الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40968" data-attributes="member: 329"><p>أحكام أمّهات المؤمنين مع الرّسول صلى الله عليه وسلم :</p><p>العدل بين الزّوجات :</p><p>7 - لا حقّ لأمّهات المؤمنين في القسم في المبيت ولا في العدل بينهنّ ، ولا يطالب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويجوز له أن يفضّل من شاء منهنّ على غيرها في المبيت والكسوة والنّفقة لقوله تعالى : { ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ، ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك } . </p><p>وأخرج ابن سعدٍ عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال : « كان رسول اللّه موسّعاً عليه في قسم أزواجه يقسم بينهنّ كيف شاء » . </p><p>وعلّل ذلك بعضهم بأنّ في وجوب القسم عليه شغلاً عن لوازم الرّسالة .</p><p>وقد صرّح العلماء أنّ القسم لم يكن واجباً عليه لكنّه كان يقسم من نفسه تطييباً لقلوبهنّ .</p><p>تحريم نكاح أمّهات المؤمنين على التّأبيد :</p><p>8 - ثبت ذلك بنصّ القرآن الكريم ، فقال جلّ شأنه { وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ، إنّ ذلكم كان عند اللّه عظيماً } . </p><p>وأمّا اللّاتي فارقهنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قبل الدّخول كالمستعيذة - وهي أسماء بنت النّعمان ، وكالتي رأى في كشحها بياضاً - وهي عمرة بنت يزيد عندما دخل عليها ، فللفقهاء في تأبيد التّحريم رأيان : </p><p>أحدهما : أنّهنّ يحرمن ، وهو الّذي عليه الشّافعيّ وصحّحه في الرّوضة لعموم الآية السّابقة ، وذلك لأنّ المراد من قوله تعالى : { ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده } أي من بعد نكاحه . والثّاني : لا يحرمن . لما روي أنّ الأشعث بن قيسٍ نكح المستعيذة في زمن عمر بن الخطّاب ، فقام عمر برجمه ورجمها ، فقالت له : كيف ترجمني ولم يضرب عليّ حجاب ، ولم أسمّ للمؤمنين أمّاً ؟ فكفّ عمر عن ذلك . </p><p>وفي وجوب عدّة الوفاة على أمّهات المؤمنين واستمرار حقّهنّ في النّفقة والسّكنى خلاف .</p><p>علوّ منزلتهنّ :</p><p>9 - إذا عقد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ ودخل بها صارت أمّاً للمؤمنين والمؤمنات عند البعض ، ورجّحه القرطبيّ بدلالة صدر الآية { النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم } . </p><p>وعند البعض الآخر : تصبح أمّاً للمؤمنين دون المؤمنات ، ورجّحه ابن العربيّ مستدلّاً بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت لها امرأة : يا أمّه ، فقالت لها عائشة : لست لك بأمٍّ ، إنّما أنا أمّ رجالكم . </p><p>دخولهنّ في آل بيت الرّسول صلى الله عليه وسلم :</p><p>10 - اختلف العلماء في دخول أمّهات المؤمنين في أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . فمنهم من قال : يدخل نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ، وبه قالت عائشة وابن عبّاسٍ وعكرمة وعروة وابن عطيّة ، وابن تيميّة وغيرهم ، ويستدلّ هؤلاء بما رواه الخلّال بإسناده عن ابن أبي مليكة أنّ خالد بن سعيد بن العاص بعث إلى عائشة سفرةً من الصّدقة فردّتها وقالت : إنّا آل محمّدٍ لا تحلّ لنا الصّدقة ، وكان عكرمة ينادي في السّوق { إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً } نزلت في نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّةً . وهذا القول هو الّذي يدلّ عليه سياق الآية ، لأنّ ما قبلها وما بعدها خطاب لأمّهات المؤمنين . قال اللّه تعالى : { وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى وأقمن الصّلاة وآتين الزّكاة وأطعن اللّه ورسوله ، إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً واذكرن ما يتلى في بيوتكنّ من آيات اللّه والحكمة إنّ اللّه كان لطيفاً خبيراً } ومنهم من قال : لا يدخل نساء النّبيّ في آل بيت رسول اللّه ، ويستدلّ هؤلاء بما رواه التّرمذيّ عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول اللّه قال : « نزلت هذه الآية على النّبيّ صلى الله عليه وسلم { إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً } في بيت أمّ سلمة ، فدعا النّبيّ فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساءٍ وعليّ خلف ظهره ، فجلّلهم بكساءٍ ثمّ قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً ، قالت أمّ سلمة : وأنا معهم يا نبيّ اللّه ؟ قال أنت على مكانك ، وأنت إلى خيرٍ » .</p><p>حقوق أمّهات المؤمنين :</p><p>11 - من حقّ أمّهات المؤمنين أن يحترمن ويعظّمن ، ويصنّ عن الأعين والألسن ، وذلك واجب على المسلمين نحوهنّ . </p><p>فإن تطاول من لا خلاق له على تناولهنّ بالقذف أو السّبّ ، ففي القذف يفرّق جمهور الفقهاء بين قذف عائشة رضي الله عنها ، وقذف غيرها من أمّهات المؤمنين . </p><p>فمن قذف عائشة رضي الله عنها بما برّأها اللّه تعالى منه - من الزّنى - فقد كفر ، وجزاؤه القتل ، وقد حكى القاضي أبو يعلى وغيره الإجماع على ذلك ، لأنّ من أتى شيئاً من ذلك فقد كذّب القرآن ، ومن كذّب القرآن قتل ، لقوله تعالى : { يعظكم اللّه أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين } . أمّا من قذف واحدةً من أمّهات المؤمنين غير عائشة فقد اختلف العلماء في عقوبته ، فقال بعضهم ومنهم ابن تيميّة : إنّ حكم قذف واحدةٍ منهنّ كحكم قذف عائشة رضي الله عنها - أي يقتل - لأنّ فيه عاراً وغضاضةً وأذًى لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم بل في ذلك قدح بدين رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه . </p><p>وقال بعضهم : إنّ قذف واحدةٍ من أمّهات المؤمنين غير عائشة كقذف واحدٍ من الصّحابة رضي الله عنه ، أو واحدٍ من المسلمين ، أي يحدّ القاذف حدّاً واحداً لعموم قوله تعالى : { والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً } لأنّه لا يقتضي شرفهنّ زيادةً في حدّ من قذفهنّ ، لأنّ شرف المنزلة لا يؤثّر في الحدود . وقال بعضهم ومنهم مسروق بن الأجدع وسعيد بن جبيرٍ : من قذف أمّهات المؤمنين غير عائشة يحدّ حدّين للقذف - أي يجلد مائةً وستّين جلدةً - </p><p>أمّا سبّ واحدةٍ من أمّهات المؤمنين - بغير الزّنى - من غير استحلالٍ لهذا السّبّ ، فهو فسق ، وحكمه حكم سبّ واحدٍ من الصّحابة رضوان الله عليهم ، يعزّر فاعله . </p><p></p><p>أمّيّ *</p><p>التّعريف :</p><p>1- الأمّيّ : المنسوب إلى الأمّ ، ويطلق على من لا يقرأ ولا يكتب ، نسب إلى الأمّ لأنّه بقي على ما ولدته عليه أمّه . لأنّ الكتابة والقراءة مكتسبة . </p><p>صلاة الأمّيّ :</p><p>2 - الأمّيّ الّذي لا يحسن قراءة الفاتحة ، ويحسن قراءة آيةٍ منها ويريد الصّلاة ، قال البعض : إنّه يكرّر هذا الّذي يحسنه سبع مرّاتٍ ، ليكون بمنزلة سبع آيات الفاتحة ، وقال آخرون : لا يكرّره . </p><p>وإن كان لا يحسن الفاتحة ويحسن غيرها ، قرأ ما يحسنه من القرآن الكريم . </p><p>فإن كان لا يحسن شيئاً واجتهد آناء اللّيل والنّهار فلم يقدر على التّعلّم ، قال أبو حنيفة وبعض المالكيّة : يصلّي دون أن يقرأ شيئاً لا من القرآن ولا من الأذكار . وقال الشّافعيّ وأحمد بن حنبلٍ وبعض المالكيّة : يصلّي ويحمد اللّه تعالى ويهلّله ويكبّره بدل القراءة ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إذا قمت إلى الصّلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به ، وإلاّ فاحمده وهلّله وكبّره » . </p><p>وقد فصّل الفقهاء ذلك في كتاب ( الصّلاة ) عند كلامهم على القراءة في الصّلاة . </p><p></p><p> أمن *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الأمن ضدّ الخوف ، وهو : عدم توقّع مكروهٍ في الزّمان الآتي ، ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - أمان :</p><p>2 - الأمان : ضدّ الخوف ، يقال : أمّنت الأسير : أعطيته الأمان فأمن ، فهو كالأمن . </p><p>وأمّا عند الفقهاء ، فله معنًى يختلف عن الأمن ، إذ هو عندهم ، عقد يفيد ترك القتال مع الكفّار فرداً أو جماعةً مؤقّتاً أو مؤبّداً .</p><p>ب - خوف :</p><p>3 - الخوف : الفزع ، وهو ضدّ الأمن </p><p>ج - إحصار :</p><p>4 - الإحصار : المنع والحبس . </p><p>ويستعمله الفقهاء في منع الحاجّ بعدوٍّ ونحوه من بعض أعمالٍ معيّنةٍ في الحجّ أو العمرة ، كالوقوف بعرفة والطّواف . </p><p>حاجة النّاس إلى الأمن وواجب الإمام تجاه ذلك :</p><p>5 - الأمن للفرد وللمجتمع وللدّولة من أهمّ ما تقوم عليه الحياة ، إذ به يطمئنّ النّاس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، ويتّجه تفكيرهم إلى ما يرفع شأن مجتمعهم وينهض بأمّتهم . ومن طبائع المجتمعات البشريّة - كما يقول ابن خلدونٍ - حدوث الاختلاف بينهم ، ووقوع التّنازع الّذي يؤدّي إلى المشاحنات والحروب ، وإلى الهرج وسفك الدّماء والفوضى ، بل إلى الهلاك إذا خلّي بينهم وبين أنفسهم بدون وازعٍ . </p><p>وبيّن الماورديّ أنّ وجود الإمام هو الّذي يمنع الفوضى ، فيقول : الإمامة موضوعة لخلافة النّبوّة في حراسة الدّين وسياسة الدّنيا ، ولولا الولاة لكان النّاس فوضى مهملين وهمجاً مضيّعين . ثمّ يوضّح الماورديّ واجبات الإمام في ذلك فيقول : الّذي يلزم الإمام من الأمور العامّة عشرة أشياء : </p><p>أحدها : حفظ الدّين على أصوله المستقرّة وما أجمع عليه سلف الأمّة ، فإن نجم مبتدع أو زاغ . ذو شبهةٍ عنه أوضح له الحجّة ، وبيّن له الصّواب ، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ، ليكون الدّين محروساً من خللٍ ، والأمّة ممنوعةً من زللٍ . </p><p>الثّاني : تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين ، وقطع الخصام بين المتنازعين ، حتّى تعمّ النّصفة ، فلا يتعدّى ظالم ، ولا يضعف مظلوم . </p><p>الثّالث : حماية البيضة والذّبّ عن الحريم ليتصرّف النّاس في المعايش وينتشروا في الأسفار ، آمنين من تغريرٍ بنفسٍ أو مالٍ . </p><p>الرّابع : إقامة الحدود لتصان محارم اللّه تعالى عن الانتهاك وتحفظ حقوق عباده من إتلافٍ واستهلاكٍ . </p><p>الخامس : تحصين الثّغور بالعدّة المانعة والقوّة الدّافعة ، حتّى لا تظفر الأعداء بغرّةٍ ، ينتهكون فيها محرماً ، أو يسفكون فيها لمسلمٍ أو معاهدٍ دماً . </p><p>السّادس : جهاد من عاند الإسلام بعد الدّعوة حتّى يسلم ، أو يدخل في الذّمّة ، ليقام بحقّ اللّه تعالى في إظهاره على الدّين كلّه . </p><p>السّابع : جباية الفيء والصّدقات على ما أوجبه الشّرع نصّاً واجتهاداً من غير خوفٍ ولا عسفٍ . </p><p>الثّامن : تقدير العطايا وما يستحقّ في بيت المال من غير سرفٍ ولا تقتيرٍ ، ودفعه في وقتٍ لا تقديم فيه ولا تأخير . </p><p>التّاسع : استكفاء الأمناء وتقليد النّصحاء فيما يفوّض إليهم من الأعمال ويوكّل إليهم من الأموال ، لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطةً ، والأموال بالأمناء محفوظةً . </p><p>العاشر : أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفّح الأحوال ، لينهض بسياسة الأمّة وحراسة الملّة ، ولا يعوّل على التّفويض تشاغلاً بلذّةٍ أو عبادةٍ ، فقد يخون الأمين ، ويغشّ النّاصح . </p><p>اشتراط الأمن بالنّسبة لأداء العبادات :</p><p>6 - الأمن مقصود به سلامة النّفس والمال والعرض والدّين والعقل ، وهي الضّروريّات الّتي لا بدّ منها لقيام مصالح الدّين والدّنيا ، وقد اتّفق الفقهاء على أنّ أمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه شرط في التّكليف بالعبادات . لأنّ المحافظة على النّفوس والأعضاء للقيام بمصالح الدّنيا والآخرة أولى من تعريضها للضّرر بسبب العبادة . </p><p>ويتّضح ذلك من الأمثلة الآتية : </p><p>أوّلاً : في الطّهارة :</p><p>7 - الطّهارة بالماء الطّهور من الحدث الأصغر أو الأكبر من شرائط الصّلاة لكن من كان بينه وبين الماء عدوّ أو لصّ أو سبع أو حيّة يخاف على نفسه الهلاك أو الضّرر الشّديد أبيح له التّيمّم ، لأنّ إلقاء النّفس إلى التّهلكة حرام ، وكذا من كان به جراحة أو مرض ويخشى على نفسه التّلف باستعمال الماء فإنّه يتيمّم ، لقوله تعالى : { وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيداً طيّباً } وقوله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } وقد روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ « رجلاً أصابه جرح في رأسه على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ أصابه احتلام فأمر بالاغتسال ، فاغتسل فكزّ فمات ، فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : قتلوه قتلهم اللّه » .</p><p>( ر : طهارة - وضوء - غسل - تيمّم ) .</p><p>ثانياً : في الصّلاة :</p><p>8 - أ - من شرائط الصّلاة استقبال القبلة مع الأمن ، فإذا لم يتحقّق الأمن بأن خاف من نحو عدوٍّ أو سبعٍ سقط الاستقبال وصلّى على حاله لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بشيءٍ فأتوا منه ما استطعتم » ( ر : استقبال ) .</p><p>ب - صلاة الجمعة فرض إلاّ أنّها لا تجب على خائفٍ على نفسه أو ماله إجماعاً .</p><p>ج - صلاة الجماعة سنّة أو فرض على الكفاية على اختلافٍ بين الفقهاء ، ولكن الجماعة تسقط لخوفٍ على نفسٍ أو مالٍ أو عرضٍ ، لما روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من سمع المنادي فلم يمنعه من اتّباعه عذر - قالوا : وما العذر ؟ قال : خوف أو مرض- لم تقبل منه الصّلاة الّتي صلّى » .</p><p>ثالثاً : في الحجّ :</p><p>9 - يشترط لوجوب الحجّ أمن الطّريق في النّفس والمال والعرض ، فمن خاف على ذلك من عدوٍّ أو سبعٍ أو لصٍّ أو غير ذلك لم يلزمه الحجّ إن لم يجد طريقاً آخر آمناً . وإذا لم يكن للحجّ مثلاً طريق إلاّ بالبحر ، وكان الغالب عدم سلامة الوصول لم يجب الحجّ . لقوله تعالى : { وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً } وقوله : { لا يكلّف اللّه نفساً إلاّ وسعها } ( ر حجّ ) . </p><p>رابعاً : في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر :</p><p>10 - الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجب على . سبيل الكفاية لقوله تعالى : { ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } وشرط وجوبه أن يأمن الإنسان على نفسه أو ماله وإن قلّ أو غير ذلك . لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » ( ر : أمر بالمعروف ) </p><p>اشتراط الأمن بالنّسبة للامتناع عن المحرّمات :</p><p>11 - الحفاظ على النّفس والمال والعرض من مقاصد الشّريعة ، وقد تبيّن ممّا تقدّم ، أنّه لو كان في القيام بعبادةٍ ما تلف للإنسان في نفسه أو ماله فإنّه يرخّص ويخفّف عنه فيها . ومثل ذلك يقال في المحرّمات . فلو كان فيما حرّمه الشّارع ضرر يلحق الإنسان في نفسه لو امتنع عنه امتثالاً للنّهي ، فإنّه حينئذٍ يباح له ما حرم في الأصل ولا إثم عليه . </p><p>والأصل في ذلك قوله تعالى : { فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } وقوله تعالى :</p><p>{ إلاّ ما اضطررتم إليه } ومن القواعد الفقهيّة في ذلك : الضّرر يزال ، والضّرورات تبيح المحظورات . والأمثلة على ذلك كثيرة في الفقه الإسلاميّ ، ومنها :</p><p>أ - يجوز بل يجب تناول الميتة والدّم والخنزير عند المخمصة إذا لم يجد الإنسان غيرها لقوله تعالى : { إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } .</p><p>ب - يباح تناول الخمر لإزالة الغصّة .</p><p>ج - يجوز التّلفّظ بكلمة الكفر عند الإكراه الملجئ إلى ذلك </p><p>د - يجوز إلقاء المتاع من السّفينة المشرفة على الغرق .</p><p>هـ - يجوز دفع الصّائل ولو أدّى إلى قتله . وغير ذلك كثير ، وينظر تفصيله والخلاف فيه في بحث ( ضرورة ) ( وإكراه ) . </p><p>اشتراط الأمن في سكن الزّوجة :</p><p>12 - من حقوق الزّوجة على زوجها وجوب توفير المسكن الملائم ، لقوله تعالى في شأن المعتدّات من الطّلاق : { أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم } . فإنّه يدلّ على وجوب إسكان المطلّقة أثناء العدّة ، وإذا كان إسكان المطلّقة أثناء العدّة واجباً ، كان إسكان الزّوجة حال قيام الزّوجيّة واجباً بالطّريق الأولى . </p><p>ومن شروط المسكن أن تأمن فيه الزّوجة على نفسها ومالها ، ولو أسكنها في بيتٍ من الدّار مفرداً وله غلق كفاها ، وليس لها أن تطالبه بمسكنٍ آخر ، لأنّ الضّرر بالخوف على المتاع وعدم التّمكّن من الاستمتاع قد زال . وإن أساء الزّوج عشرتها ولم تستطع إثبات ذلك أسكنها القاضي إلى جانب ثقةٍ يمنعه من الإضرار بها والتّعدّي عليها . وهذا باتّفاقٍ في الجملة . ( ر : سكنى - نفقة - نكاح ) </p><p>اشتراط الأمن في القصاص فيما دون النّفس وعند إقامة حدّ الجلد :</p><p>13 - القصاص في الجروح والأطراف أمر مقرّر في الشّريعة ، لقوله تعالى : { والجروح قصاص } إلاّ أنّه يشترط للقصاص فيما دون النّفس إمكان استيفاء المثل من غير حيفٍ ولا زيادةٍ مع الأمن من السّراية ، لقوله تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } ، ولأنّ دم الجاني معصوم إلاّ في قدر جنايته ، فما زاد عليها يبقى على العصمة ، فيحرم استيفاؤه بعد الجناية لتحريمه قبلها ، ومن ضرورة المنع من الزّيادة المنع من القصاص ، لأنّها من لوازمه . وهكذا كلّ ما كان فيه القود فيما دون النّفس متلفاً ، فلا قود فيه . كما أنّه لا يستوفى القصاص بآلةٍ يخشى منها الزّيادة ، كأن تكون سامّةً أو كالّةً ، لما روى شدّاد بن أوسٍ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيءٍ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح ، وليحدّ أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته » . ولخوف التّلف يؤخّر القصاص فيما دون النّفس للحرّ المفرط والبرد المفرط ، ومرض الجاني ، وحتّى تضع الحامل . وهذا باتّفاق الفقهاء في الجملة ، وينظر تفصيل ذلك في ( قصاص ) . وكذلك الأمر بالنّسبة لإقامة حدّ الجلد ، إذ يشترط ألاّ يكون في إقامة حدّ الجلد خوف الهلاك ، لأنّ هذا الحدّ شرع زاجراً لا مهلكاً ، وعلى ذلك فلا يقام حدّ الجلد في الحرّ الشّديد والبرد الشّديد ، ولا على مريضٍ حتّى يبرأ ، ولا على حاملٍ حتّى تضع . ( ر : حدّ وجلد ) </p><p>اشتراط الأمن لمريد السّفر بمال الشّركة أو المضاربة أو الوديعة :</p><p>أ - في الشّركة والمضاربة :</p><p>14 - لا يجوز لأيٍّ من الشّريكين أن يسافر بمال الشّركة ، إذا كان الطّريق مخوفاً إلاّ بإذن شريكه باتّفاق الفقهاء ، لأنّ السّفر بمال الشّركة في الطّريق المخوف يؤدّي إلى تعريضه للأخطار ، وتعريض مال الغير للخطر لا يجوز دون إذن صاحبه . ومثل ذلك مال المضاربة ، فإنّه لا يجوز لعامل المضاربة السّفر بمال المضاربة إلاّ عند أمن الطّريق .</p><p>ب - في الوديعة :</p><p>15 - عند الحنفيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة : يجوز السّفر بمال الوديعة إن كان الطّريق آمناً ولم يخف عليها ، فإن كان الطّريق مخوفاً فلا يجوز له السّفر بها ، وإلاّ ضمن . ومذهب الشّافعيّة والمالكيّة : أنّ من كانت عنده وديعة ، وأراد السّفر ، وجب عليه تسليمها لصاحبها أو وكيله أو أمينٍ ، فإن سافر بها مع وجود أحدٍ من هؤلاء ضمن ، لأنّ الإيداع يقتضي الحفظ في الحرز ، وليس السّفر من مواضع الحفظ ، لأنّه إمّا أن يكون مخوفاً أو آمناً لا يوثق بأمنه ، ولذلك لا يجوز السّفر الوديعة مع عدم الضّرورة . ( ر : وديعة ) . </p><p>استفادة أمن الطّريق في القرض :</p><p>16 - الأصل أنّ كلّ قرضٍ جرّ منفعةً فهو ممنوع ، لأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن قرضٍ جرّ منفعةً » وعلى هذا تخرج مسألة السّفاتج . وهي : اشتراط القضاء ببلدٍ آخر ، لانتفاع المقرض بدفع خطر الطّريق . </p><p>والقرض بهذا الشّرط ممنوع عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة ورواية عن الإمام أحمد - لأنّ القرض عقد إرفاقٍ وقربةٍ ، فإذا شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه ، إلاّ إذا عمّ الخوف برّاً وبحراً فإنّ المالكيّة يجيزونه في هذه الحالة للضّرورة صيانةً للأموال . وإن كان بدون شرطٍ فهو جائز باتّفاقٍ ، لأنّه من حسن القضاء ، وقد روي أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم استلف من رجلٍ بكراً ، فقدمت عليه إبل من إبل الصّدقة ، فأمر أبا رافعٍ أن يقضي الرّجل بكره ، فرجع إليه أبو رافعٍ ، فقال : لم أجد فيها إلاّ خياراً رباعيّاً فقال : أعطه إيّاه ، إنّ خيار النّاس أحسنهم قضاءً » ( 34 م 2 ) وروي عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّه " كان يستقرض بالمدينة ويردّ بالكوفة " وذلك بدون شرطٍ . </p><p>والصّحيح عند الحنابلة أنّه جائز ولو بشرطٍ ، لأنّه مصلحة للمقرض والمقترض من غير ضررٍ بواحدٍ منها ، والشّرع لا يرد بتحريم المصالح الّتي لا مضرّة فيها بل بمشروعيّتها ، ولأنّ هذا ليس بمنصوصٍ على تحريمه ، ولا في معنى المنصوص ، فوجب بقاؤه على الإباحة . وذكر القاضي : أنّ للوصيّ قرض مال اليتيم في بلدٍ أخرى ليربح خطر الطّريق . وقال عطاء : كان ابن الزّبير رضي الله عنهما يأخذ من قومٍ بمكّة دراهم ، ثمّ يكتب لهم بها إلى أخيه مصعب بالعراق ، فيأخذونها منه ، فسئل عن ذلك ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما فلم ير به بأساً ، وروي عن عليٍّ رضي الله عنه أنّه سئل عن مثل هذا فلم ير به بأساً . </p><p>تحقّق الأمن بالنّسبة للمحرم </p><p>17 - كان الحرم موضع أمنٍ لأهله ومن لجأ إليه ، وكان هذا معروفاً في الجاهليّة واستمرّ في الإسلام . قال اللّه تعالى : { وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلداً آمناً } ، وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكّة : « إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السّموات والأرض ، فهو حرام يحرّمه اللّه تعالى إلى يوم القيامة ، وإنّه لم يحلّ القتال فيه لأحدٍ قبلي ، ولم يحلّ لي إلاّ ساعةً من نهارٍ ، فهو حرام بحرمة اللّه تعالى إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ، ولا ينفّر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلاّ من عرفها ، ولا يختلى خلاه ، فقال العبّاس : يا رسول اللّه إلاّ الإذخر فإنّه لقينهم وبيوتهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : إلاّ الإذخر »</p><p> ولاستيفاء باقي أحكام الحرم ، وتفاصيله ( ر : حرم ) . </p><p>تحقّق الأمن لغير المسلمين :</p><p>18 - من المقرّر أنّ حكم الإسلام بالنّسبة للمسلمين في الدّنيا هو عصمة النّفس والمال ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا : لا إله إلاّ اللّه فإذا قالوا لا إله إلاّ اللّه عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها ، وحسابهم على اللّه » .</p><p>وبهذا يتقرّر الأمن للمسلم في نفسه وماله . أمّا غير المسلم فإنّه يتحقّق له الأمن بتأمين المسلمين له وإعطائه الأمان ، لأنّ حكم الأمان هو ثبوت الأمن للكفرة عن القتل والسّبي والاستغنام ، فيحرم على المسلمين قتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريّهم واستغنام أموالهم . والأصل في إعطاء الأمان للكفّار قوله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ، ثمّ أبلغه مأمنه } .</p><p>19 - والأمان قسمان :</p><p>الأوّل : أمان يعقده الإمام أو نائبه ، وهو نوعان : </p><p>مؤقّت ، وهو ما يسمّى بالهدنة وبالمعاهدة وبالموادعة - وهو عقد الإمام أو نائبه على ترك القتال مدّةً معلومةً - مع اختلاف الفقهاء في مقدار مدّة الموادعة . وقد روي أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وادع أهل مكّة عام الحديبية على أن توضع الحرب بين الفريقين عشر سنين » . </p><p>والنّوع الثّاني : الأمان المؤبّد ، وهو ما يسمّى عقد الذّمّة ، وهو إقرار بعض الكفّار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الإسلام والأصل فيه قوله تعالى : { قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون } . </p><p>هذا مع اختلاف الفقهاء في غير أهل الكتاب ، هل تقبل منهم الجزية ويقرّون على حالهم أم لا يقبل منهم إلاّ الإسلام ، فإن لم يسلموا قتلوا . </p><p>والقسم الثّاني من الأمان : هو الأمان الّذي يصدر من أحد المسلمين لعددٍ محصورٍ من الكفّار ، ويدلّ عليه حديث : « المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمّتهم أدناهم » . وأخبار أخرى ، وينظر تفصيل ذلك في ( أمان ، وذمّة ، ومعاهدة ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40968, member: 329"] أحكام أمّهات المؤمنين مع الرّسول صلى الله عليه وسلم : العدل بين الزّوجات : 7 - لا حقّ لأمّهات المؤمنين في القسم في المبيت ولا في العدل بينهنّ ، ولا يطالب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويجوز له أن يفضّل من شاء منهنّ على غيرها في المبيت والكسوة والنّفقة لقوله تعالى : { ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ، ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك } . وأخرج ابن سعدٍ عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال : « كان رسول اللّه موسّعاً عليه في قسم أزواجه يقسم بينهنّ كيف شاء » . وعلّل ذلك بعضهم بأنّ في وجوب القسم عليه شغلاً عن لوازم الرّسالة . وقد صرّح العلماء أنّ القسم لم يكن واجباً عليه لكنّه كان يقسم من نفسه تطييباً لقلوبهنّ . تحريم نكاح أمّهات المؤمنين على التّأبيد : 8 - ثبت ذلك بنصّ القرآن الكريم ، فقال جلّ شأنه { وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ، إنّ ذلكم كان عند اللّه عظيماً } . وأمّا اللّاتي فارقهنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قبل الدّخول كالمستعيذة - وهي أسماء بنت النّعمان ، وكالتي رأى في كشحها بياضاً - وهي عمرة بنت يزيد عندما دخل عليها ، فللفقهاء في تأبيد التّحريم رأيان : أحدهما : أنّهنّ يحرمن ، وهو الّذي عليه الشّافعيّ وصحّحه في الرّوضة لعموم الآية السّابقة ، وذلك لأنّ المراد من قوله تعالى : { ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده } أي من بعد نكاحه . والثّاني : لا يحرمن . لما روي أنّ الأشعث بن قيسٍ نكح المستعيذة في زمن عمر بن الخطّاب ، فقام عمر برجمه ورجمها ، فقالت له : كيف ترجمني ولم يضرب عليّ حجاب ، ولم أسمّ للمؤمنين أمّاً ؟ فكفّ عمر عن ذلك . وفي وجوب عدّة الوفاة على أمّهات المؤمنين واستمرار حقّهنّ في النّفقة والسّكنى خلاف . علوّ منزلتهنّ : 9 - إذا عقد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ ودخل بها صارت أمّاً للمؤمنين والمؤمنات عند البعض ، ورجّحه القرطبيّ بدلالة صدر الآية { النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم } . وعند البعض الآخر : تصبح أمّاً للمؤمنين دون المؤمنات ، ورجّحه ابن العربيّ مستدلّاً بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت لها امرأة : يا أمّه ، فقالت لها عائشة : لست لك بأمٍّ ، إنّما أنا أمّ رجالكم . دخولهنّ في آل بيت الرّسول صلى الله عليه وسلم : 10 - اختلف العلماء في دخول أمّهات المؤمنين في أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . فمنهم من قال : يدخل نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ، وبه قالت عائشة وابن عبّاسٍ وعكرمة وعروة وابن عطيّة ، وابن تيميّة وغيرهم ، ويستدلّ هؤلاء بما رواه الخلّال بإسناده عن ابن أبي مليكة أنّ خالد بن سعيد بن العاص بعث إلى عائشة سفرةً من الصّدقة فردّتها وقالت : إنّا آل محمّدٍ لا تحلّ لنا الصّدقة ، وكان عكرمة ينادي في السّوق { إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً } نزلت في نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّةً . وهذا القول هو الّذي يدلّ عليه سياق الآية ، لأنّ ما قبلها وما بعدها خطاب لأمّهات المؤمنين . قال اللّه تعالى : { وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى وأقمن الصّلاة وآتين الزّكاة وأطعن اللّه ورسوله ، إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً واذكرن ما يتلى في بيوتكنّ من آيات اللّه والحكمة إنّ اللّه كان لطيفاً خبيراً } ومنهم من قال : لا يدخل نساء النّبيّ في آل بيت رسول اللّه ، ويستدلّ هؤلاء بما رواه التّرمذيّ عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول اللّه قال : « نزلت هذه الآية على النّبيّ صلى الله عليه وسلم { إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً } في بيت أمّ سلمة ، فدعا النّبيّ فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساءٍ وعليّ خلف ظهره ، فجلّلهم بكساءٍ ثمّ قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً ، قالت أمّ سلمة : وأنا معهم يا نبيّ اللّه ؟ قال أنت على مكانك ، وأنت إلى خيرٍ » . حقوق أمّهات المؤمنين : 11 - من حقّ أمّهات المؤمنين أن يحترمن ويعظّمن ، ويصنّ عن الأعين والألسن ، وذلك واجب على المسلمين نحوهنّ . فإن تطاول من لا خلاق له على تناولهنّ بالقذف أو السّبّ ، ففي القذف يفرّق جمهور الفقهاء بين قذف عائشة رضي الله عنها ، وقذف غيرها من أمّهات المؤمنين . فمن قذف عائشة رضي الله عنها بما برّأها اللّه تعالى منه - من الزّنى - فقد كفر ، وجزاؤه القتل ، وقد حكى القاضي أبو يعلى وغيره الإجماع على ذلك ، لأنّ من أتى شيئاً من ذلك فقد كذّب القرآن ، ومن كذّب القرآن قتل ، لقوله تعالى : { يعظكم اللّه أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين } . أمّا من قذف واحدةً من أمّهات المؤمنين غير عائشة فقد اختلف العلماء في عقوبته ، فقال بعضهم ومنهم ابن تيميّة : إنّ حكم قذف واحدةٍ منهنّ كحكم قذف عائشة رضي الله عنها - أي يقتل - لأنّ فيه عاراً وغضاضةً وأذًى لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم بل في ذلك قدح بدين رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه . وقال بعضهم : إنّ قذف واحدةٍ من أمّهات المؤمنين غير عائشة كقذف واحدٍ من الصّحابة رضي الله عنه ، أو واحدٍ من المسلمين ، أي يحدّ القاذف حدّاً واحداً لعموم قوله تعالى : { والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً } لأنّه لا يقتضي شرفهنّ زيادةً في حدّ من قذفهنّ ، لأنّ شرف المنزلة لا يؤثّر في الحدود . وقال بعضهم ومنهم مسروق بن الأجدع وسعيد بن جبيرٍ : من قذف أمّهات المؤمنين غير عائشة يحدّ حدّين للقذف - أي يجلد مائةً وستّين جلدةً - أمّا سبّ واحدةٍ من أمّهات المؤمنين - بغير الزّنى - من غير استحلالٍ لهذا السّبّ ، فهو فسق ، وحكمه حكم سبّ واحدٍ من الصّحابة رضوان الله عليهم ، يعزّر فاعله . أمّيّ * التّعريف : 1- الأمّيّ : المنسوب إلى الأمّ ، ويطلق على من لا يقرأ ولا يكتب ، نسب إلى الأمّ لأنّه بقي على ما ولدته عليه أمّه . لأنّ الكتابة والقراءة مكتسبة . صلاة الأمّيّ : 2 - الأمّيّ الّذي لا يحسن قراءة الفاتحة ، ويحسن قراءة آيةٍ منها ويريد الصّلاة ، قال البعض : إنّه يكرّر هذا الّذي يحسنه سبع مرّاتٍ ، ليكون بمنزلة سبع آيات الفاتحة ، وقال آخرون : لا يكرّره . وإن كان لا يحسن الفاتحة ويحسن غيرها ، قرأ ما يحسنه من القرآن الكريم . فإن كان لا يحسن شيئاً واجتهد آناء اللّيل والنّهار فلم يقدر على التّعلّم ، قال أبو حنيفة وبعض المالكيّة : يصلّي دون أن يقرأ شيئاً لا من القرآن ولا من الأذكار . وقال الشّافعيّ وأحمد بن حنبلٍ وبعض المالكيّة : يصلّي ويحمد اللّه تعالى ويهلّله ويكبّره بدل القراءة ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إذا قمت إلى الصّلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به ، وإلاّ فاحمده وهلّله وكبّره » . وقد فصّل الفقهاء ذلك في كتاب ( الصّلاة ) عند كلامهم على القراءة في الصّلاة . أمن * التّعريف : 1 - الأمن ضدّ الخوف ، وهو : عدم توقّع مكروهٍ في الزّمان الآتي ، ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - أمان : 2 - الأمان : ضدّ الخوف ، يقال : أمّنت الأسير : أعطيته الأمان فأمن ، فهو كالأمن . وأمّا عند الفقهاء ، فله معنًى يختلف عن الأمن ، إذ هو عندهم ، عقد يفيد ترك القتال مع الكفّار فرداً أو جماعةً مؤقّتاً أو مؤبّداً . ب - خوف : 3 - الخوف : الفزع ، وهو ضدّ الأمن ج - إحصار : 4 - الإحصار : المنع والحبس . ويستعمله الفقهاء في منع الحاجّ بعدوٍّ ونحوه من بعض أعمالٍ معيّنةٍ في الحجّ أو العمرة ، كالوقوف بعرفة والطّواف . حاجة النّاس إلى الأمن وواجب الإمام تجاه ذلك : 5 - الأمن للفرد وللمجتمع وللدّولة من أهمّ ما تقوم عليه الحياة ، إذ به يطمئنّ النّاس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، ويتّجه تفكيرهم إلى ما يرفع شأن مجتمعهم وينهض بأمّتهم . ومن طبائع المجتمعات البشريّة - كما يقول ابن خلدونٍ - حدوث الاختلاف بينهم ، ووقوع التّنازع الّذي يؤدّي إلى المشاحنات والحروب ، وإلى الهرج وسفك الدّماء والفوضى ، بل إلى الهلاك إذا خلّي بينهم وبين أنفسهم بدون وازعٍ . وبيّن الماورديّ أنّ وجود الإمام هو الّذي يمنع الفوضى ، فيقول : الإمامة موضوعة لخلافة النّبوّة في حراسة الدّين وسياسة الدّنيا ، ولولا الولاة لكان النّاس فوضى مهملين وهمجاً مضيّعين . ثمّ يوضّح الماورديّ واجبات الإمام في ذلك فيقول : الّذي يلزم الإمام من الأمور العامّة عشرة أشياء : أحدها : حفظ الدّين على أصوله المستقرّة وما أجمع عليه سلف الأمّة ، فإن نجم مبتدع أو زاغ . ذو شبهةٍ عنه أوضح له الحجّة ، وبيّن له الصّواب ، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ، ليكون الدّين محروساً من خللٍ ، والأمّة ممنوعةً من زللٍ . الثّاني : تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين ، وقطع الخصام بين المتنازعين ، حتّى تعمّ النّصفة ، فلا يتعدّى ظالم ، ولا يضعف مظلوم . الثّالث : حماية البيضة والذّبّ عن الحريم ليتصرّف النّاس في المعايش وينتشروا في الأسفار ، آمنين من تغريرٍ بنفسٍ أو مالٍ . الرّابع : إقامة الحدود لتصان محارم اللّه تعالى عن الانتهاك وتحفظ حقوق عباده من إتلافٍ واستهلاكٍ . الخامس : تحصين الثّغور بالعدّة المانعة والقوّة الدّافعة ، حتّى لا تظفر الأعداء بغرّةٍ ، ينتهكون فيها محرماً ، أو يسفكون فيها لمسلمٍ أو معاهدٍ دماً . السّادس : جهاد من عاند الإسلام بعد الدّعوة حتّى يسلم ، أو يدخل في الذّمّة ، ليقام بحقّ اللّه تعالى في إظهاره على الدّين كلّه . السّابع : جباية الفيء والصّدقات على ما أوجبه الشّرع نصّاً واجتهاداً من غير خوفٍ ولا عسفٍ . الثّامن : تقدير العطايا وما يستحقّ في بيت المال من غير سرفٍ ولا تقتيرٍ ، ودفعه في وقتٍ لا تقديم فيه ولا تأخير . التّاسع : استكفاء الأمناء وتقليد النّصحاء فيما يفوّض إليهم من الأعمال ويوكّل إليهم من الأموال ، لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطةً ، والأموال بالأمناء محفوظةً . العاشر : أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفّح الأحوال ، لينهض بسياسة الأمّة وحراسة الملّة ، ولا يعوّل على التّفويض تشاغلاً بلذّةٍ أو عبادةٍ ، فقد يخون الأمين ، ويغشّ النّاصح . اشتراط الأمن بالنّسبة لأداء العبادات : 6 - الأمن مقصود به سلامة النّفس والمال والعرض والدّين والعقل ، وهي الضّروريّات الّتي لا بدّ منها لقيام مصالح الدّين والدّنيا ، وقد اتّفق الفقهاء على أنّ أمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه شرط في التّكليف بالعبادات . لأنّ المحافظة على النّفوس والأعضاء للقيام بمصالح الدّنيا والآخرة أولى من تعريضها للضّرر بسبب العبادة . ويتّضح ذلك من الأمثلة الآتية : أوّلاً : في الطّهارة : 7 - الطّهارة بالماء الطّهور من الحدث الأصغر أو الأكبر من شرائط الصّلاة لكن من كان بينه وبين الماء عدوّ أو لصّ أو سبع أو حيّة يخاف على نفسه الهلاك أو الضّرر الشّديد أبيح له التّيمّم ، لأنّ إلقاء النّفس إلى التّهلكة حرام ، وكذا من كان به جراحة أو مرض ويخشى على نفسه التّلف باستعمال الماء فإنّه يتيمّم ، لقوله تعالى : { وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيداً طيّباً } وقوله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } وقد روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ « رجلاً أصابه جرح في رأسه على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ أصابه احتلام فأمر بالاغتسال ، فاغتسل فكزّ فمات ، فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : قتلوه قتلهم اللّه » . ( ر : طهارة - وضوء - غسل - تيمّم ) . ثانياً : في الصّلاة : 8 - أ - من شرائط الصّلاة استقبال القبلة مع الأمن ، فإذا لم يتحقّق الأمن بأن خاف من نحو عدوٍّ أو سبعٍ سقط الاستقبال وصلّى على حاله لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بشيءٍ فأتوا منه ما استطعتم » ( ر : استقبال ) . ب - صلاة الجمعة فرض إلاّ أنّها لا تجب على خائفٍ على نفسه أو ماله إجماعاً . ج - صلاة الجماعة سنّة أو فرض على الكفاية على اختلافٍ بين الفقهاء ، ولكن الجماعة تسقط لخوفٍ على نفسٍ أو مالٍ أو عرضٍ ، لما روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من سمع المنادي فلم يمنعه من اتّباعه عذر - قالوا : وما العذر ؟ قال : خوف أو مرض- لم تقبل منه الصّلاة الّتي صلّى » . ثالثاً : في الحجّ : 9 - يشترط لوجوب الحجّ أمن الطّريق في النّفس والمال والعرض ، فمن خاف على ذلك من عدوٍّ أو سبعٍ أو لصٍّ أو غير ذلك لم يلزمه الحجّ إن لم يجد طريقاً آخر آمناً . وإذا لم يكن للحجّ مثلاً طريق إلاّ بالبحر ، وكان الغالب عدم سلامة الوصول لم يجب الحجّ . لقوله تعالى : { وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً } وقوله : { لا يكلّف اللّه نفساً إلاّ وسعها } ( ر حجّ ) . رابعاً : في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر : 10 - الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجب على . سبيل الكفاية لقوله تعالى : { ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } وشرط وجوبه أن يأمن الإنسان على نفسه أو ماله وإن قلّ أو غير ذلك . لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » ( ر : أمر بالمعروف ) اشتراط الأمن بالنّسبة للامتناع عن المحرّمات : 11 - الحفاظ على النّفس والمال والعرض من مقاصد الشّريعة ، وقد تبيّن ممّا تقدّم ، أنّه لو كان في القيام بعبادةٍ ما تلف للإنسان في نفسه أو ماله فإنّه يرخّص ويخفّف عنه فيها . ومثل ذلك يقال في المحرّمات . فلو كان فيما حرّمه الشّارع ضرر يلحق الإنسان في نفسه لو امتنع عنه امتثالاً للنّهي ، فإنّه حينئذٍ يباح له ما حرم في الأصل ولا إثم عليه . والأصل في ذلك قوله تعالى : { فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } وقوله تعالى : { إلاّ ما اضطررتم إليه } ومن القواعد الفقهيّة في ذلك : الضّرر يزال ، والضّرورات تبيح المحظورات . والأمثلة على ذلك كثيرة في الفقه الإسلاميّ ، ومنها : أ - يجوز بل يجب تناول الميتة والدّم والخنزير عند المخمصة إذا لم يجد الإنسان غيرها لقوله تعالى : { إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه } . ب - يباح تناول الخمر لإزالة الغصّة . ج - يجوز التّلفّظ بكلمة الكفر عند الإكراه الملجئ إلى ذلك د - يجوز إلقاء المتاع من السّفينة المشرفة على الغرق . هـ - يجوز دفع الصّائل ولو أدّى إلى قتله . وغير ذلك كثير ، وينظر تفصيله والخلاف فيه في بحث ( ضرورة ) ( وإكراه ) . اشتراط الأمن في سكن الزّوجة : 12 - من حقوق الزّوجة على زوجها وجوب توفير المسكن الملائم ، لقوله تعالى في شأن المعتدّات من الطّلاق : { أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم } . فإنّه يدلّ على وجوب إسكان المطلّقة أثناء العدّة ، وإذا كان إسكان المطلّقة أثناء العدّة واجباً ، كان إسكان الزّوجة حال قيام الزّوجيّة واجباً بالطّريق الأولى . ومن شروط المسكن أن تأمن فيه الزّوجة على نفسها ومالها ، ولو أسكنها في بيتٍ من الدّار مفرداً وله غلق كفاها ، وليس لها أن تطالبه بمسكنٍ آخر ، لأنّ الضّرر بالخوف على المتاع وعدم التّمكّن من الاستمتاع قد زال . وإن أساء الزّوج عشرتها ولم تستطع إثبات ذلك أسكنها القاضي إلى جانب ثقةٍ يمنعه من الإضرار بها والتّعدّي عليها . وهذا باتّفاقٍ في الجملة . ( ر : سكنى - نفقة - نكاح ) اشتراط الأمن في القصاص فيما دون النّفس وعند إقامة حدّ الجلد : 13 - القصاص في الجروح والأطراف أمر مقرّر في الشّريعة ، لقوله تعالى : { والجروح قصاص } إلاّ أنّه يشترط للقصاص فيما دون النّفس إمكان استيفاء المثل من غير حيفٍ ولا زيادةٍ مع الأمن من السّراية ، لقوله تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } ، ولأنّ دم الجاني معصوم إلاّ في قدر جنايته ، فما زاد عليها يبقى على العصمة ، فيحرم استيفاؤه بعد الجناية لتحريمه قبلها ، ومن ضرورة المنع من الزّيادة المنع من القصاص ، لأنّها من لوازمه . وهكذا كلّ ما كان فيه القود فيما دون النّفس متلفاً ، فلا قود فيه . كما أنّه لا يستوفى القصاص بآلةٍ يخشى منها الزّيادة ، كأن تكون سامّةً أو كالّةً ، لما روى شدّاد بن أوسٍ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيءٍ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح ، وليحدّ أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته » . ولخوف التّلف يؤخّر القصاص فيما دون النّفس للحرّ المفرط والبرد المفرط ، ومرض الجاني ، وحتّى تضع الحامل . وهذا باتّفاق الفقهاء في الجملة ، وينظر تفصيل ذلك في ( قصاص ) . وكذلك الأمر بالنّسبة لإقامة حدّ الجلد ، إذ يشترط ألاّ يكون في إقامة حدّ الجلد خوف الهلاك ، لأنّ هذا الحدّ شرع زاجراً لا مهلكاً ، وعلى ذلك فلا يقام حدّ الجلد في الحرّ الشّديد والبرد الشّديد ، ولا على مريضٍ حتّى يبرأ ، ولا على حاملٍ حتّى تضع . ( ر : حدّ وجلد ) اشتراط الأمن لمريد السّفر بمال الشّركة أو المضاربة أو الوديعة : أ - في الشّركة والمضاربة : 14 - لا يجوز لأيٍّ من الشّريكين أن يسافر بمال الشّركة ، إذا كان الطّريق مخوفاً إلاّ بإذن شريكه باتّفاق الفقهاء ، لأنّ السّفر بمال الشّركة في الطّريق المخوف يؤدّي إلى تعريضه للأخطار ، وتعريض مال الغير للخطر لا يجوز دون إذن صاحبه . ومثل ذلك مال المضاربة ، فإنّه لا يجوز لعامل المضاربة السّفر بمال المضاربة إلاّ عند أمن الطّريق . ب - في الوديعة : 15 - عند الحنفيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة : يجوز السّفر بمال الوديعة إن كان الطّريق آمناً ولم يخف عليها ، فإن كان الطّريق مخوفاً فلا يجوز له السّفر بها ، وإلاّ ضمن . ومذهب الشّافعيّة والمالكيّة : أنّ من كانت عنده وديعة ، وأراد السّفر ، وجب عليه تسليمها لصاحبها أو وكيله أو أمينٍ ، فإن سافر بها مع وجود أحدٍ من هؤلاء ضمن ، لأنّ الإيداع يقتضي الحفظ في الحرز ، وليس السّفر من مواضع الحفظ ، لأنّه إمّا أن يكون مخوفاً أو آمناً لا يوثق بأمنه ، ولذلك لا يجوز السّفر الوديعة مع عدم الضّرورة . ( ر : وديعة ) . استفادة أمن الطّريق في القرض : 16 - الأصل أنّ كلّ قرضٍ جرّ منفعةً فهو ممنوع ، لأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن قرضٍ جرّ منفعةً » وعلى هذا تخرج مسألة السّفاتج . وهي : اشتراط القضاء ببلدٍ آخر ، لانتفاع المقرض بدفع خطر الطّريق . والقرض بهذا الشّرط ممنوع عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة ورواية عن الإمام أحمد - لأنّ القرض عقد إرفاقٍ وقربةٍ ، فإذا شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه ، إلاّ إذا عمّ الخوف برّاً وبحراً فإنّ المالكيّة يجيزونه في هذه الحالة للضّرورة صيانةً للأموال . وإن كان بدون شرطٍ فهو جائز باتّفاقٍ ، لأنّه من حسن القضاء ، وقد روي أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم استلف من رجلٍ بكراً ، فقدمت عليه إبل من إبل الصّدقة ، فأمر أبا رافعٍ أن يقضي الرّجل بكره ، فرجع إليه أبو رافعٍ ، فقال : لم أجد فيها إلاّ خياراً رباعيّاً فقال : أعطه إيّاه ، إنّ خيار النّاس أحسنهم قضاءً » ( 34 م 2 ) وروي عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّه " كان يستقرض بالمدينة ويردّ بالكوفة " وذلك بدون شرطٍ . والصّحيح عند الحنابلة أنّه جائز ولو بشرطٍ ، لأنّه مصلحة للمقرض والمقترض من غير ضررٍ بواحدٍ منها ، والشّرع لا يرد بتحريم المصالح الّتي لا مضرّة فيها بل بمشروعيّتها ، ولأنّ هذا ليس بمنصوصٍ على تحريمه ، ولا في معنى المنصوص ، فوجب بقاؤه على الإباحة . وذكر القاضي : أنّ للوصيّ قرض مال اليتيم في بلدٍ أخرى ليربح خطر الطّريق . وقال عطاء : كان ابن الزّبير رضي الله عنهما يأخذ من قومٍ بمكّة دراهم ، ثمّ يكتب لهم بها إلى أخيه مصعب بالعراق ، فيأخذونها منه ، فسئل عن ذلك ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما فلم ير به بأساً ، وروي عن عليٍّ رضي الله عنه أنّه سئل عن مثل هذا فلم ير به بأساً . تحقّق الأمن بالنّسبة للمحرم 17 - كان الحرم موضع أمنٍ لأهله ومن لجأ إليه ، وكان هذا معروفاً في الجاهليّة واستمرّ في الإسلام . قال اللّه تعالى : { وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلداً آمناً } ، وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكّة : « إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السّموات والأرض ، فهو حرام يحرّمه اللّه تعالى إلى يوم القيامة ، وإنّه لم يحلّ القتال فيه لأحدٍ قبلي ، ولم يحلّ لي إلاّ ساعةً من نهارٍ ، فهو حرام بحرمة اللّه تعالى إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ، ولا ينفّر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلاّ من عرفها ، ولا يختلى خلاه ، فقال العبّاس : يا رسول اللّه إلاّ الإذخر فإنّه لقينهم وبيوتهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : إلاّ الإذخر » ولاستيفاء باقي أحكام الحرم ، وتفاصيله ( ر : حرم ) . تحقّق الأمن لغير المسلمين : 18 - من المقرّر أنّ حكم الإسلام بالنّسبة للمسلمين في الدّنيا هو عصمة النّفس والمال ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا : لا إله إلاّ اللّه فإذا قالوا لا إله إلاّ اللّه عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها ، وحسابهم على اللّه » . وبهذا يتقرّر الأمن للمسلم في نفسه وماله . أمّا غير المسلم فإنّه يتحقّق له الأمن بتأمين المسلمين له وإعطائه الأمان ، لأنّ حكم الأمان هو ثبوت الأمن للكفرة عن القتل والسّبي والاستغنام ، فيحرم على المسلمين قتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريّهم واستغنام أموالهم . والأصل في إعطاء الأمان للكفّار قوله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ، ثمّ أبلغه مأمنه } . 19 - والأمان قسمان : الأوّل : أمان يعقده الإمام أو نائبه ، وهو نوعان : مؤقّت ، وهو ما يسمّى بالهدنة وبالمعاهدة وبالموادعة - وهو عقد الإمام أو نائبه على ترك القتال مدّةً معلومةً - مع اختلاف الفقهاء في مقدار مدّة الموادعة . وقد روي أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وادع أهل مكّة عام الحديبية على أن توضع الحرب بين الفريقين عشر سنين » . والنّوع الثّاني : الأمان المؤبّد ، وهو ما يسمّى عقد الذّمّة ، وهو إقرار بعض الكفّار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الإسلام والأصل فيه قوله تعالى : { قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون } . هذا مع اختلاف الفقهاء في غير أهل الكتاب ، هل تقبل منهم الجزية ويقرّون على حالهم أم لا يقبل منهم إلاّ الإسلام ، فإن لم يسلموا قتلوا . والقسم الثّاني من الأمان : هو الأمان الّذي يصدر من أحد المسلمين لعددٍ محصورٍ من الكفّار ، ويدلّ عليه حديث : « المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمّتهم أدناهم » . وأخبار أخرى ، وينظر تفصيل ذلك في ( أمان ، وذمّة ، ومعاهدة ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية