الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40914" data-attributes="member: 329"><p>1 - أن يكون شربه للتّقوّي ونحوه من غرضٍ صحيحٍ .</p><p> 2 - أن يشربه لا للّهو والطّرب ، فلو شربه للّهو أو الطّرب فقليله وكثيره حرامٌ .</p><p> 3 - ألاّ يشرب ما يغلب على ظنّه أنّه مسكرٌ ، فلو شرب حينئذٍ ، فيحرم القدح الأخير الّذي يحصل السّكر بشربه ، وهو الّذي يعلم يقيناً ، أو بغالب الرّأي ، أو بالعادة أنّه يسكره . وهذا كلّه عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، كما تقدّم ، ومثلهما بقيّة فقهاء العراق : إبراهيم النّخعيّ من التّابعين ، وسفيان الثّوريّ ، وابن أبي ليلى ، وشريكٌ ، وابن شبرمة ، وسائر فقهاء الكوفيّين ، وأكثر علماء البصريّين ، فإنّهم قالوا : إنّ المحرّم من غير الخمر من سائر الأنبذة الّتي يسكر كثيرها هو السّكر نفسه ، لا العين ، وهذا إنّما هو في المطبوخ منها .</p><p>13 - ودليل أبي حنيفة ومن معه من السّنّة ما يأتي : </p><p>أ - عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أتي بنبيذٍ فشمّه ، فقطّب وجهه لشدّته ، ثمّ دعا بماءٍ فصبّه عليه وشرب منه »</p><p> ب - « إنّ النّبيّ قال : لا تنبذوا الزّهو والرّطب جميعاً ، ولا تنبذوا الرّطب والزّبيب جميعاً ، ولكن انتبذوا كلّ واحدٍ منها على حدته » ، وفي لفظ البخاريّ ذكر التّمر بدل الرّطب . قالوا : وهذا نصٌّ على أنّ المتّخذ من كلّ واحدٍ منها مباحٌ .</p><p>ج - عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التّمر والزّبيب أن يخلط بينهما ، يعني في الانتباذ » . وزيد في روايةٍ أنّه قال : « من شربه منكم فليشربه زبيباً فرداً ، وتمراً فرداً ، وبسراً فرداً » .</p><p>د - واستدلّوا على إباحة الخليطين بما روته عائشة رضي الله عنها قالت : « كنّا ننتبذ لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم في سقاءٍ ، فنأخذ قبضةً من تمرٍ ، وقبضةً من زبيبٍ ، فنطرحهما فيه ، ثمّ نصبّ عليه الماء فننتبذه غدوةً فيشربه عشيّةً ، وننتبذه عشيّةً فيشربه غدوةً »</p><p> 14 - وأدلّتهم من الآثار : </p><p>أ - ما روي عن عمر رضي الله عنه أنّه كتب إلى عمّار بن ياسرٍ رضي الله عنه : إنّي أتيت بشرابٍ من الشّام طبخ حتّى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، فذهب منه شيطانه وريح جنونه ، وبقي طيبه وحلاله ، فمر المسلمين قبلك ، فليتوسّعوا به في أشربتهم . فقد نصّ على أنّ الزّائد على الثّلث حرامٌ ، وأشار إلى أنّه ما لم يذهب ثلثاه فالقوّة المسكرة فيه قائمةٌ ، ورخّص في الشّراب الّذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه .</p><p>ب - ما روي أيضاً عن عمر رضي الله عنه أنّه كان يشرب النّبيذ الشّديد ، وأنّه هو وعليٌّ وأبو عبيدة بن الجرّاح ومعاذ بن جبلٍ وأبو الدّرداء وأبو موسى الأشعريّ أحلّوا الطّلاء ، وكانوا يشربونه ، وهو : ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، وقال عمر : هذا الطّلاء مثل طلاء الإبل ، ثمّ أمر بشربه ، وكان عليٌّ يرزق النّاس طلاءً يقع فيه الذّباب ، فلا يستطيع الخروج منه ، أي لحلاوته . حكم الأشربة الأخرى : </p><p>15 - تقدّم أنّ مذهب جمهور العلماء تحريم كلّ شرابٍ مسكرٍ قليله وكثيره ، وعلى هذا فإنّ الأشربة المتّخذة من الحبوب والعسل واللّبن والتّين ونحوها يحرم شرب قليلها إذا أسكر كثيرها ، وبهذا قال محمّد بن الحسن من الحنفيّة وهو المفتى به عندهم . وذلك للأدلّة المتقدّمة من أنّ كلّ شرابٍ مسكرٍ خمرٌ وكلّ خمرٍ حرامٌ " وغير ذلك . ورأي الجمهور مرويٌّ عن عمر ، وعليٍّ ، وابن مسعودٍ ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وسعد بن أبي وقّاصٍ ، وأبيّ بن كعبٍ ، وأنسٍ ، وعائشة ، وابن عبّاسٍ ، وجابر بن عبد اللّه ، والنّعمان بن بشيرٍ ، ومعاذ بن جبلٍ ، وغيرهم من فقهاء الصّحابة رضي الله عنهم . وبذلك قال ابن المسيّب ، وعطاءٌ ، وطاوسٌ ومجاهدٌ ، والقاسم ، وقتادة ، وعمر بن عبد العزيز ، وأبو ثورٍ ، وأبو عبيدٍ ، وإسحاق بن راهويه ، والأوزاعيّ ، وجمهور فقهاء الحجاز ، وجمهور المحدّثين عن فقهاء التّابعين ومن بعدهم . تفصيلاتٌ لبعض المذاهب في بعض الأشربة : </p><p>16 - اختلف المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في حكم بعض الأشربة غير المسكرة في تقديرهم ، كالخليطين ، والنّبيذ ، والفقّاع .</p><p>أ - الخليطان : ذهب المالكيّة إلى تحريم الخليطين من الأشياء الّتي من شأنها أن تقبل الانتباذ ، كالبسر والرّطب ، والتّمر والزّبيب ولو لم يشتدّا ، لأنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم « نهى أن ينبذ الرّطب والبسر جميعاً » . والنّهي يقتضي التّحريم ، إذا لم يكن هناك قرينةٌ تصرفه إلى غير ذلك كالكراهة . أي أخذاً بظاهر هذا الحديث وغيره يحرم الخليطان ، وإن لم يكن الشّراب منهما مسكراً سدّاً للذّرائع . وقال الشّافعيّة : يكره من غير المسكر : المنصّف ، وهو ما يعمل من تمرٍ ورطبٍ ، والخليط : وهو ما يعمل من بسرٍ ورطبٍ ، لأنّ الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط قبل أن يتغيّر ، فيظنّ الشّارب أنّه ليس بمسكرٍ ، ويكون مسكراً ، فإن أمن سكره ولم تكن فيه شدّةٌ مطربةٌ فيحلّ . وقال الحنابلة : يكره الخليطان ، وهو أن ينبذ في الماء شيئان ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين وعن أحمد : الخليطان حرامٌ ، قال القاضي : يعني أحمد بقوله : ( هو حرامٌ ) . إذا اشتدّ وأسكر ، وهذا هو الصّحيح إن شاء اللّه ، وإنّما نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعلّة إسراعه إلى السّكر المحرّم ، فإذا لم يوجد لم يثبت التّحريم .</p><p>ب - النّبيذ غير المسكر : </p><p>17 - قال الحنابلة وغيرهم : لا يكره إذا كانت مدّة الانتباذ قريبةً أو يسيرةً ، وهي يومٌ وليلةٌ . أمّا إذا بقي النّبيذ مدّةً يحتمل فيها إفضاؤه إلى الإسكار ، فإنّه يكره ، ولا يثبت التّحريم عند المالكيّة والشّافعيّة إلاّ بالإسكار ، فلم يعتبروا المدّة أو الغليان . ولا يثبت التّحريم عند الحنابلة ما لم يغل العصير ، أو تمض عليه مدّة ثلاثة أيّامٍ بلياليها . وإن طبخ العصير أو النّبيذ قبل فورانه واشتداده ، أو قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيّامٍ حتّى صار غير مسكرٍ كالدّبس ، ونحوه من المربّيات ، وشراب الخرّوب ، فهو مباحٌ ، لأنّ التّحريم إنّما ثبت في المسكر ، فبقي ما عداه على أصل الإباحة . واستدلّوا بحديث ابن عبّاسٍ « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان ينقع له الزّبيب ، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثّالثة ، ثمّ يأمر به فيسقى أو يهراق » .</p><p>الانتباذ في الأوعية : </p><p>18 - الانتباذ : اتّخاذ النّبيذ المباح ، وقد اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز الانتباذ في الأوعية المصنوعة من جلدٍ ، وهي الأسقية ، واختلفوا فيما سواها . فذهب الحنفيّة إلى جواز الانتباذ في كلّ شيءٍ من الأواني ، سواءٌ الدّبّاء والحنتم والمزفّت والنّقير ، وغيرها ، لأنّ الشّراب الحاصل بالانتباذ فيها ليست فيه شدّةٌ مطربةٌ ، فوجب أن يكون الانتباذ في هذه الأوعية وغيرها مباحاً . وما ورد من النّهي عن الانتباذ في هذه الأوعية منسوخٌ بقوله صلى الله عليه وسلم : « كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم ، فاشربوا في كلّ وعاءٍ ، غير ألا تشربوا مسكراً » وفي روايةٍ « نهيتكم عن الظّروف ، وإنّ ظرفاً لا يحلّ شيئاً ولا يحرّمه ، وكلّ مسكرٍ حرامٌ » فهذا إخبارٌ صريحٌ عن النّهي عنه فيما مضى ، فكان هذا الحديث ناسخاً للنّهي . ويدلّ عليه أيضاً ما روى أحمد عن أنسٍ ، قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن النّبيذ في الدّبّاء والنّقير والحنتم والمزفّت » ، ثمّ قال بعد ذلك : « ألا كنت نهيتكم عن النّبيذ في الأوعية ، فاشربوا فيما شئتم ، ولا تشربوا مسكراً ، من شاء أوكى سقاءه على إثمٍ » والقول بنسخ الانتباذ في الأوعية المذكورة هو قول جمهور الفقهاء ، ومنهم الشّافعيّة والحنابلة في الصّحيح عندهم ، فلا يحرم ولا يكره الانتباذ في أيّ وعاءٍ . وقال جماعةٌ منهم ابن عمر وابن عبّاسٍ ومالكٌ وإسحاق : يكره الانتباذ في الدّبّاء والمزفّت ، وعليهما اقتصر مالكٌ ، فلا يكره الانتباذ في غير الدّبّاء والمزفّت .</p><p> وكره أحمد في روايةٍ والثّوريّ الانتباذ في الدّبّاء والحنتم والنّقير والمزفّت ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فيها ، فالنّهي عند هؤلاء باقٍ ، سدّاً للذّرائع ، لأنّ هذه الأوعية تعجّل شدّة النّبيذ .</p><p>حالات الاضطرار : </p><p>19 - ما سبق من تحريم الخمر أو الأنبذة عند الإسكار إنّما هو في الأحوال العاديّة . أمّا عند الاضطرار فإنّ الحكم يختلف ، ويرخّص شرعاً تناول الخمر ، ولكن بمعياره الشّرعيّ الّذي تباح به المحرّمات ، كضرورة العطش ، أو الغصص ، أو الإكراه ، فيتناول المضطرّ بقدر ما تندفع به الضّرورة ، وهذا ليس مجمعاً على جميعه ، بل فيه خلافٌ بين الفقهاء على النّحو التّالي : </p><p>أ - الإكراه : </p><p>20 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى جواز شرب الخمر عند الإكراه ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « إنّ اللّه تجاوز عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » إلاّ أنّ الشّافعيّة مع قولهم بالجواز ألزموا شارب الخمر عند الإكراه - وكلّ آكل حرامٍ أو شاربه - أن يتقيّأه إن أطاقه ، لأنّه أبيح شربه للإكراه ، ولا يباح بقاؤه في البطن بعد زوال السّبب . ولزيادة التّفصيل راجع مصطلح : ( إكراهٌ ) .</p><p>ب - الغصص أو العطش : </p><p>21 - يجوز للمضطرّ شرب الخمر إن لم يجد غيرها ( ولو ماءً نجساً كما صرّح به المالكيّة والحنابلة ) لإساغة لقمةٍ غصّ بها ، باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة ، خلافاً لابن عرفة من المالكيّة الّذي يرى أنّ ضرورة الغصص تدرأ الحدّ ولا تمنع الحرمة . وإنّما حلّت عند غيره من الفقهاء لدفع الغصص إنقاذاً للنّفس من الهلاك ، والسّلامة بذلك قطعيّةٌ ، وهي من قبيل الرّخصة الواجبة عند الشّافعيّة . أمّا شرب الخمر لدفع العطش ، فذهب الحنفيّة - وهو قولٌ يقابل الأصحّ عند الشّافعيّة - إلى جواز شربها في حالة الضّرورة ، كما يباح للمضطرّ تناول الميتة والخنزير ، وقيّدها الحنفيّة بقولهم : إن كانت الخمر تردّ ذلك العطش ومفهومه أنّها إن لم تردّ العطش لا يجوز . وذهب المالكيّة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - إلى تحريم شربها لدفع العطش ، قال المالكيّة : لأنّها لا تزيل العطش ، بل تزيده حرارةً لحرارتها ويبوستها . وقيّد الحنابلة حرمة شربها بكونها صرفاً ، أي غير ممزوجةٍ بما يروي من العطش ، فإن مزجت بما يروي من العطش جاز شربها لدفع الضّرورة . وأمّا ضرورة التّداوي فسيأتي بيانها في أواخر هذا البحث .</p><p> الثّاني من أحكام الخمر : أنّه يكفر مستحلّها : </p><p>22 - لقد ثبتت حرمة الخمر بدليلٍ قطعيٍّ ، وهو القرآن الكريم والسّنّة والإجماع ، كما سبق . فمن استحلّها فهو كافرٌ مرتدٌّ حلال الدّم والمال . وللتّفصيل في ذلك انظر مصطلح : ( ردّةٌ ) . هذا ، وإنّ الخمر الّتي يكفر مستحلّها هي ما اتّخذ من عصير العنب ، أمّا ما أسكر من غير عصير العنب النّيء فلا يكفر مستحلّه ، وهذا محلّ اتّفاقٍ بين الفقهاء ، لأنّ حرمتها دون حرمة الخمر الثّابتة بدليلٍ قطعيٍّ ، وهذه ثبتت حرمتها بدليلٍ ظنّيٍّ غير مقطوعٍ به من أخبار الآحاد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وآثار الصّحابة .</p><p> الثّالث عقوبة شاربها : </p><p>23 - ثبت حدّ شارب الخمر بالسّنّة ، فقد وردت أحاديث كثيرةٌ في حدّ شارب الخمر ، منها ما روي عن أنسٍ « أنّ النّبيّ أتي برجلٍ قد شرب الخمر ، فجلده بجريدتين نحو أربعين » . قال : وفعله أبو بكرٍ ، فلمّا كان عمر استشار النّاس ، فقال عبد الرّحمن : أخفّ الحدود ثمانون ، فأمر به عمر . وعن السّائب بن يزيد قال : « كنّا نؤتى بالشّارب في عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكرٍ ، فصدراً من خلافة عمر ، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا ، حتّى كان آخر إمرة عمر ، فجلد أربعين ، حتّى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين » . وقد أجمع الصّحابة ومن بعدهم على جلد شارب الخمر ، ثمّ اختلفوا في مقداره ما بين أربعين أو ثمانين . والجمهور على القول بالثّمانين . وتفصيله في ( حدّ الشّرب ) . وعلى هذا يحدّ عند الجمهور شارب الخمر سواءٌ أسكر أم لم يسكر ، وكذا شارب كلّ مسكرٍ ، سواءٌ أشرب كثيراً أم قليلاً . والمفتى به عند الحنفيّة أنّه يحدّ من شرب الخمر قليلها أو كثيرها ، وكذا يحدّ من سكر من شرب غيرها .</p><p> ضابط السّكر : </p><p>24 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وصاحبا أبي حنيفة وغيرهم إلى أنّ السّكران هو الّذي يكون غالب كلامه الهذيان ، واختلاط الكلام ، لأنّ هذا هو السّكران في عرف النّاس وعاداتهم ، فإنّ السّكران في متعارف النّاس اسمٌ لمن هذى ، وإليه أشار الإمام عليٌّ رضي الله عنه بقوله : إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحدّ المفتري ثمانون . فحدّ السّكر الّذي يمنع صحّة العبادات ، ويوجب الفسق على شارب النّبيذ ونحوه هو الّذي يجمع بين اضطراب الكلام فهماً وإفهاماً ، وبين اضطراب الحركة مشياً وقياماً ، فيتكلّم بلسانٍ منكسرٍ ، ومعنًى غير منتظمٍ ، ويتصرّف بحركة مختبطٍ ، ومشي متمايلٍ ، وما زاد على ذلك ممّا يذكره الإمام أبو حنيفة فهو زيادةٌ في حدّ السّكر أي مقداره . وذهب أبو حنيفة إلى أنّ السّكر الّذي يتعلّق به وجوب الحدّ هو الّذي يزيل العقل بحيث لا يفهم السّكران شيئاً ، ولا يعقل منطقاً ، ولا يفرّق بين الرّجل والمرأة ، والأرض والسّماء ، لأنّ الحدود يؤخذ في أسبابها بأقصاها ، درءاً للحدّ ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم » وقول الصّاحبين أبي يوسف ومحمّدٍ مال إليه أكثر المشايخ من الحنفيّة ، وهو المختار للفتوى عندهم . قال في الدّرّ : يختار للفتوى لضعف دليل الإمام .</p><p>طرق إثبات السّكر : </p><p>25 - إنّ إثبات الشّرب الموجب لعقوبة الحدّ لأجل إقامته على الشّارب بواسطة الشّهادة أو الإقرار أو القيء ونحوها تفصيله في حدّ شرب الخمر . وانظر مصطلح ( إثباتٌ ) .</p><p>حرمة تملّك وتمليك الخمر : </p><p>26 - يحرم على المسلم تملّك أو تمليك الخمر بأيّ سببٍ من أسباب الملك الاختياريّة أو الإراديّة ، كالبيع والشّراء والهبة ونحو ذلك ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « إنّ الّذي حرّم شربها حرّم بيعها » . وعن جابرٍ قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « إنّ اللّه ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » أمّا إذا كان التّملّك للخمر بسببٍ جبريٍّ كالإرث ، فإنّها تدخل في ملكه وتورث ، كما إذا كانت ملكاً لذمّيٍّ فأسلم ، أو تخمّر عند المسلم عصير العنب قبل تخلّله ، ثمّ مات والخمر في حوزته ، فإنّها تنتقل ملكيّتها إلى وارثه بسببٍ غير إراديٍّ ، فلا يكون ذلك من باب التّملّك والتّمليك الاختياريّ المنهيّ عنه . وينبني على ما تقدّم أنّ الخمر هل هي مالٌ أو لا ؟ اختلف العلماء في ذلك : فذهب الحنفيّة في الأصحّ عندهم ، والمالكيّة إلى أنّها مالٌ متقوّمٌ ، لكن يجوز إتلافها لغرضٍ صحيحٍ ، وتضمن إذا أتلفت لذمّيٍّ . في حين ذهب الحنفيّة - في مقابل الأصحّ - والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّها ليست بمالٍ ، وعلى هذا فيجوز إتلافها ، لمسلمٍ كانت أو ذمّيٍّ . أمّا غير الخمر من المسكر المائع ، فذهب الجمهور ومحمّدٌ من الحنفيّة إلى أنّه لا يجوز إتلافه خلافاً لأبي حنيفة وأبي يوسف وللتّفصيل انظر في ذلك مصطلحي ( بيعٌ ) ( وإتلافٌ ) .</p><p>ضمان إتلاف الخمر أو غصبها : </p><p>27 - اتّفق الفقهاء على أنّ الخمر إن كانت لمسلمٍ فلا يضمن متلفها ، واختلفوا في ضمان من أتلف خمر الذّمّيّ ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى القول بالضّمان ، وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى القول بعدم الضّمان ، لانتفاء تقوّمها كسائر النّجاسات واتّفقوا أيضاً على أنّه لا تراق الخمرة المغصوبة من مسلمٍ إذا كانت محترمةً - وهي الّتي عصرت لا بقصد الخمريّة ، وإنّما بقصد التّخليل - وتردّ إلى المسلم ، لأنّ له إمساكها لتصير خلاًّ . والضّمان هنا إذا وجب على المسلم ، فإنّه يكون بالقيمة عند الحنفيّة والمالكيّة لا بالمثل ، لأنّ المسلم ممنوعٌ عن تمليكه وتملّكه إيّاها ، لما فيه من إعزازها . وإذا وجب لذمّيٍّ على ذمّيٍّ ، فقد صرّح الحنفيّة بأنّه يكون بالمثل . وينظر أيضاً مصطلح ( إتلافٌ ) ( وضمانٌ ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40914, member: 329"] 1 - أن يكون شربه للتّقوّي ونحوه من غرضٍ صحيحٍ . 2 - أن يشربه لا للّهو والطّرب ، فلو شربه للّهو أو الطّرب فقليله وكثيره حرامٌ . 3 - ألاّ يشرب ما يغلب على ظنّه أنّه مسكرٌ ، فلو شرب حينئذٍ ، فيحرم القدح الأخير الّذي يحصل السّكر بشربه ، وهو الّذي يعلم يقيناً ، أو بغالب الرّأي ، أو بالعادة أنّه يسكره . وهذا كلّه عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، كما تقدّم ، ومثلهما بقيّة فقهاء العراق : إبراهيم النّخعيّ من التّابعين ، وسفيان الثّوريّ ، وابن أبي ليلى ، وشريكٌ ، وابن شبرمة ، وسائر فقهاء الكوفيّين ، وأكثر علماء البصريّين ، فإنّهم قالوا : إنّ المحرّم من غير الخمر من سائر الأنبذة الّتي يسكر كثيرها هو السّكر نفسه ، لا العين ، وهذا إنّما هو في المطبوخ منها . 13 - ودليل أبي حنيفة ومن معه من السّنّة ما يأتي : أ - عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أتي بنبيذٍ فشمّه ، فقطّب وجهه لشدّته ، ثمّ دعا بماءٍ فصبّه عليه وشرب منه » ب - « إنّ النّبيّ قال : لا تنبذوا الزّهو والرّطب جميعاً ، ولا تنبذوا الرّطب والزّبيب جميعاً ، ولكن انتبذوا كلّ واحدٍ منها على حدته » ، وفي لفظ البخاريّ ذكر التّمر بدل الرّطب . قالوا : وهذا نصٌّ على أنّ المتّخذ من كلّ واحدٍ منها مباحٌ . ج - عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التّمر والزّبيب أن يخلط بينهما ، يعني في الانتباذ » . وزيد في روايةٍ أنّه قال : « من شربه منكم فليشربه زبيباً فرداً ، وتمراً فرداً ، وبسراً فرداً » . د - واستدلّوا على إباحة الخليطين بما روته عائشة رضي الله عنها قالت : « كنّا ننتبذ لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم في سقاءٍ ، فنأخذ قبضةً من تمرٍ ، وقبضةً من زبيبٍ ، فنطرحهما فيه ، ثمّ نصبّ عليه الماء فننتبذه غدوةً فيشربه عشيّةً ، وننتبذه عشيّةً فيشربه غدوةً » 14 - وأدلّتهم من الآثار : أ - ما روي عن عمر رضي الله عنه أنّه كتب إلى عمّار بن ياسرٍ رضي الله عنه : إنّي أتيت بشرابٍ من الشّام طبخ حتّى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، فذهب منه شيطانه وريح جنونه ، وبقي طيبه وحلاله ، فمر المسلمين قبلك ، فليتوسّعوا به في أشربتهم . فقد نصّ على أنّ الزّائد على الثّلث حرامٌ ، وأشار إلى أنّه ما لم يذهب ثلثاه فالقوّة المسكرة فيه قائمةٌ ، ورخّص في الشّراب الّذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه . ب - ما روي أيضاً عن عمر رضي الله عنه أنّه كان يشرب النّبيذ الشّديد ، وأنّه هو وعليٌّ وأبو عبيدة بن الجرّاح ومعاذ بن جبلٍ وأبو الدّرداء وأبو موسى الأشعريّ أحلّوا الطّلاء ، وكانوا يشربونه ، وهو : ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، وقال عمر : هذا الطّلاء مثل طلاء الإبل ، ثمّ أمر بشربه ، وكان عليٌّ يرزق النّاس طلاءً يقع فيه الذّباب ، فلا يستطيع الخروج منه ، أي لحلاوته . حكم الأشربة الأخرى : 15 - تقدّم أنّ مذهب جمهور العلماء تحريم كلّ شرابٍ مسكرٍ قليله وكثيره ، وعلى هذا فإنّ الأشربة المتّخذة من الحبوب والعسل واللّبن والتّين ونحوها يحرم شرب قليلها إذا أسكر كثيرها ، وبهذا قال محمّد بن الحسن من الحنفيّة وهو المفتى به عندهم . وذلك للأدلّة المتقدّمة من أنّ كلّ شرابٍ مسكرٍ خمرٌ وكلّ خمرٍ حرامٌ " وغير ذلك . ورأي الجمهور مرويٌّ عن عمر ، وعليٍّ ، وابن مسعودٍ ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وسعد بن أبي وقّاصٍ ، وأبيّ بن كعبٍ ، وأنسٍ ، وعائشة ، وابن عبّاسٍ ، وجابر بن عبد اللّه ، والنّعمان بن بشيرٍ ، ومعاذ بن جبلٍ ، وغيرهم من فقهاء الصّحابة رضي الله عنهم . وبذلك قال ابن المسيّب ، وعطاءٌ ، وطاوسٌ ومجاهدٌ ، والقاسم ، وقتادة ، وعمر بن عبد العزيز ، وأبو ثورٍ ، وأبو عبيدٍ ، وإسحاق بن راهويه ، والأوزاعيّ ، وجمهور فقهاء الحجاز ، وجمهور المحدّثين عن فقهاء التّابعين ومن بعدهم . تفصيلاتٌ لبعض المذاهب في بعض الأشربة : 16 - اختلف المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في حكم بعض الأشربة غير المسكرة في تقديرهم ، كالخليطين ، والنّبيذ ، والفقّاع . أ - الخليطان : ذهب المالكيّة إلى تحريم الخليطين من الأشياء الّتي من شأنها أن تقبل الانتباذ ، كالبسر والرّطب ، والتّمر والزّبيب ولو لم يشتدّا ، لأنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم « نهى أن ينبذ الرّطب والبسر جميعاً » . والنّهي يقتضي التّحريم ، إذا لم يكن هناك قرينةٌ تصرفه إلى غير ذلك كالكراهة . أي أخذاً بظاهر هذا الحديث وغيره يحرم الخليطان ، وإن لم يكن الشّراب منهما مسكراً سدّاً للذّرائع . وقال الشّافعيّة : يكره من غير المسكر : المنصّف ، وهو ما يعمل من تمرٍ ورطبٍ ، والخليط : وهو ما يعمل من بسرٍ ورطبٍ ، لأنّ الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط قبل أن يتغيّر ، فيظنّ الشّارب أنّه ليس بمسكرٍ ، ويكون مسكراً ، فإن أمن سكره ولم تكن فيه شدّةٌ مطربةٌ فيحلّ . وقال الحنابلة : يكره الخليطان ، وهو أن ينبذ في الماء شيئان ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين وعن أحمد : الخليطان حرامٌ ، قال القاضي : يعني أحمد بقوله : ( هو حرامٌ ) . إذا اشتدّ وأسكر ، وهذا هو الصّحيح إن شاء اللّه ، وإنّما نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعلّة إسراعه إلى السّكر المحرّم ، فإذا لم يوجد لم يثبت التّحريم . ب - النّبيذ غير المسكر : 17 - قال الحنابلة وغيرهم : لا يكره إذا كانت مدّة الانتباذ قريبةً أو يسيرةً ، وهي يومٌ وليلةٌ . أمّا إذا بقي النّبيذ مدّةً يحتمل فيها إفضاؤه إلى الإسكار ، فإنّه يكره ، ولا يثبت التّحريم عند المالكيّة والشّافعيّة إلاّ بالإسكار ، فلم يعتبروا المدّة أو الغليان . ولا يثبت التّحريم عند الحنابلة ما لم يغل العصير ، أو تمض عليه مدّة ثلاثة أيّامٍ بلياليها . وإن طبخ العصير أو النّبيذ قبل فورانه واشتداده ، أو قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيّامٍ حتّى صار غير مسكرٍ كالدّبس ، ونحوه من المربّيات ، وشراب الخرّوب ، فهو مباحٌ ، لأنّ التّحريم إنّما ثبت في المسكر ، فبقي ما عداه على أصل الإباحة . واستدلّوا بحديث ابن عبّاسٍ « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان ينقع له الزّبيب ، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثّالثة ، ثمّ يأمر به فيسقى أو يهراق » . الانتباذ في الأوعية : 18 - الانتباذ : اتّخاذ النّبيذ المباح ، وقد اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز الانتباذ في الأوعية المصنوعة من جلدٍ ، وهي الأسقية ، واختلفوا فيما سواها . فذهب الحنفيّة إلى جواز الانتباذ في كلّ شيءٍ من الأواني ، سواءٌ الدّبّاء والحنتم والمزفّت والنّقير ، وغيرها ، لأنّ الشّراب الحاصل بالانتباذ فيها ليست فيه شدّةٌ مطربةٌ ، فوجب أن يكون الانتباذ في هذه الأوعية وغيرها مباحاً . وما ورد من النّهي عن الانتباذ في هذه الأوعية منسوخٌ بقوله صلى الله عليه وسلم : « كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم ، فاشربوا في كلّ وعاءٍ ، غير ألا تشربوا مسكراً » وفي روايةٍ « نهيتكم عن الظّروف ، وإنّ ظرفاً لا يحلّ شيئاً ولا يحرّمه ، وكلّ مسكرٍ حرامٌ » فهذا إخبارٌ صريحٌ عن النّهي عنه فيما مضى ، فكان هذا الحديث ناسخاً للنّهي . ويدلّ عليه أيضاً ما روى أحمد عن أنسٍ ، قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن النّبيذ في الدّبّاء والنّقير والحنتم والمزفّت » ، ثمّ قال بعد ذلك : « ألا كنت نهيتكم عن النّبيذ في الأوعية ، فاشربوا فيما شئتم ، ولا تشربوا مسكراً ، من شاء أوكى سقاءه على إثمٍ » والقول بنسخ الانتباذ في الأوعية المذكورة هو قول جمهور الفقهاء ، ومنهم الشّافعيّة والحنابلة في الصّحيح عندهم ، فلا يحرم ولا يكره الانتباذ في أيّ وعاءٍ . وقال جماعةٌ منهم ابن عمر وابن عبّاسٍ ومالكٌ وإسحاق : يكره الانتباذ في الدّبّاء والمزفّت ، وعليهما اقتصر مالكٌ ، فلا يكره الانتباذ في غير الدّبّاء والمزفّت . وكره أحمد في روايةٍ والثّوريّ الانتباذ في الدّبّاء والحنتم والنّقير والمزفّت ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فيها ، فالنّهي عند هؤلاء باقٍ ، سدّاً للذّرائع ، لأنّ هذه الأوعية تعجّل شدّة النّبيذ . حالات الاضطرار : 19 - ما سبق من تحريم الخمر أو الأنبذة عند الإسكار إنّما هو في الأحوال العاديّة . أمّا عند الاضطرار فإنّ الحكم يختلف ، ويرخّص شرعاً تناول الخمر ، ولكن بمعياره الشّرعيّ الّذي تباح به المحرّمات ، كضرورة العطش ، أو الغصص ، أو الإكراه ، فيتناول المضطرّ بقدر ما تندفع به الضّرورة ، وهذا ليس مجمعاً على جميعه ، بل فيه خلافٌ بين الفقهاء على النّحو التّالي : أ - الإكراه : 20 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى جواز شرب الخمر عند الإكراه ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « إنّ اللّه تجاوز عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » إلاّ أنّ الشّافعيّة مع قولهم بالجواز ألزموا شارب الخمر عند الإكراه - وكلّ آكل حرامٍ أو شاربه - أن يتقيّأه إن أطاقه ، لأنّه أبيح شربه للإكراه ، ولا يباح بقاؤه في البطن بعد زوال السّبب . ولزيادة التّفصيل راجع مصطلح : ( إكراهٌ ) . ب - الغصص أو العطش : 21 - يجوز للمضطرّ شرب الخمر إن لم يجد غيرها ( ولو ماءً نجساً كما صرّح به المالكيّة والحنابلة ) لإساغة لقمةٍ غصّ بها ، باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة ، خلافاً لابن عرفة من المالكيّة الّذي يرى أنّ ضرورة الغصص تدرأ الحدّ ولا تمنع الحرمة . وإنّما حلّت عند غيره من الفقهاء لدفع الغصص إنقاذاً للنّفس من الهلاك ، والسّلامة بذلك قطعيّةٌ ، وهي من قبيل الرّخصة الواجبة عند الشّافعيّة . أمّا شرب الخمر لدفع العطش ، فذهب الحنفيّة - وهو قولٌ يقابل الأصحّ عند الشّافعيّة - إلى جواز شربها في حالة الضّرورة ، كما يباح للمضطرّ تناول الميتة والخنزير ، وقيّدها الحنفيّة بقولهم : إن كانت الخمر تردّ ذلك العطش ومفهومه أنّها إن لم تردّ العطش لا يجوز . وذهب المالكيّة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - إلى تحريم شربها لدفع العطش ، قال المالكيّة : لأنّها لا تزيل العطش ، بل تزيده حرارةً لحرارتها ويبوستها . وقيّد الحنابلة حرمة شربها بكونها صرفاً ، أي غير ممزوجةٍ بما يروي من العطش ، فإن مزجت بما يروي من العطش جاز شربها لدفع الضّرورة . وأمّا ضرورة التّداوي فسيأتي بيانها في أواخر هذا البحث . الثّاني من أحكام الخمر : أنّه يكفر مستحلّها : 22 - لقد ثبتت حرمة الخمر بدليلٍ قطعيٍّ ، وهو القرآن الكريم والسّنّة والإجماع ، كما سبق . فمن استحلّها فهو كافرٌ مرتدٌّ حلال الدّم والمال . وللتّفصيل في ذلك انظر مصطلح : ( ردّةٌ ) . هذا ، وإنّ الخمر الّتي يكفر مستحلّها هي ما اتّخذ من عصير العنب ، أمّا ما أسكر من غير عصير العنب النّيء فلا يكفر مستحلّه ، وهذا محلّ اتّفاقٍ بين الفقهاء ، لأنّ حرمتها دون حرمة الخمر الثّابتة بدليلٍ قطعيٍّ ، وهذه ثبتت حرمتها بدليلٍ ظنّيٍّ غير مقطوعٍ به من أخبار الآحاد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وآثار الصّحابة . الثّالث عقوبة شاربها : 23 - ثبت حدّ شارب الخمر بالسّنّة ، فقد وردت أحاديث كثيرةٌ في حدّ شارب الخمر ، منها ما روي عن أنسٍ « أنّ النّبيّ أتي برجلٍ قد شرب الخمر ، فجلده بجريدتين نحو أربعين » . قال : وفعله أبو بكرٍ ، فلمّا كان عمر استشار النّاس ، فقال عبد الرّحمن : أخفّ الحدود ثمانون ، فأمر به عمر . وعن السّائب بن يزيد قال : « كنّا نؤتى بالشّارب في عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكرٍ ، فصدراً من خلافة عمر ، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا ، حتّى كان آخر إمرة عمر ، فجلد أربعين ، حتّى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين » . وقد أجمع الصّحابة ومن بعدهم على جلد شارب الخمر ، ثمّ اختلفوا في مقداره ما بين أربعين أو ثمانين . والجمهور على القول بالثّمانين . وتفصيله في ( حدّ الشّرب ) . وعلى هذا يحدّ عند الجمهور شارب الخمر سواءٌ أسكر أم لم يسكر ، وكذا شارب كلّ مسكرٍ ، سواءٌ أشرب كثيراً أم قليلاً . والمفتى به عند الحنفيّة أنّه يحدّ من شرب الخمر قليلها أو كثيرها ، وكذا يحدّ من سكر من شرب غيرها . ضابط السّكر : 24 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وصاحبا أبي حنيفة وغيرهم إلى أنّ السّكران هو الّذي يكون غالب كلامه الهذيان ، واختلاط الكلام ، لأنّ هذا هو السّكران في عرف النّاس وعاداتهم ، فإنّ السّكران في متعارف النّاس اسمٌ لمن هذى ، وإليه أشار الإمام عليٌّ رضي الله عنه بقوله : إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحدّ المفتري ثمانون . فحدّ السّكر الّذي يمنع صحّة العبادات ، ويوجب الفسق على شارب النّبيذ ونحوه هو الّذي يجمع بين اضطراب الكلام فهماً وإفهاماً ، وبين اضطراب الحركة مشياً وقياماً ، فيتكلّم بلسانٍ منكسرٍ ، ومعنًى غير منتظمٍ ، ويتصرّف بحركة مختبطٍ ، ومشي متمايلٍ ، وما زاد على ذلك ممّا يذكره الإمام أبو حنيفة فهو زيادةٌ في حدّ السّكر أي مقداره . وذهب أبو حنيفة إلى أنّ السّكر الّذي يتعلّق به وجوب الحدّ هو الّذي يزيل العقل بحيث لا يفهم السّكران شيئاً ، ولا يعقل منطقاً ، ولا يفرّق بين الرّجل والمرأة ، والأرض والسّماء ، لأنّ الحدود يؤخذ في أسبابها بأقصاها ، درءاً للحدّ ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم » وقول الصّاحبين أبي يوسف ومحمّدٍ مال إليه أكثر المشايخ من الحنفيّة ، وهو المختار للفتوى عندهم . قال في الدّرّ : يختار للفتوى لضعف دليل الإمام . طرق إثبات السّكر : 25 - إنّ إثبات الشّرب الموجب لعقوبة الحدّ لأجل إقامته على الشّارب بواسطة الشّهادة أو الإقرار أو القيء ونحوها تفصيله في حدّ شرب الخمر . وانظر مصطلح ( إثباتٌ ) . حرمة تملّك وتمليك الخمر : 26 - يحرم على المسلم تملّك أو تمليك الخمر بأيّ سببٍ من أسباب الملك الاختياريّة أو الإراديّة ، كالبيع والشّراء والهبة ونحو ذلك ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « إنّ الّذي حرّم شربها حرّم بيعها » . وعن جابرٍ قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « إنّ اللّه ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » أمّا إذا كان التّملّك للخمر بسببٍ جبريٍّ كالإرث ، فإنّها تدخل في ملكه وتورث ، كما إذا كانت ملكاً لذمّيٍّ فأسلم ، أو تخمّر عند المسلم عصير العنب قبل تخلّله ، ثمّ مات والخمر في حوزته ، فإنّها تنتقل ملكيّتها إلى وارثه بسببٍ غير إراديٍّ ، فلا يكون ذلك من باب التّملّك والتّمليك الاختياريّ المنهيّ عنه . وينبني على ما تقدّم أنّ الخمر هل هي مالٌ أو لا ؟ اختلف العلماء في ذلك : فذهب الحنفيّة في الأصحّ عندهم ، والمالكيّة إلى أنّها مالٌ متقوّمٌ ، لكن يجوز إتلافها لغرضٍ صحيحٍ ، وتضمن إذا أتلفت لذمّيٍّ . في حين ذهب الحنفيّة - في مقابل الأصحّ - والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّها ليست بمالٍ ، وعلى هذا فيجوز إتلافها ، لمسلمٍ كانت أو ذمّيٍّ . أمّا غير الخمر من المسكر المائع ، فذهب الجمهور ومحمّدٌ من الحنفيّة إلى أنّه لا يجوز إتلافه خلافاً لأبي حنيفة وأبي يوسف وللتّفصيل انظر في ذلك مصطلحي ( بيعٌ ) ( وإتلافٌ ) . ضمان إتلاف الخمر أو غصبها : 27 - اتّفق الفقهاء على أنّ الخمر إن كانت لمسلمٍ فلا يضمن متلفها ، واختلفوا في ضمان من أتلف خمر الذّمّيّ ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى القول بالضّمان ، وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى القول بعدم الضّمان ، لانتفاء تقوّمها كسائر النّجاسات واتّفقوا أيضاً على أنّه لا تراق الخمرة المغصوبة من مسلمٍ إذا كانت محترمةً - وهي الّتي عصرت لا بقصد الخمريّة ، وإنّما بقصد التّخليل - وتردّ إلى المسلم ، لأنّ له إمساكها لتصير خلاًّ . والضّمان هنا إذا وجب على المسلم ، فإنّه يكون بالقيمة عند الحنفيّة والمالكيّة لا بالمثل ، لأنّ المسلم ممنوعٌ عن تمليكه وتملّكه إيّاها ، لما فيه من إعزازها . وإذا وجب لذمّيٍّ على ذمّيٍّ ، فقد صرّح الحنفيّة بأنّه يكون بالمثل . وينظر أيضاً مصطلح ( إتلافٌ ) ( وضمانٌ ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية