الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40937" data-attributes="member: 329"><p>الشّريطة الثّالثة : </p><p>9 - يشترط أن تكون الدّيون على المفلس أكثر من ماله . وعلى هذا فلا يفلّس بدينٍ مساوٍ لماله ، وهو قول المالكيّة ، ويفهم أيضاً من كلام الحنابلة ، وقال المالكيّة : ولو لم يزد دينه الحالّ على ماله لكن بقي من مال المدين مالاً يفي بالمؤجّل يفلّس أيضاً ، كمن عليه مائتان . مائةٌ حالّةٌ ومائةٌ مؤجّلةٌ ، ومعه مائةٌ وخمسون فقط ، فيفلّس ، إلاّ إن كان يرجى من تنميته للفضلة - وهي خمسون في مثالنا - وفاء المؤجّل .</p><p> وقال الشّافعيّة : إن كانت ديونه بقدر ماله ، فإن كان كسوباً ينفق من كسبه فلا حجر لعدم الحاجة ، وإن لم يكن كسوباً ، وكانت نفقته من ماله ، فيحجر عليه كي لا يضيّع ماله في نفقته على قولٍ عندهم . والأصحّ عندهم : أنّه لا حجر في هذه الحال أيضاً ، لتمكّن الغرماء من المطالبة في الحال .</p><p>الشّريطة الرّابعة : </p><p>10 - الدّين الّذي يحجر به هو دين الآدميّين . أمّا دين اللّه تعالى فلا يحجر به . نصّ على ذلك الشّافعيّة . قالوا : ولو فوريّاً ، كنذرٍ ، وإن كان مستحقّوه محصورين ، وكالزّكاة إذا حال الحول وحضر المستحقّون .</p><p>الشّريطة الخامسة : </p><p>11 - يشترط أن يكون الدّين المحجور به لازماً ، فلا حجر بالثّمن في مدّة الخيار ، نصّ على ذلك الشّافعيّة . </p><p>الحجر على المدين الغائب : </p><p>12 - يصحّ عند الحنفيّة على قول الصّاحبين الحجر على المدين الغائب ، ولكن يشترط علم المحجور عليه بعد الحجر ، حتّى إنّ كلّ تصرّفٍ باشره بعد الحجر قبل العلم به يكون صحيحاً عندهم .</p><p> وإن ثبت الدّين بإقراره ، أو ببيّنةٍ قامت عليه عند القاضي ، فغاب المطلوب قبل الحكم وامتنع من الحضور ، قال أبو يوسف : ينصب القاضي وكيلاً ، ويحكم عليه بالمال ، إن سأل الخصم ذلك ، وإن سأل الخصم أن يحجر عليه ، فعند أبي حنيفة ومحمّدٍ لا يحكم ولا يحجر حتّى يحضر الغائب ، ثمّ يحكم عليه ، ثمّ يحجر عليه عند محمّدٍ ، لأنّه إنّما يحجر بعد الحكم لا قبله . كذا في الذّخيرة . وفي النّوادر عن محمّدٍ : إن كانوا قد أثبتوا ديونهم يحجر عليه . ويصحّ الحجر على الغائب كذلك عند المالكيّة ، إن كانت غيبته متوسّطةً كعشرة أيّامٍ ، أو طويلةً كشهرٍ مثلاً ، أمّا الغائب الغيبة القريبة ففي حكم الحاضر .</p><p> واشترطوا للحجر على الغائب ألاّ يتقدّم العلم بملاءته قبل سفره . فإن علم ملاءته قبل سفره استصحب ذلك ولم يفلّس .. وعند ابن رشدٍ يفلّس في الغيبة الطّويلة ، وإن علم ملاءته حال خروجه . ولم نجد للشّافعيّة والحنابلة كلاماً عن هذه المسألة فيما اطّلعنا عليه . </p><p>من يحجر على المفلس : </p><p>13 - لا يكون المفلس محجوراً عليه إلاّ بحجر القاضي عليه . والحجر للقاضي دون غيره ، لاحتياجه إلى نظرٍ واجتهادٍ . هذا وإنّ لقيام الغرماء على المدين الّذي أحاط الدّين بماله بعض أحكام التّفليس عند المالكيّة ، ويسمّى هذا عند المالكيّة تفليساً عامّاً ، وهو أن يقوم الغرماء على من أحاط الدّين بماله - وقبل أن يحجر عليه الحاكم - فيسجنوه ، أو يقوموا عليه فيستتر عنهم فلا يجدونه ، ويحولون بينه وبين التّصرّف في ماله بالبيع والشّراء والأخذ والإعطاء ، هذا بالإضافة إلى منع تبرّعه ، ومنعهم لسفره ، كما في كلّ مدينٍ بدينٍ حالٍّ أو يحلّ في الغيبة ، وليس لهم في هذه الحال منعه من تزوّجٍ واحدةٍ ، وتردّدوا في حجّ الفريضة ، والفتوى عندهم على أنّ لهم منعه منه . ونقل ابن رجبٍ الحنبليّ في قواعده أنّ ابن تيميّة كان لا يرى نفاذ تبرّع المدين بالدّين المستغرق بعد المطالبة .</p><p> ونقل عن الإمام أحمد أنّ تصرّفه بالعين الّتي له حقّ الرّجوع فيها على المحجور عليه لا ينفذ إن طالبه بها صاحبها ، ولو قبل الحجر .</p><p> وأمّا عند سائر الفقهاء فإنّ المفلس قبل الحجر عليه كغير المفلس ، وما يفعله من بيعٍ أو هبةٍ أو إقرارٍ أو قضاء بعض الغرماء دون بعضٍ فهو جائزٌ نافذٌ ، لأنّه رشيدٌ غير محجورٍ عليه ، فنفذ تصرّفه كغيره . ونصّ شارح المنتهى من الحنابلة على أنّه يحرم عليه التّصرّف في ماله بما يضرّ غريمه . وصيغة الحجر أن يقول الحاكم : منعتك من التّصرّف ، أو حجرت عليك للفلس . ويقتضي كلام الجمهور التّخيير بين الصّيغتين ، ونحوهما - كفلّستك - من كلّ ما يفيد معنى الحجر .</p><p>الإثبات : </p><p>14 - لا حجر بالدّين إلاّ إن ثبت لدى القاضي بطريقٍ من طرق الإثبات الشّرعيّة ( ر : إثباتٌ ) . </p><p>إشهار الحجر بالإفلاس والإشهاد عليه : </p><p>15 - الّذين قالوا بمشروعيّة الحجر على المفلس قالوا : يستحبّ إظهار الحجر عليه وإشهاره لتجتنب معاملته ، كي لا يستضرّ النّاس بضياع أموالهم .</p><p> وقال الحنفيّة - على رأي الصّاحبين - والشّافعيّة والحنابلة : ويسنّ الإشهاد عليه لينتشر ذلك عنه ، ولأنّه ربّما عزل الحاكم أو مات ، فيثبت الحجر عند الآخر فيمضيه ، ولا يحتاج إلى ابتداء حجرٍ ثانٍ . ولأنّ الحجر تتعلّق به أحكامٌ ، وربّما يقع التّجاحد فيحتاج إلى إثباته . ولم يتعرّض المالكيّة لذلك فيما اطّلعنا عليه من كلامهم . </p><p>آثار الحجر على المفلس : </p><p>16 - إذا حجر القاضي على المفلس ، تعلّق بذلك من الآثار ما يلي : </p><p>أ - تتعلّق حقوق الغرماء بماله ، ويمنع من الإقرار على ذلك المال والتّصرّف فيه .</p><p>ب - انقطاع الطّلب عنه بدينٍ جديدٍ بعد الحكم بالإفلاس .</p><p>ج - حلول الدّين المؤجّل في ذمّة المدين .</p><p>د - استحقاق من وجد عين ماله عند المدين استرجاعه .</p><p>هـ-استحقاق بيع مال المفلّس وقسمه بين الغرماء .</p><p> وفيما يلي تفصيل القول في هذه الآثار .</p><p> الأوّل : تعلّق حقّ الغرماء بالمال : </p><p>17 - بالحجر يتعلّق حقّ الغرماء بالمال ، نظير تعلّق حقّ الرّاهن بالمال المرهون ، فلا ينفذ تصرّف المحجور عليه في ذلك المال بما يضرّهم ، ولا ينفذ إقراره عليه . والمال الّذي يتعلّق به حقّ الغرماء هو مال المدين الّذي يملكه حال الحجر اتّفاقاً عند من يقول بجواز تفليس المدين . وأمّا ما يحدث له بعد ذلك فلا يشمله الحجر عند صاحبي أبي حنيفة - رحمهم الله - والمالكيّة ، وعلى قولٍ عند الشّافعيّة - هو مقابل الأصحّ عندهم - قالوا : كما لا يتعدّى حجر الرّاهن على نفسه في العين المرهونة إلى غيرها .</p><p> والأصحّ عند الشّافعيّة ومذهب الحنابلة : يشمله الحجر كذلك ما دام الحجر قائماً ، نحو ما ملكه بإرثٍ ، أو هبةٍ أو اصطيادٍ أو صدقةٍ أو ديةٍ أو وصيّةٍ ، قال الشّافعيّة : أو شراءٍ في الذّمّة . قالوا : لأنّ مقصود الحجر وصول الحقوق إلى أهلها ، وذلك لا يختصّ بالموجود . فعلى قول الحنفيّة والمالكيّة يتصرّف المحجور عليه لفلسٍ فيما تجدّد له بعد الحجر من المال ، سواءٌ كان عن أصلٍ ، كربح مالٍ تركه بيده بعض من فلّسه ، أو عن معاملةٍ جديدةٍ ، أو عن غير أصلٍ كميراثٍ وهبةٍ ووصيّةٍ .</p><p> ولا يمنع من ذلك التّصرّف إلاّ بحجرٍ جديدٍ على ما صرّح به المالكيّة .</p><p>الإقرار : </p><p>18 - على قول الحنفيّة والحنابلة - وهو خلاف الأظهر عند الشّافعيّة - لا يقبل على الغرماء إقرار المفلّس بشيءٍ من ماله الّذي حجر عليه فيه ، لاحتمال التّواطؤ بين المفلّس ومن أقرّ له ، ويلزمه ما أقرّ به بعد فكّ الحجر عنه .</p><p> والأظهر عند الشّافعيّة : أنّه يقبل في حقّ الغرماء ، إن أسند وجوبه إلى ما قبل الحجر عليه أو أطلق ، لا إن أضافه إلى ما بعد الحجر . وعند المالكيّة تفصيلٌ ، قالوا : يقبل إقراره على غرمائه إن أقرّ بالمجلس الّذي حجر عليه فيه ، أو قريباً منه ، إن كان دينه الّذي حجر عليه به ثبت بالإقرار ، أو علم تقدّم المعاملة بينهما . أمّا في غير ذلك إن ثبت بالبيّنة ، فلا يقبل إمراره عليه لغيرهم . </p><p>تصرّفات المفلّس في المال : </p><p>19 - تصرّفات المفلّس ثلاثة أنواعٍ :</p><p> الأوّل : تصرّفاتٌ نافعةٌ للغرماء ، كقبوله الهبة والصّدقة ، فهذه لا يمنع منها .</p><p> الثّاني : تصرّفاتٌ ضارّةٌ ، كهبته لماله ، ووقفه له ، وتصدّقه به ، والإبراء منه ، وسائر التّبرّعات ، فهذه يؤثّر فيها الحجر عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وعلى الأظهر عند الشّافعيّة . والقول الثّاني عند الشّافعيّة : أنّ التّصرّف يقع موقوفاً ، فإن فضل ذلك عن الدّين نفذ وإلاّ لغا . ومن أجل ذلك قال الحنابلة : لا يكفّر المفلّس بغير الصّوم ، لئلاّ يضرّ بالغرماء . ويستثنى من هذا النّوع التّصرّف بعد الموت ، كما لو أوصى بمالٍ . وإنّما صحّ هذا لأنّ الوصيّة تخرج من الثّلث بعد حقّ الدّائنين . واستثنى الحنابلة أيضاً تصرّفه بالصّدقة اليسيرة . الثّالث : تصرّفاتٌ دائرةٌ بين النّفع والضّرّ ، كالبيوع والإجارة . والأصل في هذا النّوع أنّه باطلٌ على قول بعض الفقهاء ، منهم الحنابلة والشّافعيّة في الأظهر ، وابن عبد السّلام من المالكيّة .</p><p> ومذهب المالكيّة : أنّه يمنع من التّصرّف المذكور ، فإن أوقعه وقع موقوفاً على نظر الحاكم إن اختلف الغرماء ، وعلى نظرهم إن اتّفقوا ، ومذهب الحنفيّة على قول الصّاحبين أنّ للمفلّس أن يبيع ماله بثمنٍ مثله ، لأنّه لا يبطل حقّ الغرماء ، وإن باع بالغبن لا يصحّ منه ، سواءٌ أكان الغبن يسيراً أم فاحشاً ، ويخيّر المشتري بين إزالة الغبن وبين الفسخ .</p><p> ولو باع بعض ماله لغريمه بدينه ، فقال الحنابلة : لا يصحّ ، لأنّه محجورٌ عليه . وقال الشّافعيّة في الأصحّ عندهم : لا يصحّ إلاّ بإذن القاضي ، لأنّ الحجر يثبت على العموم ، ومن الجائز أن يظهر له غريمٌ آخر . ومقابله عند الشّافعيّة : يصحّ ، ولو بغير إذن القاضي ، لأنّ الأصل عدم الغريم الآخر . لكن لا يصحّ إلاّ بشرط أن يكون البيع للغرماء جميعهم بلفظٍ واحدٍ ، وأن يكون دينهم من نوعٍ واحدٍ .</p><p> وقال الحنفيّة : إن باع ماله من الغريم ، وجعل الدّين بالثّمن على سبيل المقاصّة صحّ إن كان الغريم واحداً . وإن كان الغريم أكثر من واحدٍ ، فباع ماله من أحدهم بمثل قيمته يصحّ ، كما لو باع من أجنبيٍّ بمثل قيمته ، ولكنّ المقاصّة لا تصحّ ، كما لو قضى دين بعض الغرماء دون بعضٍ . ولم نجد المالكيّة تعرّضوا لهذه المسألة بخصوصها ، فيظهر أنّها عندهم أيضاً موقوفةٌ على نظر القاضي أو الغرماء كما تقدّم .</p><p> التّصرّف في الذّمّة من المحجور عليه لفلسٍ : </p><p>20 - لو تصرّف المحجور عليه لفلسٍ تصرّفاً في ذمّته بشراءٍ أو بيعٍ أو كراءٍ صحّ ، نصّ على ذلك المالكيّة ، والشّافعيّة على الصّحيح عندهم ، والحنابلة ، وهو مقتضى مذهب الصّاحبين ، لأهليّته للتّصرّف ، والحجر يتعلّق بماله لا بذمّته ، ولأنّه لا ضرر فيه على الغرماء ، ويتبع به بعد فكّ الحجر عنه .</p><p> إمضاء التّصرّفات السّابقة على الحجر أو إلغاؤها : </p><p>21 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ للمفلّس بعد الحجر عليه إمضاء خيارٍ ، وفسخٌ لعيبٍ فيما اشتراه قبل الحجر ، لأنّه إتمامٌ لتصرّفٍ سابقٍ على حجره فلم يمنع منه ، كاسترداد وديعةٍ أودعها قبل الحجر عليه ، وسواءٌ أكان في ذلك الإمضاء أو الفسخ حظٌّ للمفلّس أو لم يكن . وقال المالكيّة : ينتقل الخيار للحاكم أو للغرماء ، فلهم الرّدّ أو الإمضاء .</p><p> وصرّح الحنفيّة بأنّ البيع ، إن كان بمثل القيمة جاز من المحجور عليه ، فيؤخذ منه مراعاةً لحظّ الغرماء في الفسخ أو الإمضاء .</p><p>حكم ما يلزم المفلّس من الحقوق في مدّة الحجر : </p><p>22 - ما لزم المفلّس من ديةٍ أو أرش جنايةٍ زاحم مستحقّها الغرماء ، وكذا كلّ حقٍّ لزمه بغير رضى الغريم واختياره ، كضمان إتلاف المال ، لانتفاء تقصيره . بخلاف التّصرّفات الّتي تقدّم ذكر المنع منها ، فإنّها تكون برضا الغريم واختياره . قال الشّافعيّة على الأصحّ عندهم : ولو أقرّ المفلّس بجنايةٍ قبل إقراره على الغرماء ، سواءٌ أسند المفلّس سبب الحقّ إلى ما قبل الحجر أو إلى ما بعده .</p><p> وجعل من ذلك صاحب المغني أنّه لو أفلس ، وله دارٌ مستأجرةٌ فانهدمت ، بعدما قبض المفلّس الأجرة ، انفسخت الإجارة فيما بقي من المدّة ، وسقط من الأجرة بقدر ذلك . ثمّ إن وجد عين ما له أخذ بقدر ذلك ، وإن لم يجده شارك الغرماء بقدره . </p><p>الأثر الثّاني - انقطاع المطالبة عنه : </p><p>23 - وذلك لقول اللّه تعالى : { وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ } وقول النّبيّ لغرماء معاذٍ : « خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلاّ ذلك » وفي روايةٍ « ولا سبيل لكم عليه » فمن أقرضه شيئاً أو باعه شيئاً عالماً بحجره لم يملك مطالبته ببدله حتّى ينفكّ الحجر عنه ، لتعلّق حقّ الغرماء حالة الحجر بعين مال المفلّس ، ولأنّه هو المتلف لماله بمعاملة من لا شيء معه ، لكن إن وجد المقرض أو البائع أعيان ما لهما فلهما أخذها كما سبق ، إن لم يعلما بالحجر . </p><p>الأثر الثّالث - حلول الدّين المؤجّل : </p><p>24 - في حلول الدّيون الّتي على المفلّس بالحجر عليه قولان للفقهاء :</p><p> الأوّل وهو قول المالكيّة المشهور عندهم ، وقولٌ للشّافعيّ هو خلاف الأظهر عند أصحابه ، وروايةً عن أحمد : أنّ الدّيون المؤجّلة الّتي على المفلّس تحلّ بتفليسه . قال المالكيّة : ما لم يكن المدين قد اشترط عدم حلولها بالتّفليس . واحتجّ أصحاب هذا القول : بأنّ التّفليس يتعلّق به الدّين بالمال ، فيسقط الأجل ، كالموت . قال المالكيّة : ولو طلب الدّائن بقاء دينه مؤجّلاً لم يجب لذلك .</p><p> والثّاني ، وهو قول الحنفيّة ، والشّافعيّ وهو الأظهر عند أصحابه ، وروايةً عن أحمد هي الّتي اقتصر عليها في الإقناع : لا يحلّ الأجل بالتّفليس . قالوا : لأنّ الأجل حقٌّ للمفلّس ، فلا يسقط بفلسه ، كسائر حقوقه ، ولأنّه لا يوجب حلول ما له ، فلا يوجب حلول ما عليه ، كالجنون والإغماء ، وليس هو كالموت ، فإنّ الموت تخرب به الذّمّة ، بخلاف التّفليس . فعلى هذا القول : لا يشارك أصحاب الدّيون المؤجّلة أصحاب الدّيون الحالّة ، إلاّ إن حلّ المؤجّل قبل قسمة المال فيحاصّهم . أو قبل قسمة بعضه فيشاركهم الدّائن في ذلك البعض . قال الرّمليّ من الشّافعيّة ، وصاحب الإقناع من الحنابلة : وإذا بيعت أموال المفلّس لم يدّخر منها شيءٌ للمؤجّل . ولا يرجع ربّ الدّين المؤجّل على الغرماء إذا حلّ دينه بشيءٍ ، لأنّه لم يستحقّ مشاركتهم حال القسمة . وقال الحنفيّة : يرجع عليهم فيما قبضوا بالحصص . أمّا على القول الأوّل : فيشارك أصحاب الدّيون المؤجّلة أصحاب الدّيون الحالّة في مال المفلّس . أمّا ديون المفلّس على النّاس فلا تحلّ بفلسه إذا كانت مؤجّلةً ، لا يعلم في ذلك خلافٌ . </p><p>الأثر الرّابع : مدى استحقاق الغريم أخذ عين ماله إن وجدها :</p><p>إذا أوقع الحجر على المفلّس ، فوجد أحد أصحاب الدّيون عين ماله الّتي باعها للمفلّس وأقبضها له ، ففي أحقّيّته باسترجاعها قولان للعلماء : </p><p>25 - القول الأوّل : أنّ بائعها أحقّ بها بشروطه ، وهو قول مالكٍ والشّافعيّ وأحمد والأوزاعيّ والعنبريّ وإسحاق وأبي ثورٍ وابن المنذر ، وروي هذا القول عن بعض الصّحابة ، منهم عثمان وعليٌّ رضي الله عنهما ، وعن عروة بن الزّبير من التّابعين . واحتجّ أصحاب هذا القول بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المرفوع « من أدرك ماله بعينه عند رجلٍ أو إنسانٍ قد أفلس فهو أحقّ به من غيره » .</p><p> واحتجّوا أيضاً بأنّ هذا عقدٌ يلحقه الفسخ بالإقالة ، فجاز فيه الفسخ لتعذّر العوض ، كالمسلم فيه إذا تعذّر ، وبأنّه لو شرط في العقد رهناً ، فعجز عن تسليمه ، استحقّ الفسخ ، وهو وثيقةٌ بالثّمن ، فالعجز عن تسليم الثّمن نفسه أولى .</p><p>26 - القول الثّاني : قول أبي حنيفة وأهل الكوفة وقول ابن سيرين وإبراهيم من التّابعين وابن شبرمة . وروي عن عليٍّ رضي الله عنه :" أنّه ليس أحقّ بها ، بل هو في ثمنها أسوة الغرماء ". واحتجّوا بأنّ هذا مقتضى الأصول اليقينيّة المقطوع بها ، قالوا : وخبر الواحد إذا خالف الأصول يردّ ،</p><p> كما قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه :" لا ندع كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا لحديث امرأةٍ ".</p><p> قالوا : ولما روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : « أيّما رجلٍ مات أو أفلس فوجد بعض غرمائه ماله بعينه فهو أسوة الغرماء » . قالوا : وهذا الحديث أولى من غيره ، لموافقته الأصول العامّة ، ولأنّ الذّمّة باقيةٌ وحقّه فيها .</p><p>الرّجوع فيما قبضه المدين بغير الشّراء : </p><p>27 - اختلف القائلون بالرّجوع فيما قبضه الغريم بغير الشّراء .</p><p>أ - فقد عمّم الشّافعيّة القول بأنّ له الرّجوع في عين ماله بالفسخ في سائر المعاوضات الماليّة المحضة كالقرض والسّلم ، بخلاف غيرها ، كالهبة ، والنّكاح والصّلح عن دم العمد والخلع .</p><p> وصنيع الحنابلة يوحي بأنّ قولهم في ذلك كقول الشّافعيّة ، وإن لم نرهم صرّحوا بذلك ، لكنّ تمثيلهم لما يرجع فيه بعين القرض ورأس مال السّلم والعين المؤجّرة يدلّ على ذلك .</p><p>ب - وأجاز المالكيّة الرّجوع للوارث ، ومن ذهب له الثّمن ، أو تصدّق عليه به ، أو أحيل به . وأبوا الرّجوع فيما لا يمكن الرّجوع فيه كعصمةٍ ، فلو خالعت زوجها على مالٍ ، ثمّ فلّست قبل أداء البدل ، لم يكن لمخالعها الرّجوع بالعصمة لأنّها خرجت منه ، ويحاصّ الغرماء ببدل الخلع ، وكما لو فلّس الجاني بعد الصّلح عن القصاص لم يكن لأولياء القتيل الرّجوع إلى القصاص ، لتعذّر ذلك شرعاً بعد العفو ، بل يحاصّون الغرماء بعوض الصّلح . </p><p>شروط الرّجوع في عين المال :</p><p>جملة الشّروط الّتي اشترطها القائلون بالرّجوع في عين المال الّتي عند المفلّس هي كما يلي : الشّرط الأوّل : </p><p>28 - أن يكون المفلّس قد ملكها قبل الحجر لا بعده . فإن كان ملكها بعد الحجر فليس البائع أحقّ بها ، ولو لم يكن عالماً بالحجر ، وذلك لأنّه ليس له المطالبة بثمنها في الحال ، فلم يملك الفسخ .</p><p> وقيل : ليس هذا شرطاً ، لعموم الخبر . وقيل بالتّفريق بين العالم ومن لم يعلم .</p><p> الشّرط الثّاني : </p><p>29 - قال الحنابلة : أن تكون السّلعة باقيةً بعينها ، ولم يتلف بعضها ، فإن تلفت كلّها أو تلف جزءٌ منها ، كما لو انهدم بعض الدّار ، أو تلفت ثمرة البستان ، لم يكن للبائع الرّجوع ، وكان أسوة الغرماء .</p><p> واحتجّوا بقول النّبيّ : « من أدرك ماله بعينه عند رجلٍ أو إنسانٍ قد أفلس فهو أحقّ به من غيره » قالوا : فإنّ قوله : " بعينه " يقتضي ذلك . ولأنّه إذا أدركه بعينه فأخذه انقطعت الخصومة بينهما .</p><p> وعند المالكيّة والشّافعيّة يمنع تلف كلّه الرّجوع ، ولا يمنع تلف بعضه الرّجوع ، على تفصيلٍ عندهم في ذلك يرجع إليه في بابه .</p><p> الشّرط الثّالث : </p><p>30 - أن تكون السّلعة عند المفلّس على حالها الّتي اشتراها عليها . فإن انتقلت عين السّلعة عن الحال الّتي اشتراها عليها ، بعد شرائه لها - قال الحنابلة : بما يزيل اسمها - منع ذلك الرّجوع ، كما لو طحن الحنطة ، أو فصّل الثّوب ، أو ذبح الكبش ، أو تتمّر رطبه ، أو نجّر الخشبة باباً ، أو نسج الغزل ، أو فصّل القماش قميصاً . وهذا عند المالكيّة والحنابلة . وقالوا : لأنّه لم يجد عين ماله .</p><p> وقال الشّافعيّة : إن لم تزد القيمة بهذا الانتقال رجع ولا شيء للمفلّس . وإن نقصت فلا شيء للبائع إن رجع به . وإن زادت ، فالأظهر أنّه يباع وللمفلّس من ثمنه بنسبة ما زاد .</p><p> الشّرط الرّابع : </p><p>31 - ألاّ يكون المبيع قد زاد عند المفلّس زيادةً . متّصلةً ، كالسّمن والكبر ، وتجدّد الحمل - ما لم تلد - وهذا على قولٍ في مذهب أحمد .</p><p> وقول المالكيّة والشّافعيّة ، وهو روايةً عن أحمد : أنّ الزّيادة المتّصلة المتولّدة لا تمنع الرّجوع ، ويفوز بها البائع ، إلاّ أنّ المالكيّة يخيّرون الغرماء بين أن يعطوا السّلعة ، أو ثمنها الّذي باعها به . وهذا بخلاف نقص الصّفة فلا يمنع الرّجوع .</p><p> أمّا الزّيادة المنفصلة فإنّها لا تمنع الرّجوع ، وذلك كالثّمرة والولد . وهذا قول مالكٍ والشّافعيّ وأحمد ، سواءٌ أنقص بها المبيع أم لم ينقص ، إذا كان نقص صفةٍ . والزّيادة المنفصلة للمشتري وهو المفلّس .</p><p> الشّرط الخامس : </p><p>32 - ألاّ يكون قد تعلّق بالسّلعة حقٌّ للغير ، كأن وهبها المشتري أو باعها أو وقفها فلا رجوع ، لأنّه لم يدرك متاعه بعينه عند المفلّس ، فلا يدخل في النّصّ .</p><p> وقال المالكيّة في المرهون : إنّ للدّائن أن يفكّ الرّهن بدفع ما رهنت به العين ، ويأخذها ، ويحاصّ الغرماء بما دفع .</p><p> الشّرط السّادس : </p><p>33 - وهو للشّافعيّة . قالوا : أن يكون الثّمن ديناً ، فلو كان الثّمن عيناً قدّم على الغرماء بقبض العين الّتي هي ثمنٌ ، وذلك كما لو باع بقرةً ببعيرٍ ، ثمّ أفلس المشتري ، فالبائع يرجع بالبعير ولا يرجع بالمبيع ، أي البقرة .</p><p> الشّرط السّابع : </p><p>34 - قال الشّافعيّة : أن يكون الثّمن حالاًّ عند الرّجوع ، فلا رجوع فيما كان ثمنه مؤجّلاً ولم يحلّ ، إذ لا مطالبة في الحال .</p><p> وقال الحنابلة : إن كان الثّمن مؤجّلاً لم يحلّ رجوع البائع في السّلعة ، فتوقّف إلى الأجل ، فيختار البائع حينئذٍ بين الفسخ والتّرك . ولا تباع فيما يباع من مال المفلّس . قالوا : لأنّ حقّ البائع تعلّق بها ، فقدّم على غيره ، وإن كان مؤجّلاً ، كالمرتهن .</p><p> الشّرط الثّامن : </p><p>35 - وهو للحنابلة ، قالوا : يشترط ألاّ يكون البائع قد قبض من ثمنها شيئاً . وإلاّ سقط حقّه في الرّجوع . قالوا : والإبراء من بعض الثّمن كقبضه .</p><p> واحتجّوا بما روى الدّارقطنيّ من حديث أبي هريرة مرفوعاً : « أيّما رجلٍ باع سلعةً ، فأدرك سلعته بعينها عند رجلٍ قد أفلس ، ولم يكن قبض من ثمنها شيئاً ، فهي له . وإن كان قبض من ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء » .</p><p> وقال الشّافعيّ في مذهبه الجديد : للبائع أن يرجع بما يقابل الباقي من دينه . وقال مالكٌ : هو مخيّرٌ إن شاء ردّ ما أخذه ورجع في جميع العين ، وإن شاء حاصّ الغرماء ولم يرجع .</p><p> الشّرط التّاسع : </p><p>36 - وهو للمالكيّة ، قالوا : يشترط ألاّ يفديه الغرماء بثمنه الّذي على المفلّس ، فإن فدوه - ولو بما لهم - لم يأخذه ، وكذا لو ضمنوا له الثّمن ، وهم ثقاتٌ ، أو أعطوا به كفيلاً ثقةً . وقال الشّافعيّة والحنابلة : لا يسقط حقّه في الفسخ ، ولو قال الغرماء له : لا تفسخ ونحن نقدّمك بالثّمن من التّركة . قال الحنابلة : لعموم الأدلّة . وقال الشّافعيّة : لما في ذلك من المنّة ، ولخوف ظهور غريمٍ آخر .</p><p> لكن لو أنّ الغرماء بذلوا الثّمن للمفلّس ، فأعطاه للبائع سقط حقّه في الفسخ .</p><p> الشّرط العاشر : </p><p>37 - أن يكون المفلّس حيّاً إلى أخذها ، فإن مات بعد الحجر عليه ، سقط حقّ البائع في الرّجوع . وهذا مذهب مالكٍ وأحمد . لحديث : « ... فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء » . وفي روايةٍ : « أيّما امرئٍ مات ، وعنده مال امرئٍ بعينه ، اقتضى منه شيئاً أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء » . قالوا : ولأنّه تعلّق به حقّ غير المفلّس ، وهم الورثة ، كالمرهون ، وكما لو باعه . وقال الشّافعيّ : له الفسخ واسترجاع العين ، لحديث أبي هريرة مرفوعاً : « أيّما رجلٍ مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه » .</p><p> الشّرط الحادي عشر : </p><p>38 - أن يكون البائع أيضاً حيّاً ، فلو مات قبل الرّجوع فلا رجوع على قولٍ عند الحنابلة . وفي الإنصاف : للورثة الرّجوع .</p><p> الشّرط الثّاني عشر : </p><p>39 - قال الشّافعيّة على الأصحّ عندهم : له أن يرجع فور علمه بالحجر ، فإن تراخى في الرّجوع ، وادّعى أنّه جهل أنّ الرّجوع على الفور ، قبل منه . ولو صولح عن الرّجوع على مالٍ لم يصحّ الصّلح ، وبطل حقّه من الفسخ إن علم . ووجه اشتراطه عندهم أنّه كالرّدّ بالعيب ، بجامع دفع الضّرر . والقول الآخر للشّافعيّة ، وهو مذهب الحنابلة : أنّ الرّجوع على التّراخي . قالوا : وهو كرجوع الأب في هبته لابنه .</p><p> الرّجوع بعين الثّمن : </p><p>40 - لو كان الغريم اشترى من المفلّس شيئاً في الذّمّة ، وأسلم الثّمن ، ولم يقبض السّلعة ، حتّى حجر على المفلّس ، فهل يرجع الغريم بما أسلمه من النّقود ؟ قال المالكيّة : نعم يرجع إن ثبت عينها ببيّنةٍ أو طبعٍ ، قياساً للثّمن على المثمّن .</p><p> وقال أشهب من المالكيّة : لا يرجع ، لأنّ الأحاديث إنّما فيها « من وجد سلعته ... » و : « من وجد متاعه ... » والنّقدان لا يطلق عليهما ذلك عرفاً .</p><p> ثمّ قد قال المالكيّة : ولو اشترى شراءً فاسداً ففسخه الحاكم وأفلس البائع ، فالمشتري أحقّ بالثّمن إن كان موجوداً لم يفت . ولم نعثر على نصٍّ في هذه المسألة لسائر المذاهب . استحقاق مشتري العين أخذها إن حجر على البائع للفلس قبل تقبيضها : </p><p>41 - نصّ الحنابلة على أنّ الرّجل لو باع عيناً ، ثمّ أفلس قبل تقبيضها ، فالمشتري أحقّ بها من الغرماء ، لأنّها عين ملكه ، وذلك صادقٌ عندهم سواءٌ كانت السّلعة ممّا لا يحتاج لحقّ توفيةٍ ، كدارٍ وسيّارةٍ ، أو ما يحتاج إليه ، كالمكيل والموزون .</p><p> ولم نجد تعرّضاً لهذه المسألة في المذاهب الأخرى .</p><p> هل يحتاج الرّجوع إلى حكم حاكمٍ : </p><p>42 - لا يفتقر الرّجوع في العين إلى حكم حاكمٍ ، على مذهب الحنابلة ، وعلى الأصحّ في مذهب الشّافعيّة . قالوا : لأنّه ثبت بالنّصّ . ولو حكم بمنع الفسخ حاكمٌ فعند الشّافعيّة : لا ينقض حكمه قالوا : لأنّ المسألة اجتهاديّةٌ ، والخلاف فيها قويٌّ ، إذ النّصّ كما يحتمل أنّه " أحقّ بعين متاعه " يحتمل أنّه " أحقّ بثمنه " وإن كان الأوّل أظهر .</p><p> وعند الحنابلة : يجوز نقض حكمه ، نقل صاحب المغني عن نصّ أحمد : لو حكم حاكمٌ بأنّ صاحب المتاع أسوة الغرماء ، ثمّ رفع إلى رجلٍ يرى العمل بالحديث ، جاز له نقض حكمه . أي فما كان بهذه المثابة لا يحتاج إلى حكم حاكمٍ .</p><p> ما يحصل به الرّجوع : </p><p>43 - يحصل الرّجوع بالقول ، بأن يقول : فسخت البيع أو رفعته أو نقضته أو أبطلته أو رددت . نصّ على هذا الشّافعيّة والحنابلة ، قال الحنابلة : فلو قال ذلك صحّ رجوعه ولو لم يقبض العين . فلو رجع كذلك ثمّ تلفت العين تلفت من مال البائع ما لم يتبيّن أنّها تلفت قبل رجوعه ، أو كانت بحالةٍ لا يصحّ الرّجوع فيها لفقد شريطةٍ من شرائط الرّجوع المعتبرة ، أو لمانعٍ يمنع الرّجوع ، كما لو كان دقيقاً فاتّخذه خبزاً ، أو حديداً فاتّخذه سيفاً .</p><p> أمّا الرّجوع بالفعل : فقد نصّ الشّافعيّة - في الأصحّ عندهم - والحنابلة على أنّ الرّجوع لا يحصل بالتّصرّف النّاقل للملكيّة كالبيع ، ولو نوى به الرّجوع . قال صاحب مطالب أولي النّهى : حتّى لو أخذ العين بنيّة الرّجوع لم يحصل الرّجوع . والقول الآخر : أنّه يحصل بذلك ، كالبيع في مدّة الخيار . ولم نجد للمالكيّة نصّاً في ذلك .</p><p> ظهور عينٍ مستحقّةٍ في مال المفلّس : </p><p>44 - لو ظهر شيءٌ مستحقٌّ في مال المفلّس فهو لصاحبه .</p><p> ولو أنّ المفلّس باعه قبل الحجر ثمّ استحقّ - والثّمن تالفٌ - فإنّ المشتري يشارك الغرماء كواحدٍ منهم ، وسواءٌ أكان تلف الثّمن قبل الحجر أو بعده ، لأنّ دينه من جملة الدّيون الثّابتة في ذمّة المفلّس قبل إفلاسه . وإن كان الثّمن غير تالفٍ ، فالمشتري أولى به على ما صرّح به الشّافعيّة ، ويفهم من كلام الحنابلة ، لأنّه عين ماله .</p><p> الرّجوع في الأرض بعد البناء فيها أو غرسها : </p><p>45 - عند الشّافعيّة والحنابلة : إذا أفلس مشتري الأرض وحجر عليه ، وكان قد غرس فيها غراساً أو بنى بناءً ، لم يمنع ذلك من رجوع البائع فيها . والزّرع الّذي يجذّ مرّةً بعد أخرى وتبقى أصوله كالغراس في هذا .</p><p> ثمّ إن تراضى الطّرفان - البائع من جهةٍ ، والغرماء مع المفلّس من الجهة الأخرى - على القلع ، أو أباه البائع وطلبوه هم فلهم ذلك ، لأنّه ملكٌ للمفلّس لا حقٌّ للبائع فيه ، ولا يمنع الإنسان من أخذ ملكه . ويلزم حينئذٍ تسوية الأرض من الحفر ، وأرش نقص الأرض بسبب القلع يجب ذلك في مال المفلّس ، لأنّه نقصٌ حصل لتخليص ملك المفلّس ، فكان عليه ، ويقدّم به الآخذ على حقوق الغرماء عند الشّافعيّة ، لأنّه لمصلحة تحصيل المال ، ويحاصّهم به عند الحنابلة . وإن أبى المفلّس والغرماء القلع ، لم يجبروا عليه ، لأنّه وضع بحقٍّ . وللآخذ حينئذٍ تملّك الغرس والبناء بقيمته قائماً ، لأنّه غرس أو بنى وهو صاحب حقٍّ ، وإن شاء فله القلع وإعطاؤه للغرماء مع أرش نقصه ، فإن أبى الآخذ تملّك الغرس والبناء ، وأبى أداء أرش النّقص ، فلا رجوع له على الأظهر عند الشّافعيّة والمقدّم عند الحنابلة ، لأنّ الرّجوع حينئذٍ ضررٌ على الغرماء ، ولا يزال الضّرر بالضّرر .</p><p> والوجه الآخر عند الطّرفين : له الرّجوع ، وتكون الأرض على ملكه ، والغرس والبناء للمفلّس . ولم يتعرّض المالكيّة والحنفيّة لهذه المسألة فيما اطّلعنا عليه من كلامهم .</p><p> إفلاس المستأجر : </p><p>46 - عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إذا آجر عيناً له بأجرةٍ حالّةٍ ولم يقبضها حتّى حجر على المستأجر لفلسٍ ، فالمؤجّر مخيّرٌ ، إن شاء رجع في العين بالفسخ ، وإن شاء ترك ذلك للغرماء وحاصّ بجميع الأجرة .</p><p> وإن اختار الفسخ ، وكان قد مضى شيءٌ من المدّة ، فقال المالكيّة والشّافعيّة : يشارك المؤجّر الغرماء بأجرة ما مضى ، ويفسخ في الباقي . وقال الحنابلة : في هذه الحال يسقط حقّه في الفسخ بناءً على قولهم : إنّ تلف بعض السّلعة يمنع الرّجوع .</p><p> إفلاس المؤجّر : </p><p>47 - إن آجر داراً بعينها ثمّ أفلس المؤجّر ، فالإجارة ماضيةٌ ولا تنفسخ بفلسه للزومها ، وسواءٌ أقبض العين أم لم يقبضها . وإن طلب الغرماء بيع الدّار المعيّنة في الحال بيعت مؤجّرةً ، وإن اتّفقوا على تأخير بيعها حتّى تنقضي الإجارة جاز .</p><p> أمّا إن استأجر داراً موصوفةً في الذّمّة ، ثمّ أفلس المؤجّر قبل القبض ، فالمستأجر أسوة الغرماء ، لعدم تعلّق حقّه بعينٍ . وقال المالكيّة والشّافعيّة : وإن أفلس ملتزم عملٍ في الذّمّة ، وقد سلّم للمستأجر عيناً ليستوفي منها ، قدّم بها كالمعيّنة في العقد . ثمّ قال الشّافعيّة : فإن لم يكن سلّم له عيناً ، وكانت الأجرة باقيةً في يد المؤجّر ، فللمستأجر الفسخ ويستردّ الأجرة . فإن كانت تالفةً ضرب مع الغرماء بأجرة المثل للمنفعة ، ولا تسلّم إليه حصّته منها بالمحاصّة ، لامتناع الاعتياض عن المسلم فيه ، إذ إجارة الذّمّة سلمٌ في المنافع ، فيحصل له بعض المنفعة الملتزمة إن تبعّضت بلا ضررٍ ، كحمل مائة رطلٍ مثلاً ، وإلاّ - كخياطة ثوبٍ - فسخ ، ويحاصّ بالأجرة المبذولة . ولم نجد للحنفيّة كلاماً في هذه المسائل .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40937, member: 329"] الشّريطة الثّالثة : 9 - يشترط أن تكون الدّيون على المفلس أكثر من ماله . وعلى هذا فلا يفلّس بدينٍ مساوٍ لماله ، وهو قول المالكيّة ، ويفهم أيضاً من كلام الحنابلة ، وقال المالكيّة : ولو لم يزد دينه الحالّ على ماله لكن بقي من مال المدين مالاً يفي بالمؤجّل يفلّس أيضاً ، كمن عليه مائتان . مائةٌ حالّةٌ ومائةٌ مؤجّلةٌ ، ومعه مائةٌ وخمسون فقط ، فيفلّس ، إلاّ إن كان يرجى من تنميته للفضلة - وهي خمسون في مثالنا - وفاء المؤجّل . وقال الشّافعيّة : إن كانت ديونه بقدر ماله ، فإن كان كسوباً ينفق من كسبه فلا حجر لعدم الحاجة ، وإن لم يكن كسوباً ، وكانت نفقته من ماله ، فيحجر عليه كي لا يضيّع ماله في نفقته على قولٍ عندهم . والأصحّ عندهم : أنّه لا حجر في هذه الحال أيضاً ، لتمكّن الغرماء من المطالبة في الحال . الشّريطة الرّابعة : 10 - الدّين الّذي يحجر به هو دين الآدميّين . أمّا دين اللّه تعالى فلا يحجر به . نصّ على ذلك الشّافعيّة . قالوا : ولو فوريّاً ، كنذرٍ ، وإن كان مستحقّوه محصورين ، وكالزّكاة إذا حال الحول وحضر المستحقّون . الشّريطة الخامسة : 11 - يشترط أن يكون الدّين المحجور به لازماً ، فلا حجر بالثّمن في مدّة الخيار ، نصّ على ذلك الشّافعيّة . الحجر على المدين الغائب : 12 - يصحّ عند الحنفيّة على قول الصّاحبين الحجر على المدين الغائب ، ولكن يشترط علم المحجور عليه بعد الحجر ، حتّى إنّ كلّ تصرّفٍ باشره بعد الحجر قبل العلم به يكون صحيحاً عندهم . وإن ثبت الدّين بإقراره ، أو ببيّنةٍ قامت عليه عند القاضي ، فغاب المطلوب قبل الحكم وامتنع من الحضور ، قال أبو يوسف : ينصب القاضي وكيلاً ، ويحكم عليه بالمال ، إن سأل الخصم ذلك ، وإن سأل الخصم أن يحجر عليه ، فعند أبي حنيفة ومحمّدٍ لا يحكم ولا يحجر حتّى يحضر الغائب ، ثمّ يحكم عليه ، ثمّ يحجر عليه عند محمّدٍ ، لأنّه إنّما يحجر بعد الحكم لا قبله . كذا في الذّخيرة . وفي النّوادر عن محمّدٍ : إن كانوا قد أثبتوا ديونهم يحجر عليه . ويصحّ الحجر على الغائب كذلك عند المالكيّة ، إن كانت غيبته متوسّطةً كعشرة أيّامٍ ، أو طويلةً كشهرٍ مثلاً ، أمّا الغائب الغيبة القريبة ففي حكم الحاضر . واشترطوا للحجر على الغائب ألاّ يتقدّم العلم بملاءته قبل سفره . فإن علم ملاءته قبل سفره استصحب ذلك ولم يفلّس .. وعند ابن رشدٍ يفلّس في الغيبة الطّويلة ، وإن علم ملاءته حال خروجه . ولم نجد للشّافعيّة والحنابلة كلاماً عن هذه المسألة فيما اطّلعنا عليه . من يحجر على المفلس : 13 - لا يكون المفلس محجوراً عليه إلاّ بحجر القاضي عليه . والحجر للقاضي دون غيره ، لاحتياجه إلى نظرٍ واجتهادٍ . هذا وإنّ لقيام الغرماء على المدين الّذي أحاط الدّين بماله بعض أحكام التّفليس عند المالكيّة ، ويسمّى هذا عند المالكيّة تفليساً عامّاً ، وهو أن يقوم الغرماء على من أحاط الدّين بماله - وقبل أن يحجر عليه الحاكم - فيسجنوه ، أو يقوموا عليه فيستتر عنهم فلا يجدونه ، ويحولون بينه وبين التّصرّف في ماله بالبيع والشّراء والأخذ والإعطاء ، هذا بالإضافة إلى منع تبرّعه ، ومنعهم لسفره ، كما في كلّ مدينٍ بدينٍ حالٍّ أو يحلّ في الغيبة ، وليس لهم في هذه الحال منعه من تزوّجٍ واحدةٍ ، وتردّدوا في حجّ الفريضة ، والفتوى عندهم على أنّ لهم منعه منه . ونقل ابن رجبٍ الحنبليّ في قواعده أنّ ابن تيميّة كان لا يرى نفاذ تبرّع المدين بالدّين المستغرق بعد المطالبة . ونقل عن الإمام أحمد أنّ تصرّفه بالعين الّتي له حقّ الرّجوع فيها على المحجور عليه لا ينفذ إن طالبه بها صاحبها ، ولو قبل الحجر . وأمّا عند سائر الفقهاء فإنّ المفلس قبل الحجر عليه كغير المفلس ، وما يفعله من بيعٍ أو هبةٍ أو إقرارٍ أو قضاء بعض الغرماء دون بعضٍ فهو جائزٌ نافذٌ ، لأنّه رشيدٌ غير محجورٍ عليه ، فنفذ تصرّفه كغيره . ونصّ شارح المنتهى من الحنابلة على أنّه يحرم عليه التّصرّف في ماله بما يضرّ غريمه . وصيغة الحجر أن يقول الحاكم : منعتك من التّصرّف ، أو حجرت عليك للفلس . ويقتضي كلام الجمهور التّخيير بين الصّيغتين ، ونحوهما - كفلّستك - من كلّ ما يفيد معنى الحجر . الإثبات : 14 - لا حجر بالدّين إلاّ إن ثبت لدى القاضي بطريقٍ من طرق الإثبات الشّرعيّة ( ر : إثباتٌ ) . إشهار الحجر بالإفلاس والإشهاد عليه : 15 - الّذين قالوا بمشروعيّة الحجر على المفلس قالوا : يستحبّ إظهار الحجر عليه وإشهاره لتجتنب معاملته ، كي لا يستضرّ النّاس بضياع أموالهم . وقال الحنفيّة - على رأي الصّاحبين - والشّافعيّة والحنابلة : ويسنّ الإشهاد عليه لينتشر ذلك عنه ، ولأنّه ربّما عزل الحاكم أو مات ، فيثبت الحجر عند الآخر فيمضيه ، ولا يحتاج إلى ابتداء حجرٍ ثانٍ . ولأنّ الحجر تتعلّق به أحكامٌ ، وربّما يقع التّجاحد فيحتاج إلى إثباته . ولم يتعرّض المالكيّة لذلك فيما اطّلعنا عليه من كلامهم . آثار الحجر على المفلس : 16 - إذا حجر القاضي على المفلس ، تعلّق بذلك من الآثار ما يلي : أ - تتعلّق حقوق الغرماء بماله ، ويمنع من الإقرار على ذلك المال والتّصرّف فيه . ب - انقطاع الطّلب عنه بدينٍ جديدٍ بعد الحكم بالإفلاس . ج - حلول الدّين المؤجّل في ذمّة المدين . د - استحقاق من وجد عين ماله عند المدين استرجاعه . هـ-استحقاق بيع مال المفلّس وقسمه بين الغرماء . وفيما يلي تفصيل القول في هذه الآثار . الأوّل : تعلّق حقّ الغرماء بالمال : 17 - بالحجر يتعلّق حقّ الغرماء بالمال ، نظير تعلّق حقّ الرّاهن بالمال المرهون ، فلا ينفذ تصرّف المحجور عليه في ذلك المال بما يضرّهم ، ولا ينفذ إقراره عليه . والمال الّذي يتعلّق به حقّ الغرماء هو مال المدين الّذي يملكه حال الحجر اتّفاقاً عند من يقول بجواز تفليس المدين . وأمّا ما يحدث له بعد ذلك فلا يشمله الحجر عند صاحبي أبي حنيفة - رحمهم الله - والمالكيّة ، وعلى قولٍ عند الشّافعيّة - هو مقابل الأصحّ عندهم - قالوا : كما لا يتعدّى حجر الرّاهن على نفسه في العين المرهونة إلى غيرها . والأصحّ عند الشّافعيّة ومذهب الحنابلة : يشمله الحجر كذلك ما دام الحجر قائماً ، نحو ما ملكه بإرثٍ ، أو هبةٍ أو اصطيادٍ أو صدقةٍ أو ديةٍ أو وصيّةٍ ، قال الشّافعيّة : أو شراءٍ في الذّمّة . قالوا : لأنّ مقصود الحجر وصول الحقوق إلى أهلها ، وذلك لا يختصّ بالموجود . فعلى قول الحنفيّة والمالكيّة يتصرّف المحجور عليه لفلسٍ فيما تجدّد له بعد الحجر من المال ، سواءٌ كان عن أصلٍ ، كربح مالٍ تركه بيده بعض من فلّسه ، أو عن معاملةٍ جديدةٍ ، أو عن غير أصلٍ كميراثٍ وهبةٍ ووصيّةٍ . ولا يمنع من ذلك التّصرّف إلاّ بحجرٍ جديدٍ على ما صرّح به المالكيّة . الإقرار : 18 - على قول الحنفيّة والحنابلة - وهو خلاف الأظهر عند الشّافعيّة - لا يقبل على الغرماء إقرار المفلّس بشيءٍ من ماله الّذي حجر عليه فيه ، لاحتمال التّواطؤ بين المفلّس ومن أقرّ له ، ويلزمه ما أقرّ به بعد فكّ الحجر عنه . والأظهر عند الشّافعيّة : أنّه يقبل في حقّ الغرماء ، إن أسند وجوبه إلى ما قبل الحجر عليه أو أطلق ، لا إن أضافه إلى ما بعد الحجر . وعند المالكيّة تفصيلٌ ، قالوا : يقبل إقراره على غرمائه إن أقرّ بالمجلس الّذي حجر عليه فيه ، أو قريباً منه ، إن كان دينه الّذي حجر عليه به ثبت بالإقرار ، أو علم تقدّم المعاملة بينهما . أمّا في غير ذلك إن ثبت بالبيّنة ، فلا يقبل إمراره عليه لغيرهم . تصرّفات المفلّس في المال : 19 - تصرّفات المفلّس ثلاثة أنواعٍ : الأوّل : تصرّفاتٌ نافعةٌ للغرماء ، كقبوله الهبة والصّدقة ، فهذه لا يمنع منها . الثّاني : تصرّفاتٌ ضارّةٌ ، كهبته لماله ، ووقفه له ، وتصدّقه به ، والإبراء منه ، وسائر التّبرّعات ، فهذه يؤثّر فيها الحجر عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وعلى الأظهر عند الشّافعيّة . والقول الثّاني عند الشّافعيّة : أنّ التّصرّف يقع موقوفاً ، فإن فضل ذلك عن الدّين نفذ وإلاّ لغا . ومن أجل ذلك قال الحنابلة : لا يكفّر المفلّس بغير الصّوم ، لئلاّ يضرّ بالغرماء . ويستثنى من هذا النّوع التّصرّف بعد الموت ، كما لو أوصى بمالٍ . وإنّما صحّ هذا لأنّ الوصيّة تخرج من الثّلث بعد حقّ الدّائنين . واستثنى الحنابلة أيضاً تصرّفه بالصّدقة اليسيرة . الثّالث : تصرّفاتٌ دائرةٌ بين النّفع والضّرّ ، كالبيوع والإجارة . والأصل في هذا النّوع أنّه باطلٌ على قول بعض الفقهاء ، منهم الحنابلة والشّافعيّة في الأظهر ، وابن عبد السّلام من المالكيّة . ومذهب المالكيّة : أنّه يمنع من التّصرّف المذكور ، فإن أوقعه وقع موقوفاً على نظر الحاكم إن اختلف الغرماء ، وعلى نظرهم إن اتّفقوا ، ومذهب الحنفيّة على قول الصّاحبين أنّ للمفلّس أن يبيع ماله بثمنٍ مثله ، لأنّه لا يبطل حقّ الغرماء ، وإن باع بالغبن لا يصحّ منه ، سواءٌ أكان الغبن يسيراً أم فاحشاً ، ويخيّر المشتري بين إزالة الغبن وبين الفسخ . ولو باع بعض ماله لغريمه بدينه ، فقال الحنابلة : لا يصحّ ، لأنّه محجورٌ عليه . وقال الشّافعيّة في الأصحّ عندهم : لا يصحّ إلاّ بإذن القاضي ، لأنّ الحجر يثبت على العموم ، ومن الجائز أن يظهر له غريمٌ آخر . ومقابله عند الشّافعيّة : يصحّ ، ولو بغير إذن القاضي ، لأنّ الأصل عدم الغريم الآخر . لكن لا يصحّ إلاّ بشرط أن يكون البيع للغرماء جميعهم بلفظٍ واحدٍ ، وأن يكون دينهم من نوعٍ واحدٍ . وقال الحنفيّة : إن باع ماله من الغريم ، وجعل الدّين بالثّمن على سبيل المقاصّة صحّ إن كان الغريم واحداً . وإن كان الغريم أكثر من واحدٍ ، فباع ماله من أحدهم بمثل قيمته يصحّ ، كما لو باع من أجنبيٍّ بمثل قيمته ، ولكنّ المقاصّة لا تصحّ ، كما لو قضى دين بعض الغرماء دون بعضٍ . ولم نجد المالكيّة تعرّضوا لهذه المسألة بخصوصها ، فيظهر أنّها عندهم أيضاً موقوفةٌ على نظر القاضي أو الغرماء كما تقدّم . التّصرّف في الذّمّة من المحجور عليه لفلسٍ : 20 - لو تصرّف المحجور عليه لفلسٍ تصرّفاً في ذمّته بشراءٍ أو بيعٍ أو كراءٍ صحّ ، نصّ على ذلك المالكيّة ، والشّافعيّة على الصّحيح عندهم ، والحنابلة ، وهو مقتضى مذهب الصّاحبين ، لأهليّته للتّصرّف ، والحجر يتعلّق بماله لا بذمّته ، ولأنّه لا ضرر فيه على الغرماء ، ويتبع به بعد فكّ الحجر عنه . إمضاء التّصرّفات السّابقة على الحجر أو إلغاؤها : 21 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ للمفلّس بعد الحجر عليه إمضاء خيارٍ ، وفسخٌ لعيبٍ فيما اشتراه قبل الحجر ، لأنّه إتمامٌ لتصرّفٍ سابقٍ على حجره فلم يمنع منه ، كاسترداد وديعةٍ أودعها قبل الحجر عليه ، وسواءٌ أكان في ذلك الإمضاء أو الفسخ حظٌّ للمفلّس أو لم يكن . وقال المالكيّة : ينتقل الخيار للحاكم أو للغرماء ، فلهم الرّدّ أو الإمضاء . وصرّح الحنفيّة بأنّ البيع ، إن كان بمثل القيمة جاز من المحجور عليه ، فيؤخذ منه مراعاةً لحظّ الغرماء في الفسخ أو الإمضاء . حكم ما يلزم المفلّس من الحقوق في مدّة الحجر : 22 - ما لزم المفلّس من ديةٍ أو أرش جنايةٍ زاحم مستحقّها الغرماء ، وكذا كلّ حقٍّ لزمه بغير رضى الغريم واختياره ، كضمان إتلاف المال ، لانتفاء تقصيره . بخلاف التّصرّفات الّتي تقدّم ذكر المنع منها ، فإنّها تكون برضا الغريم واختياره . قال الشّافعيّة على الأصحّ عندهم : ولو أقرّ المفلّس بجنايةٍ قبل إقراره على الغرماء ، سواءٌ أسند المفلّس سبب الحقّ إلى ما قبل الحجر أو إلى ما بعده . وجعل من ذلك صاحب المغني أنّه لو أفلس ، وله دارٌ مستأجرةٌ فانهدمت ، بعدما قبض المفلّس الأجرة ، انفسخت الإجارة فيما بقي من المدّة ، وسقط من الأجرة بقدر ذلك . ثمّ إن وجد عين ما له أخذ بقدر ذلك ، وإن لم يجده شارك الغرماء بقدره . الأثر الثّاني - انقطاع المطالبة عنه : 23 - وذلك لقول اللّه تعالى : { وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ } وقول النّبيّ لغرماء معاذٍ : « خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلاّ ذلك » وفي روايةٍ « ولا سبيل لكم عليه » فمن أقرضه شيئاً أو باعه شيئاً عالماً بحجره لم يملك مطالبته ببدله حتّى ينفكّ الحجر عنه ، لتعلّق حقّ الغرماء حالة الحجر بعين مال المفلّس ، ولأنّه هو المتلف لماله بمعاملة من لا شيء معه ، لكن إن وجد المقرض أو البائع أعيان ما لهما فلهما أخذها كما سبق ، إن لم يعلما بالحجر . الأثر الثّالث - حلول الدّين المؤجّل : 24 - في حلول الدّيون الّتي على المفلّس بالحجر عليه قولان للفقهاء : الأوّل وهو قول المالكيّة المشهور عندهم ، وقولٌ للشّافعيّ هو خلاف الأظهر عند أصحابه ، وروايةً عن أحمد : أنّ الدّيون المؤجّلة الّتي على المفلّس تحلّ بتفليسه . قال المالكيّة : ما لم يكن المدين قد اشترط عدم حلولها بالتّفليس . واحتجّ أصحاب هذا القول : بأنّ التّفليس يتعلّق به الدّين بالمال ، فيسقط الأجل ، كالموت . قال المالكيّة : ولو طلب الدّائن بقاء دينه مؤجّلاً لم يجب لذلك . والثّاني ، وهو قول الحنفيّة ، والشّافعيّ وهو الأظهر عند أصحابه ، وروايةً عن أحمد هي الّتي اقتصر عليها في الإقناع : لا يحلّ الأجل بالتّفليس . قالوا : لأنّ الأجل حقٌّ للمفلّس ، فلا يسقط بفلسه ، كسائر حقوقه ، ولأنّه لا يوجب حلول ما له ، فلا يوجب حلول ما عليه ، كالجنون والإغماء ، وليس هو كالموت ، فإنّ الموت تخرب به الذّمّة ، بخلاف التّفليس . فعلى هذا القول : لا يشارك أصحاب الدّيون المؤجّلة أصحاب الدّيون الحالّة ، إلاّ إن حلّ المؤجّل قبل قسمة المال فيحاصّهم . أو قبل قسمة بعضه فيشاركهم الدّائن في ذلك البعض . قال الرّمليّ من الشّافعيّة ، وصاحب الإقناع من الحنابلة : وإذا بيعت أموال المفلّس لم يدّخر منها شيءٌ للمؤجّل . ولا يرجع ربّ الدّين المؤجّل على الغرماء إذا حلّ دينه بشيءٍ ، لأنّه لم يستحقّ مشاركتهم حال القسمة . وقال الحنفيّة : يرجع عليهم فيما قبضوا بالحصص . أمّا على القول الأوّل : فيشارك أصحاب الدّيون المؤجّلة أصحاب الدّيون الحالّة في مال المفلّس . أمّا ديون المفلّس على النّاس فلا تحلّ بفلسه إذا كانت مؤجّلةً ، لا يعلم في ذلك خلافٌ . الأثر الرّابع : مدى استحقاق الغريم أخذ عين ماله إن وجدها : إذا أوقع الحجر على المفلّس ، فوجد أحد أصحاب الدّيون عين ماله الّتي باعها للمفلّس وأقبضها له ، ففي أحقّيّته باسترجاعها قولان للعلماء : 25 - القول الأوّل : أنّ بائعها أحقّ بها بشروطه ، وهو قول مالكٍ والشّافعيّ وأحمد والأوزاعيّ والعنبريّ وإسحاق وأبي ثورٍ وابن المنذر ، وروي هذا القول عن بعض الصّحابة ، منهم عثمان وعليٌّ رضي الله عنهما ، وعن عروة بن الزّبير من التّابعين . واحتجّ أصحاب هذا القول بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المرفوع « من أدرك ماله بعينه عند رجلٍ أو إنسانٍ قد أفلس فهو أحقّ به من غيره » . واحتجّوا أيضاً بأنّ هذا عقدٌ يلحقه الفسخ بالإقالة ، فجاز فيه الفسخ لتعذّر العوض ، كالمسلم فيه إذا تعذّر ، وبأنّه لو شرط في العقد رهناً ، فعجز عن تسليمه ، استحقّ الفسخ ، وهو وثيقةٌ بالثّمن ، فالعجز عن تسليم الثّمن نفسه أولى . 26 - القول الثّاني : قول أبي حنيفة وأهل الكوفة وقول ابن سيرين وإبراهيم من التّابعين وابن شبرمة . وروي عن عليٍّ رضي الله عنه :" أنّه ليس أحقّ بها ، بل هو في ثمنها أسوة الغرماء ". واحتجّوا بأنّ هذا مقتضى الأصول اليقينيّة المقطوع بها ، قالوا : وخبر الواحد إذا خالف الأصول يردّ ، كما قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه :" لا ندع كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا لحديث امرأةٍ ". قالوا : ولما روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : « أيّما رجلٍ مات أو أفلس فوجد بعض غرمائه ماله بعينه فهو أسوة الغرماء » . قالوا : وهذا الحديث أولى من غيره ، لموافقته الأصول العامّة ، ولأنّ الذّمّة باقيةٌ وحقّه فيها . الرّجوع فيما قبضه المدين بغير الشّراء : 27 - اختلف القائلون بالرّجوع فيما قبضه الغريم بغير الشّراء . أ - فقد عمّم الشّافعيّة القول بأنّ له الرّجوع في عين ماله بالفسخ في سائر المعاوضات الماليّة المحضة كالقرض والسّلم ، بخلاف غيرها ، كالهبة ، والنّكاح والصّلح عن دم العمد والخلع . وصنيع الحنابلة يوحي بأنّ قولهم في ذلك كقول الشّافعيّة ، وإن لم نرهم صرّحوا بذلك ، لكنّ تمثيلهم لما يرجع فيه بعين القرض ورأس مال السّلم والعين المؤجّرة يدلّ على ذلك . ب - وأجاز المالكيّة الرّجوع للوارث ، ومن ذهب له الثّمن ، أو تصدّق عليه به ، أو أحيل به . وأبوا الرّجوع فيما لا يمكن الرّجوع فيه كعصمةٍ ، فلو خالعت زوجها على مالٍ ، ثمّ فلّست قبل أداء البدل ، لم يكن لمخالعها الرّجوع بالعصمة لأنّها خرجت منه ، ويحاصّ الغرماء ببدل الخلع ، وكما لو فلّس الجاني بعد الصّلح عن القصاص لم يكن لأولياء القتيل الرّجوع إلى القصاص ، لتعذّر ذلك شرعاً بعد العفو ، بل يحاصّون الغرماء بعوض الصّلح . شروط الرّجوع في عين المال : جملة الشّروط الّتي اشترطها القائلون بالرّجوع في عين المال الّتي عند المفلّس هي كما يلي : الشّرط الأوّل : 28 - أن يكون المفلّس قد ملكها قبل الحجر لا بعده . فإن كان ملكها بعد الحجر فليس البائع أحقّ بها ، ولو لم يكن عالماً بالحجر ، وذلك لأنّه ليس له المطالبة بثمنها في الحال ، فلم يملك الفسخ . وقيل : ليس هذا شرطاً ، لعموم الخبر . وقيل بالتّفريق بين العالم ومن لم يعلم . الشّرط الثّاني : 29 - قال الحنابلة : أن تكون السّلعة باقيةً بعينها ، ولم يتلف بعضها ، فإن تلفت كلّها أو تلف جزءٌ منها ، كما لو انهدم بعض الدّار ، أو تلفت ثمرة البستان ، لم يكن للبائع الرّجوع ، وكان أسوة الغرماء . واحتجّوا بقول النّبيّ : « من أدرك ماله بعينه عند رجلٍ أو إنسانٍ قد أفلس فهو أحقّ به من غيره » قالوا : فإنّ قوله : " بعينه " يقتضي ذلك . ولأنّه إذا أدركه بعينه فأخذه انقطعت الخصومة بينهما . وعند المالكيّة والشّافعيّة يمنع تلف كلّه الرّجوع ، ولا يمنع تلف بعضه الرّجوع ، على تفصيلٍ عندهم في ذلك يرجع إليه في بابه . الشّرط الثّالث : 30 - أن تكون السّلعة عند المفلّس على حالها الّتي اشتراها عليها . فإن انتقلت عين السّلعة عن الحال الّتي اشتراها عليها ، بعد شرائه لها - قال الحنابلة : بما يزيل اسمها - منع ذلك الرّجوع ، كما لو طحن الحنطة ، أو فصّل الثّوب ، أو ذبح الكبش ، أو تتمّر رطبه ، أو نجّر الخشبة باباً ، أو نسج الغزل ، أو فصّل القماش قميصاً . وهذا عند المالكيّة والحنابلة . وقالوا : لأنّه لم يجد عين ماله . وقال الشّافعيّة : إن لم تزد القيمة بهذا الانتقال رجع ولا شيء للمفلّس . وإن نقصت فلا شيء للبائع إن رجع به . وإن زادت ، فالأظهر أنّه يباع وللمفلّس من ثمنه بنسبة ما زاد . الشّرط الرّابع : 31 - ألاّ يكون المبيع قد زاد عند المفلّس زيادةً . متّصلةً ، كالسّمن والكبر ، وتجدّد الحمل - ما لم تلد - وهذا على قولٍ في مذهب أحمد . وقول المالكيّة والشّافعيّة ، وهو روايةً عن أحمد : أنّ الزّيادة المتّصلة المتولّدة لا تمنع الرّجوع ، ويفوز بها البائع ، إلاّ أنّ المالكيّة يخيّرون الغرماء بين أن يعطوا السّلعة ، أو ثمنها الّذي باعها به . وهذا بخلاف نقص الصّفة فلا يمنع الرّجوع . أمّا الزّيادة المنفصلة فإنّها لا تمنع الرّجوع ، وذلك كالثّمرة والولد . وهذا قول مالكٍ والشّافعيّ وأحمد ، سواءٌ أنقص بها المبيع أم لم ينقص ، إذا كان نقص صفةٍ . والزّيادة المنفصلة للمشتري وهو المفلّس . الشّرط الخامس : 32 - ألاّ يكون قد تعلّق بالسّلعة حقٌّ للغير ، كأن وهبها المشتري أو باعها أو وقفها فلا رجوع ، لأنّه لم يدرك متاعه بعينه عند المفلّس ، فلا يدخل في النّصّ . وقال المالكيّة في المرهون : إنّ للدّائن أن يفكّ الرّهن بدفع ما رهنت به العين ، ويأخذها ، ويحاصّ الغرماء بما دفع . الشّرط السّادس : 33 - وهو للشّافعيّة . قالوا : أن يكون الثّمن ديناً ، فلو كان الثّمن عيناً قدّم على الغرماء بقبض العين الّتي هي ثمنٌ ، وذلك كما لو باع بقرةً ببعيرٍ ، ثمّ أفلس المشتري ، فالبائع يرجع بالبعير ولا يرجع بالمبيع ، أي البقرة . الشّرط السّابع : 34 - قال الشّافعيّة : أن يكون الثّمن حالاًّ عند الرّجوع ، فلا رجوع فيما كان ثمنه مؤجّلاً ولم يحلّ ، إذ لا مطالبة في الحال . وقال الحنابلة : إن كان الثّمن مؤجّلاً لم يحلّ رجوع البائع في السّلعة ، فتوقّف إلى الأجل ، فيختار البائع حينئذٍ بين الفسخ والتّرك . ولا تباع فيما يباع من مال المفلّس . قالوا : لأنّ حقّ البائع تعلّق بها ، فقدّم على غيره ، وإن كان مؤجّلاً ، كالمرتهن . الشّرط الثّامن : 35 - وهو للحنابلة ، قالوا : يشترط ألاّ يكون البائع قد قبض من ثمنها شيئاً . وإلاّ سقط حقّه في الرّجوع . قالوا : والإبراء من بعض الثّمن كقبضه . واحتجّوا بما روى الدّارقطنيّ من حديث أبي هريرة مرفوعاً : « أيّما رجلٍ باع سلعةً ، فأدرك سلعته بعينها عند رجلٍ قد أفلس ، ولم يكن قبض من ثمنها شيئاً ، فهي له . وإن كان قبض من ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء » . وقال الشّافعيّ في مذهبه الجديد : للبائع أن يرجع بما يقابل الباقي من دينه . وقال مالكٌ : هو مخيّرٌ إن شاء ردّ ما أخذه ورجع في جميع العين ، وإن شاء حاصّ الغرماء ولم يرجع . الشّرط التّاسع : 36 - وهو للمالكيّة ، قالوا : يشترط ألاّ يفديه الغرماء بثمنه الّذي على المفلّس ، فإن فدوه - ولو بما لهم - لم يأخذه ، وكذا لو ضمنوا له الثّمن ، وهم ثقاتٌ ، أو أعطوا به كفيلاً ثقةً . وقال الشّافعيّة والحنابلة : لا يسقط حقّه في الفسخ ، ولو قال الغرماء له : لا تفسخ ونحن نقدّمك بالثّمن من التّركة . قال الحنابلة : لعموم الأدلّة . وقال الشّافعيّة : لما في ذلك من المنّة ، ولخوف ظهور غريمٍ آخر . لكن لو أنّ الغرماء بذلوا الثّمن للمفلّس ، فأعطاه للبائع سقط حقّه في الفسخ . الشّرط العاشر : 37 - أن يكون المفلّس حيّاً إلى أخذها ، فإن مات بعد الحجر عليه ، سقط حقّ البائع في الرّجوع . وهذا مذهب مالكٍ وأحمد . لحديث : « ... فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء » . وفي روايةٍ : « أيّما امرئٍ مات ، وعنده مال امرئٍ بعينه ، اقتضى منه شيئاً أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء » . قالوا : ولأنّه تعلّق به حقّ غير المفلّس ، وهم الورثة ، كالمرهون ، وكما لو باعه . وقال الشّافعيّ : له الفسخ واسترجاع العين ، لحديث أبي هريرة مرفوعاً : « أيّما رجلٍ مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه » . الشّرط الحادي عشر : 38 - أن يكون البائع أيضاً حيّاً ، فلو مات قبل الرّجوع فلا رجوع على قولٍ عند الحنابلة . وفي الإنصاف : للورثة الرّجوع . الشّرط الثّاني عشر : 39 - قال الشّافعيّة على الأصحّ عندهم : له أن يرجع فور علمه بالحجر ، فإن تراخى في الرّجوع ، وادّعى أنّه جهل أنّ الرّجوع على الفور ، قبل منه . ولو صولح عن الرّجوع على مالٍ لم يصحّ الصّلح ، وبطل حقّه من الفسخ إن علم . ووجه اشتراطه عندهم أنّه كالرّدّ بالعيب ، بجامع دفع الضّرر . والقول الآخر للشّافعيّة ، وهو مذهب الحنابلة : أنّ الرّجوع على التّراخي . قالوا : وهو كرجوع الأب في هبته لابنه . الرّجوع بعين الثّمن : 40 - لو كان الغريم اشترى من المفلّس شيئاً في الذّمّة ، وأسلم الثّمن ، ولم يقبض السّلعة ، حتّى حجر على المفلّس ، فهل يرجع الغريم بما أسلمه من النّقود ؟ قال المالكيّة : نعم يرجع إن ثبت عينها ببيّنةٍ أو طبعٍ ، قياساً للثّمن على المثمّن . وقال أشهب من المالكيّة : لا يرجع ، لأنّ الأحاديث إنّما فيها « من وجد سلعته ... » و : « من وجد متاعه ... » والنّقدان لا يطلق عليهما ذلك عرفاً . ثمّ قد قال المالكيّة : ولو اشترى شراءً فاسداً ففسخه الحاكم وأفلس البائع ، فالمشتري أحقّ بالثّمن إن كان موجوداً لم يفت . ولم نعثر على نصٍّ في هذه المسألة لسائر المذاهب . استحقاق مشتري العين أخذها إن حجر على البائع للفلس قبل تقبيضها : 41 - نصّ الحنابلة على أنّ الرّجل لو باع عيناً ، ثمّ أفلس قبل تقبيضها ، فالمشتري أحقّ بها من الغرماء ، لأنّها عين ملكه ، وذلك صادقٌ عندهم سواءٌ كانت السّلعة ممّا لا يحتاج لحقّ توفيةٍ ، كدارٍ وسيّارةٍ ، أو ما يحتاج إليه ، كالمكيل والموزون . ولم نجد تعرّضاً لهذه المسألة في المذاهب الأخرى . هل يحتاج الرّجوع إلى حكم حاكمٍ : 42 - لا يفتقر الرّجوع في العين إلى حكم حاكمٍ ، على مذهب الحنابلة ، وعلى الأصحّ في مذهب الشّافعيّة . قالوا : لأنّه ثبت بالنّصّ . ولو حكم بمنع الفسخ حاكمٌ فعند الشّافعيّة : لا ينقض حكمه قالوا : لأنّ المسألة اجتهاديّةٌ ، والخلاف فيها قويٌّ ، إذ النّصّ كما يحتمل أنّه " أحقّ بعين متاعه " يحتمل أنّه " أحقّ بثمنه " وإن كان الأوّل أظهر . وعند الحنابلة : يجوز نقض حكمه ، نقل صاحب المغني عن نصّ أحمد : لو حكم حاكمٌ بأنّ صاحب المتاع أسوة الغرماء ، ثمّ رفع إلى رجلٍ يرى العمل بالحديث ، جاز له نقض حكمه . أي فما كان بهذه المثابة لا يحتاج إلى حكم حاكمٍ . ما يحصل به الرّجوع : 43 - يحصل الرّجوع بالقول ، بأن يقول : فسخت البيع أو رفعته أو نقضته أو أبطلته أو رددت . نصّ على هذا الشّافعيّة والحنابلة ، قال الحنابلة : فلو قال ذلك صحّ رجوعه ولو لم يقبض العين . فلو رجع كذلك ثمّ تلفت العين تلفت من مال البائع ما لم يتبيّن أنّها تلفت قبل رجوعه ، أو كانت بحالةٍ لا يصحّ الرّجوع فيها لفقد شريطةٍ من شرائط الرّجوع المعتبرة ، أو لمانعٍ يمنع الرّجوع ، كما لو كان دقيقاً فاتّخذه خبزاً ، أو حديداً فاتّخذه سيفاً . أمّا الرّجوع بالفعل : فقد نصّ الشّافعيّة - في الأصحّ عندهم - والحنابلة على أنّ الرّجوع لا يحصل بالتّصرّف النّاقل للملكيّة كالبيع ، ولو نوى به الرّجوع . قال صاحب مطالب أولي النّهى : حتّى لو أخذ العين بنيّة الرّجوع لم يحصل الرّجوع . والقول الآخر : أنّه يحصل بذلك ، كالبيع في مدّة الخيار . ولم نجد للمالكيّة نصّاً في ذلك . ظهور عينٍ مستحقّةٍ في مال المفلّس : 44 - لو ظهر شيءٌ مستحقٌّ في مال المفلّس فهو لصاحبه . ولو أنّ المفلّس باعه قبل الحجر ثمّ استحقّ - والثّمن تالفٌ - فإنّ المشتري يشارك الغرماء كواحدٍ منهم ، وسواءٌ أكان تلف الثّمن قبل الحجر أو بعده ، لأنّ دينه من جملة الدّيون الثّابتة في ذمّة المفلّس قبل إفلاسه . وإن كان الثّمن غير تالفٍ ، فالمشتري أولى به على ما صرّح به الشّافعيّة ، ويفهم من كلام الحنابلة ، لأنّه عين ماله . الرّجوع في الأرض بعد البناء فيها أو غرسها : 45 - عند الشّافعيّة والحنابلة : إذا أفلس مشتري الأرض وحجر عليه ، وكان قد غرس فيها غراساً أو بنى بناءً ، لم يمنع ذلك من رجوع البائع فيها . والزّرع الّذي يجذّ مرّةً بعد أخرى وتبقى أصوله كالغراس في هذا . ثمّ إن تراضى الطّرفان - البائع من جهةٍ ، والغرماء مع المفلّس من الجهة الأخرى - على القلع ، أو أباه البائع وطلبوه هم فلهم ذلك ، لأنّه ملكٌ للمفلّس لا حقٌّ للبائع فيه ، ولا يمنع الإنسان من أخذ ملكه . ويلزم حينئذٍ تسوية الأرض من الحفر ، وأرش نقص الأرض بسبب القلع يجب ذلك في مال المفلّس ، لأنّه نقصٌ حصل لتخليص ملك المفلّس ، فكان عليه ، ويقدّم به الآخذ على حقوق الغرماء عند الشّافعيّة ، لأنّه لمصلحة تحصيل المال ، ويحاصّهم به عند الحنابلة . وإن أبى المفلّس والغرماء القلع ، لم يجبروا عليه ، لأنّه وضع بحقٍّ . وللآخذ حينئذٍ تملّك الغرس والبناء بقيمته قائماً ، لأنّه غرس أو بنى وهو صاحب حقٍّ ، وإن شاء فله القلع وإعطاؤه للغرماء مع أرش نقصه ، فإن أبى الآخذ تملّك الغرس والبناء ، وأبى أداء أرش النّقص ، فلا رجوع له على الأظهر عند الشّافعيّة والمقدّم عند الحنابلة ، لأنّ الرّجوع حينئذٍ ضررٌ على الغرماء ، ولا يزال الضّرر بالضّرر . والوجه الآخر عند الطّرفين : له الرّجوع ، وتكون الأرض على ملكه ، والغرس والبناء للمفلّس . ولم يتعرّض المالكيّة والحنفيّة لهذه المسألة فيما اطّلعنا عليه من كلامهم . إفلاس المستأجر : 46 - عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إذا آجر عيناً له بأجرةٍ حالّةٍ ولم يقبضها حتّى حجر على المستأجر لفلسٍ ، فالمؤجّر مخيّرٌ ، إن شاء رجع في العين بالفسخ ، وإن شاء ترك ذلك للغرماء وحاصّ بجميع الأجرة . وإن اختار الفسخ ، وكان قد مضى شيءٌ من المدّة ، فقال المالكيّة والشّافعيّة : يشارك المؤجّر الغرماء بأجرة ما مضى ، ويفسخ في الباقي . وقال الحنابلة : في هذه الحال يسقط حقّه في الفسخ بناءً على قولهم : إنّ تلف بعض السّلعة يمنع الرّجوع . إفلاس المؤجّر : 47 - إن آجر داراً بعينها ثمّ أفلس المؤجّر ، فالإجارة ماضيةٌ ولا تنفسخ بفلسه للزومها ، وسواءٌ أقبض العين أم لم يقبضها . وإن طلب الغرماء بيع الدّار المعيّنة في الحال بيعت مؤجّرةً ، وإن اتّفقوا على تأخير بيعها حتّى تنقضي الإجارة جاز . أمّا إن استأجر داراً موصوفةً في الذّمّة ، ثمّ أفلس المؤجّر قبل القبض ، فالمستأجر أسوة الغرماء ، لعدم تعلّق حقّه بعينٍ . وقال المالكيّة والشّافعيّة : وإن أفلس ملتزم عملٍ في الذّمّة ، وقد سلّم للمستأجر عيناً ليستوفي منها ، قدّم بها كالمعيّنة في العقد . ثمّ قال الشّافعيّة : فإن لم يكن سلّم له عيناً ، وكانت الأجرة باقيةً في يد المؤجّر ، فللمستأجر الفسخ ويستردّ الأجرة . فإن كانت تالفةً ضرب مع الغرماء بأجرة المثل للمنفعة ، ولا تسلّم إليه حصّته منها بالمحاصّة ، لامتناع الاعتياض عن المسلم فيه ، إذ إجارة الذّمّة سلمٌ في المنافع ، فيحصل له بعض المنفعة الملتزمة إن تبعّضت بلا ضررٍ ، كحمل مائة رطلٍ مثلاً ، وإلاّ - كخياطة ثوبٍ - فسخ ، ويحاصّ بالأجرة المبذولة . ولم نجد للحنفيّة كلاماً في هذه المسائل . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية