام يوم . ويجوز الصّيام في الحرم وفي جميع البلاد . وأمّا غير المثليّ : فيجب فيه قيمته ويتخيّر فيها بين أمرين : الأوّل - أن يشتري بها طعاماً يتصدّق به على مساكين الحرم ، وعند مالك : على المساكين في موضع الصّيد . الثّاني - أن يصوم عن كلّ مدّ يوماً كما ذكر سابقاً . ثمّ قالوا في بيان المثليّ : المعتبر فيه التّشابه في الصّورة والخلقة . وكلّ ما ورد فيه نقل عن السّلف فيتبع ؛ لقوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم } ، وما لا نقل فيه يحكم بمثله عدلان فطنان بهذا الأمر ، عملاً بالآية . ويختلف الحكم فيه بين الدّوابّ والطّيور : أمّا الدّوابّ ففي النّعامة بدنة ، وفي بقر الوحش وحمار الوحش بقرة إنسيّة ، وفي الغزال عنز ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة . وعند مالك في الأرنب واليربوع والضّبّ القيمة . وأمّا الطّيور : ففي أنواع الحمام شاة . والمراد بالحمام كلّ ما عبّ في الماء ، وهو أن يشربه جرعاً ، فيدخل فيه اليمام اللّواتي يألفن البيوت ، والقمريّ ، والقطا . والعرب تسمّي كلّ مطوّق حماماً . وإن كان الطّائر أصغر من الحمام جثّةً ففيه القيمة . وإن كان أكبر من الحمام ، كالبطّة والإوزّة ، فالأصحّ أنّه يجب فيه القيمة ، إذ لا مثل له . وقال مالك : تجب شاة في حمام مكّة والحرم ويمامهما ، وفي حمام ويمام غيرهما تجب القيمة ، وكذا في سائر الطّيور . 164 - وعند الشّافعيّة والحنابلة : الواجب في الكبير والصّغير والسّمين والهزيل والمريض من الصّيد المثليّ مثله من النّعم ؛ لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل } وهذا مثليّ فيجزئ . وقال مالك : يجب فيه كبير ؛ لقوله تعالى : { هدياً بالغ الكعبة } ؟ والصّغير لا يكون هدياً ، وإنّما يجزئ في الهدي ما يجزئ في الأضحيّة . ثانياً : إصابة الصّيد 165 - إذا أصاب الصّيد بضرر ، ولم يقتله ، يجب عليه الجزاء بحسب تلك الإصابة عند الثّلاثة : الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . فإن جرح المحرم صيداً ، أو نتف شعره . ضمن قيمة ما نقص منه ، اعتباراً للجزء بالكلّ ، فكما تجب القيمة بالكلّ تجب بالجزء . وهذا الجزاء يجب إذا برئ الحيوان وظهر أثر الجناية عليه ، أمّا إذا لم يبق لها أثر فلا يضمن عند الحنفيّة ، لزوال الموجب . وعند الشّافعيّة والحنابلة إن جرح صيداً يجب عليه قدر النّقص من مثله من النّعم إن كان مثليّاً ، وإلاّ بقدر ما نقص من قيمته ، وإذا أحدث به عاهةً مستديمةً فوجهان عندهم ، أصحّهما يلزمه جزاء كامل . أمّا إذا أصابه إصابةً أزالت امتناعه عمّن يريد أخذه وجب الجزاء كاملاً عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو أحد القولين عند الشّافعيّة ؛ لأنّه فوّت عليه الأمن بهذا . وفي قول عند الشّافعيّة : يضمن النّقص فقط . أمّا المالكيّة فعندهم لا يضمن ما غلب على ظنّه سلامته من الصّيد بإصابته بنقص ، ولا جزاء عليه ، ولا يلزمه فرق ما بين قيمته سليماً وقيمته بعد إصابته . ثالثاً : حلب الصّيد أو كسر بيضه أو جزّ صوفه : 166 - يجب فيه قيمة كلّ من اللّبن والبيض والصّوف عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ويضمن أيضاً قيمة ما يلحق الصّيد نفسه من نقص بسبب من ذلك . ونصّ المالكيّة على البيض أنّ فيه عشر دية الأمّ ما لم يخرج منه فرخ ويستهلّ ثمّ يموت ، فإنّه حينئذ يلزمه الدّية كاملةً . وهذا الأخير متّفق عليه . رابعاً : التّسبّب في قتل الصّيد : 167 - يجب في التّسبّب بقتل الصّيد الجزاء ، وذلك : 1 - بأن يصيح به وينفّره ، فيتسبّب ذلك بموته . 2 - بنصب شبكة وقع بها صيد فمات ، أو إرسال كلب . 3 - المشاركة بقتل الصّيد ، كأن يمسكه ليقتله آخر ، أو يذبحه . 4 - الدّلالة على الصّيد ، أو الإشارة ، أو الإعانة بغير المشاركة في اليد ، كمناولة آلة أو سلاح ، يضمن فاعلها عند الحنفيّة والحنابلة ، ولا يضمن عند المالكيّة والشّافعيّة . خامساً : التّعدّي بوضع اليد على الصّيد : 168 - إذا مات الصّيد في يده فعليه الجزاء ؛ لأنّه تعدّى بوضع اليد عليه فيضمنه ولو كان وديعةً . سادساً : أكل المحرم من ذبيحة الصّيد أو قتيله : 169 - إن أكل المحرم من ذبيحة أو صيد محرم أو ذبيحة صيد الحرم فلا ضمان عليه للأكل ، ولو كان هو قاتل الصّيد أيضاً أو ذابحه فلا جزاء عليه للأكل ، إنّما عليه جزاء قتل الصّيد أو ذبحه إن فعل ذلك هو ، وذلك عند جمهور العلماء ، ومنهم الأئمّة الثّلاثة ، وصاحبا أبي حنيفة . وقال أبو حنيفة كذلك بالنّسبة للمحرم إذا أكل من صيد غيره ، أو صيد الحرم إذا أكل منه الحلال الّذي صاده ، وأوجب على المحرم إذا أكل من صيده أو ذبيحته من الصّيد الضّمان سواء أكل منه قبل الضّمان أو بعده . استدلّ الجمهور بأنّه صيد مضمون بالجزاء ، فلم يضمن ثانياً ، كما لو أتلفه بغير الأكل ؛ ولأنّ تحريمه لكونه ميتةً ، والميتة لا تضمن بالجزاء . واستدلّ أبو حنيفة بأنّ " حرمته باعتبار أنّه محظور إحرامه ؛ لأنّ إحرامه هو الّذي أخرج الصّيد عن المحلّيّة ، والذّابح عن الأهليّة في حقّ الذّكاة ، فصارت حرمة التّناول بهذه الوسائط مضافةً إلى إحرامه » . المبحث الثّالث في الجماع ودواعيه 170 - اتّفق العلماء على أنّ الجماع في حالة الإحرام جناية يجب فيها الجزاء . والجمهور على أنّ العامد والجاهل والسّاهي والنّاسي والمكره في ذلك سواء . وهو مذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة . قال ابن قدامة : « لأنّه معنًى يتعلّق به قضاء الحجّ ، فاستوى عمده وسهوه كالفوات » . لكن استثنى الحنابلة من الفداء الموطوءة كرهاً ، فقالوا : لا فداء عليها ، بل يجب عليها القضاء فقط . وقال الشّافعيّة : النّاسي والمجنون والمغمى عليه والنّائم والمكره والجاهل لقرب عهده بالإسلام أو نشوئه ببادية بعيدة عن العلماء ، فلا يفسد الإحرام بالنّسبة إليهم بالجماع . أوّلاً : الجماع في إحرام الحجّ : يكون الجماع في إحرام الحجّ جنايةً في ثلاثة أحوال : 171 - الأوّل - الجماع قبل الوقوف بعرفة . فمن جامع قبل الوقوف بعرفة فسد حجّه بإجماع العلماء ، ووجب عليه ثلاثة أمور : 1 - الاستمرار في حجّه الفاسد إلى نهايته لقوله تعالى : { وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه } وجه الاستدلال أنّه " لم يفرّق بين صحيح وفاسد » . 2 - أداء حجّ جديد في المستقبل قضاءً للحجّة الفاسدة ، ولو كانت نافلةً . ويستحبّ أن يفترقا في حجّة القضاء هذه عند الأئمّة الثّلاثة منذ الإحرام بحجّة القضاء ، وأوجب المالكيّة عليهما الافتراق . 3 - ذبح الهدي في حجّة القضاء . وهو عند الحنفيّة شاة ، وقال الأئمّة الثّلاثة : لا تجزئ الشّاة ، بل يجب عليه بدنة . استدلّ الحنفيّة بما ورد أنّ « رجلاً جامع امرأته وهما محرمان ، فسألا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال لهما : اقضيا نسككما وأهديا هدياً » رواه أبو داود في المراسيل والبيهقيّ ، وبما روي من الآثار عن الصّحابة أنّه يجب عليه شاة . واستدلّ الجمهور بما قال الرّمليّ : « لفتوى جماعة من الصّحابة ، ولم يعرف لهم مخالف » . 172 - الثّاني : الجماع بعد الوقوف قبل التّحلّل الأوّل : فمن جامع بعد الوقوف قبل التّحلّل يفسد حجّه ، وعليه بدنة - كما هو الحال قبل الوقوف - عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يفسد حجّه ، ويجب عليه أن يهدي بدنةً . استدلّ الثّلاثة : بما روي عن ابن عمر أنّ رجلاً سأله فقال : إنّي وقعت على امرأتي ونحن محرمان ؟ فقال : أفسدت حجّك . انطلق أنت وأهلك مع النّاس ، فاقضوا ما يقضون ، وحلّ إذا حلّوا . فإذا كان في العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك ، وأهديا هدياً ، فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعةً إذا رجعتم . وجه الاستدلال : أنّه ونحوه ممّا روي عن الصّحابة مطلق في المحرم إذا جامع ، لا تفصيل فيه بين ما قبل الوقوف وبين ما بعده ، فيكون حكمهما واحداً ، وهو الفساد ووجوب بدنة . واستدلّ الحنفيّة بقوله صلى الله عليه وسلم : « الحجّ عرفة » . أخرجه أحمد وأصحاب السّنن والحاكم ، وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث « عروة بن مضرّس الطّائيّ : وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تمّ حجّه وقضى تفثه » أخرجه أحمد وأصحاب السّنن ، وصحّحه التّرمذيّ ، وقال الحاكم : « صحيح على شرط كافّة أئمّة الحديث » . وجه الاستدلال : أنّ حقيقة تمام الحجّ المتبادرة من الحديثين غير مرادة ؛ لبقاء طواف الزّيارة ، وهو ركن إجماعاً ، فتعيّن القول بأنّ الحجّ قد تمّ حكماً ، والتّمام الحكميّ يكون بالأمن من فساد الحجّ بعده ، فأفاد الحديث أنّ الحجّ لا يفسد بعد عرفة مهما صنع المحرم . وإنّما أوجبنا البدنة بما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنًى قبل أن يفيض ، فأمره أن ينحر بدنةً . رواه مالك وابن أبي شيبة . 173 - الثّالث : الجماع بعد التّحلّل الأوّل : اتّفقوا على أنّ الجماع بعد التّحلّل الأوّل لا يفسد الحجّ . وألحق المالكيّة به الجماع بعد طواف الإفاضة ولو قبل الرّمي ، والجماع بعد يوم النّحر قبل الرّمي والإفاضة . ووقع الخلاف في الجزاء الواجب : فذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجب عليه شاة . قالوا في الاستدلال : « لخفّة الجناية ، لوجود التّحلّل في حقّ غير النّساء » . وقال مالك ، وهو قول عند الشّافعيّة والحنابلة : يجب عليه بدنة . وعلّله الباجيّ بأنّه لعظم الجناية على الإحرام . وأوجب مالك والحنابلة على من فعل هذه الجناية بعد التّحلّل الأوّل قبل الإفاضة أن يخرج إلى الحلّ ، ويأتي بعمرة ، لقول ابن عبّاس ذلك . قال الباجيّ في المنتقى : « وذلك لأنّه لمّا أدخل النّقص على طوافه للإفاضة بما أصاب من الوطء كان عليه أن يقضيه بطواف سالم إحرامه من ذلك النّقص ، ولا يصلح أن يكون الطّواف في إحرام إلاّ في حجّ أو عمرة » . ولم يوجب الحنفيّة والشّافعيّة ذلك . ثانياً : الجماع في إحرام العمرة : 174 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو جامع قبل أن يؤدّي ركن العمرة ، وهو الطّواف أربعة أشواط ، تفسد عمرته ، أمّا لو وقع المفسد بعد ذلك لا تفسد العمرة ؛ لأنّه بأداء الرّكن أمن الفساد . وذهب المالكيّة إلى أنّ المفسد إن حصل قبل تمام سعيها ولو بشرط فسدت ، أمّا لو وقع بعد تمام السّعي قبل الحلق فلا تفسد ؛ لأنّه بالسّعي تتمّ أركانها ، والحلق من شروط الكمال عندهم . ومذهب الشّافعيّة والحنابلة أنّه إذا حصل المفسد قبل التّحلّل من العمرة فسدت . والتّحلّل بالحلق ، وهو ركن عند الشّافعيّة واجب عند الحنابلة . 175 يجب في إفساد العمرة ما يجب في إفساد الحجّ من الاستمرار فيها ، والقضاء والفداء باتّفاق العلماء . لكن اختلفوا في فداء إفساد العمرة : فمذهب الحنفيّة والحنابلة وأحد القولين عند الشّافعيّة أنّه يلزمه شاة ؛ لأنّ العمرة أقلّ رتبةً من الحجّ ، فخفّت جنايتها ، فوجبت شاة . ومذهب المالكيّة والشّافعيّة أنّه يلزمه بدنة قياساً على الحجّ . أمّا فداء الجماع الّذي لا يفسد العمرة فشاة فقط عند الحنفيّة وبدنة عند المالكيّة . ثالثاً : مقدّمات الجماع : 176 - المقدّمات المباشرة أو القريبة ، كاللّمس بشهوة ، والتّقبيل ، والمباشرة بغير جماع : يجب على من فعل شيئاً منها الدّم سواء أنزل منيّاً أو لم ينزل . ولا يفسد حجّه اتّفاقاً بين الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، إلاّ أنّ الحنابلة قالوا : إن أنزل وجب عليه بدنة . ومذهب المالكيّة : إن أنزل بمقدّمات الجماع منيّاً فحكمه حكم الجماع في إفساد الحجّ ، وعليه ما على المجامع ممّا ذكر سابقاً ، وإن لم ينزل فليهد بدنةً . 177 - المقدّمات البعيدة : كالنّظر بشهوة والتّفكّر كذلك ، صرّح الحنفيّة والشّافعيّة أنّه لا يجب في شيء منهما الفداء ، ولو أدّى إلى الإنزال . وهو مذهب الحنابلة في الفكر . ومذهب المالكيّة : إذا فعل أيّ واحد منها بقصد اللّذّة ، واستدامه حتّى خرج المنيّ ، فهو كالجماع في إفساد الحجّ . وإن خرج المنيّ بمجرّد الفكر أو النّظر من غير استدامة فلا يفسد ، وإنّما فيه الهدي ( بدنة ) . ومذهب الحنابلة : إن نظر فصرف بصره فأمنى فعليه دم ، وإن كرّر النّظر حتّى أمنى فعليه بدنة . رابعاً : في جماع القارن : 178 - قرّر الحنفيّة في جماع القارن - بناءً على مذهبهم أنّه يطوف طوافين ويسعى سعيين - التّفصيل الآتي : 1 - إن جامع قبل الوقوف ، وقبل طواف العمرة ، فسد حجّه وعمرته كلاهما ، وعليه المضيّ فيهما ، وعليه شاتان للجناية على إحرامهما ، وعليه قضاؤهما ، وسقط عنه دم القران . 2 - إن جامع بعدما طاف لعمرته كلّ أشواطه أو أكثرها فسد حجّه دون عمرته لأنّه أدّى ركنها قبل الجماع ، وسقط عنه دم القران ، وعليه دمان لجنايته المتكرّرة حكماً ، دم لفساد الحجّ ، ودم للجماع في إحرام العمرة لعدم تحلّله منها ، وعليه قضاء الحجّ فقط ، لصحّة عمرته . 3 - إن جامع بعد طواف العمرة وبعد الوقوف قبل الحلق ولو بعرفة لم يفسد الحجّ ولا العمرة ، لإدراكه ركنهما ، ولا يسقط عنه دم القران ؛ لصحّة أداء الحجّ والعمرة ، لكن عليه بدنة للحجّ وشاة للعمرة . 4 - لو لم يطف لعمرته - ثمّ جامع بعد الوقوف - فعليه بدنة للحجّ ، وشاة لرفض العمرة ، وقضاؤها . 5 - لو طاف القارن طواف الزّيارة قبل الحلق ، ثمّ جامع ، فعليه شاتان بناءً على وقوع الجناية على إحراميه ؛ لعدم التّحلّل الأوّل المرتّب عليه التّحلّل الثّاني . المبحث الرّابع في أحكام كفّارات محظورات الإحرام كفّارات محظورات الإحرام أربعة أمور ، هي : الهدي ، والصّدقة ، والصّيام ، والقضاء ، والكلام هنا على أحكامها الخاصّة بهذا الموضوع : المطلب الأوّل الهدي . 179 - تراعى في الهدي وذبحه وأنواعه الشّروط والأحكام الموضّحة في مصطلح « هدي » . المطلب الثّاني الصّدقة 180 - يراعى في المال الّذي تخرج منه الصّدقة أن يكون من الأصناف الّتي تخرج منها صدقة الفطر ، كما تراعى أحكام الزّكاة في الفقير الّذي تدفع إليه . ويراعى في إخراج القيمة ، ومقدار الصّدقة لكلّ مسكين ما هو مقرّر في صدقة الفطر ، وهذا في الإطعام الواجب في الفدية . وأمّا في جزاء الصّيد فالمالكيّة والشّافعيّة لم يقيّدوا الصّدقة فيه بمقدار معيّن . وتفصيلات ذلك وآراء الفقهاء يرجع إليها في مصطلح هدي وكفّارة وصدقة الفطر . المطلب الثّالث الصّيام 181 - أوّلاً : من كفّر بالصّيام يراعي فيه أحكام الصّيام ولا سيّما تبييت النّيّة بالنّسبة للواجب غير المعيّن ( ر : صوم ) . 182 - ثانياً : الصّيام المقرّر جزاءً عن المحظور لا يتقيّد بزمان ولا مكان ولا تتابع اتّفاقاً ، إلاّ الصّيام لمن عجز عن هدي القران والتّمتّع ، فإنّه يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ ، وسبعةً إذا رجع إلى أهله . فلا يصحّ صيام الأيّام الثّلاثة قبل أشهر الحجّ ، ولا قبل إحرام الحجّ والعمرة في حقّ القارن ، ولا قبل إحرام العمرة في حقّ المتمتّع اتّفاقاً . أمّا تقديمها للمتمتّع على إحرام الحجّ فمنعه المالكيّة والشّافعيّة لقوله تعالى : { فصيام ثلاثة أيّام في الحجّ } وأجازه الحنفيّة والحنابلة لأنّه كما قال ابن قدامة : « وقت كامل جاز فيه نحر الهدي ، فجاز فيه الصّيام ، كبعد إحرام الحجّ . ومعنى قوله تعالى ( في الحجّ ) أي في وقته » . وأمّا الأيّام السّبعة الباقية على من عجز عن هدي القران والتّمتّع ، فلا يصحّ صيامها إلاّ بعد أيّام التّشريق ، ثمّ يجوز صيامها بعد الفراغ من أفعال الحجّ ، ولو في مكّة ، إذا مكث بها ، عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة . والأفضل المستحبّ أن يصومها إذا رجع إلى أهله ، وهو قول عند الشّافعيّة ، لكن الأظهر عند الشّافعيّة أنّه يصوم الأيّام السّبعة إذا رجع إلى أهله ، ولا يجوز أن يصومها في الطّريق ، إلاّ إذا أراد الإقامة بمكّة صامها بها . والدّليل للجميع قوله تعالى : { وسبعة إذا رجعتم } . فحمله الشّافعيّ على ظاهره ، وقال غيرهم : إنّ الفراغ من الحجّ هو المراد بالرّجوع ، فكأنّه بالفراغ رجع عمّا كان مقبلاً عليه . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية