الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40954" data-attributes="member: 329"><p>د - أفعال لا يحلّ للمكره الإقدام عليها بحالٍ من الأحوال ، كقتل النّفس بغير حقٍّ ، أو قطع عضوٍ من أعضائها ، أو الضّرب الّذي يؤدّي إلى الهلاك ، فهذه الأفعال لا يجوز للمكره الإقدام عليها ، ولو كان في امتناعه عنها ضياع نفسه ، لأنّ نفس الغير معصومة كنفس المكره ، ولا يجوز للإنسان أن يدفع الضّرر عن نفسه بإيقاعه على غيره ، فإن فعل كان آثماً ، ووجب عقاب الحامل له على هذا الفعل باتّفاق علماء المذهب ، والخلاف بينهم إنّما هو في نوع هذا العقاب .</p><p> فأبو حنيفة ومحمّد يقولان : إنّه القصاص ، لأنّ القتل يمكن أن ينسب إلى الحامل بجعل الفاعل آلةً له ، والقصاص إنّما يكون على القاتل لا على آلة القتل .</p><p> وأبو يوسف يقول : إنّه الدّية ، لأنّ القصاص لا يثبت إلاّ بالجناية الكاملة ، ولم توجد الجناية الكاملة بالنّسبة لكلٍّ من الحامل والمكره .</p><p> وهذا القتل يقوم مانعاً من الإرث بالنّسبة للمكرِه ( بالكسر ) إذا كان المكرَه ( بالفتح ) مكلّفاً . أمّا إذا كان غير مكلّفٍ كالصّبيّ أو المجنون فلا يكون مانعاً . وهذا عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، أمّا أبو يوسف فلا يحرم ولو كان المكره مكلّفاً . أمّا بالنّسبة للمكرَه ( بالفتح ) فلا يحرم باتّفاق الحنفيّة . وإنّما يجب القصاص عند أبي حنيفة ومحمّدٍ على المكره إذا كان المطلوب قتله شخصاً ثالثاً غير المكره ولا المكره ، فإن كان المطلوب قتله هو المكرِه كأن قال للّذي قتله : اقتلني وإلاّ قتلتك ، فقتله ، فلا قصاص على القاتل ، وتجب الدّية لوجود الشّبهة ، ولأنّ الدّية تثبت للوارث ابتداءً لا ميراثاً عن المقتول .</p><p> وأمّا إن كان المطلوب قتله هو المكرَه ، فإنّه لا يكون ثمّ إكراه ، لأنّ المهدّد به لا يزيد على القتل ، فلا يتحقّق الإكراه ولا شيء من آثاره ، فلا قصاص ولا دية في هذا القتل ، إلاّ إذا كان التّهديد بقتلٍ أشنع كما لو قال له : لتلقينّ نفسك في النّار أو لأقتلنك ، فعند أبي حنيفة يختار ما هو الأهون في ظنّه ، وعند الصّاحبين : يصبر ولا يقتل نفسه ، لأنّ مباشرة الفعل سعي في إهلاك نفسه فيصبر تحامياً عنه . ثمّ إذا ألقى نفسه في النّار فاحترق فعلى المكره القصاص باتّفاقهم ، كما في الزّيلعيّ .</p><p> ونقل صاحب مجمع الأنهر أنّ القصاص إنّما هو عند أبي حنيفة خلافاً للصّاحبين .</p><p> ومن هذا النّوع أيضاً : الزّنى ، فإنّه لا يرخّص فيه مع الإكراه ، كما لا يرخّص فيه حالة الاختيار ، لأنّ حرمة الزّنى لا ترتفع بحالٍ من الأحوال ، فإذا فعله إنسان تحت تأثير الإكراه كان آثماً ، ولكن لا يجب عليه الحدّ ، لأنّ الإكراه يعتبر شبهةً ، والحدود تدرأ بالشّبهات . وقد أورد البابرتيّ من الحنفيّة ضابطاً لأثر الإكراه نصّه : الإكراه الملجئ معتبر شرعاً سواء ، أكان على القول أم الفعل . والإكراه غير الملجئ إن كان على فعلٍ فليس بمعتبرٍ ، ويجعل كأنّ المكره فعل ذلك الفعل بغير إكراهٍ . وإن كان على قولٍ ، فإن كان قولاً يستوي فيه الجدّ والهزل فكذلك ، وإلاّ فهو معتبر . </p><p>أثر الإكراه عند المالكيّة :</p><p>22 - يختلف أثر الإكراه عندهم باختلاف المكره عليه :</p><p>أ - فإن كان المكره عليه عقداً أو حلّاً أو إقراراً أو يميناً لم يلزم المكره شيء ، ويكون الإكراه في ذلك بالتّخويف بقتلٍ أو ضربٍ مؤلمٍ أو سجنٍ أو قيدٍ أو صفعٍ لذي مروءةٍ على ملأٍ من النّاس . وإن أجاز المكرَه ( بالفتح ) شيئاً ممّا أكره عليه - غير النّكاح - طائعاً بعد زوال الإكراه لزم على الأحسن ، وأمّا النّكاح فلا تصحّ إجازته .</p><p>ب - وإن كان الإكراه على الكفر بأيّ صورةٍ من صوره ، أو قذف المسلم بالزّنى ، أو الزّنى بامرأةٍ طائعةٍ خليّةٍ ( غير متزوّجةٍ ) ، فلا يحلّ له الإقدام على شيءٍ من هذه الأشياء إلاّ في حالة التّهديد بالقتل ، لا فيما دونه من قطعٍ أو سجنٍ ونحوه ، فإن فعل ذلك اعتبر مرتدّاً ، ويحدّ في قذف المسلم ، وفي الزّنى .</p><p>ج - وإن كان الإكراه على قتل مسلمٍ ، أو قطع عضوٍ منه ، أو على زنًى بمكرهةٍ ، أو بامرأةٍ لها زوج ، فلا يجوز الإقدام على شيءٍ من ذلك ولو أكره بالقتل . فإن قتل يقتصّ منه ، ويعتبر القتل هنا مانعاً للقاتل من ميراث المقتول ، لأنّه شريك في الفعل ، وكذلك المكرِه ( بالكسر ) يقتصّ منه أيضاً ويمنع من الميراث . وإنّما يجب القصاص عندهم على المكره والمكره ، إذا كان المطلوب قتله شخصاً ثالثاً غيرهما .</p><p> فإن كان المطلوب قتله هو المكرِه ( بالكسر ) كما لو قال للّذي قتله : اقتلني وإلاّ قتلتك فقتله ، فلا قصاص عندهم وتجب الدّية ، لمكان الشّبهة من ناحيةٍ ، وبناءً على أنّ الدّية تثبت للوارث ابتداءً لا ميراثاً . وأمّا إن كان المطلوب قتله هو المكرَه ( بالفتح ) ، فالأصل أنّه لا يتحقّق الإكراه في هذه الحالة ، ولا قصاص فيه ولا دية ، إلاّ إذا كان التّهديد بقتلٍ أشنع ، كالإحراق بالنّار وبتر الأعضاء حتّى الموت ، فإنّ المكرَه ( بالفتح ) يختار أهون الميتتين ، جزم به اللّقانيّ . وإن زنى يحدّ .</p><p>د - وأمّا لو أكره على فعل معصيةٍ - غير الكفر - لا حقّ فيها لمخلوقٍ كشرب خمرٍ وأكله ميتةً ، أو إبطال عبادةٍ كصلاةٍ وصومٍ ، أو على تركها فيتحقّق الإكراه بأيّة وسيلةٍ من قتلٍ أو غيره . ويترتّب عليه في الصّوم القضاء دون الكفّارة . وفي الصّلاة يكون الإكراه بمنزلة المرض المسقط لبعض أركانها ، ولا يسقط وجوبها . وفي شرب الخمر لا يقام الحدّ . وألحق سحنون بهذا النّوع الزّنى بامرأةٍ طائعةٍ لا زوج لها ، خلافاً للمذهب .</p><p> ويضيف المالكيّة أنّ القطع في السّرقة يسقط بالإكراه مطلقاً ، ولو كان بضربٍ أو سجنٍ لأنّه شبهة تدرأ الحدّ . </p><p>أثر الإكراه عند الشّافعيّة :</p><p>23 - يختلف أثر الإكراه عندهم باختلاف المكره عليه .</p><p>أ - الإكراه بالقول : إذا كان المكره عليه عقداً أو حلّاً أو أيّ تصرّفٍ قوليٍّ أو فعليٍّ ، فإنّه لا يصحّ عملاً بعموم الحديث الصّحيح : « رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » إذ المقصود ليس رفع ما وقع لمكان الاستحالة ، وإنّما رفع حكمه ، ما لم يدلّ دليل على خلاف ذلك ، فيخصّص هذا العموم في موضع دلالته . وبمقتضى أدلّة التّخصيص يقرّر الشّافعيّة أنّه لا أثر لقول المكرَه ( بالفتح ) إلاّ في الصّلاة فتبطل به وعلى هذا فيباح للمكرَه ( بالفتح ) التّلفّظ بكلمة الكفر ، ولا يجب ، بل الأفضل الامتناع مصابرةً على الدّين واقتداءً بالسّلف .</p><p>وفي طلاق زوجة المكرِه ( بالكسر ) أو بيع ماله ونحوهما من كلّ ما يعتبر الإكراه فيه إذناً أبلغ . والإكراه في شهادة الزّور الّتي تفضي إلى القتل أو الزّنى ، وفي الإكراه بالحكم الباطل الّذي يفضي إلى القتل أو الزّنى ، فلا يرتفع الإثم عن شاهد الزّور ، ولا عن الحاكم الباطل ، وحكمهما في هذه الحالة من حيث الضّمان حكم المكرِه ( بالكسر )</p><p>ب - الإكراه بالفعل : لا أثر للإكراه بالفعل عند الشّافعيّة إلاّ فيما يأتي :</p><p>-1 -الفعل المضمّن كالقتل أو إتلاف المال أو الغصب ، فعلى المكرَه ( بالفتح ) القصاص أو الضّمان ، وقرار الضّمان على المكرِه ( بالكسر ) ، وإن قيل : لا رجوع له على المكرِه ( بالكسر ) بما غرم في إتلاف المال ، لأنّه افتدى بالإتلاف نفسه عن الضّرر . قال القليوبيّ في مسألة القتل : فيقتل هو المكرَه ( بالفتح ) ومن أكرهه .</p><p>-2- الزّنى وما إليه : يأثم المكرَه ( بالفتح ) بالزّنى ، ويسقط الحدّ للشّبهة ، ويترتّب على وطء الشّبهة حكمه .</p><p>-3 - الرّضاع : فيترتّب عليه التّحريم المؤبّد في المناكحات وما ألحق بها .</p><p>-4- كلّ فعلٍ يترتّب عليه بطلان الصّلاة ، كالتّحوّل عن القبلة ، والعمل الكثير ، وترك قيام القادر في الفريضة ، والحدث ، فتبطل الصّلاة بما تقدّم برغم الإكراه عليه .</p><p>-5- ذبح الحيوان : تحلّ ذبيحة المكرَه ( بالفتح ) الّذي تحلّ ذبيحته ، كالمسلم والكتابيّ ولو كان المكرِه ( بالكسر ) مجوسيّاً ، أو محرّماً والمذبوح صيد .</p><p>قال السّيوطيّ : وقد رأيت الإكراه يساوي النّسيان ، فإنّ المواضع المذكورة ، إمّا من باب ترك المأمور ، فلا يسقط تداركه ، ولا يحصل الثّواب المرتّب عليه ، وإمّا من باب الإتلاف ، فيسقط الحكم المرتّب عليه ، وتسقط العقوبة المتعلّقة به ، إلاّ القتل على الأظهر .</p><p>أثر الإكراه عند الحنابلة :</p><p>24 - يختلف أثر الإكراه عند الحنابلة باختلاف المكره عليه :</p><p>أ - فالتّصرّفات القوليّة تقع باطلةً مع الإكراه إلاّ النّكاح ، فإنّه يكون صحيحاً مع الإكراه ، قياساً للمكره على الهازل . وإنّما لم يقع الطّلاق مع الإكراه للحديث الشّريف </p><p>« لا طلاق في إغلاقٍ » ، والإكراه من الإغلاق .</p><p>ب - ومن أكره على الكفر لا يعتبر مرتدّاً ، ومتى زال عنه الإكراه أمر بإظهار إسلامه ، والأفضل لمن أكره على الكفر أن يصبر وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذّمّيّ والمستأمن ، فأسلم لم يثبت له حكم الإسلام ، حتّى يوجد منه ما يدلّ على إسلامه طوعاً .</p><p> أمّا من يجوز إكراهه على الإسلام كالمرتدّ ، فإنّه إذا أكره فأسلم حكم بإسلامه ظاهراً .</p><p>ج - والإكراه يسقط الحدود عن المكره ، لأنّه شبهة ، والحدود تدرأ بالشّبهات .</p><p>د - وإذا أكره رجل آخر على قتل شخصٍ فقتله ، وجب القصاص على المكره والمكره جميعاً ، وإن صار الأمر إلى الدّية وجبت عليهما ، وإن أحبّ وليّ المقتول قتل أحدهما ، وأخذ نصف الدّية من الآخر أو العفو فله ذلك . ويعتبر القتل هنا مانعاً من الميراث بالنّسبة للمكره والمكره . والقصاص عندهم لا يجب على المكره والمكره ، إلاّ إذا كان المطلوب قتله شخصاً ثالثاً غيرهما . فإن كان المطلوب قتله هو المكرِه ( بالكسر ) فإنّه يكون هدراً ، ولا قصاص ولا دية في المختار عندهم . وأمّا إن كان المطلوب قتله هو المكرَه ( بالفتح ) ، فلا يتحقّق الإكراه في هذه الحالة ، ولا دية ولا قصاص عند بعضهم . إلاّ إذا كان التّهديد بقتلٍ أشنع فعليه أن يختار أهون الميتتين في إحدى الرّوايتين .</p><p>أثر إكراه الصّبيّ على قتل غيره :</p><p>25 - إذا كان المكره على القتل صبيّاً ، فإنّه يعتبر آلةً في يد المكره عند الحنفيّة ، فلا قصاص ولا دية ، وإنّما القصاص على المكرِه ( بالكسر ) .</p><p> وذهب المالكيّة إلى وجوب القصاص على المكره ( بالكسر ) ونصف الدّية على عاقلة الصّبيّ . وذهب الشّافعيّة إلى التّفرقة بين الصّبيّ المميّز ، وغير المميّز .</p><p> فإن كان غير مميّزٍ ، اعتبر آلةً عندهم ، ولا شيء عليه ، ويجب القصاص على المكره . وإن كان مميّزاً ، فيجب نصف الدّية على عاقلته ، والقصاص على المكرِه ( بالكسر ) . وذهب الحنابلة إلى أنّ الصّبيّ غير المميّز إذا أكره على قتل غيره فلا قصاص عليه ، والقصاص على المكرِه ( بالكسر ) . وفي قولٍ : لا يجب القصاص لا عليه وعلى من أكرهه ، لأنّ عمد الصّبيّ خطأ ، والمكرِه ( بالكسر ) شريك المخطئ ، ولا قصاص على شريك مخطئٍ . أمّا إذا كان الصّبيّ مميّزاً فلا يجب القصاص على المكرِه ( بالكسر ) ولا يجب على الصّبيّ المميّز . </p><p></p><p>إكسال *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الإكسال لغةً : مصدر أكسل ، وأكسل المجامع : خالط المرأة ولم ينزل ، أو عزل ولم يرد ولداً .</p><p> وعند الفقهاء : أن يجامع الرّجل ثمّ يفتر ذكره بعد الإيلاج ، فلا ينزل .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الاعتراض :</p><p>2 - الاعتراض هو : عدم انتشار الذّكر للجماع . وقد يكون الاعتراض قبل الإيلاج أو بعده . فالاعتراض ليس من الإكسال .</p><p>ب - العنّة :</p><p>3 - العنّة : عجز الرّجل عن إتيان النّساء ، وقد يكون عنّيناً عن امرأةٍ دون أخرى .</p><p> والفرق بين العنّة والإكسال واضح . </p><p>الحكم الإجماليّ ومواطن البحث :</p><p>4 - لا يغيّر الإكسال الأحكام المتعلّقة بالجماع ، ولا يختلف الجماع مع الإنزال عنه بدونه ، إلاّ ما حكي عن جماعةٍ من الصّحابة رضي الله عنهم ، كانوا يقولون : لا غسل على من جامع فأكسل يعني لم ينزل . ورووا في ذلك أحاديث عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم .</p><p> أمّا بقيّة الفقهاء فإنّه يجب الغسل عندهم وإن أكسل المجامع ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وإن لم ينزل » والتقاء الختانين كناية عن الإيلاج .</p><p> قال سهل بن سعدٍ : حدّثني أبيّ بن كعبٍ أنّ : « الماء من الماء » كان رخصةً أرخص فيها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثمّ نهى عنها .</p><p> ولم يختلفوا أنّ الزّنا الّذي يجب به الحدّ يكون بمجرّد إيلاج الحشفة ، ولو لم يكن من إنزالٍ . كذلك يثبت الإحصان بالجماع مع الإكسال عند من يقول : إنّ الإحصان لا يحصل إلاّ بتغييب الحشفة .</p><p> وتحصل فيئة المولي إن غيّب حشفته ، وإن لم ينزل . وترفع العنّة بالوطء دون إنزالٍ أيضاً . ويحصل التّحليل لمطلّق المرأة ثلاثاً بمجرّد الإيلاج من الزّوج الآخر ، لحديث عائشة رضي الله عنها : « أنّ رفاعة القرظيّ تزوّج امرأةً ثمّ طلّقها فتزوّجت آخر ، فأتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت له : أنّه لا يأتيها وأنّه ليس معه إلاّ مثل هدبةٍ ، فقال : لا . حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك » . رواه البخاريّ .</p><p> وهذا قول الجمهور ، وقالوا : العسيلة هي : الجماع ، وشذّ الحسن البصريّ فقال : لا يحلّها إلاّ إذا أنزل ، وشذّ سعيد بن المسيّب فقال : يكفي في إحلالها العقد .</p><p> وتنظر مسائل أحكام الجماع في مصطلح : ( وطء ) . </p><p></p><p>أكل *</p><p> حكم الطّعام المأكول ذاته : </p><p>1 - إنّ بيان ما يحلّ ويحرم من الأطعمة ومعرفتهما من مهمّات الدّين . فقد ورد الوعيد الشّديد على أكل الحرام ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « كلّ لحمٍ نبت من حرامٍ فالنّار أولى به » .</p><p> وقد حرّم اللّه في القرآن العظيم أشياء كما في قوله تعالى : { حرّمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به والمنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة وما أكل السّبع إلاّ ما ذكّيتم وما ذبح على النّصب وأن تستقسموا بالأزلام } . ونحوها من الآيات .</p><p> وحرّمت أشياء بالسّنّة النّبويّة كما في قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « كلّ ذي نابٍ من السّباع فأكله حرام » .</p><p>وسكت الشّرع عن أشياء . ويرجع إلى إيضاح ذلك كلّه تحت عنوان ( أطعمة ) .</p><p>صفة الأكل بالنّسبة للآكل :</p><p>2 - إنّ الأكل قد يكون فرضاً ، يثاب الإنسان على فعله ويعاقب على تركه ، وذلك إذا كان للغذاء بقدر ما يدفع عنه الهلاك ، لأنّ الإنسان مأمور بإحياء نفسه وعدم إلقائها إلى التّهلكة . وقد يكون واجباً ، وذلك بقدر ما يستطيع معه أداء الصّلاة المفروضة عليه قائماً ، وأداء الصّوم الواجب ، لأنّه من قبيل ما لا يتمّ الواجب إلاّ به .</p><p> ومنه مندوب ، وهو ما يعينه على تحصيل رزقه وتحصيل العلم وتعلّمه وتحصيل النّوافل . وقد يكون الأكل مباحاً يجوز للإنسان أن يتناوله ، وذلك إلى حدّ الشّبع الّذي لا يضرّ معه الامتلاء . وقد يكون حراماً ، وهو ما فوق الشّبع ، وكلّ طعامٍ غلب على ظنّه أنّه يفسد معدته ، لأنّه إسراف منهيّ عنه ، لقوله تعالى : { ولا تسرفوا } إلاّ إذا كانت الزّيادة على الشّبع لا تضرّه ، وقصد بالأكل القوّة على صوم الغد ، أو الزّيادة في الطّاعات ، أو لئلاّ يستحيي الحاضر معه بعد إتمام طعامه . وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ما ملأ آدميّ وعاءً شرّاً من بطنٍ ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » .</p><p> ومن الأكل ما هو مكروه ، وهو ما زاد على الشّبع قليلاً ، فإنّه يتضرّر به ، وقد قال البعض : إنّ الآكل لا ينبغي له أن يقصد به التّلذّذ والتّنعّم ، فإنّ اللّه تعالى ذمّ الكافرين بأكلهم للتّمتّع والتّنعّم وقال : { والّذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، والنّار مثوًى لهم } . وقال النّبيّ عليه الصلاة والسلام « المسلم يأكل في معًى واحدٍ ، والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ » . هذا ، والتّحقيق أنّه يجوز للإنسان الأكل بقصد التّمتّع والتّلذّذ بما أنعم اللّه علينا به ، لقصد التّقوّي على أعمال الخير لقوله تعالى : { قل من حرّم زينة اللّه الّتي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق قل هي للّذين آمنوا في الحياة الدّنيا خالصةً يوم القيامة } وأمّا الآية الّتي احتجّ بها هذا القائل فإنّ اللّه تعالى ينعي عليهم أنّهم يتمتّعون بالأطعمة الّتي رزقهم اللّه من غير أن يفكّروا في المنعم ، وأن يشكروه على نعمه . وأمّا الحديث فليس فيه دلالة على ما احتجّوا عليه ، وإنّما فيه النّعي على من أكثر من الطّعام . </p><p>حكم الأكل من الأضحيّة والعقيقة :</p><p>3 - يتّفق الفقهاء على أنّه يستحبّ للمضحّي أن يأكل من أضحيّته ، لقوله تعالى : { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ... } وهذا وإن كان وارداً في الهدي إلاّ أنّ الهدي والأضحيّة من بابٍ واحدٍ . ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا ضحّى أحدكم فليأكل من أضحيّته ويطعم منها غيره » ولأنّه ضيف اللّه عزّ شأنه في هذه الأيّام ، فله أن يأكل من ضيافة اللّه تعالى . ويتّفقون كذلك على أنّ له أن يطعم غيره منها . وهذا الاتّفاق في الأضحيّة الّتي لم تجب . أمّا إذا وجبت الأضحيّة ففي حكم الأكل منها اختلاف الفقهاء .</p><p> ووجوبها يكون بالنّذر أو بالتّعيين ، وهي واجبة عند الحنفيّة من حيث الأصل بشرط الغنى ، ولو اشتراها الفقير من أجل التّضحية وجبت عليه . فعند المالكيّة ، والأصحّ عند الحنابلة ، أنّ له أن يأكل منها ويطعم غيره ، لأنّ النّذر محمول على المعهود ، والمعهود من الأضحيّة الشّرعيّة ذبحها والأكل منها ، والنّذر لا يغيّر من صفة المنذور إلاّ الإيجاب .</p><p> وعند بعض الحنابلة ، وهو ظاهر كلام أحمد : أنّه لا يجوز الأكل من الأضحيّة المنذورة ، بناءً على الهدي المنذور ، وهذا هو المذهب عند الشّافعيّة ، وفي قولٍ آخر للشّافعيّة : إن وجبت الأضحيّة بنذرٍ مطلقٍ جاز له الأكل منها . والحكم عند الحنفيّة - كما فصّله ابن عابدين - أنّه يجوز للغنيّ الأكل من الأضحيّة الواجبة عليه ، كما يجوز له الأكل من الأضحيّة الّتي نذرها إن قصد بنذره الإخبار عن الواجب عليه ، فإن كان النّذر ابتداءً فلا يجوز له الأكل منها . وبالنّسبة للفقير إذا وجبت عليه بالشّراء ، ففي أحد القولين : له الأكل منها ، وفي القول الثّاني : لا يجوز له الأكل منها . هذا ما ذكره ابن عابدين توضيحاً لما ذكره الزّيلعيّ من أنّه لا يجوز الأكل من الأضحيّة المنذورة دون تفصيلٍ .</p><p> غير أنّ الكاسانيّ ذكر في البدائع أنّه يجوز بالإجماع - أي عند فقهاء الحنفيّة - الأكل من الأضحيّة ، سواء أكانت نفلاً أم واجبةً ، منذورةً كانت أو واجبةً ابتداءً .</p><p>4 - ومن وجبت عليه أضحيّة فمضت أيّام النّحر قبل أن يذبحها ، فعند الجمهور يذبحها قضاءً ، ويصنع بها ما يصنع بالمذبوح في وقته ، لأنّ الذّبح أحد مقصودي الأضحيّة فلا يسقط بفوات وقته . وعند الحنفيّة : يجب عليه أن يتصدّق بها حيّةً ، ولا يأكل من لحمها ، لأنّه انتقل الواجب من إراقة الدّم إلى التّصدّق .</p><p> وإذا ولدت الأضحيّة قبل التّضحية ، فحكم ولدها في الأكل منه حكم الأمّ ، وهذا عند الجمهور . وعند الحنفيّة : لا يجوز الأكل منه . ومن أوجب أضحيّةً ثمّ مات قام ورثته مقامه ، فيجوز لهم الأكل منها وإطعام غيرهم . وهذا عند المالكيّة والحنابلة .</p><p> وعند الشّافعيّة ، وهو المختار عند الحنفيّة : لا يجوز لهم الأكل منها ، بل سبيلها التّصدّق .</p><p>5- والعقيقة ( وهي ما يذبح عن المولود ) حكمها في استحباب الأكل منها ، وإطعام الغير منها حكم الأضحيّة ، إلاّ أنّ الحنفيّة لا يرونها واجبةً . وقد ورد في مراسيل أبي داود عن جعفر بن محمّدٍ عن أبيه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة الّتي عقّتها فاطمة عن الحسن والحسين :« أن يبعثوا إلى القابلة برجلٍ ، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظماً » . </p><p>حكم الأكل من الكفّارات والنّذور :</p><p>6 - يتّفق الفقهاء على أنّ من وجب عليه إطعام في كفّارة يمينٍ أو ظهارٍ أو إفطارٍ في نهار رمضان أو فدية الأذى في الحجّ فإنّه لا يجوز له أن يأكل منه ، لأنّ الكفّارة تكفير للذّنب . هذا بالنّسبة للمكفّر .</p><p> أمّا المعطى - وهو المستحقّ - فعند الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة : أنّه لا يكفي إباحة الإطعام ، وإنّه لا بدّ من تمليك المستحقّ ، لأنّ تدارك الجناية بالإطعام أشبه البدل ، والبدليّة تستدعي تمليك البدل ، ولأنّ المنقول عن الصّحابة إعطاؤهم ، ففي قول زيدٍ وابن عبّاسٍ وابن عمر وأبي هريرة مدّاً لكلّ مسكينٍ وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لكعبٍ في فدية الأذى : « أطعم ثلاثة آصعٍ من تمرٍ بين ستّة مساكين » ولأنّه مال وجب للفقراء شرعاً فوجب تمليكهم إيّاه كالزّكاة . وعلى ذلك فلا يجزئ أن يغدّيهم ويعشّيهم ، لأنّ ذلك يعتبر إباحةً لا تمليكاً .</p><p> والأصل عند المالكيّة هو التّمليك ، وخاصّةً في كفّارتي الظّهار وفدية الأذى ، لقول الإمام مالكٍ : لا أحبّ الغداء والعشاء للمساكين ، حتّى حمل أبو الحسن كلام الإمام على الكراهة ، وحمله ابن ناجي على التّحريم . والعلّة في التّمليك هو خشية ألاّ يبلغ ما يأكله الواحد منهم مقدار الواجب إخراجه ، ولذلك قال مالك : لا أظنّه ( الغداء والعشاء ) يبلغ ذلك ( المقدار الواجب إخراجه ) ومن هنا قال الدّردير : فلو تحقّق بلوغه أجزأ .</p><p> وفي كفّارة اليمين يجزئ شبعهم مرّتين . وإجزاء الإطعام بغداءٍ وعشاءٍ إن بلغ مقدار الواجب لهم هو رواية عن الإمام أحمد ، لأنّه أطعم المساكين ، فأجزأه كما لو ملّكهم .</p><p> ويرى الحنفيّة أنّ التّمليك ليس بشرطٍ لجواز الإطعام بل الشّرط هو التّمكين . وإنّما يجوز التّمليك من حيث هو تمكين ، لا من حيث هو تمليك ، لأنّ النّصّ ورد بلفظ الإطعام { فكفّارته إطعام عشرة مساكين } والإطعام في متعارف اللّغة اسم للتّمكين من المطعم لا التّمليك ، وإنّما يطعمون على سبيل الإباحة دون التّمليك .</p><p> وفي النّذر لا يجوز للنّاذر الأكل من نذره ، لأنّه صدقة ، ولا يجوز الأكل من الصّدقة ، وهذا في الجملة ، لأنّ الأضحيّة المنذورة فيها خلاف على ما سبق بيانه . وكذلك النّذر المطلق الّذي لم يعيّن للمساكين - لا بلفظٍ ولا بنيّةٍ - يجوز الأكل منه ، عند المالكيّة وبعض الشّافعيّة .</p><p> وبالنّسبة للمنذور له فذلك يكون بحسب كيفيّة النّذر ، فمن نذر إطعام المساكين أطعمهم ، ومن نذر على سبيل التّمليك ملّكه لهم . وينظر تفصيل ذلك في ( كفّارة ) ( ونذر ) . </p><p>الأكل من الوليمة والأكل مع الضّيف :</p><p>7 - من دعي إلى طعام الوليمة - وهي طعام العرس - فإن كان مفطراً فإنّه يستحبّ له الأكل ، وهذا باتّفاقٍ في الجملة ، لخبر مسلمٍ : « إذا دعي أحدكم إلى طعامٍ فليجب ، فإن كان صائماً فليصلّ . وإن كان مفطراً فليطعم » أي فليدع بالبركة .</p><p> ووقع للنّوويّ في شرح مسلمٍ تصحيح وجوب الأكل . وهو قول عند بعض المالكيّة . وإن كان صائماً تطوّعاً ، فعند الشّافعيّة والحنابلة يستحبّ له الأكل ، وإفطاره لجبر خاطر الدّاعي أفضل من إمساكه ولو آخر النّهار ، لما روي أنّه « صنع أبو سعيدٍ الخدريّ طعاماً فدعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال رجل من القوم : إنّي صائم ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صنع لك أخوك وتكلّف لك أخوك أفطر وصم يوماً مكانه » . ولأنّ في الأكل إجابة أخيه المسلم وإدخال السّرور على قلبه .</p><p> وعند الحنفيّة والمالكيّة يكتفي الصّائم بالدّعاء لصاحب الوليمة ، ومن أضاف أحداً وقدّم له الطّعام فالمستحبّ أن يأكل صاحب الطّعام مع ضيفه ، وألاّ يقوم عن الطّعام وغيره يأكل ، ما دام يظنّ به حاجة إلى الأكل ، قال الإمام أحمد : يأكل بالسّرور مع الإخوان ، وبالإيثار مع الفقراء ، وبالمروءة مع أبناء الدّنيا .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40954, member: 329"] د - أفعال لا يحلّ للمكره الإقدام عليها بحالٍ من الأحوال ، كقتل النّفس بغير حقٍّ ، أو قطع عضوٍ من أعضائها ، أو الضّرب الّذي يؤدّي إلى الهلاك ، فهذه الأفعال لا يجوز للمكره الإقدام عليها ، ولو كان في امتناعه عنها ضياع نفسه ، لأنّ نفس الغير معصومة كنفس المكره ، ولا يجوز للإنسان أن يدفع الضّرر عن نفسه بإيقاعه على غيره ، فإن فعل كان آثماً ، ووجب عقاب الحامل له على هذا الفعل باتّفاق علماء المذهب ، والخلاف بينهم إنّما هو في نوع هذا العقاب . فأبو حنيفة ومحمّد يقولان : إنّه القصاص ، لأنّ القتل يمكن أن ينسب إلى الحامل بجعل الفاعل آلةً له ، والقصاص إنّما يكون على القاتل لا على آلة القتل . وأبو يوسف يقول : إنّه الدّية ، لأنّ القصاص لا يثبت إلاّ بالجناية الكاملة ، ولم توجد الجناية الكاملة بالنّسبة لكلٍّ من الحامل والمكره . وهذا القتل يقوم مانعاً من الإرث بالنّسبة للمكرِه ( بالكسر ) إذا كان المكرَه ( بالفتح ) مكلّفاً . أمّا إذا كان غير مكلّفٍ كالصّبيّ أو المجنون فلا يكون مانعاً . وهذا عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، أمّا أبو يوسف فلا يحرم ولو كان المكره مكلّفاً . أمّا بالنّسبة للمكرَه ( بالفتح ) فلا يحرم باتّفاق الحنفيّة . وإنّما يجب القصاص عند أبي حنيفة ومحمّدٍ على المكره إذا كان المطلوب قتله شخصاً ثالثاً غير المكره ولا المكره ، فإن كان المطلوب قتله هو المكرِه كأن قال للّذي قتله : اقتلني وإلاّ قتلتك ، فقتله ، فلا قصاص على القاتل ، وتجب الدّية لوجود الشّبهة ، ولأنّ الدّية تثبت للوارث ابتداءً لا ميراثاً عن المقتول . وأمّا إن كان المطلوب قتله هو المكرَه ، فإنّه لا يكون ثمّ إكراه ، لأنّ المهدّد به لا يزيد على القتل ، فلا يتحقّق الإكراه ولا شيء من آثاره ، فلا قصاص ولا دية في هذا القتل ، إلاّ إذا كان التّهديد بقتلٍ أشنع كما لو قال له : لتلقينّ نفسك في النّار أو لأقتلنك ، فعند أبي حنيفة يختار ما هو الأهون في ظنّه ، وعند الصّاحبين : يصبر ولا يقتل نفسه ، لأنّ مباشرة الفعل سعي في إهلاك نفسه فيصبر تحامياً عنه . ثمّ إذا ألقى نفسه في النّار فاحترق فعلى المكره القصاص باتّفاقهم ، كما في الزّيلعيّ . ونقل صاحب مجمع الأنهر أنّ القصاص إنّما هو عند أبي حنيفة خلافاً للصّاحبين . ومن هذا النّوع أيضاً : الزّنى ، فإنّه لا يرخّص فيه مع الإكراه ، كما لا يرخّص فيه حالة الاختيار ، لأنّ حرمة الزّنى لا ترتفع بحالٍ من الأحوال ، فإذا فعله إنسان تحت تأثير الإكراه كان آثماً ، ولكن لا يجب عليه الحدّ ، لأنّ الإكراه يعتبر شبهةً ، والحدود تدرأ بالشّبهات . وقد أورد البابرتيّ من الحنفيّة ضابطاً لأثر الإكراه نصّه : الإكراه الملجئ معتبر شرعاً سواء ، أكان على القول أم الفعل . والإكراه غير الملجئ إن كان على فعلٍ فليس بمعتبرٍ ، ويجعل كأنّ المكره فعل ذلك الفعل بغير إكراهٍ . وإن كان على قولٍ ، فإن كان قولاً يستوي فيه الجدّ والهزل فكذلك ، وإلاّ فهو معتبر . أثر الإكراه عند المالكيّة : 22 - يختلف أثر الإكراه عندهم باختلاف المكره عليه : أ - فإن كان المكره عليه عقداً أو حلّاً أو إقراراً أو يميناً لم يلزم المكره شيء ، ويكون الإكراه في ذلك بالتّخويف بقتلٍ أو ضربٍ مؤلمٍ أو سجنٍ أو قيدٍ أو صفعٍ لذي مروءةٍ على ملأٍ من النّاس . وإن أجاز المكرَه ( بالفتح ) شيئاً ممّا أكره عليه - غير النّكاح - طائعاً بعد زوال الإكراه لزم على الأحسن ، وأمّا النّكاح فلا تصحّ إجازته . ب - وإن كان الإكراه على الكفر بأيّ صورةٍ من صوره ، أو قذف المسلم بالزّنى ، أو الزّنى بامرأةٍ طائعةٍ خليّةٍ ( غير متزوّجةٍ ) ، فلا يحلّ له الإقدام على شيءٍ من هذه الأشياء إلاّ في حالة التّهديد بالقتل ، لا فيما دونه من قطعٍ أو سجنٍ ونحوه ، فإن فعل ذلك اعتبر مرتدّاً ، ويحدّ في قذف المسلم ، وفي الزّنى . ج - وإن كان الإكراه على قتل مسلمٍ ، أو قطع عضوٍ منه ، أو على زنًى بمكرهةٍ ، أو بامرأةٍ لها زوج ، فلا يجوز الإقدام على شيءٍ من ذلك ولو أكره بالقتل . فإن قتل يقتصّ منه ، ويعتبر القتل هنا مانعاً للقاتل من ميراث المقتول ، لأنّه شريك في الفعل ، وكذلك المكرِه ( بالكسر ) يقتصّ منه أيضاً ويمنع من الميراث . وإنّما يجب القصاص عندهم على المكره والمكره ، إذا كان المطلوب قتله شخصاً ثالثاً غيرهما . فإن كان المطلوب قتله هو المكرِه ( بالكسر ) كما لو قال للّذي قتله : اقتلني وإلاّ قتلتك فقتله ، فلا قصاص عندهم وتجب الدّية ، لمكان الشّبهة من ناحيةٍ ، وبناءً على أنّ الدّية تثبت للوارث ابتداءً لا ميراثاً . وأمّا إن كان المطلوب قتله هو المكرَه ( بالفتح ) ، فالأصل أنّه لا يتحقّق الإكراه في هذه الحالة ، ولا قصاص فيه ولا دية ، إلاّ إذا كان التّهديد بقتلٍ أشنع ، كالإحراق بالنّار وبتر الأعضاء حتّى الموت ، فإنّ المكرَه ( بالفتح ) يختار أهون الميتتين ، جزم به اللّقانيّ . وإن زنى يحدّ . د - وأمّا لو أكره على فعل معصيةٍ - غير الكفر - لا حقّ فيها لمخلوقٍ كشرب خمرٍ وأكله ميتةً ، أو إبطال عبادةٍ كصلاةٍ وصومٍ ، أو على تركها فيتحقّق الإكراه بأيّة وسيلةٍ من قتلٍ أو غيره . ويترتّب عليه في الصّوم القضاء دون الكفّارة . وفي الصّلاة يكون الإكراه بمنزلة المرض المسقط لبعض أركانها ، ولا يسقط وجوبها . وفي شرب الخمر لا يقام الحدّ . وألحق سحنون بهذا النّوع الزّنى بامرأةٍ طائعةٍ لا زوج لها ، خلافاً للمذهب . ويضيف المالكيّة أنّ القطع في السّرقة يسقط بالإكراه مطلقاً ، ولو كان بضربٍ أو سجنٍ لأنّه شبهة تدرأ الحدّ . أثر الإكراه عند الشّافعيّة : 23 - يختلف أثر الإكراه عندهم باختلاف المكره عليه . أ - الإكراه بالقول : إذا كان المكره عليه عقداً أو حلّاً أو أيّ تصرّفٍ قوليٍّ أو فعليٍّ ، فإنّه لا يصحّ عملاً بعموم الحديث الصّحيح : « رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » إذ المقصود ليس رفع ما وقع لمكان الاستحالة ، وإنّما رفع حكمه ، ما لم يدلّ دليل على خلاف ذلك ، فيخصّص هذا العموم في موضع دلالته . وبمقتضى أدلّة التّخصيص يقرّر الشّافعيّة أنّه لا أثر لقول المكرَه ( بالفتح ) إلاّ في الصّلاة فتبطل به وعلى هذا فيباح للمكرَه ( بالفتح ) التّلفّظ بكلمة الكفر ، ولا يجب ، بل الأفضل الامتناع مصابرةً على الدّين واقتداءً بالسّلف . وفي طلاق زوجة المكرِه ( بالكسر ) أو بيع ماله ونحوهما من كلّ ما يعتبر الإكراه فيه إذناً أبلغ . والإكراه في شهادة الزّور الّتي تفضي إلى القتل أو الزّنى ، وفي الإكراه بالحكم الباطل الّذي يفضي إلى القتل أو الزّنى ، فلا يرتفع الإثم عن شاهد الزّور ، ولا عن الحاكم الباطل ، وحكمهما في هذه الحالة من حيث الضّمان حكم المكرِه ( بالكسر ) ب - الإكراه بالفعل : لا أثر للإكراه بالفعل عند الشّافعيّة إلاّ فيما يأتي : -1 -الفعل المضمّن كالقتل أو إتلاف المال أو الغصب ، فعلى المكرَه ( بالفتح ) القصاص أو الضّمان ، وقرار الضّمان على المكرِه ( بالكسر ) ، وإن قيل : لا رجوع له على المكرِه ( بالكسر ) بما غرم في إتلاف المال ، لأنّه افتدى بالإتلاف نفسه عن الضّرر . قال القليوبيّ في مسألة القتل : فيقتل هو المكرَه ( بالفتح ) ومن أكرهه . -2- الزّنى وما إليه : يأثم المكرَه ( بالفتح ) بالزّنى ، ويسقط الحدّ للشّبهة ، ويترتّب على وطء الشّبهة حكمه . -3 - الرّضاع : فيترتّب عليه التّحريم المؤبّد في المناكحات وما ألحق بها . -4- كلّ فعلٍ يترتّب عليه بطلان الصّلاة ، كالتّحوّل عن القبلة ، والعمل الكثير ، وترك قيام القادر في الفريضة ، والحدث ، فتبطل الصّلاة بما تقدّم برغم الإكراه عليه . -5- ذبح الحيوان : تحلّ ذبيحة المكرَه ( بالفتح ) الّذي تحلّ ذبيحته ، كالمسلم والكتابيّ ولو كان المكرِه ( بالكسر ) مجوسيّاً ، أو محرّماً والمذبوح صيد . قال السّيوطيّ : وقد رأيت الإكراه يساوي النّسيان ، فإنّ المواضع المذكورة ، إمّا من باب ترك المأمور ، فلا يسقط تداركه ، ولا يحصل الثّواب المرتّب عليه ، وإمّا من باب الإتلاف ، فيسقط الحكم المرتّب عليه ، وتسقط العقوبة المتعلّقة به ، إلاّ القتل على الأظهر . أثر الإكراه عند الحنابلة : 24 - يختلف أثر الإكراه عند الحنابلة باختلاف المكره عليه : أ - فالتّصرّفات القوليّة تقع باطلةً مع الإكراه إلاّ النّكاح ، فإنّه يكون صحيحاً مع الإكراه ، قياساً للمكره على الهازل . وإنّما لم يقع الطّلاق مع الإكراه للحديث الشّريف « لا طلاق في إغلاقٍ » ، والإكراه من الإغلاق . ب - ومن أكره على الكفر لا يعتبر مرتدّاً ، ومتى زال عنه الإكراه أمر بإظهار إسلامه ، والأفضل لمن أكره على الكفر أن يصبر وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذّمّيّ والمستأمن ، فأسلم لم يثبت له حكم الإسلام ، حتّى يوجد منه ما يدلّ على إسلامه طوعاً . أمّا من يجوز إكراهه على الإسلام كالمرتدّ ، فإنّه إذا أكره فأسلم حكم بإسلامه ظاهراً . ج - والإكراه يسقط الحدود عن المكره ، لأنّه شبهة ، والحدود تدرأ بالشّبهات . د - وإذا أكره رجل آخر على قتل شخصٍ فقتله ، وجب القصاص على المكره والمكره جميعاً ، وإن صار الأمر إلى الدّية وجبت عليهما ، وإن أحبّ وليّ المقتول قتل أحدهما ، وأخذ نصف الدّية من الآخر أو العفو فله ذلك . ويعتبر القتل هنا مانعاً من الميراث بالنّسبة للمكره والمكره . والقصاص عندهم لا يجب على المكره والمكره ، إلاّ إذا كان المطلوب قتله شخصاً ثالثاً غيرهما . فإن كان المطلوب قتله هو المكرِه ( بالكسر ) فإنّه يكون هدراً ، ولا قصاص ولا دية في المختار عندهم . وأمّا إن كان المطلوب قتله هو المكرَه ( بالفتح ) ، فلا يتحقّق الإكراه في هذه الحالة ، ولا دية ولا قصاص عند بعضهم . إلاّ إذا كان التّهديد بقتلٍ أشنع فعليه أن يختار أهون الميتتين في إحدى الرّوايتين . أثر إكراه الصّبيّ على قتل غيره : 25 - إذا كان المكره على القتل صبيّاً ، فإنّه يعتبر آلةً في يد المكره عند الحنفيّة ، فلا قصاص ولا دية ، وإنّما القصاص على المكرِه ( بالكسر ) . وذهب المالكيّة إلى وجوب القصاص على المكره ( بالكسر ) ونصف الدّية على عاقلة الصّبيّ . وذهب الشّافعيّة إلى التّفرقة بين الصّبيّ المميّز ، وغير المميّز . فإن كان غير مميّزٍ ، اعتبر آلةً عندهم ، ولا شيء عليه ، ويجب القصاص على المكره . وإن كان مميّزاً ، فيجب نصف الدّية على عاقلته ، والقصاص على المكرِه ( بالكسر ) . وذهب الحنابلة إلى أنّ الصّبيّ غير المميّز إذا أكره على قتل غيره فلا قصاص عليه ، والقصاص على المكرِه ( بالكسر ) . وفي قولٍ : لا يجب القصاص لا عليه وعلى من أكرهه ، لأنّ عمد الصّبيّ خطأ ، والمكرِه ( بالكسر ) شريك المخطئ ، ولا قصاص على شريك مخطئٍ . أمّا إذا كان الصّبيّ مميّزاً فلا يجب القصاص على المكرِه ( بالكسر ) ولا يجب على الصّبيّ المميّز . إكسال * التّعريف : 1 - الإكسال لغةً : مصدر أكسل ، وأكسل المجامع : خالط المرأة ولم ينزل ، أو عزل ولم يرد ولداً . وعند الفقهاء : أن يجامع الرّجل ثمّ يفتر ذكره بعد الإيلاج ، فلا ينزل . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الاعتراض : 2 - الاعتراض هو : عدم انتشار الذّكر للجماع . وقد يكون الاعتراض قبل الإيلاج أو بعده . فالاعتراض ليس من الإكسال . ب - العنّة : 3 - العنّة : عجز الرّجل عن إتيان النّساء ، وقد يكون عنّيناً عن امرأةٍ دون أخرى . والفرق بين العنّة والإكسال واضح . الحكم الإجماليّ ومواطن البحث : 4 - لا يغيّر الإكسال الأحكام المتعلّقة بالجماع ، ولا يختلف الجماع مع الإنزال عنه بدونه ، إلاّ ما حكي عن جماعةٍ من الصّحابة رضي الله عنهم ، كانوا يقولون : لا غسل على من جامع فأكسل يعني لم ينزل . ورووا في ذلك أحاديث عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم . أمّا بقيّة الفقهاء فإنّه يجب الغسل عندهم وإن أكسل المجامع ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وإن لم ينزل » والتقاء الختانين كناية عن الإيلاج . قال سهل بن سعدٍ : حدّثني أبيّ بن كعبٍ أنّ : « الماء من الماء » كان رخصةً أرخص فيها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثمّ نهى عنها . ولم يختلفوا أنّ الزّنا الّذي يجب به الحدّ يكون بمجرّد إيلاج الحشفة ، ولو لم يكن من إنزالٍ . كذلك يثبت الإحصان بالجماع مع الإكسال عند من يقول : إنّ الإحصان لا يحصل إلاّ بتغييب الحشفة . وتحصل فيئة المولي إن غيّب حشفته ، وإن لم ينزل . وترفع العنّة بالوطء دون إنزالٍ أيضاً . ويحصل التّحليل لمطلّق المرأة ثلاثاً بمجرّد الإيلاج من الزّوج الآخر ، لحديث عائشة رضي الله عنها : « أنّ رفاعة القرظيّ تزوّج امرأةً ثمّ طلّقها فتزوّجت آخر ، فأتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت له : أنّه لا يأتيها وأنّه ليس معه إلاّ مثل هدبةٍ ، فقال : لا . حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك » . رواه البخاريّ . وهذا قول الجمهور ، وقالوا : العسيلة هي : الجماع ، وشذّ الحسن البصريّ فقال : لا يحلّها إلاّ إذا أنزل ، وشذّ سعيد بن المسيّب فقال : يكفي في إحلالها العقد . وتنظر مسائل أحكام الجماع في مصطلح : ( وطء ) . أكل * حكم الطّعام المأكول ذاته : 1 - إنّ بيان ما يحلّ ويحرم من الأطعمة ومعرفتهما من مهمّات الدّين . فقد ورد الوعيد الشّديد على أكل الحرام ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « كلّ لحمٍ نبت من حرامٍ فالنّار أولى به » . وقد حرّم اللّه في القرآن العظيم أشياء كما في قوله تعالى : { حرّمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به والمنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة وما أكل السّبع إلاّ ما ذكّيتم وما ذبح على النّصب وأن تستقسموا بالأزلام } . ونحوها من الآيات . وحرّمت أشياء بالسّنّة النّبويّة كما في قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « كلّ ذي نابٍ من السّباع فأكله حرام » . وسكت الشّرع عن أشياء . ويرجع إلى إيضاح ذلك كلّه تحت عنوان ( أطعمة ) . صفة الأكل بالنّسبة للآكل : 2 - إنّ الأكل قد يكون فرضاً ، يثاب الإنسان على فعله ويعاقب على تركه ، وذلك إذا كان للغذاء بقدر ما يدفع عنه الهلاك ، لأنّ الإنسان مأمور بإحياء نفسه وعدم إلقائها إلى التّهلكة . وقد يكون واجباً ، وذلك بقدر ما يستطيع معه أداء الصّلاة المفروضة عليه قائماً ، وأداء الصّوم الواجب ، لأنّه من قبيل ما لا يتمّ الواجب إلاّ به . ومنه مندوب ، وهو ما يعينه على تحصيل رزقه وتحصيل العلم وتعلّمه وتحصيل النّوافل . وقد يكون الأكل مباحاً يجوز للإنسان أن يتناوله ، وذلك إلى حدّ الشّبع الّذي لا يضرّ معه الامتلاء . وقد يكون حراماً ، وهو ما فوق الشّبع ، وكلّ طعامٍ غلب على ظنّه أنّه يفسد معدته ، لأنّه إسراف منهيّ عنه ، لقوله تعالى : { ولا تسرفوا } إلاّ إذا كانت الزّيادة على الشّبع لا تضرّه ، وقصد بالأكل القوّة على صوم الغد ، أو الزّيادة في الطّاعات ، أو لئلاّ يستحيي الحاضر معه بعد إتمام طعامه . وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ما ملأ آدميّ وعاءً شرّاً من بطنٍ ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » . ومن الأكل ما هو مكروه ، وهو ما زاد على الشّبع قليلاً ، فإنّه يتضرّر به ، وقد قال البعض : إنّ الآكل لا ينبغي له أن يقصد به التّلذّذ والتّنعّم ، فإنّ اللّه تعالى ذمّ الكافرين بأكلهم للتّمتّع والتّنعّم وقال : { والّذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، والنّار مثوًى لهم } . وقال النّبيّ عليه الصلاة والسلام « المسلم يأكل في معًى واحدٍ ، والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ » . هذا ، والتّحقيق أنّه يجوز للإنسان الأكل بقصد التّمتّع والتّلذّذ بما أنعم اللّه علينا به ، لقصد التّقوّي على أعمال الخير لقوله تعالى : { قل من حرّم زينة اللّه الّتي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق قل هي للّذين آمنوا في الحياة الدّنيا خالصةً يوم القيامة } وأمّا الآية الّتي احتجّ بها هذا القائل فإنّ اللّه تعالى ينعي عليهم أنّهم يتمتّعون بالأطعمة الّتي رزقهم اللّه من غير أن يفكّروا في المنعم ، وأن يشكروه على نعمه . وأمّا الحديث فليس فيه دلالة على ما احتجّوا عليه ، وإنّما فيه النّعي على من أكثر من الطّعام . حكم الأكل من الأضحيّة والعقيقة : 3 - يتّفق الفقهاء على أنّه يستحبّ للمضحّي أن يأكل من أضحيّته ، لقوله تعالى : { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ... } وهذا وإن كان وارداً في الهدي إلاّ أنّ الهدي والأضحيّة من بابٍ واحدٍ . ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا ضحّى أحدكم فليأكل من أضحيّته ويطعم منها غيره » ولأنّه ضيف اللّه عزّ شأنه في هذه الأيّام ، فله أن يأكل من ضيافة اللّه تعالى . ويتّفقون كذلك على أنّ له أن يطعم غيره منها . وهذا الاتّفاق في الأضحيّة الّتي لم تجب . أمّا إذا وجبت الأضحيّة ففي حكم الأكل منها اختلاف الفقهاء . ووجوبها يكون بالنّذر أو بالتّعيين ، وهي واجبة عند الحنفيّة من حيث الأصل بشرط الغنى ، ولو اشتراها الفقير من أجل التّضحية وجبت عليه . فعند المالكيّة ، والأصحّ عند الحنابلة ، أنّ له أن يأكل منها ويطعم غيره ، لأنّ النّذر محمول على المعهود ، والمعهود من الأضحيّة الشّرعيّة ذبحها والأكل منها ، والنّذر لا يغيّر من صفة المنذور إلاّ الإيجاب . وعند بعض الحنابلة ، وهو ظاهر كلام أحمد : أنّه لا يجوز الأكل من الأضحيّة المنذورة ، بناءً على الهدي المنذور ، وهذا هو المذهب عند الشّافعيّة ، وفي قولٍ آخر للشّافعيّة : إن وجبت الأضحيّة بنذرٍ مطلقٍ جاز له الأكل منها . والحكم عند الحنفيّة - كما فصّله ابن عابدين - أنّه يجوز للغنيّ الأكل من الأضحيّة الواجبة عليه ، كما يجوز له الأكل من الأضحيّة الّتي نذرها إن قصد بنذره الإخبار عن الواجب عليه ، فإن كان النّذر ابتداءً فلا يجوز له الأكل منها . وبالنّسبة للفقير إذا وجبت عليه بالشّراء ، ففي أحد القولين : له الأكل منها ، وفي القول الثّاني : لا يجوز له الأكل منها . هذا ما ذكره ابن عابدين توضيحاً لما ذكره الزّيلعيّ من أنّه لا يجوز الأكل من الأضحيّة المنذورة دون تفصيلٍ . غير أنّ الكاسانيّ ذكر في البدائع أنّه يجوز بالإجماع - أي عند فقهاء الحنفيّة - الأكل من الأضحيّة ، سواء أكانت نفلاً أم واجبةً ، منذورةً كانت أو واجبةً ابتداءً . 4 - ومن وجبت عليه أضحيّة فمضت أيّام النّحر قبل أن يذبحها ، فعند الجمهور يذبحها قضاءً ، ويصنع بها ما يصنع بالمذبوح في وقته ، لأنّ الذّبح أحد مقصودي الأضحيّة فلا يسقط بفوات وقته . وعند الحنفيّة : يجب عليه أن يتصدّق بها حيّةً ، ولا يأكل من لحمها ، لأنّه انتقل الواجب من إراقة الدّم إلى التّصدّق . وإذا ولدت الأضحيّة قبل التّضحية ، فحكم ولدها في الأكل منه حكم الأمّ ، وهذا عند الجمهور . وعند الحنفيّة : لا يجوز الأكل منه . ومن أوجب أضحيّةً ثمّ مات قام ورثته مقامه ، فيجوز لهم الأكل منها وإطعام غيرهم . وهذا عند المالكيّة والحنابلة . وعند الشّافعيّة ، وهو المختار عند الحنفيّة : لا يجوز لهم الأكل منها ، بل سبيلها التّصدّق . 5- والعقيقة ( وهي ما يذبح عن المولود ) حكمها في استحباب الأكل منها ، وإطعام الغير منها حكم الأضحيّة ، إلاّ أنّ الحنفيّة لا يرونها واجبةً . وقد ورد في مراسيل أبي داود عن جعفر بن محمّدٍ عن أبيه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة الّتي عقّتها فاطمة عن الحسن والحسين :« أن يبعثوا إلى القابلة برجلٍ ، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظماً » . حكم الأكل من الكفّارات والنّذور : 6 - يتّفق الفقهاء على أنّ من وجب عليه إطعام في كفّارة يمينٍ أو ظهارٍ أو إفطارٍ في نهار رمضان أو فدية الأذى في الحجّ فإنّه لا يجوز له أن يأكل منه ، لأنّ الكفّارة تكفير للذّنب . هذا بالنّسبة للمكفّر . أمّا المعطى - وهو المستحقّ - فعند الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة : أنّه لا يكفي إباحة الإطعام ، وإنّه لا بدّ من تمليك المستحقّ ، لأنّ تدارك الجناية بالإطعام أشبه البدل ، والبدليّة تستدعي تمليك البدل ، ولأنّ المنقول عن الصّحابة إعطاؤهم ، ففي قول زيدٍ وابن عبّاسٍ وابن عمر وأبي هريرة مدّاً لكلّ مسكينٍ وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لكعبٍ في فدية الأذى : « أطعم ثلاثة آصعٍ من تمرٍ بين ستّة مساكين » ولأنّه مال وجب للفقراء شرعاً فوجب تمليكهم إيّاه كالزّكاة . وعلى ذلك فلا يجزئ أن يغدّيهم ويعشّيهم ، لأنّ ذلك يعتبر إباحةً لا تمليكاً . والأصل عند المالكيّة هو التّمليك ، وخاصّةً في كفّارتي الظّهار وفدية الأذى ، لقول الإمام مالكٍ : لا أحبّ الغداء والعشاء للمساكين ، حتّى حمل أبو الحسن كلام الإمام على الكراهة ، وحمله ابن ناجي على التّحريم . والعلّة في التّمليك هو خشية ألاّ يبلغ ما يأكله الواحد منهم مقدار الواجب إخراجه ، ولذلك قال مالك : لا أظنّه ( الغداء والعشاء ) يبلغ ذلك ( المقدار الواجب إخراجه ) ومن هنا قال الدّردير : فلو تحقّق بلوغه أجزأ . وفي كفّارة اليمين يجزئ شبعهم مرّتين . وإجزاء الإطعام بغداءٍ وعشاءٍ إن بلغ مقدار الواجب لهم هو رواية عن الإمام أحمد ، لأنّه أطعم المساكين ، فأجزأه كما لو ملّكهم . ويرى الحنفيّة أنّ التّمليك ليس بشرطٍ لجواز الإطعام بل الشّرط هو التّمكين . وإنّما يجوز التّمليك من حيث هو تمكين ، لا من حيث هو تمليك ، لأنّ النّصّ ورد بلفظ الإطعام { فكفّارته إطعام عشرة مساكين } والإطعام في متعارف اللّغة اسم للتّمكين من المطعم لا التّمليك ، وإنّما يطعمون على سبيل الإباحة دون التّمليك . وفي النّذر لا يجوز للنّاذر الأكل من نذره ، لأنّه صدقة ، ولا يجوز الأكل من الصّدقة ، وهذا في الجملة ، لأنّ الأضحيّة المنذورة فيها خلاف على ما سبق بيانه . وكذلك النّذر المطلق الّذي لم يعيّن للمساكين - لا بلفظٍ ولا بنيّةٍ - يجوز الأكل منه ، عند المالكيّة وبعض الشّافعيّة . وبالنّسبة للمنذور له فذلك يكون بحسب كيفيّة النّذر ، فمن نذر إطعام المساكين أطعمهم ، ومن نذر على سبيل التّمليك ملّكه لهم . وينظر تفصيل ذلك في ( كفّارة ) ( ونذر ) . الأكل من الوليمة والأكل مع الضّيف : 7 - من دعي إلى طعام الوليمة - وهي طعام العرس - فإن كان مفطراً فإنّه يستحبّ له الأكل ، وهذا باتّفاقٍ في الجملة ، لخبر مسلمٍ : « إذا دعي أحدكم إلى طعامٍ فليجب ، فإن كان صائماً فليصلّ . وإن كان مفطراً فليطعم » أي فليدع بالبركة . ووقع للنّوويّ في شرح مسلمٍ تصحيح وجوب الأكل . وهو قول عند بعض المالكيّة . وإن كان صائماً تطوّعاً ، فعند الشّافعيّة والحنابلة يستحبّ له الأكل ، وإفطاره لجبر خاطر الدّاعي أفضل من إمساكه ولو آخر النّهار ، لما روي أنّه « صنع أبو سعيدٍ الخدريّ طعاماً فدعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال رجل من القوم : إنّي صائم ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صنع لك أخوك وتكلّف لك أخوك أفطر وصم يوماً مكانه » . ولأنّ في الأكل إجابة أخيه المسلم وإدخال السّرور على قلبه . وعند الحنفيّة والمالكيّة يكتفي الصّائم بالدّعاء لصاحب الوليمة ، ومن أضاف أحداً وقدّم له الطّعام فالمستحبّ أن يأكل صاحب الطّعام مع ضيفه ، وألاّ يقوم عن الطّعام وغيره يأكل ، ما دام يظنّ به حاجة إلى الأكل ، قال الإمام أحمد : يأكل بالسّرور مع الإخوان ، وبالإيثار مع الفقراء ، وبالمروءة مع أبناء الدّنيا . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية