الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40938" data-attributes="member: 329"><p>الأثر الخامس من آثار الحجر على المفلّس : بيع الحاكم ماله : </p><p>48 - يبيع الحاكم مال المحجور عليه لفلسٍ ، عند غير أبي حنيفة ومن وافقه ، ليؤدّي ما عليه من الدّيون . وإنّما يبيعه إن كان من غير جنس الدّين . ويراعي الحاكم عند البيع ما فيه المصلحة للمفلّس . وذكر ابن قدامة الأمور التّالية ، وذكرها غيره أيضاً : </p><p>أ - يبيع بنقد البلد لأنّه أوفر ، فإن كان في البلد نقودٌ باع بغالبها ، فإن تساوت باع بجنس الدّين .</p><p>ب - يستحبّ إحضار المفلّس البيع ، قال : ليحصي ثمنه ويضبطه ليكون أطيب لقلبه ، ولأنّه أعرف بجيّد متاعه ورديئه ، فإذا حضر تكلّم عليه ، فتكثر الرّغبة فيه .</p><p>ت - يستحبّ إحضار الغرماء أيضاً ، لأنّه يباع لهم ، وربّما رغبوا في شراء شيءٍ منه ، فزادوا في ثمنه ، فيكون أصلح لهم وللمفلّس ، وأطيب لنفوسهم وأبعد من التّهمة ، وربّما وجد أحدهم عين ماله فيأخذها .</p><p>ث - يستحبّ بيع كلّ شيءٍ في سوقه ، لأنّه أحوط وأكثر لطلاّبه وعارفي قيمته .</p><p>ج-يترك للمفلّس من ماله شيءٌ ، ويأتي تفصيل الكلام فيه .</p><p>ح- يلاحظ الحاكم نوعاً من التّرتيب تتحقّق به المصلحة ، فيما يقدّم بيعه وما يؤخّره ، فيقدّم الأيسر فالأيسر ، حسبما هو أنظر للمفلّس ، إذ قد يكتفي ببيع البعض ، فيبدأ ببيع الرّهن ،0 ويدفع إلى المرتهن قدر دينه ، ويردّ ما فضل من الثّمن على الغرماء ، وإن بقيت من دينه بقيّةٌ ضرب بها مع الغرماء .</p><p> ثمّ يبيع ما يسرع إليه الفساد من الطّعام الرّطب وغيره ، لأنّ إبقاءه يتلفه . وقدّمه الشّافعيّة على بيع الرّهن . ثمّ يبيع الحيوان ، لأنّه معرّضٌ للتّلف ، ويحتاج إلى مئونةٍ في بقائه .</p><p> ثمّ يبيع السّلع والأثاث ، لأنّه يخاف عليه الضّياع وتناله الأيدي .</p><p> ثمّ يبيع العقار آخراً . قال المالكيّة : يستأني به الشّهر والشّهرين .</p><p> ونصّ الشّافعيّة على أنّ هذا التّرتيب مستحبٌّ في غير الحيوان ، وما يسرع إليه الفساد ، وما يخاف عليه النّهب أو استيلاء نحو ظالمٍ عليه .</p><p> وذكر المالكيّة الأمور الآتية أيضاً :</p><p> خ - أنّه لا يبيع إلاّ بعد الإعذار في البيّنة للمفلّس فيما ثبت عنده من الدّين ، والإعذار لكلٍّ من القائمين ( الدّائنين المطالبين ) ، لأنّ لكلٍّ الطّعن في بيّنة صاحبه ، ويحلف كلاًّ من الدّائنين أنّه لم يقبض من دينه شيئاً ، ولا أحال به ، ولا أسقطه ، وأنّه باقٍ في ذمّته إلى الآن .</p><p>د - وأنّه يبيع بالخيار ثلاثاً لطلب الزّيادة في كلّ سلعةٍ ، إلاّ ما يفسده التّأخير .</p><p>ذ - وقال الشّافعيّة : لا يبيع بأقلّ من ثمن المثل ، وهو مذهب الحنابلة ، كما في مطالب أولي النّهى ، وبعض الشّافعيّة قال : يبيع بما تنتهي إليه الرّغبات ، قالوا جميعاً : فإن ظهر راغبٌ في السّلعة بأكثر ممّا بيعت به - وكان ذلك في مدّة خيارٍ ، ومنه خيار المجلس - وجب الفسخ ، والبيع للزّائد . وبعد مدّة الخيار لا يلزم الفسخ ، ولكن يستحبّ للمشتري الإقالة .</p><p>ر - وقالوا أيضاً : لا يبيع إلاّ بنقدٍ ، ولا يبيع بثمنٍ مؤجّلٍ ، ولا يسلّم المبيع حتّى يقبض الثّمن . </p><p>ما يترك للمفلّس من ماله : </p><p>49 - يترك للمفلّس من ماله ما يأتي : </p><p>أ - الثّياب : يترك للمفلّس بالاتّفاق دستٌ من ثيابه ، وقال الحنفيّة : أو دستان . ويباع ما عداهما من الثّياب . وقال الحنفيّة : يباع ما لا يحتاج إليه في الحال ، كثياب الشّتاء في الصّيف . وقال المالكيّة : يباع ثوبا جمعته إن كثرت قيمتهما ، ويشتري له دونهما ، وهو بمعنى ما صرّح به الحنابلة والشّافعيّة من أنّ الثّياب إن كانت رفيعةً لا يلبس مثله مثلها تباع ، ويترك له أقلّ ما يكفيه من الثّياب .</p><p> وقال المالكيّة والشّافعيّة : يترك لعياله كما يترك له من الملابس .</p><p>ب - الكتب : وتترك له الكتب الّتي يحتاج إليها في العلوم الشّرعيّة وآلتها ، إن كان عالماً لا يستغني عنها . عند الشّافعيّة ، وعلى قولٍ في مذهب المالكيّة . والمقدّم عند المالكيّة أنّها تباع أيضاً .</p><p>ت - دار السّكنى : قال مالكٌ والشّافعيّ - في الأصحّ عنه - وشريحٌ : تباع دار المفلّس ويكترى له بدلها ، واختار هذا ابن المنذر ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لغرماء الّذي أصيب في ثمارٍ ابتاعها : « خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلاّ ذلك » . وقال أحمد وإسحاق ، وهو قولٌ عند الحنفيّة والشّافعيّة . لا تباع داره الّتي لا غنًى له عن سكناها . فإن كانت الدّار نفيسة بيعت واشتري له ببعض ثمنها مسكنٌ يبيت فيه ، ويصرف الباقي إلى الغرماء .</p><p>ث - آلات الصّانع : قال الحنابلة وبعض المالكيّة : تترك للمفلّس آلة صنعته ، ثمّ قال المالكيّة من هؤلاء : إنّما تترك إن كانت قليلة القيمة ، كمطرقة الحدّاد : وقال بعضهم : تباع أيضاً . ونصّ الشّافعيّة أنّها تباع .</p><p>ج - رأس مال التّجارة : قال الحنابلة وابن سريجٍ من الشّافعيّة : يترك للمفلّس رأس مالٍ يتّجر فيه ، إذا لم يحسن الكسب إلاّ به . قال الرّمليّ : وأظنّه يريد الشّيء اليسير ، أمّا الكثير فلا . ولم نر نصّاً في ذلك للحنفيّة والمالكيّة .</p><p>ح - القوت الضّروريّ : عند المالكيّة والحنابلة : يترك للمفلّس أيضاً من ماله قدر ما يكفيه وعياله من القوت الضّروريّ الّذي تقوم به البنية ، لا ما يترفّه . قال المالكيّة : وتترك له ولزوجاته وأولاده ووالديه النّفقة الواجبة عليه ، بالقدر الّذي تقوم به البنية . وهذا إن كان ممّن لا يمكنه الكسب ، أمّا إن كان ذا صنعةٍ يكتسب منها ، أو يمكنه أن يؤجّر نفسه فلا يترك له شيءٌ . ثمّ قد قال المالكيّة : يترك ذلك له ولمن ذكر قدر ما يكفيهم إلى وقتٍ يظنّ بحسب الاجتهاد أنّه يحصل له فيه ما تتأتّى معه المعيشة .</p><p> أمّا عند الشّافعيّة فلا يترك له من القوت شيءٌ ما عدا قوت يوم القسمة ، ولا نفقة عليه أيضاً لقريبٍ ، لأنّه معسرٌ بخلاف حاله قبل القسمة . وتسقط نفقة القريب لما بعد القسمة أيضاً عند الحنابلة . </p><p>الإنفاق على المفلّس وعلى عياله مدّة الحجر وقبل قسمة ماله على الغرماء : </p><p>50 - عند الحنفيّة على قول الصّاحبين ، والشّافعيّة والحنابلة ، وهو مقتضى مذهب المالكيّة كما تقدّم : يجب على الحاكم أن ينفق من مال المفلّس عليه - أي على المفلّس - بالمعروف ، وهو أدنى ما ينفق على مثله ، إلى أن يقسم ماله . وذلك لأنّ ملكه لم يزل عن ماله قبل القسمة . وكذلك ينفق على من تلزم المفلّس نفقته ، من زوجةٍ وقريبٍ ولو حدث بعد الحجر ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « ابدأ بنفسك ثمّ بمن تعول »، وهذا ما لم يستغن المفلّس بكسبٍ حلالٍ لائقٍ به .</p><p> وفي الخانيّة من كتب الحنفيّة : ولا يضيّق عليه في مأكوله ومشروبه وملبوسه ، ويقدّر له المعروف والكفاف . أمّا بعد القسمة فقد تقدّم بيان ما يترك له من النّفقة . </p><p>المبادرة بقسم مال المفلّس بين غرمائه : </p><p>51 - نصّ المالكيّة على أنّه لا ينبغي الاستيناء ( التّمهّل والتّأخير ) بقسم مال المفلّس ، وقال الشّافعيّة والحنابلة : يندب المبادرة بالقسم لبراءة ذمّة المدين ، ولئلاّ يطول زمن الحجر عليه ، ولئلاّ يتأخّر إيصال الحقّ لمستحقّه ، وتأخير قسمه مطلٌ وظلمٌ للغرماء . قال الشّافعيّة : ولا يفرّط في الاستعجال ، كي لا يطمع فيه بثمنٍ بخسٍ . وقال المالكيّة : إن كان يخشى أن يكون على المفلّس دينٌ لغير الغرماء الحاضرين فإنّ القاضي يستأني بالقسم باجتهادٍ .</p><p> ونصّ الشّافعيّة على أنّه لا يلزم الحاكم أن ينتظر ليتمّ بيع الأموال كلّها ، بل يندب للحاكم عندهم أن يقسم بالتّدريج كلّ ما يقبضه . فإن طلب الغرماء ذلك وجب . فإن تعسّر ذلك لقلّة الحاصل يؤخّر القسمة حتّى يجتمع ما تسهل قسمته ، فيقسمه ، ولو طلبه الغرماء لم يلزمه .</p><p> هل يلزم قبل القسمة حصر الدّائنين ؟</p><p>52 - نصّ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّه لا يكلّف القاضي غرماء المفلّس إثبات أنّه لا غريم غيرهم ، وذلك لاشتهار الحجر ، فلو كان ثمّة غريمٌ لظهر . وهذا بخلاف قسمة التّركة عند جميعهم ، فإنّ القاضي لا يقسم حتّى يكلّفهم بيّنةً تشهد بحصرهم . </p><p>ظهور غريمٍ بعد القسمة : </p><p>53 - لو قسم الحاكم مال المفلّس بين غرمائه ، فظهر غريمٌ بعد ذلك بدينٍ سابقٍ على الحجر ، شارك كلّ واحدٍ معهم بالحصّة ، ولم تنقض القسمة . فإن أتلف أحدهم ما أخذه رجع عليه كذلك ، على ما نصّ عليه الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . ثمّ قال الشّافعيّة : فإن كان الآخذ معسراً جعل ما أخذه كالمعدوم ، وشارك من ظهر الآخرين .</p><p> وقال المالكيّة : إن اقتسموا ، ولم يعلموا بالغريم الآخر ، يرجع على كلّ واحدٍ منهم بما ينوبه ، ولا يأخذ أحدٌ عن أحدٍ . وإن كانوا عالمين يرجع عليهم بحصّته ، ولكن يأخذ المليء عن المعدم ، والحاضر عن الغائب ، والحيّ عن الميّت ، أي في حدود ما قبضه كلٌّ منهم . وفي قولٍ عند الشّافعيّة : تنقض القسمة بكلّ حالٍ ، كما لو ظهر وارثٌ بعد قسمة التّركة . </p><p>كيفيّة قسمة مال المفلّس بين غرمائه : </p><p>54 - أ - يبدأ من مال المفلّس بإعطاء أجرة من يصنع ما فيه مصلحةٌ للمال ، من منادٍ وسمسارٍ وحافظٍ وحمّالٍ وكيّالٍ ووزّانٍ ونحوهم ، تقدّم على ديون الغرماء . ذكر ذلك صاحب الإقناع من الحنابلة . وذكر الدّردير من المالكيّة تقديم ساقي الزّرع الّذي أفلس ربّه على المرتهن ، وقال : إذ لولاه لما انتفع بالزّرع .</p><p>ب - ثمّ بمن له رهنٌ لازمٌ أي مقبوضٌ ، فيختصّ بثمنه إن كان قدر دينه ، لأنّ حقّه متعلّقٌ بعين الرّهن وذمّة الرّاهن . وما زاد من ثمن الرّهن ردّ على المال ، وما نقص ضرب به الغريم مع الغرماء . وأضاف المالكيّة : إنّ الصّانع أحقّ من الغرماء بما في يده إذا أفلس ربّ الشّيء المصنوع بعد تمام العمل حتّى يستوفي أجرته منه ، لأنّه وهو تحت يده كالرّهن ، حائزه أحقّ به في الفلس ، وإلاّ فليس أحقّ به إذا سلّمه لربّه قبل أن يفلّس ، أو أفلس ربّه قبل تمام العمل .</p><p> قالوا : ومن استأجر دابّةً ونحوها كسفينةٍ ، وأفلس ، فربّها أحقّ بالمحمول عليها من أمتعة المكتري ، يأخذه في أجرة دابّته وإن لم يكن ربّها معها ، ما لم يقبض المحمول ربّه - وهو المكتري - قبض تسلّمٍ . وهذا بخلاف مكتري الحانوت ونحوه فلا يختصّ بما فيه . والفرق أنّ بحيازة الظّهر لما فيها من الحمل والنّقل أقوى من حيازة الحانوت والدّار .</p><p> وقال المالكيّة أيضاً : وكذلك المكتري لدابّةٍ ونحوها أحقّ بها حتّى يستوفي من منافعها ما نقده من الكراء ، سواءٌ أكانت معيّنةً أو غير معيّنةٍ ، إلاّ أنّها إن كانت غير معيّنةٍ لم يكن أحقّ بها ما لم يقبضها قبل فلس المؤجّر .</p><p>ج - ثمّ من وجد عين ماله أخذها بشروطها المتقدّمة . وكذا من له عينٌ مؤجّرةٌ استأجرها منه المفلّس ، فله أخذها وفسخ الإجارة على الخلاف والتّفصيل المتقدّم .</p><p>د - ثمّ تقسم أموال المفلّس المتحصّلة بين غرمائه . وهذا إن كانت الدّيون كلّها من النّقد . وكذلك إن كانت كلّها عروضاً موافقةً لمال المفلّس في الجنس والصّفة ، فلا حاجة للتّقويم ، بل يتحاصّون بنسبة عرض كلٍّ منهم إلى مجموع الدّيون .</p><p> فإن كانت الدّيون كلّها أو بعضها عروضاً وكان مال المفلّس نقداً ، قوّمت العروض بقيمتها يوم القسمة ، وحاصّ كلّ غريمٍ بقيمة عروضه ، يشترى له بها من جنس عروضه وصفتها . ويجوز مع التّراضي أخذٌ الثّمن إن خلا من مانعٍ ، كما لو كان دينه ذهباً ، ونابه في القسم فضّةٌ ، فلا يجوز له أخذ ما نابه ، لأنّه يؤدّي إلى الصّرف المؤخّر . وهذا التّفصيل منصوص المالكيّة . ولو أنّ المفلّس أو الحاكم قضى ديون بعضهم دون بعضٍ ، أو قضى بعضاً منهم أكثر ممّا تقتضيه التّسوية المذكورة شاركوه فيما أخذ بالنّسبة . </p><p>ما يطالب به المفلّس بعد قسمة ماله : </p><p>55 - لا تسقط ديون الفلس الّتي لم يف ماله بها ، بل تبقى في ذمّته .</p><p> ثمّ إن كان هناك أرضٌ أو عقارٌ موصًى له بنفعه أو موقوفٌ عليه ، يلزم بإجارته ، ويصرف بدل المنفعة إلى الدّيون ، ويؤجّر مرّةً بعد أخرى إلى أن تتمّ البراءة ، صرّح بذلك الشّافعيّة والحنابلة . أمّا تكليف المفلّس حينئذٍ بالتّكسّب ، بإيجار نفسه لسداد الدّيون الباقية ، فقد قسّم الشّافعيّة الدّيون إلى قسمين :</p><p> الأوّل : ما كان المفلّس عاصياً بسببه ، كغاصبٍ ، وجانٍ متعمّدٍ ، فهذا يلزم بالتّكسّب ، ولو بإجارة نفسه ، ولو كان ذلك مزرياً به ، بل متى أطاقه لزمه ، قالوا : إذ لا نظر للمروآت في جنب الخروج من المعصية ، ولأنّ التّوبة من المعصية واجبةٌ ، وهي متوقّفةٌ في حقوق الآدميّين على الوفاء .</p><p> الثّاني : ما لم يعص به من الدّيون ، فهذا لا يلزمه التّكسّب ولا إيجار نفسه .</p><p> وأمّا المالكيّة فقد أطلقوا القول بأنّ المفلّس لا يلزم بالتّكسّب ولو كان قادراً عليه ، ولو كان قد شرط على نفسه ذلك في عقد الدّين . قالوا : لأنّ الدّين إنّما تعلّق بذمّته .</p><p> وأمّا الحنابلة فقد أطلقوا القول بإجبار المفلّس المحترف على الكسب ، وإيجار نفسه فيما يليق به من الصّنائع ، واحتجّوا بأنّ المنافع تجري مجرى الأعيان في صحّة العقد عليها ، فأجبر على العقد عليها ، كما يباع ماله رغماً عنه .</p><p> ثمّ قال المالكيّة والحنابلة : لا يجبر المفلّس على قبول التّبرّعات ، من هبةٍ أو وصيّةٍ أو عطيّةٍ أو صدقةٍ ، لئلاّ يلزم بتحمّل منّةٍ لا يرضاها ، ولا على اقتراضٍ . وكذا لا يجبر على خلع زوجته وإن بذلت ، لأنّ عليه في ذلك ضرراً ، ولا على أخذ ديةٍ عن قودٍ وجب له بجنايةٍ عليه أو على مورّثه ، لأنّ ذلك يفوّت المعنى الّذي لأجله شرع القصاص . ثمّ إن عفا باختياره على مالٍ ثبت وتعلّقت به حقوق الغرماء . وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يجبر على التّكسّب ، ولا يؤاجره القاضي ، لسداد ديونه من الأجرة . </p><p>ما ينفكّ به الحجر عن المفلّس : </p><p>56 - عند الشّافعيّة - ومثلهم الحنابلة فيما لو بقي على المفلّس شيءٌ من الدّيون - لا ينفكّ الحجر عنه بقسمة ماله بين الغرماء ، قال الشّافعيّة : ولا ينفكّ الحجر أيضاً باتّفاق الغرماء على فكّه ، ولا بإبرائهم للمفلّس ، بل إنّما ينفكّ بفكّ القاضي ، لأنّه لا يثبت إلاّ بإثبات القاضي ، فلا ينفكّ إلاّ بفكّه ، ولأنّه يحتاج إلى نظرٍ واجتهادٍ ، ولاحتمال ظهور غريمٍ آخر . ولا ينتظر البراءة من كلّ الدّيون ، بل متى ثبت إعساره بالباقي يفكّ الحجر عليه كما لا يحجر على المعسر أصالةً . وقال القليوبيّ من الشّافعيّة : المعتمد يبقى محجوراً إلى تمام الأداء . وصرّح الحنابلة بأنّ الحجر ينفكّ عن المفلّس إن لم يبق عليه للغرماء شيءٌ ، دون حاجةٍ إلى فكّه من قبل الحاكم . قالوا : لأنّ المعنى الّذي حجر عليه لأجله قد زال .</p><p> أمّا عند المالكيّة ، وهو وجهٌ آخر عند الحنابلة ذكره صاحب المغني : فإنّ حجر المفلّس ينفكّ بمجرّد قسمة الموجود من ماله . قال المالكيّة : ويحلف أنّه لم يكتم شيئاً ، فينفكّ حينئذٍ ولو بلا حكم حاكمٍ . ثمّ قد قال المالكيّة والحنابلة : وإذا انفكّ الحجر عن المفلّس ، ثمّ ثبت أنّ عنده مالاً غير ما قسم ، أو اكتسب بعد فكّ الحجر مالاً ، يعاد الحجر عليه بطلب الغرماء ، وتصرّفه حينئذٍ قبل الحجر صحيحٌ . ولا يعاد الحجر عليه بعد انفكاكه ما لم يثبت أو يتجدّد له مالٌ . ولم نجد تصريحاً بحكم هذه المسألة لدى الحنفيّة ، غير أنّهم قالوا في الحجر على السّفيه ( وهو المبذّر لماله ) : لا يرتفع الحجر عنه إلاّ بحكم القاضي عند أبي يوسف . </p><p>ما يلزم المفلّس من الدّيون بعد فكّ الحجر : </p><p>57 - إذا انفكّ الحجر عن المفلّس بقسم ماله أو بفكّ القاضي الحجر عنه على التّفصيل المتقدّم ، وبقي عليه شيءٌ من الدّين ، فلزمته ديونٌ أخرى بعد فكّ الحجر عنه ، وتجدّد له مالٌ ، فحجر عليه مرّةً أخرى بطلب الغرماء ، قال الحنابلة : يشارك أصحاب الحجر الأوّل ببقيّة ديونهم أصحاب الحجر الثّاني بجميع ديونهم ، لأنّهم تساووا في ثبوت حقوقهم في ذمّته ، فتساووا في الاستحقاق .</p><p> أمّا المالكيّة فقد فصلوا ، فقالوا : يشارك الأوّلون الآخرين فيما تجدّد بسببٍ مستقلٍّ ، كإرثٍ وصلةٍ وأرش جنايةٍ ووصيّةٍ ونحو ذلك ، ولا يشاركونهم في أثمان ما أخذه من الآخرين ، وفيما تجدّد عن ذلك إلاّ أن يفضل عن ديونهم فضلةٌ .</p><p> ومذهب الشّافعيّة أنّه لو فكّ الحجر عن المفلّس ، وحدث له مالٌ بعده فلا تعلّق لأحدٍ به ، فيتصرّف فيه كيف شاء ، فلو ظهر له مالٌ - كان قبل الفكّ - تبيّن بقاء الحجر فيه ، سواءٌ حدث له بعد الفكّ مالٌ وغرماء أو لا ، والمال الّذي ظهر أنّه كان قبل فكّ الحجر للغرماء الأوّلين ، ويشاركون من حدث بعدهم فيما حدث بعد الفكّ ، ولا يشارك غريمٌ حادثٌ من قبله في مالٍ حدث قبله أو معه . </p><p>أحكام من مات مفلّساً : </p><p>58 - من مات مفلّساً تجري بعض أحكام الإفلاس في حقّ ديونه ، ويمتنع جريان بعض أحكام الإفلاس الأخرى . ويرجع للتّفصيل إلى مصطلح ( تركةٌ ) .</p><p> أحكامٌ أخرى يستتبعها التّفليس : </p><p>59 - إذا فلّس المدين استتبع تفليسه أحكاماً في بعض ما كان صدر منه من التّصرّفات ، كما في توكيله أو ضمانه أو غير ذلك . وينظر حكم كلّ شيءٍ من ذلك في بابه . </p><p></p><p>أقارب *</p><p>انظر : قرابةٌ</p><p> إقالةٌ * </p><p>التعريف :</p><p>1 - الإقالة في اللّغة : الرّفع والإزالة ، ومن ذلك قولهم : أقال اللّه عثرته إذا رفعه من سقوطه . ومنه الإقالة في البيع ، لأنّها رفع العقد .</p><p> وهي في اصطلاح الفقهاء : رفع العقد ، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطّرفين .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة</p><p></p><p>أ - البيع : </p><p>2 - تختلف الإقالة عن البيع في أمورٍ منها :</p><p> أنّهم اختلفوا في الإقالة ، فقال بعضهم : إنّها فسخٌ ، وقال آخرون : هي بيعٌ ، وهناك أقوالٌ أخرى سيأتي تفصيلها .</p><p> ومنها أنّ الإقالة يمكن أن يقع فيها الإيجاب بلفظ الاستقبال كقول أحدهما : أقلني ، بخلاف البيع فإنّه لا يقع إلاّ بلفظ الماضي ، لأنّ لفظة الاستقبال للمساومة حقيقةً ، والمساومة في البيع معتادةٌ ، فكانت اللّفظة محمولةً على حقيقتها ، فلم تقع إيجاباً ، بخلاف الإقالة ، لأنّ المساومة فيها ليست معتادةً ، فيحمل اللّفظ فيها على الإيجاب .</p><p>ب - الفسخ : </p><p>3 - تختلف الإقالة عن الفسخ في أنّ الفسخ هو رفع جميع أحكام العقد وآثاره واعتباره كأن لم يكن بالنّسبة للمستقبل . وأمّا الإقالة فقد اعتبرها بعضهم فسخاً ، واعتبرها آخرون بيعاً . حكم الإقالة التّكليفيّ : </p><p>4 - الإقالة دائرةٌ بين النّدب والوجوب بحسب حالة العقد ، فإنّها تكون مندوباً إليها إذا ندم أحد الطّرفين ، لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه : « من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته » . وقد دلّ الحديث على مشروعيّة الإقالة ، وعلى أنّها مندوبٌ إليها ، لوعد المقيلين بالثّواب يوم القيامة .</p><p> وأمّا كون المقال مسلماً فليس بشرطٍ ، وإنّما ذكره لكونه حكماً أغلبيّاً ، وإلاّ فثواب الإقالة ثابتٌ في إقالة غير المسلم ، وقد ورد بلفظ : « من أقال نادماً ... » .</p><p> وتكون الإقالة واجبةً إذا كانت بعد عقدٍ مكروهٍ أو بيعٍ فاسدٍ ، لأنّه إذا وقع البيع فاسداً أو مكروهاً وجب على كلٍّ من المتعاقدين الرّجوع إلى ما كان له من رأس المال صوناً لهما عن المحظور ، لأنّ رفع المعصية واجبٌ بقدر الإمكان ، ويكون ذلك بالإقالة أو بالفسخ .</p><p> كما ينبغي أن تكون الإقالة واجبةً إذا كان البائع غارّاً للمشتري وكان الغبن يسيراً ، وإنّما قيّد الغبن باليسير هنا ، لأنّ الغبن الفاحش يوجب الرّدّ إن غرّه البائع على الصّحيح . </p><p>ركن الإقالة : </p><p>5 - ركن الإقالة الإيجاب والقبول الدّالاّن عليها . فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر بلفظٍ يدلّ عليه فقد تمّ الرّكن ، وهي تتوقّف على القبول في المجلس ، نصّاً بالقول أو دلالةً بالفعل . ويأتي القبول من الآخر بعد الإيجاب ، أو تقدّم السّؤال ، أو قبض الآخر ما هو له في مجلس الإقالة أو مجلس علمها ، لأنّ مجلس العلم في حقّ الغائب كمجلس اللّفظ في الحاضر ، فلا يصحّ من الحاضر في غير مجلسها .</p><p> الألفاظ الّتي تنعقد بها الإقالة :</p><p>6 - لا خلاف في أنّ الإقالة تنعقد صحيحةً بلفظ الإقالة أو ما يدلّ عليها ، كما لا خلاف في أنّها تنعقد بلفظين يعبّر بهما عن الماضي .</p><p> ولكنّ الخلاف في صيغة اللّفظ الّذي تنعقد به إذا كان أحدهما ماضياً والآخر مستقبلاً . فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنّها تصحّ بلفظين أحدهما مستقبلٌ والآخر ماضٍ ، كما لو قال : أقلني : فقال ، أقلتك ، أو قال له : جئتك لتقيلني ، فقال : أقلتك ، فهي تنعقد عندهما بهذين اللّفظين كما ينعقد النّكاح . ومع أنّ الإقالة بيعٌ عند أبي يوسف ، فإنّه لم يعط الإقالة حكمه ، لأنّ المساومة لا تجري في الإقالة ، فحمل اللّفظ على التّحقيق بخلاف البيع .</p><p> وأمّا محمّدٌ فهو يقول : إنّها لا تنعقد إلاّ بلفظين يعبّر بهما عن الماضي ، لأنّها كالبيع فأعطيت بسبب الشّبه حكم البيع ، وذلك بأن يقول أحدهما : أقلت ، والآخر : قبلت ، أو رضيت ، أو هويت ، أو نحو ذلك .</p><p> وتنعقد بفاسختك وتاركت ، كما تصحّ بلفظ " المصالحة " وتصحّ بلفظ " البيع " وما يدلّ على المعاطاة ، لأنّ المقصود المعنى ، وكلّ ما يتوصّل إليه أجزأ . خلافاً للقاضي من الحنابلة في أنّ ما يصلح للعقد لا يصلح للحلّ ، وما يصلح للحلّ لا يصلح للعقد . وتنعقد الإقالة بالتّعاطي كالبيع ، كما لو قال له : أقلتك فردّ إليه الثّمن ، وتصحّ بالكتابة والإشارة من الأخرس . </p><p>شروط الإقالة : </p><p>7 - يشترط لصحّة الإقالة ما يلي : </p><p>أ - رضى المتقايلين : لأنّها رفع عقدٍ لازمٍ ، فلا بدّ من رضى الطّرفين .</p><p>ب - اتّحاد المجلس : لأنّ معنى البيع موجودٌ فيها ، فيشترط لها المجلس ، كما يشترط للبيع .</p><p>ج - أن يكون التّصرّف قابلاً للنّسخ كالبيع والإجارة ، فإن كان التّصرّف لا يقبل الفسخ كالنّكاح والطّلاق فلا تصحّ الإقالة .</p><p>د - بقاء المحلّ وقت الإقالة ، فإن كان هالكاً وقت الإقالة لم تصحّ ، فأمّا قيام الثّمن وقت الإقالة فليس بشرطٍ .</p><p>هـ - تقابض بدلي الصّرف في إقالة الصّرف ، وهذا على قول من يقول : إنّها بيعٌ ، لأنّ قبض البدلين إنّما وجب حقّاً للّه تعالى ، وهذا الحقّ لا يسقط بإسقاط العبد .</p><p>و - ألاّ يكون البيع بأكثر من ثمن المثل في بيع الوصيّ ، فإن كان لم تصحّ إقالته . </p><p>حقيقتها الشّرعيّة : </p><p>8 - للفقهاء في تكييف الإقالة اتّجاهاتٌ :</p><p> الأوّل : أنّها فسخٌ ينحلّ به العقد في حقّ العاقدين وغيرهما ، وهو قول الشّافعيّة والحنابلة ومحمّد بن الحسن . وجه هذا القول أنّ الإقالة في اللّغة عبارةٌ عن الرّفع ، يقال في الدّعاء : « اللّهمّ أقلني عثراتي »، أي ارفعها ، والأصل أنّ معنى التّصرّف شرعاً ما ينبئ عنه اللّفظ لغةً ، ورفع العقد فسخه ، ولأنّ البيع والإقالة اختلفا اسماً ، فتخالفا حكماً ، فإذا كانت رفعاً لا تكون بيعاً ، لأنّ البيع إثباتٌ والرّفع نفيٌ ، وبينهما تنافٍ ، فكانت الإقالة على هذا التّقدير فسخاً محضاً ، فتظهر في حقّ كافّة النّاس .</p><p> الثّاني : أنّها بيعٌ في حقّ العاقدين وغيرهما ، إلاّ إذا تعذّر جعلها بيعاً فإنّها تكون فسخاً ، وهذا قول أبي يوسف والإمام مالكٍ . ومن أمثلة ذلك أن تقع الإقالة في الطّعام قبل قبضه . وجه هذا القول أنّ معنى البيع هو مبادلة المال بالمال ، وهو أخذ بدلٍ وإعطاء بدلٍ ، وقد وجد ، فكانت الإقالة بيعاً لوجود معنى البيع فيها ، والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني .</p><p> الثّالث : أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقّ غيرهما ، وهو قول أبي حنيفة .</p><p> وجه هذا القول أنّ الإقالة تنبئ عن الفسخ والإزالة ، فلا تحتمل معنًى آخر نفياً للاشتراك ، والأصل العمل بحقيقة اللّفظ ، وإنّما جعل بيعاً في حقّ غير العاقدين ، لأنّ فيها نقل ملكٍ بإيجابٍ وقبولٍ بعوضٍ ماليٍّ ، فجعلت بيعاً في حقّ غير العاقدين محافظةً على حقّه من الإسقاط ، إذ لا يملك العاقدان إسقاط حقّ غيرهما .</p><p> آثار اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة :</p><p> يترتّب على اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة آثارٌ في التّطبيق في أحوالٍ كثيرةٍ منها ما يلي : أوّلاً - الإقالة بأقلّ أو أكثر من الثّمن : </p><p>9 - إذا تقايل المتبايعان ولم يسمّيا الثّمن الأوّل ، أو سمّيا زيادةً على الثّمن الأوّل ، أو سمّيا جنساً آخر سوى الجنس الأوّل ، قلّ أو كثر ، أو أجّلا الثّمن الأوّل ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، وتسمية الزّيادة والأجل والجنس الآخر باطلةٌ على القول بأنّ الإقالة فسخٌ ، سواءٌ أكانت الإقالة قبل القبض أو بعده ، وسواءٌ أكان المبيع منقولاً أم غير منقولٍ ، لأنّ الفسخ رفع العقد الأوّل ، والعقد وقع بالثّمن الأوّل ، فيكون فسخه بالثّمن الأوّل ، وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وما بعده ، وبين المنقول وغير المنقول ، وتبطل تسمية الزّيادة والنّقصان والجنس الآخر والأجل ، وتبقى الإقالة صحيحةً ، لأنّ تسمية هذه الأشياء لا تؤثّر في الإقالة ، ولأنّ الإقالة رفع ما كان لا رفع ما لم يكن ، حيث إنّ رفع ما لم يكن ثابتاً محالٌ .</p><p> وتكون الإقالة أيضاً بمثل الثّمن الأوّل المسمّى ، لا بما يدفع بدلاً عنه ، حتّى لو كان عشرة دنانير فدفع إليه دراهم عوضاً عنها ، ثمّ تقايلا - وقد رخّصت الدّنانير - رجع بالدّنانير لا بما دفع ، لأنّه لمّا اعتبرت الإقالة فسخاً ، والفسخ يردّ على عين ما يردّ عليه العقد ، كان اشتراط خلاف الثّمن الأوّل باطلاً . </p><p>ثانياً - الشّفعة فيما يردّ بالإقالة : </p><p>10 - يقتضي القياس ألاّ يكون للشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة إذا اعتبرت هذه الإقالة فسخاً مطلقاً ، وهذا قياسٌ على أصل محمّدٍ وزفر من الحنفيّة ، لأنّ الإقالة عند محمّدٍ فسخٌ ، إلاّ إذا لم يمكن جعلها فسخاً فتجعل بيعاً . وعن زفر : هي فسخٌ في حقّ النّاس كافّةً .</p><p> أمّا سائر الحنفيّة ، وكذلك بقيّة المذاهب الأخرى ، فإنّها تعطي الشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة . فعلى اعتبار أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقٍّ ثالثٍ ، كما هو عند أبي حنيفة ، أو على اعتبار أنّها بيعٌ في حقّهما ، كما هو عند أبي يوسف ، فإنّ الشّفيع يأخذ بالشّفعة بعد تقايل البيع بين البائع والمشتري ، فمن اشترى داراً ولها شفيعٌ ، فسلّم الشّفعة ، ثمّ تقايلا البيع ، أو اشتراها ولم يكن بجنبها دارٌ ، ثمّ بنيت بجنبها دارٌ ، ثمّ تقايلا البيع ، فإنّ الشّفيع يأخذها بالشّفعة . وعلى أصل أبي حنيفة تكون الإقالة بيعاً في حقّ غير العاقدين ، والشّفيع غيرهما ، فتكون بيعاً في حقّه فيستحقّ . وعلى أصل أبي يوسف تعدّ الإقالة بيعاً جديداً في حقّ الكلّ ، ولا مانع من جعلها بيعاً في حقّ الشّفيع ، ولهذا الشّفيع الأخذ بالشّفعة ، إن شاء بالبيع الأوّل ، وإن شاء بالبيع الحاصل بالإقالة ، أو بمعنًى آخر من أيّهما شاء : من المشتري لأجل الشّراء ، أو من البائع لشرائه من المشتري بالإقالة ، حيث تكون الإقالة بيعاً من المشتري للبائع ، وحيث تكون فسخ بيعٍ فتؤخذ من المشتري فقط ، ولا يتمّ فسخه إلاّ إن رضي الشّفيع لأنّ الشّراء له . </p><p>إقالة الوكيل : </p><p>11 - من ملك البيع ملك الإقالة ، فصحّت إقالة الموكّل بيع وكيله ، وتصحّ إقالة الوكيل بالبيع إذا تمّت قبل قبض الثّمن . فإن أقال بعد قبضه يضمن الثّمن للموكّل ، إذ تعتبر الإقالة من الوكيل حينئذٍ شراءً لنفسه . وبإقالة الوكيل بالبيع يسقط الثّمن عن المشتري عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، ويلزم المبيع الوكيل . وعند أبي يوسف لا يسقط الثّمن عن المشتري أصلاً . وتجوز الإقالة من الوكيل بالسّلم في قول أبي حنيفة ومحمّدٍ كالإبراء ، خلافاً لأبي يوسف . والمراد بإقالة الوكيل بالسّلم : الوكيل بشراء السّلم ، بخلاف الوكيل بشراء العين .</p><p> وإقالة الوكيل بالشّراء لا تجوز بإجماع الحنفيّة بخلاف الوكيل بالبيع ، وعند مالكٍ لا تجوز إقالة الوكيل بالبيع مطلقاً .</p><p> واتّفق الشّافعيّة والحنابلة على صحّة التّوكيل في حقّ كلّ آدميٍّ من العقود والفسوخ . وعلى هذا فيصحّ التّوكيل بالإقالة عندهم ابتداءً ، سواءٌ أقلنا : إنّ الإقالة فسخٌ على المذهب عندهم جميعاً أم بيعٌ . هذا ، ولم يذكر الشّافعيّة والحنابلة من له حقّ الإقالة من غير المتعاقدين سوى الورثة على الصّحيح من المذهبين .</p><p> أمّا حكم الإقالة الصّادرة من الوكيل بالبيع والوكيل بالشّراء فلم يتطرّقوا له . والمتولّي على الوقف إذا اشترى شيئاً بأقلّ من قيمته فإنّ إقالته لا تصحّ . </p><p>محلّ الإقالة : </p><p>12 - محلّ الإقالة العقود اللاّزمة في حقّ الطّرفين ممّا يقبل الفسخ بالخيار ، لأنّ هذه العقود لا يمكن فسخها إلاّ باتّفاق الطّرفين المتعاقدين ، وعلى ذلك فإنّ الإقالة تصحّ في العقود الآتية : البيع - المضاربة - الشّركة - الإجارة - الرّهن ( بالنّسبة للرّاهن فهي موقوفةٌ على إجازة المرتهن أو قضاء الرّاهن دينه ) - السّلم - الصّلح .</p><p> وأمّا العقود الّتي لا تصحّ فيها الإقالة فهي العقود غير اللاّزمة ، كالإعارة والوصيّة والجعالة ، أو العقود اللاّزمة الّتي لا تقبل الفسخ بالخيار ، مثل الوقف والنّكاح حيث لا يجوز فسخ أحدهما بالخيار . </p><p>أثر الشّروط الفاسدة في الإقالة : </p><p>13 - إذا اعتبرنا الإقالة فسخاً ، فإنّها لا تبطل بالشّروط الفاسدة ، بل تكون هذه الشّروط لغواً ، وتصحّ الإقالة . ففي الإقالة في البيع ، إذا شرط أكثر ممّا دفع ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، لمتعذّر الفسخ على الزّيادة ، وتبطل الشّرط ، لأنّه يشبه الرّبا ، وفيه نفعٌ لأحد المتعاقدين مستحقٌّ بعقد المعاوضة خالٍ عن العوض .</p><p> وكذا إذا شرط أقلّ من الثّمن الأوّل ، لتعذّر الفسخ على الأقلّ ، لأنّ فسخ العقد عبارةٌ عن رفعه على الوصف الّذي كان قبله ، والفسخ على الأقلّ ليس كذلك ، لأنّ فيه رفع ما لم يكن ثابتاً وهو محالٌ . والنّقصان لم يكن ثابتاً فرفعه يكون محالاً ، إلاّ أن يحدث في المبيع عيبٌ فتجوز الإقالة بالأقلّ ، لأنّ الحطّ يجعل بإزاء ما فات من العيب .</p><p> وهذا على قياس قول أبي حنيفة ومحمّدٍ وغيرهما ممّن يرون الإقالة فسخاً ، وأمّا على قياس قول من قال : إنّ الإقالة بيعٌ ، فإنّها تبطل بالشّروط الفاسدة ، لأنّ البيع يبطل بالشّروط الفاسدة ، فإذا زاد كان قاصداً بهذا ابتداء البيع ، وإذا شرط الأقلّ فكذلك . </p><p>الإقالة في الصّرف : </p><p>14 - الإقالة في الصّرف كالإقالة في البيع ، أي يشترط فيها التّقابض من الجانبين قبل الافتراق كما في ابتداء عقد الصّرف .</p><p> فلو تقايلا الصّرف ، وتقابضا قبل الافتراق ، مضت الإقالة على الصّحّة . وإن افترقا قبل التّقابض بطلت الإقالة ، سواءٌ اعتبرت بيعاً أم فسخاً .</p><p> فعلى اعتبارها بيعاً كانت المصارفة مبتدأةً ، فلا بدّ من التّقابض يداً بيدٍ ، ما دامت الإقالة بيعاً مستقلاًّ يحلّها ما يحلّ البيوع ، ويحرّمها ما يحرّم البيوع ، فلا تصلح الإقالة إذ حصل الافتراق قبل القبض .وعلى اعتبارها فسخاً في حقّ المتعاقدين ، فهي بيعٌ جديدٌ في حقٍّ ثالثٍ ، واستحقاق القبض حقٌّ للشّرع ، وهو هنا ثالثٌ ، فيعتبر بيعاً جديداً في حقّ هذا الحكم فيشترط فيه التّقابض . وهلاك البدلين في الصّرف لا يعدّ مانعاً من الإقالة ، لأنّه في الصّرف لا يلزمه ردّ المقبوض بعد الإقالة ، بل ردّه أو ردّ مثله ، فلم تتعلّق الإقالة بعينهما ، فلا تبطل بهلاكهما . </p><p>إقالة الإقالة :</p><p>15 - إقالة الإقالة إلغاءٌ لها والعودة إلى أصل العقد ، وهي تصحّ في أحوالٍ معيّنةٍ ، فلو تقايلا البيع ، ثمّ تقايلا الإقالة ، ارتفعت الإقالة وعاد البيع . وقد استثنى العلماء من إقالة الإقالة إقالة المسلم قبل قبض المسلم فيه ، فإنّها لا تصحّ ، لأنّ المسلم فيه دينٌ وقد سقط بالإقالة الأولى ، فلو انفسخت لعاد المسلم فيه الّذي سقط ، والسّاقط لا يعود . </p><p>ما يبطل الإقالة :</p><p>16 - من الأحوال الّتي تبطل فيها الإقالة بعد وجودها ما يأتي : </p><p>أ - هلاك المبيع : فلو هلك المبيع بعد الإقالة وقبل التّسليم بطلت ، لأنّ من شرطها بقاء المبيع ، لأنّها رفع العقد وهو محلّه ، بخلاف هلاك الثّمن فإنّه لا يمنع الإقالة لكونه ليس بمحلّ العقد ، ولذا بطل البيع بهلاك البيع قبل القبض دون الثّمن .</p><p> وهذا إذا لم يكن الثّمن قيميّاً ، فإن كان قيميّاً فهلك بطلت الإقالة .</p><p> ولكن لا يردّ على اشترط قيام المبيع لصحّة الإقالة إقالة السّلم قبل قبض المسلم فيه ، لأنّها صحيحةٌ سواءٌ أكان رأس المال عيناً أم ديناً ، وسواءٌ أكان قائماً في يد المسلم إليه أم هالكاً . لأنّ المسلم فيه وإن كان ديناً حقيقةً فله حكم العين حتّى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه .</p><p>ب - تغيّر المبيع : كأن زاد المبيع زيادةً منفصلةً متولّدةً ، كما لو ولدت الدّابّة بعد الإقالة ، فإنّها تبطل بذلك ، وكذلك الزّيادة المتّصلة غير المتولّدة كصبغ الثّوب . وعند المالكيّة تبطل الإقالة بتغيّر ذات المبيع مهما كان . كتغيّر الدّابّة بالسّمن والهزال ، بخلاف الحنابلة . </p><p>اختلاف المتقايلين : </p><p>17 - قد يقع الاختلاف بين المتقايلين على صحّة البيع ، أو على كيفيّته ، أو على الثّمن ، أو على الإقالة من أساسها . فإنّهما إذا اتّفقا على صحّة البيع ، ثمّ اختلفا في كيفيّته تحالفا ، فيحلف كلٌّ على نفي قول صاحبه وإثبات قوله .</p><p> ويستثنى من التّحالف ما لو تقايلا العقد ثمّ اختلفا في قدر الثّمن فلا تحالف ، بل القول قول البائع لأنّه غارمٌ . ولو اختلف البائع والمشتري ، فقال المشتري : بعته من البائع بأقلّ من الثّمن الأوّل قبل نقده وفسد البيع بذلك ، وقال البائع : بل تقايلناه ، فالقول للمشتري مع يمينه في إنكاره الإقالة .</p><p> فإن كان البائع هو الّذي يدّعي أنّه اشتراه من المشتري بأقلّ ممّا باعه ، والمشتري يدّعي الإقالة يحلف كلٌّ على دعوى صاحبه .</p><p>نهاية الجزء الخامس/ الموسوعة الفقهية</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40938, member: 329"] الأثر الخامس من آثار الحجر على المفلّس : بيع الحاكم ماله : 48 - يبيع الحاكم مال المحجور عليه لفلسٍ ، عند غير أبي حنيفة ومن وافقه ، ليؤدّي ما عليه من الدّيون . وإنّما يبيعه إن كان من غير جنس الدّين . ويراعي الحاكم عند البيع ما فيه المصلحة للمفلّس . وذكر ابن قدامة الأمور التّالية ، وذكرها غيره أيضاً : أ - يبيع بنقد البلد لأنّه أوفر ، فإن كان في البلد نقودٌ باع بغالبها ، فإن تساوت باع بجنس الدّين . ب - يستحبّ إحضار المفلّس البيع ، قال : ليحصي ثمنه ويضبطه ليكون أطيب لقلبه ، ولأنّه أعرف بجيّد متاعه ورديئه ، فإذا حضر تكلّم عليه ، فتكثر الرّغبة فيه . ت - يستحبّ إحضار الغرماء أيضاً ، لأنّه يباع لهم ، وربّما رغبوا في شراء شيءٍ منه ، فزادوا في ثمنه ، فيكون أصلح لهم وللمفلّس ، وأطيب لنفوسهم وأبعد من التّهمة ، وربّما وجد أحدهم عين ماله فيأخذها . ث - يستحبّ بيع كلّ شيءٍ في سوقه ، لأنّه أحوط وأكثر لطلاّبه وعارفي قيمته . ج-يترك للمفلّس من ماله شيءٌ ، ويأتي تفصيل الكلام فيه . ح- يلاحظ الحاكم نوعاً من التّرتيب تتحقّق به المصلحة ، فيما يقدّم بيعه وما يؤخّره ، فيقدّم الأيسر فالأيسر ، حسبما هو أنظر للمفلّس ، إذ قد يكتفي ببيع البعض ، فيبدأ ببيع الرّهن ،0 ويدفع إلى المرتهن قدر دينه ، ويردّ ما فضل من الثّمن على الغرماء ، وإن بقيت من دينه بقيّةٌ ضرب بها مع الغرماء . ثمّ يبيع ما يسرع إليه الفساد من الطّعام الرّطب وغيره ، لأنّ إبقاءه يتلفه . وقدّمه الشّافعيّة على بيع الرّهن . ثمّ يبيع الحيوان ، لأنّه معرّضٌ للتّلف ، ويحتاج إلى مئونةٍ في بقائه . ثمّ يبيع السّلع والأثاث ، لأنّه يخاف عليه الضّياع وتناله الأيدي . ثمّ يبيع العقار آخراً . قال المالكيّة : يستأني به الشّهر والشّهرين . ونصّ الشّافعيّة على أنّ هذا التّرتيب مستحبٌّ في غير الحيوان ، وما يسرع إليه الفساد ، وما يخاف عليه النّهب أو استيلاء نحو ظالمٍ عليه . وذكر المالكيّة الأمور الآتية أيضاً : خ - أنّه لا يبيع إلاّ بعد الإعذار في البيّنة للمفلّس فيما ثبت عنده من الدّين ، والإعذار لكلٍّ من القائمين ( الدّائنين المطالبين ) ، لأنّ لكلٍّ الطّعن في بيّنة صاحبه ، ويحلف كلاًّ من الدّائنين أنّه لم يقبض من دينه شيئاً ، ولا أحال به ، ولا أسقطه ، وأنّه باقٍ في ذمّته إلى الآن . د - وأنّه يبيع بالخيار ثلاثاً لطلب الزّيادة في كلّ سلعةٍ ، إلاّ ما يفسده التّأخير . ذ - وقال الشّافعيّة : لا يبيع بأقلّ من ثمن المثل ، وهو مذهب الحنابلة ، كما في مطالب أولي النّهى ، وبعض الشّافعيّة قال : يبيع بما تنتهي إليه الرّغبات ، قالوا جميعاً : فإن ظهر راغبٌ في السّلعة بأكثر ممّا بيعت به - وكان ذلك في مدّة خيارٍ ، ومنه خيار المجلس - وجب الفسخ ، والبيع للزّائد . وبعد مدّة الخيار لا يلزم الفسخ ، ولكن يستحبّ للمشتري الإقالة . ر - وقالوا أيضاً : لا يبيع إلاّ بنقدٍ ، ولا يبيع بثمنٍ مؤجّلٍ ، ولا يسلّم المبيع حتّى يقبض الثّمن . ما يترك للمفلّس من ماله : 49 - يترك للمفلّس من ماله ما يأتي : أ - الثّياب : يترك للمفلّس بالاتّفاق دستٌ من ثيابه ، وقال الحنفيّة : أو دستان . ويباع ما عداهما من الثّياب . وقال الحنفيّة : يباع ما لا يحتاج إليه في الحال ، كثياب الشّتاء في الصّيف . وقال المالكيّة : يباع ثوبا جمعته إن كثرت قيمتهما ، ويشتري له دونهما ، وهو بمعنى ما صرّح به الحنابلة والشّافعيّة من أنّ الثّياب إن كانت رفيعةً لا يلبس مثله مثلها تباع ، ويترك له أقلّ ما يكفيه من الثّياب . وقال المالكيّة والشّافعيّة : يترك لعياله كما يترك له من الملابس . ب - الكتب : وتترك له الكتب الّتي يحتاج إليها في العلوم الشّرعيّة وآلتها ، إن كان عالماً لا يستغني عنها . عند الشّافعيّة ، وعلى قولٍ في مذهب المالكيّة . والمقدّم عند المالكيّة أنّها تباع أيضاً . ت - دار السّكنى : قال مالكٌ والشّافعيّ - في الأصحّ عنه - وشريحٌ : تباع دار المفلّس ويكترى له بدلها ، واختار هذا ابن المنذر ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لغرماء الّذي أصيب في ثمارٍ ابتاعها : « خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلاّ ذلك » . وقال أحمد وإسحاق ، وهو قولٌ عند الحنفيّة والشّافعيّة . لا تباع داره الّتي لا غنًى له عن سكناها . فإن كانت الدّار نفيسة بيعت واشتري له ببعض ثمنها مسكنٌ يبيت فيه ، ويصرف الباقي إلى الغرماء . ث - آلات الصّانع : قال الحنابلة وبعض المالكيّة : تترك للمفلّس آلة صنعته ، ثمّ قال المالكيّة من هؤلاء : إنّما تترك إن كانت قليلة القيمة ، كمطرقة الحدّاد : وقال بعضهم : تباع أيضاً . ونصّ الشّافعيّة أنّها تباع . ج - رأس مال التّجارة : قال الحنابلة وابن سريجٍ من الشّافعيّة : يترك للمفلّس رأس مالٍ يتّجر فيه ، إذا لم يحسن الكسب إلاّ به . قال الرّمليّ : وأظنّه يريد الشّيء اليسير ، أمّا الكثير فلا . ولم نر نصّاً في ذلك للحنفيّة والمالكيّة . ح - القوت الضّروريّ : عند المالكيّة والحنابلة : يترك للمفلّس أيضاً من ماله قدر ما يكفيه وعياله من القوت الضّروريّ الّذي تقوم به البنية ، لا ما يترفّه . قال المالكيّة : وتترك له ولزوجاته وأولاده ووالديه النّفقة الواجبة عليه ، بالقدر الّذي تقوم به البنية . وهذا إن كان ممّن لا يمكنه الكسب ، أمّا إن كان ذا صنعةٍ يكتسب منها ، أو يمكنه أن يؤجّر نفسه فلا يترك له شيءٌ . ثمّ قد قال المالكيّة : يترك ذلك له ولمن ذكر قدر ما يكفيهم إلى وقتٍ يظنّ بحسب الاجتهاد أنّه يحصل له فيه ما تتأتّى معه المعيشة . أمّا عند الشّافعيّة فلا يترك له من القوت شيءٌ ما عدا قوت يوم القسمة ، ولا نفقة عليه أيضاً لقريبٍ ، لأنّه معسرٌ بخلاف حاله قبل القسمة . وتسقط نفقة القريب لما بعد القسمة أيضاً عند الحنابلة . الإنفاق على المفلّس وعلى عياله مدّة الحجر وقبل قسمة ماله على الغرماء : 50 - عند الحنفيّة على قول الصّاحبين ، والشّافعيّة والحنابلة ، وهو مقتضى مذهب المالكيّة كما تقدّم : يجب على الحاكم أن ينفق من مال المفلّس عليه - أي على المفلّس - بالمعروف ، وهو أدنى ما ينفق على مثله ، إلى أن يقسم ماله . وذلك لأنّ ملكه لم يزل عن ماله قبل القسمة . وكذلك ينفق على من تلزم المفلّس نفقته ، من زوجةٍ وقريبٍ ولو حدث بعد الحجر ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « ابدأ بنفسك ثمّ بمن تعول »، وهذا ما لم يستغن المفلّس بكسبٍ حلالٍ لائقٍ به . وفي الخانيّة من كتب الحنفيّة : ولا يضيّق عليه في مأكوله ومشروبه وملبوسه ، ويقدّر له المعروف والكفاف . أمّا بعد القسمة فقد تقدّم بيان ما يترك له من النّفقة . المبادرة بقسم مال المفلّس بين غرمائه : 51 - نصّ المالكيّة على أنّه لا ينبغي الاستيناء ( التّمهّل والتّأخير ) بقسم مال المفلّس ، وقال الشّافعيّة والحنابلة : يندب المبادرة بالقسم لبراءة ذمّة المدين ، ولئلاّ يطول زمن الحجر عليه ، ولئلاّ يتأخّر إيصال الحقّ لمستحقّه ، وتأخير قسمه مطلٌ وظلمٌ للغرماء . قال الشّافعيّة : ولا يفرّط في الاستعجال ، كي لا يطمع فيه بثمنٍ بخسٍ . وقال المالكيّة : إن كان يخشى أن يكون على المفلّس دينٌ لغير الغرماء الحاضرين فإنّ القاضي يستأني بالقسم باجتهادٍ . ونصّ الشّافعيّة على أنّه لا يلزم الحاكم أن ينتظر ليتمّ بيع الأموال كلّها ، بل يندب للحاكم عندهم أن يقسم بالتّدريج كلّ ما يقبضه . فإن طلب الغرماء ذلك وجب . فإن تعسّر ذلك لقلّة الحاصل يؤخّر القسمة حتّى يجتمع ما تسهل قسمته ، فيقسمه ، ولو طلبه الغرماء لم يلزمه . هل يلزم قبل القسمة حصر الدّائنين ؟ 52 - نصّ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّه لا يكلّف القاضي غرماء المفلّس إثبات أنّه لا غريم غيرهم ، وذلك لاشتهار الحجر ، فلو كان ثمّة غريمٌ لظهر . وهذا بخلاف قسمة التّركة عند جميعهم ، فإنّ القاضي لا يقسم حتّى يكلّفهم بيّنةً تشهد بحصرهم . ظهور غريمٍ بعد القسمة : 53 - لو قسم الحاكم مال المفلّس بين غرمائه ، فظهر غريمٌ بعد ذلك بدينٍ سابقٍ على الحجر ، شارك كلّ واحدٍ معهم بالحصّة ، ولم تنقض القسمة . فإن أتلف أحدهم ما أخذه رجع عليه كذلك ، على ما نصّ عليه الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . ثمّ قال الشّافعيّة : فإن كان الآخذ معسراً جعل ما أخذه كالمعدوم ، وشارك من ظهر الآخرين . وقال المالكيّة : إن اقتسموا ، ولم يعلموا بالغريم الآخر ، يرجع على كلّ واحدٍ منهم بما ينوبه ، ولا يأخذ أحدٌ عن أحدٍ . وإن كانوا عالمين يرجع عليهم بحصّته ، ولكن يأخذ المليء عن المعدم ، والحاضر عن الغائب ، والحيّ عن الميّت ، أي في حدود ما قبضه كلٌّ منهم . وفي قولٍ عند الشّافعيّة : تنقض القسمة بكلّ حالٍ ، كما لو ظهر وارثٌ بعد قسمة التّركة . كيفيّة قسمة مال المفلّس بين غرمائه : 54 - أ - يبدأ من مال المفلّس بإعطاء أجرة من يصنع ما فيه مصلحةٌ للمال ، من منادٍ وسمسارٍ وحافظٍ وحمّالٍ وكيّالٍ ووزّانٍ ونحوهم ، تقدّم على ديون الغرماء . ذكر ذلك صاحب الإقناع من الحنابلة . وذكر الدّردير من المالكيّة تقديم ساقي الزّرع الّذي أفلس ربّه على المرتهن ، وقال : إذ لولاه لما انتفع بالزّرع . ب - ثمّ بمن له رهنٌ لازمٌ أي مقبوضٌ ، فيختصّ بثمنه إن كان قدر دينه ، لأنّ حقّه متعلّقٌ بعين الرّهن وذمّة الرّاهن . وما زاد من ثمن الرّهن ردّ على المال ، وما نقص ضرب به الغريم مع الغرماء . وأضاف المالكيّة : إنّ الصّانع أحقّ من الغرماء بما في يده إذا أفلس ربّ الشّيء المصنوع بعد تمام العمل حتّى يستوفي أجرته منه ، لأنّه وهو تحت يده كالرّهن ، حائزه أحقّ به في الفلس ، وإلاّ فليس أحقّ به إذا سلّمه لربّه قبل أن يفلّس ، أو أفلس ربّه قبل تمام العمل . قالوا : ومن استأجر دابّةً ونحوها كسفينةٍ ، وأفلس ، فربّها أحقّ بالمحمول عليها من أمتعة المكتري ، يأخذه في أجرة دابّته وإن لم يكن ربّها معها ، ما لم يقبض المحمول ربّه - وهو المكتري - قبض تسلّمٍ . وهذا بخلاف مكتري الحانوت ونحوه فلا يختصّ بما فيه . والفرق أنّ بحيازة الظّهر لما فيها من الحمل والنّقل أقوى من حيازة الحانوت والدّار . وقال المالكيّة أيضاً : وكذلك المكتري لدابّةٍ ونحوها أحقّ بها حتّى يستوفي من منافعها ما نقده من الكراء ، سواءٌ أكانت معيّنةً أو غير معيّنةٍ ، إلاّ أنّها إن كانت غير معيّنةٍ لم يكن أحقّ بها ما لم يقبضها قبل فلس المؤجّر . ج - ثمّ من وجد عين ماله أخذها بشروطها المتقدّمة . وكذا من له عينٌ مؤجّرةٌ استأجرها منه المفلّس ، فله أخذها وفسخ الإجارة على الخلاف والتّفصيل المتقدّم . د - ثمّ تقسم أموال المفلّس المتحصّلة بين غرمائه . وهذا إن كانت الدّيون كلّها من النّقد . وكذلك إن كانت كلّها عروضاً موافقةً لمال المفلّس في الجنس والصّفة ، فلا حاجة للتّقويم ، بل يتحاصّون بنسبة عرض كلٍّ منهم إلى مجموع الدّيون . فإن كانت الدّيون كلّها أو بعضها عروضاً وكان مال المفلّس نقداً ، قوّمت العروض بقيمتها يوم القسمة ، وحاصّ كلّ غريمٍ بقيمة عروضه ، يشترى له بها من جنس عروضه وصفتها . ويجوز مع التّراضي أخذٌ الثّمن إن خلا من مانعٍ ، كما لو كان دينه ذهباً ، ونابه في القسم فضّةٌ ، فلا يجوز له أخذ ما نابه ، لأنّه يؤدّي إلى الصّرف المؤخّر . وهذا التّفصيل منصوص المالكيّة . ولو أنّ المفلّس أو الحاكم قضى ديون بعضهم دون بعضٍ ، أو قضى بعضاً منهم أكثر ممّا تقتضيه التّسوية المذكورة شاركوه فيما أخذ بالنّسبة . ما يطالب به المفلّس بعد قسمة ماله : 55 - لا تسقط ديون الفلس الّتي لم يف ماله بها ، بل تبقى في ذمّته . ثمّ إن كان هناك أرضٌ أو عقارٌ موصًى له بنفعه أو موقوفٌ عليه ، يلزم بإجارته ، ويصرف بدل المنفعة إلى الدّيون ، ويؤجّر مرّةً بعد أخرى إلى أن تتمّ البراءة ، صرّح بذلك الشّافعيّة والحنابلة . أمّا تكليف المفلّس حينئذٍ بالتّكسّب ، بإيجار نفسه لسداد الدّيون الباقية ، فقد قسّم الشّافعيّة الدّيون إلى قسمين : الأوّل : ما كان المفلّس عاصياً بسببه ، كغاصبٍ ، وجانٍ متعمّدٍ ، فهذا يلزم بالتّكسّب ، ولو بإجارة نفسه ، ولو كان ذلك مزرياً به ، بل متى أطاقه لزمه ، قالوا : إذ لا نظر للمروآت في جنب الخروج من المعصية ، ولأنّ التّوبة من المعصية واجبةٌ ، وهي متوقّفةٌ في حقوق الآدميّين على الوفاء . الثّاني : ما لم يعص به من الدّيون ، فهذا لا يلزمه التّكسّب ولا إيجار نفسه . وأمّا المالكيّة فقد أطلقوا القول بأنّ المفلّس لا يلزم بالتّكسّب ولو كان قادراً عليه ، ولو كان قد شرط على نفسه ذلك في عقد الدّين . قالوا : لأنّ الدّين إنّما تعلّق بذمّته . وأمّا الحنابلة فقد أطلقوا القول بإجبار المفلّس المحترف على الكسب ، وإيجار نفسه فيما يليق به من الصّنائع ، واحتجّوا بأنّ المنافع تجري مجرى الأعيان في صحّة العقد عليها ، فأجبر على العقد عليها ، كما يباع ماله رغماً عنه . ثمّ قال المالكيّة والحنابلة : لا يجبر المفلّس على قبول التّبرّعات ، من هبةٍ أو وصيّةٍ أو عطيّةٍ أو صدقةٍ ، لئلاّ يلزم بتحمّل منّةٍ لا يرضاها ، ولا على اقتراضٍ . وكذا لا يجبر على خلع زوجته وإن بذلت ، لأنّ عليه في ذلك ضرراً ، ولا على أخذ ديةٍ عن قودٍ وجب له بجنايةٍ عليه أو على مورّثه ، لأنّ ذلك يفوّت المعنى الّذي لأجله شرع القصاص . ثمّ إن عفا باختياره على مالٍ ثبت وتعلّقت به حقوق الغرماء . وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يجبر على التّكسّب ، ولا يؤاجره القاضي ، لسداد ديونه من الأجرة . ما ينفكّ به الحجر عن المفلّس : 56 - عند الشّافعيّة - ومثلهم الحنابلة فيما لو بقي على المفلّس شيءٌ من الدّيون - لا ينفكّ الحجر عنه بقسمة ماله بين الغرماء ، قال الشّافعيّة : ولا ينفكّ الحجر أيضاً باتّفاق الغرماء على فكّه ، ولا بإبرائهم للمفلّس ، بل إنّما ينفكّ بفكّ القاضي ، لأنّه لا يثبت إلاّ بإثبات القاضي ، فلا ينفكّ إلاّ بفكّه ، ولأنّه يحتاج إلى نظرٍ واجتهادٍ ، ولاحتمال ظهور غريمٍ آخر . ولا ينتظر البراءة من كلّ الدّيون ، بل متى ثبت إعساره بالباقي يفكّ الحجر عليه كما لا يحجر على المعسر أصالةً . وقال القليوبيّ من الشّافعيّة : المعتمد يبقى محجوراً إلى تمام الأداء . وصرّح الحنابلة بأنّ الحجر ينفكّ عن المفلّس إن لم يبق عليه للغرماء شيءٌ ، دون حاجةٍ إلى فكّه من قبل الحاكم . قالوا : لأنّ المعنى الّذي حجر عليه لأجله قد زال . أمّا عند المالكيّة ، وهو وجهٌ آخر عند الحنابلة ذكره صاحب المغني : فإنّ حجر المفلّس ينفكّ بمجرّد قسمة الموجود من ماله . قال المالكيّة : ويحلف أنّه لم يكتم شيئاً ، فينفكّ حينئذٍ ولو بلا حكم حاكمٍ . ثمّ قد قال المالكيّة والحنابلة : وإذا انفكّ الحجر عن المفلّس ، ثمّ ثبت أنّ عنده مالاً غير ما قسم ، أو اكتسب بعد فكّ الحجر مالاً ، يعاد الحجر عليه بطلب الغرماء ، وتصرّفه حينئذٍ قبل الحجر صحيحٌ . ولا يعاد الحجر عليه بعد انفكاكه ما لم يثبت أو يتجدّد له مالٌ . ولم نجد تصريحاً بحكم هذه المسألة لدى الحنفيّة ، غير أنّهم قالوا في الحجر على السّفيه ( وهو المبذّر لماله ) : لا يرتفع الحجر عنه إلاّ بحكم القاضي عند أبي يوسف . ما يلزم المفلّس من الدّيون بعد فكّ الحجر : 57 - إذا انفكّ الحجر عن المفلّس بقسم ماله أو بفكّ القاضي الحجر عنه على التّفصيل المتقدّم ، وبقي عليه شيءٌ من الدّين ، فلزمته ديونٌ أخرى بعد فكّ الحجر عنه ، وتجدّد له مالٌ ، فحجر عليه مرّةً أخرى بطلب الغرماء ، قال الحنابلة : يشارك أصحاب الحجر الأوّل ببقيّة ديونهم أصحاب الحجر الثّاني بجميع ديونهم ، لأنّهم تساووا في ثبوت حقوقهم في ذمّته ، فتساووا في الاستحقاق . أمّا المالكيّة فقد فصلوا ، فقالوا : يشارك الأوّلون الآخرين فيما تجدّد بسببٍ مستقلٍّ ، كإرثٍ وصلةٍ وأرش جنايةٍ ووصيّةٍ ونحو ذلك ، ولا يشاركونهم في أثمان ما أخذه من الآخرين ، وفيما تجدّد عن ذلك إلاّ أن يفضل عن ديونهم فضلةٌ . ومذهب الشّافعيّة أنّه لو فكّ الحجر عن المفلّس ، وحدث له مالٌ بعده فلا تعلّق لأحدٍ به ، فيتصرّف فيه كيف شاء ، فلو ظهر له مالٌ - كان قبل الفكّ - تبيّن بقاء الحجر فيه ، سواءٌ حدث له بعد الفكّ مالٌ وغرماء أو لا ، والمال الّذي ظهر أنّه كان قبل فكّ الحجر للغرماء الأوّلين ، ويشاركون من حدث بعدهم فيما حدث بعد الفكّ ، ولا يشارك غريمٌ حادثٌ من قبله في مالٍ حدث قبله أو معه . أحكام من مات مفلّساً : 58 - من مات مفلّساً تجري بعض أحكام الإفلاس في حقّ ديونه ، ويمتنع جريان بعض أحكام الإفلاس الأخرى . ويرجع للتّفصيل إلى مصطلح ( تركةٌ ) . أحكامٌ أخرى يستتبعها التّفليس : 59 - إذا فلّس المدين استتبع تفليسه أحكاماً في بعض ما كان صدر منه من التّصرّفات ، كما في توكيله أو ضمانه أو غير ذلك . وينظر حكم كلّ شيءٍ من ذلك في بابه . أقارب * انظر : قرابةٌ إقالةٌ * التعريف : 1 - الإقالة في اللّغة : الرّفع والإزالة ، ومن ذلك قولهم : أقال اللّه عثرته إذا رفعه من سقوطه . ومنه الإقالة في البيع ، لأنّها رفع العقد . وهي في اصطلاح الفقهاء : رفع العقد ، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطّرفين . الألفاظ ذات الصّلة أ - البيع : 2 - تختلف الإقالة عن البيع في أمورٍ منها : أنّهم اختلفوا في الإقالة ، فقال بعضهم : إنّها فسخٌ ، وقال آخرون : هي بيعٌ ، وهناك أقوالٌ أخرى سيأتي تفصيلها . ومنها أنّ الإقالة يمكن أن يقع فيها الإيجاب بلفظ الاستقبال كقول أحدهما : أقلني ، بخلاف البيع فإنّه لا يقع إلاّ بلفظ الماضي ، لأنّ لفظة الاستقبال للمساومة حقيقةً ، والمساومة في البيع معتادةٌ ، فكانت اللّفظة محمولةً على حقيقتها ، فلم تقع إيجاباً ، بخلاف الإقالة ، لأنّ المساومة فيها ليست معتادةً ، فيحمل اللّفظ فيها على الإيجاب . ب - الفسخ : 3 - تختلف الإقالة عن الفسخ في أنّ الفسخ هو رفع جميع أحكام العقد وآثاره واعتباره كأن لم يكن بالنّسبة للمستقبل . وأمّا الإقالة فقد اعتبرها بعضهم فسخاً ، واعتبرها آخرون بيعاً . حكم الإقالة التّكليفيّ : 4 - الإقالة دائرةٌ بين النّدب والوجوب بحسب حالة العقد ، فإنّها تكون مندوباً إليها إذا ندم أحد الطّرفين ، لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه : « من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته » . وقد دلّ الحديث على مشروعيّة الإقالة ، وعلى أنّها مندوبٌ إليها ، لوعد المقيلين بالثّواب يوم القيامة . وأمّا كون المقال مسلماً فليس بشرطٍ ، وإنّما ذكره لكونه حكماً أغلبيّاً ، وإلاّ فثواب الإقالة ثابتٌ في إقالة غير المسلم ، وقد ورد بلفظ : « من أقال نادماً ... » . وتكون الإقالة واجبةً إذا كانت بعد عقدٍ مكروهٍ أو بيعٍ فاسدٍ ، لأنّه إذا وقع البيع فاسداً أو مكروهاً وجب على كلٍّ من المتعاقدين الرّجوع إلى ما كان له من رأس المال صوناً لهما عن المحظور ، لأنّ رفع المعصية واجبٌ بقدر الإمكان ، ويكون ذلك بالإقالة أو بالفسخ . كما ينبغي أن تكون الإقالة واجبةً إذا كان البائع غارّاً للمشتري وكان الغبن يسيراً ، وإنّما قيّد الغبن باليسير هنا ، لأنّ الغبن الفاحش يوجب الرّدّ إن غرّه البائع على الصّحيح . ركن الإقالة : 5 - ركن الإقالة الإيجاب والقبول الدّالاّن عليها . فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر بلفظٍ يدلّ عليه فقد تمّ الرّكن ، وهي تتوقّف على القبول في المجلس ، نصّاً بالقول أو دلالةً بالفعل . ويأتي القبول من الآخر بعد الإيجاب ، أو تقدّم السّؤال ، أو قبض الآخر ما هو له في مجلس الإقالة أو مجلس علمها ، لأنّ مجلس العلم في حقّ الغائب كمجلس اللّفظ في الحاضر ، فلا يصحّ من الحاضر في غير مجلسها . الألفاظ الّتي تنعقد بها الإقالة : 6 - لا خلاف في أنّ الإقالة تنعقد صحيحةً بلفظ الإقالة أو ما يدلّ عليها ، كما لا خلاف في أنّها تنعقد بلفظين يعبّر بهما عن الماضي . ولكنّ الخلاف في صيغة اللّفظ الّذي تنعقد به إذا كان أحدهما ماضياً والآخر مستقبلاً . فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنّها تصحّ بلفظين أحدهما مستقبلٌ والآخر ماضٍ ، كما لو قال : أقلني : فقال ، أقلتك ، أو قال له : جئتك لتقيلني ، فقال : أقلتك ، فهي تنعقد عندهما بهذين اللّفظين كما ينعقد النّكاح . ومع أنّ الإقالة بيعٌ عند أبي يوسف ، فإنّه لم يعط الإقالة حكمه ، لأنّ المساومة لا تجري في الإقالة ، فحمل اللّفظ على التّحقيق بخلاف البيع . وأمّا محمّدٌ فهو يقول : إنّها لا تنعقد إلاّ بلفظين يعبّر بهما عن الماضي ، لأنّها كالبيع فأعطيت بسبب الشّبه حكم البيع ، وذلك بأن يقول أحدهما : أقلت ، والآخر : قبلت ، أو رضيت ، أو هويت ، أو نحو ذلك . وتنعقد بفاسختك وتاركت ، كما تصحّ بلفظ " المصالحة " وتصحّ بلفظ " البيع " وما يدلّ على المعاطاة ، لأنّ المقصود المعنى ، وكلّ ما يتوصّل إليه أجزأ . خلافاً للقاضي من الحنابلة في أنّ ما يصلح للعقد لا يصلح للحلّ ، وما يصلح للحلّ لا يصلح للعقد . وتنعقد الإقالة بالتّعاطي كالبيع ، كما لو قال له : أقلتك فردّ إليه الثّمن ، وتصحّ بالكتابة والإشارة من الأخرس . شروط الإقالة : 7 - يشترط لصحّة الإقالة ما يلي : أ - رضى المتقايلين : لأنّها رفع عقدٍ لازمٍ ، فلا بدّ من رضى الطّرفين . ب - اتّحاد المجلس : لأنّ معنى البيع موجودٌ فيها ، فيشترط لها المجلس ، كما يشترط للبيع . ج - أن يكون التّصرّف قابلاً للنّسخ كالبيع والإجارة ، فإن كان التّصرّف لا يقبل الفسخ كالنّكاح والطّلاق فلا تصحّ الإقالة . د - بقاء المحلّ وقت الإقالة ، فإن كان هالكاً وقت الإقالة لم تصحّ ، فأمّا قيام الثّمن وقت الإقالة فليس بشرطٍ . هـ - تقابض بدلي الصّرف في إقالة الصّرف ، وهذا على قول من يقول : إنّها بيعٌ ، لأنّ قبض البدلين إنّما وجب حقّاً للّه تعالى ، وهذا الحقّ لا يسقط بإسقاط العبد . و - ألاّ يكون البيع بأكثر من ثمن المثل في بيع الوصيّ ، فإن كان لم تصحّ إقالته . حقيقتها الشّرعيّة : 8 - للفقهاء في تكييف الإقالة اتّجاهاتٌ : الأوّل : أنّها فسخٌ ينحلّ به العقد في حقّ العاقدين وغيرهما ، وهو قول الشّافعيّة والحنابلة ومحمّد بن الحسن . وجه هذا القول أنّ الإقالة في اللّغة عبارةٌ عن الرّفع ، يقال في الدّعاء : « اللّهمّ أقلني عثراتي »، أي ارفعها ، والأصل أنّ معنى التّصرّف شرعاً ما ينبئ عنه اللّفظ لغةً ، ورفع العقد فسخه ، ولأنّ البيع والإقالة اختلفا اسماً ، فتخالفا حكماً ، فإذا كانت رفعاً لا تكون بيعاً ، لأنّ البيع إثباتٌ والرّفع نفيٌ ، وبينهما تنافٍ ، فكانت الإقالة على هذا التّقدير فسخاً محضاً ، فتظهر في حقّ كافّة النّاس . الثّاني : أنّها بيعٌ في حقّ العاقدين وغيرهما ، إلاّ إذا تعذّر جعلها بيعاً فإنّها تكون فسخاً ، وهذا قول أبي يوسف والإمام مالكٍ . ومن أمثلة ذلك أن تقع الإقالة في الطّعام قبل قبضه . وجه هذا القول أنّ معنى البيع هو مبادلة المال بالمال ، وهو أخذ بدلٍ وإعطاء بدلٍ ، وقد وجد ، فكانت الإقالة بيعاً لوجود معنى البيع فيها ، والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني . الثّالث : أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقّ غيرهما ، وهو قول أبي حنيفة . وجه هذا القول أنّ الإقالة تنبئ عن الفسخ والإزالة ، فلا تحتمل معنًى آخر نفياً للاشتراك ، والأصل العمل بحقيقة اللّفظ ، وإنّما جعل بيعاً في حقّ غير العاقدين ، لأنّ فيها نقل ملكٍ بإيجابٍ وقبولٍ بعوضٍ ماليٍّ ، فجعلت بيعاً في حقّ غير العاقدين محافظةً على حقّه من الإسقاط ، إذ لا يملك العاقدان إسقاط حقّ غيرهما . آثار اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة : يترتّب على اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة آثارٌ في التّطبيق في أحوالٍ كثيرةٍ منها ما يلي : أوّلاً - الإقالة بأقلّ أو أكثر من الثّمن : 9 - إذا تقايل المتبايعان ولم يسمّيا الثّمن الأوّل ، أو سمّيا زيادةً على الثّمن الأوّل ، أو سمّيا جنساً آخر سوى الجنس الأوّل ، قلّ أو كثر ، أو أجّلا الثّمن الأوّل ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، وتسمية الزّيادة والأجل والجنس الآخر باطلةٌ على القول بأنّ الإقالة فسخٌ ، سواءٌ أكانت الإقالة قبل القبض أو بعده ، وسواءٌ أكان المبيع منقولاً أم غير منقولٍ ، لأنّ الفسخ رفع العقد الأوّل ، والعقد وقع بالثّمن الأوّل ، فيكون فسخه بالثّمن الأوّل ، وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وما بعده ، وبين المنقول وغير المنقول ، وتبطل تسمية الزّيادة والنّقصان والجنس الآخر والأجل ، وتبقى الإقالة صحيحةً ، لأنّ تسمية هذه الأشياء لا تؤثّر في الإقالة ، ولأنّ الإقالة رفع ما كان لا رفع ما لم يكن ، حيث إنّ رفع ما لم يكن ثابتاً محالٌ . وتكون الإقالة أيضاً بمثل الثّمن الأوّل المسمّى ، لا بما يدفع بدلاً عنه ، حتّى لو كان عشرة دنانير فدفع إليه دراهم عوضاً عنها ، ثمّ تقايلا - وقد رخّصت الدّنانير - رجع بالدّنانير لا بما دفع ، لأنّه لمّا اعتبرت الإقالة فسخاً ، والفسخ يردّ على عين ما يردّ عليه العقد ، كان اشتراط خلاف الثّمن الأوّل باطلاً . ثانياً - الشّفعة فيما يردّ بالإقالة : 10 - يقتضي القياس ألاّ يكون للشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة إذا اعتبرت هذه الإقالة فسخاً مطلقاً ، وهذا قياسٌ على أصل محمّدٍ وزفر من الحنفيّة ، لأنّ الإقالة عند محمّدٍ فسخٌ ، إلاّ إذا لم يمكن جعلها فسخاً فتجعل بيعاً . وعن زفر : هي فسخٌ في حقّ النّاس كافّةً . أمّا سائر الحنفيّة ، وكذلك بقيّة المذاهب الأخرى ، فإنّها تعطي الشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة . فعلى اعتبار أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقٍّ ثالثٍ ، كما هو عند أبي حنيفة ، أو على اعتبار أنّها بيعٌ في حقّهما ، كما هو عند أبي يوسف ، فإنّ الشّفيع يأخذ بالشّفعة بعد تقايل البيع بين البائع والمشتري ، فمن اشترى داراً ولها شفيعٌ ، فسلّم الشّفعة ، ثمّ تقايلا البيع ، أو اشتراها ولم يكن بجنبها دارٌ ، ثمّ بنيت بجنبها دارٌ ، ثمّ تقايلا البيع ، فإنّ الشّفيع يأخذها بالشّفعة . وعلى أصل أبي حنيفة تكون الإقالة بيعاً في حقّ غير العاقدين ، والشّفيع غيرهما ، فتكون بيعاً في حقّه فيستحقّ . وعلى أصل أبي يوسف تعدّ الإقالة بيعاً جديداً في حقّ الكلّ ، ولا مانع من جعلها بيعاً في حقّ الشّفيع ، ولهذا الشّفيع الأخذ بالشّفعة ، إن شاء بالبيع الأوّل ، وإن شاء بالبيع الحاصل بالإقالة ، أو بمعنًى آخر من أيّهما شاء : من المشتري لأجل الشّراء ، أو من البائع لشرائه من المشتري بالإقالة ، حيث تكون الإقالة بيعاً من المشتري للبائع ، وحيث تكون فسخ بيعٍ فتؤخذ من المشتري فقط ، ولا يتمّ فسخه إلاّ إن رضي الشّفيع لأنّ الشّراء له . إقالة الوكيل : 11 - من ملك البيع ملك الإقالة ، فصحّت إقالة الموكّل بيع وكيله ، وتصحّ إقالة الوكيل بالبيع إذا تمّت قبل قبض الثّمن . فإن أقال بعد قبضه يضمن الثّمن للموكّل ، إذ تعتبر الإقالة من الوكيل حينئذٍ شراءً لنفسه . وبإقالة الوكيل بالبيع يسقط الثّمن عن المشتري عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، ويلزم المبيع الوكيل . وعند أبي يوسف لا يسقط الثّمن عن المشتري أصلاً . وتجوز الإقالة من الوكيل بالسّلم في قول أبي حنيفة ومحمّدٍ كالإبراء ، خلافاً لأبي يوسف . والمراد بإقالة الوكيل بالسّلم : الوكيل بشراء السّلم ، بخلاف الوكيل بشراء العين . وإقالة الوكيل بالشّراء لا تجوز بإجماع الحنفيّة بخلاف الوكيل بالبيع ، وعند مالكٍ لا تجوز إقالة الوكيل بالبيع مطلقاً . واتّفق الشّافعيّة والحنابلة على صحّة التّوكيل في حقّ كلّ آدميٍّ من العقود والفسوخ . وعلى هذا فيصحّ التّوكيل بالإقالة عندهم ابتداءً ، سواءٌ أقلنا : إنّ الإقالة فسخٌ على المذهب عندهم جميعاً أم بيعٌ . هذا ، ولم يذكر الشّافعيّة والحنابلة من له حقّ الإقالة من غير المتعاقدين سوى الورثة على الصّحيح من المذهبين . أمّا حكم الإقالة الصّادرة من الوكيل بالبيع والوكيل بالشّراء فلم يتطرّقوا له . والمتولّي على الوقف إذا اشترى شيئاً بأقلّ من قيمته فإنّ إقالته لا تصحّ . محلّ الإقالة : 12 - محلّ الإقالة العقود اللاّزمة في حقّ الطّرفين ممّا يقبل الفسخ بالخيار ، لأنّ هذه العقود لا يمكن فسخها إلاّ باتّفاق الطّرفين المتعاقدين ، وعلى ذلك فإنّ الإقالة تصحّ في العقود الآتية : البيع - المضاربة - الشّركة - الإجارة - الرّهن ( بالنّسبة للرّاهن فهي موقوفةٌ على إجازة المرتهن أو قضاء الرّاهن دينه ) - السّلم - الصّلح . وأمّا العقود الّتي لا تصحّ فيها الإقالة فهي العقود غير اللاّزمة ، كالإعارة والوصيّة والجعالة ، أو العقود اللاّزمة الّتي لا تقبل الفسخ بالخيار ، مثل الوقف والنّكاح حيث لا يجوز فسخ أحدهما بالخيار . أثر الشّروط الفاسدة في الإقالة : 13 - إذا اعتبرنا الإقالة فسخاً ، فإنّها لا تبطل بالشّروط الفاسدة ، بل تكون هذه الشّروط لغواً ، وتصحّ الإقالة . ففي الإقالة في البيع ، إذا شرط أكثر ممّا دفع ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، لمتعذّر الفسخ على الزّيادة ، وتبطل الشّرط ، لأنّه يشبه الرّبا ، وفيه نفعٌ لأحد المتعاقدين مستحقٌّ بعقد المعاوضة خالٍ عن العوض . وكذا إذا شرط أقلّ من الثّمن الأوّل ، لتعذّر الفسخ على الأقلّ ، لأنّ فسخ العقد عبارةٌ عن رفعه على الوصف الّذي كان قبله ، والفسخ على الأقلّ ليس كذلك ، لأنّ فيه رفع ما لم يكن ثابتاً وهو محالٌ . والنّقصان لم يكن ثابتاً فرفعه يكون محالاً ، إلاّ أن يحدث في المبيع عيبٌ فتجوز الإقالة بالأقلّ ، لأنّ الحطّ يجعل بإزاء ما فات من العيب . وهذا على قياس قول أبي حنيفة ومحمّدٍ وغيرهما ممّن يرون الإقالة فسخاً ، وأمّا على قياس قول من قال : إنّ الإقالة بيعٌ ، فإنّها تبطل بالشّروط الفاسدة ، لأنّ البيع يبطل بالشّروط الفاسدة ، فإذا زاد كان قاصداً بهذا ابتداء البيع ، وإذا شرط الأقلّ فكذلك . الإقالة في الصّرف : 14 - الإقالة في الصّرف كالإقالة في البيع ، أي يشترط فيها التّقابض من الجانبين قبل الافتراق كما في ابتداء عقد الصّرف . فلو تقايلا الصّرف ، وتقابضا قبل الافتراق ، مضت الإقالة على الصّحّة . وإن افترقا قبل التّقابض بطلت الإقالة ، سواءٌ اعتبرت بيعاً أم فسخاً . فعلى اعتبارها بيعاً كانت المصارفة مبتدأةً ، فلا بدّ من التّقابض يداً بيدٍ ، ما دامت الإقالة بيعاً مستقلاًّ يحلّها ما يحلّ البيوع ، ويحرّمها ما يحرّم البيوع ، فلا تصلح الإقالة إذ حصل الافتراق قبل القبض .وعلى اعتبارها فسخاً في حقّ المتعاقدين ، فهي بيعٌ جديدٌ في حقٍّ ثالثٍ ، واستحقاق القبض حقٌّ للشّرع ، وهو هنا ثالثٌ ، فيعتبر بيعاً جديداً في حقّ هذا الحكم فيشترط فيه التّقابض . وهلاك البدلين في الصّرف لا يعدّ مانعاً من الإقالة ، لأنّه في الصّرف لا يلزمه ردّ المقبوض بعد الإقالة ، بل ردّه أو ردّ مثله ، فلم تتعلّق الإقالة بعينهما ، فلا تبطل بهلاكهما . إقالة الإقالة : 15 - إقالة الإقالة إلغاءٌ لها والعودة إلى أصل العقد ، وهي تصحّ في أحوالٍ معيّنةٍ ، فلو تقايلا البيع ، ثمّ تقايلا الإقالة ، ارتفعت الإقالة وعاد البيع . وقد استثنى العلماء من إقالة الإقالة إقالة المسلم قبل قبض المسلم فيه ، فإنّها لا تصحّ ، لأنّ المسلم فيه دينٌ وقد سقط بالإقالة الأولى ، فلو انفسخت لعاد المسلم فيه الّذي سقط ، والسّاقط لا يعود . ما يبطل الإقالة : 16 - من الأحوال الّتي تبطل فيها الإقالة بعد وجودها ما يأتي : أ - هلاك المبيع : فلو هلك المبيع بعد الإقالة وقبل التّسليم بطلت ، لأنّ من شرطها بقاء المبيع ، لأنّها رفع العقد وهو محلّه ، بخلاف هلاك الثّمن فإنّه لا يمنع الإقالة لكونه ليس بمحلّ العقد ، ولذا بطل البيع بهلاك البيع قبل القبض دون الثّمن . وهذا إذا لم يكن الثّمن قيميّاً ، فإن كان قيميّاً فهلك بطلت الإقالة . ولكن لا يردّ على اشترط قيام المبيع لصحّة الإقالة إقالة السّلم قبل قبض المسلم فيه ، لأنّها صحيحةٌ سواءٌ أكان رأس المال عيناً أم ديناً ، وسواءٌ أكان قائماً في يد المسلم إليه أم هالكاً . لأنّ المسلم فيه وإن كان ديناً حقيقةً فله حكم العين حتّى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه . ب - تغيّر المبيع : كأن زاد المبيع زيادةً منفصلةً متولّدةً ، كما لو ولدت الدّابّة بعد الإقالة ، فإنّها تبطل بذلك ، وكذلك الزّيادة المتّصلة غير المتولّدة كصبغ الثّوب . وعند المالكيّة تبطل الإقالة بتغيّر ذات المبيع مهما كان . كتغيّر الدّابّة بالسّمن والهزال ، بخلاف الحنابلة . اختلاف المتقايلين : 17 - قد يقع الاختلاف بين المتقايلين على صحّة البيع ، أو على كيفيّته ، أو على الثّمن ، أو على الإقالة من أساسها . فإنّهما إذا اتّفقا على صحّة البيع ، ثمّ اختلفا في كيفيّته تحالفا ، فيحلف كلٌّ على نفي قول صاحبه وإثبات قوله . ويستثنى من التّحالف ما لو تقايلا العقد ثمّ اختلفا في قدر الثّمن فلا تحالف ، بل القول قول البائع لأنّه غارمٌ . ولو اختلف البائع والمشتري ، فقال المشتري : بعته من البائع بأقلّ من الثّمن الأوّل قبل نقده وفسد البيع بذلك ، وقال البائع : بل تقايلناه ، فالقول للمشتري مع يمينه في إنكاره الإقالة . فإن كان البائع هو الّذي يدّعي أنّه اشتراه من المشتري بأقلّ ممّا باعه ، والمشتري يدّعي الإقالة يحلف كلٌّ على دعوى صاحبه . نهاية الجزء الخامس/ الموسوعة الفقهية [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية