الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40936" data-attributes="member: 329"><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p> أنواع السّرّ : يتنوّع السّرّ إلى ثلاثة أنواعٍ : </p><p>أ - ما أمر الشّرع بكتمانه .</p><p>ب - ما طلب صاحبه كتمانه .</p><p>ج - ما من شأنه الكتمان واطّلع عليه بسبب الخلطة أو المهنة .</p><p>النّوع الأوّل : ما أمر الشّرع بكتمانه : </p><p>6 - من الأمور ما يحظر الشّرع إفشاءه لمصلحةٍ دينيّةٍ أو دنيويّةٍ حسب ما يترتّب على إفشائه من ضررٍ . فممّا لا يجوز إفشاؤه :</p><p> ما يجري بين الزّوجين حال الوقاع ، فإنّ إفشاء ما يقع بين الرّجل وزوجته حال الجماع أو ما يتّصل بذلك حرامٌ منهيٌّ عنه ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « إنّ من شرّ النّاس عند اللّه منزلةً يوم القيامة الرّجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ، ثمّ ينشر سرّها » والمراد من نشر السّرّ ، ذكر ما يقع بين الرّجل وامرأته من أمور الوقاع ووصف تفاصيل ذلك ، وما يجري من المرأة من قولٍ أو فعلٍ ونحو ذلك .</p><p> أمّا مجرّد ذكر الوقاع فإذا لم يكن لحاجةٍ ، فذكره مكروهٌ ، لأنّه ينافي المروءة ، فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت » . فإن دعت إلى ذكره حاجةٌ ، وترتّبت عليه فائدةٌ فهو مباحٌ . كما لو ادّعت الزّوجة على زوجها أنّه عنّينٌ ، أو معرضٌ عنها ، أو تدّعي عليه العجز ، فإن لم يكن ما ادّعته صحيحاً فلا كراهة في الذّكر ، فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّي لأفعل ذلك ، أنا وهذه ، ثمّ نغتسل » وقال لأبي طلحة : « أعرّستم اللّيلة » ؟ والمرأة كالرّجل في عدم جواز إفشاء ما يجري من الرّجال حال الوقاع .</p><p> وإفشاء السّرّ منهيٌّ عنه لما فيه من الإيذاء والتّهاون بحقّ أصحاب السّرّ من الجيران والأصدقاء ونحوهم . فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا حدّث الرّجل الحديث ثمّ التفت فهي أمانةٌ » وقال : « الحديث بينكم أمانةٌ » . وقال الحسن( إنّ من الخيانة أن تحدّث بسرّ أخيك ) .</p><p>النّوع الثّاني : ما طلب صاحبه كتمانه : </p><p>7 - ما استكتمك إيّاه الغير وائتمنك عليه ، فلا يجوز بثّه وإفشاؤه للغير ، حتّى أخصّ أصدقاء صاحب السّرّ ، فلا يكشف شيئاً منه ولو بعد القطيعة بين من أسرّ ومن أسرّ إليه ، فإنّ ذلك من لؤم الطّبع وخبث الباطن .</p><p> وهذا إذا التزمت بالكتمان ، أمّا إذا لم تلتزم ، فلا يجب الكتمان ، ويدلّ لذلك حديث زينب امرأة ابن مسعودٍ ونصّه : عن زينب امرأة عبد اللّه قالت : « كنت في المسجد ، فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : تصدّقن ولو من حليّكنّ » . « وكانت زينب تنفق على عبد اللّه وأيتامٍ في حجرها . فقالت لعبد اللّه : سل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أيجزي عنّي أن أنفق عليك وعلى أيتامي في حجري من الصّدقة ؟ فقال : سلي أنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . فانطلقت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوجدت امرأةً من الأنصار على الباب ، حاجتها مثل حاجتي ، فمرّ علينا بلالٌ فقلنا : سل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أيجزي عنّي أن أنفق على زوجي وأيتامٍ لي في حجري . وقلنا : لا تخبر بنا . فدخل فسأله ، فقال : من هما ؟ قال : زينب . قال : أيّ الزّيانب ؟ قال : امرأة عبد اللّه . قال : نعم ، ولها أجران : أجر القرابة وأجر الصّدقة » . قال القرطبيّ - فيما نقله ابن حجرٍ في فتح الباري - : " ليس إخبار بلالٍ باسم المرأتين بعد أن استكتمتاه بإذاعة سرٍّ ولا كشف أمانةٍ ، لوجهين :</p><p> أحدهما : أنّهما لم تلزماه بذلك ، وإنّما علم أنّهما رأتا أن لا ضرورة تحوج إلى كتمانهما .</p><p> ثانيهما : أنّه أخبر بذلك جواباً لسؤال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لكون إجابته أوجب من التّمسّك بما أمرتاه به من الكتمان .</p><p> وهذا كلّه بناءً على أنّه التزم لهما بذلك . ويحتمل أن تكونا سألتاه ( أي ولم يلتزم لهما بالكتمان ) ولا يجب إسعاف كلّ سائلٍ . وقد تتضمّن الغيبة إفشاءً للسّرّ فيما إذا كان الأمر المكروه الّذي يذكر به الغير في غيابه من الأمور الخفيّة ، أو ممّا يطلب صاحبه كتمانه ، وقد نهى الشّرع عن الغيبة في قوله تعالى : { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه } وفي الحديث الّذي رواه أبو هريرة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره . قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول . قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فقد بهتّه » وتفصيله في مصطلح ( غيبةٌ ) .</p><p>النّوع الثّالث :</p><p>8 - ما اطّلع عليه صاحبه بمقتضى المهنة ، كالطّبيب والمفتي وأمين السّرّ وغيرهم .</p><p>9 - وممّا يكون أحياناً من الإفشاء المحرّم للسّرّ النّميمة : وهي لغةً تبليغ الخبر على وجه الإفساد ، وهي كذلك في اصطلاح العلماء ، وأكثر إطلاقها على من ينمّ قول الغير إلى المقول فيه ، أي ينقله إليه إذا كان سرّاً قد استكتمه إيّاه ، كأن يقول فلانٌ يقول فيك : كذا وكذا . والنّميمة حرامٌ منهيٌّ عنها ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنّة قتّاتٌ » أي النّمّام ، ولما فيها من الإفساد بين النّاس . وقد تجب النّميمة كما إذا سمع إنسانٌ شخصاً يتحدّث بإرادة إيذاء إنسانٍ ظلماً وعدواناً ، فيجب على من سمع أن يحذّر المقصود بالإيذاء ، فإن أمكن تحذيره بغير ذكر من سمع منه فيقتصر على التّحذير ، وإلاّ ذكره باسمه . وتفصيله في مصطلح ( نميمةٌ ) . </p><p>ما يجوز فيه السّتر والإفشاء ، والسّتر أفضل : </p><p>10 - نصّ فقهاء المذاهب على أنّه يجوز في الحدود الشّهادة والسّتر ، لكنّ السّتر أفضل فيما كان حقّاً للّه عزّ وجلّ ، واستدلّوا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ستر مسلماً ستره اللّه يوم القيامة » وبقوله عليه الصلاة والسلام « لو سترته بثوبك كان خيراً لك » . واستثنوا من ذلك المتهتّك الّذي لا يبالي بإتيان المحظورات ولا يتألّم لذكره بالمعاصي . وقال الفقهاء : يقول الشّاهد على السّرقة : أخذ ، لا سرق ، إحياءً للحقّ ورعايةً للسّتر . وإذا طعن في الشّهود يجوز أن يسأل عنهم القاضي جهراً أو سرّاً على المفتى به عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : إنّ الشّاهد مخيّرٌ في الرّفع إلى القاضي أو التّرك ، إلاّ في الحدود فالتّرك فيها أولى ، لما فيه من السّتر المطلوب في غير المتجاهر بفسقه ، وأمّا المجاهر فيرفع أمره . وكون التّرك مندوباً هو قولٌ لبعض المالكيّة ، وفي الموّاق : ستر الإنسان على نفسه وعلى غيره واجبٌ ، وحينئذٍ يكون ترك الرّفع واجباً .</p><p> وقال صاحب الطّريقة المحمّديّة من الحنفيّة : ما وقع في مجلسٍ ممّا يكره إفشاؤه إن لم يخالف الشّرع يجب كتمانه . وإن خالف الشّرع ، فإن كان حقّاً للّه تعالى ، ولم يتعلّق به حكمٌ شرعيٌّ ، كالحدّ والتّعزير فكذلك ، وإن تعلّق به حكمٌ شرعيٌّ فلك الخيار ، والسّتر أفضل كالزّنا وشرب الخمر . وإن كان حقّ العبد ، فإن تعلّق به ضررٌ لأحدٍ ماليٌّ لا بدنيٌّ ، أو حكمٌ شرعيٌّ كالقصاص والتّضمين ، فعليك الإعلام إن جهل ، والشّهادة إن طلب ، وإلاّ فالكتم . </p><p>استعمال المعاريض لتجنّب إفشاء السّرّ : </p><p>11 - المعاريض في الكلام هي التّورية بالشّيء عن الشّيء . وفي الحديث : « إنّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب » . وقال عمر بن الخطّاب : أما في المعاريض ما يكفي الرّجل عن الكذب ؟ وروي ذلك عن ابن عبّاسٍ وغيره . وهذا إذا اضطرّ الإنسان إلى الكذب لتجنّب إفشاء السّرّ ، وتفصيله في مصطلح ( توريةٌ ) ( وتعريضٌ ) .</p><p> وقال إمام زاده من الحنفيّة : ويعدّ الحديث الّذي حدّثه به أخوه أمانةً ، ولا يفشيها لغيره إلاّ بإذنه ، وإذا حدّث به أحداً أدّاه على أحسن وجهٍ ، واختار أجود ما سمع . </p><p>تجنّب الإفشاء في الحرب : </p><p>12 - كتمان أسرار جيش المسلمين عن العدوّ مطلوبٌ ، لأنّ السّرّ قد يصل إلى العدوّ فيستفيد من ذلك . ولذلك جاز الكذب في الحرب تجنّباً لإفشاء أسرار المسلمين للعدوّ .</p><p> ومن الكتمان ألاّ يذكر قائد الجيش لجنوده الوجه الّذي يريدون ،« فقد كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوةً ورّى بغيرها »،أمّا السّعي للحصول على أسرار العدوّ فهو مطلوبٌ ، لاتّقاء شرّه ،« وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يستطلع أخبار العدوّ ». </p><p></p><p> إفضاءٌ *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الإفضاء : مصدر أفضى ، وفضا المكان فضواً : إذا اتّسع ، وأفضى الرّجل بيده إلى الأرض : مسّها بباطن راحته ، وأفضى إلى امرأته : باشرها وجامعها ، وأفضاها : جعل مسلكيها بالافتضاض واحداً ، وأفضى إلى الشّيء : وصل إليه ، وأفضى إليه بالسّرّ : أعلمه .</p><p>2 - ويطلق الفقهاء الإفضاء ، ويريدون به معاني الأوّل :</p><p> الملامسة . قال الشّافعيّ رحمه الله : الملامسة أن يفضي الرّجل بشيءٍ من جسده إلى جسد المرأة ، أو تفضي إليه بشيءٍ منها بلا حائلٍ ( ر : وضوءٌ ، ومسٌّ ) .</p><p> الثّاني : الجماع . ومن ذلك قوله تعالى : { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعضٍ } فالمراد بالإفضاء الجماع عند بعض الفقهاء .</p><p> الثّالث : خلط السّبيلين . مثل أن يجامع الرّجل امرأته الصّغيرة الّتي لا تحتمل الجماع ، فيصيّر مسلكيها مسلكاً واحداً .</p><p>حكم الإفضاء : </p><p>3 - الإفضاء بمعنى إفشاء السّرّ ، ينظر في مصطلح ( إفشاء السّرّ ) .</p><p> أمّا الإفضاء بمعنى الملامسة . هل هو ناقضٌ للوضوء وموجبٌ للمهر أو لا ؟ فموطنه مصطلح : ( وضوءٌ ، ومهرٌ ) .</p><p> أمّا حكم الإفضاء بمعنى خلط السّبيلين : فالمفضي إمّا أن يكون الزّوج أو أجنبيّاً .</p><p>إفضاء الزّوج : </p><p>4 - إذا وطئ الرّجل زوجته الكبيرة المحتملة للوطء ، فأفضاها ، لا يجب عليه الضّمان عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، وهو رأي الحنابلة ، لأنّه وطءٌ مستحقٌّ ، فلم يجب ما تلف به كالبكارة ، ولأنّه فعلٌ مأذونٌ فيه ممّن يصحّ إذنه ، فلم يضمن ما تلف بسرايته ، كما لو أذنت في مداواتها بما يفضي إلى ذلك . وقال أبو يوسف : يجب الضّمان ، كما لو كان في أجنبيّةٍ ، وهو رأي المالكيّة والشّافعيّة ، غير أنّهم اختلفوا في تقدير الواجب ، فقال أبو يوسف : إذا أفضاها فاستمسك البول فعليه ثلث ديةٍ ، وقال المالكيّة : عليه حكومةٌ ، وقال الشّافعيّة : فيه ديةٌ كاملةٌ . وإذا لم يستمسك بولها ، ففيها ديةٌ كاملةٌ عند أبي يوسف ، وديةٌ وحكومةٌ ، أو ديتان عند الشّافعيّة ، وعند المالكيّة رأيان :</p><p> الأوّل للمدوّنة فيه حكومةٌ فقط .</p><p> والثّاني لابن القاسم ، فيه الدّية . وإذا أفضى زوجته الصّغيرة ، أو الّتي لا تحتمل الوطء ، ففيها الضّمان بالإجماع على ما هو مبيّنٌ عند الفقهاء ، وهذا كلّه إذا كان الجماع في المحلّ المشروع . وأمّا إذا كان الإفضاء في غيره فإنّه يكون بذلك متعدّياً ، فيجب عليه الضّمان إجماعاً على ما سبق ، لأنّه استعمالٌ في محلٍّ غير مأذونٍ فيه . </p><p>إفضاء الأجنبيّ : </p><p>5 - إذا أفضى امرأةً في زنًى فإن كانت مطاوعةً حدّا ، ولا غرم عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، لأنّه ضررٌ حصل من فعلٍ مأذونٍ فيه منها ، فلم يضمنه ، كأرش بكارتها ، وقال الشّافعيّة : عليه ديةٌ مع الحدّ ، لأنّ المأذون فيه الوطء لا الفتق ، فأشبه ما لو قطع يدها . وإن كانت المرأة مغتصبةً ( غير مطاوعةٍ ) ، فعلى المغتصب الحدّ والضّمان إجماعاً ، غير أنّهم اختلفوا في مقداره ، فقال الحنفيّة : عليه أرش الإفضاء لا العقر ، وذهب المالكيّة إلى أنّ فيه الصّداق وحكومة عدلٍ ، وذهب الشّافعيّة : إلى أنّ فيه الدّية ، وذهب الحنابلة : إلى أنّ فيه ثلث ديتها ومهر مثلها . </p><p>الإفضاء في نكاحٍ فاسدٍ : </p><p>6 - إذا وطئ امرأةً بشبهةٍ ، أو في نكاحٍ فاسدٍ فأفضاها ، فقد نصّ الحنابلة على أنّ عليه أرش إفضائها مع مهر مثلها ، لأنّ الفعل إنّما أذن فيه اعتقاداً أنّ المستوفي له هو المستحقّ ، فإذا كان غيره ثبت في حقّه وجوب الضّمان لما أتلف ، كما لو أذن في أخذ الدّين لمن يعتقد أنّه مستحقّه فبان أنّه غيره .</p><p> وقال أبو حنيفة : يجب لها أكثر الأمرين من مهر مثلها أو أرش إفضائها ، لأنّ الأرش لإتلاف العضو ، فلا يجمع بين ضمانه وضمان منفعته ، كما لو قلع عيناً .</p><p> وقال الشّافعيّة : فيه الدّية ، لأنّه إتلافٌ ، ولم يفرّقوا بين النّكاح الصّحيح والفاسد .</p><p> وقال المالكيّة : يجب حكومة عدلٍ للإتلاف والإفضاء زيادةً على المهر . </p><p></p><p> إفطارٌ *</p><p>التعريف :</p><p>1 - الإفطار لغةً : مصدر أفطر : يقال : أفطر الصّائم : دخل في وقت الفطر وكان له أن يفطر ، ومن ذلك حديث : « إذا أقبل اللّيل من هاهنا ، وأدبر النّهار من هاهنا ، وغربت الشّمس ، فقد أفطر الصّائم » . والإفطار في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى .</p><p> الحكم التّكليفيّ : </p><p>2 - الأصل في الإفطار بالنّسبة لمن وجب عليه الصّوم الحرمة ، إذ الصّوم معناه الإمساك عن كلّ ما يفطر . أمّا بالنّسبة لصوم رمضان فظاهرٌ ، وأمّا بالنّسبة للصّوم الواجب بالنّذر فكذلك ، لأنّه يسلك بالنّذر مسلك الواجب بالشّرع .</p><p> وقد يعرض له الوجوب ، لوجود مانعٍ من الصّوم ، سواءٌ أكان المانع من ناحية الشّخص ، كالمرض ، المؤدّي للهلاك ، وكالحائض والنّفساء ، أم كان المانع من ناحية الأيّام الّتي نهي عن الصّيام فيها كيومي العيد .</p><p>3 - وقد يكون الفطر مكروهاً :</p><p> كالمسافر الّذي تحقّقت له شرائط السّفر ، فإنّه يجوز له الفطر مع الكراهة عند المالكيّة ، إذ الصّوم أفضل لقوله تعالى : { وأن تصوموا خيرٌ لكم } . وكإفطار من شرع في صوم النّفل إن كان بغير عذرٍ ، لقوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } . وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه .</p><p>4 - وقد يكون مندوباً :</p><p> كما لو كان هناك عذرٌ ، كمساعدة ضيفٍ في الأكل إذا عزّ عليه امتناع مضيفه منه أو عكسه ، فلا يكره الإفطار بل يستحبّ ، لحديث « وإنّ لزورك عليك حقّاً » وحديث : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه » .</p><p> أمّا إذا لم يعزّ على أحدهما امتناع الآخر عن ذلك ، فالأفضل عدم خروجه منه .</p><p>5 - وقد يكون مباحاً :</p><p> كالمريض الّذي لا يخشى الهلاك ، ولكنّه يخشى زيادة المرض ، وكالحامل الّتي تخاف ضرراً يسيراً على حملها أو نفسها . ومن المباح عند الجمهور الصّيام في السّفر على خلاف الأفضليّة بناءً على اعتباره رخصةً أو عزيمةً .</p><p>أثر الإفطار : </p><p>أ - في قطع الصّوم المتتابع : </p><p>6 - من أفطر بغير عذرٍ في نهار صومٍ واجبٍ يجب فيه التّتابع ، كصومٍ عن كفّارة ظهارٍ أو قتلٍ ، انقطع تتابعه ووجب استئنافه ، فإن كان لعذرٍ فلا ينقطع تتابعه ويبني على ما سبق . وهذا في الجملة .</p><p> وللفقهاء تفصيلٌ فيما يعتبر عذراً لا يقطع التّتابع وما لا يعتبر ( ر : صومٌ - كفّارةٌ ) .</p><p>ب - في ترتّب القضاء وغيره : </p><p>7 - يجب القضاء على من أفطر في صيامٍ واجبٍ وهذا باتّفاقٍ . وفي صيام التّطوّع خلافٌ . وقد يكون مع القضاء فديةٌ أو كفّارةٌ . وفي ذلك تفصيلٌ ينظر في موضعه . </p><p></p><p> إفكٌ *</p><p>التعريف :</p><p>1 - الإفك : لغةً : الكذب . ويستعمله الفقهاء في باب القذف بمعنى الكذب ، وفي الألوسيّ وغيره ، الإفك : أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء ، وكثيراً ما يفسّر بالكذب مطلقاً . وقيل هو البهتان لا تشعر به حتّى يفجأك ، وأصله من الأفك ( بفتحٍ فسكونٍ ) وهو القلب والصّرف ، لأنّ الكذب مصروفٌ عن الوجه الحقّ .</p><p> وقد قال المفسّرون في قوله تعالى : { إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبةٌ منكم } إنّ المراد ما افتري على عائشة رضي الله عنها ، فتكون ( أل ) في " الإفك " للعهد ، وجوّز بعضهم حمل ( أل ) على الجنس ، قيل فيفيد القصر : كأنّه لا إفك إلاّ ذلك الإفك ، وفي لفظ ( المجيء ) إشارةٌ إلى أنّهم أظهروه من عند أنفسهم من غير أن يكون له أصلٌ . وقد ورد في سورة النّور - الآية 11 فما بعدها - ذكر حادثة الإفك ، وتشريف اللّه تعالى لعائشة ، وتبرئتها بالوحي .</p><p> الحكم الإجماليّ ومواطن البحث : </p><p>2 - الإفك حرامٌ ، فيه يصوّر الحقّ بصورة الباطل ، ولا يخرج في عقوبته عن عقوبة الكذب ، وفيه التّعزير ، إلاّ أن يكون قذفاً بالمفهوم الشّرعيّ ، وهو ما كان موضوعه الاتّهام كذباً بالفاحشة ، فيكون فيه الحدّ . وتفصيله في ( القذف ) . </p><p></p><p> إفلاسٌ *</p><p>التعريف :</p><p>1 - الإفلاس مصدر أفلس ، وهو لازمٌ ، يقال : أفلس الرّجل إذا صار ذا فلوسٍ بعد أن كان ذا ذهبٍ وفضّةٍ ، أو صار إلى حالٍ ليس له فلوسٌ . والفلس اسم المصدر ، بمعنى الإفلاس . والإفلاس في الاصطلاح : أن يكون الدّين الّذي على الرّجل أكثر من ماله ، وسواءٌ أكان غير ذي مالٍ أصلاً ، أم كان له مالٌ إلاّ أنّه أقلّ من دينه . قال ابن قدامة : وإنّما سمّي من غلب دينه ماله مفلساً وإن كان له مالٌ ، لأنّ ماله مستحقّ الصّرف في جهة دينه ، فكأنّه معدومٌ .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة : </p><p>أ - التّفليس : </p><p>2 - التّفليس هو : مصدر فلّست الرّجل ، إذا نسبته إلى الإفلاس .</p><p> واصطلاحاً : جعل الحاكم المدين مفلساً بمنعه من التّصرّف في ماله . وهذا ما صرّح به الحنفيّة والشّافعيّة عندما عرّفوا التّفليس بالمعنى الأخصّ . والعلاقة بين التّفليس والإفلاس : أنّ الإفلاس أثر التّفليس في الجملة . وجرى المالكيّة على أنّ التّفليس يطلق على ما قبل الحجر بعد قيام الغرماء على المدين ، قالوا : ويقال حينئذٍ : إنّه تفليسٌ بالمعنى الأعمّ ، ويطلق على ما بعد الحجر عليه بحكم الحاكم ، ويكون حينئذٍ تفليساً بالمعنى الأخصّ .</p><p>ب - الإعسار : </p><p>3 - الإعسار في اللّغة : مصدر أعسر ، وهو ضدّ اليسار . والعسر : اسم مصدرٍ ، وهو الضّيق والشّدّة والصّعوبة .</p><p> وفي الاصطلاح : عدم القدرة على النّفقة بمالٍ ولا كسبٍ . فبين الإعسار والإفلاس عمومٌ وخصوصٌ مطلقٌ ، فكلّ مفلسٍ معسرٌ ، ولا عكس .</p><p>ج - الحجر : </p><p>4 - الحجر لغةً : المنع مطلقاً ، وشرعاً : منع نفاذ تصرّفٍ قوليٍّ . وهو أعمّ من التّفليس من حيث الأثر ، إذ يشمل منع الصّبيّ والسّفيه والمجنون ومن في حكمهم من التّصرّف في المال .</p><p>حكم الإفلاس : </p><p>5 - لمّا كان الإفلاس صفةً للشّخص لا فعلاً له لم يوصف بحلٍّ ولا حرمةٍ ، ولكن للإفلاس مقدّماتٌ هي من فعل المكلّف ، كالاستدانة ، وهذه قد ترد عليها الأحكام التّكليفيّة ، ويرجع في ذلك إلى مصطلح ( استدانةٌ ) .</p><p> وقد يكون سبب الإفلاس الإعسار ، وله أحكامٌ وضعيّةٌ ( آثارٌ ) مفصّلةٌ في مصطلح ( إعسارٌ ) ، وأمّا الإفلاس من حيث إنّه أثرٌ للتّفليس ، فإنّه يناسب هنا الكلام على أحكام التّفليس .</p><p>الحكم التّكليفيّ للتّفليس : </p><p>6 - إذا أحاط الدّين بمال المدين ، وطلب الغرماء الحجر عليه ، وجب على الحاكم تفليسه عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وصاحبي أبي حنيفة ، وهو المفتى به عند الحنفيّة . واشترط المالكيّة لوجوب ذلك ألاّ يمكن للغرماء الوصول إلى حقّهم إلاّ به . أمّا إذا أمكن الوصول إلى حقّهم بغير ذلك كبيع بعض ماله ، فإنّه لا يصار إلى التّفليس .</p><p> وذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا يفلّس ، لأنّه كامل الأهليّة ، وفي الحجر عليه إهدارٌ لآدميّته . واستدلّ القائلون بتفليسه : بأنّ الكلّ مجمعٌ على الحجر على المريض مرض الموت فيما زاد على الثّلث لحقّ الورثة ، فلأن يحجر عليه ويمنع من التّصرّف في أمواله لحقّ الغرماء أولى . وممّا يتّصل بهذا الموضوع : أنّه هل يجوز للحاكم أن يبيع ماله جبراً عليه أو لا ؟ ذهب الجمهور إلى جواز ذلك مستدلّين بحديث معاذٍ : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حجر عليه ، وباع ماله في دينٍ كان عليه ، وقسمه بين غرمائه … » وكذلك أثر أسيفعٍ : أنّه كان يشتري الرّواحل ، فيغالي بها ، ثمّ يسرع في السّير فيسبق الحاجّ ، فأفلس ، فرفع أمره إلى عمر بن الخطّاب فقال : ( أمّا بعد : أيّها النّاس فإنّ الأسيفع أسفع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال : سبق الحاجّ ، إلاّ أنّه قد أدان مغرضاً ، فأصبح وقد رين به ، فمن كان له دينٌ فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين غرمائه ، وإيّاكم والدّين … )</p><p>ولأنّه محجورٌ عليه محتاجٌ إلى قضاء دينه فجاز بيع ماله بغير رضاه ، كالصّغير والمجنون . وقال أبو حنيفة : لا يباع ماله جبراً عنه ، لأنّه لا ولاية عليه في ماله ، إلاّ أنّ الحاكم يجبره على البيع إذا لم يمكن الإيفاء بدون إجبارٍ ، لقوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } .</p><p> واستثنى أبو حنيفة من ذلك أنّه إذا كان دينه دراهم ، وفي المال دراهم ، دفعت للغريم جبراً . وكذلك إن كان دينه دنانير وفي المال دنانير ، دفعت للدّائنين جبراً . وكذلك إذا كان عليه أحد النّقدين وفي ماله النّقد الآخر ، لأنّهما كجنسٍ واحدٍ . واستدلّ لذلك بأنّ الغريم إذا ظفر بمثل دينه أخذه جبراً ، فالحاكم أولى ، وهذا الاستثناء عنده من قبيل الاستحسان . وممّا يتّصل بهذا أنّ المدين المستغرق بالدّين ، يحرم عليه ديانةً كلّ تصرّفٍ يضرّ بالدّائنين ، كما يحرم على الآخرين أن يتعاملوا معه بما يضرّ بدائنيه متى علموا .</p><p> وتفصيل ذلك في ( استدانةٌ ) . </p><p>شرائط الحجر على المفلس :</p><p>الشّريطة الأولى : </p><p>7 - يشترط للحجر على المفلس عند كلّ من أجازه أن يطلب الغرماء أو من ينوب عنهم أو يخلفهم الحجر عليه . فلو طالبوا بديونهم ولم يطلبوا الحجر لم يحجر عليه .</p><p> ولا يشترط أن يطلبه جميع الغرماء ، بل لو طلبه واحدٌ منهم لزم ، وإن أبى بقيّة الغرماء ذلك أو سكتوا ، أو طلبوا تركه ليسعى . وإذا فلّس لطلب بعضهم كان للباقين المحاصّة .</p><p> ولو طلب المدين تفليس نفسه والحجر عليه لم يجبه الحاكم إلى ذلك من غير طلب الغرماء . وهذا عند المالكيّة والحنابلة ، وهو مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة . والأصحّ عندهم يحجر على المدين بسؤاله أو سؤال وكيله ، قيل : وجوباً ، وقيل : جوازاً . قالوا : لأنّ له غرضاً ظاهراً في ذلك ، وهو صرف ماله إلى ديونه .</p><p> ووجه الأوّل أنّ الحجر ينافي الحرّيّة والرّشد ، وإنّما حجر بطلب الغرماء للضّرورة ، وأنّهم لا يتمكّنون من تحصيل مقصودهم إلاّ بالحجر ، خشية الضّياع ، بخلاف المدين فإنّ غرضه الوفاء ، وهو متمكّنٌ منه ببيع أمواله وقسمتها على غرمائه . وجعل بعضهم من الحجر بطلب المدين« حجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم على معاذٍ ». قالوا : الأصوب أنّه كان بسؤال معاذٍ نفسه .</p><p> وقال الشّافعيّة : ولو كان الدّين لقاصرٍ ، ولم يسأل وليّه الحجر ، وجب على الحاكم الحجر من غير سؤالٍ ، لأنّه ناظرٌ لمصلحته . ومثله عندهم ما لو كانت الدّيون لمسجدٍ ، أو جهةٍ عامّةٍ كالفقراء . وقال الشّافعيّة أيضاً في حالة ما إذا طلب بعض الدّائنين الحجر دون بعضٍ : يشترط أن يكون دين الطّالب أكثر من مال المدين ، وإلاّ فلا حجر ، لأنّ دينه يمكن وفاؤه بكماله . وهذا هو المعتمد عندهم ، وفي قولٍ : يعتبر أن يزيد دين الجميع على ماله ، لا دين طالب الحجر فقط .</p><p>الشّريطة الثّانية : </p><p>8 - يشترط أن يكون الدّين الّذي طلب ربّه الحجر على المدين بسببه ديناً حالاًّ ، سواءٌ أكان حالاًّ أصالةً ، أم حلّ بانتهاء أجله ، فلا حجر بالدّين المؤجّل ، لأنّه لا يطالب به في الحال ، ولو طولب به لم يلزمه الأداء .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40936, member: 329"] حكمه التّكليفيّ : أنواع السّرّ : يتنوّع السّرّ إلى ثلاثة أنواعٍ : أ - ما أمر الشّرع بكتمانه . ب - ما طلب صاحبه كتمانه . ج - ما من شأنه الكتمان واطّلع عليه بسبب الخلطة أو المهنة . النّوع الأوّل : ما أمر الشّرع بكتمانه : 6 - من الأمور ما يحظر الشّرع إفشاءه لمصلحةٍ دينيّةٍ أو دنيويّةٍ حسب ما يترتّب على إفشائه من ضررٍ . فممّا لا يجوز إفشاؤه : ما يجري بين الزّوجين حال الوقاع ، فإنّ إفشاء ما يقع بين الرّجل وزوجته حال الجماع أو ما يتّصل بذلك حرامٌ منهيٌّ عنه ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « إنّ من شرّ النّاس عند اللّه منزلةً يوم القيامة الرّجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ، ثمّ ينشر سرّها » والمراد من نشر السّرّ ، ذكر ما يقع بين الرّجل وامرأته من أمور الوقاع ووصف تفاصيل ذلك ، وما يجري من المرأة من قولٍ أو فعلٍ ونحو ذلك . أمّا مجرّد ذكر الوقاع فإذا لم يكن لحاجةٍ ، فذكره مكروهٌ ، لأنّه ينافي المروءة ، فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت » . فإن دعت إلى ذكره حاجةٌ ، وترتّبت عليه فائدةٌ فهو مباحٌ . كما لو ادّعت الزّوجة على زوجها أنّه عنّينٌ ، أو معرضٌ عنها ، أو تدّعي عليه العجز ، فإن لم يكن ما ادّعته صحيحاً فلا كراهة في الذّكر ، فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّي لأفعل ذلك ، أنا وهذه ، ثمّ نغتسل » وقال لأبي طلحة : « أعرّستم اللّيلة » ؟ والمرأة كالرّجل في عدم جواز إفشاء ما يجري من الرّجال حال الوقاع . وإفشاء السّرّ منهيٌّ عنه لما فيه من الإيذاء والتّهاون بحقّ أصحاب السّرّ من الجيران والأصدقاء ونحوهم . فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا حدّث الرّجل الحديث ثمّ التفت فهي أمانةٌ » وقال : « الحديث بينكم أمانةٌ » . وقال الحسن( إنّ من الخيانة أن تحدّث بسرّ أخيك ) . النّوع الثّاني : ما طلب صاحبه كتمانه : 7 - ما استكتمك إيّاه الغير وائتمنك عليه ، فلا يجوز بثّه وإفشاؤه للغير ، حتّى أخصّ أصدقاء صاحب السّرّ ، فلا يكشف شيئاً منه ولو بعد القطيعة بين من أسرّ ومن أسرّ إليه ، فإنّ ذلك من لؤم الطّبع وخبث الباطن . وهذا إذا التزمت بالكتمان ، أمّا إذا لم تلتزم ، فلا يجب الكتمان ، ويدلّ لذلك حديث زينب امرأة ابن مسعودٍ ونصّه : عن زينب امرأة عبد اللّه قالت : « كنت في المسجد ، فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : تصدّقن ولو من حليّكنّ » . « وكانت زينب تنفق على عبد اللّه وأيتامٍ في حجرها . فقالت لعبد اللّه : سل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أيجزي عنّي أن أنفق عليك وعلى أيتامي في حجري من الصّدقة ؟ فقال : سلي أنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . فانطلقت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوجدت امرأةً من الأنصار على الباب ، حاجتها مثل حاجتي ، فمرّ علينا بلالٌ فقلنا : سل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أيجزي عنّي أن أنفق على زوجي وأيتامٍ لي في حجري . وقلنا : لا تخبر بنا . فدخل فسأله ، فقال : من هما ؟ قال : زينب . قال : أيّ الزّيانب ؟ قال : امرأة عبد اللّه . قال : نعم ، ولها أجران : أجر القرابة وأجر الصّدقة » . قال القرطبيّ - فيما نقله ابن حجرٍ في فتح الباري - : " ليس إخبار بلالٍ باسم المرأتين بعد أن استكتمتاه بإذاعة سرٍّ ولا كشف أمانةٍ ، لوجهين : أحدهما : أنّهما لم تلزماه بذلك ، وإنّما علم أنّهما رأتا أن لا ضرورة تحوج إلى كتمانهما . ثانيهما : أنّه أخبر بذلك جواباً لسؤال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لكون إجابته أوجب من التّمسّك بما أمرتاه به من الكتمان . وهذا كلّه بناءً على أنّه التزم لهما بذلك . ويحتمل أن تكونا سألتاه ( أي ولم يلتزم لهما بالكتمان ) ولا يجب إسعاف كلّ سائلٍ . وقد تتضمّن الغيبة إفشاءً للسّرّ فيما إذا كان الأمر المكروه الّذي يذكر به الغير في غيابه من الأمور الخفيّة ، أو ممّا يطلب صاحبه كتمانه ، وقد نهى الشّرع عن الغيبة في قوله تعالى : { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه } وفي الحديث الّذي رواه أبو هريرة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره . قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول . قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فقد بهتّه » وتفصيله في مصطلح ( غيبةٌ ) . النّوع الثّالث : 8 - ما اطّلع عليه صاحبه بمقتضى المهنة ، كالطّبيب والمفتي وأمين السّرّ وغيرهم . 9 - وممّا يكون أحياناً من الإفشاء المحرّم للسّرّ النّميمة : وهي لغةً تبليغ الخبر على وجه الإفساد ، وهي كذلك في اصطلاح العلماء ، وأكثر إطلاقها على من ينمّ قول الغير إلى المقول فيه ، أي ينقله إليه إذا كان سرّاً قد استكتمه إيّاه ، كأن يقول فلانٌ يقول فيك : كذا وكذا . والنّميمة حرامٌ منهيٌّ عنها ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنّة قتّاتٌ » أي النّمّام ، ولما فيها من الإفساد بين النّاس . وقد تجب النّميمة كما إذا سمع إنسانٌ شخصاً يتحدّث بإرادة إيذاء إنسانٍ ظلماً وعدواناً ، فيجب على من سمع أن يحذّر المقصود بالإيذاء ، فإن أمكن تحذيره بغير ذكر من سمع منه فيقتصر على التّحذير ، وإلاّ ذكره باسمه . وتفصيله في مصطلح ( نميمةٌ ) . ما يجوز فيه السّتر والإفشاء ، والسّتر أفضل : 10 - نصّ فقهاء المذاهب على أنّه يجوز في الحدود الشّهادة والسّتر ، لكنّ السّتر أفضل فيما كان حقّاً للّه عزّ وجلّ ، واستدلّوا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ستر مسلماً ستره اللّه يوم القيامة » وبقوله عليه الصلاة والسلام « لو سترته بثوبك كان خيراً لك » . واستثنوا من ذلك المتهتّك الّذي لا يبالي بإتيان المحظورات ولا يتألّم لذكره بالمعاصي . وقال الفقهاء : يقول الشّاهد على السّرقة : أخذ ، لا سرق ، إحياءً للحقّ ورعايةً للسّتر . وإذا طعن في الشّهود يجوز أن يسأل عنهم القاضي جهراً أو سرّاً على المفتى به عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : إنّ الشّاهد مخيّرٌ في الرّفع إلى القاضي أو التّرك ، إلاّ في الحدود فالتّرك فيها أولى ، لما فيه من السّتر المطلوب في غير المتجاهر بفسقه ، وأمّا المجاهر فيرفع أمره . وكون التّرك مندوباً هو قولٌ لبعض المالكيّة ، وفي الموّاق : ستر الإنسان على نفسه وعلى غيره واجبٌ ، وحينئذٍ يكون ترك الرّفع واجباً . وقال صاحب الطّريقة المحمّديّة من الحنفيّة : ما وقع في مجلسٍ ممّا يكره إفشاؤه إن لم يخالف الشّرع يجب كتمانه . وإن خالف الشّرع ، فإن كان حقّاً للّه تعالى ، ولم يتعلّق به حكمٌ شرعيٌّ ، كالحدّ والتّعزير فكذلك ، وإن تعلّق به حكمٌ شرعيٌّ فلك الخيار ، والسّتر أفضل كالزّنا وشرب الخمر . وإن كان حقّ العبد ، فإن تعلّق به ضررٌ لأحدٍ ماليٌّ لا بدنيٌّ ، أو حكمٌ شرعيٌّ كالقصاص والتّضمين ، فعليك الإعلام إن جهل ، والشّهادة إن طلب ، وإلاّ فالكتم . استعمال المعاريض لتجنّب إفشاء السّرّ : 11 - المعاريض في الكلام هي التّورية بالشّيء عن الشّيء . وفي الحديث : « إنّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب » . وقال عمر بن الخطّاب : أما في المعاريض ما يكفي الرّجل عن الكذب ؟ وروي ذلك عن ابن عبّاسٍ وغيره . وهذا إذا اضطرّ الإنسان إلى الكذب لتجنّب إفشاء السّرّ ، وتفصيله في مصطلح ( توريةٌ ) ( وتعريضٌ ) . وقال إمام زاده من الحنفيّة : ويعدّ الحديث الّذي حدّثه به أخوه أمانةً ، ولا يفشيها لغيره إلاّ بإذنه ، وإذا حدّث به أحداً أدّاه على أحسن وجهٍ ، واختار أجود ما سمع . تجنّب الإفشاء في الحرب : 12 - كتمان أسرار جيش المسلمين عن العدوّ مطلوبٌ ، لأنّ السّرّ قد يصل إلى العدوّ فيستفيد من ذلك . ولذلك جاز الكذب في الحرب تجنّباً لإفشاء أسرار المسلمين للعدوّ . ومن الكتمان ألاّ يذكر قائد الجيش لجنوده الوجه الّذي يريدون ،« فقد كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوةً ورّى بغيرها »،أمّا السّعي للحصول على أسرار العدوّ فهو مطلوبٌ ، لاتّقاء شرّه ،« وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يستطلع أخبار العدوّ ». إفضاءٌ * التّعريف : 1 - الإفضاء : مصدر أفضى ، وفضا المكان فضواً : إذا اتّسع ، وأفضى الرّجل بيده إلى الأرض : مسّها بباطن راحته ، وأفضى إلى امرأته : باشرها وجامعها ، وأفضاها : جعل مسلكيها بالافتضاض واحداً ، وأفضى إلى الشّيء : وصل إليه ، وأفضى إليه بالسّرّ : أعلمه . 2 - ويطلق الفقهاء الإفضاء ، ويريدون به معاني الأوّل : الملامسة . قال الشّافعيّ رحمه الله : الملامسة أن يفضي الرّجل بشيءٍ من جسده إلى جسد المرأة ، أو تفضي إليه بشيءٍ منها بلا حائلٍ ( ر : وضوءٌ ، ومسٌّ ) . الثّاني : الجماع . ومن ذلك قوله تعالى : { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعضٍ } فالمراد بالإفضاء الجماع عند بعض الفقهاء . الثّالث : خلط السّبيلين . مثل أن يجامع الرّجل امرأته الصّغيرة الّتي لا تحتمل الجماع ، فيصيّر مسلكيها مسلكاً واحداً . حكم الإفضاء : 3 - الإفضاء بمعنى إفشاء السّرّ ، ينظر في مصطلح ( إفشاء السّرّ ) . أمّا الإفضاء بمعنى الملامسة . هل هو ناقضٌ للوضوء وموجبٌ للمهر أو لا ؟ فموطنه مصطلح : ( وضوءٌ ، ومهرٌ ) . أمّا حكم الإفضاء بمعنى خلط السّبيلين : فالمفضي إمّا أن يكون الزّوج أو أجنبيّاً . إفضاء الزّوج : 4 - إذا وطئ الرّجل زوجته الكبيرة المحتملة للوطء ، فأفضاها ، لا يجب عليه الضّمان عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، وهو رأي الحنابلة ، لأنّه وطءٌ مستحقٌّ ، فلم يجب ما تلف به كالبكارة ، ولأنّه فعلٌ مأذونٌ فيه ممّن يصحّ إذنه ، فلم يضمن ما تلف بسرايته ، كما لو أذنت في مداواتها بما يفضي إلى ذلك . وقال أبو يوسف : يجب الضّمان ، كما لو كان في أجنبيّةٍ ، وهو رأي المالكيّة والشّافعيّة ، غير أنّهم اختلفوا في تقدير الواجب ، فقال أبو يوسف : إذا أفضاها فاستمسك البول فعليه ثلث ديةٍ ، وقال المالكيّة : عليه حكومةٌ ، وقال الشّافعيّة : فيه ديةٌ كاملةٌ . وإذا لم يستمسك بولها ، ففيها ديةٌ كاملةٌ عند أبي يوسف ، وديةٌ وحكومةٌ ، أو ديتان عند الشّافعيّة ، وعند المالكيّة رأيان : الأوّل للمدوّنة فيه حكومةٌ فقط . والثّاني لابن القاسم ، فيه الدّية . وإذا أفضى زوجته الصّغيرة ، أو الّتي لا تحتمل الوطء ، ففيها الضّمان بالإجماع على ما هو مبيّنٌ عند الفقهاء ، وهذا كلّه إذا كان الجماع في المحلّ المشروع . وأمّا إذا كان الإفضاء في غيره فإنّه يكون بذلك متعدّياً ، فيجب عليه الضّمان إجماعاً على ما سبق ، لأنّه استعمالٌ في محلٍّ غير مأذونٍ فيه . إفضاء الأجنبيّ : 5 - إذا أفضى امرأةً في زنًى فإن كانت مطاوعةً حدّا ، ولا غرم عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، لأنّه ضررٌ حصل من فعلٍ مأذونٍ فيه منها ، فلم يضمنه ، كأرش بكارتها ، وقال الشّافعيّة : عليه ديةٌ مع الحدّ ، لأنّ المأذون فيه الوطء لا الفتق ، فأشبه ما لو قطع يدها . وإن كانت المرأة مغتصبةً ( غير مطاوعةٍ ) ، فعلى المغتصب الحدّ والضّمان إجماعاً ، غير أنّهم اختلفوا في مقداره ، فقال الحنفيّة : عليه أرش الإفضاء لا العقر ، وذهب المالكيّة إلى أنّ فيه الصّداق وحكومة عدلٍ ، وذهب الشّافعيّة : إلى أنّ فيه الدّية ، وذهب الحنابلة : إلى أنّ فيه ثلث ديتها ومهر مثلها . الإفضاء في نكاحٍ فاسدٍ : 6 - إذا وطئ امرأةً بشبهةٍ ، أو في نكاحٍ فاسدٍ فأفضاها ، فقد نصّ الحنابلة على أنّ عليه أرش إفضائها مع مهر مثلها ، لأنّ الفعل إنّما أذن فيه اعتقاداً أنّ المستوفي له هو المستحقّ ، فإذا كان غيره ثبت في حقّه وجوب الضّمان لما أتلف ، كما لو أذن في أخذ الدّين لمن يعتقد أنّه مستحقّه فبان أنّه غيره . وقال أبو حنيفة : يجب لها أكثر الأمرين من مهر مثلها أو أرش إفضائها ، لأنّ الأرش لإتلاف العضو ، فلا يجمع بين ضمانه وضمان منفعته ، كما لو قلع عيناً . وقال الشّافعيّة : فيه الدّية ، لأنّه إتلافٌ ، ولم يفرّقوا بين النّكاح الصّحيح والفاسد . وقال المالكيّة : يجب حكومة عدلٍ للإتلاف والإفضاء زيادةً على المهر . إفطارٌ * التعريف : 1 - الإفطار لغةً : مصدر أفطر : يقال : أفطر الصّائم : دخل في وقت الفطر وكان له أن يفطر ، ومن ذلك حديث : « إذا أقبل اللّيل من هاهنا ، وأدبر النّهار من هاهنا ، وغربت الشّمس ، فقد أفطر الصّائم » . والإفطار في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى . الحكم التّكليفيّ : 2 - الأصل في الإفطار بالنّسبة لمن وجب عليه الصّوم الحرمة ، إذ الصّوم معناه الإمساك عن كلّ ما يفطر . أمّا بالنّسبة لصوم رمضان فظاهرٌ ، وأمّا بالنّسبة للصّوم الواجب بالنّذر فكذلك ، لأنّه يسلك بالنّذر مسلك الواجب بالشّرع . وقد يعرض له الوجوب ، لوجود مانعٍ من الصّوم ، سواءٌ أكان المانع من ناحية الشّخص ، كالمرض ، المؤدّي للهلاك ، وكالحائض والنّفساء ، أم كان المانع من ناحية الأيّام الّتي نهي عن الصّيام فيها كيومي العيد . 3 - وقد يكون الفطر مكروهاً : كالمسافر الّذي تحقّقت له شرائط السّفر ، فإنّه يجوز له الفطر مع الكراهة عند المالكيّة ، إذ الصّوم أفضل لقوله تعالى : { وأن تصوموا خيرٌ لكم } . وكإفطار من شرع في صوم النّفل إن كان بغير عذرٍ ، لقوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } . وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه . 4 - وقد يكون مندوباً : كما لو كان هناك عذرٌ ، كمساعدة ضيفٍ في الأكل إذا عزّ عليه امتناع مضيفه منه أو عكسه ، فلا يكره الإفطار بل يستحبّ ، لحديث « وإنّ لزورك عليك حقّاً » وحديث : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه » . أمّا إذا لم يعزّ على أحدهما امتناع الآخر عن ذلك ، فالأفضل عدم خروجه منه . 5 - وقد يكون مباحاً : كالمريض الّذي لا يخشى الهلاك ، ولكنّه يخشى زيادة المرض ، وكالحامل الّتي تخاف ضرراً يسيراً على حملها أو نفسها . ومن المباح عند الجمهور الصّيام في السّفر على خلاف الأفضليّة بناءً على اعتباره رخصةً أو عزيمةً . أثر الإفطار : أ - في قطع الصّوم المتتابع : 6 - من أفطر بغير عذرٍ في نهار صومٍ واجبٍ يجب فيه التّتابع ، كصومٍ عن كفّارة ظهارٍ أو قتلٍ ، انقطع تتابعه ووجب استئنافه ، فإن كان لعذرٍ فلا ينقطع تتابعه ويبني على ما سبق . وهذا في الجملة . وللفقهاء تفصيلٌ فيما يعتبر عذراً لا يقطع التّتابع وما لا يعتبر ( ر : صومٌ - كفّارةٌ ) . ب - في ترتّب القضاء وغيره : 7 - يجب القضاء على من أفطر في صيامٍ واجبٍ وهذا باتّفاقٍ . وفي صيام التّطوّع خلافٌ . وقد يكون مع القضاء فديةٌ أو كفّارةٌ . وفي ذلك تفصيلٌ ينظر في موضعه . إفكٌ * التعريف : 1 - الإفك : لغةً : الكذب . ويستعمله الفقهاء في باب القذف بمعنى الكذب ، وفي الألوسيّ وغيره ، الإفك : أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء ، وكثيراً ما يفسّر بالكذب مطلقاً . وقيل هو البهتان لا تشعر به حتّى يفجأك ، وأصله من الأفك ( بفتحٍ فسكونٍ ) وهو القلب والصّرف ، لأنّ الكذب مصروفٌ عن الوجه الحقّ . وقد قال المفسّرون في قوله تعالى : { إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبةٌ منكم } إنّ المراد ما افتري على عائشة رضي الله عنها ، فتكون ( أل ) في " الإفك " للعهد ، وجوّز بعضهم حمل ( أل ) على الجنس ، قيل فيفيد القصر : كأنّه لا إفك إلاّ ذلك الإفك ، وفي لفظ ( المجيء ) إشارةٌ إلى أنّهم أظهروه من عند أنفسهم من غير أن يكون له أصلٌ . وقد ورد في سورة النّور - الآية 11 فما بعدها - ذكر حادثة الإفك ، وتشريف اللّه تعالى لعائشة ، وتبرئتها بالوحي . الحكم الإجماليّ ومواطن البحث : 2 - الإفك حرامٌ ، فيه يصوّر الحقّ بصورة الباطل ، ولا يخرج في عقوبته عن عقوبة الكذب ، وفيه التّعزير ، إلاّ أن يكون قذفاً بالمفهوم الشّرعيّ ، وهو ما كان موضوعه الاتّهام كذباً بالفاحشة ، فيكون فيه الحدّ . وتفصيله في ( القذف ) . إفلاسٌ * التعريف : 1 - الإفلاس مصدر أفلس ، وهو لازمٌ ، يقال : أفلس الرّجل إذا صار ذا فلوسٍ بعد أن كان ذا ذهبٍ وفضّةٍ ، أو صار إلى حالٍ ليس له فلوسٌ . والفلس اسم المصدر ، بمعنى الإفلاس . والإفلاس في الاصطلاح : أن يكون الدّين الّذي على الرّجل أكثر من ماله ، وسواءٌ أكان غير ذي مالٍ أصلاً ، أم كان له مالٌ إلاّ أنّه أقلّ من دينه . قال ابن قدامة : وإنّما سمّي من غلب دينه ماله مفلساً وإن كان له مالٌ ، لأنّ ماله مستحقّ الصّرف في جهة دينه ، فكأنّه معدومٌ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّفليس : 2 - التّفليس هو : مصدر فلّست الرّجل ، إذا نسبته إلى الإفلاس . واصطلاحاً : جعل الحاكم المدين مفلساً بمنعه من التّصرّف في ماله . وهذا ما صرّح به الحنفيّة والشّافعيّة عندما عرّفوا التّفليس بالمعنى الأخصّ . والعلاقة بين التّفليس والإفلاس : أنّ الإفلاس أثر التّفليس في الجملة . وجرى المالكيّة على أنّ التّفليس يطلق على ما قبل الحجر بعد قيام الغرماء على المدين ، قالوا : ويقال حينئذٍ : إنّه تفليسٌ بالمعنى الأعمّ ، ويطلق على ما بعد الحجر عليه بحكم الحاكم ، ويكون حينئذٍ تفليساً بالمعنى الأخصّ . ب - الإعسار : 3 - الإعسار في اللّغة : مصدر أعسر ، وهو ضدّ اليسار . والعسر : اسم مصدرٍ ، وهو الضّيق والشّدّة والصّعوبة . وفي الاصطلاح : عدم القدرة على النّفقة بمالٍ ولا كسبٍ . فبين الإعسار والإفلاس عمومٌ وخصوصٌ مطلقٌ ، فكلّ مفلسٍ معسرٌ ، ولا عكس . ج - الحجر : 4 - الحجر لغةً : المنع مطلقاً ، وشرعاً : منع نفاذ تصرّفٍ قوليٍّ . وهو أعمّ من التّفليس من حيث الأثر ، إذ يشمل منع الصّبيّ والسّفيه والمجنون ومن في حكمهم من التّصرّف في المال . حكم الإفلاس : 5 - لمّا كان الإفلاس صفةً للشّخص لا فعلاً له لم يوصف بحلٍّ ولا حرمةٍ ، ولكن للإفلاس مقدّماتٌ هي من فعل المكلّف ، كالاستدانة ، وهذه قد ترد عليها الأحكام التّكليفيّة ، ويرجع في ذلك إلى مصطلح ( استدانةٌ ) . وقد يكون سبب الإفلاس الإعسار ، وله أحكامٌ وضعيّةٌ ( آثارٌ ) مفصّلةٌ في مصطلح ( إعسارٌ ) ، وأمّا الإفلاس من حيث إنّه أثرٌ للتّفليس ، فإنّه يناسب هنا الكلام على أحكام التّفليس . الحكم التّكليفيّ للتّفليس : 6 - إذا أحاط الدّين بمال المدين ، وطلب الغرماء الحجر عليه ، وجب على الحاكم تفليسه عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وصاحبي أبي حنيفة ، وهو المفتى به عند الحنفيّة . واشترط المالكيّة لوجوب ذلك ألاّ يمكن للغرماء الوصول إلى حقّهم إلاّ به . أمّا إذا أمكن الوصول إلى حقّهم بغير ذلك كبيع بعض ماله ، فإنّه لا يصار إلى التّفليس . وذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا يفلّس ، لأنّه كامل الأهليّة ، وفي الحجر عليه إهدارٌ لآدميّته . واستدلّ القائلون بتفليسه : بأنّ الكلّ مجمعٌ على الحجر على المريض مرض الموت فيما زاد على الثّلث لحقّ الورثة ، فلأن يحجر عليه ويمنع من التّصرّف في أمواله لحقّ الغرماء أولى . وممّا يتّصل بهذا الموضوع : أنّه هل يجوز للحاكم أن يبيع ماله جبراً عليه أو لا ؟ ذهب الجمهور إلى جواز ذلك مستدلّين بحديث معاذٍ : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حجر عليه ، وباع ماله في دينٍ كان عليه ، وقسمه بين غرمائه … » وكذلك أثر أسيفعٍ : أنّه كان يشتري الرّواحل ، فيغالي بها ، ثمّ يسرع في السّير فيسبق الحاجّ ، فأفلس ، فرفع أمره إلى عمر بن الخطّاب فقال : ( أمّا بعد : أيّها النّاس فإنّ الأسيفع أسفع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال : سبق الحاجّ ، إلاّ أنّه قد أدان مغرضاً ، فأصبح وقد رين به ، فمن كان له دينٌ فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين غرمائه ، وإيّاكم والدّين … ) ولأنّه محجورٌ عليه محتاجٌ إلى قضاء دينه فجاز بيع ماله بغير رضاه ، كالصّغير والمجنون . وقال أبو حنيفة : لا يباع ماله جبراً عنه ، لأنّه لا ولاية عليه في ماله ، إلاّ أنّ الحاكم يجبره على البيع إذا لم يمكن الإيفاء بدون إجبارٍ ، لقوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } . واستثنى أبو حنيفة من ذلك أنّه إذا كان دينه دراهم ، وفي المال دراهم ، دفعت للغريم جبراً . وكذلك إن كان دينه دنانير وفي المال دنانير ، دفعت للدّائنين جبراً . وكذلك إذا كان عليه أحد النّقدين وفي ماله النّقد الآخر ، لأنّهما كجنسٍ واحدٍ . واستدلّ لذلك بأنّ الغريم إذا ظفر بمثل دينه أخذه جبراً ، فالحاكم أولى ، وهذا الاستثناء عنده من قبيل الاستحسان . وممّا يتّصل بهذا أنّ المدين المستغرق بالدّين ، يحرم عليه ديانةً كلّ تصرّفٍ يضرّ بالدّائنين ، كما يحرم على الآخرين أن يتعاملوا معه بما يضرّ بدائنيه متى علموا . وتفصيل ذلك في ( استدانةٌ ) . شرائط الحجر على المفلس : الشّريطة الأولى : 7 - يشترط للحجر على المفلس عند كلّ من أجازه أن يطلب الغرماء أو من ينوب عنهم أو يخلفهم الحجر عليه . فلو طالبوا بديونهم ولم يطلبوا الحجر لم يحجر عليه . ولا يشترط أن يطلبه جميع الغرماء ، بل لو طلبه واحدٌ منهم لزم ، وإن أبى بقيّة الغرماء ذلك أو سكتوا ، أو طلبوا تركه ليسعى . وإذا فلّس لطلب بعضهم كان للباقين المحاصّة . ولو طلب المدين تفليس نفسه والحجر عليه لم يجبه الحاكم إلى ذلك من غير طلب الغرماء . وهذا عند المالكيّة والحنابلة ، وهو مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة . والأصحّ عندهم يحجر على المدين بسؤاله أو سؤال وكيله ، قيل : وجوباً ، وقيل : جوازاً . قالوا : لأنّ له غرضاً ظاهراً في ذلك ، وهو صرف ماله إلى ديونه . ووجه الأوّل أنّ الحجر ينافي الحرّيّة والرّشد ، وإنّما حجر بطلب الغرماء للضّرورة ، وأنّهم لا يتمكّنون من تحصيل مقصودهم إلاّ بالحجر ، خشية الضّياع ، بخلاف المدين فإنّ غرضه الوفاء ، وهو متمكّنٌ منه ببيع أمواله وقسمتها على غرمائه . وجعل بعضهم من الحجر بطلب المدين« حجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم على معاذٍ ». قالوا : الأصوب أنّه كان بسؤال معاذٍ نفسه . وقال الشّافعيّة : ولو كان الدّين لقاصرٍ ، ولم يسأل وليّه الحجر ، وجب على الحاكم الحجر من غير سؤالٍ ، لأنّه ناظرٌ لمصلحته . ومثله عندهم ما لو كانت الدّيون لمسجدٍ ، أو جهةٍ عامّةٍ كالفقراء . وقال الشّافعيّة أيضاً في حالة ما إذا طلب بعض الدّائنين الحجر دون بعضٍ : يشترط أن يكون دين الطّالب أكثر من مال المدين ، وإلاّ فلا حجر ، لأنّ دينه يمكن وفاؤه بكماله . وهذا هو المعتمد عندهم ، وفي قولٍ : يعتبر أن يزيد دين الجميع على ماله ، لا دين طالب الحجر فقط . الشّريطة الثّانية : 8 - يشترط أن يكون الدّين الّذي طلب ربّه الحجر على المدين بسببه ديناً حالاًّ ، سواءٌ أكان حالاًّ أصالةً ، أم حلّ بانتهاء أجله ، فلا حجر بالدّين المؤجّل ، لأنّه لا يطالب به في الحال ، ولو طولب به لم يلزمه الأداء . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية