الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40962" data-attributes="member: 329"><p>إمارة *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الإمارة بالكسر ، والإمرة : الولاية ، يقال : أمر على القوم يأمر ، من باب قتل فهو أمير . وأمر يأمر إمارةً وإمرةً : صار لهم أميراً . ويطلق على منصب الأمير ، وعلى جزءٍ من الأرض يحكمه أمير . </p><p>والاصطلاح الفقهيّ لا يخرج عن هذا المعنى في الجملة ، إلاّ أنّ الإمارة تكون في الأمور العامّة ، ولا تستفاد إلاّ من جهة الإمام ، أمّا الولاية فقد تكون في الأمور العامّة ، وقد تكون في الأمور الخاصّة ، وتستفاد من جهة الإمام أو من جهة الشّرع أو غيرهما ، كالوصيّة بالاختيار والوكالة .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الخلافة :</p><p>2 - الخلافة في اللّغة : مصدر خلفه خلافةً : أي بقي بعده ، أو قام مقامه . </p><p>وهي في الاصطلاح الشّرعيّ : منصب الخليفة . وهي رئاسة عامّة في الدّين والدّنيا نيابةً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وتسمّى أيضاً الإمامة الكبرى .</p><p>ب - السّلطة :</p><p>3 - السّلطة هي : السّيطرة والتّمكّن والقهر والتّحكّم ، ومنه السّلطان وهو من له ولاية التّحكّم والسّيطرة في الدّولة ، فإن كانت سلطته قاصرةً على ناحيةٍ خاصّةٍ فليس بخليفةٍ ، وإن كانت عامّةً فهو الخليفة ، وقد وجدت في العصور الإسلاميّة المختلفة خلافة بلا سلطةٍ ، كما وقع في أواخر عهد العبّاسيّين ، وسلطة بلا خلافةٍ كما وقع في عهد المماليك . </p><p>تقسيم الإمارة ، وحكمها التّكليفيّ :</p><p>4 - تنقسم الإمارة إلى عامّةٍ وخاصّةٍ : أمّا العامّة فالمراد بها الخلافة أو الإمامة الكبرى ، وهي فرض كفايةٍ ، وينظر تفصيل أحكامها في مصطلح ( إمامة كبرى ) . </p><p>وأمّا الإمارة الخاصّة : فهي لإقامة فرضٍ معيّنٍ من فروض الكفاية دون غيره ، كالقضاء والصّدقات والجند إذا دعت الحاجة إلى ذلك التّخصيص . </p><p>وقد يكون التّخصيص مكانيّاً ، كالإمارة على بلدٍ أو إقليمٍ خاصٍّ . كما يكون زمانيّاً ، كأمير الحاجّ ونحوه . والإمارة الخاصّة من المصالح العامّة للمسلمين والمنوطة بنظر الإمام . </p><p>« وكان الرّسول صلى الله عليه وسلم ينيب عنه عمّالاً على القبائل والمدن »، وفعل ذلك الخلفاء الرّاشدون . وعدّها أصحاب كتب الأحكام السّلطانيّة من الأمور اللّازمة على الإمام ، فيجب عليه أن يقيم الأمراء على النّواحي والجيوش والمصالح المتعدّدة فيما لا يستطيع أن يباشره بنفسه . </p><p>إمارة الاستكفاء :</p><p>5 - هي : أن يفوّض الإمام باختياره إلى شخصٍ إمارة بلدٍ أو إقليمٍ ولايةً على جميع أهله ونظراً في المعهود من سائر أعماله . </p><p>ويشتمل نظر الأمير في هذه الإمارة على أمورٍ :</p><p>أولاً : النّظر في تدبير الجيوش .</p><p>ثانياً : النّظر في الأحكام ، وتقليد القضاة .</p><p>ثالثاً : جباية الخراج ، وأخذ الصّدقات .</p><p>رابعاً : حماية الدّين ، والذّبّ عن ديار الإسلام .</p><p>خامساً : إقامة الحدود .</p><p>سادساً : الإمامة في الجمع والجماعات .</p><p>سابعاً : تسيير الحجيج ( إمارة الحجّ ) .</p><p>ثامناً : قسم الغنائم .</p><p>وحاجة الأمّة قد تستدعي إضافة مهامّ أخرى بحسب ما يجدّ من أحوالٍ ، كرعاية شئون التّعليم والصّحّة ونحوها .</p><p>شروط إمارة الاستكفاء :</p><p>6 - يشترط فيمن يولّى إمارة الاستكفاء ما يشترط لوزارة التّفويض :</p><p>فمنها شروط متّفق عليها وهي : الإسلام ، والتّكليف ( العقل والبلوغ ) ، والذّكورة .</p><p>ومنها شروط مختلف فيها وهي : العدالة والاجتهاد والكفاية .</p><p>ولا يشترط ( النّسب ) اتّفاقاً في الإمارة . وللتّفصيل ينظر مصطلح ( إمامة كبرى ) .</p><p>صيغة عقد إمارة الاستكفاء :</p><p>7 - لا بدّ لتقليد الإمارة من صيغةٍ كسائر العقود ، فيتحدّد نوعها بالصّيغة ، فتعمّ الإمارة بعموم الصّيغة ، أو تخصّ بخصوصها . كأن يقول في الإمارة الّتي تعمّ التّصرّفات مثلاً : قلّدتك ناحية كذا أو إقليم كذا إمارةً على أهلها ، ونظراً على جميع ما يتعلّق بها . إلخ .</p><p>نفاذ تصرّفات أمير الاستكفاء :</p><p>8 - يجوز لأمير الاستكفاء أن يقلّد من يعيّنه في تنفيذ مهامّه لأنّه معيّن له ، ونائب عنه في مباشرة الأعمال الّتي لا تتيسّر مباشرتها للأمير نفسه . ولكنّه لا يجوز له أن يفوّض لشخصٍ آخر ما عهد إليه من أصل الولاية إلاّ بإذن الإمام ، لأنّه مستقلّ النّظر . </p><p> إمارة الاستيلاء :</p><p>9 - الأصل في الفقه الإسلاميّ : ألاّ يتولّى أحد منصباً إلاّ بتقليدٍ صحيحٍ من الإمام ، أو من ينوب عنه في ذلك كوزير التّفويض . على أنّه في بعض الظّروف ، قد يحدث أن يستبدّ أمير أو والٍ بالسّلطة ، بعد تولّيه بتقليدٍ من الإمام . ويخشى فتنة في عزله ، فللإمام أن يقرّه على إمارته . وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى صحّة هذا التّقليد من الإمام للضّرورة ، وحسماً للفتنة ويسمّونها : إمارة الاستيلاء تفريقاً بينها وبين إمارة الاستكفاء . </p><p>وهي وإن خرجت على عرف التّقليد ( التّولية ) ، وشروطه وأحكامه ، فالحكمة في إقرارها هي حفظ وحدة كلمة المسلمين بالاعتراف بوجود الخلافة الواحدة في الجملة ، وإضفاء صفة الشّرعيّة على الأحكام الّتي يصدرها المستولي ، وصونها عن الفساد . </p><p>وجاء في الأحكام السّلطانيّة للماورديّ : والّذي ينحفظ بتقليد المستولي من قوانين الشّرع سبعة أشياء ، فيشترك في التزامها الخليفة ، والمستولي . وعدّد الأشياء ، ولا تخرج في عمومها عمّا ذكرناه ، من حفظ مركز الخلافة ، والاعتراف بوجودها ، وإضفاء الصّفة الشّرعيّة على أعمال الإمارة وصونها عن الفساد . </p><p>ولا يخفى أنّ صحّة هذا النّوع من الإمارة هو من باب الضّرورة ، كما صرّح بذلك الحصكفيّ وغيره . </p><p>الإمارة الخاصّة ( من حيث الموضوع ) :</p><p>10 - الإمارة الخاصّة هي ما كان الأمير مقصور النّظر فيها على أمرٍ خاصٍّ ، كقيادة الجيش ، فيقتصر نظره فيما حدّد له ، في عقد التّقليد ، فلا يتعرّض لغيرها ، كالقضاء ، وجباية الخراج ، وقبض الصّدقات ، وإمارة الجهاد ، وإمارة الحجّ ، وإمارة السّفر . </p><p> إمارة الحجّ :</p><p>11 - جمهور الفقهاء على أنّه يستحبّ للإمام - إن لم يخرج بنفسه - أن ينصب للحجيج أميراً يخرج بهم ، ويرعى مصالحهم في حلّهم وترحالهم ، ويخطب فيهم في الأماكن الّتي شرعت فيها الخطبة ، يعلّمهم فيها مناسك الحجّ وأعماله وما يتعلّق به . وذهب بعض الشّافعيّة إلى أنّ تنصيب أميرٍ لإقامة الحجّ واجب على الإمام ، إن لم يخرج بنفسه ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « بعث في السّنة الثّامنة من الهجرة عتّاب بن أسيدٍ ، وفي التّاسعة أبا بكرٍ . وخرج بنفسه في العاشرة » . </p><p>أقسام إمارة الحجّ :</p><p> كتب الأحكام السّلطانيّة وحدها دون كتب الفقه فيما نعلم قسّمت هذه الإمارة إلى قسمين : إمارة إقامة الحجّ . وإمارة تسيير الحجيج .</p><p>أ - إمارة تسيير الحجيج :</p><p>12 - إمارة تسيير الحجيج هي : ولاية سياسيّة ، وزعامة وتدبير . فيشترط لأميرها : أن يكون مطاعاً ، ذا رأيٍ وشجاعةٍ ، وهيبةٍ . وقد عدّ الماورديّ عشرة أشياء جعلها من واجبات أمير الحجيج وهي : </p><p>أولاً : جمع النّاس في مسيرهم ونزولهم حتّى لا يتفرّقوا . </p><p>ثانياً : ترتيبهم في السّير والنّزول ، وتقسيمهم إلى مجموعاتٍ لكلٍّ منها رئيس ، حتّى يعرف كلّ فريقٍ منهم جماعته إذا سار ، ويألف مكانه إذا نزل ، فلا يتنازعون فيه ، ولا يضلّون عنه . </p><p>ثالثاً : يرفق بهم في السّير حتّى لا يعجز عنه ضعيفهم ، ولا يضلّ عنه منقطعهم . </p><p>رابعاً : أن يسلك بهم أوضح الطّرق وأخصبها ، ويتجنّب أجدبها وأوعرها . </p><p>خامساً : أن يرتاد لهم المياه إذا انقطعت ، والمراعي إذا قلّت . </p><p>سادساً : أن يحرسهم إذا نزلوا ، ويحوطهم إذا رحلوا . </p><p>سابعاً : أن يمنع عنهم من يصدّهم عن المسير . </p><p>ثامناً : أن يصلح بين المتشاجرين ، ويتوسّط بين المتنازعين . </p><p>تاسعاً : أن يؤدّب خائنهم ، ولا يتجاوز التّعزير . </p><p>عاشراً : أن يراعي اتّساع الوقت حتّى يؤمن فوات الحجّ عليهم . </p><p>الحكم بين الحجيج :</p><p>13 - ليس لأمير الحجّ أن يتعرّض للحكم بين الحجيج إجباراً إلاّ أن يفوّض إليه الحكم ، وهو أهل للقضاء ، فيجوز له حينئذٍ أن يحكم بينهم . فإن دخلوا في بلدٍ فيه حاكم جاز له أن يحكم بينهم . كما يجوز لحاكم البلد أن يحكم بينهم . هذا إذا كان النّزاع بين الحجّاج . أمّا إذا كان بين الحجيج وبين أهل البلد لم يحكم بينهم إلاّ حاكم البلد . </p><p>إقامة الحدود فيهم :</p><p>14 - لا يجوز لأمير الحجّ إقامة الحدود في الحجيج إلاّ أن يؤذن له فيها وهو من أهل القضاء . فإن أذن فله إقامتها فيهم . فإن دخل في بلدٍ فيه من يتولّى إقامة الحدود ، فإن كان المحدود قد أتى بموجب الحدّ قبل دخول البلد ، فأمير الحجيج أولى بإقامة الحدّ عليه . </p><p>أمّا إذا أتى به بعد دخول البلد فحاكم البلد أولى بإقامة الحدّ من أمير الحجيج . </p><p>انتهاء ولايته :</p><p>15 - إذا وصل الحجيج إلى مكّة زالت ولايته عمّن لا يرغب العودة . أمّا من كان عازماً على العود فيبقى تحت ولايته حتّى يصلوا إلى بلادهم . </p><p>ب - إمارة إقامة الحجّ :</p><p>16 - هي أن ينصب الإمام أميراً للحجيج يخرج بهم نيابةً عنه في المشاعر . </p><p>ويشترط في أمير إقامة الحجّ شروط إمامة الصّلاة ، مضافاً إليها أن يكون عالماً بمناسك الحجّ وأحكامه عارفاً بمواقيته وأيّامه . </p><p>انتهاء إمارته :</p><p>17 - تنتهي ولاية أمير إقامة الحجّ بانتهاء أعمال الحجّ ، ولا تتجاوزها ، وتبدأ بابتدائها ، فتبدأ من وقت صلاة الظّهر في اليوم السّابع من ذي الحجّة ، وتنتهي في يوم النّفر الثّاني ، وهو اليوم الثّالث عشر من ذي الحجّة . </p><p>وإذا كان تقليده مطلقاً على إقامة الحجّ فله إقامته في كلّ عامٍ حتّى يصرف عنه . </p><p>أمّا إذا كان تقليده لعامٍ واحدٍ فليس له إقامته في غيره من الأعوام ، إلاّ بتقليدٍ جديدٍ . </p><p>اختصاصه :</p><p>18 - يختصّ نظره في كلّ ما يتعلّق بأعمال الحجّ : من الإشعار بوقت الإحرام ، والخروج بالنّاس إلى مشاعرهم ، وإلقاء الخطب في الأماكن الّتي شرعت فيها ، وترتيبه المناسك على ما استقرّ الشّرع عليه لأنّه متبوع فيها ، فلا يقدّم مؤخّراً ولا يؤخّر مقدّماً سواء كان التّرتيب واجباً أو مستحبّاً . </p><p>إقامة الحدود :</p><p>19 - ليس لأمير إقامة الحجّ إقامة الحدّ ، أو التّعزير على من أتى ما يوجب ذلك من أفراد الحجيج ، إن كان الموجب ممّا لا يتعلّق بالحجّ . أمّا إذا كان موجب الحدّ أو التّعزير ممّا يتعلّق بالحجّ فله التّعزير . وفي إقامة الحدّ وجهان : أحدهما ليس له ذلك . لأنّه خارج من أحكام الحجّ ، وولايته خاصّة بالحجّ . والثّاني له إقامته عليه . </p><p>الحكم بين الحجيج :</p><p>20 - لا يجوز لأمير إقامة الحجّ أن يحكم بين الحجيج فيما تنازعوا فيه من غير أحكام الحجّ . </p><p> إمارة السّفر :</p><p>21 - يستحبّ لكلّ جماعةٍ ( ثلاثةٍ فأكثر ) قصدوا السّفر أن يؤمّروا أحدهم ، ويجب عليهم طاعته فيما يتعلّق بما هم فيه ، ويحرم عليهم مخالفته ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا خرج ثلاثة في السّفر فليؤمّروا أحدهم » . وللتّفصيل ينظر مصطلح ( سفر ) . </p><p></p><p>إمام *</p><p> انظر : إمامة . </p><p></p><p>إمامة الصّلاة *</p><p>الإمامة الصّغرى</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الإمامة في اللّغة : مصدر أمّ يؤمّ ، وأصل معناها القصد ، ويأتي بمعنى التّقدّم ، يقال : أمّهم وأمّ بهم : إذا تقدّمهم . </p><p>وفي اصطلاح الفقهاء تطلق الإمامة على معنيين : الإمامة الصّغرى ، والإمامة الكبرى . ويعرّفون الإمامة الكبرى بأنّها : استحقاق تصرّفٍ عامٍّ على الأنام ( أي النّاس ) ، وهي رئاسة عامّة في الدّين والدّنيا خلافةً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم . ( ر : إمامة كبرى ) . أمّا الإمامة الصّغرى ( وهي إمامة الصّلاة ) فهي ارتباط صلاة المصلّي بمصلٍّ آخر بشروطٍ بيّنها الشّرع . فالإمام لم يصر إماماً إلاّ إذا ربط المقتدي صلاته بصلاته ، وهذا الارتباط هو حقيقة الإمامة ، وهو غاية الاقتداء . </p><p>وعرّفها بعضهم بأنّها : كون الإمام متّبعاً في صلاته كلّها أو جزءٍ منها .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - القدوة :</p><p>2 - القدوة اسم للاقتداء أي : الاتّباع ، ويطلق على الشّخص المتبوع ، يقال : فلان قدوة أي يقتدى به .</p><p>ب - الاقتداء والتّأسّي :</p><p>3 - الاقتداء والتّأسّي كلّ منهما بمعنى الاتّباع ، سواء كان ذلك في صلاةٍ أو غيرها ، فالمأموم يقتدي بالإمام ويتأسّى به ، فيعمل مثل عمله ، ويطلق على المقتدى به أنّه قدوة وأسوة . </p><p>مشروعيّة الإمامة وفضلها :</p><p>4 - إمامة الصّلاة تعتبر من خير الأعمال الّتي يتولّاها خير النّاس ذوو الصّفات الفاضلة من العلم والقراءة والعدالة وغيرها كما سيأتي ، ولا تتصوّر صلاة الجماعة إلاّ بها . </p><p>وصلاة الجماعة من شعائر الإسلام ، ومن السّنن المؤكّدة الّتي تشبه الواجب في القوّة عند أكثر الفقهاء ، وصرّح بعضهم بوجوبها ، وتفصيله في مصطلح : ( صلاة الجماعة ) . </p><p>وقد صرّح جمهور الفقهاء ، ومنهم الحنفيّة ، وبعض المالكيّة ، وهو رواية في مذهب أحمد : بأنّ الإمامة أفضل من الأذان والإقامة ، لمواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الرّاشدين عليها ، ولهذا أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقوم بها أعلم النّاس وأقرؤهم ، كما روي في حديث أبي سعيدٍ الخدريّ . قال : « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إذا كانوا ثلاثةً فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم أقرؤهم » . </p><p>ولمّا مرض النّبيّ عليه السلام اختار أفضل الصّحابة للإمامة حيث قال : « مروا أبا بكرٍ فليصلّ بالنّاس » ، ففهم الصّحابة من تقديمه في الإمامة الصّغرى استحقاقه الإمامة الكبرى . وفي قولٍ آخر : الأذان أفضل ، وهو قول بعض المالكيّة ، ومذهب الشّافعيّ ، ورواية في مذهب أحمد ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الإمام ضامن والمؤذّن مؤتمن ، اللّهمّ أرشد الأئمّة واغفر للمؤذّنين » والأمانة أعلى من الضّمان ، والمغفرة أعلى من الإرشاد . وقال عمر رضي الله عنه : " لولا الخلافة لأذّنت ". </p><p>شروط الإمامة :</p><p> يشترط لصحّة الإمامة الأمور التّالية :</p><p>أ - الإسلام :</p><p>5 - اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في الإمام أن يكون مسلماً . وعلى هذا لا تصحّ الصّلاة خلف من هو كافر يعلن كفره ، أمّا إذا صلّى خلف من لا يعلم كفره ، ثمّ تبيّن أنّه كافر ، فإنّ الحنفيّة والحنابلة قالوا : إذا أمّهم زماناً على أنّه مسلم ، ثمّ ظهر أنّه كان كافراً ، فليس عليهم إعادة الصّلاة ، لأنّها كانت محكوماً بصحّتها ، وخبره غير مقبولٍ في الدّيانات لفسقه باعترافه . </p><p>وقال الشّافعيّة : لو بان إمامه كافراً معلناً ، وقيل : أو مخفياً ، وجبت الإعادة ، لأنّ المأموم مقصّر بترك البحث . وقال الشّربينيّ : إنّ الأصحّ عدم وجوب الإعادة إذا كان الإمام مخفياً كفره . ومثله مذهب المالكيّة حيث قالوا : تبطل الصّلاة بالاقتداء بمن كان كافراً ، سواء أكانت سرّيّةً أم جهريّةً ، وسواء أطالت مدّة صلاته إماماً بالنّاس أم لا . وصرّح الحنابلة ، وهو رواية عند المالكيّة ، بعدم جواز إمامة الفاسق ، وهو الّذي أتى بكبيرةٍ كشارب خمرٍ وزانٍ وآكل الرّبا ، أو داوم على صغيرةٍ . لكنّ الحنفيّة والشّافعيّة ذهبوا إلى جواز إمامة الفاسق مع الكراهة ، وهذا هو المعتمد عند المالكيّة إذا لم يتعلّق فسقه بالصّلاة ، وإلاّ بطلت عندهم كقصده الكبر بالإمامة ، وإخلاله بركنٍ أو شرطٍ أو سنّةٍ عمداً . وفي صلاة الجمعة والعيدين جاز إمامة الفاسق بغير كراهةٍ ، مع تفصيلٍ ينظر في مواضعه . </p><p>ب - العقل :</p><p>6 - يشترط في الإمام أن يكون عاقلاً ، وهذا الشّرط أيضاً متّفق عليه بين الفقهاء ، فلا تصحّ إمامة السّكران ، ولا إمامة المجنون المطبق ، ولا إمامة المجنون غير المطبق حال جنونه ، وذلك لعدم صحّة صلاتهم لأنفسهم فلا تبنى عليها صلاة غيرهم . </p><p>أمّا الّذي يجنّ ويفيق ، فتصحّ إمامته حال إفاقته . </p><p>ت - البلوغ :</p><p>7 - جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - على أنّه يشترط لصحّة الإمامة في صلاة الفرض أن يكون الإمام بالغاً ، فلا تصحّ إمامة مميّزٍ لبالغٍ في فرضٍ عندهم ، لما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لا تقدّموا صبيانكم » ، ولأنّها حال كمالٍ والصّبيّ ليس من أهلها ، ولأنّ الإمام ضامن وليس هو من أهل الضّمان ، ولأنّه لا يؤمن معه الإخلال بالقراءة حال السّرّ . واستدلّوا كذلك على عدم صحّة إمامة الصّبيّ للبالغ في الفرض أنّ صلاة الصّبيّ نافلة فلا يجوز بناء الفرض عليها . </p><p>أمّا في غير الفرض كصلاة الكسوف أو التّراويح فتصحّ إمامة المميّز للبالغ عند جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وبعض الحنفيّة - لأنّه لا يلزم منها بناء القويّ على الضّعيف . والمختار عند الحنفيّة عدم جواز إمامة المميّز للبالغ مطلقاً ، سواء أكانت في الفرائض أم في النّوافل ، لأنّ نفل الصّبيّ ضعيف لعدم لزومه بالشّروع ، ونفل المقتدي البالغ قويّ لازم مضمون عليه بعد الشّروع . ولم يشترط الشّافعيّة في الإمام أن يكون بالغاً ، فتصحّ إمامة المميّز للبالغ عندهم مطلقاً ، سواء أكانت في الفرائض أم النّوافل ، </p><p>لحديث « عمرو بن سلمة أنّه كان يؤمّ قومه على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستّ أو سبع سنين » لكنّهم قالوا : البالغ أولى من الصّبيّ ، وإن كان الصّبيّ أقرأ أو أفقه ، لصحّة الاقتداء بالبالغ بالإجماع ، ولهذا نصّ في البويطيّ على كراهة الاقتداء بالصّبيّ . أمّا إمامة المميّز لمثله فجائزة في الصّلوات الخمس وغيرها عند جميع الفقهاء . </p><p>ث - الذّكورة :</p><p>8 - يشترط لإمامة الرّجال أن يكون الإمام ذكراً ، فلا تصحّ إمامة المرأة للرّجال ، وهذا متّفق عليه بين الفقهاء ، لما ورد في الحديث أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه » والأمر بتأخيرهنّ نهي عن الصّلاة خلفهنّ . ولما روى جابر مرفوعاً : « لا تؤمّنّ امرأة رجلاً » ولأنّ في إمامتها للرّجال افتتاناً بها . </p><p>أمّا إمامة المرأة للنّساء فجائزة عند جمهور الفقهاء - وهم الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - واستدلّ الجمهور لجواز إمامة المرأة للنّساء بحديث « أمّ ورقة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤمّ نساء أهل دارها » . </p><p>لكن كره الحنفيّة إمامتها لهنّ ، لأنّها لا تخلو عن نقصٍ واجبٍ أو مندوبٍ ، فإنّه يكره لهنّ الأذان والإقامة ، ويكره تقدّم المرأة الإمام عليهنّ . فإذا صلّت النّساء صلاة الجماعة بإمامة امرأةٍ وقفت المرأة الإمام وسطهنّ . أمّا المالكيّة فلا تجوز إمامة المرأة عندهم مطلقاً ولو لمثلها في فرضٍ أو نفلٍ . ولا تصحّ إمامة الخنثى للرّجال ولا لمثلها بلا خلافٍ ، لاحتمال أن تكون امرأةً والمقتدي رجلاً ، وتصحّ إمامتها للنّساء مع الكراهة أو بدونها عند جمهور الفقهاء ، خلافاً للمالكيّة حيث صرّحوا بعدم جوازها مطلقاً .</p><p>ج - القدرة على القراءة :</p><p>9- يشترط في الإمام أن يكون قادراً على القراءة وحافظاً مقدار ما يتوقّف عليه صحّة الصّلاة على تفصيلٍ يذكر في مصطلح ( قراءة ) . </p><p>وهذا الشّرط إنّما يعتبر إذا كان بين المقتدين من يقدر على القراءة ، فلا تصحّ إمامة الأمّيّ للقارئ ، ولا إمامة الأخرس للقارئ أو الأمّيّ ، لأنّ القراءة ركن مقصود في الصّلاة ، فلم يصحّ اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه ، ولأنّ الإمام ضامن ويتحمّل القراءة عن المأموم ، ولا يمكن ذلك في الأمّيّ ، ولتفصيل المسألة ( ر : اقتداء ) . </p><p>أمّا إمامة الأمّيّ للأمّيّ والأخرس فجائزة ، وهذا متّفق عليه بين الفقهاء . </p><p>هذا ، وتكره إمامة الفأفاء ( وهو من يكرّر الفاء ) والتّمتام ( وهو من يكرّر التّاء ) واللّاحن لحناً غير مغيّرٍ للمعنى عند الشّافعيّة والحنابلة . وقال الحنفيّة : الفأفأة ، والتّمتمة ، واللّثغة ( وهي تحرّك اللّسان من السّين إلى الثّاء ، أو من الرّاء إلى الغين ونحوه ) تمنع من الإمامة . وعند المالكيّة في جواز إمامة هؤلاء وأمثالهم خلاف . </p><p>ح - السّلامة من الأعذار :</p><p>10 - يشترط في الإمام إذا كان يؤمّ الأصحّاء أن يكون سالماً من الأعذار ، كسلس البول وانفلات الرّيح والجرح السّائل والرّعاف ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو رواية عند الشّافعيّة ، لأنّ أصحاب الأعذار يصلّون مع الحدث حقيقةً ، وإنّما تجوز صلاتهم لعذرٍ ، ولا يتعدّى العذر لغيرهم لعدم الضّرورة ، ولأنّ الإمام ضامن ، بمعنى أنّ صلاته تضمن صلاة المقتدي ، والشّيء لا يضمن ما هو فوقه . </p><p>ولا يشترط في المشهور عند المالكيّة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - السّلامة من العذر لصحّة الإمامة ، لأنّ الأحداث إذا عفي عنها في حقّ صاحبها عفي عنها في حقّ غيره . </p><p>وأمّا إمامة صاحب العذر لمثله فجائزة باتّفاق الفقهاء مطلقاً ، أو إن اتّحد عذرهما ( ر : اقتداء ) .</p><p>خ - القدرة على توفية أركان الصّلاة :</p><p>11 - يشترط في الإمام أن يكون قادراً على توفية الأركان ، وهذا إذا كان يصلّي بالأصحّاء ، فمن يصلّي بالإيماء ركوعاً أو سجوداً لا يصحّ أن يصلّي بمن يقدر عليهما عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) خلافاً للشّافعيّة فإنّهم أجازوا ذلك قياساً على صحّة إمامة المستلقي أو المضطجع للقاعد . </p><p>واختلفوا في صحّة إمامة القاعد للقائم ، فالمالكيّة والحنابلة لا يجوّزونها ، لأنّ فيه بناء القويّ على الضّعيف ، واستثنى الحنابلة إمام الحيّ إذا كان مرضه ممّا يرجى زواله ، فأجازوا إمامته ، واستحبّوا له إذا عجز عن القيام أن يستخلف ، فإن صلّى بهم قاعداً صحّ . والشّافعيّة يقولون بالجواز ، وهو قول أكثر الحنفيّة ، لحديث عائشة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « صلّى آخر صلاةٍ صلّاها بالنّاس قاعداً ، والقوم خلفه قيام » . </p><p>أمّا إمامة العاجز عن توفية الأركان لمثله فجائزة باتّفاق الفقهاء ، وللتّفصيل ( ر : اقتداء ) . </p><p>د - السّلامة من فقد شرطٍ من شروط الصّلاة :</p><p>12 - يشترط في الإمام السّلامة من فقد شرطٍ من شروط صحّة الصّلاة كالطّهارة من حدثٍ أو خبثٍ ، فلا تصحّ إمامة محدثٍ ولا متنجّسٍ إذا كان يعلم ذلك ، لأنّه أخلّ بشرطٍ من شروط الصّلاة مع القدرة على الإتيان به ، ولا فرق بين الحدث الأكبر والأصغر ، ولا بين نجاسة الثّوب والبدن والمكان . </p><p>وصرّح المالكيّة والشّافعيّة أنّ علم المقتدي بحدث الإمام بعد الصّلاة مغتفر ، وقال الحنفيّة : من اقتدى بإمامٍ ثمّ علم أنّ إمامه محدث أعاد لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أمّ قوماً ثمّ ظهر أنّه كان محدثاً أو جنباً أعاد صلاته » . </p><p>وفصّل الحنابلة فقالوا : لو جهله المأموم وحده وعلمه الإمام يعيدون كلّهم ، أمّا إذا جهله الإمام والمأمومون كلّهم حتّى قضوا الصّلاة صحّت صلاة المأموم وحده ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا صلّى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمّت للقوم صلاتهم » . وتفصيله في مصطلح : ( طهارة ) . </p><p>ذ - النّيّة :</p><p>13 - يشترط في الإمام عند الحنابلة نيّة الإمامة ، فإنّهم قالوا : من شرط صحّة الجماعة : أن ينوي الإمام أنّه إمام وينوي المأموم أنّه مأموم . ولو أحرم منفرداً ثمّ جاء آخر فصلّى معه ، فنوى إمامته صحّ في النّفل ، لحديث ابن عبّاسٍ أنّه قال : « بتّ عند خالتي ميمونة ، فقام النّبيّ صلى الله عليه وسلم متطوّعاً من اللّيل ، فقام إلى القربة فتوضّأ ، فقام فصلّى ، فقمت لمّا رأيته صنع ذلك ، فتوضّأت من القربة ، ثمّ قمت إلى شقّه الأيسر ، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشّقّ الأيمن » . </p><p>أمّا في الفرض فإن كان ينتظر أحداً ، كإمام المسجد يحرم وحده ، وينتظر من يأتي فيصلّي معه ، فيجوز ذلك أيضاً . </p><p>واختار ابن قدامة أنّ الفرض كالنّفل في صحّة صلاة من أحرم منفرداً ثمّ نوى أن يكون إماماً . وقال الحنفيّة : نيّة الرّجل الإمامة شرط لصحّة اقتداء النّساء إن كنّ وحدهنّ ، وهذا في صلاةٍ ذات ركوعٍ وسجودٍ ، لا في صلاة الجنازة ، لما يلزم من الفساد بمحاذاة المرأة له لو حاذته ، وإن لم ينو إمامة المرأة ونوت هي الاقتداء به لم تضرّه ، فتصحّ صلاته ولا تصحّ صلاتها ، لأنّ الاشتراك لا يثبت دون النّيّة . </p><p>ولا يشترط نيّة الإمام الإمامة عند المالكيّة والشّافعيّة ، إلاّ في الجمعة والصّلاة المعادة والمنذورة عند الشّافعيّة ، لكنّه يستحبّ عندهم للإمام أن ينوي الإمامة في سائر الصّلوات للخروج من خلاف الموجب لها ، وليحوز فضيلة الإمامة وصلاة الجماعة . </p><p>الأحقّ بالإمامة :</p><p>14 - وردت في ذلك الأحاديث التّالية : عن أبي سعيدٍ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا كانوا ثلاثةً فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم بالإمامة أقرؤهم » رواه أحمد ومسلم والنّسائيّ . وعن أبي مسعودٍ عقبة بن عمرٍو قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : </p><p>« يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه ، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسّنّة ، فإن كانوا في السّنّة سواءً فأقدمهم هجرةً ، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سنّاً ، ولا يؤمّنّ الرّجل الرّجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلاّ بإذنه » .</p><p>15 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا اجتمع قوم وكان فيهم ذو سلطانٍ ، كأميرٍ ووالٍ وقاضٍ فهو أولى بالإمامة من الجميع حتّى من صاحب المنزل وإمام الحيّ ، وهذا إذا كان مستجمعاً لشروط صحّة الصّلاة كحفظ مقدار الفرض من القراءة والعلم بأركان الصّلاة ، حتّى ولو كان بين القوم من هو أفقه أو أقرأ منه ، لأنّ ولايته عامّة ، ولأنّ ابن عمر كان يصلّي خلف الحجّاج . وإن لم يكن بينهم ذو سلطانٍ يقدّم صاحب المنزل ، ويقدّم إمام الحيّ وإن كان غيره أفقه أو أقرأ أو أورع منه ، إن شاء تقدّم وإن شاء قدّم من يريده . لكنّه يستحبّ لصاحب المنزل أن يأذن لمن هو أفضل منه . </p><p>واتّفقوا كذلك على أنّ بناء أمر الإمامة على الفضيلة والكمال ، ومن استجمع خصال العلم وقراءة القرآن والورع وكبر السّنّ وغيرها من الفضائل كان أولى بالإمامة . </p><p>ولا خلاف في تقديم الأعلم والأقرأ على سائر النّاس ، ولو كان في القوم من هو أفضل منه في الورع والسّنّ وسائر الأوصاف . </p><p>وجمهور الفقهاء : ( الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ) على أنّ الأعلم بأحكام الفقه أولى بالإمامة من الأقرأ ، لحديث : « مروا أبا بكرٍ فليصلّ بالنّاس » وكان ثمّة من هو أقرأ منه ، لا أعلم منه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « أقرؤكم أبيٍّ » ، ولقول أبي سعيدٍ :" كان أبو بكرٍ أعلمنا "، وهذا آخر الأمرين من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيكون المعوّل عليه . ولأنّ الحاجة إلى الفقه أهمّ منها إلى القراءة ، لأنّ القراءة إنّما يحتاج إليها لإقامة ركنٍ واحدٍ ، والفقه يحتاج إليه لجميع الأركان والواجبات والسّنن . </p><p>وقال الحنابلة ، وهو قول أبي يوسف من الحنفيّة : إنّ أقرأ النّاس أولى بالإمامة ممّن هو أعلمهم ، لحديث أبي سعيدٍ قال : قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا كانوا ثلاثة فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم بالإمامة أقرؤهم » ولأنّ القراءة ركن لا بدّ منه ، والحاجة إلى العلم إذا عرض عارض مفسد ليمكنه إصلاح صلاته ، وقد يعرض وقد لا يعرض .</p><p>16 - أمّا إذا تفرّقت خصال الفضيلة من العلم والقراءة والورع وكبر السّنّ وغيرها في أشخاصٍ فقد اختلفت أقوال الفقهاء . فمنهم من قدّم الأعلم على الأقرأ ، وقالوا : إنّما أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بتقديم القارئ ، لأنّ أصحابه كان أقرؤهم أعلمهم ، فإنّهم كانوا إذا تعلّموا القرآن تعلّموا معه أحكامه ، وهذا قول جمهور الفقهاء . والأصل في أولويّة الإمامة حديث أبي مسعودٍ الأنصاريّ أنّ النّبيّ عليه السلام قال : « يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه ، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسّنّة ، فإن كانوا في السّنّة سواءً فأقدمهم هجرةً ، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سنّاً » .</p><p>17 - وفي ترتيب الأولويّة في الإمامة بعد الاستواء في العلم والقراءة ، قال الحنفيّة والشّافعيّة : يقدّم أورعهم أي الأكثر اتّقاءً للشّبهات ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « من صلّى خلف عالمٍ تقيٍّ فكأنّما صلّى خلف نبيٍّ » ولأنّ الهجرة المذكورة بعد القراءة والعلم بالسّنّة نسخ وجوبها بحديث : « لا هجرة بعد الفتح » فجعلوا الورع - وهو هجر المعاصي - مكان تلك الهجرة . </p><p>ومثله ما صرّح به المالكيّة حيث قالوا : الأولويّة بعد الأعلم والأقرأ للأكثر عبادةً . ثمّ إن استووا في الورع يقدّم عند الجمهور الأقدم إسلاماً ، فيقدّم شابّ نشأ في الإسلام على شيخٍ أسلم حديثاً . أمّا لو كانوا مسلمين من الأصل ، أو أسلموا معاً فإنّه يقدّم الأكبر سنّاً ، لقوله عليه السلام : « وليؤمّكما أكبركما سنّاً » . ولأنّ الأكبر في السّنّ يكون أخشع قلباً عادةً ، وفي تقديمه كثرة الجماعة . </p><p>18 - فإن استووا في الصّفات والخصال المتقدّمة من العلم والقراءة والورع والسّنّ ، قال الحنفيّة يقدّم الأحسن خلقاً ، لأنّ حسن الخلق من باب الفضيلة ، ومبنى الإمامة على الفضيلة ، فإن كانوا فيه سواءً فأحسنهم وجهاً ، لأنّ رغبة النّاس في الصّلاة خلفه أكثر ، ثمّ الأشرف نسباً ، ثمّ الأنظف ثوباً . فإن استووا يقرع بينهم . </p><p>وقال المالكيّة : يقدّم بعد الأسنّ الأشرف نسباً ، ثمّ الأحسن صورةً ، ثمّ الأحسن أخلاقاً ، ثمّ الأحسن ثوباً . </p><p>والشّافعيّة كالمالكيّة في تقديم الأشرف نسباً ، ثمّ الأنظف ثوباً وبدناً ، وحسن صوتٍ ، وطيّب صفةٍ وغيرها ، ثمّ يقرع بينهم . أمّا الحنابلة فقد صرّحوا أنّه إن استووا في القراءة والفقه فأقدمهم هجرةً ، ثمّ أسنّهم ، ثمّ أشرفهم نسباً ، ثمّ أتقاهم وأورعهم ، فإن استووا في هذا كلّه أقرع بينهم . ولا يقدّم بحسن الوجه عندهم ، لأنّه لا مدخل له في الإمامة ، ولا أثر له فيها . وهذا التّقديم إنّما هو على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الاشتراط ولا الإيجاب ، فلو قدّم المفضول كان جائزاً اتّفاقاً ما دام مستجمعاً شرائط الصّحّة ، لكن مع الكراهة عند الحنابلة . والمقصود بذكر هذه الأوصاف وربط الأولويّة بها هو كثرة الجماعة ، فكلّ من كان أكمل فهو أفضل ، لأنّ رغبة النّاس فيه أكثر .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40962, member: 329"] إمارة * التّعريف : 1 - الإمارة بالكسر ، والإمرة : الولاية ، يقال : أمر على القوم يأمر ، من باب قتل فهو أمير . وأمر يأمر إمارةً وإمرةً : صار لهم أميراً . ويطلق على منصب الأمير ، وعلى جزءٍ من الأرض يحكمه أمير . والاصطلاح الفقهيّ لا يخرج عن هذا المعنى في الجملة ، إلاّ أنّ الإمارة تكون في الأمور العامّة ، ولا تستفاد إلاّ من جهة الإمام ، أمّا الولاية فقد تكون في الأمور العامّة ، وقد تكون في الأمور الخاصّة ، وتستفاد من جهة الإمام أو من جهة الشّرع أو غيرهما ، كالوصيّة بالاختيار والوكالة . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الخلافة : 2 - الخلافة في اللّغة : مصدر خلفه خلافةً : أي بقي بعده ، أو قام مقامه . وهي في الاصطلاح الشّرعيّ : منصب الخليفة . وهي رئاسة عامّة في الدّين والدّنيا نيابةً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وتسمّى أيضاً الإمامة الكبرى . ب - السّلطة : 3 - السّلطة هي : السّيطرة والتّمكّن والقهر والتّحكّم ، ومنه السّلطان وهو من له ولاية التّحكّم والسّيطرة في الدّولة ، فإن كانت سلطته قاصرةً على ناحيةٍ خاصّةٍ فليس بخليفةٍ ، وإن كانت عامّةً فهو الخليفة ، وقد وجدت في العصور الإسلاميّة المختلفة خلافة بلا سلطةٍ ، كما وقع في أواخر عهد العبّاسيّين ، وسلطة بلا خلافةٍ كما وقع في عهد المماليك . تقسيم الإمارة ، وحكمها التّكليفيّ : 4 - تنقسم الإمارة إلى عامّةٍ وخاصّةٍ : أمّا العامّة فالمراد بها الخلافة أو الإمامة الكبرى ، وهي فرض كفايةٍ ، وينظر تفصيل أحكامها في مصطلح ( إمامة كبرى ) . وأمّا الإمارة الخاصّة : فهي لإقامة فرضٍ معيّنٍ من فروض الكفاية دون غيره ، كالقضاء والصّدقات والجند إذا دعت الحاجة إلى ذلك التّخصيص . وقد يكون التّخصيص مكانيّاً ، كالإمارة على بلدٍ أو إقليمٍ خاصٍّ . كما يكون زمانيّاً ، كأمير الحاجّ ونحوه . والإمارة الخاصّة من المصالح العامّة للمسلمين والمنوطة بنظر الإمام . « وكان الرّسول صلى الله عليه وسلم ينيب عنه عمّالاً على القبائل والمدن »، وفعل ذلك الخلفاء الرّاشدون . وعدّها أصحاب كتب الأحكام السّلطانيّة من الأمور اللّازمة على الإمام ، فيجب عليه أن يقيم الأمراء على النّواحي والجيوش والمصالح المتعدّدة فيما لا يستطيع أن يباشره بنفسه . إمارة الاستكفاء : 5 - هي : أن يفوّض الإمام باختياره إلى شخصٍ إمارة بلدٍ أو إقليمٍ ولايةً على جميع أهله ونظراً في المعهود من سائر أعماله . ويشتمل نظر الأمير في هذه الإمارة على أمورٍ : أولاً : النّظر في تدبير الجيوش . ثانياً : النّظر في الأحكام ، وتقليد القضاة . ثالثاً : جباية الخراج ، وأخذ الصّدقات . رابعاً : حماية الدّين ، والذّبّ عن ديار الإسلام . خامساً : إقامة الحدود . سادساً : الإمامة في الجمع والجماعات . سابعاً : تسيير الحجيج ( إمارة الحجّ ) . ثامناً : قسم الغنائم . وحاجة الأمّة قد تستدعي إضافة مهامّ أخرى بحسب ما يجدّ من أحوالٍ ، كرعاية شئون التّعليم والصّحّة ونحوها . شروط إمارة الاستكفاء : 6 - يشترط فيمن يولّى إمارة الاستكفاء ما يشترط لوزارة التّفويض : فمنها شروط متّفق عليها وهي : الإسلام ، والتّكليف ( العقل والبلوغ ) ، والذّكورة . ومنها شروط مختلف فيها وهي : العدالة والاجتهاد والكفاية . ولا يشترط ( النّسب ) اتّفاقاً في الإمارة . وللتّفصيل ينظر مصطلح ( إمامة كبرى ) . صيغة عقد إمارة الاستكفاء : 7 - لا بدّ لتقليد الإمارة من صيغةٍ كسائر العقود ، فيتحدّد نوعها بالصّيغة ، فتعمّ الإمارة بعموم الصّيغة ، أو تخصّ بخصوصها . كأن يقول في الإمارة الّتي تعمّ التّصرّفات مثلاً : قلّدتك ناحية كذا أو إقليم كذا إمارةً على أهلها ، ونظراً على جميع ما يتعلّق بها . إلخ . نفاذ تصرّفات أمير الاستكفاء : 8 - يجوز لأمير الاستكفاء أن يقلّد من يعيّنه في تنفيذ مهامّه لأنّه معيّن له ، ونائب عنه في مباشرة الأعمال الّتي لا تتيسّر مباشرتها للأمير نفسه . ولكنّه لا يجوز له أن يفوّض لشخصٍ آخر ما عهد إليه من أصل الولاية إلاّ بإذن الإمام ، لأنّه مستقلّ النّظر . إمارة الاستيلاء : 9 - الأصل في الفقه الإسلاميّ : ألاّ يتولّى أحد منصباً إلاّ بتقليدٍ صحيحٍ من الإمام ، أو من ينوب عنه في ذلك كوزير التّفويض . على أنّه في بعض الظّروف ، قد يحدث أن يستبدّ أمير أو والٍ بالسّلطة ، بعد تولّيه بتقليدٍ من الإمام . ويخشى فتنة في عزله ، فللإمام أن يقرّه على إمارته . وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى صحّة هذا التّقليد من الإمام للضّرورة ، وحسماً للفتنة ويسمّونها : إمارة الاستيلاء تفريقاً بينها وبين إمارة الاستكفاء . وهي وإن خرجت على عرف التّقليد ( التّولية ) ، وشروطه وأحكامه ، فالحكمة في إقرارها هي حفظ وحدة كلمة المسلمين بالاعتراف بوجود الخلافة الواحدة في الجملة ، وإضفاء صفة الشّرعيّة على الأحكام الّتي يصدرها المستولي ، وصونها عن الفساد . وجاء في الأحكام السّلطانيّة للماورديّ : والّذي ينحفظ بتقليد المستولي من قوانين الشّرع سبعة أشياء ، فيشترك في التزامها الخليفة ، والمستولي . وعدّد الأشياء ، ولا تخرج في عمومها عمّا ذكرناه ، من حفظ مركز الخلافة ، والاعتراف بوجودها ، وإضفاء الصّفة الشّرعيّة على أعمال الإمارة وصونها عن الفساد . ولا يخفى أنّ صحّة هذا النّوع من الإمارة هو من باب الضّرورة ، كما صرّح بذلك الحصكفيّ وغيره . الإمارة الخاصّة ( من حيث الموضوع ) : 10 - الإمارة الخاصّة هي ما كان الأمير مقصور النّظر فيها على أمرٍ خاصٍّ ، كقيادة الجيش ، فيقتصر نظره فيما حدّد له ، في عقد التّقليد ، فلا يتعرّض لغيرها ، كالقضاء ، وجباية الخراج ، وقبض الصّدقات ، وإمارة الجهاد ، وإمارة الحجّ ، وإمارة السّفر . إمارة الحجّ : 11 - جمهور الفقهاء على أنّه يستحبّ للإمام - إن لم يخرج بنفسه - أن ينصب للحجيج أميراً يخرج بهم ، ويرعى مصالحهم في حلّهم وترحالهم ، ويخطب فيهم في الأماكن الّتي شرعت فيها الخطبة ، يعلّمهم فيها مناسك الحجّ وأعماله وما يتعلّق به . وذهب بعض الشّافعيّة إلى أنّ تنصيب أميرٍ لإقامة الحجّ واجب على الإمام ، إن لم يخرج بنفسه ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « بعث في السّنة الثّامنة من الهجرة عتّاب بن أسيدٍ ، وفي التّاسعة أبا بكرٍ . وخرج بنفسه في العاشرة » . أقسام إمارة الحجّ : كتب الأحكام السّلطانيّة وحدها دون كتب الفقه فيما نعلم قسّمت هذه الإمارة إلى قسمين : إمارة إقامة الحجّ . وإمارة تسيير الحجيج . أ - إمارة تسيير الحجيج : 12 - إمارة تسيير الحجيج هي : ولاية سياسيّة ، وزعامة وتدبير . فيشترط لأميرها : أن يكون مطاعاً ، ذا رأيٍ وشجاعةٍ ، وهيبةٍ . وقد عدّ الماورديّ عشرة أشياء جعلها من واجبات أمير الحجيج وهي : أولاً : جمع النّاس في مسيرهم ونزولهم حتّى لا يتفرّقوا . ثانياً : ترتيبهم في السّير والنّزول ، وتقسيمهم إلى مجموعاتٍ لكلٍّ منها رئيس ، حتّى يعرف كلّ فريقٍ منهم جماعته إذا سار ، ويألف مكانه إذا نزل ، فلا يتنازعون فيه ، ولا يضلّون عنه . ثالثاً : يرفق بهم في السّير حتّى لا يعجز عنه ضعيفهم ، ولا يضلّ عنه منقطعهم . رابعاً : أن يسلك بهم أوضح الطّرق وأخصبها ، ويتجنّب أجدبها وأوعرها . خامساً : أن يرتاد لهم المياه إذا انقطعت ، والمراعي إذا قلّت . سادساً : أن يحرسهم إذا نزلوا ، ويحوطهم إذا رحلوا . سابعاً : أن يمنع عنهم من يصدّهم عن المسير . ثامناً : أن يصلح بين المتشاجرين ، ويتوسّط بين المتنازعين . تاسعاً : أن يؤدّب خائنهم ، ولا يتجاوز التّعزير . عاشراً : أن يراعي اتّساع الوقت حتّى يؤمن فوات الحجّ عليهم . الحكم بين الحجيج : 13 - ليس لأمير الحجّ أن يتعرّض للحكم بين الحجيج إجباراً إلاّ أن يفوّض إليه الحكم ، وهو أهل للقضاء ، فيجوز له حينئذٍ أن يحكم بينهم . فإن دخلوا في بلدٍ فيه حاكم جاز له أن يحكم بينهم . كما يجوز لحاكم البلد أن يحكم بينهم . هذا إذا كان النّزاع بين الحجّاج . أمّا إذا كان بين الحجيج وبين أهل البلد لم يحكم بينهم إلاّ حاكم البلد . إقامة الحدود فيهم : 14 - لا يجوز لأمير الحجّ إقامة الحدود في الحجيج إلاّ أن يؤذن له فيها وهو من أهل القضاء . فإن أذن فله إقامتها فيهم . فإن دخل في بلدٍ فيه من يتولّى إقامة الحدود ، فإن كان المحدود قد أتى بموجب الحدّ قبل دخول البلد ، فأمير الحجيج أولى بإقامة الحدّ عليه . أمّا إذا أتى به بعد دخول البلد فحاكم البلد أولى بإقامة الحدّ من أمير الحجيج . انتهاء ولايته : 15 - إذا وصل الحجيج إلى مكّة زالت ولايته عمّن لا يرغب العودة . أمّا من كان عازماً على العود فيبقى تحت ولايته حتّى يصلوا إلى بلادهم . ب - إمارة إقامة الحجّ : 16 - هي أن ينصب الإمام أميراً للحجيج يخرج بهم نيابةً عنه في المشاعر . ويشترط في أمير إقامة الحجّ شروط إمامة الصّلاة ، مضافاً إليها أن يكون عالماً بمناسك الحجّ وأحكامه عارفاً بمواقيته وأيّامه . انتهاء إمارته : 17 - تنتهي ولاية أمير إقامة الحجّ بانتهاء أعمال الحجّ ، ولا تتجاوزها ، وتبدأ بابتدائها ، فتبدأ من وقت صلاة الظّهر في اليوم السّابع من ذي الحجّة ، وتنتهي في يوم النّفر الثّاني ، وهو اليوم الثّالث عشر من ذي الحجّة . وإذا كان تقليده مطلقاً على إقامة الحجّ فله إقامته في كلّ عامٍ حتّى يصرف عنه . أمّا إذا كان تقليده لعامٍ واحدٍ فليس له إقامته في غيره من الأعوام ، إلاّ بتقليدٍ جديدٍ . اختصاصه : 18 - يختصّ نظره في كلّ ما يتعلّق بأعمال الحجّ : من الإشعار بوقت الإحرام ، والخروج بالنّاس إلى مشاعرهم ، وإلقاء الخطب في الأماكن الّتي شرعت فيها ، وترتيبه المناسك على ما استقرّ الشّرع عليه لأنّه متبوع فيها ، فلا يقدّم مؤخّراً ولا يؤخّر مقدّماً سواء كان التّرتيب واجباً أو مستحبّاً . إقامة الحدود : 19 - ليس لأمير إقامة الحجّ إقامة الحدّ ، أو التّعزير على من أتى ما يوجب ذلك من أفراد الحجيج ، إن كان الموجب ممّا لا يتعلّق بالحجّ . أمّا إذا كان موجب الحدّ أو التّعزير ممّا يتعلّق بالحجّ فله التّعزير . وفي إقامة الحدّ وجهان : أحدهما ليس له ذلك . لأنّه خارج من أحكام الحجّ ، وولايته خاصّة بالحجّ . والثّاني له إقامته عليه . الحكم بين الحجيج : 20 - لا يجوز لأمير إقامة الحجّ أن يحكم بين الحجيج فيما تنازعوا فيه من غير أحكام الحجّ . إمارة السّفر : 21 - يستحبّ لكلّ جماعةٍ ( ثلاثةٍ فأكثر ) قصدوا السّفر أن يؤمّروا أحدهم ، ويجب عليهم طاعته فيما يتعلّق بما هم فيه ، ويحرم عليهم مخالفته ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا خرج ثلاثة في السّفر فليؤمّروا أحدهم » . وللتّفصيل ينظر مصطلح ( سفر ) . إمام * انظر : إمامة . إمامة الصّلاة * الإمامة الصّغرى التّعريف : 1 - الإمامة في اللّغة : مصدر أمّ يؤمّ ، وأصل معناها القصد ، ويأتي بمعنى التّقدّم ، يقال : أمّهم وأمّ بهم : إذا تقدّمهم . وفي اصطلاح الفقهاء تطلق الإمامة على معنيين : الإمامة الصّغرى ، والإمامة الكبرى . ويعرّفون الإمامة الكبرى بأنّها : استحقاق تصرّفٍ عامٍّ على الأنام ( أي النّاس ) ، وهي رئاسة عامّة في الدّين والدّنيا خلافةً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم . ( ر : إمامة كبرى ) . أمّا الإمامة الصّغرى ( وهي إمامة الصّلاة ) فهي ارتباط صلاة المصلّي بمصلٍّ آخر بشروطٍ بيّنها الشّرع . فالإمام لم يصر إماماً إلاّ إذا ربط المقتدي صلاته بصلاته ، وهذا الارتباط هو حقيقة الإمامة ، وهو غاية الاقتداء . وعرّفها بعضهم بأنّها : كون الإمام متّبعاً في صلاته كلّها أو جزءٍ منها . الألفاظ ذات الصّلة : أ - القدوة : 2 - القدوة اسم للاقتداء أي : الاتّباع ، ويطلق على الشّخص المتبوع ، يقال : فلان قدوة أي يقتدى به . ب - الاقتداء والتّأسّي : 3 - الاقتداء والتّأسّي كلّ منهما بمعنى الاتّباع ، سواء كان ذلك في صلاةٍ أو غيرها ، فالمأموم يقتدي بالإمام ويتأسّى به ، فيعمل مثل عمله ، ويطلق على المقتدى به أنّه قدوة وأسوة . مشروعيّة الإمامة وفضلها : 4 - إمامة الصّلاة تعتبر من خير الأعمال الّتي يتولّاها خير النّاس ذوو الصّفات الفاضلة من العلم والقراءة والعدالة وغيرها كما سيأتي ، ولا تتصوّر صلاة الجماعة إلاّ بها . وصلاة الجماعة من شعائر الإسلام ، ومن السّنن المؤكّدة الّتي تشبه الواجب في القوّة عند أكثر الفقهاء ، وصرّح بعضهم بوجوبها ، وتفصيله في مصطلح : ( صلاة الجماعة ) . وقد صرّح جمهور الفقهاء ، ومنهم الحنفيّة ، وبعض المالكيّة ، وهو رواية في مذهب أحمد : بأنّ الإمامة أفضل من الأذان والإقامة ، لمواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الرّاشدين عليها ، ولهذا أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقوم بها أعلم النّاس وأقرؤهم ، كما روي في حديث أبي سعيدٍ الخدريّ . قال : « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إذا كانوا ثلاثةً فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم أقرؤهم » . ولمّا مرض النّبيّ عليه السلام اختار أفضل الصّحابة للإمامة حيث قال : « مروا أبا بكرٍ فليصلّ بالنّاس » ، ففهم الصّحابة من تقديمه في الإمامة الصّغرى استحقاقه الإمامة الكبرى . وفي قولٍ آخر : الأذان أفضل ، وهو قول بعض المالكيّة ، ومذهب الشّافعيّ ، ورواية في مذهب أحمد ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الإمام ضامن والمؤذّن مؤتمن ، اللّهمّ أرشد الأئمّة واغفر للمؤذّنين » والأمانة أعلى من الضّمان ، والمغفرة أعلى من الإرشاد . وقال عمر رضي الله عنه : " لولا الخلافة لأذّنت ". شروط الإمامة : يشترط لصحّة الإمامة الأمور التّالية : أ - الإسلام : 5 - اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في الإمام أن يكون مسلماً . وعلى هذا لا تصحّ الصّلاة خلف من هو كافر يعلن كفره ، أمّا إذا صلّى خلف من لا يعلم كفره ، ثمّ تبيّن أنّه كافر ، فإنّ الحنفيّة والحنابلة قالوا : إذا أمّهم زماناً على أنّه مسلم ، ثمّ ظهر أنّه كان كافراً ، فليس عليهم إعادة الصّلاة ، لأنّها كانت محكوماً بصحّتها ، وخبره غير مقبولٍ في الدّيانات لفسقه باعترافه . وقال الشّافعيّة : لو بان إمامه كافراً معلناً ، وقيل : أو مخفياً ، وجبت الإعادة ، لأنّ المأموم مقصّر بترك البحث . وقال الشّربينيّ : إنّ الأصحّ عدم وجوب الإعادة إذا كان الإمام مخفياً كفره . ومثله مذهب المالكيّة حيث قالوا : تبطل الصّلاة بالاقتداء بمن كان كافراً ، سواء أكانت سرّيّةً أم جهريّةً ، وسواء أطالت مدّة صلاته إماماً بالنّاس أم لا . وصرّح الحنابلة ، وهو رواية عند المالكيّة ، بعدم جواز إمامة الفاسق ، وهو الّذي أتى بكبيرةٍ كشارب خمرٍ وزانٍ وآكل الرّبا ، أو داوم على صغيرةٍ . لكنّ الحنفيّة والشّافعيّة ذهبوا إلى جواز إمامة الفاسق مع الكراهة ، وهذا هو المعتمد عند المالكيّة إذا لم يتعلّق فسقه بالصّلاة ، وإلاّ بطلت عندهم كقصده الكبر بالإمامة ، وإخلاله بركنٍ أو شرطٍ أو سنّةٍ عمداً . وفي صلاة الجمعة والعيدين جاز إمامة الفاسق بغير كراهةٍ ، مع تفصيلٍ ينظر في مواضعه . ب - العقل : 6 - يشترط في الإمام أن يكون عاقلاً ، وهذا الشّرط أيضاً متّفق عليه بين الفقهاء ، فلا تصحّ إمامة السّكران ، ولا إمامة المجنون المطبق ، ولا إمامة المجنون غير المطبق حال جنونه ، وذلك لعدم صحّة صلاتهم لأنفسهم فلا تبنى عليها صلاة غيرهم . أمّا الّذي يجنّ ويفيق ، فتصحّ إمامته حال إفاقته . ت - البلوغ : 7 - جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - على أنّه يشترط لصحّة الإمامة في صلاة الفرض أن يكون الإمام بالغاً ، فلا تصحّ إمامة مميّزٍ لبالغٍ في فرضٍ عندهم ، لما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لا تقدّموا صبيانكم » ، ولأنّها حال كمالٍ والصّبيّ ليس من أهلها ، ولأنّ الإمام ضامن وليس هو من أهل الضّمان ، ولأنّه لا يؤمن معه الإخلال بالقراءة حال السّرّ . واستدلّوا كذلك على عدم صحّة إمامة الصّبيّ للبالغ في الفرض أنّ صلاة الصّبيّ نافلة فلا يجوز بناء الفرض عليها . أمّا في غير الفرض كصلاة الكسوف أو التّراويح فتصحّ إمامة المميّز للبالغ عند جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وبعض الحنفيّة - لأنّه لا يلزم منها بناء القويّ على الضّعيف . والمختار عند الحنفيّة عدم جواز إمامة المميّز للبالغ مطلقاً ، سواء أكانت في الفرائض أم في النّوافل ، لأنّ نفل الصّبيّ ضعيف لعدم لزومه بالشّروع ، ونفل المقتدي البالغ قويّ لازم مضمون عليه بعد الشّروع . ولم يشترط الشّافعيّة في الإمام أن يكون بالغاً ، فتصحّ إمامة المميّز للبالغ عندهم مطلقاً ، سواء أكانت في الفرائض أم النّوافل ، لحديث « عمرو بن سلمة أنّه كان يؤمّ قومه على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستّ أو سبع سنين » لكنّهم قالوا : البالغ أولى من الصّبيّ ، وإن كان الصّبيّ أقرأ أو أفقه ، لصحّة الاقتداء بالبالغ بالإجماع ، ولهذا نصّ في البويطيّ على كراهة الاقتداء بالصّبيّ . أمّا إمامة المميّز لمثله فجائزة في الصّلوات الخمس وغيرها عند جميع الفقهاء . ث - الذّكورة : 8 - يشترط لإمامة الرّجال أن يكون الإمام ذكراً ، فلا تصحّ إمامة المرأة للرّجال ، وهذا متّفق عليه بين الفقهاء ، لما ورد في الحديث أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه » والأمر بتأخيرهنّ نهي عن الصّلاة خلفهنّ . ولما روى جابر مرفوعاً : « لا تؤمّنّ امرأة رجلاً » ولأنّ في إمامتها للرّجال افتتاناً بها . أمّا إمامة المرأة للنّساء فجائزة عند جمهور الفقهاء - وهم الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - واستدلّ الجمهور لجواز إمامة المرأة للنّساء بحديث « أمّ ورقة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤمّ نساء أهل دارها » . لكن كره الحنفيّة إمامتها لهنّ ، لأنّها لا تخلو عن نقصٍ واجبٍ أو مندوبٍ ، فإنّه يكره لهنّ الأذان والإقامة ، ويكره تقدّم المرأة الإمام عليهنّ . فإذا صلّت النّساء صلاة الجماعة بإمامة امرأةٍ وقفت المرأة الإمام وسطهنّ . أمّا المالكيّة فلا تجوز إمامة المرأة عندهم مطلقاً ولو لمثلها في فرضٍ أو نفلٍ . ولا تصحّ إمامة الخنثى للرّجال ولا لمثلها بلا خلافٍ ، لاحتمال أن تكون امرأةً والمقتدي رجلاً ، وتصحّ إمامتها للنّساء مع الكراهة أو بدونها عند جمهور الفقهاء ، خلافاً للمالكيّة حيث صرّحوا بعدم جوازها مطلقاً . ج - القدرة على القراءة : 9- يشترط في الإمام أن يكون قادراً على القراءة وحافظاً مقدار ما يتوقّف عليه صحّة الصّلاة على تفصيلٍ يذكر في مصطلح ( قراءة ) . وهذا الشّرط إنّما يعتبر إذا كان بين المقتدين من يقدر على القراءة ، فلا تصحّ إمامة الأمّيّ للقارئ ، ولا إمامة الأخرس للقارئ أو الأمّيّ ، لأنّ القراءة ركن مقصود في الصّلاة ، فلم يصحّ اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه ، ولأنّ الإمام ضامن ويتحمّل القراءة عن المأموم ، ولا يمكن ذلك في الأمّيّ ، ولتفصيل المسألة ( ر : اقتداء ) . أمّا إمامة الأمّيّ للأمّيّ والأخرس فجائزة ، وهذا متّفق عليه بين الفقهاء . هذا ، وتكره إمامة الفأفاء ( وهو من يكرّر الفاء ) والتّمتام ( وهو من يكرّر التّاء ) واللّاحن لحناً غير مغيّرٍ للمعنى عند الشّافعيّة والحنابلة . وقال الحنفيّة : الفأفأة ، والتّمتمة ، واللّثغة ( وهي تحرّك اللّسان من السّين إلى الثّاء ، أو من الرّاء إلى الغين ونحوه ) تمنع من الإمامة . وعند المالكيّة في جواز إمامة هؤلاء وأمثالهم خلاف . ح - السّلامة من الأعذار : 10 - يشترط في الإمام إذا كان يؤمّ الأصحّاء أن يكون سالماً من الأعذار ، كسلس البول وانفلات الرّيح والجرح السّائل والرّعاف ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو رواية عند الشّافعيّة ، لأنّ أصحاب الأعذار يصلّون مع الحدث حقيقةً ، وإنّما تجوز صلاتهم لعذرٍ ، ولا يتعدّى العذر لغيرهم لعدم الضّرورة ، ولأنّ الإمام ضامن ، بمعنى أنّ صلاته تضمن صلاة المقتدي ، والشّيء لا يضمن ما هو فوقه . ولا يشترط في المشهور عند المالكيّة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - السّلامة من العذر لصحّة الإمامة ، لأنّ الأحداث إذا عفي عنها في حقّ صاحبها عفي عنها في حقّ غيره . وأمّا إمامة صاحب العذر لمثله فجائزة باتّفاق الفقهاء مطلقاً ، أو إن اتّحد عذرهما ( ر : اقتداء ) . خ - القدرة على توفية أركان الصّلاة : 11 - يشترط في الإمام أن يكون قادراً على توفية الأركان ، وهذا إذا كان يصلّي بالأصحّاء ، فمن يصلّي بالإيماء ركوعاً أو سجوداً لا يصحّ أن يصلّي بمن يقدر عليهما عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) خلافاً للشّافعيّة فإنّهم أجازوا ذلك قياساً على صحّة إمامة المستلقي أو المضطجع للقاعد . واختلفوا في صحّة إمامة القاعد للقائم ، فالمالكيّة والحنابلة لا يجوّزونها ، لأنّ فيه بناء القويّ على الضّعيف ، واستثنى الحنابلة إمام الحيّ إذا كان مرضه ممّا يرجى زواله ، فأجازوا إمامته ، واستحبّوا له إذا عجز عن القيام أن يستخلف ، فإن صلّى بهم قاعداً صحّ . والشّافعيّة يقولون بالجواز ، وهو قول أكثر الحنفيّة ، لحديث عائشة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « صلّى آخر صلاةٍ صلّاها بالنّاس قاعداً ، والقوم خلفه قيام » . أمّا إمامة العاجز عن توفية الأركان لمثله فجائزة باتّفاق الفقهاء ، وللتّفصيل ( ر : اقتداء ) . د - السّلامة من فقد شرطٍ من شروط الصّلاة : 12 - يشترط في الإمام السّلامة من فقد شرطٍ من شروط صحّة الصّلاة كالطّهارة من حدثٍ أو خبثٍ ، فلا تصحّ إمامة محدثٍ ولا متنجّسٍ إذا كان يعلم ذلك ، لأنّه أخلّ بشرطٍ من شروط الصّلاة مع القدرة على الإتيان به ، ولا فرق بين الحدث الأكبر والأصغر ، ولا بين نجاسة الثّوب والبدن والمكان . وصرّح المالكيّة والشّافعيّة أنّ علم المقتدي بحدث الإمام بعد الصّلاة مغتفر ، وقال الحنفيّة : من اقتدى بإمامٍ ثمّ علم أنّ إمامه محدث أعاد لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أمّ قوماً ثمّ ظهر أنّه كان محدثاً أو جنباً أعاد صلاته » . وفصّل الحنابلة فقالوا : لو جهله المأموم وحده وعلمه الإمام يعيدون كلّهم ، أمّا إذا جهله الإمام والمأمومون كلّهم حتّى قضوا الصّلاة صحّت صلاة المأموم وحده ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا صلّى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمّت للقوم صلاتهم » . وتفصيله في مصطلح : ( طهارة ) . ذ - النّيّة : 13 - يشترط في الإمام عند الحنابلة نيّة الإمامة ، فإنّهم قالوا : من شرط صحّة الجماعة : أن ينوي الإمام أنّه إمام وينوي المأموم أنّه مأموم . ولو أحرم منفرداً ثمّ جاء آخر فصلّى معه ، فنوى إمامته صحّ في النّفل ، لحديث ابن عبّاسٍ أنّه قال : « بتّ عند خالتي ميمونة ، فقام النّبيّ صلى الله عليه وسلم متطوّعاً من اللّيل ، فقام إلى القربة فتوضّأ ، فقام فصلّى ، فقمت لمّا رأيته صنع ذلك ، فتوضّأت من القربة ، ثمّ قمت إلى شقّه الأيسر ، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشّقّ الأيمن » . أمّا في الفرض فإن كان ينتظر أحداً ، كإمام المسجد يحرم وحده ، وينتظر من يأتي فيصلّي معه ، فيجوز ذلك أيضاً . واختار ابن قدامة أنّ الفرض كالنّفل في صحّة صلاة من أحرم منفرداً ثمّ نوى أن يكون إماماً . وقال الحنفيّة : نيّة الرّجل الإمامة شرط لصحّة اقتداء النّساء إن كنّ وحدهنّ ، وهذا في صلاةٍ ذات ركوعٍ وسجودٍ ، لا في صلاة الجنازة ، لما يلزم من الفساد بمحاذاة المرأة له لو حاذته ، وإن لم ينو إمامة المرأة ونوت هي الاقتداء به لم تضرّه ، فتصحّ صلاته ولا تصحّ صلاتها ، لأنّ الاشتراك لا يثبت دون النّيّة . ولا يشترط نيّة الإمام الإمامة عند المالكيّة والشّافعيّة ، إلاّ في الجمعة والصّلاة المعادة والمنذورة عند الشّافعيّة ، لكنّه يستحبّ عندهم للإمام أن ينوي الإمامة في سائر الصّلوات للخروج من خلاف الموجب لها ، وليحوز فضيلة الإمامة وصلاة الجماعة . الأحقّ بالإمامة : 14 - وردت في ذلك الأحاديث التّالية : عن أبي سعيدٍ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا كانوا ثلاثةً فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم بالإمامة أقرؤهم » رواه أحمد ومسلم والنّسائيّ . وعن أبي مسعودٍ عقبة بن عمرٍو قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه ، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسّنّة ، فإن كانوا في السّنّة سواءً فأقدمهم هجرةً ، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سنّاً ، ولا يؤمّنّ الرّجل الرّجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلاّ بإذنه » . 15 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا اجتمع قوم وكان فيهم ذو سلطانٍ ، كأميرٍ ووالٍ وقاضٍ فهو أولى بالإمامة من الجميع حتّى من صاحب المنزل وإمام الحيّ ، وهذا إذا كان مستجمعاً لشروط صحّة الصّلاة كحفظ مقدار الفرض من القراءة والعلم بأركان الصّلاة ، حتّى ولو كان بين القوم من هو أفقه أو أقرأ منه ، لأنّ ولايته عامّة ، ولأنّ ابن عمر كان يصلّي خلف الحجّاج . وإن لم يكن بينهم ذو سلطانٍ يقدّم صاحب المنزل ، ويقدّم إمام الحيّ وإن كان غيره أفقه أو أقرأ أو أورع منه ، إن شاء تقدّم وإن شاء قدّم من يريده . لكنّه يستحبّ لصاحب المنزل أن يأذن لمن هو أفضل منه . واتّفقوا كذلك على أنّ بناء أمر الإمامة على الفضيلة والكمال ، ومن استجمع خصال العلم وقراءة القرآن والورع وكبر السّنّ وغيرها من الفضائل كان أولى بالإمامة . ولا خلاف في تقديم الأعلم والأقرأ على سائر النّاس ، ولو كان في القوم من هو أفضل منه في الورع والسّنّ وسائر الأوصاف . وجمهور الفقهاء : ( الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ) على أنّ الأعلم بأحكام الفقه أولى بالإمامة من الأقرأ ، لحديث : « مروا أبا بكرٍ فليصلّ بالنّاس » وكان ثمّة من هو أقرأ منه ، لا أعلم منه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « أقرؤكم أبيٍّ » ، ولقول أبي سعيدٍ :" كان أبو بكرٍ أعلمنا "، وهذا آخر الأمرين من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيكون المعوّل عليه . ولأنّ الحاجة إلى الفقه أهمّ منها إلى القراءة ، لأنّ القراءة إنّما يحتاج إليها لإقامة ركنٍ واحدٍ ، والفقه يحتاج إليه لجميع الأركان والواجبات والسّنن . وقال الحنابلة ، وهو قول أبي يوسف من الحنفيّة : إنّ أقرأ النّاس أولى بالإمامة ممّن هو أعلمهم ، لحديث أبي سعيدٍ قال : قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا كانوا ثلاثة فليؤمّهم أحدهم ، وأحقّهم بالإمامة أقرؤهم » ولأنّ القراءة ركن لا بدّ منه ، والحاجة إلى العلم إذا عرض عارض مفسد ليمكنه إصلاح صلاته ، وقد يعرض وقد لا يعرض . 16 - أمّا إذا تفرّقت خصال الفضيلة من العلم والقراءة والورع وكبر السّنّ وغيرها في أشخاصٍ فقد اختلفت أقوال الفقهاء . فمنهم من قدّم الأعلم على الأقرأ ، وقالوا : إنّما أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بتقديم القارئ ، لأنّ أصحابه كان أقرؤهم أعلمهم ، فإنّهم كانوا إذا تعلّموا القرآن تعلّموا معه أحكامه ، وهذا قول جمهور الفقهاء . والأصل في أولويّة الإمامة حديث أبي مسعودٍ الأنصاريّ أنّ النّبيّ عليه السلام قال : « يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه ، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسّنّة ، فإن كانوا في السّنّة سواءً فأقدمهم هجرةً ، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سنّاً » . 17 - وفي ترتيب الأولويّة في الإمامة بعد الاستواء في العلم والقراءة ، قال الحنفيّة والشّافعيّة : يقدّم أورعهم أي الأكثر اتّقاءً للشّبهات ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « من صلّى خلف عالمٍ تقيٍّ فكأنّما صلّى خلف نبيٍّ » ولأنّ الهجرة المذكورة بعد القراءة والعلم بالسّنّة نسخ وجوبها بحديث : « لا هجرة بعد الفتح » فجعلوا الورع - وهو هجر المعاصي - مكان تلك الهجرة . ومثله ما صرّح به المالكيّة حيث قالوا : الأولويّة بعد الأعلم والأقرأ للأكثر عبادةً . ثمّ إن استووا في الورع يقدّم عند الجمهور الأقدم إسلاماً ، فيقدّم شابّ نشأ في الإسلام على شيخٍ أسلم حديثاً . أمّا لو كانوا مسلمين من الأصل ، أو أسلموا معاً فإنّه يقدّم الأكبر سنّاً ، لقوله عليه السلام : « وليؤمّكما أكبركما سنّاً » . ولأنّ الأكبر في السّنّ يكون أخشع قلباً عادةً ، وفي تقديمه كثرة الجماعة . 18 - فإن استووا في الصّفات والخصال المتقدّمة من العلم والقراءة والورع والسّنّ ، قال الحنفيّة يقدّم الأحسن خلقاً ، لأنّ حسن الخلق من باب الفضيلة ، ومبنى الإمامة على الفضيلة ، فإن كانوا فيه سواءً فأحسنهم وجهاً ، لأنّ رغبة النّاس في الصّلاة خلفه أكثر ، ثمّ الأشرف نسباً ، ثمّ الأنظف ثوباً . فإن استووا يقرع بينهم . وقال المالكيّة : يقدّم بعد الأسنّ الأشرف نسباً ، ثمّ الأحسن صورةً ، ثمّ الأحسن أخلاقاً ، ثمّ الأحسن ثوباً . والشّافعيّة كالمالكيّة في تقديم الأشرف نسباً ، ثمّ الأنظف ثوباً وبدناً ، وحسن صوتٍ ، وطيّب صفةٍ وغيرها ، ثمّ يقرع بينهم . أمّا الحنابلة فقد صرّحوا أنّه إن استووا في القراءة والفقه فأقدمهم هجرةً ، ثمّ أسنّهم ، ثمّ أشرفهم نسباً ، ثمّ أتقاهم وأورعهم ، فإن استووا في هذا كلّه أقرع بينهم . ولا يقدّم بحسن الوجه عندهم ، لأنّه لا مدخل له في الإمامة ، ولا أثر له فيها . وهذا التّقديم إنّما هو على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الاشتراط ولا الإيجاب ، فلو قدّم المفضول كان جائزاً اتّفاقاً ما دام مستجمعاً شرائط الصّحّة ، لكن مع الكراهة عند الحنابلة . والمقصود بذكر هذه الأوصاف وربط الأولويّة بها هو كثرة الجماعة ، فكلّ من كان أكمل فهو أفضل ، لأنّ رغبة النّاس فيه أكثر . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية