الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 40969" data-attributes="member: 329"><p>أمة *</p><p> انظر : رقّ . </p><p></p><p>إمهال *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الإمهال لغةً : الإنظار وتأخير الطّلب .</p><p> وعند الفقهاء يستعمل كذلك بمعنى : الإنظار والتّأجيل . والإمهال ينافي التّعجيل .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>2 - أ - الإعذار : وهو سؤال الحاكم من توجّه عليه موجب الحكم : هل له ما يسقطه ؟ وينظر مصطلح : ( إعذار ) .</p><p>ب - التّنجيم : هو تأجيل العوض بأجلين فصاعداً .</p><p>ج - التّلوّم : وهو التّمكّث والتّمهّل والتّصبّر ، ومنه أن يتصبّر الحاكم مثلاً للزّوج مدّةً قبل التّطليق عليه للإعسار .</p><p>د - التّربّص : وهو بمعنى الانتظار . ومدّة الإمهال تارةً تكون مقدّرةً كإمهال المولى ، وتارةً تكون غير مقدّرةٍ ، وقد يختلف ذلك عند بعض الفقهاء عن البعض الآخر .</p><p>الحكم الإجماليّ :</p><p>3 - يجب إنظار من ثبت إعساره عند الأئمّة الأربعة إلى وقت اليسار ، ولا يحبس ، لقول اللّه سبحانه { وإن كان ذو عسرةٍ فنظرة إلى ميسرةٍ } .</p><p>والعنّين يضرب له القاضي سنةً عند الجمهور ، " كما فعل عمر رضي الله عنه " رواه الشّافعيّ وغيره ، فقد يكون تعذّر الجماع لعارض حرارةٍ فيزول في الشّتاء ، أو برودةٍ فيزول في الصّيف ، أو يبوسةٍ فتزول في الرّبيع ، أو رطوبةٍ فتزول في الخريف ، فإذا مضت السّنة ولم يطأ ، علمنا أنّه عجز خلقيّ . ( ر : عنّين ) .</p><p>4 - وأجل المولي أربعة أشهرٍ ، لقول اللّه سبحانه { للّذين يؤلون من نسائهم تربّص أربعة أشهرٍ فإن فاءوا فإنّ اللّه غفور رحيم } ( ر : إيلاء ) . </p><p>5 - وفي القضاء لو استمهل المدّعي لإحضار بيّنته ، فإنّ أغلب الفقهاء على أنّه يمهل ، وهل هذا الإمهال واجب أو مستحبّ ، خلاف بين الفقهاء .</p><p>وقدّر بعضهم مدّة الإمهال ثلاثة أيّامٍ ، وبعضهم جعلها إلى اجتهاد القاضي . </p><p>وانظر للتّفصيل مصطلح ( قضاء ) . </p><p>وفي الإمهال لعذرٍ ، وفي منعه عند طلب الخصم ، يراجع ( قضاء ، ودعوى ) . </p><p>والإمهال يمتنع فيما تشترط فيه الفوريّة ، كاستمهال من طلّق إحدى زوجتيه : لتعيين المطلّقة منهما ، واستمهال المشتري ردّ المبيع بالعيب ، والشّفيع في طلب الشّفعة ، وغير ذلك من الأمور الّتي تشترط فيها الفوريّة . </p><p>مواطن البحث :</p><p>6 - من المواطن الّتي يذكر فيها الإمهال : مباحث الكفالة ، فيمهل الكفيل لإحضار المكفول عنه من مسافة القصر فما دونها . ومنها : النّفقة ، فيمهل الزّوج لإحضار ماله الّذي في مسافة القصر . وفي الصّداق تمهل الزّوجة للدّخول ، وكذا يمهل الزّوج لوجود بعض الأعذار كالتّنظيف ونحوه . </p><p></p><p>أموال *</p><p> انظر : مال .</p><p></p><p>أموال الحربيّين *</p><p>انظر : أنفال .</p><p></p><p>أمير *</p><p>انظر : إمارة .</p><p></p><p>أمين *</p><p>انظر : أمانة . </p><p></p><p>إناء *</p><p>انظر : آنيّة .</p><p></p><p>إنابة *</p><p>انظر : نيابة - توبة .</p><p></p><p>إنبات *</p><p>انظر : بلوغ .</p><p></p><p>أنبياء *</p><p>انظر : نبيّ .</p><p></p><p>انتباذ *</p><p>انظر : أشربة .</p><p></p><p> انتحار *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الانتحار في اللّغة مصدر : انتحر الرّجل ، بمعنى نحر نفسه أي : قتلها . </p><p>ولم يستعمله الفقهاء بهذا المعنى . لكنّهم عبّروا عنه بقتل الإنسان نفسه .</p><p>وفي حديث أبي هريرة : « أنّ رجلاً قاتل في سبيل اللّه أشدّ القتال ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّه من أهل النّار ، فبينما هو على ذلك إذ وجد الرّجل ألم الجرح ، فأهوى بيده إلى كنانته ، فانتزع منها سهماً فانتحر بها » . </p><p>وفي الحديث نفسه : « انتحر فلان فقتل نفسه » رواه البخاريّ .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - النّحر والذّبح :</p><p>2 - النّحر عند الفقهاء هو : فري الأوداج وقطع كلّ الحلقوم ، ومحلّه من أسفل الحلقوم . ويطلق الانتحار على قتل الإنسان نفسه بأيّ وسيلةٍ كانت . </p><p>ولهذا ذكروا أحكامه باسم ( قتل الشّخص نفسه ) </p><p>بم يتحقّق الانتحار :</p><p>3 - الانتحار نوع من القتل فيتحقّق بوسائل مختلفةٍ . ويتنوّع بأنواعٍ متعدّدةٍ كالقتل . </p><p>فإذا كان إزهاق الشّخص نفسه بإتيان فعلٍ منهيٍّ عنه ، كاستعمال السّيف أو الرّمح أو البندقيّة أو أكل السّمّ أو إلقاء نفسه من شاهقٍ أو في النّار " ليحترق أو في الماء ليغرق وغير ذلك من الوسائل ، فهو انتحار بطريق الإيجاب . </p><p>واذا كان الإزهاق بالامتناع عن الواجب ، كالامتناع من الأكل والشّرب وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه بما فيه من خلافٍ سيأتي ، أو عدم الحركة في الماء أو في النّار أو عدم التّخلّص من السّبع الّذي يمكن النّجاة منه ، فهو انتحار بطريق السّلب .</p><p>4- ويقسّم الانتحار بحسب إرادة المنتحر إلى نوعين : الانتحار عمداً والانتحار خطأً . </p><p>فإذا ارتكب الشّخص عملاً حصل منه قتل نفسه ، وأراد النّتيجة الحاصلة من العمل ، يعتبر القتل انتحاراً عمداً . كرمي نفسه بقصد القتل مثلاً . </p><p>وإذا أراد صيداً أو قتل العدوّ فأصاب نفسه ، ومات ، يعتبر انتحاراً خطأً . </p><p>وستأتي أحكامهما قريباً . </p><p>ويمكن أن يحصل الانتحار بطريقٍ يعتبر شبه العمد عند غير المالكيّة ، كقتل الإنسان نفسه بما لا يقتل غالباً ، كالسّوط والعصا . ر : ( قتل ) . </p><p>أمثلة من الانتحار بطريق السّلب :</p><p>أوّلاً : الامتناع من المباح :</p><p>5 - من امتنع من المباح حتّى مات كان قاتلاً نفسه ، متلفاً لها عند جميع أهل العلم . لأنّ الأكل للغذاء والشّرب لدفع العطش فرض بمقدار ما يدفع الهلاك ، فإن ترك الأكل والشّرب حتّى هلك فقد انتحر ، لأنّ فيه إلقاء النّفس إلى التّهلكة المنهيّ عنه في محكم التّنزيل . </p><p>وإذا اضطرّ الإنسان للأكل أو الشّرب من المحرّم كالميتة والخنزير والخمر حتّى ظنّ الهلاك جوعاً لزمه الأكل والشّرب ، فإذا امتنع حتّى مات صار قاتلاً نفسه ، بمنزلة من ترك أكل الخبز وشرب الماء في حال الإمكان ، لأنّ تاركه ساعٍ في إهلاك نفسه ، وقد قال اللّه تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } . </p><p>وكذلك حكم الإكراه على أكل المحرّم ، فلا يباح للمكره الامتناع من أكل الميتة أو الدّم أو لحم الخنزير في حالة الإكراه ، لأنّ هذه الأشياء ممّا يباح عند الاضطرار لقوله تعالى : { إلاّ ما اضطررتم إليه } والاستثناء من التّحريم إباحة ، وقد تحقّق الاضطرار بالإكراه ، ولو امتنع عنه حتّى قتل يؤاخذ به ويعدّ منتحراً ، لأنّه بالامتناع عنه صار ملقياً نفسه إلى التّهلكة .</p><p>ثانياً : ترك الحركة عند القدرة :</p><p>6 - من ألقي في ماءٍ جارٍ أو راكدٍ لا يعدّ مغرقاً ، كمنبسطٍ يمكنه الخلاص منه عادةً ، فمكث فيه مضطجعاً مثلاً مختاراً لذلك حتّى هلك ، يعتبر منتحراً وقاتلاً نفسه ، ولذلك لا قود ولا دية على الّذي ألقاه في الماء عند عامّة العلماء ، لأنّ هذا الفعل لم يقتله ، وإنّما حصل الموت بلبثه فيه ، وهو فعل نفسه ، فلم يضمنه غيره . كذلك إن تركه في نارٍ يمكنه الخلاص منها لقلّتها ، أو لكونه في طرفٍ منها يمكنه الخروج بأدنى حركةٍ ، فلم يخرج حتّى مات . وفي وجهٍ عند الحنابلة : لو تركه في نارٍ يمكنه التّخلّص منها فلم يخرج يضمن ، لأنّه جانٍ بالإلقاء المفضي إلى الموت . وفارق الماء ، لأنّه غير مهلكٍ بنفسه ، ولهذا يدخله النّاس للسّباحة ، أمّا النّار فيسيرها يهلك ، ولأنّ النّار لها حرارة شديدة ، فربّما أزعجته حرارتها عن معرفة ما يتخلّص به ، أو أذهبت عقله بألمها وروعتها .</p><p>ثالثاً : ترك العلاج والتّداوي :</p><p>7 - الامتناع من التّداوي في حالة المرض لا يعتبر انتحاراً عند عامّة الفقهاء ، فمن كان مريضاً وامتنع من العلاج حتّى مات ، لا يعتبر عاصياً ، إذ لا يتحقّق بأنّه يشفيه . </p><p>كذلك لو ترك المجروح علاج جرحٍ مهلكٍ فمات لا يعتبر منتحراً ، بحيث يجب القصاص على جارحه ، إذ البرء غير موثوقٍ به وإن عالج . </p><p>أمّا إذا كان الجرح بسيطاً والعلاج موثوقاً به ، كما لو ترك المجنيّ عليه عصب العرق ، فإنّه يعتبر قد قتل نفسه ، حتّى لا يسأل جارحه عن القتل عند الشّافعيّة . وصرّح الحنابلة بخلافه ، وقالوا : إن ترك شدّ الفصاد مع إمكانه لا يسقط الضّمان ، كما لو جرح فترك مداواة جرحه . ومع تصريح الحنفيّة بأنّ ترك العلاج لا يعتبر عصياناً ، لأنّ البرء غير موثوقٍ به ، قالوا : إن ضرب رجلاً بإبرةٍ في غير المقتل عمداً فمات ، لا قود فيه فقد فصّلوا بين الجرح المهلك وغير المهلك الشّافعيّة ، فيفهم منه أنّ ترك الجرح اليسير لنزف الدّم حتّى الموت يشبه الانتحار . ولم نعثر على نصٍّ للمالكيّة في هذه المسألة . </p><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p>8 - الانتحار حرام بالاتّفاق ، ويعتبر من أكبر الكبائر بعد الشّرك باللّه . قال اللّه تعالى : { ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ } وقال : { ولا تقتلوا أنفسكم إنّ اللّه كان بكم رحيماً } .</p><p>وقد قرّر الفقهاء أنّ المنتحر أعظم وزراً من قاتل غيره ، وهو فاسق وباغٍ على نفسه ، حتّى قال بعضهم : لا يغسّل ولا يصلّى عليه كالبغاة ، وقيل : لا تقبل توبته تغليظاً عليه . </p><p>كما أنّ ظاهر بعض الأحاديث يدلّ على خلوده في النّار . منها قوله « من تردّى من جبلٍ فقتل نفسه فهو في نار جهنّم يتردّى فيها خالداً مخلّداً فيها أبداً » . </p><p>وهناك حالات خاصّة تشبه الانتحار ، لكنّه لا عقاب على مرتكبها ، ولا يأثم فاعلها ، لأنّها ليست انتحاراً في الواقع كالآتي : </p><p>أوّلاً : الانتقال من سبب موتٍ إلى آخر :</p><p>9 - إذا وقع حريق في سفينةٍ ، وعلم أنّه لو ظلّ فيها احترق ، ولو وقع في الماء غرق . فالجمهور ( المالكيّة والحنابلة والشّافعيّة ، وهو قول أبي حنيفة ) على أنّ له أن يختار أيّهما شاء . فإذا رمى نفسه في الماء ومات جاز ، ولا يعتبر ذلك انتحاراً محرّماً إذا استوى الأمران . وقال الصّاحبان من الحنفيّة ، وهو رواية عن أحمد : أنّه يلزمه المقام والصّبر ، لأنّه إذا رمى نفسه في الماء كان موته بفعله ، وإن أقام فموته بفعل غيره .</p><p>كذلك جاز له الانتقال من سبب موتٍ إلى سبب موتٍ آخر ، إذا كان في السّبب الّذي ينتقل إليه نوع خفّةٍ مع التّأكّد من القتل فيهما عند أبي حنيفة ، قال الزّيلعيّ : ولو قال له : لتلقين نفسك في النّار أو من الجبل ، أو لأقتلنك ، وكان الإلقاء بحيث لا ينجو منه ، ولكن فيه نوع خفّةٍ ، فله الخيار إن شاء فعل ذلك ، وإن شاء لم يفعل وصبر حتّى يقتل ، لأنّه ابتلي ببليّتين فيختار ما هو الأهون في زعمه ، وهذا هو مذهب الشّافعيّة . وعند الصّاحبين من الحنفيّة يصبر ولا يفعل ذلك ، لأنّ مباشرة الفعل سعي في إهلاك نفسه فيصبر تحامياً عنه . </p><p>أمّا إذا ظنّ السّلامة في الانتقال من سببٍ إلى سببٍ آخر للموت ، أو رجا طول الحياة ولو مع موتٍ أشدّ وأصعب من الموت المعجّل ، قد صرّح المالكيّة بوجوبه ، لأنّ حفظ النّفوس واجب ما أمكن ، وعبّر الحنابلة بأنّه هو الأولى ، ممّا يدلّ على عدم الوجوب .</p><p>10 - ومن أمثلة الانتقال من سبب موتٍ إلى سبب موتٍ آخر ما ذكروا من أنّه لو تبع بسيفٍ ونحوه مميّزاً هارباً منه فرمى نفسه بماءٍ أو نارٍ من سطحٍ فمات ، فلا ضمان عليه في قولٍ عند الشّافعيّة ، وهو قياس مذهب الحنفيّة ، لمباشرته إهلاك نفسه عمداً ، كما لو أكره إنساناً على أن يقتل نفسه فقتلها . فكأنّه يشبه الانتحار عندهم . والقول الآخر عند الشّافعيّة أنّ عليه نصف الدّية . أمّا لو وقع بشيءٍ ممّا ذكر جاهلاً به ، لعمًى أو ظلمةٍ مثلاً أو تغطية بئرٍ ، أو ألجأه إلى السّبع</p><p> بمضيقٍ ضمن من تبعه ، لأنّه لم يقصد إهلاك نفسه وقد ألجأه التّابع إلى الهرب المفضي للهلاك . وكذا لو انخسف به سقف في هربه في الأصحّ . </p><p>وقال الحنابلة : إذا طلب إنساناً بسيفٍ مشهورٍ فهرب منه ، فتلف في هربه ضمنه ، سواء أكان من الشّاهق ، أم انخسف به سقف أم خرّ في بئرٍ ، أم لقيه سبع ، أم غرق في ماءٍ ، أم احترق بنارٍ . وسواء أكان المطلوب صغيراً أم كبيراً ، أعمى أم بصيراً ، عاقلاً أم مجنوناً . وفصّل المالكيّة في الموضوع فقالوا : من أشار إلى رجلٍ بسيفٍ ، وكانت بينهما عداوة ، فتمادى بالإشارة إليه وهو يهرب منه ، فطلبه حتّى مات فعليه القصاص بدون القسامة إذا كان الموت بدون السّقوط ، وإذا سقط ومات فعليه القصاص مع القسامة . </p><p>أمّا إذا كان بدون عداوةٍ فلا قصاص ، وفيه الدّية على العاقلة .</p><p>ثانياً : هجوم الواحد على صفّ العدوّ :</p><p>11 - اختلف الفقهاء في جواز هجوم رجلٍ من المسلمين وحده على جيش العدوّ ، مع التّيقّن بأنّه سيقتل . </p><p>فذهب المالكيّة إلى جواز إقدام الرّجل المسلم على الكثير من الكفّار ، إن كان قصده إعلاء كلمة اللّه ، وكان فيه قوّة وظنّ تأثيره فيهم ، ولو علم ذهاب نفسه ، فلا يعتبر ذلك انتحاراً . وقيل إذا طلب الشّهادة ، وخلصت النّيّة فليحمل ، لأنّ مقصوده واحد من الأعداء ، وذلك بيّن في قوله تعالى : { ومن النّاس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه } .</p><p>وقيّده بعضهم بأن يكون قد غلب على ظنّه أن سيقتل من حمل عليه وينجو ، وكذلك لو علم وغلب على ظنّه أنّه يقتل ، لكن سينكي نكايةً أو سيبلي أو يؤثّر أثراً ينتفع به المسلمون . ولا يعتبر هذا إلقاء النّفس إلى التّهلكة المنهيّ عنه بقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة } لأنّ معنى التّهلكة - كما فسّرها أكثر المفسّرين - هو الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الجهاد . لما روى التّرمذيّ عن أسلم أبي عمران حكايةً عن غزو القسطنطينيّة أنّه « حمل رجل من المسملين على صفّ الرّوم حتّى دخل فيهم ، فصاح النّاس ، وقالوا : سبحان اللّه ، يلقي بيديه إلى التّهلكة ، فقام أبو أيّوب الأنصاريّ فقال : يا أيّها النّاس ، إنّكم تتأوّلون هذه الآية هذا التّأويل ، وإنّما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لمّا أعزّ اللّه الإسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعضٍ سرّاً دون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إنّ أموالنا قد ضاعت ، وإنّ اللّه قد أعزّ الإسلام وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل على نبيّه صلى الله عليه وسلم يردّ على ما قلنا { وأنفقوا في سبيل اللّه ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة } فكانت التّهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو » .</p><p> ونقل الرّازيّ روايةً عن الشّافعيّ أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذكر الجنّة ، فقال له رجل : أرأيت إن قتلت في سبيل اللّه فأين أنا ؟ قال : في الجنّة ، فألقى تمراتٍ في يديه ثمّ قاتل حتّى قتل » . </p><p>كذلك قال ابن العربيّ : والصّحيح عندي جوازه ، لأنّ فيه أربعة أوجهٍ : </p><p>الأوّل : طلب الشّهادة . </p><p>الثّاني : وجود النّكاية . </p><p>الثّالث : تجرئة المسلمين عليهم . </p><p>الرّابع : ضعف نفوس الأعداء ، ليروا أنّ هذا صنع واحدٍ منهم فما ظنّك بالجميع . </p><p>وصرّح الحنفيّة بأنّه : إن علم أنّه إذا حارب قتل ، وإذا لم يحارب أسر لم يلزمه القتال ، لكنّه إذا قاتل حتّى قتل جاز بشرط أن ينكي فيهم . </p><p>أمّا إذا علم أنّه لا ينكي فيهم فإنّه لا يحلّ له أن يحمل عليهم ، لأنّه لا يحصل بحملته شيء من إعزاز الدّين كما نقل عن محمّد بن الحسن أنّه قال : لو حمل رجل واحد على ألف رجلٍ من المشركين ، وهو وحده ، لم يكن بذلك بأس ، إذا كان يطمع في نجاةٍ أو نكايةٍ في العدوّ . </p><p>ثالثاً : الانتحار لخوف إفشاء الأسرار :</p><p>12 - إذا خاف المسلم الأسر ، وعنده أسرار هامّة للمسلمين ، ويتيقّن أنّ العدوّ سوف يطّلع على هذه الأسرار ، ويحدث ضرراً بيّناً بصفوف المسلمين وبالتّالي يقتل ، فهل له أن يقتل نفسه وينتحر أو يستسلم ؟ .</p><p>لم نجد في جواز الانتحار خوف إفشاء الأسرار ، ولا في عدم جوازه نصّاً صريحاً في كتب الفقه . إلاّ أنّ جمهور الفقهاء أجازوا قتال الكفّار إذا تترّسوا بالمسلمين ولو تأكّدوا أنّ المسلمين سيقتلون معهم ، بشرط أن يقصد بالرّمي الكفّار ، ويتوقّى المسلمين بقدر الإمكان ، وقيّده بعضهم بما إذا كانت الحرب قائمةً ، وعلمنا أنّنا لو كففنا عنهم ظفروا بنا أو عظمت نكايتهم فينا ، وجعلوا هذا من تطبيقات قاعدة : ( يتحمّل الضّرر الخاصّ لدفع الضّرر العامّ ) . والمعروف أنّ الفقهاء لم يجوّزوا إلقاء شخصٍ في البحر لخفّة ثقل السّفينة المشرفة للغرق ، لأجل نجاة ركّابها مهما كثر عددهم ، إلاّ ما نقل الدّسوقيّ المالكيّ عن اللّخميّ من جواز ذلك بالقرعة . </p><p>أمر الشّخص لغيره بقتله :</p><p>إذا قال الرّجل لآخر : اقتلني ، أو قال للقائل إن قتلتني أبرأتك ، أو قد وهبت لك دمي ، فقتله عمداً ، اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال :</p><p>الأوّل :</p><p>13 - أنّ القتل في هذه الحال لا يعتبر انتحاراً ، لكن لا يجب به القصاص ، وتجب الدّية في مال القاتل . هذا هو المذهب عند الحنفيّة - ما عدا زفر - وإليه ذهب بعض الشّافعيّة ، ورواه سحنون عن مالكٍ ، ووصفه بأنّه أظهر الأقوال ، لأنّ الإباحة لا تجري في النّفوس ، وإنّما سقط القصاص للشّبهة باعتبار الإذن ، والشّبهة لا تمنع وجوب المال ، فتجب الدّية في مال القاتل لأنّه عمد ، والعاقلة لا تحمل دية العمد . </p><p>وفصّل الحنفيّة في وجوب الدّية فقالوا : إن قتله بالسّيف فلا قصاص ، لأنّ الإباحة لا تجري في النّفس ، وسقط القصاص لشبهة الإذن ، وتجب الدّية في ماله ، وإن قتله بمثقلٍ فلا قصاص لكنّه تجب الدّية على العاقلة .</p><p>الثّاني :</p><p>14 - أنّ القتل في هذه الحال قتل عمدٍ ، ولا يأخذ شيئاً من أحكام الانتحار ، ولهذا يجب القصاص . وهذا قول عند المالكيّة حسّنه ابن القاسم ، وهو قول عند الشّافعيّة ، وإليه ذهب زفر من الحنفيّة ، لأنّ الأمر بالقتل لم يقدح في العصمة ، لأنّ عصمة النّفوس ممّا لا تحتمل الإباحة بحالٍ ، وإذنه لا يعتبر ، لأنّ القصاص لوارثه لا له ، ولأنّه أسقط حقّاً قبل وجوبه . الثّالث :</p><p>15 - أنّ القتل في هذه الحال له حكم الانتحار ، فلا قصاص على من قتله ولا دية . </p><p>وهذا مذهب الحنابلة ، والأظهر عند الشّافعيّة ، وهو رواية عند الحنفيّة ، وصحّحه القدوريّ ، وهو رواية مرجوحة في مذهب مالكٍ . </p><p>أمّا سقوط القصاص فللإذن له في القتل والجناية ، ولأنّ صيغة الأمر تورث شبهةً ، والقصاص عقوبة مقدّرة تسقط بالشّبهة . </p><p>وأمّا سقوط الدّية فلأنّ ضمان نفسه هو حقّ له فصار كإذنه بإتلاف ماله ، كما لو قال : اقتل دابّتي ففعل فلا ضمان إجماعاً ، فصحّ الأمر ، ولأنّ المورث أسقط الدّية أيضاً فلا تجب للورثة . وإذا كان الآمر أو الآذن مجنوناً أو صغيراً فلا يسقط إذنه شيئاً من القصاص ولا الدّية ، لأنّه لا اعتبار بإذنهما .</p><p>16 - لو قال : اقطع يدي ، فإن كان لمنع السّراية كما إذا وقعت في يده آكلة فلا بأس بقطعه اتّفاقاً . وإن كان لغير ذلك فلا يحلّ ، ولو قطع بإذنه فلم يمت من القطع فلا قصاص ولا دية على القاطع عند الجمهور ، لأنّ الأطراف يسلك بها مسلك الأموال ، فكانت قابلةً للسّقوط بالإباحة والإذن ، كما لو قال له : أتلف مالي فأتلفه . </p><p>وقال المالكيّة : إن قال له : اقطع يدي ولا شيء عليك ، فله القصاص إن لم يستمرّ على الإبراء بعد القطع ، ما لم يترام به القطع حتّى مات منه ، فلوليّه القسامة والقصاص أو الدّية .</p><p>17 - ولو أمره أن يشجّه فشجّه عمداً ، ومات منها ، فلا قصاص عليه عند الجمهور ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) . </p><p>واختلفوا في وجوب الدّية على الجارح : فقال الحنابلة وأبو حنيفة وهو رواية مرجوحة عند الشّافعيّة : يجب على القاتل الدّية ، لأنّ العفو عن الشّجّة لا يكون عفواً عن القتل ، فكذا الأمر : بالشّجّة لا يكون أمراً بالقتل ، وكان القياس وجوب القصاص ، إلاّ أنّه سقط لوجود الشّبهة ، فتجب الدّية . ولأنّه لمّا مات تبيّن أنّ الفعل وقع قتلاً ، والمأمور به هو القطع لا القتل . أمّا لو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فهو عفو عن النّفس . </p><p>وقال الشّافعيّ في الرّاجح ، وهو ما ذهب إليه الصّاحبان من الحنفيّة : إن سرى القطع المأذون به إلى النّفس فهدر ، لأنّ القتل الحاصل من القطع والشّجّة المأذون فيهما يشبه الانتحار ، فلا يجب فيه قصاص ولا دية ، ولأنّ العفو عن الشّجّة يكون عفواً عن القتل ، فكذا الأمر بالشّجّة يكون أمراً بالقتل . ولأنّ الأصحّ ثبوت الدّية للمورث ابتداءً ، وقد أسقطها بإذنه . وما تقدّم عن المالكيّة يفيد ثبوت القصاص في هذه الحال إن لم يستمرّ على الإبراء . </p><p>أمر الإنسان غيره بأن يقتل نفسه :</p><p>18 - إذا أمر الإنسان غيره - أمراً لم يصل إلى درجة الإكراه - بقتل نفسه فقتل نفسه ، فهو منتحر عند جميع الفقهاء ، ولا شيء على الآمر ، لأنّ المأمور قتل نفسه باختياره ، وقد قال اللّه تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } ومجرّد الأمر لا يؤثّر في الاختيار ولا في الرّضى ، ما لم يصل إلى درجة الإكراه التّامّ الّذي سيأتي بيانه . </p><p>الإكراه على الانتحار :</p><p>19 - الإكراه هو : حمل المكره على أمرٍ يكرهه . وهو نوعان : ملجئ وغير ملجئٍ . فالملجئ : هو الإكراه الكامل ، وهو أن يكره بما يخاف على نفسه أو على تلف عضوٍ من أعضائه . وهذا النّوع يعدم الرّضى ، ويوجب الإلجاء ، ويفسد الاختيار . </p><p>وغير الملجئ : هو أن يكرهه بما لا يخاف على نفسه ، ولا يوجب الإلجاء ولا يفسد الاختيار . والمراد هنا الإكراه الملجئ الّذي يعدم الرّضى ويفسد الاختيار.</p><p>20- إذا أكره إنسان غيره إكراهاً ملجئاً ليقتل المكره ، بأن قال له : اقتلني وإلاّ قتلتك ، فقتله فهو في حكم الانتحار ، حتّى لا يجب على القاتل القصاص ولا الدّية عند الجمهور ( الحنفيّة والحنابلة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة ) لأنّ المكره ( بفتح الرّاء ) كالآلة بيد المكره في الإكراه التّامّ ( الملجئ ) فينسب الفعل إلى المكره وهو المقتول ، فصار كأنّه قتل نفسه ، كما استدلّ به الحنفيّة ، ولأنّ إذن المكلّف يسقط الدّية والقصاص معاً كما قال الشّافعيّة ، فكيف إذا اشتدّ الأمر إلى درجة الإكراه الملجئ ؟ وفي قولٍ عند الشّافعيّة : تجب الدّية على المكره ، لأنّ القتل لا يباح بالإذن ، إلاّ أنّه شبهة تسقط القصاص . ولم نعثر للمالكيّة على نصٍّ في الموضوع ، وقد سبق رأيهم بوجوب القصاص على القاتل إذا أمره المقتول بالقتل . 21 -إذا أكره شخص غيره إكراهاً ملجئاً ليقتل الغير نفسه ، بأن قال له : اقتل نفسك وإلاّ قتلتك ، فليس له أن يقتل نفسه ، وإلاّ يعدّ منتحراً وآثماً ، لأنّ المكره عليه لا يختلف عن المكره به ، فكلاهما قتل ، فلأن يقتله المكره أولى من أن يقتل هو نفسه . </p><p>ولأنّه يمكن أن ينجو من القتل بتراجع المكره ، أو بتغيّر الحالة بأسبابٍ أخرى ، فليس له أن ينتحر ويقتل نفسه . </p><p>ويتفرّع على هذا أنّه إذا قتل نفسه فلا قصاص على المكره في الأظهر عند الشّافعيّة ، لانتفاء كونه إكراهاً حقيقةً ، لاتّحاد المأمور به والمخوّف به ، فكأنّه اختار القتل كما علّله الشّافعيّة ، لكنّه يجب على الآمر نصف الدّية ، بناءً على أنّ المكره شريك ، وسقط عنه القصاص للشّبهة بسبب مباشرة المكره قتل نفسه . </p><p>وقال الحنابلة ، وهو قول عند الشّافعيّة : يجب القصاص على المكره ، إذا قتل المكره نفسه ، كما لو أكرهه على قتل غيره . </p><p>ولو أكرهه على قتل نفسه بما يتضمّن تعذيباً شديداً كإحراقٍ أو تمثيلٍ إن لم يقتل نفسه ، كان إكراهاً كما جرى عليه البزّار ، ومال إليه الرّافعيّ من علماء الشّافعيّة ، وإن نازع فيه البلقينيّ . وفصّل الحنفيّة في الموضوع فقالوا : لو قال لتلقين نفسك في النّار أو من رأس الجبل أو لأقتلنّك بالسّيف ، فألقى نفسه من الجبل ، فعند أبي حنيفة تجب الدّية على عاقلة المكره ، لأنّه لو باشر بنفسه لا يجب عليه القصاص عنده ، لأنّه قتل بالمثقل ، فكذا إذا أكره عليه . وعند أبي يوسف تجب الدّية على المكره في ماله ، وعند محمّدٍ يجب القصاص ، لأنّه كالقتل بالسّيف عنده . أمّا إذا ألقى نفسه في النّار فاحترق ، فيجب القصاص على المكره عند أبي حنيفة أيضاً . هذا ، ولم نجد في المسألة نصّاً عند المالكيّة ، وانظر ( إكراه ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 40969, member: 329"] أمة * انظر : رقّ . إمهال * التّعريف : 1 - الإمهال لغةً : الإنظار وتأخير الطّلب . وعند الفقهاء يستعمل كذلك بمعنى : الإنظار والتّأجيل . والإمهال ينافي التّعجيل . الألفاظ ذات الصّلة : 2 - أ - الإعذار : وهو سؤال الحاكم من توجّه عليه موجب الحكم : هل له ما يسقطه ؟ وينظر مصطلح : ( إعذار ) . ب - التّنجيم : هو تأجيل العوض بأجلين فصاعداً . ج - التّلوّم : وهو التّمكّث والتّمهّل والتّصبّر ، ومنه أن يتصبّر الحاكم مثلاً للزّوج مدّةً قبل التّطليق عليه للإعسار . د - التّربّص : وهو بمعنى الانتظار . ومدّة الإمهال تارةً تكون مقدّرةً كإمهال المولى ، وتارةً تكون غير مقدّرةٍ ، وقد يختلف ذلك عند بعض الفقهاء عن البعض الآخر . الحكم الإجماليّ : 3 - يجب إنظار من ثبت إعساره عند الأئمّة الأربعة إلى وقت اليسار ، ولا يحبس ، لقول اللّه سبحانه { وإن كان ذو عسرةٍ فنظرة إلى ميسرةٍ } . والعنّين يضرب له القاضي سنةً عند الجمهور ، " كما فعل عمر رضي الله عنه " رواه الشّافعيّ وغيره ، فقد يكون تعذّر الجماع لعارض حرارةٍ فيزول في الشّتاء ، أو برودةٍ فيزول في الصّيف ، أو يبوسةٍ فتزول في الرّبيع ، أو رطوبةٍ فتزول في الخريف ، فإذا مضت السّنة ولم يطأ ، علمنا أنّه عجز خلقيّ . ( ر : عنّين ) . 4 - وأجل المولي أربعة أشهرٍ ، لقول اللّه سبحانه { للّذين يؤلون من نسائهم تربّص أربعة أشهرٍ فإن فاءوا فإنّ اللّه غفور رحيم } ( ر : إيلاء ) . 5 - وفي القضاء لو استمهل المدّعي لإحضار بيّنته ، فإنّ أغلب الفقهاء على أنّه يمهل ، وهل هذا الإمهال واجب أو مستحبّ ، خلاف بين الفقهاء . وقدّر بعضهم مدّة الإمهال ثلاثة أيّامٍ ، وبعضهم جعلها إلى اجتهاد القاضي . وانظر للتّفصيل مصطلح ( قضاء ) . وفي الإمهال لعذرٍ ، وفي منعه عند طلب الخصم ، يراجع ( قضاء ، ودعوى ) . والإمهال يمتنع فيما تشترط فيه الفوريّة ، كاستمهال من طلّق إحدى زوجتيه : لتعيين المطلّقة منهما ، واستمهال المشتري ردّ المبيع بالعيب ، والشّفيع في طلب الشّفعة ، وغير ذلك من الأمور الّتي تشترط فيها الفوريّة . مواطن البحث : 6 - من المواطن الّتي يذكر فيها الإمهال : مباحث الكفالة ، فيمهل الكفيل لإحضار المكفول عنه من مسافة القصر فما دونها . ومنها : النّفقة ، فيمهل الزّوج لإحضار ماله الّذي في مسافة القصر . وفي الصّداق تمهل الزّوجة للدّخول ، وكذا يمهل الزّوج لوجود بعض الأعذار كالتّنظيف ونحوه . أموال * انظر : مال . أموال الحربيّين * انظر : أنفال . أمير * انظر : إمارة . أمين * انظر : أمانة . إناء * انظر : آنيّة . إنابة * انظر : نيابة - توبة . إنبات * انظر : بلوغ . أنبياء * انظر : نبيّ . انتباذ * انظر : أشربة . انتحار * التّعريف : 1 - الانتحار في اللّغة مصدر : انتحر الرّجل ، بمعنى نحر نفسه أي : قتلها . ولم يستعمله الفقهاء بهذا المعنى . لكنّهم عبّروا عنه بقتل الإنسان نفسه . وفي حديث أبي هريرة : « أنّ رجلاً قاتل في سبيل اللّه أشدّ القتال ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّه من أهل النّار ، فبينما هو على ذلك إذ وجد الرّجل ألم الجرح ، فأهوى بيده إلى كنانته ، فانتزع منها سهماً فانتحر بها » . وفي الحديث نفسه : « انتحر فلان فقتل نفسه » رواه البخاريّ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - النّحر والذّبح : 2 - النّحر عند الفقهاء هو : فري الأوداج وقطع كلّ الحلقوم ، ومحلّه من أسفل الحلقوم . ويطلق الانتحار على قتل الإنسان نفسه بأيّ وسيلةٍ كانت . ولهذا ذكروا أحكامه باسم ( قتل الشّخص نفسه ) بم يتحقّق الانتحار : 3 - الانتحار نوع من القتل فيتحقّق بوسائل مختلفةٍ . ويتنوّع بأنواعٍ متعدّدةٍ كالقتل . فإذا كان إزهاق الشّخص نفسه بإتيان فعلٍ منهيٍّ عنه ، كاستعمال السّيف أو الرّمح أو البندقيّة أو أكل السّمّ أو إلقاء نفسه من شاهقٍ أو في النّار " ليحترق أو في الماء ليغرق وغير ذلك من الوسائل ، فهو انتحار بطريق الإيجاب . واذا كان الإزهاق بالامتناع عن الواجب ، كالامتناع من الأكل والشّرب وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه بما فيه من خلافٍ سيأتي ، أو عدم الحركة في الماء أو في النّار أو عدم التّخلّص من السّبع الّذي يمكن النّجاة منه ، فهو انتحار بطريق السّلب . 4- ويقسّم الانتحار بحسب إرادة المنتحر إلى نوعين : الانتحار عمداً والانتحار خطأً . فإذا ارتكب الشّخص عملاً حصل منه قتل نفسه ، وأراد النّتيجة الحاصلة من العمل ، يعتبر القتل انتحاراً عمداً . كرمي نفسه بقصد القتل مثلاً . وإذا أراد صيداً أو قتل العدوّ فأصاب نفسه ، ومات ، يعتبر انتحاراً خطأً . وستأتي أحكامهما قريباً . ويمكن أن يحصل الانتحار بطريقٍ يعتبر شبه العمد عند غير المالكيّة ، كقتل الإنسان نفسه بما لا يقتل غالباً ، كالسّوط والعصا . ر : ( قتل ) . أمثلة من الانتحار بطريق السّلب : أوّلاً : الامتناع من المباح : 5 - من امتنع من المباح حتّى مات كان قاتلاً نفسه ، متلفاً لها عند جميع أهل العلم . لأنّ الأكل للغذاء والشّرب لدفع العطش فرض بمقدار ما يدفع الهلاك ، فإن ترك الأكل والشّرب حتّى هلك فقد انتحر ، لأنّ فيه إلقاء النّفس إلى التّهلكة المنهيّ عنه في محكم التّنزيل . وإذا اضطرّ الإنسان للأكل أو الشّرب من المحرّم كالميتة والخنزير والخمر حتّى ظنّ الهلاك جوعاً لزمه الأكل والشّرب ، فإذا امتنع حتّى مات صار قاتلاً نفسه ، بمنزلة من ترك أكل الخبز وشرب الماء في حال الإمكان ، لأنّ تاركه ساعٍ في إهلاك نفسه ، وقد قال اللّه تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } . وكذلك حكم الإكراه على أكل المحرّم ، فلا يباح للمكره الامتناع من أكل الميتة أو الدّم أو لحم الخنزير في حالة الإكراه ، لأنّ هذه الأشياء ممّا يباح عند الاضطرار لقوله تعالى : { إلاّ ما اضطررتم إليه } والاستثناء من التّحريم إباحة ، وقد تحقّق الاضطرار بالإكراه ، ولو امتنع عنه حتّى قتل يؤاخذ به ويعدّ منتحراً ، لأنّه بالامتناع عنه صار ملقياً نفسه إلى التّهلكة . ثانياً : ترك الحركة عند القدرة : 6 - من ألقي في ماءٍ جارٍ أو راكدٍ لا يعدّ مغرقاً ، كمنبسطٍ يمكنه الخلاص منه عادةً ، فمكث فيه مضطجعاً مثلاً مختاراً لذلك حتّى هلك ، يعتبر منتحراً وقاتلاً نفسه ، ولذلك لا قود ولا دية على الّذي ألقاه في الماء عند عامّة العلماء ، لأنّ هذا الفعل لم يقتله ، وإنّما حصل الموت بلبثه فيه ، وهو فعل نفسه ، فلم يضمنه غيره . كذلك إن تركه في نارٍ يمكنه الخلاص منها لقلّتها ، أو لكونه في طرفٍ منها يمكنه الخروج بأدنى حركةٍ ، فلم يخرج حتّى مات . وفي وجهٍ عند الحنابلة : لو تركه في نارٍ يمكنه التّخلّص منها فلم يخرج يضمن ، لأنّه جانٍ بالإلقاء المفضي إلى الموت . وفارق الماء ، لأنّه غير مهلكٍ بنفسه ، ولهذا يدخله النّاس للسّباحة ، أمّا النّار فيسيرها يهلك ، ولأنّ النّار لها حرارة شديدة ، فربّما أزعجته حرارتها عن معرفة ما يتخلّص به ، أو أذهبت عقله بألمها وروعتها . ثالثاً : ترك العلاج والتّداوي : 7 - الامتناع من التّداوي في حالة المرض لا يعتبر انتحاراً عند عامّة الفقهاء ، فمن كان مريضاً وامتنع من العلاج حتّى مات ، لا يعتبر عاصياً ، إذ لا يتحقّق بأنّه يشفيه . كذلك لو ترك المجروح علاج جرحٍ مهلكٍ فمات لا يعتبر منتحراً ، بحيث يجب القصاص على جارحه ، إذ البرء غير موثوقٍ به وإن عالج . أمّا إذا كان الجرح بسيطاً والعلاج موثوقاً به ، كما لو ترك المجنيّ عليه عصب العرق ، فإنّه يعتبر قد قتل نفسه ، حتّى لا يسأل جارحه عن القتل عند الشّافعيّة . وصرّح الحنابلة بخلافه ، وقالوا : إن ترك شدّ الفصاد مع إمكانه لا يسقط الضّمان ، كما لو جرح فترك مداواة جرحه . ومع تصريح الحنفيّة بأنّ ترك العلاج لا يعتبر عصياناً ، لأنّ البرء غير موثوقٍ به ، قالوا : إن ضرب رجلاً بإبرةٍ في غير المقتل عمداً فمات ، لا قود فيه فقد فصّلوا بين الجرح المهلك وغير المهلك الشّافعيّة ، فيفهم منه أنّ ترك الجرح اليسير لنزف الدّم حتّى الموت يشبه الانتحار . ولم نعثر على نصٍّ للمالكيّة في هذه المسألة . حكمه التّكليفيّ : 8 - الانتحار حرام بالاتّفاق ، ويعتبر من أكبر الكبائر بعد الشّرك باللّه . قال اللّه تعالى : { ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ } وقال : { ولا تقتلوا أنفسكم إنّ اللّه كان بكم رحيماً } . وقد قرّر الفقهاء أنّ المنتحر أعظم وزراً من قاتل غيره ، وهو فاسق وباغٍ على نفسه ، حتّى قال بعضهم : لا يغسّل ولا يصلّى عليه كالبغاة ، وقيل : لا تقبل توبته تغليظاً عليه . كما أنّ ظاهر بعض الأحاديث يدلّ على خلوده في النّار . منها قوله « من تردّى من جبلٍ فقتل نفسه فهو في نار جهنّم يتردّى فيها خالداً مخلّداً فيها أبداً » . وهناك حالات خاصّة تشبه الانتحار ، لكنّه لا عقاب على مرتكبها ، ولا يأثم فاعلها ، لأنّها ليست انتحاراً في الواقع كالآتي : أوّلاً : الانتقال من سبب موتٍ إلى آخر : 9 - إذا وقع حريق في سفينةٍ ، وعلم أنّه لو ظلّ فيها احترق ، ولو وقع في الماء غرق . فالجمهور ( المالكيّة والحنابلة والشّافعيّة ، وهو قول أبي حنيفة ) على أنّ له أن يختار أيّهما شاء . فإذا رمى نفسه في الماء ومات جاز ، ولا يعتبر ذلك انتحاراً محرّماً إذا استوى الأمران . وقال الصّاحبان من الحنفيّة ، وهو رواية عن أحمد : أنّه يلزمه المقام والصّبر ، لأنّه إذا رمى نفسه في الماء كان موته بفعله ، وإن أقام فموته بفعل غيره . كذلك جاز له الانتقال من سبب موتٍ إلى سبب موتٍ آخر ، إذا كان في السّبب الّذي ينتقل إليه نوع خفّةٍ مع التّأكّد من القتل فيهما عند أبي حنيفة ، قال الزّيلعيّ : ولو قال له : لتلقين نفسك في النّار أو من الجبل ، أو لأقتلنك ، وكان الإلقاء بحيث لا ينجو منه ، ولكن فيه نوع خفّةٍ ، فله الخيار إن شاء فعل ذلك ، وإن شاء لم يفعل وصبر حتّى يقتل ، لأنّه ابتلي ببليّتين فيختار ما هو الأهون في زعمه ، وهذا هو مذهب الشّافعيّة . وعند الصّاحبين من الحنفيّة يصبر ولا يفعل ذلك ، لأنّ مباشرة الفعل سعي في إهلاك نفسه فيصبر تحامياً عنه . أمّا إذا ظنّ السّلامة في الانتقال من سببٍ إلى سببٍ آخر للموت ، أو رجا طول الحياة ولو مع موتٍ أشدّ وأصعب من الموت المعجّل ، قد صرّح المالكيّة بوجوبه ، لأنّ حفظ النّفوس واجب ما أمكن ، وعبّر الحنابلة بأنّه هو الأولى ، ممّا يدلّ على عدم الوجوب . 10 - ومن أمثلة الانتقال من سبب موتٍ إلى سبب موتٍ آخر ما ذكروا من أنّه لو تبع بسيفٍ ونحوه مميّزاً هارباً منه فرمى نفسه بماءٍ أو نارٍ من سطحٍ فمات ، فلا ضمان عليه في قولٍ عند الشّافعيّة ، وهو قياس مذهب الحنفيّة ، لمباشرته إهلاك نفسه عمداً ، كما لو أكره إنساناً على أن يقتل نفسه فقتلها . فكأنّه يشبه الانتحار عندهم . والقول الآخر عند الشّافعيّة أنّ عليه نصف الدّية . أمّا لو وقع بشيءٍ ممّا ذكر جاهلاً به ، لعمًى أو ظلمةٍ مثلاً أو تغطية بئرٍ ، أو ألجأه إلى السّبع بمضيقٍ ضمن من تبعه ، لأنّه لم يقصد إهلاك نفسه وقد ألجأه التّابع إلى الهرب المفضي للهلاك . وكذا لو انخسف به سقف في هربه في الأصحّ . وقال الحنابلة : إذا طلب إنساناً بسيفٍ مشهورٍ فهرب منه ، فتلف في هربه ضمنه ، سواء أكان من الشّاهق ، أم انخسف به سقف أم خرّ في بئرٍ ، أم لقيه سبع ، أم غرق في ماءٍ ، أم احترق بنارٍ . وسواء أكان المطلوب صغيراً أم كبيراً ، أعمى أم بصيراً ، عاقلاً أم مجنوناً . وفصّل المالكيّة في الموضوع فقالوا : من أشار إلى رجلٍ بسيفٍ ، وكانت بينهما عداوة ، فتمادى بالإشارة إليه وهو يهرب منه ، فطلبه حتّى مات فعليه القصاص بدون القسامة إذا كان الموت بدون السّقوط ، وإذا سقط ومات فعليه القصاص مع القسامة . أمّا إذا كان بدون عداوةٍ فلا قصاص ، وفيه الدّية على العاقلة . ثانياً : هجوم الواحد على صفّ العدوّ : 11 - اختلف الفقهاء في جواز هجوم رجلٍ من المسلمين وحده على جيش العدوّ ، مع التّيقّن بأنّه سيقتل . فذهب المالكيّة إلى جواز إقدام الرّجل المسلم على الكثير من الكفّار ، إن كان قصده إعلاء كلمة اللّه ، وكان فيه قوّة وظنّ تأثيره فيهم ، ولو علم ذهاب نفسه ، فلا يعتبر ذلك انتحاراً . وقيل إذا طلب الشّهادة ، وخلصت النّيّة فليحمل ، لأنّ مقصوده واحد من الأعداء ، وذلك بيّن في قوله تعالى : { ومن النّاس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه } . وقيّده بعضهم بأن يكون قد غلب على ظنّه أن سيقتل من حمل عليه وينجو ، وكذلك لو علم وغلب على ظنّه أنّه يقتل ، لكن سينكي نكايةً أو سيبلي أو يؤثّر أثراً ينتفع به المسلمون . ولا يعتبر هذا إلقاء النّفس إلى التّهلكة المنهيّ عنه بقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة } لأنّ معنى التّهلكة - كما فسّرها أكثر المفسّرين - هو الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الجهاد . لما روى التّرمذيّ عن أسلم أبي عمران حكايةً عن غزو القسطنطينيّة أنّه « حمل رجل من المسملين على صفّ الرّوم حتّى دخل فيهم ، فصاح النّاس ، وقالوا : سبحان اللّه ، يلقي بيديه إلى التّهلكة ، فقام أبو أيّوب الأنصاريّ فقال : يا أيّها النّاس ، إنّكم تتأوّلون هذه الآية هذا التّأويل ، وإنّما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لمّا أعزّ اللّه الإسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعضٍ سرّاً دون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إنّ أموالنا قد ضاعت ، وإنّ اللّه قد أعزّ الإسلام وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل على نبيّه صلى الله عليه وسلم يردّ على ما قلنا { وأنفقوا في سبيل اللّه ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة } فكانت التّهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو » . ونقل الرّازيّ روايةً عن الشّافعيّ أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذكر الجنّة ، فقال له رجل : أرأيت إن قتلت في سبيل اللّه فأين أنا ؟ قال : في الجنّة ، فألقى تمراتٍ في يديه ثمّ قاتل حتّى قتل » . كذلك قال ابن العربيّ : والصّحيح عندي جوازه ، لأنّ فيه أربعة أوجهٍ : الأوّل : طلب الشّهادة . الثّاني : وجود النّكاية . الثّالث : تجرئة المسلمين عليهم . الرّابع : ضعف نفوس الأعداء ، ليروا أنّ هذا صنع واحدٍ منهم فما ظنّك بالجميع . وصرّح الحنفيّة بأنّه : إن علم أنّه إذا حارب قتل ، وإذا لم يحارب أسر لم يلزمه القتال ، لكنّه إذا قاتل حتّى قتل جاز بشرط أن ينكي فيهم . أمّا إذا علم أنّه لا ينكي فيهم فإنّه لا يحلّ له أن يحمل عليهم ، لأنّه لا يحصل بحملته شيء من إعزاز الدّين كما نقل عن محمّد بن الحسن أنّه قال : لو حمل رجل واحد على ألف رجلٍ من المشركين ، وهو وحده ، لم يكن بذلك بأس ، إذا كان يطمع في نجاةٍ أو نكايةٍ في العدوّ . ثالثاً : الانتحار لخوف إفشاء الأسرار : 12 - إذا خاف المسلم الأسر ، وعنده أسرار هامّة للمسلمين ، ويتيقّن أنّ العدوّ سوف يطّلع على هذه الأسرار ، ويحدث ضرراً بيّناً بصفوف المسلمين وبالتّالي يقتل ، فهل له أن يقتل نفسه وينتحر أو يستسلم ؟ . لم نجد في جواز الانتحار خوف إفشاء الأسرار ، ولا في عدم جوازه نصّاً صريحاً في كتب الفقه . إلاّ أنّ جمهور الفقهاء أجازوا قتال الكفّار إذا تترّسوا بالمسلمين ولو تأكّدوا أنّ المسلمين سيقتلون معهم ، بشرط أن يقصد بالرّمي الكفّار ، ويتوقّى المسلمين بقدر الإمكان ، وقيّده بعضهم بما إذا كانت الحرب قائمةً ، وعلمنا أنّنا لو كففنا عنهم ظفروا بنا أو عظمت نكايتهم فينا ، وجعلوا هذا من تطبيقات قاعدة : ( يتحمّل الضّرر الخاصّ لدفع الضّرر العامّ ) . والمعروف أنّ الفقهاء لم يجوّزوا إلقاء شخصٍ في البحر لخفّة ثقل السّفينة المشرفة للغرق ، لأجل نجاة ركّابها مهما كثر عددهم ، إلاّ ما نقل الدّسوقيّ المالكيّ عن اللّخميّ من جواز ذلك بالقرعة . أمر الشّخص لغيره بقتله : إذا قال الرّجل لآخر : اقتلني ، أو قال للقائل إن قتلتني أبرأتك ، أو قد وهبت لك دمي ، فقتله عمداً ، اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال : الأوّل : 13 - أنّ القتل في هذه الحال لا يعتبر انتحاراً ، لكن لا يجب به القصاص ، وتجب الدّية في مال القاتل . هذا هو المذهب عند الحنفيّة - ما عدا زفر - وإليه ذهب بعض الشّافعيّة ، ورواه سحنون عن مالكٍ ، ووصفه بأنّه أظهر الأقوال ، لأنّ الإباحة لا تجري في النّفوس ، وإنّما سقط القصاص للشّبهة باعتبار الإذن ، والشّبهة لا تمنع وجوب المال ، فتجب الدّية في مال القاتل لأنّه عمد ، والعاقلة لا تحمل دية العمد . وفصّل الحنفيّة في وجوب الدّية فقالوا : إن قتله بالسّيف فلا قصاص ، لأنّ الإباحة لا تجري في النّفس ، وسقط القصاص لشبهة الإذن ، وتجب الدّية في ماله ، وإن قتله بمثقلٍ فلا قصاص لكنّه تجب الدّية على العاقلة . الثّاني : 14 - أنّ القتل في هذه الحال قتل عمدٍ ، ولا يأخذ شيئاً من أحكام الانتحار ، ولهذا يجب القصاص . وهذا قول عند المالكيّة حسّنه ابن القاسم ، وهو قول عند الشّافعيّة ، وإليه ذهب زفر من الحنفيّة ، لأنّ الأمر بالقتل لم يقدح في العصمة ، لأنّ عصمة النّفوس ممّا لا تحتمل الإباحة بحالٍ ، وإذنه لا يعتبر ، لأنّ القصاص لوارثه لا له ، ولأنّه أسقط حقّاً قبل وجوبه . الثّالث : 15 - أنّ القتل في هذه الحال له حكم الانتحار ، فلا قصاص على من قتله ولا دية . وهذا مذهب الحنابلة ، والأظهر عند الشّافعيّة ، وهو رواية عند الحنفيّة ، وصحّحه القدوريّ ، وهو رواية مرجوحة في مذهب مالكٍ . أمّا سقوط القصاص فللإذن له في القتل والجناية ، ولأنّ صيغة الأمر تورث شبهةً ، والقصاص عقوبة مقدّرة تسقط بالشّبهة . وأمّا سقوط الدّية فلأنّ ضمان نفسه هو حقّ له فصار كإذنه بإتلاف ماله ، كما لو قال : اقتل دابّتي ففعل فلا ضمان إجماعاً ، فصحّ الأمر ، ولأنّ المورث أسقط الدّية أيضاً فلا تجب للورثة . وإذا كان الآمر أو الآذن مجنوناً أو صغيراً فلا يسقط إذنه شيئاً من القصاص ولا الدّية ، لأنّه لا اعتبار بإذنهما . 16 - لو قال : اقطع يدي ، فإن كان لمنع السّراية كما إذا وقعت في يده آكلة فلا بأس بقطعه اتّفاقاً . وإن كان لغير ذلك فلا يحلّ ، ولو قطع بإذنه فلم يمت من القطع فلا قصاص ولا دية على القاطع عند الجمهور ، لأنّ الأطراف يسلك بها مسلك الأموال ، فكانت قابلةً للسّقوط بالإباحة والإذن ، كما لو قال له : أتلف مالي فأتلفه . وقال المالكيّة : إن قال له : اقطع يدي ولا شيء عليك ، فله القصاص إن لم يستمرّ على الإبراء بعد القطع ، ما لم يترام به القطع حتّى مات منه ، فلوليّه القسامة والقصاص أو الدّية . 17 - ولو أمره أن يشجّه فشجّه عمداً ، ومات منها ، فلا قصاص عليه عند الجمهور ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) . واختلفوا في وجوب الدّية على الجارح : فقال الحنابلة وأبو حنيفة وهو رواية مرجوحة عند الشّافعيّة : يجب على القاتل الدّية ، لأنّ العفو عن الشّجّة لا يكون عفواً عن القتل ، فكذا الأمر : بالشّجّة لا يكون أمراً بالقتل ، وكان القياس وجوب القصاص ، إلاّ أنّه سقط لوجود الشّبهة ، فتجب الدّية . ولأنّه لمّا مات تبيّن أنّ الفعل وقع قتلاً ، والمأمور به هو القطع لا القتل . أمّا لو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فهو عفو عن النّفس . وقال الشّافعيّ في الرّاجح ، وهو ما ذهب إليه الصّاحبان من الحنفيّة : إن سرى القطع المأذون به إلى النّفس فهدر ، لأنّ القتل الحاصل من القطع والشّجّة المأذون فيهما يشبه الانتحار ، فلا يجب فيه قصاص ولا دية ، ولأنّ العفو عن الشّجّة يكون عفواً عن القتل ، فكذا الأمر بالشّجّة يكون أمراً بالقتل . ولأنّ الأصحّ ثبوت الدّية للمورث ابتداءً ، وقد أسقطها بإذنه . وما تقدّم عن المالكيّة يفيد ثبوت القصاص في هذه الحال إن لم يستمرّ على الإبراء . أمر الإنسان غيره بأن يقتل نفسه : 18 - إذا أمر الإنسان غيره - أمراً لم يصل إلى درجة الإكراه - بقتل نفسه فقتل نفسه ، فهو منتحر عند جميع الفقهاء ، ولا شيء على الآمر ، لأنّ المأمور قتل نفسه باختياره ، وقد قال اللّه تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } ومجرّد الأمر لا يؤثّر في الاختيار ولا في الرّضى ، ما لم يصل إلى درجة الإكراه التّامّ الّذي سيأتي بيانه . الإكراه على الانتحار : 19 - الإكراه هو : حمل المكره على أمرٍ يكرهه . وهو نوعان : ملجئ وغير ملجئٍ . فالملجئ : هو الإكراه الكامل ، وهو أن يكره بما يخاف على نفسه أو على تلف عضوٍ من أعضائه . وهذا النّوع يعدم الرّضى ، ويوجب الإلجاء ، ويفسد الاختيار . وغير الملجئ : هو أن يكرهه بما لا يخاف على نفسه ، ولا يوجب الإلجاء ولا يفسد الاختيار . والمراد هنا الإكراه الملجئ الّذي يعدم الرّضى ويفسد الاختيار. 20- إذا أكره إنسان غيره إكراهاً ملجئاً ليقتل المكره ، بأن قال له : اقتلني وإلاّ قتلتك ، فقتله فهو في حكم الانتحار ، حتّى لا يجب على القاتل القصاص ولا الدّية عند الجمهور ( الحنفيّة والحنابلة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة ) لأنّ المكره ( بفتح الرّاء ) كالآلة بيد المكره في الإكراه التّامّ ( الملجئ ) فينسب الفعل إلى المكره وهو المقتول ، فصار كأنّه قتل نفسه ، كما استدلّ به الحنفيّة ، ولأنّ إذن المكلّف يسقط الدّية والقصاص معاً كما قال الشّافعيّة ، فكيف إذا اشتدّ الأمر إلى درجة الإكراه الملجئ ؟ وفي قولٍ عند الشّافعيّة : تجب الدّية على المكره ، لأنّ القتل لا يباح بالإذن ، إلاّ أنّه شبهة تسقط القصاص . ولم نعثر للمالكيّة على نصٍّ في الموضوع ، وقد سبق رأيهم بوجوب القصاص على القاتل إذا أمره المقتول بالقتل . 21 -إذا أكره شخص غيره إكراهاً ملجئاً ليقتل الغير نفسه ، بأن قال له : اقتل نفسك وإلاّ قتلتك ، فليس له أن يقتل نفسه ، وإلاّ يعدّ منتحراً وآثماً ، لأنّ المكره عليه لا يختلف عن المكره به ، فكلاهما قتل ، فلأن يقتله المكره أولى من أن يقتل هو نفسه . ولأنّه يمكن أن ينجو من القتل بتراجع المكره ، أو بتغيّر الحالة بأسبابٍ أخرى ، فليس له أن ينتحر ويقتل نفسه . ويتفرّع على هذا أنّه إذا قتل نفسه فلا قصاص على المكره في الأظهر عند الشّافعيّة ، لانتفاء كونه إكراهاً حقيقةً ، لاتّحاد المأمور به والمخوّف به ، فكأنّه اختار القتل كما علّله الشّافعيّة ، لكنّه يجب على الآمر نصف الدّية ، بناءً على أنّ المكره شريك ، وسقط عنه القصاص للشّبهة بسبب مباشرة المكره قتل نفسه . وقال الحنابلة ، وهو قول عند الشّافعيّة : يجب القصاص على المكره ، إذا قتل المكره نفسه ، كما لو أكرهه على قتل غيره . ولو أكرهه على قتل نفسه بما يتضمّن تعذيباً شديداً كإحراقٍ أو تمثيلٍ إن لم يقتل نفسه ، كان إكراهاً كما جرى عليه البزّار ، ومال إليه الرّافعيّ من علماء الشّافعيّة ، وإن نازع فيه البلقينيّ . وفصّل الحنفيّة في الموضوع فقالوا : لو قال لتلقين نفسك في النّار أو من رأس الجبل أو لأقتلنّك بالسّيف ، فألقى نفسه من الجبل ، فعند أبي حنيفة تجب الدّية على عاقلة المكره ، لأنّه لو باشر بنفسه لا يجب عليه القصاص عنده ، لأنّه قتل بالمثقل ، فكذا إذا أكره عليه . وعند أبي يوسف تجب الدّية على المكره في ماله ، وعند محمّدٍ يجب القصاص ، لأنّه كالقتل بالسّيف عنده . أمّا إذا ألقى نفسه في النّار فاحترق ، فيجب القصاص على المكره عند أبي حنيفة أيضاً . هذا ، ولم نجد في المسألة نصّاً عند المالكيّة ، وانظر ( إكراه ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية