الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40854" data-attributes="member: 329"><p>د - زوال الملك بالبيع : </p><p>22 - إذا أراد السّيّد بيع الأمة فلا يخلو حاله من أمرين : إمّا أن يكون قد وطئها قبل ذلك أو لا . أمّا الأمة الّتي لم يطأها فيجوز له أن يبيعها بدون استبراءٍ . واستحبّ الإمام أحمد استبراءها . وأمّا الأمة الّتي كان يستمتع بها سيّدها ويطؤها ، فمذهب مالكٍ أنّ استبراءها واجبٌ على السّيّد قبل البيع . ويفصّل أحمد بين اليائسة وغيرها . ودليله : أنّ عمر بن الخطّاب أنكر على عبد الرّحمن بن عوفٍ بيع جاريةٍ كان يطؤها قبل استبرائها . وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الاستبراء في هذه الحالة سنّةٌ ، وذلك قبل بيعه لها ؛ ليكون على بصيرةٍ منها . وقال الحنفيّة : إنّه مستحبٌّ .</p><p>هـ - الاستبراء بسوء الظّنّ : </p><p>23 - قال المازريّ : وكلّ من جاز حملها ففي استبرائها قولان . ومثّل له بأمثلةٍ منها : استبراء الأمة خوف أن تكون زنت ، وهو المعبّر عنه بالاستبراء لسوء الظّنّ .</p><p>مدّة الاستبراء :</p><p>المستبرأة لها أحوالٌ منها : الحرّة ، والأمة الّتي بلغت المحيض وهي تحيض فعلاً ، والحامل ، والّتي لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ .</p><p>استبراء الحرّة :</p><p>24 - استبراء الحرّة كعدّتها ، إلاّ في ثلاث مسائل يكتفى فيها بحيضةٍ واحدةٍ ، وهي استبراؤها لإقامة الحدّ عليها في الزّنا أو الرّدّة ؛ ليتبيّن عدم حملها ؛ لأنّ ذلك مانعٌ من إقامة الحدّ ، أو في الملاعنة لنفي حملها . والاكتفاء في المزنيّ بها بحيضةٍ واحدةٍ هو مذهب الحنفيّة ، وروايةٌ عن كلٍّ من الشّافعيّة والحنابلة . ولهما روايةٌ أخرى أنّها تستبرأ بثلاثٍ . استبراء الأمة الحائض :</p><p>25 - ذهب مالكٌ ، والشّافعيّ ، وأحمد في روايةٍ ، وعثمان ، وعائشة ، والحسن ، والشّعبيّ ، والقاسم بن محمّدٍ ، وأبو قلابة ، ومكحولٌ ، وأبو ثورٍ ، وأبو عبيدٍ ، إلى أنّ الأمة إذا كانت ممّن تحيض كعادة النّساء كلّ شهرٍ أو نحوه ، فاستبراؤها يقع بحيضةٍ كاملةٍ ، سواءٌ في ذلك استبراء البيع والعتق والوفاة ، أمّ ولدٍ كانت أو لا . وفرّق الحنفيّة بين أمّ الولد وغيرها ، فإذا كانت المستبرأة غير أمّ ولدٍ ، فاستبراؤها بحيضةٍ كاملةٍ ، أمّا أمّ الولد ، إذا أعتقت بإعتاق المولى أو بموته ، فإنّها تعتدّ بثلاثة قروءٍ ؛ لما روي عن عمر وغيره أنّهم قالوا : عدّة أمّ الولد ثلاث حيضٍ .</p><p>استبراء الحامل : </p><p>26 - ذهب المالكيّة ، والحنفيّة ، والحنابلة ، إلى أنّ المستبرأة إذا كانت حاملاً فاستبراؤها يكون بوضع حملها كلّه ، ولو وضعته بعد لحظةٍ من وجوبه . ومذهب الشّافعيّة أنّ الأمة المسبيّة ، أو الّتي زال عنها فراش السّيّد يحصل استبراؤها بوضع حملها ، وإن كانت مشتراةً - وهي حاملٌ من زوجٍ أو وطءٍ بشبهةٍ - فلا استبراء في الحال ، ويجب بعد زوال العدّة أو النّكاح ، لأنّ حدوث حلّ الاستمتاع إنّما وجد بعد ذلك ، وإن تقدّم عليه الملك ؛ لأنّه ملكٌ مشغولٌ بحقّ الغير . والحامل من زناً إذا كانت لا تحيض في أثناء مدّة الحمل تستبرأ بوضع الحمل ، وإن كانت تحيض فكذلك على الأصحّ ، وفي قولٍ يحصل استبراؤها بحيضةٍ على الحمل .</p><p>استبراء الأمة الّتي لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ : </p><p>27 - مذهب مالكٍ أنّ الأمة الّتي لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ : أنّها تتربّص ثلاثة أشهرٍ ، ونقل ابن رشدٍ في المقدّمات أنّه قد جرى اختلافٌ في مذهب مالكٍ ، فقيل : استبراؤها شهرٌ ، وقيل شهرٌ ونصفٌ ، وقيل شهران ، وقيل ثلاثة أشهرٍ ، وهو المشهور في المذهب الحنبليّ ، وهو قول الحسن ، وابن سيرين ، والنّخعيّ ، وأبي قلابة ، وهو قولٌ ثانٍ في المذهب الشّافعيّ . ومذهب أبي حنيفة ، والرّاجح عن الشّافعيّ ، أنّها تستبرأ بشهرٍ فقط ، وعلّل ذلك بأنّ الشّهر يتحقّق فيه في غيرها طهرٌ وحيضٌ ، ولأنّ الشّهر قائمٌ مقام الطّهر والحيض شرعاً .</p><p>الاستمتاع بالأمة المستبرأة : </p><p>28 - مذهب أبي حنيفة ، ومالكٍ ، والشّافعيّ في روايةٍ أنّ المستبرأة لا يقبّلها ، ولا يباشرها ، ولا ينظر منها إلى عورةٍ ، حتّى ينتهي أمد الاستبراء ، وذلك لأنّه من الجائز أنّها حملت من البائع ، وأنّ البيع باطلٌ . وهذه التّصرّفات لا تحلّ إلاّ في الملك . ووافقهم أحمد ، وله روايةٌ بالتّفصيل بين المطيقة وغيرها .</p><p>أثر العقد والوطء زمن الاستبراء :</p><p>29 - العقد على المستبرأة حرامٌ في جميع المذاهب ، وكذلك الوطء بالأولى ، وتفصيل أثره من حيث نشر الحرمة في كتب الفقه .</p><p>إحداد المستبرأة : </p><p>30 - اتّفق الفقهاء على أنّ المستبرأة لا يجب عليها الإحداد ولا يستحبّ لها ؛ لأنّ الإحداد شرع لزوال نعمة الزّواج .</p><p></p><p></p><p>*استبضاعٌ</p><p>التّعريف</p><p>1 - أ - الاستبضاع في اللّغة : من البضع ، بمعنى القطع والشّقّ ، ويستعمل استعمالاً مجازيّاً في النّكاح والمجامعة . والبضع - بالضّمّ - الجماع ، والفرج نفسه ، وعلى هذا فالاستبضاع هو : طلب الجماع ، ومنه نكاح الاستبضاع ، الّذي عرّفه ابن حجرٍ بقوله : وهو قول الرّجل لزوجته في الجاهليّة : « أرسلي إلى فلانٍ ، فاستبضعي منه » أي اطلبي منه المباضعة ، وهو الجماع . وهذا كان في الجاهليّة ، وقد أبطله الإسلام .</p><p>ب - ويأتي الاستبضاع في اللّغة بمعنًى آخر ، وهو : استبضاع الشّيء ، أي جعله بضاعةً ؛ لأنّ البضاعة هي طائفةٌ من مال الرّجل يبعثها للتّجارة .</p><p>الحكم الإجماليّ لنكاح الاستبضاع : </p><p>2 - طالما أنّ نكاح الاستبضاع هو زنًى محضٌ ، فإنّ الآثار المترتّبة عليه هي نفس الآثار المترتّبة على الزّنى ، من حيث العقوبة ، وضمان العقر ، ووجوب الاستبراء ، وعدم إلحاق نسب المولود من ذلك بالزّاني ، بل يلحق بصاحب الفراش ، إلاّ أن ينفيه بشروطه ، وغير ذلك . ( ر : زنًى ) .</p><p>الاستبضاع في التّجارات : </p><p>3 - يطلق بعض الفقهاء كلمة استبضاعٍ أيضاً على : دفع الرّجل مالاً لآخر ليعمل فيه ، على أن يكون الرّبح كلّه لربّ المال ، ولا شيء للعامل . فيقال لصاحب المال مستبضعٌ ، ومبضعٌ ، ( بالكسر ) ، ويقال للعامل مستبضعٌ ، ومبضعٌ معه ( بالفتح ) ، وهذه المعاملة هي استبضاعٌ وإبضاعٌ . ولمعرفة أحكامه ( ر : إبضاعٌ ) .</p><p></p><p></p><p>*استتابةٌ</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاستتابة في اللّغة : طلب التّوبة ، يقال استتبت فلاناً : عرضت عليه التّوبة ممّا اقترف . والتّوبة هي : الرّجوع والنّدم على ما فرّط منه ، واستتابه : سأله أن يتوب . ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ .</p><p>صفتها : الحكم التّكليفيّ : </p><p>2 - استتابة المرتدّ واجبةٌ عند المالكيّة ، وهو المعتمد عند كلٍّ من الشّافعيّة ، والحنابلة ؛ لاحتمال أن تكون عنده شبهةٌ فتزال . وذهب الحنفيّة وهو قولٌ آخر للشّافعيّة ، والحنابلة إلى أنّها : مستحبّةٌ ؛ لأنّ الدّعوة قد بلغته .</p><p>استتابة الزّنادقة والباطنيّة : </p><p>3 - في استتابة الزّنادقة وفرق الباطنيّة رأيان . </p><p>الأوّل : للمالكيّة ، وفي الظّاهر عند الحنفيّة ، رأيٌ للشّافعيّة ، والحنابلة ، لا يستتابون ولا يقبل منهم ، ويقتلون لقول اللّه تعالى : { إلاّ الّذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا } ، والزّنديق لا تظهر منه علامةٌ تبيّن رجوعه وتوبته ؛ لأنّه كان مظهراً للإسلام ، مسرّاً للكفر ، فإذا وقف على ذلك ، فأظهر التّوبة ، لم يزد على ما كان منه قبلها ، وهو إظهار الإسلام ؛ ولأنّهم يعتقدون في الباطن خلاف ما يظهرون . </p><p>الثّاني : وهو للحنفيّة في غير الظّاهر ، ورأيٌ للشّافعيّة والحنابلة ، يستتاب ؛ لأنّه كالمرتدّ ، فتجري عليه أحكامه . ( ر : زندقةٌ ) .</p><p>استتابة السّاحر : </p><p>4 - استتابة السّاحر فيها روايتان . </p><p>الأولى : للحنفيّة وهو ظاهر المذهب ، وهو رأيٌ للمالكيّة ، ورأيٌ للحنابلة ، أنّه لا يستتاب وهو ظاهر ما نقل عن الصّحابة . فإنّه لم ينقل عن أحدٍ منهم أنّه استتاب ساحراً ، لخبر عائشة : إنّ السّاحرة سألت أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون : هل لها من توبةٍ ؟ فما أفتاها أحدٌ ولأنّ السّحر معنًى في نفسه ، ولسعيه بالفساد . </p><p>الثّانية : للشّافعيّة ورأيٌ للمالكيّة والحنابلة ، أنّه يستتاب . فإن تاب قبلت توبته ؛ لأنّه ليس بأعظم من الشّرك ، ولأنّ اللّه قبل توبة سحرة فرعون ؛ ولأنّ السّاحر لو كان كافراً فأسلم صحّ إسلامه وتوبته ، فإذا صحّت التّوبة منهما ( أي السّاحر والكافر ) صحّت من أحدهما ( السّاحر المسلم ) ، ( ر : سحرٌ ) ويأخذ حكم المرتدّ ، فيحبس حتّى يتوب .</p><p>استتابة تارك الفرض : </p><p>5 - اتّفقت المذاهب على استتابة تارك الفرض من غير جحودٍ أو استخفافٍ ، حيث تقبل توبته . فإن أبى أن يتوب ، قال الحنفيّة في المذهب ، والحنابلة في رأيٍ عندهم : يحبس حتّى يتوب أو يموت . وقال المالكيّة ، والشّافعيّة وهو رأيٌ للحنابلة : إن أبى يقتل ، وهو اختيار الجمهور .</p><p></p><p></p><p>*استتارٌ</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاستتار في اللّغة : التّغطّي والاختفاء . يقال : استتر وتستّر أي تغطّى ، وجاريةٌ مستترةٌ أي مخدّرةٌ . وقد استعمله الفقهاء بهذا المعنى ، كما استعملوه بمعنى اتّخاذ السّترة في الصّلاة . والسّترة ( بالضّمّ ) هي في الأصل : ما يستتر به مطلقاً ، ثمّ غلب في الاستعمال الفقهيّ على : ما ينصب أمام المصلّي ، من عصاً أو تسنيم ترابٍ أي تكويمه ونحوه ، لمنع المرور أمامه . ويسمّى ستر الصّدقة إخفاؤها .</p><p>صفته : الحكم التّكليفيّ : </p><p>2 - يختلف حكم الاستتار تبعاً للأحوال والأفعال الّتي يكون فيها ، على ما سيأتي : الاستتار ( بمعنى اتّخاذ المصلّي سترةً ) 3 - اتّخاذ السّترة للمصلّي مشروعٌ اتّفاقاً ؛ لحديث : « ليستتر أحدكم ولو بسهمٍ » . ثمّ اختلف الفقهاء في حكمه بين الوجوب والسّنّة أو الاستحباب ، على تفصيلٍ موطنه مصطلح : ( سترة المصلّي ) .</p><p>الاستتار حين الجماع : </p><p>4 - يشمل الاستتار هنا أمرين : الأوّل : الاستتار عن أعين النّاس حين الوطء . الثّاني : عدم التّجرّد حين الوطء .</p><p>أمّا الأوّل : فإمّا أن يكون الوطء في حالة انكشاف العورة ، أو في حالة عدم انكشافها . ففي حالة انكشاف العورة انعقد الإجماع على فرضيّة الاستتار ، أمّا في حالة عدم ظهور شيءٍ من العورة فقد اتّفق الفقهاء على أنّ الاستتار سنّةٌ . وأنّ من يتهاون فيه فقد خالف السّنّة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا أتى أحدكم أهله فليستتر » . وحملوا الأمر على النّدب ولما في ذلك من الدّناءة والإخلال بالمروءة .</p><p>وأمّا الثّاني : ( عدم التّجرّد حين الجماع ) وإن لم يكن معهما أحدٌ يطّلع عليهما ، فقد اختلف الفقهاء فيه ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة إلى أنّه يجوز للرّجل أن يجرّد زوجته للجماع ، وقيّده الحنفيّة بكون البيت صغيراً ، ويستدلّ لذلك بحديث بهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جدّه قال : « قلت : يا رسول اللّه عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال احفظ عورتك إلاّ من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك ، قلت : يا رسول اللّه ، أرأيت إن كان القوم بعضهم من بعضٍ ؟ قال : إن استطعت ألاّ تريها أحداً فلا ترينّها . قلت يا رسول اللّه ، فإن كان أحدنا خالياً ، قال : فاللّه أحقّ أن يستحيا منه من النّاس » وبحديث عبد اللّه بن عمر قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إيّاكم والتّعرّي ، فإنّ معكم من لا يفارقكم إلاّ عند الغائط ، وحين يفضي الرّجل إلى أهله ، فاستحيوهم وأكرموهم » . وذهب الحنابلة إلى أنّه يكره ، لحديث عتبة بن عبدٍ السّلميّ ، قال : « قال رسول اللّه : إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ، ولا يتجرّدا تجرّد العيرين » .</p><p>ما يخلّ بالاستتار : </p><p>5 -أ - يخلّ بالاستتار وجود شخصٍ مميّزٍ مستيقظٍ معهما في البيت ، سواءٌ أكان زوجةً ، أم سرّيّةً ، أم غيرهما ، يرى أو يسمع الحسّ ، وبه قال الجمهور ، وقد سئل الحسن البصريّ عن الرّجل يكون له امرأتان في بيتٍ ، قال : كانوا يكرهون أن يطأ إحداهما والأخرى ترى أو تسمع .</p><p>ب - ويخلّ بالاستتار وجود نائمٍ ، نصّ على ذلك المالكيّة ، فقال الرّهونيّ في حاشيته على شرح الزّرقانيّ لمتن خليلٍ : لا يجوز للرّجل أن يصيب زوجته أو أمته ومعه في البيت أحدٌ يقظان أو نائمٌ ، لأنّ النّائم قد يستيقظ فيراهما على تلك الحال .</p><p>ج - ويخلّ بالاستتار عند جمهور المالكيّة وجود صغيرٍ غير مميّزٍ ، اتّباعاً لابن عمر الّذي كان يخرج الصّبيّ في المهد عندما يريد الجماع . وذهب الجمهور - ومنهم بعض المالكيّة - إلى أنّ وجود غير المميّز لا يخلّ بالاستتار ؛ لما فيه من مشقّةٍ وحرجٍ .</p><p>الآثار المرتّبة على ترك الاستتار في الجماع : </p><p>6 - من حقّ المرأة الامتناع عن إجابة طلب زوجها إلى فراشه ، إن كان ممّن لا يستتر عن النّاس حين الجماع ، ولا تصير ناشزاً بهذا الامتناع ؛ لأنّه امتناعٌ بحقٍّ ؛ ولأنّ الحياء والمروءة يأبيان ذلك ، نصّ على ذلك الحنفيّة ، والشّافعيّة ، وقواعد المالكيّة والحنابلة لا تأباه .</p><p>الاستتار عند قضاء الحاجة : </p><p>7 - يشمل هذا أمرين : الاستتار عن النّاس ، والاستتار عن القبلة إن كان خارج البنيان . أمّا الأوّل ، فالأصل وجوب ستر العورة عند قضاء الحاجة ، بحضور من لا يحلّ له النّظر إليها ، وتفصيله في مصطلح ( عورةٌ ) ، كما أنّه يسنّ عند بعض الفقهاء استتار شخص الإنسان عند إرادة الغائط . </p><p>وأمّا الاستتار عن القبلة بساترٍ فإنّ بعض الفقهاء يرى جواز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة ، إن استتر عن القبلة بساترٍ . ويرى بعضهم تحريم استقبال القبلة واستدبارها مطلقاً ، وتفصيل ما يتّصل بالاستتار عن القبلة في مصطلح : ( قضاء الحاجة ) .</p><p>الاستتار حين الاغتسال : </p><p>أ - وجوب الاستتار عمّن لا يحلّ له النّظر إليه :</p><p>8 - الأمر الّذي لا خلاف فيه هو : افتراض الاستتار حين الاغتسال ، بحضرة من لا يجوز له النّظر إلى عورة المغتسل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « احفظ عورتك إلاّ من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك » . وعن أمّ هانئٍ قالت : « ذهبت إلى رسول اللّه عام الفتح فوجدته يغتسل ، وفاطمة تستره فقال : من هذه ؟ فقلت : أنا أمّ هانئٍ » . ( ر : عورةٌ ) فإذا لم يمكنه الاغتسال إلاّ بكشف عورته أمام واحدٍ من هؤلاء ، فقد صرّح الحنفيّة بأنّ كشف العورة حينئذٍ لا يسقط وجوب الغسل عليه – إن كان رجلاً بين رجالٍ ، أو امرأةً بين نساءٍ – لأمرين . الأوّل : نظر الجنس إلى الجنس أخفّ من النّظر إلى الجنس الآخر . </p><p>والثّاني : أنّ الغسل فرضٌ فلا يترك لكشف العورة . أمّا إن كانت امرأةٌ بين رجالٍ ، أو رجلٌ بين نساءٍ ، أو خنثى بين رجالٍ أو نساءٍ ، أو هما معاً ، فلا يجوز لهؤلاء الكشف عن عوراتهم للغسل ، بل يتيمّمون ، لكن شارح منية المصلّي لم يسلّم بهذا التّفصيل ؛ لأنّ ترك المنهيّ عنه مقدّمٌ على فعل المأمور ، وللغسل خلفٌ وهو التّيمّم . وعموم كلام الحنابلة ، في تحريم كشف العورة عند الاغتسال بحضور من يحرم نظره إليها ، يشعر بأنّهم يخالفون الحنفيّة . والّذي يؤخذ من كلام المالكيّة ، والشّافعيّة أنّه لو ترتّب على القيام بالطّهارة المائيّة كشف العورة ، فإنّه يصار إلى التّيمّم ؛ لأنّ ستر العورة لا بدل له ؛ ولأنّه واجبٌ للصّلاة والصّيانة عن العيون ، ويباح فعل المحظور من أجله ، كاستتار الرّجل بالحرير إذا تعيّن . أمّا الطّهارة المائيّة فلها بدلٌ ، ولا يباح فعل المحظور من أجلها ومن هنا كان السّلف والأئمّة الأربعة يتشدّدون في المنع من دخول الحمّام إلاّ بمئزرٍ . وروى ابن أبي شيبة في ذلك آثاراً عن عليّ بن أبي طالبٍ ومحمّد بن سيرين وأبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ وسعيد بن جبيرٍ ، حتّى بلغ الأمر بعمر بن الخطّاب أنّه كتب : لا يدخلنّ أحدٌ الحمّام إلاّ بمئزرٍ ، وبعمر بن عبد العزيز أن كتب إلى عامله بالبصرة أمّا بعد : فمر من قبلك ألاّ يدخلوا الحمّام إلاّ بمئزرٍ ، وأخذ يفرض العقوبات الرّادعة على من دخل الحمّام بغير مئزرٍ ، وعلى صاحب الحمّام الّذي أدخله . وعن عبادة قال : رأيت عمر بن عبد العزيز يضرب صاحب الحمّام ومن دخله بغير إزارٍ .</p><p>ب - استتار المغتسل بحضور الزّوجة : </p><p>9 - ممّا لا خلاف فيه أيضاً : أنّ لكلّ واحدٍ من الزّوجين أن يغتسل بحضور الآخر ، وهو بادي العورة . للحديث المتقدّم : « احفظ عورتك إلاّ من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك » . ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت : « كنت أغتسل أنا والنّبيّ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ من قدحٍ ، يقال له : الفرق » ، متّفقٌ عليه .</p><p>استتار المغتسل منفرداً : </p><p>10 - ذهب الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة إلى أنّه يجوز للمنفرد أن يغتسل عرياناً . واستدلّوا على ذلك بما رواه البخاريّ عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « قال : كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراةً ، ينظر بعضهم إلى بعضٍ ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : واللّه ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلاّ أنّه آدرّ - منفوخ الخصية - فذهب مرّةً يغتسل ، فوضع ثوبه على حجرٍ ، ففرّ الحجر بثوبه ، فخرج موسى في إثره يقول : ثوبي يا حجر ، حتّى نظر بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا : واللّه ما بموسى من بأسٍ ، وأخذ ثوبه ، فطفق بالحجر ضرباً » . وعن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « قال : بينا أيّوب يغتسل عرياناً فخرّ عليه جرادٌ من ذهبٍ ، فجعل أيّوب يحتشي في ثوبه ، فناداه ربّه : يا أيّوب ألم أكن أغنيتك عمّا ترى ؟ قال : بلى وعزّتك ، ولكن لا غنى بي عن بركتك » . فقد قصّ علينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذلك دون نكيرٍ ، فهو دليلٌ على الجواز ؛ لأنّ شرع من قبلنا شرعٌ لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه . وسئل الإمام مالكٌ عن الغسل في الفضاء ، فقال : لا بأس به ، فقيل : يا أبا عبد اللّه إنّ فيه حديثاً ، فأنكر ذلك ، وقال تعجّباً : لا يغتسل الرّجل في الفضاء ؟ ، وجه إجازة مالكٍ للرّجل أن يغتسل في الفضاء إذا أمن أن يمرّ به أحدٌ ، وأنّ الشّرع إنّما قرّر وجوب ستر العورة عن المخلوقين من بني آدم دون سواهم من الملائكة ، إذ لا يفارقه الحفظة الموكّلون به في حالٍ من الأحوال ، قال تعالى : { ما يلفظ من قولٍ إلاّ لديه رقيبٌ عتيدٌ } . وقال تعالى : { وإنّ عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون } : ولهذا قال مالكٌ تعجّباً : لا يغتسل الرّجل في الفضاء ، إذ لا فرق في حقّ الملائكة بين الفضاء وغيره . ولكن هذا جوازٌ مقرونٌ بالكراهة التّنزيهيّة ، ولذلك يندب له الاستتار . لما رواه البخاريّ تعليقاً ، ووصله غيره ، عن معاوية بن حيدة ، عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « احفظ عورتك إلاّ من زوجتك أو ما ملكت يمينك . قلت : يا رسول اللّه فإن كان أحدنا خالياً ؟ قال : فاللّه أحقّ أن يستحيا منه من النّاس » . وذهب عبد الرّحمن بن أبي ليلى إلى وجوب الاستتار حين الغسل ، ولو كان في خلوةٍ . مستدلاًّ بالحديث الّذي أخرجه أبو داود والنّسائيّ « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز - أي بالخلاء - فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وقال : إنّ اللّه عزّ وجلّ حليمٌ حييٌّ ستّيرٌ ، يحبّ الحياء والسّتر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر » .</p><p>استتار المرأة المتزيّنة : </p><p>11 - يجب على المرأة الاستتار عن غير الزّوج والمحارم ، بستر عورتها وعدم إبداء زينتها ، لقوله تعالى : « يا أيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ » . وفيما يجب ستره عن المحارم وغيرهم ، وفي ستر الوجه والكفّين والقدمين خلافٌ وتفصيلٌ موطنه مصطلح : ( تزيّنٌ ) ( وعورةٌ ) .</p><p>الاستتار من عمل الفاحشة : </p><p>12 - من ابتلي بمعصيةٍ ، كشرب الخمر والزّنا ، فعليه أن يستتر بذلك ، ولا يجاهر بفعله السّيّئ ، كما ينبغي لمن علم بفاحشته أن يستر عليه وينصحه ، ويمنعه عن المنكر بالوسيلة الّتي يستطيعها .</p><p>13 - وقد اتّفق الفقهاء على أنّ المرء إذا وقع منه ما يعاب عليه يندب له السّتر على نفسه ، فلا يعلم أحداً ، حتّى القاضي ، بفاحشته لإقامة الحدّ أو التّعزير عليه ، لما رواه البخاريّ وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « كلّ أمّتي معافًى إلاّ المجاهرين ، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل باللّيل عملاً ، ثمّ يصبح وقد ستره اللّه تعالى ، فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربّه ويصبح يكشف ستر اللّه عنه » . وقوله صلى الله عليه وسلم « من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر اللّه ، فإنّه من يبدي لنا من صفحته نقم عليه كتاب اللّه » . وقال أبو بكرٍ الصّدّيق : لو أخذت شارباً لأحببت أن يستره اللّه ، ولو أخذت سارقاً لأحببت أن يستره اللّه ، وأنّ الصّحابة أبا بكرٍ وعمر وعليّاً وعمّار بن ياسرٍ وأبا هريرة وأبا الدّرداء والحسن بن عليٍّ وغيرهم ، قد أثر عنهم السّتر على معترفٍ بالمعصية ، أو تلقينه الرّجوع من إقراره بها ، ستراً عليه ، وستر معترف المعصية على نفسه أولى من ستر غيره عليه . والجهر بالمعصية عن جهلٍ ، ليس كالجهر بالمعصية تبجّحاً . قال ابن حجرٍ : فإنّ من قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربّه . وقال الخطيب الشّربينيّ : وأمّا التّحدّث بها تفكّهاً فحرامٌ قطعاً .</p><p>أثر الاستتار بالمعصية : </p><p>14 - يترتّب على الاستتار بالمعصية : </p><p>أ - عدم إقامة العقوبة الدّنيويّة ؛ لأنّ العقوبات لا تجب إلاّ بعد إثباتها . ( ر : إثباتٌ ) فإذا استتر بها ولم يعلنها ولم يقرّ بها ولم ينله أيّ طريقٍ من طرق الإثبات ، فلا عقوبة .</p><p>ب - عدم شيوع الفاحشة ، قال اللّه تعالى : { إنّ الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الّذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدّنيا والآخرة واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون } .</p><p>ج - من ارتكب معصيةً فاستتر بها فهو أقرب إلى أن يتوب منها ، فإن تاب سقطت عنه المؤاخذة ، فإن كانت المعصية تتعلّق بحقّ اللّه تعالى فإنّ التّوبة تسقط المؤاخذة ؛ لأنّ اللّه أكرم الأكرمين ، ورحمته سبقت غضبه ، فلذلك إذا ستره في الدّنيا لم يفضحه في الآخرة . وإن كانت تتعلّق بحقٍّ من حقوق العباد ، كقتلٍ وقذفٍ ونحو ذلك ، فإنّ من شروط التّوبة فيها أداء هذه الحقوق لأصحابها ، أو عفو أصحابها عنها ، ولذلك وجب على من استتر بالمعصية المتعلّقة بحقّ آدميٍّ أن يؤدّي هذا الحقّ لصاحبه . ( ر : التّوبة ) .</p><p></p><p></p><p>*استثمارٌ</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاستثمار في اللّغة : من ( ثمر ) ، وثمر الشّيء : إذا تولّد منه شيءٌ آخر ، وثمّر الرّجل ماله : أحسن القيام عليه ونمّاه ، وثمر الشّيء : هو ما يتولّد منه ، وعلى هذا فإنّ الاستثمار هو : طلب الحصول على الثّمرة . والفقهاء يستعملون هذا اللّفظ بهذا المعنى أيضاً .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة : </p><p>أ - الانتفاع : </p><p>2 - الانتفاع هو الحصول على المنفعة ، فالفرق بينه وبين الاستثمار ، أنّ الانتفاع أعمّ من الاستثمار ؛ لأنّ الانتفاع قد يكون بالاستثمار ، وقد لا يكون .</p><p>ب - الاستغلال : </p><p>3 - الاستغلال طلب الغلّة ، والغلّة هي : كلّ عينٍ حاصلةٍ من ريع الملك ، وهذا هو عين الاستثمار ، فما تخرجه الأرض هو ثمرةٌ ، وهو غلّةٌ ، وهو ريعٌ . وللحنفيّة تفرقةٌ خاصّةٌ بين الثّمرة والغلّة في باب الوصيّة ، فإذا أوصى بثمرة بستانه انصرف إلى الموجود خاصّةً ، وإذا أوصى بغلّته شمل الموجود وما هو بعرض الوجود .</p><p>صفته الحكم التّكليفيّ : </p><p>4 - الأصل استحباب استثمار الأموال القابلة لذلك ؛ لما فيه من وجوه النّفع .</p><p>أركان الاستثمار :</p><p>كلّ استثمارٍ لا يخلو من ركنين اثنين : المستثمر ( بكسر الميم ) ، والمستثمر ( بفتح الميم ) .</p><p>أوّلاً : المستثمر ( بكسر الميم ) :</p><p>5 - الأصل أن يتمّ استثمار المال من قبل مالكه ، ولكن قد يحدث ما يجعل الغير يقوم بهذا الاستثمار عن المالك ، وهذا على صورتين : </p><p>أ - الاستثمار بالإنابة : والإنابة قد تكون من المالك كالوكالة ، أو من الشّارع كالقيّم .</p><p>ب - الاستثمار بالتّعدّي : وقد يقدم على استثمار المال أجنبيٌّ بغير إذن صاحب المال ، وبغير إعطاء الشّرع هذا الحقّ له ، وعندئذٍ يعتبر غاصباً ( ر : غصبٌ ) .</p><p>ثانياً : المال المستثمر :</p><p>6 - لكي يكون الاستثمار حلالاً يشترط في المال المستثمر أن يكون مملوكاً ، ملكاً مشروعاً للمستثمر ( بكسر الميم ) ، أو لمن كان المستثمر نائباً عنه نيابةً شرعيّةً أو تعاقديّةً ، فإن لم يكن كذلك لم يحلّ استثماره ، كالمال المغصوب أو المسروق . وكذلك لا يحلّ استثمار الوديعة ؛ لأنّ يد الوديع يد حفظٍ .</p><p>ملك الثّمرة : </p><p>7 - إذا كان الاستثمار مشروعاً ، كانت الثّمرة ملكاً للمالك ، أمّا إذا كان الاستثمار غير مشروعٍ ، كمن غصب أرضاً واستغلّها ، فإنّ الثّمرة عند الحنفيّة يملكها الغاصب ملكاً خبيثاً ، ويؤمر بالتّصدّق بها . وذهب المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة إلى : أنّ الغلّة للمالك ، وفي روايةٍ عن أحمد : أنّه يتصدّق بها .</p><p>طرق الاستثمار : </p><p>8 - يجوز استثمار الأموال بأيّ طريقٍ مشروعٍ .</p><p></p><p></p><p>*استثناءٌ</p><p>التّعريف</p><p>1 - الاستثناء لغةً : مصدر استثنى ، تقول : استثنيت الشّيء من الشّيء إذا أخرجته ، ويقال : حلف فلانٌ يميناً ليس فيها ثنيا ، ولا مثنويّةً ، ولا استثناء ، كلّه واحدٌ . وذكر الشّهاب الخفاجيّ أنّ الاستثناء في اللّغة والاستعمال يطلق على : التّقييد بالشّرط ، ومنه قوله تعالى { ولا يستثنون } أي لا يقولون : « إن شاء اللّه » . والاستثناء في اصطلاح الفقهاء والأصوليّين إمّا أن يكون لفظيّاً أو معنويّاً أو حكميّاً ، فالاستثناء اللّفظيّ هو : الإخراج من متعدّدٍ بإلاّ ، أو إحدى أخواتها ، ويلحق به في الحكم الإخراج بأستثني وأخرج ونحوهما على لفظ المضارع ، وعرّفه السّبكيّ بأنّه : الإخراج بإلاّ أو إحدى أخواتها من متكلّمٍ واحدٍ . وعرّفه صدر الشّريعة الحنفيّ بأنّه : المنع من دخول بعض ما تناوله صدر الكلام في حكمه بإلاّ أو إحدى أخواتها ، فعرّفه بالمنع ، ولم يعرّفه بالإخراج ؛ لأنّ الاستثناء عند الحنفيّة لا إخراج به ، إذ لم يدخل المستثنى في المستثنى منه أصلاً حتّى يكون مخرجاً . فالاستثناء لمنعه من الدّخول ، والفقهاء يستعملون الاستثناء أيضاً بمعنى قول : « إن شاء اللّه » في كلامٍ إنشائيٍّ أو خبريٍّ . وهذا النّوع ليس استثناءً حقيقيّاً بل هو من متعارف النّاس . فإن كان بإلاّ ونحوها فهو استثناءٌ حقيقيٌّ ، أو « استثناءٌ وضعيٌّ » ، كأن يقول : لا أفعل كذا إلاّ أن يشاء اللّه ، أو : لأفعلنّ كذا إلاّ أن يشاء اللّه ، ومن العرفيّ قول النّاس : إن يسّر اللّه ، أو إن أعان اللّه ، أو ما شاء اللّه . وإنّما سمّي هذا التّعليق - ولو كان بغير إلاّ - استثناءً لشبهه بالاستثناء المتّصل في صرفه الكلام السّابق له عن ظاهره . والاستثناء المعنويّ هو : الإخراج من الجملة بغير أداة استثناءٍ ، كقول المقرّ : « له الدّار ، وهذا البيت منها لي » . وإنّما أعطوه حكم الاستثناء ؛ لأنّه في قوّة قوله : « له جميع الدّار إلاّ هذا البيت » . والاستثناء الحكميّ يقصد به أن يرد التّصرّف مثلاً على عينٍ فيها حقٌّ للغير ، كبيع الدّار المؤجّرة ، فإنّ الإجارة لا تنقطع بذلك ، والبيع صحيحٌ ، فكأنّ البيع ورد على العين باستثناء منفعتها مدّة الإجارة . وهذا الإطلاق قليلٌ في متعارف الفقهاء والأصوليّين ، وقد ورد في الأشباه والنّظائر للسّيوطيّ والقواعد لابن رجبٍ ، إلاّ أنّ هذا النّوع لا يدخل في مفهوم الاستثناء المصطلح عليه ، ولذا فلا تنطبق عليه أحكام الاستثناء فيما يلي من هذا البحث .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40854, member: 329"] د - زوال الملك بالبيع : 22 - إذا أراد السّيّد بيع الأمة فلا يخلو حاله من أمرين : إمّا أن يكون قد وطئها قبل ذلك أو لا . أمّا الأمة الّتي لم يطأها فيجوز له أن يبيعها بدون استبراءٍ . واستحبّ الإمام أحمد استبراءها . وأمّا الأمة الّتي كان يستمتع بها سيّدها ويطؤها ، فمذهب مالكٍ أنّ استبراءها واجبٌ على السّيّد قبل البيع . ويفصّل أحمد بين اليائسة وغيرها . ودليله : أنّ عمر بن الخطّاب أنكر على عبد الرّحمن بن عوفٍ بيع جاريةٍ كان يطؤها قبل استبرائها . وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الاستبراء في هذه الحالة سنّةٌ ، وذلك قبل بيعه لها ؛ ليكون على بصيرةٍ منها . وقال الحنفيّة : إنّه مستحبٌّ . هـ - الاستبراء بسوء الظّنّ : 23 - قال المازريّ : وكلّ من جاز حملها ففي استبرائها قولان . ومثّل له بأمثلةٍ منها : استبراء الأمة خوف أن تكون زنت ، وهو المعبّر عنه بالاستبراء لسوء الظّنّ . مدّة الاستبراء : المستبرأة لها أحوالٌ منها : الحرّة ، والأمة الّتي بلغت المحيض وهي تحيض فعلاً ، والحامل ، والّتي لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ . استبراء الحرّة : 24 - استبراء الحرّة كعدّتها ، إلاّ في ثلاث مسائل يكتفى فيها بحيضةٍ واحدةٍ ، وهي استبراؤها لإقامة الحدّ عليها في الزّنا أو الرّدّة ؛ ليتبيّن عدم حملها ؛ لأنّ ذلك مانعٌ من إقامة الحدّ ، أو في الملاعنة لنفي حملها . والاكتفاء في المزنيّ بها بحيضةٍ واحدةٍ هو مذهب الحنفيّة ، وروايةٌ عن كلٍّ من الشّافعيّة والحنابلة . ولهما روايةٌ أخرى أنّها تستبرأ بثلاثٍ . استبراء الأمة الحائض : 25 - ذهب مالكٌ ، والشّافعيّ ، وأحمد في روايةٍ ، وعثمان ، وعائشة ، والحسن ، والشّعبيّ ، والقاسم بن محمّدٍ ، وأبو قلابة ، ومكحولٌ ، وأبو ثورٍ ، وأبو عبيدٍ ، إلى أنّ الأمة إذا كانت ممّن تحيض كعادة النّساء كلّ شهرٍ أو نحوه ، فاستبراؤها يقع بحيضةٍ كاملةٍ ، سواءٌ في ذلك استبراء البيع والعتق والوفاة ، أمّ ولدٍ كانت أو لا . وفرّق الحنفيّة بين أمّ الولد وغيرها ، فإذا كانت المستبرأة غير أمّ ولدٍ ، فاستبراؤها بحيضةٍ كاملةٍ ، أمّا أمّ الولد ، إذا أعتقت بإعتاق المولى أو بموته ، فإنّها تعتدّ بثلاثة قروءٍ ؛ لما روي عن عمر وغيره أنّهم قالوا : عدّة أمّ الولد ثلاث حيضٍ . استبراء الحامل : 26 - ذهب المالكيّة ، والحنفيّة ، والحنابلة ، إلى أنّ المستبرأة إذا كانت حاملاً فاستبراؤها يكون بوضع حملها كلّه ، ولو وضعته بعد لحظةٍ من وجوبه . ومذهب الشّافعيّة أنّ الأمة المسبيّة ، أو الّتي زال عنها فراش السّيّد يحصل استبراؤها بوضع حملها ، وإن كانت مشتراةً - وهي حاملٌ من زوجٍ أو وطءٍ بشبهةٍ - فلا استبراء في الحال ، ويجب بعد زوال العدّة أو النّكاح ، لأنّ حدوث حلّ الاستمتاع إنّما وجد بعد ذلك ، وإن تقدّم عليه الملك ؛ لأنّه ملكٌ مشغولٌ بحقّ الغير . والحامل من زناً إذا كانت لا تحيض في أثناء مدّة الحمل تستبرأ بوضع الحمل ، وإن كانت تحيض فكذلك على الأصحّ ، وفي قولٍ يحصل استبراؤها بحيضةٍ على الحمل . استبراء الأمة الّتي لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ : 27 - مذهب مالكٍ أنّ الأمة الّتي لا تحيض لصغرٍ أو كبرٍ : أنّها تتربّص ثلاثة أشهرٍ ، ونقل ابن رشدٍ في المقدّمات أنّه قد جرى اختلافٌ في مذهب مالكٍ ، فقيل : استبراؤها شهرٌ ، وقيل شهرٌ ونصفٌ ، وقيل شهران ، وقيل ثلاثة أشهرٍ ، وهو المشهور في المذهب الحنبليّ ، وهو قول الحسن ، وابن سيرين ، والنّخعيّ ، وأبي قلابة ، وهو قولٌ ثانٍ في المذهب الشّافعيّ . ومذهب أبي حنيفة ، والرّاجح عن الشّافعيّ ، أنّها تستبرأ بشهرٍ فقط ، وعلّل ذلك بأنّ الشّهر يتحقّق فيه في غيرها طهرٌ وحيضٌ ، ولأنّ الشّهر قائمٌ مقام الطّهر والحيض شرعاً . الاستمتاع بالأمة المستبرأة : 28 - مذهب أبي حنيفة ، ومالكٍ ، والشّافعيّ في روايةٍ أنّ المستبرأة لا يقبّلها ، ولا يباشرها ، ولا ينظر منها إلى عورةٍ ، حتّى ينتهي أمد الاستبراء ، وذلك لأنّه من الجائز أنّها حملت من البائع ، وأنّ البيع باطلٌ . وهذه التّصرّفات لا تحلّ إلاّ في الملك . ووافقهم أحمد ، وله روايةٌ بالتّفصيل بين المطيقة وغيرها . أثر العقد والوطء زمن الاستبراء : 29 - العقد على المستبرأة حرامٌ في جميع المذاهب ، وكذلك الوطء بالأولى ، وتفصيل أثره من حيث نشر الحرمة في كتب الفقه . إحداد المستبرأة : 30 - اتّفق الفقهاء على أنّ المستبرأة لا يجب عليها الإحداد ولا يستحبّ لها ؛ لأنّ الإحداد شرع لزوال نعمة الزّواج . *استبضاعٌ التّعريف 1 - أ - الاستبضاع في اللّغة : من البضع ، بمعنى القطع والشّقّ ، ويستعمل استعمالاً مجازيّاً في النّكاح والمجامعة . والبضع - بالضّمّ - الجماع ، والفرج نفسه ، وعلى هذا فالاستبضاع هو : طلب الجماع ، ومنه نكاح الاستبضاع ، الّذي عرّفه ابن حجرٍ بقوله : وهو قول الرّجل لزوجته في الجاهليّة : « أرسلي إلى فلانٍ ، فاستبضعي منه » أي اطلبي منه المباضعة ، وهو الجماع . وهذا كان في الجاهليّة ، وقد أبطله الإسلام . ب - ويأتي الاستبضاع في اللّغة بمعنًى آخر ، وهو : استبضاع الشّيء ، أي جعله بضاعةً ؛ لأنّ البضاعة هي طائفةٌ من مال الرّجل يبعثها للتّجارة . الحكم الإجماليّ لنكاح الاستبضاع : 2 - طالما أنّ نكاح الاستبضاع هو زنًى محضٌ ، فإنّ الآثار المترتّبة عليه هي نفس الآثار المترتّبة على الزّنى ، من حيث العقوبة ، وضمان العقر ، ووجوب الاستبراء ، وعدم إلحاق نسب المولود من ذلك بالزّاني ، بل يلحق بصاحب الفراش ، إلاّ أن ينفيه بشروطه ، وغير ذلك . ( ر : زنًى ) . الاستبضاع في التّجارات : 3 - يطلق بعض الفقهاء كلمة استبضاعٍ أيضاً على : دفع الرّجل مالاً لآخر ليعمل فيه ، على أن يكون الرّبح كلّه لربّ المال ، ولا شيء للعامل . فيقال لصاحب المال مستبضعٌ ، ومبضعٌ ، ( بالكسر ) ، ويقال للعامل مستبضعٌ ، ومبضعٌ معه ( بالفتح ) ، وهذه المعاملة هي استبضاعٌ وإبضاعٌ . ولمعرفة أحكامه ( ر : إبضاعٌ ) . *استتابةٌ التّعريف 1 - الاستتابة في اللّغة : طلب التّوبة ، يقال استتبت فلاناً : عرضت عليه التّوبة ممّا اقترف . والتّوبة هي : الرّجوع والنّدم على ما فرّط منه ، واستتابه : سأله أن يتوب . ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ . صفتها : الحكم التّكليفيّ : 2 - استتابة المرتدّ واجبةٌ عند المالكيّة ، وهو المعتمد عند كلٍّ من الشّافعيّة ، والحنابلة ؛ لاحتمال أن تكون عنده شبهةٌ فتزال . وذهب الحنفيّة وهو قولٌ آخر للشّافعيّة ، والحنابلة إلى أنّها : مستحبّةٌ ؛ لأنّ الدّعوة قد بلغته . استتابة الزّنادقة والباطنيّة : 3 - في استتابة الزّنادقة وفرق الباطنيّة رأيان . الأوّل : للمالكيّة ، وفي الظّاهر عند الحنفيّة ، رأيٌ للشّافعيّة ، والحنابلة ، لا يستتابون ولا يقبل منهم ، ويقتلون لقول اللّه تعالى : { إلاّ الّذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا } ، والزّنديق لا تظهر منه علامةٌ تبيّن رجوعه وتوبته ؛ لأنّه كان مظهراً للإسلام ، مسرّاً للكفر ، فإذا وقف على ذلك ، فأظهر التّوبة ، لم يزد على ما كان منه قبلها ، وهو إظهار الإسلام ؛ ولأنّهم يعتقدون في الباطن خلاف ما يظهرون . الثّاني : وهو للحنفيّة في غير الظّاهر ، ورأيٌ للشّافعيّة والحنابلة ، يستتاب ؛ لأنّه كالمرتدّ ، فتجري عليه أحكامه . ( ر : زندقةٌ ) . استتابة السّاحر : 4 - استتابة السّاحر فيها روايتان . الأولى : للحنفيّة وهو ظاهر المذهب ، وهو رأيٌ للمالكيّة ، ورأيٌ للحنابلة ، أنّه لا يستتاب وهو ظاهر ما نقل عن الصّحابة . فإنّه لم ينقل عن أحدٍ منهم أنّه استتاب ساحراً ، لخبر عائشة : إنّ السّاحرة سألت أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون : هل لها من توبةٍ ؟ فما أفتاها أحدٌ ولأنّ السّحر معنًى في نفسه ، ولسعيه بالفساد . الثّانية : للشّافعيّة ورأيٌ للمالكيّة والحنابلة ، أنّه يستتاب . فإن تاب قبلت توبته ؛ لأنّه ليس بأعظم من الشّرك ، ولأنّ اللّه قبل توبة سحرة فرعون ؛ ولأنّ السّاحر لو كان كافراً فأسلم صحّ إسلامه وتوبته ، فإذا صحّت التّوبة منهما ( أي السّاحر والكافر ) صحّت من أحدهما ( السّاحر المسلم ) ، ( ر : سحرٌ ) ويأخذ حكم المرتدّ ، فيحبس حتّى يتوب . استتابة تارك الفرض : 5 - اتّفقت المذاهب على استتابة تارك الفرض من غير جحودٍ أو استخفافٍ ، حيث تقبل توبته . فإن أبى أن يتوب ، قال الحنفيّة في المذهب ، والحنابلة في رأيٍ عندهم : يحبس حتّى يتوب أو يموت . وقال المالكيّة ، والشّافعيّة وهو رأيٌ للحنابلة : إن أبى يقتل ، وهو اختيار الجمهور . *استتارٌ التّعريف 1 - الاستتار في اللّغة : التّغطّي والاختفاء . يقال : استتر وتستّر أي تغطّى ، وجاريةٌ مستترةٌ أي مخدّرةٌ . وقد استعمله الفقهاء بهذا المعنى ، كما استعملوه بمعنى اتّخاذ السّترة في الصّلاة . والسّترة ( بالضّمّ ) هي في الأصل : ما يستتر به مطلقاً ، ثمّ غلب في الاستعمال الفقهيّ على : ما ينصب أمام المصلّي ، من عصاً أو تسنيم ترابٍ أي تكويمه ونحوه ، لمنع المرور أمامه . ويسمّى ستر الصّدقة إخفاؤها . صفته : الحكم التّكليفيّ : 2 - يختلف حكم الاستتار تبعاً للأحوال والأفعال الّتي يكون فيها ، على ما سيأتي : الاستتار ( بمعنى اتّخاذ المصلّي سترةً ) 3 - اتّخاذ السّترة للمصلّي مشروعٌ اتّفاقاً ؛ لحديث : « ليستتر أحدكم ولو بسهمٍ » . ثمّ اختلف الفقهاء في حكمه بين الوجوب والسّنّة أو الاستحباب ، على تفصيلٍ موطنه مصطلح : ( سترة المصلّي ) . الاستتار حين الجماع : 4 - يشمل الاستتار هنا أمرين : الأوّل : الاستتار عن أعين النّاس حين الوطء . الثّاني : عدم التّجرّد حين الوطء . أمّا الأوّل : فإمّا أن يكون الوطء في حالة انكشاف العورة ، أو في حالة عدم انكشافها . ففي حالة انكشاف العورة انعقد الإجماع على فرضيّة الاستتار ، أمّا في حالة عدم ظهور شيءٍ من العورة فقد اتّفق الفقهاء على أنّ الاستتار سنّةٌ . وأنّ من يتهاون فيه فقد خالف السّنّة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا أتى أحدكم أهله فليستتر » . وحملوا الأمر على النّدب ولما في ذلك من الدّناءة والإخلال بالمروءة . وأمّا الثّاني : ( عدم التّجرّد حين الجماع ) وإن لم يكن معهما أحدٌ يطّلع عليهما ، فقد اختلف الفقهاء فيه ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة إلى أنّه يجوز للرّجل أن يجرّد زوجته للجماع ، وقيّده الحنفيّة بكون البيت صغيراً ، ويستدلّ لذلك بحديث بهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جدّه قال : « قلت : يا رسول اللّه عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال احفظ عورتك إلاّ من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك ، قلت : يا رسول اللّه ، أرأيت إن كان القوم بعضهم من بعضٍ ؟ قال : إن استطعت ألاّ تريها أحداً فلا ترينّها . قلت يا رسول اللّه ، فإن كان أحدنا خالياً ، قال : فاللّه أحقّ أن يستحيا منه من النّاس » وبحديث عبد اللّه بن عمر قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إيّاكم والتّعرّي ، فإنّ معكم من لا يفارقكم إلاّ عند الغائط ، وحين يفضي الرّجل إلى أهله ، فاستحيوهم وأكرموهم » . وذهب الحنابلة إلى أنّه يكره ، لحديث عتبة بن عبدٍ السّلميّ ، قال : « قال رسول اللّه : إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ، ولا يتجرّدا تجرّد العيرين » . ما يخلّ بالاستتار : 5 -أ - يخلّ بالاستتار وجود شخصٍ مميّزٍ مستيقظٍ معهما في البيت ، سواءٌ أكان زوجةً ، أم سرّيّةً ، أم غيرهما ، يرى أو يسمع الحسّ ، وبه قال الجمهور ، وقد سئل الحسن البصريّ عن الرّجل يكون له امرأتان في بيتٍ ، قال : كانوا يكرهون أن يطأ إحداهما والأخرى ترى أو تسمع . ب - ويخلّ بالاستتار وجود نائمٍ ، نصّ على ذلك المالكيّة ، فقال الرّهونيّ في حاشيته على شرح الزّرقانيّ لمتن خليلٍ : لا يجوز للرّجل أن يصيب زوجته أو أمته ومعه في البيت أحدٌ يقظان أو نائمٌ ، لأنّ النّائم قد يستيقظ فيراهما على تلك الحال . ج - ويخلّ بالاستتار عند جمهور المالكيّة وجود صغيرٍ غير مميّزٍ ، اتّباعاً لابن عمر الّذي كان يخرج الصّبيّ في المهد عندما يريد الجماع . وذهب الجمهور - ومنهم بعض المالكيّة - إلى أنّ وجود غير المميّز لا يخلّ بالاستتار ؛ لما فيه من مشقّةٍ وحرجٍ . الآثار المرتّبة على ترك الاستتار في الجماع : 6 - من حقّ المرأة الامتناع عن إجابة طلب زوجها إلى فراشه ، إن كان ممّن لا يستتر عن النّاس حين الجماع ، ولا تصير ناشزاً بهذا الامتناع ؛ لأنّه امتناعٌ بحقٍّ ؛ ولأنّ الحياء والمروءة يأبيان ذلك ، نصّ على ذلك الحنفيّة ، والشّافعيّة ، وقواعد المالكيّة والحنابلة لا تأباه . الاستتار عند قضاء الحاجة : 7 - يشمل هذا أمرين : الاستتار عن النّاس ، والاستتار عن القبلة إن كان خارج البنيان . أمّا الأوّل ، فالأصل وجوب ستر العورة عند قضاء الحاجة ، بحضور من لا يحلّ له النّظر إليها ، وتفصيله في مصطلح ( عورةٌ ) ، كما أنّه يسنّ عند بعض الفقهاء استتار شخص الإنسان عند إرادة الغائط . وأمّا الاستتار عن القبلة بساترٍ فإنّ بعض الفقهاء يرى جواز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة ، إن استتر عن القبلة بساترٍ . ويرى بعضهم تحريم استقبال القبلة واستدبارها مطلقاً ، وتفصيل ما يتّصل بالاستتار عن القبلة في مصطلح : ( قضاء الحاجة ) . الاستتار حين الاغتسال : أ - وجوب الاستتار عمّن لا يحلّ له النّظر إليه : 8 - الأمر الّذي لا خلاف فيه هو : افتراض الاستتار حين الاغتسال ، بحضرة من لا يجوز له النّظر إلى عورة المغتسل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « احفظ عورتك إلاّ من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك » . وعن أمّ هانئٍ قالت : « ذهبت إلى رسول اللّه عام الفتح فوجدته يغتسل ، وفاطمة تستره فقال : من هذه ؟ فقلت : أنا أمّ هانئٍ » . ( ر : عورةٌ ) فإذا لم يمكنه الاغتسال إلاّ بكشف عورته أمام واحدٍ من هؤلاء ، فقد صرّح الحنفيّة بأنّ كشف العورة حينئذٍ لا يسقط وجوب الغسل عليه – إن كان رجلاً بين رجالٍ ، أو امرأةً بين نساءٍ – لأمرين . الأوّل : نظر الجنس إلى الجنس أخفّ من النّظر إلى الجنس الآخر . والثّاني : أنّ الغسل فرضٌ فلا يترك لكشف العورة . أمّا إن كانت امرأةٌ بين رجالٍ ، أو رجلٌ بين نساءٍ ، أو خنثى بين رجالٍ أو نساءٍ ، أو هما معاً ، فلا يجوز لهؤلاء الكشف عن عوراتهم للغسل ، بل يتيمّمون ، لكن شارح منية المصلّي لم يسلّم بهذا التّفصيل ؛ لأنّ ترك المنهيّ عنه مقدّمٌ على فعل المأمور ، وللغسل خلفٌ وهو التّيمّم . وعموم كلام الحنابلة ، في تحريم كشف العورة عند الاغتسال بحضور من يحرم نظره إليها ، يشعر بأنّهم يخالفون الحنفيّة . والّذي يؤخذ من كلام المالكيّة ، والشّافعيّة أنّه لو ترتّب على القيام بالطّهارة المائيّة كشف العورة ، فإنّه يصار إلى التّيمّم ؛ لأنّ ستر العورة لا بدل له ؛ ولأنّه واجبٌ للصّلاة والصّيانة عن العيون ، ويباح فعل المحظور من أجله ، كاستتار الرّجل بالحرير إذا تعيّن . أمّا الطّهارة المائيّة فلها بدلٌ ، ولا يباح فعل المحظور من أجلها ومن هنا كان السّلف والأئمّة الأربعة يتشدّدون في المنع من دخول الحمّام إلاّ بمئزرٍ . وروى ابن أبي شيبة في ذلك آثاراً عن عليّ بن أبي طالبٍ ومحمّد بن سيرين وأبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ وسعيد بن جبيرٍ ، حتّى بلغ الأمر بعمر بن الخطّاب أنّه كتب : لا يدخلنّ أحدٌ الحمّام إلاّ بمئزرٍ ، وبعمر بن عبد العزيز أن كتب إلى عامله بالبصرة أمّا بعد : فمر من قبلك ألاّ يدخلوا الحمّام إلاّ بمئزرٍ ، وأخذ يفرض العقوبات الرّادعة على من دخل الحمّام بغير مئزرٍ ، وعلى صاحب الحمّام الّذي أدخله . وعن عبادة قال : رأيت عمر بن عبد العزيز يضرب صاحب الحمّام ومن دخله بغير إزارٍ . ب - استتار المغتسل بحضور الزّوجة : 9 - ممّا لا خلاف فيه أيضاً : أنّ لكلّ واحدٍ من الزّوجين أن يغتسل بحضور الآخر ، وهو بادي العورة . للحديث المتقدّم : « احفظ عورتك إلاّ من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك » . ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت : « كنت أغتسل أنا والنّبيّ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ من قدحٍ ، يقال له : الفرق » ، متّفقٌ عليه . استتار المغتسل منفرداً : 10 - ذهب الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة إلى أنّه يجوز للمنفرد أن يغتسل عرياناً . واستدلّوا على ذلك بما رواه البخاريّ عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « قال : كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراةً ، ينظر بعضهم إلى بعضٍ ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : واللّه ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلاّ أنّه آدرّ - منفوخ الخصية - فذهب مرّةً يغتسل ، فوضع ثوبه على حجرٍ ، ففرّ الحجر بثوبه ، فخرج موسى في إثره يقول : ثوبي يا حجر ، حتّى نظر بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا : واللّه ما بموسى من بأسٍ ، وأخذ ثوبه ، فطفق بالحجر ضرباً » . وعن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « قال : بينا أيّوب يغتسل عرياناً فخرّ عليه جرادٌ من ذهبٍ ، فجعل أيّوب يحتشي في ثوبه ، فناداه ربّه : يا أيّوب ألم أكن أغنيتك عمّا ترى ؟ قال : بلى وعزّتك ، ولكن لا غنى بي عن بركتك » . فقد قصّ علينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذلك دون نكيرٍ ، فهو دليلٌ على الجواز ؛ لأنّ شرع من قبلنا شرعٌ لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه . وسئل الإمام مالكٌ عن الغسل في الفضاء ، فقال : لا بأس به ، فقيل : يا أبا عبد اللّه إنّ فيه حديثاً ، فأنكر ذلك ، وقال تعجّباً : لا يغتسل الرّجل في الفضاء ؟ ، وجه إجازة مالكٍ للرّجل أن يغتسل في الفضاء إذا أمن أن يمرّ به أحدٌ ، وأنّ الشّرع إنّما قرّر وجوب ستر العورة عن المخلوقين من بني آدم دون سواهم من الملائكة ، إذ لا يفارقه الحفظة الموكّلون به في حالٍ من الأحوال ، قال تعالى : { ما يلفظ من قولٍ إلاّ لديه رقيبٌ عتيدٌ } . وقال تعالى : { وإنّ عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون } : ولهذا قال مالكٌ تعجّباً : لا يغتسل الرّجل في الفضاء ، إذ لا فرق في حقّ الملائكة بين الفضاء وغيره . ولكن هذا جوازٌ مقرونٌ بالكراهة التّنزيهيّة ، ولذلك يندب له الاستتار . لما رواه البخاريّ تعليقاً ، ووصله غيره ، عن معاوية بن حيدة ، عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « احفظ عورتك إلاّ من زوجتك أو ما ملكت يمينك . قلت : يا رسول اللّه فإن كان أحدنا خالياً ؟ قال : فاللّه أحقّ أن يستحيا منه من النّاس » . وذهب عبد الرّحمن بن أبي ليلى إلى وجوب الاستتار حين الغسل ، ولو كان في خلوةٍ . مستدلاًّ بالحديث الّذي أخرجه أبو داود والنّسائيّ « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز - أي بالخلاء - فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وقال : إنّ اللّه عزّ وجلّ حليمٌ حييٌّ ستّيرٌ ، يحبّ الحياء والسّتر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر » . استتار المرأة المتزيّنة : 11 - يجب على المرأة الاستتار عن غير الزّوج والمحارم ، بستر عورتها وعدم إبداء زينتها ، لقوله تعالى : « يا أيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ » . وفيما يجب ستره عن المحارم وغيرهم ، وفي ستر الوجه والكفّين والقدمين خلافٌ وتفصيلٌ موطنه مصطلح : ( تزيّنٌ ) ( وعورةٌ ) . الاستتار من عمل الفاحشة : 12 - من ابتلي بمعصيةٍ ، كشرب الخمر والزّنا ، فعليه أن يستتر بذلك ، ولا يجاهر بفعله السّيّئ ، كما ينبغي لمن علم بفاحشته أن يستر عليه وينصحه ، ويمنعه عن المنكر بالوسيلة الّتي يستطيعها . 13 - وقد اتّفق الفقهاء على أنّ المرء إذا وقع منه ما يعاب عليه يندب له السّتر على نفسه ، فلا يعلم أحداً ، حتّى القاضي ، بفاحشته لإقامة الحدّ أو التّعزير عليه ، لما رواه البخاريّ وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « كلّ أمّتي معافًى إلاّ المجاهرين ، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل باللّيل عملاً ، ثمّ يصبح وقد ستره اللّه تعالى ، فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربّه ويصبح يكشف ستر اللّه عنه » . وقوله صلى الله عليه وسلم « من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر اللّه ، فإنّه من يبدي لنا من صفحته نقم عليه كتاب اللّه » . وقال أبو بكرٍ الصّدّيق : لو أخذت شارباً لأحببت أن يستره اللّه ، ولو أخذت سارقاً لأحببت أن يستره اللّه ، وأنّ الصّحابة أبا بكرٍ وعمر وعليّاً وعمّار بن ياسرٍ وأبا هريرة وأبا الدّرداء والحسن بن عليٍّ وغيرهم ، قد أثر عنهم السّتر على معترفٍ بالمعصية ، أو تلقينه الرّجوع من إقراره بها ، ستراً عليه ، وستر معترف المعصية على نفسه أولى من ستر غيره عليه . والجهر بالمعصية عن جهلٍ ، ليس كالجهر بالمعصية تبجّحاً . قال ابن حجرٍ : فإنّ من قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربّه . وقال الخطيب الشّربينيّ : وأمّا التّحدّث بها تفكّهاً فحرامٌ قطعاً . أثر الاستتار بالمعصية : 14 - يترتّب على الاستتار بالمعصية : أ - عدم إقامة العقوبة الدّنيويّة ؛ لأنّ العقوبات لا تجب إلاّ بعد إثباتها . ( ر : إثباتٌ ) فإذا استتر بها ولم يعلنها ولم يقرّ بها ولم ينله أيّ طريقٍ من طرق الإثبات ، فلا عقوبة . ب - عدم شيوع الفاحشة ، قال اللّه تعالى : { إنّ الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الّذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدّنيا والآخرة واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون } . ج - من ارتكب معصيةً فاستتر بها فهو أقرب إلى أن يتوب منها ، فإن تاب سقطت عنه المؤاخذة ، فإن كانت المعصية تتعلّق بحقّ اللّه تعالى فإنّ التّوبة تسقط المؤاخذة ؛ لأنّ اللّه أكرم الأكرمين ، ورحمته سبقت غضبه ، فلذلك إذا ستره في الدّنيا لم يفضحه في الآخرة . وإن كانت تتعلّق بحقٍّ من حقوق العباد ، كقتلٍ وقذفٍ ونحو ذلك ، فإنّ من شروط التّوبة فيها أداء هذه الحقوق لأصحابها ، أو عفو أصحابها عنها ، ولذلك وجب على من استتر بالمعصية المتعلّقة بحقّ آدميٍّ أن يؤدّي هذا الحقّ لصاحبه . ( ر : التّوبة ) . *استثمارٌ التّعريف 1 - الاستثمار في اللّغة : من ( ثمر ) ، وثمر الشّيء : إذا تولّد منه شيءٌ آخر ، وثمّر الرّجل ماله : أحسن القيام عليه ونمّاه ، وثمر الشّيء : هو ما يتولّد منه ، وعلى هذا فإنّ الاستثمار هو : طلب الحصول على الثّمرة . والفقهاء يستعملون هذا اللّفظ بهذا المعنى أيضاً . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الانتفاع : 2 - الانتفاع هو الحصول على المنفعة ، فالفرق بينه وبين الاستثمار ، أنّ الانتفاع أعمّ من الاستثمار ؛ لأنّ الانتفاع قد يكون بالاستثمار ، وقد لا يكون . ب - الاستغلال : 3 - الاستغلال طلب الغلّة ، والغلّة هي : كلّ عينٍ حاصلةٍ من ريع الملك ، وهذا هو عين الاستثمار ، فما تخرجه الأرض هو ثمرةٌ ، وهو غلّةٌ ، وهو ريعٌ . وللحنفيّة تفرقةٌ خاصّةٌ بين الثّمرة والغلّة في باب الوصيّة ، فإذا أوصى بثمرة بستانه انصرف إلى الموجود خاصّةً ، وإذا أوصى بغلّته شمل الموجود وما هو بعرض الوجود . صفته الحكم التّكليفيّ : 4 - الأصل استحباب استثمار الأموال القابلة لذلك ؛ لما فيه من وجوه النّفع . أركان الاستثمار : كلّ استثمارٍ لا يخلو من ركنين اثنين : المستثمر ( بكسر الميم ) ، والمستثمر ( بفتح الميم ) . أوّلاً : المستثمر ( بكسر الميم ) : 5 - الأصل أن يتمّ استثمار المال من قبل مالكه ، ولكن قد يحدث ما يجعل الغير يقوم بهذا الاستثمار عن المالك ، وهذا على صورتين : أ - الاستثمار بالإنابة : والإنابة قد تكون من المالك كالوكالة ، أو من الشّارع كالقيّم . ب - الاستثمار بالتّعدّي : وقد يقدم على استثمار المال أجنبيٌّ بغير إذن صاحب المال ، وبغير إعطاء الشّرع هذا الحقّ له ، وعندئذٍ يعتبر غاصباً ( ر : غصبٌ ) . ثانياً : المال المستثمر : 6 - لكي يكون الاستثمار حلالاً يشترط في المال المستثمر أن يكون مملوكاً ، ملكاً مشروعاً للمستثمر ( بكسر الميم ) ، أو لمن كان المستثمر نائباً عنه نيابةً شرعيّةً أو تعاقديّةً ، فإن لم يكن كذلك لم يحلّ استثماره ، كالمال المغصوب أو المسروق . وكذلك لا يحلّ استثمار الوديعة ؛ لأنّ يد الوديع يد حفظٍ . ملك الثّمرة : 7 - إذا كان الاستثمار مشروعاً ، كانت الثّمرة ملكاً للمالك ، أمّا إذا كان الاستثمار غير مشروعٍ ، كمن غصب أرضاً واستغلّها ، فإنّ الثّمرة عند الحنفيّة يملكها الغاصب ملكاً خبيثاً ، ويؤمر بالتّصدّق بها . وذهب المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة إلى : أنّ الغلّة للمالك ، وفي روايةٍ عن أحمد : أنّه يتصدّق بها . طرق الاستثمار : 8 - يجوز استثمار الأموال بأيّ طريقٍ مشروعٍ . *استثناءٌ التّعريف 1 - الاستثناء لغةً : مصدر استثنى ، تقول : استثنيت الشّيء من الشّيء إذا أخرجته ، ويقال : حلف فلانٌ يميناً ليس فيها ثنيا ، ولا مثنويّةً ، ولا استثناء ، كلّه واحدٌ . وذكر الشّهاب الخفاجيّ أنّ الاستثناء في اللّغة والاستعمال يطلق على : التّقييد بالشّرط ، ومنه قوله تعالى { ولا يستثنون } أي لا يقولون : « إن شاء اللّه » . والاستثناء في اصطلاح الفقهاء والأصوليّين إمّا أن يكون لفظيّاً أو معنويّاً أو حكميّاً ، فالاستثناء اللّفظيّ هو : الإخراج من متعدّدٍ بإلاّ ، أو إحدى أخواتها ، ويلحق به في الحكم الإخراج بأستثني وأخرج ونحوهما على لفظ المضارع ، وعرّفه السّبكيّ بأنّه : الإخراج بإلاّ أو إحدى أخواتها من متكلّمٍ واحدٍ . وعرّفه صدر الشّريعة الحنفيّ بأنّه : المنع من دخول بعض ما تناوله صدر الكلام في حكمه بإلاّ أو إحدى أخواتها ، فعرّفه بالمنع ، ولم يعرّفه بالإخراج ؛ لأنّ الاستثناء عند الحنفيّة لا إخراج به ، إذ لم يدخل المستثنى في المستثنى منه أصلاً حتّى يكون مخرجاً . فالاستثناء لمنعه من الدّخول ، والفقهاء يستعملون الاستثناء أيضاً بمعنى قول : « إن شاء اللّه » في كلامٍ إنشائيٍّ أو خبريٍّ . وهذا النّوع ليس استثناءً حقيقيّاً بل هو من متعارف النّاس . فإن كان بإلاّ ونحوها فهو استثناءٌ حقيقيٌّ ، أو « استثناءٌ وضعيٌّ » ، كأن يقول : لا أفعل كذا إلاّ أن يشاء اللّه ، أو : لأفعلنّ كذا إلاّ أن يشاء اللّه ، ومن العرفيّ قول النّاس : إن يسّر اللّه ، أو إن أعان اللّه ، أو ما شاء اللّه . وإنّما سمّي هذا التّعليق - ولو كان بغير إلاّ - استثناءً لشبهه بالاستثناء المتّصل في صرفه الكلام السّابق له عن ظاهره . والاستثناء المعنويّ هو : الإخراج من الجملة بغير أداة استثناءٍ ، كقول المقرّ : « له الدّار ، وهذا البيت منها لي » . وإنّما أعطوه حكم الاستثناء ؛ لأنّه في قوّة قوله : « له جميع الدّار إلاّ هذا البيت » . والاستثناء الحكميّ يقصد به أن يرد التّصرّف مثلاً على عينٍ فيها حقٌّ للغير ، كبيع الدّار المؤجّرة ، فإنّ الإجارة لا تنقطع بذلك ، والبيع صحيحٌ ، فكأنّ البيع ورد على العين باستثناء منفعتها مدّة الإجارة . وهذا الإطلاق قليلٌ في متعارف الفقهاء والأصوليّين ، وقد ورد في الأشباه والنّظائر للسّيوطيّ والقواعد لابن رجبٍ ، إلاّ أنّ هذا النّوع لا يدخل في مفهوم الاستثناء المصطلح عليه ، ولذا فلا تنطبق عليه أحكام الاستثناء فيما يلي من هذا البحث . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية