الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40963" data-attributes="member: 329"><p>اختلاف صفة الإمام والمقتدي :</p><p>19 - الأصل أنّ الإمام إذا كان أقوى حالاً من المقتدي أو مساوياً له صحّت إمامته اتّفاقاً ، أمّا إذا كان أضعف حالاً ، كأن كان يصلّي نافلةً والمقتدي يصلّي فريضةً ، أو كان الإمام معذوراً والمقتدي سليماً ، أو كان الإمام غير قادرٍ على القيام مثلاً والمقتدي قادراً ، فقد اختلفت آراء الفقهاء ، وإجمالها فيما يأتي : </p><p>أوّلاً : تجوز إمامة الماسح للغاسل وإمامة المسافر للمقيم اتّفاقاً ، وتجوز إمامة المتيمّم للمتوضّئ عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - ، وقيّد الشّافعيّة هذا الجواز بما إذا لم تجب على الإمام الإعادة .</p><p>ثانياً : جمهور الفقهاء على عدم جواز إمامة المتنفّل للمفترض ، والمفترض للّذي يؤدّي فرضاً آخر ، وعدم إمامة الصّبيّ للبالغ في فرضٍ ، وإمامة المعذور للسّليم ، وإمامة العاري للمكتسي ، وإمامة العاجز عن توفية ركنٍ للقادر عليه ، مع خلافٍ وتفصيلٍ في بعض الفروع ، أمّا إمامة هؤلاء لأمثالهم فجائزة باتّفاق الفقهاء . وللتّفصيل يرجع إلى بحث : ( اقتداء ) . </p><p>موقف الإمام :</p><p>20 - إذا كان يصلّي مع الإمام اثنان أو أكثر فإنّ الإمام يتقدّمهم في الموقف ، لفعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعمل الأمّة بذلك . وقد روي أنّ « جابراً وجبّاراً وقف أحدهما عن يمين النّبيّ صلى الله عليه وسلم والآخر عن يساره ، فأخذ بأيديهما حتّى أقامهما خلفه » . ولأنّ الإمام ينبغي أن يكون بحالٍ يمتاز بها عن غيره ، ولا يشتبه على الدّاخل ليمكنه الاقتداء به . ولو قام في وسط الصّفّ أو في ميسرته جاز مع الكراهة لتركه السّنّة . ويرى الحنابلة بطلان صلاة من يقف على يسار الإمام ، إذا لم يكن أحد عن يمينه . </p><p>ولو كان مع الإمام رجل واحد أو صبيّ يعقل الصّلاة وقف الإمام عن يساره والمأموم عن يمينه ، لما روي عن ابن عبّاسٍ « أنّه وقف عن يسار النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأداره إلى يمينه » . ويندب في هذه الحالة تأخّر المأموم قليلاً خوفاً من التّقدّم . ولو وقف المأموم عن يساره أو خلفه جاز مع الكراهة إلاّ عند الحنابلة فتبطل على ما سبق . </p><p>ولو كان معه امرأة أقامها خلفه ، لقوله عليه السلام : « أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه » . ولو كان معه رجل وامرأة أقام الرّجل عن يمينه والمرأة خلفه ، وإن كان رجلان وامرأة أقام الرّجلين خلفه والمرأة وراءهما . </p><p> 21- والسّنّة أن تقف المرأة الّتي تؤمّ النّساء وسطهنّ ، لما روي أنّ عائشة وأمّ سلمة أمّتا نساءً فقامتا وسطهنّ وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . </p><p>أمّا المالكيّة فقد صرّحوا بعدم جواز إمامتها ولو لمثلها ، في فريضةٍ كانت أو في نافلةٍ كما تقدّم في شروط الإمامة . </p><p>22 - ولا يجوز تأخّر الإمام عن المأموم في الموقف عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - لحديث : « إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به » ومعنى الائتمام الاتّباع ، والمتقدّم غير تابعٍ . وأجاز المالكيّة تأخّره في الموقف إذا أمكن للمأمومين متابعته في الأركان ، لكنّهم صرّحوا بكراهة تقدّم المقتدي على الإمام أو محاذاته له إلاّ لضرورةٍ . والاختيار في التّقدّم والتّأخّر للقائم بالعقب ، وللقاعد بالألية ، وللمضطجع بالجنب .</p><p>23 - هذا ، ويكره أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المقتدين اتّفاقاً ، إلاّ إذا أراد الإمام تعليم المأمومين ، فالسّنّة أن يقف الإمام في موضعٍ عالٍ عند الشّافعيّة ، لما روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثمّ قال : { أيّها النّاس : إنّما فعلت هذا لتأتمّوا بي ، ولتعلموا صلاتي » . أمّا إذا أراد الإمام بذلك الكبر فممنوع . ولا بأس عند الحنابلة بالعلوّ اليسير ، وقدّروه بمثل درجة المنبر . وقدّر الحنفيّة العلوّ المكروه بما كان قدر ذراعٍ على المعتمد . ولتفصيل هذه المسائل يراجع مصطلح : ( صلاة الجماعة ) ( واقتداء ) . </p><p>من تكره إمامتهم :</p><p>24 - إنّ بناء أمر الإمامة على الفضيلة والكمال ، فكلّ من كان أكمل فهو أفضل ، وإن تقدّم المفضول على الفاضل جاز وكره وإذا أذن الفاضل للمفضول لم يكره ، وهذا القدر متّفق عليه بين الفقهاء . وقد سبق بيانه في بحث الأولويّة . </p><p>ثمّ قال الحنفيّة : يكره تقديم العبد لأنّه لا يتفرّغ للتّعلّم ، والأعرابيّ وهو من يسكن البادية لغلبة الجهل عليه ، ويكره تقديم الفاسق لأنّه لا يهتمّ بأمر دينه ، والأعمى لأنّه لا يتوقّى النّجاسة ، كما يكره إمامة ولد الزّنى ، والمبتدع بدعةً غير مكفّرةٍ ، كذلك يكره إمامة أمرد وسفيهٍ ومفلوجٍ وأبرص شاع برصه . ولأنّ في تقديم هؤلاء تنفير الجماعة ، لكنّه إن تقدّموا جاز ، لقوله عليه السلام : « صلّوا خلف كلّ برٍّ وفاجرٍ » . </p><p>والكراهة في حقّهم لما ذكر من النّقائص ، فلو عدمت بأن كان الأعرابيّ أفضل من الحضريّ ، والعبد من الحرّ ، وولد الزّنى من ولد الرّشدة والأعمى من البصير زالت الكراهة . أمّا الفاسق والمبتدع فلا تخلو إمامتهما عن الكراهة بحالٍ ، حتّى صرّح بعضهم بأنّ كراهة تقديمهما كراهة تحريمٍ . </p><p>وقال المالكيّة : كره إمامة مقطوع اليد أو الرّجل والأشلّ والأعرابيّ لغيره وإن كان أقرأ ، وكره إمامة ذي السّلس والقروح للصّحيح ، وإمامة من يكرهه بعض الجماعة ، فإن كرهه الكلّ أو الأكثر ، أو ذو الفضل منهم - وإن قلّوا - فإمامته حرام ، لقوله عليه السلام : « لعن رسول اللّه ثلاثةً : رجل أمّ قوماً وهم له كارهون ... » كما كره أن يجعل إماماً راتباً كلّ من الخصيّ أو المأبون أو الأقلف ( غير المختون ) أو ولد الزّنى ، أو مجهول الحال . </p><p>وقال الشّافعيّة : يكره إمامة الفاسق والأقلف وإن كان بالغاً ، كما يكره إمامة المبتدع ، ومن يكرهه أكثر القوم لأمرٍ مذمومٍ فيه شرعاً ، والتّمتام والفأفاء ، واللّاحن لحناً غير مغيّرٍ للمعنى ، لكن الأعمى والبصير سيّان في الإمامة ، لتعارض فضيلتهما ، لأنّ الأعمى لا ينظر ما يشغله فهو أخشع ، والبصير ينظر الخبث فهو أحفظ لتجنّبه . وإمامة الحرّ أولى من العبد ، والسّميع أولى من الأصمّ ، والفحل أولى من الخصيّ والمجبوب ، والقرويّ أولى من البدويّ . وقال الحنابلة : تكره إمامة الأعمى والأصمّ واللّحّان الّذي لا يحيل المعنى ، ومن يصرع ، ومن اختلف في صحّة إمامته ، وكذا إمامة الأقلف وأقطع اليدين أو إحداهما ، أو الرّجلين أو إحداهما ، والفأفاء والتّمتام ، وأن يؤمّ قوماً أكثرهم يكرهه لخللٍ في دينه أو فضله . ولا بأس بإمامة ولد الزّنى واللّقيط والمنفيّ باللّعان والخصيّ والأعرابيّ إذا سلم دينهم وصلحوا لها . هذا ، والكراهة إنّما تكون فيما إذا وجد في القوم غير هؤلاء ، وإلاّ فلا كراهة اتّفاقاً . </p><p>ما يفعله الإمام قبل بداية الصّلاة :</p><p>25 - إذا أراد الإمام الصّلاة يأذن للمؤذّن أن يقيمها ، فإنّ « بلالاً كان يستأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم للإقامة » ، ويسنّ للإمام أن يقوم للصّلاة حين يقال ( حيّ على الفلاح ) أو حين قول المؤذّن : ( قد قامت الصّلاة ) أو مع الإقامة أو بعدها بقدر الطّاقة على تفصيلٍ عند الفقهاء ، وإذا كان مسافراً يخبر المأمومين بذلك ليكونوا على علمٍ بحاله ، ويصحّ أن يخبرهم بعدم تمام الصّلاة ليكملوا صلاتهم . كما يسنّ أن يأمر بتسوية الصّفوف فيلتفت عن يمينه وشماله قائلاً : اعتدلوا وسوّوا صفوفكم ، لما روى محمّد بن مسلمٍ قال : « صلّيت إلى جانب أنس بن مالكٍ يوماً فقال : هل تدري لم صنع هذا العود ؟ فقلت : لا واللّه . فقال : إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصّلاة أخذه بيمينه فقال : اعتدلوا وسوّوا صفوفكم ، ثمّ أخذه بيساره وقال : اعتدلوا وسوّوا صفوفكم » ، وفي روايةٍ : « اعتدلوا في صفوفكم وتراصّوا ، فإنّي أراكم من وراء ظهري » . </p><p>ما يفعله الإمام أثناء الصّلاة :</p><p>أ - الجهر أو الإسرار بالقراءة :</p><p>26 - يجهر الإمام بالقراءة في الفجر والرّكعتين الأوليين من المغرب والعشاء أداءً وقضاءً ، وكذلك في الجمعة والعيدين والتّراويح والوتر بعدها . ويسرّ في غيرها من الصّلوات . والجهر فيما يجهر فيه والمخافتة فيما يخافت فيه واجب على الإمام عند الحنفيّة ، وسنّة عند غيرهم . وتفصيله في مصطلح : ( قراءة ) . </p><p>ب - تخفيف الصّلاة :</p><p>27 - يسنّ للإمام أن يخفّف في القراءة والأذكار مع فعل الأبعاض والهيئات ، ويأتي بأدنى الكمال ، لما روي عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا صلّى أحدكم بالنّاس فليخفّف ، فإنّ فيهم السّقيم والضّعيف والكبير » ، ولحديث معاذٍ أنّه كان يطوّل بهم القراءة ، فقال عليه الصلاة والسلام : « أفتّان أنت يا معاذ ، صلّ بالقوم صلاة أضعفهم » ، لكنّه إن صلّى بقومٍ يعلم أنّهم يؤثرون التّطويل لم يكره ، لأنّ المنع لأجلهم ، وقد رضوا . ويكره له الإسراع ، بحيث يمنع المأموم من فعل ما يسنّ له ، كتثليث التّسبيح في الرّكوع والسّجود ، وإتمام ما يسنّ في التّشهّد الأخير . </p><p>ج - الانتظار للمسبوق :</p><p>28 - إن أحسّ الإمام بشخصٍ داخلٍ وهو راكع ، ينتظره يسيراً ما لم يشقّ على من خلفه ، وهذا عند الحنابلة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة ، لأنّه انتظار ينفع ولا يشقّ ، فشرع كتطويل الرّكعة وتخفيف الصّلاة ، وقد ثبت « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يطيل الرّكعة الأولى حتّى لا يسمع وقع قدمٍ » . وكان ينتظر الجماعة فإن رآهم قد اجتمعوا عجّل ، وإذا رآهم قد أبطئوا أخّر . ويكره ذلك عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة . </p><p>د - الاستخلاف :</p><p>29 - إذا حدث للإمام عذر لا تبطل به صلاة المأمومين يجوز للإمام أن يستخلف غيره من المأمومين لتكميل الصّلاة بهم ، وهذا عند جمهور الفقهاء . </p><p>وفي كيفيّة الاستخلاف وشروطه وأسبابه تفصيل وخلاف ينظر في مصطلح : ( استخلاف ) . </p><p>ما يفعله الإمام عقب الفراغ من الصّلاة :</p><p>30 - يستحبّ للإمام والمأمومين عقب الصّلاة ذكر اللّه والدّعاء بالأدعية المأثورة ، منها ما رواه الشّيخان « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ : لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قدير ... إلخ » ، كما يستحبّ له إذا فرغ من الصّلاة أن يقبل على النّاس بوجهه يميناً أو شمالاً إذا لم يكن بحذائه أحد ، لما روي عن سمرة قال : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلّى صلاةً أقبل علينا بوجهه » . </p><p>ويكره له المكث على هيئته مستقبل القبلة ، لما روي عن عائشة « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصّلاة لا يمكث في مكانه إلاّ مقدار أن يقول : اللّهمّ أنت السّلام ومنك السّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام » ، ولأنّ المكث يوهم الدّاخل أنّه في الصّلاة فيقتدي به . كما يكره له أن يتنفّل في المكان الّذي أمّ فيه . </p><p>وإذا أراد الانصراف فإن كان خلفه نساء استحبّ له أن يلبث يسيراً ، حتّى ينصرف النّساء ولا يختلطن بالرّجال ، لما روت أمّ سلمة « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلّم قام النّساء حين يقضي سلامه ، فيمكث يسيراً قبل أن يقوم » . ثمّ ينصرف الإمام حيث شاء عن يمينٍ وشمالٍ .</p><p> 31 - ويستحبّ كذلك للإمام المسافر إذا صلّى بمقيمين أن يقول لهم عقب تسليمه : أتمّوا صلاتكم فإنّا سفر ، لما روي عن عمران بن حصينٍ « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى بأهل مكّة ركعتين ، ثمّ قال لهم : صلّوا أربعاً فإنّا سفر » . </p><p>هذا ، وقد فرّق الحنفيّة بين الصّلوات الّتي بعدها سنّة وبين الّتي ليست بعدها سنّة ، فقالوا : إن كانت صلاةً لا تصلّى بعدها سنّة ، كالفجر والعصر فإن شاء الإمام قام ، وإن شاء قعد يشتغل بالدّعاء ، مغيّراً هيئته أو منحرفاً عن مكانه . وإن كانت صلاةً بعدها سنّة يكره له المكث قاعداً ، ولكن يقوم ويتنحّى عن ذلك المكان ثمّ يتنفّل . </p><p>ووجه التّفرقة عندهم أنّ السّنن بعد الفرائض شرعت لجبر النّقصان ، ليقوم في الآخرة مقام ما ترك فيها لعذرٍ ، فيكره الفصل بينهما بمكثٍ طويلٍ ، ولا كذلك الصّلوات الّتي ليست بعدها سنّة . ولم يعثر على هذه التّفرقة في كتب غير الحنفيّة . </p><p>الأجر على الإمامة :</p><p>32 - ذهب جمهور الفقهاء : - الشّافعيّة والحنابلة ، والمتقدّمون من الحنفيّة - إلى عدم جواز الاستئجار لإمامة الصّلاة ، لأنّها من الأعمال الّتي يختصّ فاعلها بكونه من أهل القربة ، فلا يجوز الاستئجار عليها كنظائرها من الأذان وتعليم القرآن ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به » . ولأنّ الإمام يصلّي لنفسه ، فمن أراد اقتدى به وإن لم ينو الإمامة ، وإن توقّف على نيّته شيء فهو إحراز فضيلة الجماعة ، وهذه فائدة تختصّ به . ولأنّ العبد فيما يعمله من القربات والطّاعات عامل لنفسه ، قال سبحانه وتعالى : { من عمل صالحاً فلنفسه } ، ومن عمل لنفسه لا يستحقّ الأجر على غيره . </p><p>وقال المالكيّة : جاز أخذ الأجرة على الأذان وحده أو مع صلاةٍ ، وكره الأجر على الصّلاة وحدها ، فرضاً كانت أو نفلاً من المصلّين . </p><p>والمفتى به عند متأخّري الحنفيّة جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه والإمامة والأذان ، ويجبر المستأجر على دفع المسمّى بالعقد أو أجر المثل إذا لم تذكر مدّة . </p><p>واستدلّوا للجواز بالضّرورة ، وهي خشية ضياع القرآن لظهور التّواني في الأمور الدّينيّة اليوم . وهذا كلّه في الأجر . وأمّا الرّزق من بيت المال فيجوز على ما يتعدّى نفعه من هذه الأمور بلا خلافٍ ، لأنّه من باب الإحسان والمسامحة ، بخلاف الإجارة فإنّها من باب المعاوضة ، ولأنّ بيت المال لمصالح المسلمين ، فإذا كان بذله لمن يتعدّى نفعه إلى المسلمين محتاجاً إليه كان من المصالح ، وكان للآخذ أخذه ، لأنّه من أهله وجرى مجرى الوقف على من يقوم بهذه المصالح . </p><p></p><p>الإمامة الكبرى</p><p>التّعريف :</p><p>1 - ( الإمامة ) : مصدر أمّ القوم وأمّ بهم . إذا تقدّمهم وصار لهم إماماً . والإمام - وجمعه أئمّة - : كلّ من ائتمّ به قوم سواء أكانوا على صراطٍ مستقيمٍ : كما في قوله تعالى : { وجعلناهم أئمّةً يهدون بأمرنا } أم كانوا ضالّين كقوله تعالى : { وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون } .</p><p> ثمّ توسّعوا في استعماله ، حتّى شمل كلّ من صار قدوةً في فنٍّ من فنون العلم . فالإمام أبو حنيفة قدوة في الفقه ، والإمام البخاريّ قدوة في الحديث ... إلخ ، غير أنّه إذا أطلق لا ينصرف إلاّ إلى صاحب الإمامة العظمى ، ولا يطلق على الباقي إلاّ بالإضافة ، لذلك عرّف الرّازيّ الإمام بأنّه : كلّ شخصٍ يقتدى به في الدّين . </p><p>والإمامة الكبرى في الاصطلاح : رئاسة عامّة في الدّين والدّنيا خلافةً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسمّيت كبرى تمييزاً لها عن الإمامة الصّغرى ، وهم إمامة الصّلاة وتنظر في موضعها .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الخلافة :</p><p>2 - الخلافة في اللّغة : مصدر خلف يخلف خلافةً : أي : بقي بعده أو قام مقامه ، وكلّ من يخلف شخصاً آخر يسمّى خليفةً ، لذلك سمّي من يخلف الرّسول صلى الله عليه وسلم في إجراء الأحكام الشّرعيّة ورئاسة المسلمين في أمور الدّين والدّنيا خليفةً ، ويسمّى المنصب خلافةً وإمامةً . </p><p>أمّا في الاصطلاح الشّرعيّ : فهي ترادف الإمامة ، وقد عرّفها ابن خلدونٍ بقوله : هي حمل الكافّة على مقتضى النّظر الشّرعيّ ، في مصالحهم الأخرويّة ، والدّنيويّة الرّاجعة إليها ، ثمّ فسّر هذا التّعريف بقوله : فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشّرع في حراسة الدّين والدّنيا .</p><p>ب - الإمارة :</p><p>3 - الإمارة لغةً : الولاية ، والولاية إمّا أن تكون عامّةً ، فهي الخلافة أو الإمامة العظمى ، وإمّا أن تكون خاصّةً على ناحيةٍ كأن ينال أمر مصرٍ ونحوه ، أو على عملٍ خاصٍّ من شئون الدّولة كإمارة الجيش وإمارة الصّدقات ، وتطلق على منصبٍ أمير .</p><p>ج - السّلطة :</p><p>4 - السّلطة هي : السّيطرة والتّمكّن والقهر والتّحكّم ومنه السّلطان وهو من له ولاية التّحكّم والسّيطرة في الدّولة ، فإن كانت سلطته قاصرةً على ناحيةٍ خاصّةٍ فليس بخليفةٍ ، وإن كانت عامّةً فهو الخليفة ، وقد وجدت في العصور الإسلاميّة المختلفة خلافة بلا سلطةٍ ، كما وقع في أواخر العبّاسيّين ، وسلطة بلا خلافةٍ كما كان الحال في عهد المماليك .</p><p>د - الحكم :</p><p>5 - الحكم هو في اللّغة : القضاء ، يقال : حكم له وعليه وحكم بينهما ، فالحاكم هو القاضي في عرف اللّغة والشّرع . </p><p>وقد تعارف النّاس في العصر الحاضر على إطلاقه على من يتولّى السّلطة العامّة . </p><p>الحكم التّكليفيّ :</p><p>6 - أجمعت الأمّة على وجوب عقد الإمامة ، وعلى أنّ الأمّة يجب عليها الانقياد لإمامٍ عادلٍ ، يقيم فيهم أحكام اللّه ، ويسوسهم بأحكام الشّريعة الّتي أتى بها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولم يخرج عن هذا الإجماع من يعتدّ بخلافه . </p><p>واستدلّوا لذلك ، بإجماع الصّحابة والتّابعين ، وقد ثبت أنّ الصّحابة رضي الله عنهم ، بمجرّد أن بلغهم نبأ وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بادروا إلى عقد اجتماعٍ في سقيفة بني ساعدةٍ ، واشترك في الاجتماع كبار الصّحابة ، وتركوا أهمّ الأمور لديهم في تجهيز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وتشييع جثمانه الشّريف ، وتداولوا في أمر خلافته . </p><p>وهم ، وإن اختلفوا في بادئ الأمر حول الشّخص الّذي ينبغي أن يبايع ، أو على الصّفات الّتي ينبغي أن تتوفّر فيمن يختارونه ، فإنّهم لم يختلفوا في وجوب نصب إمامٍ للمسلمين ، ولم يقل أحد مطلقاً إنّه لا حاجة إلى ذلك ، وبايعوا أبا بكرٍ رضي الله عنه ، ووافق بقيّة الصّحابة الّذين لم يكونوا حاضرين في السّقيفة ، وبقيت هذه السّنّة في كلّ العصور ، فكان ذلك إجماعاً على وجوب نصب الإمام . </p><p>وهذا الوجوب وجوب كفايةٍ ، كالجهاد ونحوه ، فإذا قام بها من هو أهل لها سقط الحرج عن الكافّة ، وإن لم يقم بها أحد ، أثم من الأمّة فريقان :</p><p>أ - أهل الاختيار وهم : أهل الحلّ والعقد من العلماء ووجوه النّاس ، حتّى يختاروا إماماً للأمّة .</p><p>ب - أهل الإمامة وهم : من تتوفّر فيهم شروط الإمامة ، إلى أن ينصب أحدهم إماماً . </p><p>ما يجوز تسمية الإمام به :</p><p>7 - اتّفق الفقهاء على جواز تسمية الإمام : خليفةً ، وإماماً ، وأمير المؤمنين . </p><p>فأمّا تسميته إماماً فتشبيهاً بإمام الصّلاة في وجوب الاتّباع والاقتداء به فيما وافق الشّرع ، ولهذا سمّي منصبه بالإمامة الكبرى . </p><p>وأمّا تسميته خليفةً فلكونه يخلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حراسة الدّين وسياسة الدّنيا في الأمّة ، فيقال خليفة بإطلاق ، وخليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . </p><p>واختلفوا في جواز تسميته خليفة اللّه ، فذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز تسميته بخليفة اللّه ، لأنّ أبا بكرٍ رضي الله عنه نهى عن ذلك لمّا دعي به ، وقال : لست خليفة اللّه ، ولكنّي خليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . ولأنّ الاستخلاف إنّما هو في حقّ الغائب ، واللّه منزّه عن ذلك . وأجازه بعضهم اقتباساً من الخلافة العامّة للآدميّين في قوله تعالى : </p><p>{ إنّي جاعل في الأرض خليفةً } وقوله : { هو الّذي جعلكم خلائف في الأرض } . </p><p>معرفة الإمام باسمه وعينه :</p><p>8 - لا تجب معرفة الإمام باسمه وعينه على كافّة الأمّة ، وإنّما يلزمهم أن يعرفوا أنّ الخلافة أفضت إلى أهلها ، لما في إيجاب معرفته عليهم باسمه وعينه من المشقّة والحرج ، وإنّما يجب ذلك على أهل الاختيار الّذين تنعقد ببيعتهم الخلافة ، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء . </p><p>حكم طلب الإمامة :</p><p>9 - يختلف الحكم باختلاف حال الطّالب ، فإن كان لا يصلح لها إلاّ شخص وجب عليه أن يطلبها ، ووجب على أهل الحلّ والعقد أن يبايعوه . </p><p>وإن كان يصلح لها جماعة صحّ أن يطلبها واحد منهم ، ووجب اختيار أحدهم ، وإلاّ أجبر أحدهم على قبولها جمعاً لكلمة الأمّة . وإن كان هناك من هو أولى منه كره له طلبها ، وإن كان غير صالحٍ لها حرم عليه طلبها . </p><p>شروط الإمامة :</p><p>10 - يشترط الفقهاء للإمام شروطاً ، منها ما هو متّفق عليه ومنها ما هو مختلف فيه . فالمتّفق عليه من شروط الإمامة :</p><p>أ - الإسلام ، لأنّه شرط في جواز الشّهادة . وصحّة الولاية على ما هو دون الإمامة في الأهمّيّة . قال تعالى : { ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً } والإمامة كما قال ابن حزمٍ : أعظم ( السّبيل ) ، وليراعى مصلحة المسلمين .</p><p>ب - التّكليف : ويشمل العقل ، والبلوغ ، فلا تصحّ إمامة صبيٍّ أو مجنونٍ ، لأنّهما في ولاية غيرهما ، فلا يليان أمر المسلمين ، وجاء في الأثر « تعوّذوا باللّه من رأس السّبعين ، وإمارة الصّبيان » .</p><p>ت - الذّكورة : فلا تصحّ إمارة النّساء ، لخبر : « لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأةً » ولأنّ هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة وأعباء جسيمة تتنافى مع طبيعة المرأة ، وفوق طاقتها . فيتولّى الإمام قيادة الجيوش ويشترك في القتال بنفسه أحياناً . </p><p> ث - الكفاية ولو بغيره ، والكفاية هي الجرأة والشّجاعة والنّجدة ، بحيث يكون قيّماً بأمر الحرب والسّياسة وإقامة الحدود والذّبّ عن الأمّة .</p><p>ج - الحرّيّة : فلا يصحّ عقد الإمامة لمن فيه رقّ ، لأنّه مشغول في خدمة سيّده .</p><p>ح - سلامة الحواسّ والأعضاء ممّا يمنع استيفاء الحركة للنّهوض بمهامّ الإمامة . وهذا القدر من الشّروط متّفق عليه .</p><p>11 - أمّا المختلف فيه من الشّروط فهو :</p><p>أ - العدالة والاجتهاد . ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ العدالة والاجتهاد شرطا صحّةٍ ، فلا يجوز تقليد الفاسق أو المقلّد إلاّ عند فقد العدل والمجتهد . </p><p>وذهب الحنفيّة إلى أنّهما شرطا أولويّةٍ ، فيصحّ تقليد الفاسق والعامّيّ ، ولو عند وجود العدل والمجتهد .</p><p>ب - السّمع والبصر وسلامة اليدين والرّجلين . </p><p>ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّها شروط انعقادٍ ، فلا تصحّ إمامة الأعمى والأصمّ ومقطوع اليدين والرّجلين ابتداءً ، وينعزل إذا طرأت عليه ، لأنّه غير قادرٍ على القيام بمصالح المسلمين ، ويخرج بها عن أهليّة الإمامة إذا طرأت عليه . </p><p>وذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لا يشترط ذلك ، فلا يضرّ الإمام عندهم أن يكون في خلقه عيب جسديّ أو مرض منفّر ، كالعمى والصّمم وقطع اليدين والرّجلين والجدع والجذام ، إذ لم يمنع ذلك قرآن ولا سنّة ولا إجماع .</p><p>ج - النّسب : ويشترط عند جمهور الفقهاء أن يكون الإمام قرشيّاً لحديث : « الأئمّة من قريشٍ » وخالف في ذلك بعض العلماء منهم أبو بكرٍ الباقلّانيّ ، واحتجّوا بقول عمر :" لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لولّيته "، ولا يشترط أن يكون هاشميّاً ولا علويّاً باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة ، لأنّ الثّلاثة الأول من الخلفاء الرّاشدين لم يكونوا من بني هاشمٍ ، ولم يطعن أحد من الصّحابة في خلافتهم ، فكان ذلك إجماعاً في عصر الصّحابة . </p><p>دوام الإمامة :</p><p>12 - يشترط لدوام الإمامة دوام شروطها ، وتزول بزوالها إلاّ العدالة ، فقد اختلف في أثر زوالها على منصب الإمامة على النّحو التّالي : </p><p>عند الحنفيّة ليست العدالة شرطاً لصحّة الولاية ، فيصحّ تقليد الفاسق الإمامة عندهم مع الكراهة ، وإذا قلّد إنسان الإمامة حال كونه عدلاً ، ثمّ جار في الحكم ، وفسق بذلك أو غيره لا ينعزل ، ولكن يستحقّ العزل إن لم يستلزم عزله فتنةً ، ويجب أن يدعى له بالصّلاح ونحوه ، ولا يجب الخروج عليه ، كذا نقل الحنفيّة عن أبي حنيفة ، وكلمتهم قاطبةً متّفقة في توجيهه على أنّ وجهه : هو أنّ بعض الصّحابة رضي الله عنهم صلّوا خلف أئمّة الجور وقبلوا الولاية عنهم . وهذا عندهم للضّرورة وخشية الفتنة . </p><p>وقال الدّسوقيّ : يحرم الخروج على الإمام الجائر لأنّه لا يعزل السّلطان بالظّلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته ، وإنّما يجب وعظه وعدم الخروج عليه ، إنّما هو لتقديم أخفّ المفسدتين ، إلاّ أن يقوم عليه إمام عدل ، فيجوز الخروج عليه وإعانة ذلك القائم . وقال الخرشيّ : روى ابن القاسم عن مالكٍ : إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على النّاس الذّبّ عنه والقتال معه ، وأمّا غيره فلا ، دعه وما يراد منه ، ينتقم اللّه من الظّالم بظالمٍ ، ثمّ ينتقم من كليهما . </p><p>وقال الماورديّ : إنّ الجرح في عدالة الإمام ، وهو الفسق على ضربين : </p><p>أحدهما ما تبع فيه الشّهوة ، والثّاني ما تعلّق فيه بشبهةٍ . فأمّا الأوّل منهما فمتعلّق بأفعال الجوارح ، وهو ارتكابه للمحظورات وإقدامه على المنكرات تحكيماً للشّهوة وانقياداً للهوى ، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها ، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلاّ بعقدٍ جديدٍ . وقال بعض المتكلّمين : يعود إلى الإمامة بعودة العدالة من غير أن يستأنف له عقد ولا بيعة ، لعموم ولايته ولحوق المشقّة في استئناف بيعته . </p><p>وأمّا الثّاني منهما فمتعلّق بالاعتقاد المتأوّل بشبهةٍ تعترض ، فيتأوّل لها خلاف الحقّ ، فقد اختلف العلماء فيها : فذهب فريق منهم إلى أنّها تمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ، ويخرج منها بحدوثه لأنّه لمّا استوى حكم الكفر بتأويلٍ وغير تأويلٍ وجب أن يستوي حال الفسق بتأويلٍ وغير تأويلٍ . وقال كثير من علماء البصرة : إنّه لا يمنع من انعقاد الإمامة ، ولا يخرج به منها ، كما لا يمنع من ولاية القضاء وجواز الشّهادة . </p><p>وقال أبو يعلى : إذا وجدت هذه الصّفات حالة العقد ، ثمّ عدمت بعد العقد نظرت ، فإن كان جرحاً في عدالته ، وهو الفسق ، فإنّه لا يمنع من استدامة الإمامة . سواء كان متعلّقاً بأفعال الجوارح . وهو ارتكاب المحظورات ، وإقدامه على المنكرات اتّباعاً لشهوته ، أو كان متعلّقاً بالاعتقاد ، وهو المتأوّل لشبهةٍ تعرض يذهب فيها إلى خلاف الحقّ . وهذا ظاهر كلامه ( أحمد ) في رواية المروزيّ في الأمير يشرب المسكر ويغلّ ، يغزى معه ، وقد كان يدعو المعتصم بأمير المؤمنين ، وقد دعاه إلى القول بخلق القرآن . </p><p>وقال حنبل : في ولاية الواثق اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد اللّه قالوا : هذا أمر قد تفاقم وفشا - يعنون إظهار القول بخلق القرآن - نشاورك في أنّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه . فقال : عليكم بالنّكير بقلوبكم ، ولا تخلعوا يداً من طاعةٍ ، ولا تشقّوا عصا المسلمين . وقال أحمد في رواية المروزيّ ، وذكر الحسن بن صالح بن حيٍّ الزّيديّ فقال : كان يرى السّيف ، ولا نرضى بمذهبه .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40963, member: 329"] اختلاف صفة الإمام والمقتدي : 19 - الأصل أنّ الإمام إذا كان أقوى حالاً من المقتدي أو مساوياً له صحّت إمامته اتّفاقاً ، أمّا إذا كان أضعف حالاً ، كأن كان يصلّي نافلةً والمقتدي يصلّي فريضةً ، أو كان الإمام معذوراً والمقتدي سليماً ، أو كان الإمام غير قادرٍ على القيام مثلاً والمقتدي قادراً ، فقد اختلفت آراء الفقهاء ، وإجمالها فيما يأتي : أوّلاً : تجوز إمامة الماسح للغاسل وإمامة المسافر للمقيم اتّفاقاً ، وتجوز إمامة المتيمّم للمتوضّئ عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - ، وقيّد الشّافعيّة هذا الجواز بما إذا لم تجب على الإمام الإعادة . ثانياً : جمهور الفقهاء على عدم جواز إمامة المتنفّل للمفترض ، والمفترض للّذي يؤدّي فرضاً آخر ، وعدم إمامة الصّبيّ للبالغ في فرضٍ ، وإمامة المعذور للسّليم ، وإمامة العاري للمكتسي ، وإمامة العاجز عن توفية ركنٍ للقادر عليه ، مع خلافٍ وتفصيلٍ في بعض الفروع ، أمّا إمامة هؤلاء لأمثالهم فجائزة باتّفاق الفقهاء . وللتّفصيل يرجع إلى بحث : ( اقتداء ) . موقف الإمام : 20 - إذا كان يصلّي مع الإمام اثنان أو أكثر فإنّ الإمام يتقدّمهم في الموقف ، لفعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعمل الأمّة بذلك . وقد روي أنّ « جابراً وجبّاراً وقف أحدهما عن يمين النّبيّ صلى الله عليه وسلم والآخر عن يساره ، فأخذ بأيديهما حتّى أقامهما خلفه » . ولأنّ الإمام ينبغي أن يكون بحالٍ يمتاز بها عن غيره ، ولا يشتبه على الدّاخل ليمكنه الاقتداء به . ولو قام في وسط الصّفّ أو في ميسرته جاز مع الكراهة لتركه السّنّة . ويرى الحنابلة بطلان صلاة من يقف على يسار الإمام ، إذا لم يكن أحد عن يمينه . ولو كان مع الإمام رجل واحد أو صبيّ يعقل الصّلاة وقف الإمام عن يساره والمأموم عن يمينه ، لما روي عن ابن عبّاسٍ « أنّه وقف عن يسار النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأداره إلى يمينه » . ويندب في هذه الحالة تأخّر المأموم قليلاً خوفاً من التّقدّم . ولو وقف المأموم عن يساره أو خلفه جاز مع الكراهة إلاّ عند الحنابلة فتبطل على ما سبق . ولو كان معه امرأة أقامها خلفه ، لقوله عليه السلام : « أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ اللّه » . ولو كان معه رجل وامرأة أقام الرّجل عن يمينه والمرأة خلفه ، وإن كان رجلان وامرأة أقام الرّجلين خلفه والمرأة وراءهما . 21- والسّنّة أن تقف المرأة الّتي تؤمّ النّساء وسطهنّ ، لما روي أنّ عائشة وأمّ سلمة أمّتا نساءً فقامتا وسطهنّ وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . أمّا المالكيّة فقد صرّحوا بعدم جواز إمامتها ولو لمثلها ، في فريضةٍ كانت أو في نافلةٍ كما تقدّم في شروط الإمامة . 22 - ولا يجوز تأخّر الإمام عن المأموم في الموقف عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - لحديث : « إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به » ومعنى الائتمام الاتّباع ، والمتقدّم غير تابعٍ . وأجاز المالكيّة تأخّره في الموقف إذا أمكن للمأمومين متابعته في الأركان ، لكنّهم صرّحوا بكراهة تقدّم المقتدي على الإمام أو محاذاته له إلاّ لضرورةٍ . والاختيار في التّقدّم والتّأخّر للقائم بالعقب ، وللقاعد بالألية ، وللمضطجع بالجنب . 23 - هذا ، ويكره أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المقتدين اتّفاقاً ، إلاّ إذا أراد الإمام تعليم المأمومين ، فالسّنّة أن يقف الإمام في موضعٍ عالٍ عند الشّافعيّة ، لما روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثمّ قال : { أيّها النّاس : إنّما فعلت هذا لتأتمّوا بي ، ولتعلموا صلاتي » . أمّا إذا أراد الإمام بذلك الكبر فممنوع . ولا بأس عند الحنابلة بالعلوّ اليسير ، وقدّروه بمثل درجة المنبر . وقدّر الحنفيّة العلوّ المكروه بما كان قدر ذراعٍ على المعتمد . ولتفصيل هذه المسائل يراجع مصطلح : ( صلاة الجماعة ) ( واقتداء ) . من تكره إمامتهم : 24 - إنّ بناء أمر الإمامة على الفضيلة والكمال ، فكلّ من كان أكمل فهو أفضل ، وإن تقدّم المفضول على الفاضل جاز وكره وإذا أذن الفاضل للمفضول لم يكره ، وهذا القدر متّفق عليه بين الفقهاء . وقد سبق بيانه في بحث الأولويّة . ثمّ قال الحنفيّة : يكره تقديم العبد لأنّه لا يتفرّغ للتّعلّم ، والأعرابيّ وهو من يسكن البادية لغلبة الجهل عليه ، ويكره تقديم الفاسق لأنّه لا يهتمّ بأمر دينه ، والأعمى لأنّه لا يتوقّى النّجاسة ، كما يكره إمامة ولد الزّنى ، والمبتدع بدعةً غير مكفّرةٍ ، كذلك يكره إمامة أمرد وسفيهٍ ومفلوجٍ وأبرص شاع برصه . ولأنّ في تقديم هؤلاء تنفير الجماعة ، لكنّه إن تقدّموا جاز ، لقوله عليه السلام : « صلّوا خلف كلّ برٍّ وفاجرٍ » . والكراهة في حقّهم لما ذكر من النّقائص ، فلو عدمت بأن كان الأعرابيّ أفضل من الحضريّ ، والعبد من الحرّ ، وولد الزّنى من ولد الرّشدة والأعمى من البصير زالت الكراهة . أمّا الفاسق والمبتدع فلا تخلو إمامتهما عن الكراهة بحالٍ ، حتّى صرّح بعضهم بأنّ كراهة تقديمهما كراهة تحريمٍ . وقال المالكيّة : كره إمامة مقطوع اليد أو الرّجل والأشلّ والأعرابيّ لغيره وإن كان أقرأ ، وكره إمامة ذي السّلس والقروح للصّحيح ، وإمامة من يكرهه بعض الجماعة ، فإن كرهه الكلّ أو الأكثر ، أو ذو الفضل منهم - وإن قلّوا - فإمامته حرام ، لقوله عليه السلام : « لعن رسول اللّه ثلاثةً : رجل أمّ قوماً وهم له كارهون ... » كما كره أن يجعل إماماً راتباً كلّ من الخصيّ أو المأبون أو الأقلف ( غير المختون ) أو ولد الزّنى ، أو مجهول الحال . وقال الشّافعيّة : يكره إمامة الفاسق والأقلف وإن كان بالغاً ، كما يكره إمامة المبتدع ، ومن يكرهه أكثر القوم لأمرٍ مذمومٍ فيه شرعاً ، والتّمتام والفأفاء ، واللّاحن لحناً غير مغيّرٍ للمعنى ، لكن الأعمى والبصير سيّان في الإمامة ، لتعارض فضيلتهما ، لأنّ الأعمى لا ينظر ما يشغله فهو أخشع ، والبصير ينظر الخبث فهو أحفظ لتجنّبه . وإمامة الحرّ أولى من العبد ، والسّميع أولى من الأصمّ ، والفحل أولى من الخصيّ والمجبوب ، والقرويّ أولى من البدويّ . وقال الحنابلة : تكره إمامة الأعمى والأصمّ واللّحّان الّذي لا يحيل المعنى ، ومن يصرع ، ومن اختلف في صحّة إمامته ، وكذا إمامة الأقلف وأقطع اليدين أو إحداهما ، أو الرّجلين أو إحداهما ، والفأفاء والتّمتام ، وأن يؤمّ قوماً أكثرهم يكرهه لخللٍ في دينه أو فضله . ولا بأس بإمامة ولد الزّنى واللّقيط والمنفيّ باللّعان والخصيّ والأعرابيّ إذا سلم دينهم وصلحوا لها . هذا ، والكراهة إنّما تكون فيما إذا وجد في القوم غير هؤلاء ، وإلاّ فلا كراهة اتّفاقاً . ما يفعله الإمام قبل بداية الصّلاة : 25 - إذا أراد الإمام الصّلاة يأذن للمؤذّن أن يقيمها ، فإنّ « بلالاً كان يستأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم للإقامة » ، ويسنّ للإمام أن يقوم للصّلاة حين يقال ( حيّ على الفلاح ) أو حين قول المؤذّن : ( قد قامت الصّلاة ) أو مع الإقامة أو بعدها بقدر الطّاقة على تفصيلٍ عند الفقهاء ، وإذا كان مسافراً يخبر المأمومين بذلك ليكونوا على علمٍ بحاله ، ويصحّ أن يخبرهم بعدم تمام الصّلاة ليكملوا صلاتهم . كما يسنّ أن يأمر بتسوية الصّفوف فيلتفت عن يمينه وشماله قائلاً : اعتدلوا وسوّوا صفوفكم ، لما روى محمّد بن مسلمٍ قال : « صلّيت إلى جانب أنس بن مالكٍ يوماً فقال : هل تدري لم صنع هذا العود ؟ فقلت : لا واللّه . فقال : إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصّلاة أخذه بيمينه فقال : اعتدلوا وسوّوا صفوفكم ، ثمّ أخذه بيساره وقال : اعتدلوا وسوّوا صفوفكم » ، وفي روايةٍ : « اعتدلوا في صفوفكم وتراصّوا ، فإنّي أراكم من وراء ظهري » . ما يفعله الإمام أثناء الصّلاة : أ - الجهر أو الإسرار بالقراءة : 26 - يجهر الإمام بالقراءة في الفجر والرّكعتين الأوليين من المغرب والعشاء أداءً وقضاءً ، وكذلك في الجمعة والعيدين والتّراويح والوتر بعدها . ويسرّ في غيرها من الصّلوات . والجهر فيما يجهر فيه والمخافتة فيما يخافت فيه واجب على الإمام عند الحنفيّة ، وسنّة عند غيرهم . وتفصيله في مصطلح : ( قراءة ) . ب - تخفيف الصّلاة : 27 - يسنّ للإمام أن يخفّف في القراءة والأذكار مع فعل الأبعاض والهيئات ، ويأتي بأدنى الكمال ، لما روي عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا صلّى أحدكم بالنّاس فليخفّف ، فإنّ فيهم السّقيم والضّعيف والكبير » ، ولحديث معاذٍ أنّه كان يطوّل بهم القراءة ، فقال عليه الصلاة والسلام : « أفتّان أنت يا معاذ ، صلّ بالقوم صلاة أضعفهم » ، لكنّه إن صلّى بقومٍ يعلم أنّهم يؤثرون التّطويل لم يكره ، لأنّ المنع لأجلهم ، وقد رضوا . ويكره له الإسراع ، بحيث يمنع المأموم من فعل ما يسنّ له ، كتثليث التّسبيح في الرّكوع والسّجود ، وإتمام ما يسنّ في التّشهّد الأخير . ج - الانتظار للمسبوق : 28 - إن أحسّ الإمام بشخصٍ داخلٍ وهو راكع ، ينتظره يسيراً ما لم يشقّ على من خلفه ، وهذا عند الحنابلة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة ، لأنّه انتظار ينفع ولا يشقّ ، فشرع كتطويل الرّكعة وتخفيف الصّلاة ، وقد ثبت « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يطيل الرّكعة الأولى حتّى لا يسمع وقع قدمٍ » . وكان ينتظر الجماعة فإن رآهم قد اجتمعوا عجّل ، وإذا رآهم قد أبطئوا أخّر . ويكره ذلك عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة . د - الاستخلاف : 29 - إذا حدث للإمام عذر لا تبطل به صلاة المأمومين يجوز للإمام أن يستخلف غيره من المأمومين لتكميل الصّلاة بهم ، وهذا عند جمهور الفقهاء . وفي كيفيّة الاستخلاف وشروطه وأسبابه تفصيل وخلاف ينظر في مصطلح : ( استخلاف ) . ما يفعله الإمام عقب الفراغ من الصّلاة : 30 - يستحبّ للإمام والمأمومين عقب الصّلاة ذكر اللّه والدّعاء بالأدعية المأثورة ، منها ما رواه الشّيخان « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ : لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قدير ... إلخ » ، كما يستحبّ له إذا فرغ من الصّلاة أن يقبل على النّاس بوجهه يميناً أو شمالاً إذا لم يكن بحذائه أحد ، لما روي عن سمرة قال : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلّى صلاةً أقبل علينا بوجهه » . ويكره له المكث على هيئته مستقبل القبلة ، لما روي عن عائشة « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصّلاة لا يمكث في مكانه إلاّ مقدار أن يقول : اللّهمّ أنت السّلام ومنك السّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام » ، ولأنّ المكث يوهم الدّاخل أنّه في الصّلاة فيقتدي به . كما يكره له أن يتنفّل في المكان الّذي أمّ فيه . وإذا أراد الانصراف فإن كان خلفه نساء استحبّ له أن يلبث يسيراً ، حتّى ينصرف النّساء ولا يختلطن بالرّجال ، لما روت أمّ سلمة « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلّم قام النّساء حين يقضي سلامه ، فيمكث يسيراً قبل أن يقوم » . ثمّ ينصرف الإمام حيث شاء عن يمينٍ وشمالٍ . 31 - ويستحبّ كذلك للإمام المسافر إذا صلّى بمقيمين أن يقول لهم عقب تسليمه : أتمّوا صلاتكم فإنّا سفر ، لما روي عن عمران بن حصينٍ « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى بأهل مكّة ركعتين ، ثمّ قال لهم : صلّوا أربعاً فإنّا سفر » . هذا ، وقد فرّق الحنفيّة بين الصّلوات الّتي بعدها سنّة وبين الّتي ليست بعدها سنّة ، فقالوا : إن كانت صلاةً لا تصلّى بعدها سنّة ، كالفجر والعصر فإن شاء الإمام قام ، وإن شاء قعد يشتغل بالدّعاء ، مغيّراً هيئته أو منحرفاً عن مكانه . وإن كانت صلاةً بعدها سنّة يكره له المكث قاعداً ، ولكن يقوم ويتنحّى عن ذلك المكان ثمّ يتنفّل . ووجه التّفرقة عندهم أنّ السّنن بعد الفرائض شرعت لجبر النّقصان ، ليقوم في الآخرة مقام ما ترك فيها لعذرٍ ، فيكره الفصل بينهما بمكثٍ طويلٍ ، ولا كذلك الصّلوات الّتي ليست بعدها سنّة . ولم يعثر على هذه التّفرقة في كتب غير الحنفيّة . الأجر على الإمامة : 32 - ذهب جمهور الفقهاء : - الشّافعيّة والحنابلة ، والمتقدّمون من الحنفيّة - إلى عدم جواز الاستئجار لإمامة الصّلاة ، لأنّها من الأعمال الّتي يختصّ فاعلها بكونه من أهل القربة ، فلا يجوز الاستئجار عليها كنظائرها من الأذان وتعليم القرآن ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به » . ولأنّ الإمام يصلّي لنفسه ، فمن أراد اقتدى به وإن لم ينو الإمامة ، وإن توقّف على نيّته شيء فهو إحراز فضيلة الجماعة ، وهذه فائدة تختصّ به . ولأنّ العبد فيما يعمله من القربات والطّاعات عامل لنفسه ، قال سبحانه وتعالى : { من عمل صالحاً فلنفسه } ، ومن عمل لنفسه لا يستحقّ الأجر على غيره . وقال المالكيّة : جاز أخذ الأجرة على الأذان وحده أو مع صلاةٍ ، وكره الأجر على الصّلاة وحدها ، فرضاً كانت أو نفلاً من المصلّين . والمفتى به عند متأخّري الحنفيّة جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه والإمامة والأذان ، ويجبر المستأجر على دفع المسمّى بالعقد أو أجر المثل إذا لم تذكر مدّة . واستدلّوا للجواز بالضّرورة ، وهي خشية ضياع القرآن لظهور التّواني في الأمور الدّينيّة اليوم . وهذا كلّه في الأجر . وأمّا الرّزق من بيت المال فيجوز على ما يتعدّى نفعه من هذه الأمور بلا خلافٍ ، لأنّه من باب الإحسان والمسامحة ، بخلاف الإجارة فإنّها من باب المعاوضة ، ولأنّ بيت المال لمصالح المسلمين ، فإذا كان بذله لمن يتعدّى نفعه إلى المسلمين محتاجاً إليه كان من المصالح ، وكان للآخذ أخذه ، لأنّه من أهله وجرى مجرى الوقف على من يقوم بهذه المصالح . الإمامة الكبرى التّعريف : 1 - ( الإمامة ) : مصدر أمّ القوم وأمّ بهم . إذا تقدّمهم وصار لهم إماماً . والإمام - وجمعه أئمّة - : كلّ من ائتمّ به قوم سواء أكانوا على صراطٍ مستقيمٍ : كما في قوله تعالى : { وجعلناهم أئمّةً يهدون بأمرنا } أم كانوا ضالّين كقوله تعالى : { وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون } . ثمّ توسّعوا في استعماله ، حتّى شمل كلّ من صار قدوةً في فنٍّ من فنون العلم . فالإمام أبو حنيفة قدوة في الفقه ، والإمام البخاريّ قدوة في الحديث ... إلخ ، غير أنّه إذا أطلق لا ينصرف إلاّ إلى صاحب الإمامة العظمى ، ولا يطلق على الباقي إلاّ بالإضافة ، لذلك عرّف الرّازيّ الإمام بأنّه : كلّ شخصٍ يقتدى به في الدّين . والإمامة الكبرى في الاصطلاح : رئاسة عامّة في الدّين والدّنيا خلافةً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسمّيت كبرى تمييزاً لها عن الإمامة الصّغرى ، وهم إمامة الصّلاة وتنظر في موضعها . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الخلافة : 2 - الخلافة في اللّغة : مصدر خلف يخلف خلافةً : أي : بقي بعده أو قام مقامه ، وكلّ من يخلف شخصاً آخر يسمّى خليفةً ، لذلك سمّي من يخلف الرّسول صلى الله عليه وسلم في إجراء الأحكام الشّرعيّة ورئاسة المسلمين في أمور الدّين والدّنيا خليفةً ، ويسمّى المنصب خلافةً وإمامةً . أمّا في الاصطلاح الشّرعيّ : فهي ترادف الإمامة ، وقد عرّفها ابن خلدونٍ بقوله : هي حمل الكافّة على مقتضى النّظر الشّرعيّ ، في مصالحهم الأخرويّة ، والدّنيويّة الرّاجعة إليها ، ثمّ فسّر هذا التّعريف بقوله : فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشّرع في حراسة الدّين والدّنيا . ب - الإمارة : 3 - الإمارة لغةً : الولاية ، والولاية إمّا أن تكون عامّةً ، فهي الخلافة أو الإمامة العظمى ، وإمّا أن تكون خاصّةً على ناحيةٍ كأن ينال أمر مصرٍ ونحوه ، أو على عملٍ خاصٍّ من شئون الدّولة كإمارة الجيش وإمارة الصّدقات ، وتطلق على منصبٍ أمير . ج - السّلطة : 4 - السّلطة هي : السّيطرة والتّمكّن والقهر والتّحكّم ومنه السّلطان وهو من له ولاية التّحكّم والسّيطرة في الدّولة ، فإن كانت سلطته قاصرةً على ناحيةٍ خاصّةٍ فليس بخليفةٍ ، وإن كانت عامّةً فهو الخليفة ، وقد وجدت في العصور الإسلاميّة المختلفة خلافة بلا سلطةٍ ، كما وقع في أواخر العبّاسيّين ، وسلطة بلا خلافةٍ كما كان الحال في عهد المماليك . د - الحكم : 5 - الحكم هو في اللّغة : القضاء ، يقال : حكم له وعليه وحكم بينهما ، فالحاكم هو القاضي في عرف اللّغة والشّرع . وقد تعارف النّاس في العصر الحاضر على إطلاقه على من يتولّى السّلطة العامّة . الحكم التّكليفيّ : 6 - أجمعت الأمّة على وجوب عقد الإمامة ، وعلى أنّ الأمّة يجب عليها الانقياد لإمامٍ عادلٍ ، يقيم فيهم أحكام اللّه ، ويسوسهم بأحكام الشّريعة الّتي أتى بها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولم يخرج عن هذا الإجماع من يعتدّ بخلافه . واستدلّوا لذلك ، بإجماع الصّحابة والتّابعين ، وقد ثبت أنّ الصّحابة رضي الله عنهم ، بمجرّد أن بلغهم نبأ وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بادروا إلى عقد اجتماعٍ في سقيفة بني ساعدةٍ ، واشترك في الاجتماع كبار الصّحابة ، وتركوا أهمّ الأمور لديهم في تجهيز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وتشييع جثمانه الشّريف ، وتداولوا في أمر خلافته . وهم ، وإن اختلفوا في بادئ الأمر حول الشّخص الّذي ينبغي أن يبايع ، أو على الصّفات الّتي ينبغي أن تتوفّر فيمن يختارونه ، فإنّهم لم يختلفوا في وجوب نصب إمامٍ للمسلمين ، ولم يقل أحد مطلقاً إنّه لا حاجة إلى ذلك ، وبايعوا أبا بكرٍ رضي الله عنه ، ووافق بقيّة الصّحابة الّذين لم يكونوا حاضرين في السّقيفة ، وبقيت هذه السّنّة في كلّ العصور ، فكان ذلك إجماعاً على وجوب نصب الإمام . وهذا الوجوب وجوب كفايةٍ ، كالجهاد ونحوه ، فإذا قام بها من هو أهل لها سقط الحرج عن الكافّة ، وإن لم يقم بها أحد ، أثم من الأمّة فريقان : أ - أهل الاختيار وهم : أهل الحلّ والعقد من العلماء ووجوه النّاس ، حتّى يختاروا إماماً للأمّة . ب - أهل الإمامة وهم : من تتوفّر فيهم شروط الإمامة ، إلى أن ينصب أحدهم إماماً . ما يجوز تسمية الإمام به : 7 - اتّفق الفقهاء على جواز تسمية الإمام : خليفةً ، وإماماً ، وأمير المؤمنين . فأمّا تسميته إماماً فتشبيهاً بإمام الصّلاة في وجوب الاتّباع والاقتداء به فيما وافق الشّرع ، ولهذا سمّي منصبه بالإمامة الكبرى . وأمّا تسميته خليفةً فلكونه يخلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حراسة الدّين وسياسة الدّنيا في الأمّة ، فيقال خليفة بإطلاق ، وخليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . واختلفوا في جواز تسميته خليفة اللّه ، فذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز تسميته بخليفة اللّه ، لأنّ أبا بكرٍ رضي الله عنه نهى عن ذلك لمّا دعي به ، وقال : لست خليفة اللّه ، ولكنّي خليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . ولأنّ الاستخلاف إنّما هو في حقّ الغائب ، واللّه منزّه عن ذلك . وأجازه بعضهم اقتباساً من الخلافة العامّة للآدميّين في قوله تعالى : { إنّي جاعل في الأرض خليفةً } وقوله : { هو الّذي جعلكم خلائف في الأرض } . معرفة الإمام باسمه وعينه : 8 - لا تجب معرفة الإمام باسمه وعينه على كافّة الأمّة ، وإنّما يلزمهم أن يعرفوا أنّ الخلافة أفضت إلى أهلها ، لما في إيجاب معرفته عليهم باسمه وعينه من المشقّة والحرج ، وإنّما يجب ذلك على أهل الاختيار الّذين تنعقد ببيعتهم الخلافة ، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء . حكم طلب الإمامة : 9 - يختلف الحكم باختلاف حال الطّالب ، فإن كان لا يصلح لها إلاّ شخص وجب عليه أن يطلبها ، ووجب على أهل الحلّ والعقد أن يبايعوه . وإن كان يصلح لها جماعة صحّ أن يطلبها واحد منهم ، ووجب اختيار أحدهم ، وإلاّ أجبر أحدهم على قبولها جمعاً لكلمة الأمّة . وإن كان هناك من هو أولى منه كره له طلبها ، وإن كان غير صالحٍ لها حرم عليه طلبها . شروط الإمامة : 10 - يشترط الفقهاء للإمام شروطاً ، منها ما هو متّفق عليه ومنها ما هو مختلف فيه . فالمتّفق عليه من شروط الإمامة : أ - الإسلام ، لأنّه شرط في جواز الشّهادة . وصحّة الولاية على ما هو دون الإمامة في الأهمّيّة . قال تعالى : { ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً } والإمامة كما قال ابن حزمٍ : أعظم ( السّبيل ) ، وليراعى مصلحة المسلمين . ب - التّكليف : ويشمل العقل ، والبلوغ ، فلا تصحّ إمامة صبيٍّ أو مجنونٍ ، لأنّهما في ولاية غيرهما ، فلا يليان أمر المسلمين ، وجاء في الأثر « تعوّذوا باللّه من رأس السّبعين ، وإمارة الصّبيان » . ت - الذّكورة : فلا تصحّ إمارة النّساء ، لخبر : « لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأةً » ولأنّ هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة وأعباء جسيمة تتنافى مع طبيعة المرأة ، وفوق طاقتها . فيتولّى الإمام قيادة الجيوش ويشترك في القتال بنفسه أحياناً . ث - الكفاية ولو بغيره ، والكفاية هي الجرأة والشّجاعة والنّجدة ، بحيث يكون قيّماً بأمر الحرب والسّياسة وإقامة الحدود والذّبّ عن الأمّة . ج - الحرّيّة : فلا يصحّ عقد الإمامة لمن فيه رقّ ، لأنّه مشغول في خدمة سيّده . ح - سلامة الحواسّ والأعضاء ممّا يمنع استيفاء الحركة للنّهوض بمهامّ الإمامة . وهذا القدر من الشّروط متّفق عليه . 11 - أمّا المختلف فيه من الشّروط فهو : أ - العدالة والاجتهاد . ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ العدالة والاجتهاد شرطا صحّةٍ ، فلا يجوز تقليد الفاسق أو المقلّد إلاّ عند فقد العدل والمجتهد . وذهب الحنفيّة إلى أنّهما شرطا أولويّةٍ ، فيصحّ تقليد الفاسق والعامّيّ ، ولو عند وجود العدل والمجتهد . ب - السّمع والبصر وسلامة اليدين والرّجلين . ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّها شروط انعقادٍ ، فلا تصحّ إمامة الأعمى والأصمّ ومقطوع اليدين والرّجلين ابتداءً ، وينعزل إذا طرأت عليه ، لأنّه غير قادرٍ على القيام بمصالح المسلمين ، ويخرج بها عن أهليّة الإمامة إذا طرأت عليه . وذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لا يشترط ذلك ، فلا يضرّ الإمام عندهم أن يكون في خلقه عيب جسديّ أو مرض منفّر ، كالعمى والصّمم وقطع اليدين والرّجلين والجدع والجذام ، إذ لم يمنع ذلك قرآن ولا سنّة ولا إجماع . ج - النّسب : ويشترط عند جمهور الفقهاء أن يكون الإمام قرشيّاً لحديث : « الأئمّة من قريشٍ » وخالف في ذلك بعض العلماء منهم أبو بكرٍ الباقلّانيّ ، واحتجّوا بقول عمر :" لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لولّيته "، ولا يشترط أن يكون هاشميّاً ولا علويّاً باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة ، لأنّ الثّلاثة الأول من الخلفاء الرّاشدين لم يكونوا من بني هاشمٍ ، ولم يطعن أحد من الصّحابة في خلافتهم ، فكان ذلك إجماعاً في عصر الصّحابة . دوام الإمامة : 12 - يشترط لدوام الإمامة دوام شروطها ، وتزول بزوالها إلاّ العدالة ، فقد اختلف في أثر زوالها على منصب الإمامة على النّحو التّالي : عند الحنفيّة ليست العدالة شرطاً لصحّة الولاية ، فيصحّ تقليد الفاسق الإمامة عندهم مع الكراهة ، وإذا قلّد إنسان الإمامة حال كونه عدلاً ، ثمّ جار في الحكم ، وفسق بذلك أو غيره لا ينعزل ، ولكن يستحقّ العزل إن لم يستلزم عزله فتنةً ، ويجب أن يدعى له بالصّلاح ونحوه ، ولا يجب الخروج عليه ، كذا نقل الحنفيّة عن أبي حنيفة ، وكلمتهم قاطبةً متّفقة في توجيهه على أنّ وجهه : هو أنّ بعض الصّحابة رضي الله عنهم صلّوا خلف أئمّة الجور وقبلوا الولاية عنهم . وهذا عندهم للضّرورة وخشية الفتنة . وقال الدّسوقيّ : يحرم الخروج على الإمام الجائر لأنّه لا يعزل السّلطان بالظّلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته ، وإنّما يجب وعظه وعدم الخروج عليه ، إنّما هو لتقديم أخفّ المفسدتين ، إلاّ أن يقوم عليه إمام عدل ، فيجوز الخروج عليه وإعانة ذلك القائم . وقال الخرشيّ : روى ابن القاسم عن مالكٍ : إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على النّاس الذّبّ عنه والقتال معه ، وأمّا غيره فلا ، دعه وما يراد منه ، ينتقم اللّه من الظّالم بظالمٍ ، ثمّ ينتقم من كليهما . وقال الماورديّ : إنّ الجرح في عدالة الإمام ، وهو الفسق على ضربين : أحدهما ما تبع فيه الشّهوة ، والثّاني ما تعلّق فيه بشبهةٍ . فأمّا الأوّل منهما فمتعلّق بأفعال الجوارح ، وهو ارتكابه للمحظورات وإقدامه على المنكرات تحكيماً للشّهوة وانقياداً للهوى ، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها ، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلاّ بعقدٍ جديدٍ . وقال بعض المتكلّمين : يعود إلى الإمامة بعودة العدالة من غير أن يستأنف له عقد ولا بيعة ، لعموم ولايته ولحوق المشقّة في استئناف بيعته . وأمّا الثّاني منهما فمتعلّق بالاعتقاد المتأوّل بشبهةٍ تعترض ، فيتأوّل لها خلاف الحقّ ، فقد اختلف العلماء فيها : فذهب فريق منهم إلى أنّها تمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ، ويخرج منها بحدوثه لأنّه لمّا استوى حكم الكفر بتأويلٍ وغير تأويلٍ وجب أن يستوي حال الفسق بتأويلٍ وغير تأويلٍ . وقال كثير من علماء البصرة : إنّه لا يمنع من انعقاد الإمامة ، ولا يخرج به منها ، كما لا يمنع من ولاية القضاء وجواز الشّهادة . وقال أبو يعلى : إذا وجدت هذه الصّفات حالة العقد ، ثمّ عدمت بعد العقد نظرت ، فإن كان جرحاً في عدالته ، وهو الفسق ، فإنّه لا يمنع من استدامة الإمامة . سواء كان متعلّقاً بأفعال الجوارح . وهو ارتكاب المحظورات ، وإقدامه على المنكرات اتّباعاً لشهوته ، أو كان متعلّقاً بالاعتقاد ، وهو المتأوّل لشبهةٍ تعرض يذهب فيها إلى خلاف الحقّ . وهذا ظاهر كلامه ( أحمد ) في رواية المروزيّ في الأمير يشرب المسكر ويغلّ ، يغزى معه ، وقد كان يدعو المعتصم بأمير المؤمنين ، وقد دعاه إلى القول بخلق القرآن . وقال حنبل : في ولاية الواثق اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد اللّه قالوا : هذا أمر قد تفاقم وفشا - يعنون إظهار القول بخلق القرآن - نشاورك في أنّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه . فقال : عليكم بالنّكير بقلوبكم ، ولا تخلعوا يداً من طاعةٍ ، ولا تشقّوا عصا المسلمين . وقال أحمد في رواية المروزيّ ، وذكر الحسن بن صالح بن حيٍّ الزّيديّ فقال : كان يرى السّيف ، ولا نرضى بمذهبه . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية