الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40955" data-attributes="member: 329"><p>آداب الأكل :</p><p>أ - آداب ما قبل الأكل :</p><p>8 - أوّلاً : من آداب الأكل السّؤال عن الطّعام إذا كان ضيفاً على أحدٍ ولا يعرفه ، ولا يطمئنّ إلى ما قد يقدّمه إليه . فقد« كان الرّسول صلى الله عليه وسلم لا يأكل طعاماً حتّى يحدّث أو يسمّى له فيعرف ما هو» ، فقد روى البخاريّ عن « خالد بن الوليد أنّه دخل مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على ميمونة ، وهي خالته وخالة ابن عبّاسٍ فوجد عندها ضبّاً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة ابن الحارث من نجدٍ فقدّمت الضّبّ لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكان قلّما يقدّم يده لطعامٍ حتّى يحدّث به ويسمّى له ، وأهوى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يده إلى الضّبّ فقالت امرأة من النّسوة الحضور : أخبرن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أنّ ما قدّمتنّ له هو الضّبّ يا رسول اللّه ، فرفع رسول اللّه يده عن الضّبّ ، قال خالد بن الوليد : أحرام الضّبّ يا رسول اللّه ؟ قال : لا . ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد : فاجتررته فأكلته ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينظر إليّ » . وشرحه الزّركشيّ فقال : قال ابن التّين : إنّما كان يسأل ، لأنّ العرب كانت لا تعاف شيئاً من المآكل لقلّتها عندهم ، وكان هو صلى الله عليه وسلم قد يعاف بعض الشّيء ، فلذلك كان يسأل . ويحتمل أنّه كان يسأل لأنّ الشّرع ورد بتحريم بعض الحيوانات وإباحة بعضها ، وكانوا لا يحرّمون منها شيئاً ، وربّما أتوا به مشويّاً أو مطبوخاً فلا يتميّز من غيره إلاّ بالسّؤال عنه .</p><p>ثانياً : المبادرة إلى الأكل إذا قدّم إليه الطّعام من مضيفه :</p><p>9 - فإنّ من كرامة الضّيف تعجيل التّقديم له ، ومن كرامة صاحب المنزل المبادرة إلى قبول طعامه والأكل منه ، فإنّهم كانوا إذا رأوا الضّيف لا يأكل ظنّوا به شرّاً ، فعلى الضّيف أن يهدّئ خاطر مضيفه بالمبادرة إلى طعامه ، فإنّ في ذلك اطمئناناً لقلبه .</p><p>ثالثاً : غسل اليدين قبل الطّعام :</p><p>10 - يستحبّ غسل اليدين قبل الطّعام ، ليأكل بها وهما نظيفتان ، لئلاّ يضرّ نفسه بما قد يكون عليهما من الوسخ . وقيل إنّ ذلك لنفي الفقر ، لما في الحديث : « الوضوء قبل الطّعام ينفي الفقر » .</p><p>رابعاً : التّسمية قبل الأكل :</p><p>11 - يستحبّ التّسمية قبل الأكل ، والمراد بالتّسمية على الطّعام قول " باسم اللّه " في ابتداء الأكل ، فقد روي عن عائشة مرفوعاً : « إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل : باسم اللّه ، فإن نسي في أوّله فليقل : باسم اللّه في أوّله وآخره » ويرى النّوويّ أنّ الأفضل أن يقول المرء : بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن قال : باسم اللّه كفاه وحصلت السّنّة ، لما روى عمر بن أبي سلمة قال : « كنت غلاماً في حجر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصّحفة ، فقال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : يا غلام : سمّ اللّه ، وكل بيمينك ، وكلّ ممّا يليك » .</p><p>خامساً : آداب الأكل أثناء الطّعام وبعده :</p><p>أ - الأكل باليمين :</p><p>12 - ينبغي للمسلم أن يأكل بيمينه ولا يأكل بشماله ، فقد روت عائشة رضي الله عنها :« أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التّيمّن في تنعّله وترجّله وطهوره في شأنه كلّه » . وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يأكلن أحد منكم بشماله ، ولا يشربنّ بها ، فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بها » .</p><p> وهذا إن لم يكن عذر ، فإن كان عذر يمنع الأكل أو الشّرب باليمين من مرضٍ أو جراحةٍ أو غير ذلك فلا كراهة في الشّمال .</p><p> والحديث يشير إلى أنّ الإنسان ينبغي أن يتجنّب الأفعال الّتي تشبه أفعال الشّيطان .</p><p>ب - الأكل ممّا يليه :</p><p>13 - يسنّ أن يأكل الإنسان ممّا يليه في الطّعام مباشرةً ، ولا تمتدّ يده إلى ما يلي الآخرين ، ولا إلى وسط الطّعام ، لأنّ أكل المرء من موضع صاحبه سوء عشرةٍ وترك مروءةٍ ، وقد يتقذّره صاحبه لا سيّما في الأمراق وما شابهها ، وذلك لما روى ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ البركة تنزل وسط الطّعام ، فكلوا من حافّتيه ولا تأكلوا من وسطه » . وكذلك ما روي عن عمر بن أبي سلمة قال : « كنت غلاماً في حجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصّحفة ، فقال لي : يا غلام سمّ اللّه وكل بيمينك وكل ممّا يليك قال : فما زالت تلك طعمتي بعد » . إلاّ أنّه إن كان الطّعام تمراً أو أجناساً فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيدي في الطّبق ونحوه .</p><p>ج - غسل اليد بعد الطّعام :</p><p>14 - تحصل السّنّة بمجرّد الغسل بالماء ، قال ابن رسلان : والأولى غسل اليد بالأشنان أو الصّابون أو ما في معناهما . فقد أخرج التّرمذيّ عن أنسٍ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إنّ الشّيطان حسّاس لحّاس ، فاحذرواه على أنفسكم ، من بات وفي يده غمر فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه » .</p><p>هذا والغسل مستحبّ قبل الأكل وبعده ، ولو كان الشّخص على وضوءٍ . وروى سلمان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « بركة الطّعام الوضوء قبله ، والوضوء بعده » ، قال الطّيبيّ : المراد بالوضوء تنظيف اليد بغسلها ، وليس الوضوء الشّرعيّ .</p><p>د - المضمضة بعد الطّعام :</p><p>15 - المضمضة بعد الفراغ من الطّعام مستحبّة ، لما روى بشير بن يسارٍ عن سويد بن النّعمان أنّه أخبره « أنّهم كانوا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالصّهباء - وهي على روحةٍ من خيبر - فحضرت الصّلاة ، فدعا بطعامٍ فلم يجده إلاّ سويقاً فلاك منه ، فلكنا معه ثمّ دعا بماءٍ فمضمض ، ثمّ صلّى وصلّينا ولم يتوضّأ » .</p><p>هـ – الدّعاء للمضيف :</p><p>16- فقد روى أنس أنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبزٍ وزيتٍ فأكل ، ثمّ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أفطر عندكم الصّائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلّت عليكم الملائكة » . وعن جابرٍ وقال : « صنع أبو الهيثم بن النّبهان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم طعاماً فدعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلمّا فرغوا قال : أثيبوا أخاكم ، قالوا : يا رسول اللّه وما إثابته ؟ قال : إنّ الرّجل إذا دخل بيته فأكل طعامه وشرب شرابه فدعوا له ، فذلك إثابته »</p><p> و- الأكل بثلاثة أصابع :</p><p>17 - السّنّة الأكل بثلاثة أصابع ، قال عياض : والأكل بأكثر منها من الشّره وسوء الأدب ، ولأنّه غير مضطرٍّ لذلك لجمعه اللّقمة وإمساكها من جهاتها الثّلاث : وإن اضطرّ إلى الأكل بأكثر من ثلاثة أصابع ، لخفّة الطّعام وعدم تلفيقه بالثّلاث يدعمه بالرّابعة أو الخامسة . هذا إن أكل بيده ، ولا بأس باستعمال الملعقة ونحوها كما يأتي .</p><p>ز - أكل اللّقمة السّاقطة :</p><p>18 - إذا وقعت اللّقمة فليمط الآكل عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشّيطان ، لأنّه لا يدري موضع البركة في طعامه ، وقد يكون في هذه اللّقمة السّاقطة ، فتركها يفوّت على المرء بركة الطّعام ، لما روي عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « كان إذا طعم طعاماً لعق أصابعه الثّلاث وقال : وإذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ، ولا يدعها للشّيطان » .</p><p>ج - عدم الاتّكاء أثناء الأكل :</p><p>19 - وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم « أمّا أنا فلا آكل متّكئاً » قال الخطّابيّ : المتّكئ هنا الجالس معتمداً على وطاءٍ تحته ، كقعود من يريد الإكثار من الطّعام . وسبب الحديث المذكور قصّة الأعرابيّ المذكور في حديث عبد اللّه بن بسرٍ قال : « أهديت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم شاةً ، فجثا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على ركبتيه يأكل ، فقال أعرابيّ : ما هذه الجلسة ؟ فقال : إنّ اللّه جعلني عبداً كريماً ، ولم يجعلني جبّاراً عنيداً … » واختلف في صفة الاتّكاء ، لكن مرادهم أنّ الإكثار من الطّعام مذموم ، ومراده صلى الله عليه وسلم ذمّ فعل من يستكثر الطّعام ، ومدح من لا يأكل إلاّ البلغة من الزّاد ، ولذلك قعد مستوفزاً .</p><p> ط - التّسوية بين الحاضرين على الطّعام :</p><p>20 - فقد روي عن جابرٍ « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أتى بعض حجر نسائه ، فدخل ، ثمّ أذن لي فدخلت الحجاب عليها ، فقال : هل من غداءٍ ؟ فقالوا : نعم . فأتي بثلاثة أقرصةٍ فوضعن على نبيٍّ- مائدةٍ من خوصٍ- فأخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرصاً فوضعه بين يديه ، وأخذ قرصاً آخر فوضعه بين يديّ ، ثمّ أخذ الثّالث فكسره اثنين ، فحمل نصفه بين يديه ونصفه بين يديّ ، ثمّ قال : هل من أدمٍ ؟ قالوا : لا ، إلاّ شيء من خلٍّ ، قال : هاتوه ، فنعم الأدم هو » . والتّسوية بين الحاضرين على الطّعام مستحبّة ، حتّى لو كان بعض الحاضرين أفضل من بعضٍ .</p><p> هذا ومن آداب الأكل أثناء الطّعام إكرام الخبز ، لحديث عائشة مرفوعاً : « أكرموا الخبز » ، وعدم البصاق والمخاط حال الأكل إلاّ لضرورةٍ . ومن آدابه كذلك الأكل مع الجماعة ، والحديث غير المحرّم على الطّعام ، ومؤاكلة صغاره وزوجاته ، وألاّ يخصّ نفسه بطعامٍ إلاّ لعذرٍ كدواءٍ ، بل يؤثرهم على نفسه فاخر الطّعام ، كقطعة لحمٍ وخبزٍ ليّنٍ أو طيّبٍ . وإذا فرغ ضيفه من الطّعام ورفع يده قال صاحب الطّعام : كل ، ويكرّرها عليه ما لم يتحقّق أنّه اكتفى منه ، ولا يزيد على ثلاث مرّاتٍ ، وأن يتخلّل ، ولا يبتلع ما يخرج من أسنانه بالخلال بل يرميه . </p><p>آداب الأكل بعد الفراغ منه :</p><p>22 - يسنّ أن يقول الآكل ما ورد من حمد اللّه والدّعاء بعد تمام الأكل ، فقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال : « الحمد للّه حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودّعٍ ولا مستغنًى عنه ربّنا » وقد كان الرّسول صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً غير اللّبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه ، وأطعمنا خيراً منه » وإذا شرب لبناً قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه ، وزدنا منه » . وقد روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من أطعمه اللّه طعاماً فليقل : اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه ، ومن سقاه اللّه لبناً فليقل : اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » . </p><p>آداب عامّة في الأكل :</p><p>أ - عدم ذمّ الطّعام :</p><p>23 - روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : « ما عاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم طعاماً قطّ ، إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه » والمراد الطّعام المباح ، أمّا الحرام فكان يعيبه ويذمّه وينهى عنه . وذهب بعضهم إلى أنّه إن كان العيب من جهة الخلقة كره ، وإن كان من جهة الصّنعة لم يكره ، لأنّ صنعة اللّه لا تعاب وصنعة الآدميّين تعاب . والّذي يظهر التّعميم ، فإنّ فيه كسر قلب الصّانع .</p><p> قال النّوويّ : من آداب الطّعام المتأكّدة ألاّ يعاب كقوله : مالح ، حامض ، قليل الملح ، غليظ ، رقيق ، غير ناضجٍ ، وغير ذلك - قال ابن بطّالٍ : هذا من حسن الآداب ، لأنّ المرء قد لا يشتهي الشّيء ويشتهيه غيره ، وكلّ مأذونٍ في أكله من قبل الشّرع ليس فيه عيب . </p><p>ب - استعمال الملاعق والسّكاكين وأدوات الطّعام :</p><p>24 - يجوز استعمال السّكّين وما في معناه ، لخبر الصّحيحين عن « عمرو بن أميّة الضّمريّ أنّه رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحتزّ من كتف شاةٍ في يده ، فدعي إلى الصّلاة ، فألقاها والسّكّين الّتي يحتزّ بها ، ثمّ قام فصلّى ولم يتوضّأ » .</p><p> وأمّا خبر « لا تقطعوا اللّحم بالسّكّين » فقد سئل عنه الإمام أحمد فقال : ليس بصحيحٍ . وقال ابن مفلحٍ : أمّا تقطيع الخبز بالسّكّين فلم أجد فيه كلاماً . </p><p>ج - تحرّي الأكل من الحلال :</p><p>25 - قال اللّه تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } . وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا يحلبن أحد ماشية امرئٍ بغير إذنه ، أيحبّ أحدكم أن تؤتى مشربته ، فتكسر خزانته ، فينتقل طعامه ، فإنّما تخزّن لهم ضروع ماشيتهم أطعماتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية أحدٍ إلاّ بإذنه ».</p><p>قال الشّافعيّ رحمه الله : أصل المأكول والمشروب إذا لم يكن لمالكٍ من الآدميّين ، أو أحلّه مالكه ، أنّه حلال إلاّ ما حرّم اللّه عزّ وجلّ في كتابه أو على لسان نبيّه صلى الله عليه وسلم فإنّ ما حرّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لزم في كتاب اللّه عزّ وجلّ أن يحرّم .</p><p> ويحرم ما لم يختلف المسلمون في تحريمه ، وكان في معنى كتابٍ أو سنّةٍ أو إجماعٍ ، فإن قال قائل فما الحجّة في أنّ كلّ ما كان مباح الأصل يحرم بمالكه ، حتّى يأذن فيه مالكه فالحجّة فيه : أنّ اللّه عزّ وجلّ قال : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } . وقال تبارك وتعالى { وآتوا النّساء صدقاتهنّ نحلةً فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً } وقال : { وآتوا اليتامى أموالهم } ، مع آيٍ كثيرةٍ في كتاب اللّه عزّ وجلّ حظر فيها أموال النّاس إلاّ بطيب أنفسهم .</p><p> وممّا روي في تحريم مال الغير بغير إذنه ما ورد عن عميرٍ مولى أبي اللّحم قال : « أقبلت مع سادتي نريد الهجرة ، حتّى أن دنونا من المدينة ، قال : فدخلوا المدينة ، وخلّفوني في ظهرهم قال : فأصابني مجاعة شديدة ، قال : فمرّ بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا لي : لو دخلت المدينة فأصبت من تمر حوائطها ، فدخلت حائطاً ، فقطعت منه قنوين ، فأتاني صاحب الحائط ، فأتى بي إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأخبره خبري ، وعليّ ثوبان ، فقال لي : أيّهما أفضل ؟ فأشرت له إلى أحدهما ، فقال : خذه ، وأعطى صاحب الحائط الآخر ، وأخلى سبيلي » وفي هذا دليل على أنّ الحاجة لا تبيح الإقدام على مال الغير مع وجود ما يمكن الانتفاع به أو بقيمته ، ولو كان ممّا تدعو حاجة الإنسان إليه ، فإنّه هنا أخذ أحد ثوبيه ، ودفعه إلى صاحب النّخل .</p><p>ما يترتّب على قاعدة تحرّي الحلال في الأكل :</p><p>أ - حكم المضطرّ :</p><p>26 - من غلب على ظنّه هلاك نفسه ، ولم يجد إلاّ ميتةً أو نحوها من المحرّمات أو مال الغير ، لزمه الأكل منه بقدر ما يحيي نفسه ، لقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة } . وقوله تعالى : { فمن اضطرّ غير باغٍ } أي على مضطرٍّ آخر { ولا عادٍ } أي سدّ الجوعة فأكل { فلا إثم عليه } . قال الزّركشيّ : وينبغي أن يكون خوف حصول الشّين الفاحش في عضوٍ ظاهرٍ ، كخوف طول المرض كما في التّيمّم . واكتفى بالظّنّ ، كما في الإكراه على أكل ذلك ، فلا يشترط فيه التّيقّن ولا الإشراف على الموت .</p><p> وللمضطرّ أن يأكل ما يسدّ الرّمق أي ما يحفظ الحياة وهو مذهب أبي حنيفة والشّافعيّ ، وهو الأظهر عند الحنابلة . قال الموّاق : ونصّ الموطّأ : ومن أحسن ما سمعته في الرّجل يضطرّ إلى الميتة أنّه يأكل منها حتّى يشبع ويتزوّد منها ، فإن وجد عنها غنًى طرحها . ويحرم الأكل من الميتة على المضطرّ في سفر المعصية ، كقاطع الطّريق والآبق ، لقوله تعالى : { فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } قال مجاهد : غير باغٍ على المسلمين ولا عادٍ عليهم . وقال سعيد بن جبيرٍ : إذا خرج يقطع الطّريق فلا رخصة له . فإن تاب وأقلع عن معصيته حلّ له الأكل . وفي ذلك خلاف وتفصيل يرجع إليه تحت عنوان ( اضطرار ) . وإن اضطرّ فلم يجد ميتةً ، ومع رجلٍ شيء كان له أن يكابره ، وعلى الرّجل أن يعطيه ، وإذا كابره أعطاه ثمنه وافياً ، فإن كان إذا أخذ شيئاً خاف مالك المال على نفسه لم يكن له مكابرته . قال القرافيّ في الذّخيرة : وإذا أكل مال مسلمٍ اقتصر على سدّ الرّمق ، إلاّ أن يعلم طول الطّريق فليتزوّد ، لأنّ مواساته تجب إذا جاع . </p><p>ب - الأكل من بستان الغير وزرعه دون إذنه :</p><p>27 - قال صاحب المغني من الحنابلة : من مرّ ببستان غيره يباح له الأكل منه ، من غير فرقٍ بين أن يكون مضطرّاً إلى الأكل أو لا ، ومحلّ ذلك إذا لم يكن للبستان حائط ، أي جدار يمنع الدّخول إليه لحرزه ، لما في ذلك من الإشعار بعدم الرّضى .</p><p> ودليل ذلك ما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إذا أتى أحدكم حائطاً ، فأراد أن يأكل ، فليناد : يا صاحب الحائط ، ثلاثاً ، فإن أجابه وإلاّ فليأكل ، وإذا مرّ أحدكم بإبلٍ فأراد أن يشرب من ألبانها ، فليناد : يا صاحب الإبل أو يا راعي الإبل ، فإن أجابه ، وإلاّ فليشرب » .</p><p> وروي عن أحمد أنّه قال : يأكل ممّا تحت الشّجر ، وإذا لم يكن تحت الشّجر فلا يأكل ثمار النّاس وهو غنيّ ، ولا يأكل بضربٍ بحجرٍ ، ولا يرمي ، لأنّ هذا يفسد . غير أنّه يمتنع على الإنسان أن يأخذ خبنةً ، وهي ما تحمله وتخرج به من ثمار الغير ، لأنّ هذا منهيّ عنه بنصّ الحديث الشّريف ، فقد « سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الثّمر المعلّق فقال : من أصاب بفيه من ذي حاجةٍ غير متّخذٍ خبنةً فلا شيء عليه ، ومن خرج بشيءٍ منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة » .</p><p> وقول المالكيّة كقول الحنابلة ، ولكن قيّدوه بحال الحاجة . أمّا في غير الحاجة فالأصحّ عندهم المنع .</p><p> وعند الشّافعيّة قال النّوويّ : من مرّ بثمر غيره أو زرعه لم يجز له أن يأخذ منه ، ولا يأكل بغير إذن صاحبه إلاّ أن يكون مضطرّاً فيأكل ويضمن .</p><p> وحكم الثّمار السّاقطة من الأشجار حكم سائر الثّمار إن كانت داخل الجدار ، فإن كانت خارجه فكذلك إن لم تجر عادتهم بإباحتها ، فإن جرت بذلك ، فهل تجري العادة المطّردة مجرى الإباحة ؟ والأصحّ : أنّها تجري مجرى الإباحة .</p><p> وأمّا الأكل من الزّرع فعن أحمد فيه روايتان : إحداهما قال : لا يأكل ، إنّما رخّص في الثّمار وليس الزّرع ، وقال : ما سمعنا في الزّرع أن يمسّ منه . ووجهه أنّ الثّمار خلقها اللّه للأكل رطبةً ، والنّفوس تتشوّق إليها ، والزّرع بخلافها .</p><p> والرّواية الثّانية : قال يأكل من الفريك ، لأنّ العادة جارية بأكله رطباً ، أشبه الثّمر . وكذلك الحكم في الباقلاء والحمّص وشبهه ممّا يؤكل رطباً ، فأمّا الشّعير وما لم تجر العادة بأكله فلا يجوز الأكل منه ، قال : والأولى في الثّمار وغيرها ألاّ يؤكل منها إلاّ بإذنٍ ، لما فيه من الخلاف والأخبار الدّالّة على التّحريم .</p><p> وعنه أيضاً في حلب الماشية روايتان : إحداهما يجوز له أن يحلب ويشرب ولا يحمل . والثّانية : لا يجوز له أن يحلب ولا يشرب ، ولكلٍّ منهما ما يسنده من قول الرّسول صلى الله عليه وسلم . فالإباحة يسندها الحديث المتقدّم .</p><p> والحظر يدلّ له حديث الرّسول صلى الله عليه وسلم قال : « لا يحلبن أحد ماشية امرئٍ بغير إذنه ، أيحبّ أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه ، فإنّما تخزّن لهم ضروع ماشيتهم أطعماتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية أحدٍ إلاّ بإذنه » . </p><p>حكم أخذ النّثار في العرس وغيره :</p><p>28 - النّثار مكروه في العرس وغيره ، روي ذلك عن أبي مسعودٍ البدريّ وعكرمة وابن سيرين وعطاءٍ وعبد اللّه بن يزيد الخطميّ وطلحة وزبيدٍ الياميّ ، وبه قال مالك والشّافعيّ وأحمد لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن النّهبى والمثلة » . ولأنّ فيه نهباً وتزاحماً وقتالاً ، وربّما أخذه من يكره صاحب النّثار لحرصه وشرهه ودناءة نفسه ، ويحرمه من يحبّ صاحبه لمروءته وصيانة نفسه وعرضه . والغالب هذا ، فإنّ أهل المروءات يصونون أنفسهم عن مزاحمة سفلة النّاس على شيءٍ من الطّعام أو غيره ، ولأنّ في هذا دناءةً ، واللّه يحبّ معالي الأمور ويكره سفسافها .</p><p> وروي عن أحمد رواية ثانية : أنّه ليس بمكروهٍ ، اختارها أبو بكرٍ ، وهو قول الحسن وقتادة والنّخعيّ وأبي حنيفة وأبي عبيدٍ وابن المنذر ، لما روى عبد اللّه بن قرطٍ قال : « قرّب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خمس بدناتٍ أو ستّ ، فطفقن يزدلفن إليه ، بأيّتهنّ يبدأ ، فنحرها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقال كلمةً لم أسمعها ، فسألت من قرب منه فقال قال : من شاء اقتطع » وهذا جارٍ مجرى النّثار ، وقد روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دعي إلى وليمة رجلٍ من الأنصار ثمّ أتوا بنهبٍ فأنهب عليه » . قال الرّاوي « ونظرت إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يزاحم النّاس أو نحو ذلك ، قلت : يا رسول اللّه أو ما نهيتنا عن النّهبة ؟ قال : نهيتكم عن نهبة العساكر » ولأنّه نوع إباحةٍ فأشبه إباحة الطّعام للضّيفان . </p><p>زمان الأكل بالنّسبة للصّائم :</p><p>29 - يسنّ للصّائم أن يؤخّر سحوره إلى آخر اللّيل مع تحقّق بقاء اللّيل ، وأن يعجّل فطوره بعد التّيقّن من غروب الشّمس . وتفصيل ذلك ينظر تحت عنوان ( الصّوم ) . </p><p></p><p>أكولة *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الأكولة لغةً : صيغة مبالغةٍ ، بمعنى : كثيرة الأكل ، وتكون بمعنى المفعول أيضاً أي المأكولة ، وفي الحديث : « نهي المصدّق عن أخذ الأكولة من الأنعام في الصّدقة » . واختلف في تفسير الأكولة فقيل : هي الشّاة الّتي تعزل للأكل وتسمّن .</p><p> وقيل : أكولة غنم الرّجل : الخصيّ والهرمة والعاقر والكبش .</p><p> وعند الفقهاء : شاة اللّحم تسمّن لتؤكل ، ذكراً كان أو أنثى ، وكذا توصف به المرأة الكثيرة الأكل .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>2 - الرّبّى : الشّاة الّتي تربّى للّبن ، وهي من كرائم الأموال مثل الشّاة الأكولة . </p><p> الحكم الإجماليّ ومواطن البحث :</p><p>3 - يتّفق الفقهاء على أنّه ليس للسّاعي أن يأخذ الأكولة من الغنم ، لأنّها من كرائم الأموال . « لقوله لمعاذٍ حين بعثه إلى اليمن : إيّاك وكرائم أموالهم » رواه الجماعة ، هذا إن كانت الغنم خياراً ولئاماً ، وكذا إن كانت كلّها لئاماً ، لا يأخذ السّاعي الأكولة إلاّ برضى المالك . فإن كانت كلّها خياراً فإنّ من الفقهاء من قال : تجب الأكولة ، ومنهم من قال : تكفي الوسط .</p><p>4 - والزّوجة الأكولة لا تختلف عن غيرها في مقدار النّفقة عند من يقدّر للزّوجة بحسب يسار الزّوج أو إعساره ، وكذا لا تختلف عن غيرها عند من يقول بالكفاية ، غير أنّ المالكيّة قالوا : إنّ الزّوجة الأكولة يجب لها كفايتها من الأكل أو يطلّقها ، ولا خيار له في فسخ النّكاح وإمضائه ، وهذا ما لم يشترط كونها غير أكولةٍ ، وإلاّ فله ردّها ما لم ترض بالوسط .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40955, member: 329"] آداب الأكل : أ - آداب ما قبل الأكل : 8 - أوّلاً : من آداب الأكل السّؤال عن الطّعام إذا كان ضيفاً على أحدٍ ولا يعرفه ، ولا يطمئنّ إلى ما قد يقدّمه إليه . فقد« كان الرّسول صلى الله عليه وسلم لا يأكل طعاماً حتّى يحدّث أو يسمّى له فيعرف ما هو» ، فقد روى البخاريّ عن « خالد بن الوليد أنّه دخل مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على ميمونة ، وهي خالته وخالة ابن عبّاسٍ فوجد عندها ضبّاً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة ابن الحارث من نجدٍ فقدّمت الضّبّ لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكان قلّما يقدّم يده لطعامٍ حتّى يحدّث به ويسمّى له ، وأهوى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يده إلى الضّبّ فقالت امرأة من النّسوة الحضور : أخبرن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أنّ ما قدّمتنّ له هو الضّبّ يا رسول اللّه ، فرفع رسول اللّه يده عن الضّبّ ، قال خالد بن الوليد : أحرام الضّبّ يا رسول اللّه ؟ قال : لا . ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد : فاجتررته فأكلته ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينظر إليّ » . وشرحه الزّركشيّ فقال : قال ابن التّين : إنّما كان يسأل ، لأنّ العرب كانت لا تعاف شيئاً من المآكل لقلّتها عندهم ، وكان هو صلى الله عليه وسلم قد يعاف بعض الشّيء ، فلذلك كان يسأل . ويحتمل أنّه كان يسأل لأنّ الشّرع ورد بتحريم بعض الحيوانات وإباحة بعضها ، وكانوا لا يحرّمون منها شيئاً ، وربّما أتوا به مشويّاً أو مطبوخاً فلا يتميّز من غيره إلاّ بالسّؤال عنه . ثانياً : المبادرة إلى الأكل إذا قدّم إليه الطّعام من مضيفه : 9 - فإنّ من كرامة الضّيف تعجيل التّقديم له ، ومن كرامة صاحب المنزل المبادرة إلى قبول طعامه والأكل منه ، فإنّهم كانوا إذا رأوا الضّيف لا يأكل ظنّوا به شرّاً ، فعلى الضّيف أن يهدّئ خاطر مضيفه بالمبادرة إلى طعامه ، فإنّ في ذلك اطمئناناً لقلبه . ثالثاً : غسل اليدين قبل الطّعام : 10 - يستحبّ غسل اليدين قبل الطّعام ، ليأكل بها وهما نظيفتان ، لئلاّ يضرّ نفسه بما قد يكون عليهما من الوسخ . وقيل إنّ ذلك لنفي الفقر ، لما في الحديث : « الوضوء قبل الطّعام ينفي الفقر » . رابعاً : التّسمية قبل الأكل : 11 - يستحبّ التّسمية قبل الأكل ، والمراد بالتّسمية على الطّعام قول " باسم اللّه " في ابتداء الأكل ، فقد روي عن عائشة مرفوعاً : « إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل : باسم اللّه ، فإن نسي في أوّله فليقل : باسم اللّه في أوّله وآخره » ويرى النّوويّ أنّ الأفضل أن يقول المرء : بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن قال : باسم اللّه كفاه وحصلت السّنّة ، لما روى عمر بن أبي سلمة قال : « كنت غلاماً في حجر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصّحفة ، فقال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : يا غلام : سمّ اللّه ، وكل بيمينك ، وكلّ ممّا يليك » . خامساً : آداب الأكل أثناء الطّعام وبعده : أ - الأكل باليمين : 12 - ينبغي للمسلم أن يأكل بيمينه ولا يأكل بشماله ، فقد روت عائشة رضي الله عنها :« أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التّيمّن في تنعّله وترجّله وطهوره في شأنه كلّه » . وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يأكلن أحد منكم بشماله ، ولا يشربنّ بها ، فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بها » . وهذا إن لم يكن عذر ، فإن كان عذر يمنع الأكل أو الشّرب باليمين من مرضٍ أو جراحةٍ أو غير ذلك فلا كراهة في الشّمال . والحديث يشير إلى أنّ الإنسان ينبغي أن يتجنّب الأفعال الّتي تشبه أفعال الشّيطان . ب - الأكل ممّا يليه : 13 - يسنّ أن يأكل الإنسان ممّا يليه في الطّعام مباشرةً ، ولا تمتدّ يده إلى ما يلي الآخرين ، ولا إلى وسط الطّعام ، لأنّ أكل المرء من موضع صاحبه سوء عشرةٍ وترك مروءةٍ ، وقد يتقذّره صاحبه لا سيّما في الأمراق وما شابهها ، وذلك لما روى ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ البركة تنزل وسط الطّعام ، فكلوا من حافّتيه ولا تأكلوا من وسطه » . وكذلك ما روي عن عمر بن أبي سلمة قال : « كنت غلاماً في حجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصّحفة ، فقال لي : يا غلام سمّ اللّه وكل بيمينك وكل ممّا يليك قال : فما زالت تلك طعمتي بعد » . إلاّ أنّه إن كان الطّعام تمراً أو أجناساً فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيدي في الطّبق ونحوه . ج - غسل اليد بعد الطّعام : 14 - تحصل السّنّة بمجرّد الغسل بالماء ، قال ابن رسلان : والأولى غسل اليد بالأشنان أو الصّابون أو ما في معناهما . فقد أخرج التّرمذيّ عن أنسٍ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إنّ الشّيطان حسّاس لحّاس ، فاحذرواه على أنفسكم ، من بات وفي يده غمر فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه » . هذا والغسل مستحبّ قبل الأكل وبعده ، ولو كان الشّخص على وضوءٍ . وروى سلمان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « بركة الطّعام الوضوء قبله ، والوضوء بعده » ، قال الطّيبيّ : المراد بالوضوء تنظيف اليد بغسلها ، وليس الوضوء الشّرعيّ . د - المضمضة بعد الطّعام : 15 - المضمضة بعد الفراغ من الطّعام مستحبّة ، لما روى بشير بن يسارٍ عن سويد بن النّعمان أنّه أخبره « أنّهم كانوا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالصّهباء - وهي على روحةٍ من خيبر - فحضرت الصّلاة ، فدعا بطعامٍ فلم يجده إلاّ سويقاً فلاك منه ، فلكنا معه ثمّ دعا بماءٍ فمضمض ، ثمّ صلّى وصلّينا ولم يتوضّأ » . هـ – الدّعاء للمضيف : 16- فقد روى أنس أنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبزٍ وزيتٍ فأكل ، ثمّ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أفطر عندكم الصّائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلّت عليكم الملائكة » . وعن جابرٍ وقال : « صنع أبو الهيثم بن النّبهان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم طعاماً فدعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلمّا فرغوا قال : أثيبوا أخاكم ، قالوا : يا رسول اللّه وما إثابته ؟ قال : إنّ الرّجل إذا دخل بيته فأكل طعامه وشرب شرابه فدعوا له ، فذلك إثابته » و- الأكل بثلاثة أصابع : 17 - السّنّة الأكل بثلاثة أصابع ، قال عياض : والأكل بأكثر منها من الشّره وسوء الأدب ، ولأنّه غير مضطرٍّ لذلك لجمعه اللّقمة وإمساكها من جهاتها الثّلاث : وإن اضطرّ إلى الأكل بأكثر من ثلاثة أصابع ، لخفّة الطّعام وعدم تلفيقه بالثّلاث يدعمه بالرّابعة أو الخامسة . هذا إن أكل بيده ، ولا بأس باستعمال الملعقة ونحوها كما يأتي . ز - أكل اللّقمة السّاقطة : 18 - إذا وقعت اللّقمة فليمط الآكل عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشّيطان ، لأنّه لا يدري موضع البركة في طعامه ، وقد يكون في هذه اللّقمة السّاقطة ، فتركها يفوّت على المرء بركة الطّعام ، لما روي عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « كان إذا طعم طعاماً لعق أصابعه الثّلاث وقال : وإذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ، ولا يدعها للشّيطان » . ج - عدم الاتّكاء أثناء الأكل : 19 - وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم « أمّا أنا فلا آكل متّكئاً » قال الخطّابيّ : المتّكئ هنا الجالس معتمداً على وطاءٍ تحته ، كقعود من يريد الإكثار من الطّعام . وسبب الحديث المذكور قصّة الأعرابيّ المذكور في حديث عبد اللّه بن بسرٍ قال : « أهديت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم شاةً ، فجثا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على ركبتيه يأكل ، فقال أعرابيّ : ما هذه الجلسة ؟ فقال : إنّ اللّه جعلني عبداً كريماً ، ولم يجعلني جبّاراً عنيداً … » واختلف في صفة الاتّكاء ، لكن مرادهم أنّ الإكثار من الطّعام مذموم ، ومراده صلى الله عليه وسلم ذمّ فعل من يستكثر الطّعام ، ومدح من لا يأكل إلاّ البلغة من الزّاد ، ولذلك قعد مستوفزاً . ط - التّسوية بين الحاضرين على الطّعام : 20 - فقد روي عن جابرٍ « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أتى بعض حجر نسائه ، فدخل ، ثمّ أذن لي فدخلت الحجاب عليها ، فقال : هل من غداءٍ ؟ فقالوا : نعم . فأتي بثلاثة أقرصةٍ فوضعن على نبيٍّ- مائدةٍ من خوصٍ- فأخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرصاً فوضعه بين يديه ، وأخذ قرصاً آخر فوضعه بين يديّ ، ثمّ أخذ الثّالث فكسره اثنين ، فحمل نصفه بين يديه ونصفه بين يديّ ، ثمّ قال : هل من أدمٍ ؟ قالوا : لا ، إلاّ شيء من خلٍّ ، قال : هاتوه ، فنعم الأدم هو » . والتّسوية بين الحاضرين على الطّعام مستحبّة ، حتّى لو كان بعض الحاضرين أفضل من بعضٍ . هذا ومن آداب الأكل أثناء الطّعام إكرام الخبز ، لحديث عائشة مرفوعاً : « أكرموا الخبز » ، وعدم البصاق والمخاط حال الأكل إلاّ لضرورةٍ . ومن آدابه كذلك الأكل مع الجماعة ، والحديث غير المحرّم على الطّعام ، ومؤاكلة صغاره وزوجاته ، وألاّ يخصّ نفسه بطعامٍ إلاّ لعذرٍ كدواءٍ ، بل يؤثرهم على نفسه فاخر الطّعام ، كقطعة لحمٍ وخبزٍ ليّنٍ أو طيّبٍ . وإذا فرغ ضيفه من الطّعام ورفع يده قال صاحب الطّعام : كل ، ويكرّرها عليه ما لم يتحقّق أنّه اكتفى منه ، ولا يزيد على ثلاث مرّاتٍ ، وأن يتخلّل ، ولا يبتلع ما يخرج من أسنانه بالخلال بل يرميه . آداب الأكل بعد الفراغ منه : 22 - يسنّ أن يقول الآكل ما ورد من حمد اللّه والدّعاء بعد تمام الأكل ، فقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال : « الحمد للّه حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودّعٍ ولا مستغنًى عنه ربّنا » وقد كان الرّسول صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً غير اللّبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه ، وأطعمنا خيراً منه » وإذا شرب لبناً قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه ، وزدنا منه » . وقد روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من أطعمه اللّه طعاماً فليقل : اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه ، ومن سقاه اللّه لبناً فليقل : اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » . آداب عامّة في الأكل : أ - عدم ذمّ الطّعام : 23 - روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : « ما عاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم طعاماً قطّ ، إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه » والمراد الطّعام المباح ، أمّا الحرام فكان يعيبه ويذمّه وينهى عنه . وذهب بعضهم إلى أنّه إن كان العيب من جهة الخلقة كره ، وإن كان من جهة الصّنعة لم يكره ، لأنّ صنعة اللّه لا تعاب وصنعة الآدميّين تعاب . والّذي يظهر التّعميم ، فإنّ فيه كسر قلب الصّانع . قال النّوويّ : من آداب الطّعام المتأكّدة ألاّ يعاب كقوله : مالح ، حامض ، قليل الملح ، غليظ ، رقيق ، غير ناضجٍ ، وغير ذلك - قال ابن بطّالٍ : هذا من حسن الآداب ، لأنّ المرء قد لا يشتهي الشّيء ويشتهيه غيره ، وكلّ مأذونٍ في أكله من قبل الشّرع ليس فيه عيب . ب - استعمال الملاعق والسّكاكين وأدوات الطّعام : 24 - يجوز استعمال السّكّين وما في معناه ، لخبر الصّحيحين عن « عمرو بن أميّة الضّمريّ أنّه رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحتزّ من كتف شاةٍ في يده ، فدعي إلى الصّلاة ، فألقاها والسّكّين الّتي يحتزّ بها ، ثمّ قام فصلّى ولم يتوضّأ » . وأمّا خبر « لا تقطعوا اللّحم بالسّكّين » فقد سئل عنه الإمام أحمد فقال : ليس بصحيحٍ . وقال ابن مفلحٍ : أمّا تقطيع الخبز بالسّكّين فلم أجد فيه كلاماً . ج - تحرّي الأكل من الحلال : 25 - قال اللّه تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } . وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا يحلبن أحد ماشية امرئٍ بغير إذنه ، أيحبّ أحدكم أن تؤتى مشربته ، فتكسر خزانته ، فينتقل طعامه ، فإنّما تخزّن لهم ضروع ماشيتهم أطعماتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية أحدٍ إلاّ بإذنه ». قال الشّافعيّ رحمه الله : أصل المأكول والمشروب إذا لم يكن لمالكٍ من الآدميّين ، أو أحلّه مالكه ، أنّه حلال إلاّ ما حرّم اللّه عزّ وجلّ في كتابه أو على لسان نبيّه صلى الله عليه وسلم فإنّ ما حرّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لزم في كتاب اللّه عزّ وجلّ أن يحرّم . ويحرم ما لم يختلف المسلمون في تحريمه ، وكان في معنى كتابٍ أو سنّةٍ أو إجماعٍ ، فإن قال قائل فما الحجّة في أنّ كلّ ما كان مباح الأصل يحرم بمالكه ، حتّى يأذن فيه مالكه فالحجّة فيه : أنّ اللّه عزّ وجلّ قال : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم } . وقال تبارك وتعالى { وآتوا النّساء صدقاتهنّ نحلةً فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً } وقال : { وآتوا اليتامى أموالهم } ، مع آيٍ كثيرةٍ في كتاب اللّه عزّ وجلّ حظر فيها أموال النّاس إلاّ بطيب أنفسهم . وممّا روي في تحريم مال الغير بغير إذنه ما ورد عن عميرٍ مولى أبي اللّحم قال : « أقبلت مع سادتي نريد الهجرة ، حتّى أن دنونا من المدينة ، قال : فدخلوا المدينة ، وخلّفوني في ظهرهم قال : فأصابني مجاعة شديدة ، قال : فمرّ بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا لي : لو دخلت المدينة فأصبت من تمر حوائطها ، فدخلت حائطاً ، فقطعت منه قنوين ، فأتاني صاحب الحائط ، فأتى بي إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأخبره خبري ، وعليّ ثوبان ، فقال لي : أيّهما أفضل ؟ فأشرت له إلى أحدهما ، فقال : خذه ، وأعطى صاحب الحائط الآخر ، وأخلى سبيلي » وفي هذا دليل على أنّ الحاجة لا تبيح الإقدام على مال الغير مع وجود ما يمكن الانتفاع به أو بقيمته ، ولو كان ممّا تدعو حاجة الإنسان إليه ، فإنّه هنا أخذ أحد ثوبيه ، ودفعه إلى صاحب النّخل . ما يترتّب على قاعدة تحرّي الحلال في الأكل : أ - حكم المضطرّ : 26 - من غلب على ظنّه هلاك نفسه ، ولم يجد إلاّ ميتةً أو نحوها من المحرّمات أو مال الغير ، لزمه الأكل منه بقدر ما يحيي نفسه ، لقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة } . وقوله تعالى : { فمن اضطرّ غير باغٍ } أي على مضطرٍّ آخر { ولا عادٍ } أي سدّ الجوعة فأكل { فلا إثم عليه } . قال الزّركشيّ : وينبغي أن يكون خوف حصول الشّين الفاحش في عضوٍ ظاهرٍ ، كخوف طول المرض كما في التّيمّم . واكتفى بالظّنّ ، كما في الإكراه على أكل ذلك ، فلا يشترط فيه التّيقّن ولا الإشراف على الموت . وللمضطرّ أن يأكل ما يسدّ الرّمق أي ما يحفظ الحياة وهو مذهب أبي حنيفة والشّافعيّ ، وهو الأظهر عند الحنابلة . قال الموّاق : ونصّ الموطّأ : ومن أحسن ما سمعته في الرّجل يضطرّ إلى الميتة أنّه يأكل منها حتّى يشبع ويتزوّد منها ، فإن وجد عنها غنًى طرحها . ويحرم الأكل من الميتة على المضطرّ في سفر المعصية ، كقاطع الطّريق والآبق ، لقوله تعالى : { فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } قال مجاهد : غير باغٍ على المسلمين ولا عادٍ عليهم . وقال سعيد بن جبيرٍ : إذا خرج يقطع الطّريق فلا رخصة له . فإن تاب وأقلع عن معصيته حلّ له الأكل . وفي ذلك خلاف وتفصيل يرجع إليه تحت عنوان ( اضطرار ) . وإن اضطرّ فلم يجد ميتةً ، ومع رجلٍ شيء كان له أن يكابره ، وعلى الرّجل أن يعطيه ، وإذا كابره أعطاه ثمنه وافياً ، فإن كان إذا أخذ شيئاً خاف مالك المال على نفسه لم يكن له مكابرته . قال القرافيّ في الذّخيرة : وإذا أكل مال مسلمٍ اقتصر على سدّ الرّمق ، إلاّ أن يعلم طول الطّريق فليتزوّد ، لأنّ مواساته تجب إذا جاع . ب - الأكل من بستان الغير وزرعه دون إذنه : 27 - قال صاحب المغني من الحنابلة : من مرّ ببستان غيره يباح له الأكل منه ، من غير فرقٍ بين أن يكون مضطرّاً إلى الأكل أو لا ، ومحلّ ذلك إذا لم يكن للبستان حائط ، أي جدار يمنع الدّخول إليه لحرزه ، لما في ذلك من الإشعار بعدم الرّضى . ودليل ذلك ما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إذا أتى أحدكم حائطاً ، فأراد أن يأكل ، فليناد : يا صاحب الحائط ، ثلاثاً ، فإن أجابه وإلاّ فليأكل ، وإذا مرّ أحدكم بإبلٍ فأراد أن يشرب من ألبانها ، فليناد : يا صاحب الإبل أو يا راعي الإبل ، فإن أجابه ، وإلاّ فليشرب » . وروي عن أحمد أنّه قال : يأكل ممّا تحت الشّجر ، وإذا لم يكن تحت الشّجر فلا يأكل ثمار النّاس وهو غنيّ ، ولا يأكل بضربٍ بحجرٍ ، ولا يرمي ، لأنّ هذا يفسد . غير أنّه يمتنع على الإنسان أن يأخذ خبنةً ، وهي ما تحمله وتخرج به من ثمار الغير ، لأنّ هذا منهيّ عنه بنصّ الحديث الشّريف ، فقد « سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الثّمر المعلّق فقال : من أصاب بفيه من ذي حاجةٍ غير متّخذٍ خبنةً فلا شيء عليه ، ومن خرج بشيءٍ منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة » . وقول المالكيّة كقول الحنابلة ، ولكن قيّدوه بحال الحاجة . أمّا في غير الحاجة فالأصحّ عندهم المنع . وعند الشّافعيّة قال النّوويّ : من مرّ بثمر غيره أو زرعه لم يجز له أن يأخذ منه ، ولا يأكل بغير إذن صاحبه إلاّ أن يكون مضطرّاً فيأكل ويضمن . وحكم الثّمار السّاقطة من الأشجار حكم سائر الثّمار إن كانت داخل الجدار ، فإن كانت خارجه فكذلك إن لم تجر عادتهم بإباحتها ، فإن جرت بذلك ، فهل تجري العادة المطّردة مجرى الإباحة ؟ والأصحّ : أنّها تجري مجرى الإباحة . وأمّا الأكل من الزّرع فعن أحمد فيه روايتان : إحداهما قال : لا يأكل ، إنّما رخّص في الثّمار وليس الزّرع ، وقال : ما سمعنا في الزّرع أن يمسّ منه . ووجهه أنّ الثّمار خلقها اللّه للأكل رطبةً ، والنّفوس تتشوّق إليها ، والزّرع بخلافها . والرّواية الثّانية : قال يأكل من الفريك ، لأنّ العادة جارية بأكله رطباً ، أشبه الثّمر . وكذلك الحكم في الباقلاء والحمّص وشبهه ممّا يؤكل رطباً ، فأمّا الشّعير وما لم تجر العادة بأكله فلا يجوز الأكل منه ، قال : والأولى في الثّمار وغيرها ألاّ يؤكل منها إلاّ بإذنٍ ، لما فيه من الخلاف والأخبار الدّالّة على التّحريم . وعنه أيضاً في حلب الماشية روايتان : إحداهما يجوز له أن يحلب ويشرب ولا يحمل . والثّانية : لا يجوز له أن يحلب ولا يشرب ، ولكلٍّ منهما ما يسنده من قول الرّسول صلى الله عليه وسلم . فالإباحة يسندها الحديث المتقدّم . والحظر يدلّ له حديث الرّسول صلى الله عليه وسلم قال : « لا يحلبن أحد ماشية امرئٍ بغير إذنه ، أيحبّ أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه ، فإنّما تخزّن لهم ضروع ماشيتهم أطعماتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية أحدٍ إلاّ بإذنه » . حكم أخذ النّثار في العرس وغيره : 28 - النّثار مكروه في العرس وغيره ، روي ذلك عن أبي مسعودٍ البدريّ وعكرمة وابن سيرين وعطاءٍ وعبد اللّه بن يزيد الخطميّ وطلحة وزبيدٍ الياميّ ، وبه قال مالك والشّافعيّ وأحمد لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن النّهبى والمثلة » . ولأنّ فيه نهباً وتزاحماً وقتالاً ، وربّما أخذه من يكره صاحب النّثار لحرصه وشرهه ودناءة نفسه ، ويحرمه من يحبّ صاحبه لمروءته وصيانة نفسه وعرضه . والغالب هذا ، فإنّ أهل المروءات يصونون أنفسهم عن مزاحمة سفلة النّاس على شيءٍ من الطّعام أو غيره ، ولأنّ في هذا دناءةً ، واللّه يحبّ معالي الأمور ويكره سفسافها . وروي عن أحمد رواية ثانية : أنّه ليس بمكروهٍ ، اختارها أبو بكرٍ ، وهو قول الحسن وقتادة والنّخعيّ وأبي حنيفة وأبي عبيدٍ وابن المنذر ، لما روى عبد اللّه بن قرطٍ قال : « قرّب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خمس بدناتٍ أو ستّ ، فطفقن يزدلفن إليه ، بأيّتهنّ يبدأ ، فنحرها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقال كلمةً لم أسمعها ، فسألت من قرب منه فقال قال : من شاء اقتطع » وهذا جارٍ مجرى النّثار ، وقد روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دعي إلى وليمة رجلٍ من الأنصار ثمّ أتوا بنهبٍ فأنهب عليه » . قال الرّاوي « ونظرت إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يزاحم النّاس أو نحو ذلك ، قلت : يا رسول اللّه أو ما نهيتنا عن النّهبة ؟ قال : نهيتكم عن نهبة العساكر » ولأنّه نوع إباحةٍ فأشبه إباحة الطّعام للضّيفان . زمان الأكل بالنّسبة للصّائم : 29 - يسنّ للصّائم أن يؤخّر سحوره إلى آخر اللّيل مع تحقّق بقاء اللّيل ، وأن يعجّل فطوره بعد التّيقّن من غروب الشّمس . وتفصيل ذلك ينظر تحت عنوان ( الصّوم ) . أكولة * التّعريف : 1 - الأكولة لغةً : صيغة مبالغةٍ ، بمعنى : كثيرة الأكل ، وتكون بمعنى المفعول أيضاً أي المأكولة ، وفي الحديث : « نهي المصدّق عن أخذ الأكولة من الأنعام في الصّدقة » . واختلف في تفسير الأكولة فقيل : هي الشّاة الّتي تعزل للأكل وتسمّن . وقيل : أكولة غنم الرّجل : الخصيّ والهرمة والعاقر والكبش . وعند الفقهاء : شاة اللّحم تسمّن لتؤكل ، ذكراً كان أو أنثى ، وكذا توصف به المرأة الكثيرة الأكل . الألفاظ ذات الصّلة : 2 - الرّبّى : الشّاة الّتي تربّى للّبن ، وهي من كرائم الأموال مثل الشّاة الأكولة . الحكم الإجماليّ ومواطن البحث : 3 - يتّفق الفقهاء على أنّه ليس للسّاعي أن يأخذ الأكولة من الغنم ، لأنّها من كرائم الأموال . « لقوله لمعاذٍ حين بعثه إلى اليمن : إيّاك وكرائم أموالهم » رواه الجماعة ، هذا إن كانت الغنم خياراً ولئاماً ، وكذا إن كانت كلّها لئاماً ، لا يأخذ السّاعي الأكولة إلاّ برضى المالك . فإن كانت كلّها خياراً فإنّ من الفقهاء من قال : تجب الأكولة ، ومنهم من قال : تكفي الوسط . 4 - والزّوجة الأكولة لا تختلف عن غيرها في مقدار النّفقة عند من يقدّر للزّوجة بحسب يسار الزّوج أو إعساره ، وكذا لا تختلف عن غيرها عند من يقول بالكفاية ، غير أنّ المالكيّة قالوا : إنّ الزّوجة الأكولة يجب لها كفايتها من الأكل أو يطلّقها ، ولا خيار له في فسخ النّكاح وإمضائه ، وهذا ما لم يشترط كونها غير أكولةٍ ، وإلاّ فله ردّها ما لم ترض بالوسط . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية