الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41043" data-attributes="member: 329"><p>ثانياً : موت أحد العاقدين أو كليهما :</p><p>15 - لا يؤثّر الموت في انفساخ جميع العقود على حدٍّ سواءٍ ، فبعض العقود يتمّ الغرض منها بعد الإيجاب والقبول فوراً ، فلا يحتاج إلى العاقدين وأهليّتهما بعد انعقادها ، كالبيع الّذي يفيد تملّك المشتري المبيع ، وتملّك البائع الثّمن فور إنشائه إن لم يكن مقروناً بالخيار فإذا مات أحد العاقدين أو كلاهما بعد إتمام العقد وانتقال ملكيّة البدلين لا ينفسخ العقد وعلى عكس ذلك ينتهي عقد النّكاح بموت أحد العاقدين ، لأنّ الغرض منه دوام العشرة وقد زال بالموت . وهذا ممّا اتّفق الفقهاء عليه .</p><p> وهناك عقود اختلف الفقهاء في انفساخها بالموت ، كعقد الإجارة والمزارعة والمساقاة ، وعقود أخرى اتّفقوا على انفساخها بالموت في الجملة ولكنّهم اختلفوا في تكييف انفساخها وتعليله ، كعقود العاريّة الوديعة والشّركة ، وتفصيل ذلك فيما يأتي :</p><p>أ - انفساخ العقود اللّازمة :</p><p>16 - العقود اللّازمة هو ما لا يستبدّ أحد العاقدين بفسخها ، كالبيع والإجارة والصّلح ونحوها . وبعض هذه العقود لا يحتاج إلى امتداد الزّمن ، فلا أثر للموت في انفساخها بعد تمامها ، كعقد البيع ، فإنّه لا ينفسخ بوفاة البائع أو المشتري بعد ما تمّ العقد بينهما ، ويقوم الورثة مقام المورّث فيما نشأ من آثار العقد . </p><p>وهناك نوع آخر من العقود اللّازمة يتوقّف آثارها على مرور الزّمن ، كعقد الإجارة ، وفي انفساخ عقد الإجارة بموت أحد العاقدين أو كليهما خلاف بين الفقهاء : </p><p>فجمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) على أنّ عقد الإجارة لا ينفسخ بموت العاقدين أو أحدهما ، بل تبقى إلى انقضاء المدّة ، لأنّها عقد لازم ، فلا ينفسخ بالموت ، كعقد البيع . ويخلف المستأجر وارثه في استيفاء المنفعة . وهذا في الجملة مع خلافٍ بينهم في بعض الفروع سيأتي ذكره . وقال الحنفيّة : إنّ الإجارة تنفسخ بموت أحد العاقدين إن عقدها لنفسه ، لأنّها عقد على المنفعة وهي تحدث شيئاً فشيئاً ، فتنعقد الإجارة بحدوثها شيئاً فشيئاً ، فلا تبقى بدون العاقد . وإن عقدها لغيره لم تنفسخ كالوصيّ والوليّ وقيّم الوقف ، ولأنّ من وقع عليه الموت إن كان هو المؤجّر فالعقد يقتضي استيفاء المنافع من ملكه ، ولو بقي بعد موته لاستوفيت المنافع من ملك غيره ، وهذا خلاف مقتضى العقد ، وإن كان هو المستأجر فالعقد يقتضي استحقاق الأجرة من ماله ، ولو بقي العقد بعد موته لاستحقّت الأجرة من مال غيره ، وهذا خلاف مقتضى العقد . بخلاف ما إذا مات من لم يقع له العقد كالوكيل ونحوه ، لأنّه لا يقتضي استحقاق المنافع ولا استحقاق الأجرة من ملكه ، فإبقاء العقد بعد موته لا يوجب تغيير موجب العقد . وأصل الخلاف يرجع إلى تكييف الإجارة في نقل المنافع . فالجمهور على أنّ الإجارة إذا تمّت وكانت على مدّةٍ معيّنةٍ ملك المستأجر المنافع المعقود عليها إلى المدّة ، ويكون حدوثها على ملكه . وكذلك المؤجّر يملك الأجرة بمجرّد العقد عند الشّافعيّة والحنابلة إذا لم يشترط فيها التّأجيل ، كما يملك البائع الثّمن بالبيع . فإذا مات أحد العاقدين بعد تمام العقد وقبل انقضاء المدّة يقوم الورثة مقام المتوفّى ولا ينفسخ العقد . وقال الحنفيّة : إلى المعقود عليه في الإجارة المنفعة ، والأجرة تستحقّ باستيفائها أو باشتراط التّعجيل . ولا يمكن استيفاء المنفعة لدى العقد ، لأنّها تحدث شيئاً فشيئاً ، وهي عقد معاوضةٍ ، فتقتضي المساواة فلا تجب الأجرة بنفس العقد ، فإذا استوفى المعقود عليه استحقّ الأجرة عملاً بالمساواة . وقول الجمهور بعدم انفساخ عقد الإجارة بموت العاقدين لا يعني أنّهم يخالفون في الانفساخ في جميع الحالات . فقد صرّحوا : أنّ عقد الإجارة ينفسخ بموت الأجير المعيّن ، وبموت المرضعة ، وموت الصّبيّ المستأجر لتعليمه وعلى رضاعه . وقد نقل عن الشّافعيّة في موت الصّبيّ المتعلّم أو المرتضع قول آخر بعدم الانفساخ .</p><p>ب - الانفساخ بالموت في العقود غير اللّازمة :</p><p>17 - العقود غير اللّازمة ( الجائزة ) هي ما يستبدّ أحد العاقدين بفسخها كالعاريّة والوكالة والشّركة الوديعة ونحوها . </p><p>وهذه العقود تنفسخ بوفاة أحد العاقدين أو كليهما ، لأنّها عقود جائزة يجوز لكلّ واحدٍ من الطّرفين فسخها في حياته ، فإذا ما توفّي فقد ذهبت إرادته ، وانتهت رغبته ، فبطلت آثار هذه العقود الّتي كانت تستمرّ باستمرار إرادة العاقدين ، وهذا الحكم متّفق عليه بين الفقهاء في الجملة . فعقد الإعارة ينفسخ بموت المعير أو المستعير عند جمهور الفقهاء : ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) ، لأنّها عقد على المنافع ، وهي تحدث شيئاً فشيئاً ، فيتجدّد العقد حسب حدوث المنافع ، ولا يمكن ذلك بعد وفاة أحد العاقدين ، كما علّله الحنفيّة ، ولأنّ العاريّة إباحة المنافع ، وهي تحتاج إلى الإذن ، وقد بطل بالموت ، فانفسخت الإعارة ، كما علّله الشّافعيّة والحنابلة . </p><p>أمّا المالكيّة فالعاريّة عندهم عقد لازم ، إذا كانت مقيّدةً بأجلٍ أو عملٍ ، فلا تنفسخ بموت المعير أو المستعير ، وتدوم إلى أن تتمّ المدّة ، أمّا إذا كانت العاريّة مطلقةً ففي انفساخها عند المالكيّة روايتان ظاهرهما عدم الانفساخ إلى العمل أو الزّمن المعتاد . </p><p>وكذلك عقد الوكالة ينفسخ بموت الوكيل أو الموكّل عند عامّة الفقهاء ، لأنّها عقد جائز ينفسخ بالعزل ، والموت في حكم عزل الوكيل . وإذا مات الوكيل زالت أهليّته للتّصرّف ، وإذا مات الموكّل زالت صلاحيّته بتفويض الأمر إلى الوكيل فتبطل الوكالة . </p><p>هذا ولا يشترط جمهور الفقهاء في انفساخ الوكالة علم الوكيل بموت الموكّل . واشترط بعض المالكيّة ( وهو رواية عند الحنابلة ) علم الوكيل بموت الموكّل في انفساخ الوكالة كما ذكره ابن رشدٍ . وهكذا الحكم في سائر العقود الجائزة كعقد الشّركة ، الوديعة وغيرهما تنفسخ بموت أحد العاقدين على تفصيلٍ في بعض الفروع يرجع إليها في مواضعها . </p><p>هذا ، وهناك عقود أخرى تعتبر لازمةً من جانب أحد العاقدين ، جائزةً من جانب العاقد الآخر ، كعقد الكفالة ، فهي لازمة من ناحية الكفيل الّذي لا يستبدّ بفسخها ، دون إذن المكفول له ، لكنّها جائزة من جانب المكفول له يستبدّ بفسخها . وكعقد الرّهن ، فهو لازم من قبل الرّاهن ، جائز من قبل المرتهن الّذي يستطيع فسخه بدون إذن الرّاهن .</p><p>وفيما يلي أثر الموت في انفساخ هذين العقدين : </p><p>أثر الموت في انفساخ عقد الكفالة :</p><p>18 - موت الكفيل أو المكفول لا تنفسخ به الكفالة ، ولا يمنع مطالبة المكفول له بالدّين ، فإذا مات الكفيل أو المكفول يحلّ الدّين المؤجّل على الميّت عند الجمهور ( الحنفيّة والمالكيّة ، والشّافعيّة ) وهو رواية عند الحنابلة ، تحصّل الدّين من تركة المتوفّى ، ولو ماتا خيّر الطّالب في أخذه من أيّ التّركتين . ولو مات المكفول له يحلّ الورثة محلّه في المطالبة . وفي روايةٍ أخرى عند الحنابلة لا يحلّ الدّين المؤجّل بموت الكفيل أو المكفول ، ويبقى مؤجّلاً كما هو .</p><p>أثر الموت في انفساخ عقد الرّهن :</p><p>19 - اتّفق الفقهاء على أنّ عقد الرّهن لا ينفسخ بموت أحد العاقدين بعد قبض المرهون ، فإذا مات الرّاهن أو المرهن يقوم الورثة مقام المتوفّى ، وتبقى العين المرهونة تحت يد المرتهن أو ورثته ، ولا سبيل إلى خلاص الرّهن إلاّ بقضاء الدّين أو إبراء من له الحقّ . والمرتهن أحقّ بالرّهن وبثمنه إن بيع في حياة الرّاهن أو بعد وفاته . وعقد الرّهن قبل قبض المرهون عقد غير لازمٍ عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) وكان المفروض أن ينفسخ بموت أحد العاقدين كسائر العقود الجائزة ، إلاّ أنّهم اختلفوا في انفساخه قبل القبض : فقال الحنابلة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - لا ينفسخ بموت أحد العاقدين . فإن مات المرتهن قام وارثه مقامه في القبض ، لكن إن مات الرّاهن لم يلزم ورثته الإقباض . وقال الحنفيّة : وهي الرّواية الثّانية عند الشّافعيّة - إنّ عقد الرّهن ينفسخ بموت أحد العاقدين قبل القبض ، لأنّه عقد جائز . </p><p>أمّا المالكيّة فصرّحوا بأنّ الرّهن يلزم بالعقد ، ويجبر الرّاهن على التّسليم ، إلاّ أن يتراخى المرتهن عن المطالبة ، وعلى ذلك فلا ينفسخ بوفاة المرتهن ، ويقوم ورثته مقام مورّثهم في مطالبة المدين وقبض المرهون ، لكنّهم نصّوا على أنّ الرّهن ينفسخ بموت الرّاهن وفلسه قبل حوزه ولو جدّ فيه .</p><p>أثر تغيّر الأهليّة في انفساخ العقود :</p><p>20 - الأهليّة : صلاحيّة الإنسان لوجوب الحقوق له وعليه ، ولصدور الفعل منه على وجهٍ يعتدّ به شرعاً . وتعرض للأهليّة أمور تغيّرها وتحدّدها فتتغيّر بها الأحكام الشّرعيّة ، كما سيأتي في الملحق الأصوليّ . وتغيّر الأهليّة بما يعرض من بعض العوارض ، كالجنون أو الإغماء أو الارتداد ونحوها ، له أثر في انفساخ بعض العقود ، فقد صرّح جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) أنّ العقود الجائزة : مثل المضاربة ، والشّركة ، والوكالة ، الوديعة ، والعاريّة ، تنفسخ بجنون أحد العاقدين أو كليهما . </p><p>أمّا المالكيّة فعقد المضاربة عندهم عقد لازم بعد الشّروع في العمل ولهذا يورث ، وكذلك عقد العاريّة إذا كانت مقيّدةً بأجلٍ أو عملٍ ، فلا ينفسخان بالجنون . </p><p>أمّا في عقد الوكالة فقد صرّح المالكيّة أنّ جنون الوكيل لا يوجب عزله إن برأ ، وكذا جنون الموكّل وإن لم يبرأ ، فإن طال نظر السّلطان في أمره . ويفهم من ذلك حكم الشّركة ، لأنّ الشّريك يعتبر وكيلاً عن صاحبه في تصرّفاته الّتي يقوم بها عنه ، وكلاهما من العقود غير اللّازمة ( الجائزة ) . أمّا العقود اللّازمة كالبيع والإجارة ، فلا تنفسخ بالجنون بعد تمامها عند عامّة الفقهاء . حتّى إنّ الحنفيّة الّذين يقولون بانفساخ الإجارة بالموت ، لأنّها عقد على المنافع - وهي تحدث شيئاً فشيئاً - صرّحوا بعدم انفساخها بالجنون ، ففي الفتاوى الهنديّة : الإجارة لا تنفسخ بجنون الآجر أو المستأجر ولا بارتدادهما ، وإذا ارتدّ الآجر أو المستأجر في مدّة الإجارة ولحق بدار الحرب وقضى القاضي بلحاقه بطلت الإجارة ، وإن عاد مسلماً إلى دار الإسلام في مدّة الإجارة عادت الإجارة . </p><p>ولعلّ دليل التّفرقة بين انفساخ الإجارة بالموت وعدم انفساخها بالجنون عند الحنفيّة هو أنّ الموت سبب نقل الملكيّة ، فلو أبقينا العقد لاستوفيت المنافع أو الأجرة من ملك الغير ( الورثة ) وهذا خلاف مقتضى العقد ، بخلاف الجنون ، لأنّه ليس سبباً لانتقال الملكيّة ، فبقاء الإجارة لأنّ استيفاء المنافع والأجرة من ملك العاقدين . </p><p>21 - ومن العقود اللّازمة الّتي لا تنفسخ تلقائيّاً بالجنون عقد النّكاح ، لكنّه يعتبر عيباً يثبت به الخيار في فسخ العقد في الجملة عند جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) ر ( نكاح . فسخ ) .</p><p>22 - وردّة أحد الزّوجين موجبة لانفساخ عقد النّكاح عند عامّة الفقهاء . بدليل قوله تعالى : { لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ } ، وقوله سبحانه : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } . فإذا ارتدّ أحدهما وكان ذلك قبل الدّخول انفسخ النّكاح في الحال ولم يرث أحدهما الآخر ، وإن كان بعد الدّخول قال الشّافعيّة - وهو رواية عند الحنابلة - حيل بينهما إلى انقضاء العدّة ، فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي العدّة فالعصمة باقية ، وإن لم يرجع إلى الإسلام انفسخ النّكاح بلا طلاقٍ . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ، وهو رواية عند الحنابلة : إنّ ارتداد أحد الزّوجين فسخ عاجل بلا قضاءٍ فلا ينقص عدد الطّلاق ، سواء أكان قبل الدّخول أم بعده . وقال المالكيّة ، وهو قول محمّدٍ من الحنفيّة : إذا ارتدّ أحد الزّوجين انفسخ النّكاح بطلاقٍ بائنٍ . أمّا إذا أسلم أحد الزّوجين وتخلّف الآخر - ما لم يكن المتخلّف زوجةً كتابيّةً - حتّى انقضت عدّة المرأة انفسخ النّكاح في قول الجمهور ، سواء أكانا بدار الإسلام أم بدار الحرب . وذهب الحنفيّة إلى أنّه إن كان المتخلّف عن الإسلام بدار الحرب فالحكم كذلك ، أمّا إن كان بدار الإسلام فلا بدّ من عرض الإسلام عليه ، فإن أسلم وإلاّ فرّق بينهما . </p><p>وهل يعتبر هذا الانفساخ طلاقاً أم لا ؟ اختلفوا فيه : فعند أبي حنيفة ومحمّدٍ – وهو رواية عند المالكيّة- إذا امتنع الزّوج عن الإسلام يعتبر هذا التّفريق طلاقاً ينقص العدد ، بخلاف ما إذا امتنعت المرأة عن الإسلام حيث يعتبر التّفريق فسخاً ، لأنّها لا تملك الطّلاق . </p><p>وذهب الجمهور ( الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة في المشهور وأبو يوسف من الحنفيّة ) إلى أنّه فسخ لا طلاق في كلتا الحالتين .</p><p>أثر تعذّر أو تعسّر تنفيذ العقد :</p><p>23 - المراد بذلك صعوبة دوام العقد ، وهو أعمّ من التّلف ، فيشمل الضّياع والمرض والغصب وغير ذلك . وهذا يكون بأمورٍ ، منها هلاك محلّ العقد ، وقد تقدّم الكلام عليه ، ومنها الاستحقاق وبيانه فيما يلي : </p><p>أثر الاستحقاق في الانفساخ :</p><p>24 - الاستحقاق : ظهور كون الشّيء حقّاً واجباً للغير ، فإذا بيع أو استؤجر شيء ثمّ ظهر بالبيّنة أنّه حقّ لغير البائع أو المؤجّر فهل ينفسخ العقد ؟ . </p><p>صرّح الحنفيّة أنّ الحكم بالاستحقاق لا يوجب فسخ العقد ، بل يوجب توقّفه على إجازة المستحقّ . فإذا لم يجز المستحقّ العقد ، أو رجع المشتري على بائعه بالثّمن ، أو طلب المشتري من القاضي أن يحكم على البائع بدفع الثّمن ، فحكم له بذلك ينفسخ العقد فيأخذ المستحقّ المبيع ، ويستردّ المشتري الثّمن من البائع . </p><p>وانفساخ البيع باستحقاق المبيع هو ما ذهب إليه المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . </p><p>هذا إذا كان الاستحقاق قد ثبت بالبيّنة اتّفاقاً ، وكذلك إذا ثبت بإقرار المشتري ، أو نكوله عند بعض الفقهاء . وهذا إذا استحقّ كلّ المبيع . أمّا إذا استحقّ بعض المبيع ، فقيل : ينفسخ العقد في الكلّ ، وقيل : ينفسخ في الجزء المستحقّ فقط ، وقيل : يخيّر المشتري بين فسخ العقد في الجميع وبين فسخه في البعض المستحقّ . </p><p>وبعضهم فصّلوا بين ما إذا كان الجزء المستحقّ معيّناً أو مشاعاً . </p><p>هذا ، وللاستحقاق أثر في انفساخ عقد الإجارة والرّهن والهبة وعقد المساقاة وغيرها ممّا فصّله الفقهاء في مواضعه . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( استحقاق ) .</p><p> ثالثاً - الغصب :</p><p>25 - غصب محلّ العقد يوجب الانفساخ في بعض العقود ففي عقد الإجارة مثلاً صرّح الحنفيّة : أن لو غصبت العين المستأجرة من يد المستأجر سقط الأجر كلّه فيما إذا غصبت في جميع المدّة . وإن غصبت في بعضها سقط بحسابها لزوال التّمكّن من الانتفاع . وتنفسخ الإجارة بالغصب في المشهور عند الحنفيّة ، خلافاً لقاضي خان . فلو زال الغصب قبل نهاية المدّة لا تعود الإجارة على المشهور ، وتعود على قول قاضي خان فيستوفي باقي المدّة . وألحق المالكيّة الغصب بتلف المحلّ فحكموا بانفساخ العقد به . فقد صرّحوا أنّ الإجارة تنفسخ بتعذّر ما يستوفي من المنفعة ، والتّعذّر أعمّ من التّلف ، فيشمل الضّياع والمرض والغصب وغلق الحوانيت قهراً وغير ذلك . </p><p>أمّا الشّافعيّة والحنابلة فقالوا : إن غصبت العين المستأجرة فللمستأجر الفسخ ، لأنّ فيه تأخير حقّه ، فإن فسخ فالحكم فيه كما لو انفسخ ، وإن لم يفسخ حتّى انقضت مدّة الإجارة فله الخيار بين الفسخ والرّجوع بالمسمّى ، وبين البقاء على العقد ومطالبة الغاصب بأجر المثل . ولمعرفة تأثير الغصب في انفساخ العقود الأخرى يرجع إلى هذه العقود وإلى مصطلح ( غصب ) .</p><p>26 - هذا وهناك أنواع أخرى من التّعذّر توجب انفساخ العقد ، أو تعطي للعاقد خيار الفسخ ، منها ما يلي : </p><p>أوّلاً : عجز العاقد عن المضيّ في موجب العقد شرعاً ، بأن كان المضيّ فيه حراماً ، كما إذا استأجر شخصاً على قلع الضّرس إذا اشتكت ثمّ سكنت ، أو على قطع اليد المتآكلة إذا برأت ، أو استيفاء القصاص إذا سقط بالعفو ، ففي هذه الحالات تنفسخ الإجارة بنفسها .</p><p>ثانياً : تضمّن الضّرر بأن كان المضيّ في موجب العقد غير ممكنٍ إلاّ بتحمّل ضررٍ زائدٍ لم يستحقّ بالعقد ، كما إذا استأجر الطّبّاخ للوليمة ثمّ خالع المرأة ، أو استأجر دابّةً ليسافر عليها ففاته وقت الحجّ أو مرض ، أو استأجر ظئراً فحبلت ، ففي هذه الصّور وأمثالها اختلف الفقهاء بين قائلٍ بانفساخ العقد بنفسه ، وقائلٍ باستحقاق المستأجر الخيار في الفسخ .</p><p>ثالثاً : زوال المنفعة المعقود عليها ، كدارٍ انهدمت وأرضٍ غرقت وانقطع ماؤها . فهذه الصّور إن لم يبق فيها نفع أصلاً فهي كالتّالفة ينفسخ بها العقد ، كما سبق . وإن بقي فيها نفع غير ما استأجرها له ، مثل أن يمكنه الانتفاع بعرصة الدّار ، والأرض بوضع حطبٍ فيها ، أو نصب خيمةٍ في أرضٍ استأجرها للزّراعة ، انفسخ العقد فيهما عند البعض لزوال الاسم ، ولأنّ المنفعة الّتي وقع عليها العقد تلفت ، ولا تنفسخ عند الآخرين ، لأنّ المنفعة لم تبطل جملةً ، فأشبه ما لو نقص نفعها مع بقائها . فعلى هذا يخيّر المستأجر بين الفسخ والإمضاء .</p><p>الانفساخ في الجزء وأثره في الكلّ :</p><p>27 - انفساخ العقد في جزءٍ من المعقود عليه بسببٍ من الأسباب يؤدّي في بعض الأحوال إلى الانفساخ في المعقود عليه كلّه . </p><p>وهذا إن لم يكن الجزء الّذي ينفسخ فيه العقد قد قدّر نصيبه من العوض ، أو كان في تجزئة العقد ضرر بيّن لأحد العاقدين ، أو يجمع في عقدٍ واحدٍ بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز .</p><p> وهذا ما يعبّر عنه الفقهاء بتفريق الصّفقة . فإذا جمع في العقد ما يجوز عليه وما لا يجوز يبطل فيما لا يجوز بغير خلافٍ . وهل يبطل في الباقي ، يختلف ذلك باختلاف العقود ، وإمكان التّجزئة والاجتناب عن إلحاق الضّرر بأحد الطّرفين . وفي ذلك خلاف وتفصيل يرجع إليه في مصطلح : ( تفريق الصّفقة ) . </p><p>28 - ومن هذا القبيل ما ذكر الفقهاء من المسائل الآتية :</p><p>أ - إن وقع العقد على مكيلٍ أو موزونٍ فتلف بعضه قبل قبضه لم ينفسخ العقد في الباقي ، ويأخذ المشتري الباقي بحصّته من الثّمن ، لأنّ العقد وقع صحيحاً ، فذهاب بعض المعقود عليه لا يفسخه ، لإمكان تبعيضه مع عدم إلحاق الضّرر بأحد الجانبين ، كما صرّح به الحنفيّة والحنابلة .</p><p>ب - وفي القواعد لابن رجبٍ الحنبليّ أنّه : إذا طرأ ما يقتضي تحريم إحدى المرأتين بعينها ، كردّةٍ ورضاعٍ اختصّت بانفساخ النّكاح وحدها بغير خلافٍ . وإن طرأ ما يقتضي تحريم الجمع بينهما ، فإن لم يكن لإحداهما مزيّة ، بأن صارتا أمّاً وبنتاً بالارتضاع ، ففي ذلك روايتان : أصحّهما يختصّ الانفساخ بالأمّ وحدها إذا لم يدخل بهما ، لأنّ الاستدامة أقوى من الابتداء ، فهو كمن أسلم على أمٍّ وبنتٍ لم يدخل بهما ، فإنّه يثبت نكاح البنت دون الأمّ .</p><p>ج - سبق أنّ مذهب الحنفيّة انفساخ عقد الإجارة بموت أحد العاقدين أو كليهما . فإذا أجّر رجلان داراً من رجلٍ ثمّ مات أحد المؤجّرين فإنّ الإجارة تبطل ( تنفسخ ) في نصيبه فقط ، وتبقى بالنّسبة لنصيب الحيّ على حالها . وكذا إذا مات أحد المستأجرين . ولو استأجر دارين فسقطت إحداهما فله أن يتركهما ، لأنّ العقد عليهما صفقةً واحدةً ، وقد تفرّقت ، فيثبت له الخيار .</p><p>د - لو باع دابّتين فتلفت إحداهما قبل قبضها انفسخ البيع فيما تلف كما هو معلوم . أمّا فيما لم يتلف فقد صرّح الحنفيّة ، وهو المذهب عند الشّافعيّة : أنّه لا ينفسخ وإن لم يقبض ، بل يتخيّر المشتري بين الفسخ والإجازة ، فإن أجازه فبحصّته من المسمّى ، وفي قولٍ عند الشّافعيّة بجميع الثّمن ، وينفسخ في الجميع عندهم في أحد القولين .</p><p>هـ - لو استحقّ بعض المبيع انفسخ العقد كلّه في قولٍ عند الشّافعيّة ، وهو رواية عند الحنابلة كما ذهب إليه المالكيّة إذا كان الجزء المستحقّ هو الأكثر وينفسخ العقد في الجزء المستحقّ وحده في قولٍ آخر عند الشّافعيّة ، وهو ما ذهب إليه الحنفيّة إذا كان الاستحقاق بعد القبض وكان المبيع ممّا لا يضرّ تبعيضه ، كما إذا اشترى ثوبين فاستحقّ أحدهما . وذهب بعض الفقهاء إلى ثبوت الخيار للمشتري بين الفسخ في الكلّ وبين الإمضاء في الباقي على تفصيلٍ ينظر في مصطلح : ( استحقاق ) .</p><p> آثار الانفساخ :</p><p>29 - آثار الانفساخ تختلف باختلاف العقود واختلاف أسباب الانفساخ ، وطبيعة المعقود عليه ، وهل هو باقٍ على حاله أم طرأ عليه التّغيير من الزّيادة أو النّقصان وغير ذلك . فلا تجمعها قواعد كلّيّة وأحكام شاملة ؟ . </p><p>وما أجمله الفقهاء من بعض الآثار في أنواعٍ خاصّةٍ من العقود ، لا يخلو عن استثناءاتٍ حسب طبيعة هذه العقود وما يؤثّر على انفساخها من عوامل ، وفيما يلي تفصيل بعض هذه الآثار .</p><p>أوّلاً : إعادة الطّرفين إلى ما قبل العقد :</p><p>أ - في العقود الفوريّة :</p><p>30 - ذكر الفقهاء في أكثر من موضعٍ أنّ الانفساخ يجعل العقد كأن لم يكن . وهذا صحيح في الجملة في العقود الفوريّة ( الّتي لا تتعلّق بمدّةٍ ) فعقد البيع مثلاً إذا انفسخ بسبب هلاك المبيع قبل القبض يرفع العقد من الأصل ويكون كأن لم يبعه أصلاً ، فيرجع المشتري على البائع بالثّمن إذا سلّمه إيّاه ، لأنّ الضّمان قبل قبض المبيع يكون على البائع على تفصيلٍ بين المنقول والعقار كما تقدّم .</p><p>ب - في العقود المستمرّة :</p><p>31 - أمّا الانفساخ في العقود المستمرّة ( الّتي تتعلّق بالمدّة ) فإنّه يرفع العقد من حينه قطعاً ، لا من أصله . ففي عقد الإجارة مثلاً ، صرّح الفقهاء أنّ المعقود عليه - الأجير المعيّن والدّابّة المعيّنة - إذا تلف ينفسخ العقد في الزّمان المستقبل لا في الزّمان الماضي ، فيلزمه أجرة ما مضى بحسابه ، وما لم يحصل فلا شيء عليه فيه . وكذلك الحكم في عقود العاريّة والشّركة ، والمضاربة والوكالة ونحوها ، إذا انفسخت فالانفساخ فيها يرفع العقد من حينه لا من أصله . وهذا في الجملة وتفصيله في مصطلحاتها .</p><p>ثانياً : أثر تغيير المحلّ قبل الانفساخ :</p><p>32 - انفساخ العقد يوجب زوال أثر العقد وردّ المعقود عليه إلى من كان له قبل العقد . فإذا كان قائماً ولم يتغيّر يردّ بعينه كالمبيع إذا انفسخ البيع بسبب الفساد أو الإقالة أو الخيار أو الاستحقاق ونحوها . ففي هذه الحالات وأمثالها تردّ العين المعقود عليها إلى صاحبها الأصليّ ، ويستردّ المشتري الثّمن من البائع . وكذلك إذا انفسخت الإجارة بموت أحد العاقدين أو بالاستحقاق أو بانتهاء المدّة ، فتردّ العين المأجورة إلى صاحبها ، إذا كانت قائمةً ولم تتغيّر . وهكذا الحكم في عقود الإيداع والإعارة والرّهن إذا انفسخت تردّ الوديعة والمعار والمرهون إلى أصحابها بعينها إذا كانت قائمةً . </p><p>33 - أمّا لو تغيّر المعقود عليه بأن زاد المبيع مثلاً فالحكم يختلف باختلاف سبب الانفساخ ، ففي انفساخ البيع بسبب الفساد ، إن كانت الزّيادة في المبيع منفصلةً عنه كالثّمرة واللّبن والولد ، أو متّصلةً متولّدةً من الأصل ، فإنّ هذا لا يمنع من ردّ أصل المبيع مع الزّيادة إلى البائع عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) . </p><p>ولو حصل التّغيّر بنقصان المبيع بيعاً فاسداً يردّ المبيع مع أرش النّقصان عند الجمهور خلافاً للمالكيّة ، فإنّ التّغيّر بالزّيادة أو النّقصان يعتبر تفويتاً للمبيع عندهم . </p><p>34 - وفي عقد الإجارة إذا تغيّر المأجور قبل الانفساخ ثمّ انفسخت الإجارة ، فإن كان التّغيّر بالنّقصان وبتقصيرٍ من المستأجر يلزمه ردّ المأجور مع أرش النّقصان . </p><p>وإن كان بالزّيادة كالغرس والبناء في الأرض وقد تمّت مدّة الإجارة ، فعلى المستأجر قلع الغرس وهدم البناء عند الحنفيّة والمالكيّة ، إلاّ إذا رضيا بدفع قيمة الغرس والبناء عند الحنفيّة ، ويخيّر المالك بين تملّك الغرس والبناء بقيمته ، أو تركه بأجرته عند الحنابلة والشّافعيّة . أمّا إذا كان التّغيّر في العين المستأجرة بالزّراعة وانفسخت الإجارة بانقضاء المدّة قبل أن يحين وقت حصادها ، فليس للمؤجّر إجبار المستأجر على تسليم الأرض المستأجرة له ، بل تترك بيد المستأجر إلى وقت الحصاد بأجر المثل . وهكذا الحكم في العاريّة ، لأنّهم صرّحوا أنّه ( إذا استعار أرضاً للزّراعة فزرعها ثمّ أراد صاحب الأرض أن يأخذها لم يكن له ذلك حتّى يحصد الزّرع ، بل يترك إلى وقت الحصاد بأجر المثل ) . ولا خلاف في أصل هذا الحكم بين الفقهاء . إلاّ أنّ الشّافعيّة قيّدوه بأن لا يكون تأخّر الزّرع بتقصير المستأجر أو المستعير . والحنابلة قيّدوه بأن لا يكون ذلك بتفريطهما .</p><p>ثالثاً : ضمان الخسارة النّاشئة عن الانفساخ :</p><p>35 - إذا انفسخ العقد بالتّلف ، كأن تلف المبيع قبل القبض ، أو تلفت العين المستأجرة بيد المستأجر فضمانها على البائع أو المؤجّر ، لأنّ الهالك من تبعة المالك ، وهذا باتّفاق الفقهاء في الإجارة ، أمّا في البيع فهناك تفصيل وخلاف يرجع إليه في ( بيع ) . </p><p>وإذا كان ذلك بالإتلاف والتّعدّي فضمانها على من أتلفها . </p><p>ففي عقد البيع مثلاً إتلاف المشتري للمبيع يعتبر قبضاً ، فالملك له والضّمان عليه . </p><p>وفي الإجارة يضمن المستأجر كلّ تلفٍ أو نقصٍ يطرأ على المأجور بفعلٍ غير مأذونٍ به . </p><p>والأصل أنّ المعقود عليه بعد انفساخ العقد أمانة بيد العاقد غير المالك . فالمبيع والمأجور الوديعة والعاريّة والمرهون ونحوها على خلافٍ فيها ، كلّها أمانة بعد الانفساخ بيد العاقد غير المالك إلاّ إذا امتنع عن تسليمها لأصحابها بدون عذرٍ . فإذا تلفت بغير تعدٍّ أو تقصيرٍ فلا ضمان فيه ، وإلاّ ففيه الضّمان . والمراد بالضّمان أداء المثل في المثليّات وأداء القيمة في القيميّات . وهذا كلّه في الجملة ، وتفصيله في مصطلح : ( ضمان ) .</p><p></p><p>انفصال *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الانفصال لغةً : الانقطاع ، يقال : فصل الشّيء فانفصل أي قطعه فانقطع ، فهو مطاوع فصل ، وهو ضدّ الاتّصال . والانفصال هو الانقطاع الظّاهر ، والانقطاع يكون ظاهراً وخافياً ، وهذا من حيث اللّغة . ولا يخرج استعمال الفقهاء عن المعنى اللّغويّ .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - البينونة :</p><p>2 - البينونة تأتي بمعنى الانفصال ، وكثرت على ألسنة الفقهاء في الطّلاق غير الرّجعيّ . </p><p>الحكم الإجماليّ، ومواطن البحث :</p><p>4 - الأجزاء الّتي تنفصل من البدن تارةً تبقى لها الأحكام المتعلّقة بها قبل الانفصال ، وتارةً تتغيّر ، فالأوّل نحو كلّ عضوٍ يحرم النّظر إليه قبل الانفصال فإنّه يحرم النّظر إليه بعد الانفصال . فأجزاء العورة لا فرق في حرمة النّظر إليها قبل الانفصال وبعده ، على خلافٍ وتفصيلٍ ينظر في أحكام النّظر من باب الحظر والإباحة .</p><p>5- وممّا يتغيّر حكمه بالانفصال استدخال المرأة الذّكر المقطوع ، فلا حدّ فيه ، وإن حرم ذلك الفعل .</p><p>6- وما انفصل من أجزاء الميّت أخذ حكمه عند البعض ، يغسّل ويصلّى عليه ، ويدفن ، لإجماع الصّحابة رضي الله عنهم ، قال أحمد : صلّى أبو أيّوب على رِجْلٍ ، وصلّى عمر على عظامٍ بالشّام ، وصلّى أبو عبيدة على رءوسٍ بالشّام ، روى ذلك عبد اللّه بن أحمد بإسناده ، وقال الشّافعيّ : ألقى طائر يداً بمكّة من وقعة الجمل فعرفت بالخاتم ، وكانت يد عبد الرّحمن بن عتّاب بن أسيدٍ ، فصلّى عليها أهل مكّة ، وكان ذلك بمحضرٍ من الصّحابة ، ولم يعرف من الصّحابة مخالف في ذلك . </p><p>وقال أبو حنيفة ، ومالك : إن وجد الأكثر صلّي عليه ، وإلاّ فلا ، لأنّه بعض لا يزيد على النّصف فلم يصلّ عليه ، كالّذي بان في حياة صاحبه كالشّعر والظّفر . </p><p>ولم يفرّق الحنفيّة والمالكيّة بين أجزاء الحيّ وأجزاء الميّت المنفصلة عنه ، وقال الشّافعيّة : يستحبّ لفّ ودفن ما انفصل من حيٍّ كيد سارقٍ ، وظفرٍ ، وعلقةٍ ، وشعرٍ ، واستظهر بعضهم وجوب لفّ اليد ودفنها . وتنتهي العدّة بانفصال الولد عن رحم أمّه انفصالاً كاملاً ، وفي انفصال المضغة تفصيل يذكر في ( العدّة ) .</p><p> انفصال السّقط :</p><p>7 - السّقط إن انفصل حيّاً ثمّ مات فإنّه كالكبير في التّسمية ، والإرث ، والجناية عليه ، وفي غسله وتكفينه ، والصّلاة عليه ، ودفنه ، واستثنى بعض المالكيّة من ذلك التّسمية إن مات قبل اليوم السّابع من ولادته . </p><p>وإن انفصل ميّتاً ، فإنّه لا يصلّى عليه ، لكنّه يدفن ، وفي غسله خلاف بين الفقهاء : منهم من أوجب الغسل إن نفخ فيه الرّوح ، ومنهم من كره تغسيل السّقط مطلقاً ، وبعض الفقهاء يوجب تكفينه ، والبعض يكتفي بلفّه بخرقةٍ ، ويفصّل الفقهاء ذلك في كتاب ( الجنائز ) . وتسمية من ولد ميّتاً فيها خلاف كذلك ، فالبعض يقول بالتّسمية ، والبعض يمنعها ، ويتكلّمون عن ذلك في مبحث ( العقيقة والجنائز ) . </p><p>ولا يرث من انفصل بنفسه ميّتاً باتّفاق الفقهاء ، وكذا إذا انفصل بفعلٍ عند أغلب الفقهاء لا يرث ، وقال الحنفيّة : إنّه من جملة الورثة يرث ويورث ، لأنّ الشّرع لمّا أوجب على الجاني الغرّة فقد حكم بحياته ، ويذكر الفقهاء ذلك في ( الإرث ) ، والبعض يذكره في ( الجنائز ) .</p><p>8 - وانفصال الزّوجين يكون بواحدٍ من ثلاثة أمورٍ ، الفسخ أو الانفساخ ، والطّلاق ، والموت .</p><p>9 - وانفصال المستثنى عن المستثنى منه زمناً طويلاً في صيغ الإقرار واليمين ونحوهما يبطل الاستثناء ، وقيل يصحّ التّأخير ما دام المجلس ، ويتكلّم الأصوليّون عن ذلك في شرائط الاستثناء ، والفقهاء في الإقرار ، والطّلاق غالباً . </p><p>وبالإضافة إلى ما تقدّم بذكر الانفصال في الغسل ، والبيع - الزّيادة المنفصلة - وفي الرّهن - زيادة المرهون المنفصلة ، وفي الوصيّة .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41043, member: 329"] ثانياً : موت أحد العاقدين أو كليهما : 15 - لا يؤثّر الموت في انفساخ جميع العقود على حدٍّ سواءٍ ، فبعض العقود يتمّ الغرض منها بعد الإيجاب والقبول فوراً ، فلا يحتاج إلى العاقدين وأهليّتهما بعد انعقادها ، كالبيع الّذي يفيد تملّك المشتري المبيع ، وتملّك البائع الثّمن فور إنشائه إن لم يكن مقروناً بالخيار فإذا مات أحد العاقدين أو كلاهما بعد إتمام العقد وانتقال ملكيّة البدلين لا ينفسخ العقد وعلى عكس ذلك ينتهي عقد النّكاح بموت أحد العاقدين ، لأنّ الغرض منه دوام العشرة وقد زال بالموت . وهذا ممّا اتّفق الفقهاء عليه . وهناك عقود اختلف الفقهاء في انفساخها بالموت ، كعقد الإجارة والمزارعة والمساقاة ، وعقود أخرى اتّفقوا على انفساخها بالموت في الجملة ولكنّهم اختلفوا في تكييف انفساخها وتعليله ، كعقود العاريّة الوديعة والشّركة ، وتفصيل ذلك فيما يأتي : أ - انفساخ العقود اللّازمة : 16 - العقود اللّازمة هو ما لا يستبدّ أحد العاقدين بفسخها ، كالبيع والإجارة والصّلح ونحوها . وبعض هذه العقود لا يحتاج إلى امتداد الزّمن ، فلا أثر للموت في انفساخها بعد تمامها ، كعقد البيع ، فإنّه لا ينفسخ بوفاة البائع أو المشتري بعد ما تمّ العقد بينهما ، ويقوم الورثة مقام المورّث فيما نشأ من آثار العقد . وهناك نوع آخر من العقود اللّازمة يتوقّف آثارها على مرور الزّمن ، كعقد الإجارة ، وفي انفساخ عقد الإجارة بموت أحد العاقدين أو كليهما خلاف بين الفقهاء : فجمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) على أنّ عقد الإجارة لا ينفسخ بموت العاقدين أو أحدهما ، بل تبقى إلى انقضاء المدّة ، لأنّها عقد لازم ، فلا ينفسخ بالموت ، كعقد البيع . ويخلف المستأجر وارثه في استيفاء المنفعة . وهذا في الجملة مع خلافٍ بينهم في بعض الفروع سيأتي ذكره . وقال الحنفيّة : إنّ الإجارة تنفسخ بموت أحد العاقدين إن عقدها لنفسه ، لأنّها عقد على المنفعة وهي تحدث شيئاً فشيئاً ، فتنعقد الإجارة بحدوثها شيئاً فشيئاً ، فلا تبقى بدون العاقد . وإن عقدها لغيره لم تنفسخ كالوصيّ والوليّ وقيّم الوقف ، ولأنّ من وقع عليه الموت إن كان هو المؤجّر فالعقد يقتضي استيفاء المنافع من ملكه ، ولو بقي بعد موته لاستوفيت المنافع من ملك غيره ، وهذا خلاف مقتضى العقد ، وإن كان هو المستأجر فالعقد يقتضي استحقاق الأجرة من ماله ، ولو بقي العقد بعد موته لاستحقّت الأجرة من مال غيره ، وهذا خلاف مقتضى العقد . بخلاف ما إذا مات من لم يقع له العقد كالوكيل ونحوه ، لأنّه لا يقتضي استحقاق المنافع ولا استحقاق الأجرة من ملكه ، فإبقاء العقد بعد موته لا يوجب تغيير موجب العقد . وأصل الخلاف يرجع إلى تكييف الإجارة في نقل المنافع . فالجمهور على أنّ الإجارة إذا تمّت وكانت على مدّةٍ معيّنةٍ ملك المستأجر المنافع المعقود عليها إلى المدّة ، ويكون حدوثها على ملكه . وكذلك المؤجّر يملك الأجرة بمجرّد العقد عند الشّافعيّة والحنابلة إذا لم يشترط فيها التّأجيل ، كما يملك البائع الثّمن بالبيع . فإذا مات أحد العاقدين بعد تمام العقد وقبل انقضاء المدّة يقوم الورثة مقام المتوفّى ولا ينفسخ العقد . وقال الحنفيّة : إلى المعقود عليه في الإجارة المنفعة ، والأجرة تستحقّ باستيفائها أو باشتراط التّعجيل . ولا يمكن استيفاء المنفعة لدى العقد ، لأنّها تحدث شيئاً فشيئاً ، وهي عقد معاوضةٍ ، فتقتضي المساواة فلا تجب الأجرة بنفس العقد ، فإذا استوفى المعقود عليه استحقّ الأجرة عملاً بالمساواة . وقول الجمهور بعدم انفساخ عقد الإجارة بموت العاقدين لا يعني أنّهم يخالفون في الانفساخ في جميع الحالات . فقد صرّحوا : أنّ عقد الإجارة ينفسخ بموت الأجير المعيّن ، وبموت المرضعة ، وموت الصّبيّ المستأجر لتعليمه وعلى رضاعه . وقد نقل عن الشّافعيّة في موت الصّبيّ المتعلّم أو المرتضع قول آخر بعدم الانفساخ . ب - الانفساخ بالموت في العقود غير اللّازمة : 17 - العقود غير اللّازمة ( الجائزة ) هي ما يستبدّ أحد العاقدين بفسخها كالعاريّة والوكالة والشّركة الوديعة ونحوها . وهذه العقود تنفسخ بوفاة أحد العاقدين أو كليهما ، لأنّها عقود جائزة يجوز لكلّ واحدٍ من الطّرفين فسخها في حياته ، فإذا ما توفّي فقد ذهبت إرادته ، وانتهت رغبته ، فبطلت آثار هذه العقود الّتي كانت تستمرّ باستمرار إرادة العاقدين ، وهذا الحكم متّفق عليه بين الفقهاء في الجملة . فعقد الإعارة ينفسخ بموت المعير أو المستعير عند جمهور الفقهاء : ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) ، لأنّها عقد على المنافع ، وهي تحدث شيئاً فشيئاً ، فيتجدّد العقد حسب حدوث المنافع ، ولا يمكن ذلك بعد وفاة أحد العاقدين ، كما علّله الحنفيّة ، ولأنّ العاريّة إباحة المنافع ، وهي تحتاج إلى الإذن ، وقد بطل بالموت ، فانفسخت الإعارة ، كما علّله الشّافعيّة والحنابلة . أمّا المالكيّة فالعاريّة عندهم عقد لازم ، إذا كانت مقيّدةً بأجلٍ أو عملٍ ، فلا تنفسخ بموت المعير أو المستعير ، وتدوم إلى أن تتمّ المدّة ، أمّا إذا كانت العاريّة مطلقةً ففي انفساخها عند المالكيّة روايتان ظاهرهما عدم الانفساخ إلى العمل أو الزّمن المعتاد . وكذلك عقد الوكالة ينفسخ بموت الوكيل أو الموكّل عند عامّة الفقهاء ، لأنّها عقد جائز ينفسخ بالعزل ، والموت في حكم عزل الوكيل . وإذا مات الوكيل زالت أهليّته للتّصرّف ، وإذا مات الموكّل زالت صلاحيّته بتفويض الأمر إلى الوكيل فتبطل الوكالة . هذا ولا يشترط جمهور الفقهاء في انفساخ الوكالة علم الوكيل بموت الموكّل . واشترط بعض المالكيّة ( وهو رواية عند الحنابلة ) علم الوكيل بموت الموكّل في انفساخ الوكالة كما ذكره ابن رشدٍ . وهكذا الحكم في سائر العقود الجائزة كعقد الشّركة ، الوديعة وغيرهما تنفسخ بموت أحد العاقدين على تفصيلٍ في بعض الفروع يرجع إليها في مواضعها . هذا ، وهناك عقود أخرى تعتبر لازمةً من جانب أحد العاقدين ، جائزةً من جانب العاقد الآخر ، كعقد الكفالة ، فهي لازمة من ناحية الكفيل الّذي لا يستبدّ بفسخها ، دون إذن المكفول له ، لكنّها جائزة من جانب المكفول له يستبدّ بفسخها . وكعقد الرّهن ، فهو لازم من قبل الرّاهن ، جائز من قبل المرتهن الّذي يستطيع فسخه بدون إذن الرّاهن . وفيما يلي أثر الموت في انفساخ هذين العقدين : أثر الموت في انفساخ عقد الكفالة : 18 - موت الكفيل أو المكفول لا تنفسخ به الكفالة ، ولا يمنع مطالبة المكفول له بالدّين ، فإذا مات الكفيل أو المكفول يحلّ الدّين المؤجّل على الميّت عند الجمهور ( الحنفيّة والمالكيّة ، والشّافعيّة ) وهو رواية عند الحنابلة ، تحصّل الدّين من تركة المتوفّى ، ولو ماتا خيّر الطّالب في أخذه من أيّ التّركتين . ولو مات المكفول له يحلّ الورثة محلّه في المطالبة . وفي روايةٍ أخرى عند الحنابلة لا يحلّ الدّين المؤجّل بموت الكفيل أو المكفول ، ويبقى مؤجّلاً كما هو . أثر الموت في انفساخ عقد الرّهن : 19 - اتّفق الفقهاء على أنّ عقد الرّهن لا ينفسخ بموت أحد العاقدين بعد قبض المرهون ، فإذا مات الرّاهن أو المرهن يقوم الورثة مقام المتوفّى ، وتبقى العين المرهونة تحت يد المرتهن أو ورثته ، ولا سبيل إلى خلاص الرّهن إلاّ بقضاء الدّين أو إبراء من له الحقّ . والمرتهن أحقّ بالرّهن وبثمنه إن بيع في حياة الرّاهن أو بعد وفاته . وعقد الرّهن قبل قبض المرهون عقد غير لازمٍ عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) وكان المفروض أن ينفسخ بموت أحد العاقدين كسائر العقود الجائزة ، إلاّ أنّهم اختلفوا في انفساخه قبل القبض : فقال الحنابلة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - لا ينفسخ بموت أحد العاقدين . فإن مات المرتهن قام وارثه مقامه في القبض ، لكن إن مات الرّاهن لم يلزم ورثته الإقباض . وقال الحنفيّة : وهي الرّواية الثّانية عند الشّافعيّة - إنّ عقد الرّهن ينفسخ بموت أحد العاقدين قبل القبض ، لأنّه عقد جائز . أمّا المالكيّة فصرّحوا بأنّ الرّهن يلزم بالعقد ، ويجبر الرّاهن على التّسليم ، إلاّ أن يتراخى المرتهن عن المطالبة ، وعلى ذلك فلا ينفسخ بوفاة المرتهن ، ويقوم ورثته مقام مورّثهم في مطالبة المدين وقبض المرهون ، لكنّهم نصّوا على أنّ الرّهن ينفسخ بموت الرّاهن وفلسه قبل حوزه ولو جدّ فيه . أثر تغيّر الأهليّة في انفساخ العقود : 20 - الأهليّة : صلاحيّة الإنسان لوجوب الحقوق له وعليه ، ولصدور الفعل منه على وجهٍ يعتدّ به شرعاً . وتعرض للأهليّة أمور تغيّرها وتحدّدها فتتغيّر بها الأحكام الشّرعيّة ، كما سيأتي في الملحق الأصوليّ . وتغيّر الأهليّة بما يعرض من بعض العوارض ، كالجنون أو الإغماء أو الارتداد ونحوها ، له أثر في انفساخ بعض العقود ، فقد صرّح جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) أنّ العقود الجائزة : مثل المضاربة ، والشّركة ، والوكالة ، الوديعة ، والعاريّة ، تنفسخ بجنون أحد العاقدين أو كليهما . أمّا المالكيّة فعقد المضاربة عندهم عقد لازم بعد الشّروع في العمل ولهذا يورث ، وكذلك عقد العاريّة إذا كانت مقيّدةً بأجلٍ أو عملٍ ، فلا ينفسخان بالجنون . أمّا في عقد الوكالة فقد صرّح المالكيّة أنّ جنون الوكيل لا يوجب عزله إن برأ ، وكذا جنون الموكّل وإن لم يبرأ ، فإن طال نظر السّلطان في أمره . ويفهم من ذلك حكم الشّركة ، لأنّ الشّريك يعتبر وكيلاً عن صاحبه في تصرّفاته الّتي يقوم بها عنه ، وكلاهما من العقود غير اللّازمة ( الجائزة ) . أمّا العقود اللّازمة كالبيع والإجارة ، فلا تنفسخ بالجنون بعد تمامها عند عامّة الفقهاء . حتّى إنّ الحنفيّة الّذين يقولون بانفساخ الإجارة بالموت ، لأنّها عقد على المنافع - وهي تحدث شيئاً فشيئاً - صرّحوا بعدم انفساخها بالجنون ، ففي الفتاوى الهنديّة : الإجارة لا تنفسخ بجنون الآجر أو المستأجر ولا بارتدادهما ، وإذا ارتدّ الآجر أو المستأجر في مدّة الإجارة ولحق بدار الحرب وقضى القاضي بلحاقه بطلت الإجارة ، وإن عاد مسلماً إلى دار الإسلام في مدّة الإجارة عادت الإجارة . ولعلّ دليل التّفرقة بين انفساخ الإجارة بالموت وعدم انفساخها بالجنون عند الحنفيّة هو أنّ الموت سبب نقل الملكيّة ، فلو أبقينا العقد لاستوفيت المنافع أو الأجرة من ملك الغير ( الورثة ) وهذا خلاف مقتضى العقد ، بخلاف الجنون ، لأنّه ليس سبباً لانتقال الملكيّة ، فبقاء الإجارة لأنّ استيفاء المنافع والأجرة من ملك العاقدين . 21 - ومن العقود اللّازمة الّتي لا تنفسخ تلقائيّاً بالجنون عقد النّكاح ، لكنّه يعتبر عيباً يثبت به الخيار في فسخ العقد في الجملة عند جمهور الفقهاء ( المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ) ر ( نكاح . فسخ ) . 22 - وردّة أحد الزّوجين موجبة لانفساخ عقد النّكاح عند عامّة الفقهاء . بدليل قوله تعالى : { لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ } ، وقوله سبحانه : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } . فإذا ارتدّ أحدهما وكان ذلك قبل الدّخول انفسخ النّكاح في الحال ولم يرث أحدهما الآخر ، وإن كان بعد الدّخول قال الشّافعيّة - وهو رواية عند الحنابلة - حيل بينهما إلى انقضاء العدّة ، فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي العدّة فالعصمة باقية ، وإن لم يرجع إلى الإسلام انفسخ النّكاح بلا طلاقٍ . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ، وهو رواية عند الحنابلة : إنّ ارتداد أحد الزّوجين فسخ عاجل بلا قضاءٍ فلا ينقص عدد الطّلاق ، سواء أكان قبل الدّخول أم بعده . وقال المالكيّة ، وهو قول محمّدٍ من الحنفيّة : إذا ارتدّ أحد الزّوجين انفسخ النّكاح بطلاقٍ بائنٍ . أمّا إذا أسلم أحد الزّوجين وتخلّف الآخر - ما لم يكن المتخلّف زوجةً كتابيّةً - حتّى انقضت عدّة المرأة انفسخ النّكاح في قول الجمهور ، سواء أكانا بدار الإسلام أم بدار الحرب . وذهب الحنفيّة إلى أنّه إن كان المتخلّف عن الإسلام بدار الحرب فالحكم كذلك ، أمّا إن كان بدار الإسلام فلا بدّ من عرض الإسلام عليه ، فإن أسلم وإلاّ فرّق بينهما . وهل يعتبر هذا الانفساخ طلاقاً أم لا ؟ اختلفوا فيه : فعند أبي حنيفة ومحمّدٍ – وهو رواية عند المالكيّة- إذا امتنع الزّوج عن الإسلام يعتبر هذا التّفريق طلاقاً ينقص العدد ، بخلاف ما إذا امتنعت المرأة عن الإسلام حيث يعتبر التّفريق فسخاً ، لأنّها لا تملك الطّلاق . وذهب الجمهور ( الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة في المشهور وأبو يوسف من الحنفيّة ) إلى أنّه فسخ لا طلاق في كلتا الحالتين . أثر تعذّر أو تعسّر تنفيذ العقد : 23 - المراد بذلك صعوبة دوام العقد ، وهو أعمّ من التّلف ، فيشمل الضّياع والمرض والغصب وغير ذلك . وهذا يكون بأمورٍ ، منها هلاك محلّ العقد ، وقد تقدّم الكلام عليه ، ومنها الاستحقاق وبيانه فيما يلي : أثر الاستحقاق في الانفساخ : 24 - الاستحقاق : ظهور كون الشّيء حقّاً واجباً للغير ، فإذا بيع أو استؤجر شيء ثمّ ظهر بالبيّنة أنّه حقّ لغير البائع أو المؤجّر فهل ينفسخ العقد ؟ . صرّح الحنفيّة أنّ الحكم بالاستحقاق لا يوجب فسخ العقد ، بل يوجب توقّفه على إجازة المستحقّ . فإذا لم يجز المستحقّ العقد ، أو رجع المشتري على بائعه بالثّمن ، أو طلب المشتري من القاضي أن يحكم على البائع بدفع الثّمن ، فحكم له بذلك ينفسخ العقد فيأخذ المستحقّ المبيع ، ويستردّ المشتري الثّمن من البائع . وانفساخ البيع باستحقاق المبيع هو ما ذهب إليه المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة . هذا إذا كان الاستحقاق قد ثبت بالبيّنة اتّفاقاً ، وكذلك إذا ثبت بإقرار المشتري ، أو نكوله عند بعض الفقهاء . وهذا إذا استحقّ كلّ المبيع . أمّا إذا استحقّ بعض المبيع ، فقيل : ينفسخ العقد في الكلّ ، وقيل : ينفسخ في الجزء المستحقّ فقط ، وقيل : يخيّر المشتري بين فسخ العقد في الجميع وبين فسخه في البعض المستحقّ . وبعضهم فصّلوا بين ما إذا كان الجزء المستحقّ معيّناً أو مشاعاً . هذا ، وللاستحقاق أثر في انفساخ عقد الإجارة والرّهن والهبة وعقد المساقاة وغيرها ممّا فصّله الفقهاء في مواضعه . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( استحقاق ) . ثالثاً - الغصب : 25 - غصب محلّ العقد يوجب الانفساخ في بعض العقود ففي عقد الإجارة مثلاً صرّح الحنفيّة : أن لو غصبت العين المستأجرة من يد المستأجر سقط الأجر كلّه فيما إذا غصبت في جميع المدّة . وإن غصبت في بعضها سقط بحسابها لزوال التّمكّن من الانتفاع . وتنفسخ الإجارة بالغصب في المشهور عند الحنفيّة ، خلافاً لقاضي خان . فلو زال الغصب قبل نهاية المدّة لا تعود الإجارة على المشهور ، وتعود على قول قاضي خان فيستوفي باقي المدّة . وألحق المالكيّة الغصب بتلف المحلّ فحكموا بانفساخ العقد به . فقد صرّحوا أنّ الإجارة تنفسخ بتعذّر ما يستوفي من المنفعة ، والتّعذّر أعمّ من التّلف ، فيشمل الضّياع والمرض والغصب وغلق الحوانيت قهراً وغير ذلك . أمّا الشّافعيّة والحنابلة فقالوا : إن غصبت العين المستأجرة فللمستأجر الفسخ ، لأنّ فيه تأخير حقّه ، فإن فسخ فالحكم فيه كما لو انفسخ ، وإن لم يفسخ حتّى انقضت مدّة الإجارة فله الخيار بين الفسخ والرّجوع بالمسمّى ، وبين البقاء على العقد ومطالبة الغاصب بأجر المثل . ولمعرفة تأثير الغصب في انفساخ العقود الأخرى يرجع إلى هذه العقود وإلى مصطلح ( غصب ) . 26 - هذا وهناك أنواع أخرى من التّعذّر توجب انفساخ العقد ، أو تعطي للعاقد خيار الفسخ ، منها ما يلي : أوّلاً : عجز العاقد عن المضيّ في موجب العقد شرعاً ، بأن كان المضيّ فيه حراماً ، كما إذا استأجر شخصاً على قلع الضّرس إذا اشتكت ثمّ سكنت ، أو على قطع اليد المتآكلة إذا برأت ، أو استيفاء القصاص إذا سقط بالعفو ، ففي هذه الحالات تنفسخ الإجارة بنفسها . ثانياً : تضمّن الضّرر بأن كان المضيّ في موجب العقد غير ممكنٍ إلاّ بتحمّل ضررٍ زائدٍ لم يستحقّ بالعقد ، كما إذا استأجر الطّبّاخ للوليمة ثمّ خالع المرأة ، أو استأجر دابّةً ليسافر عليها ففاته وقت الحجّ أو مرض ، أو استأجر ظئراً فحبلت ، ففي هذه الصّور وأمثالها اختلف الفقهاء بين قائلٍ بانفساخ العقد بنفسه ، وقائلٍ باستحقاق المستأجر الخيار في الفسخ . ثالثاً : زوال المنفعة المعقود عليها ، كدارٍ انهدمت وأرضٍ غرقت وانقطع ماؤها . فهذه الصّور إن لم يبق فيها نفع أصلاً فهي كالتّالفة ينفسخ بها العقد ، كما سبق . وإن بقي فيها نفع غير ما استأجرها له ، مثل أن يمكنه الانتفاع بعرصة الدّار ، والأرض بوضع حطبٍ فيها ، أو نصب خيمةٍ في أرضٍ استأجرها للزّراعة ، انفسخ العقد فيهما عند البعض لزوال الاسم ، ولأنّ المنفعة الّتي وقع عليها العقد تلفت ، ولا تنفسخ عند الآخرين ، لأنّ المنفعة لم تبطل جملةً ، فأشبه ما لو نقص نفعها مع بقائها . فعلى هذا يخيّر المستأجر بين الفسخ والإمضاء . الانفساخ في الجزء وأثره في الكلّ : 27 - انفساخ العقد في جزءٍ من المعقود عليه بسببٍ من الأسباب يؤدّي في بعض الأحوال إلى الانفساخ في المعقود عليه كلّه . وهذا إن لم يكن الجزء الّذي ينفسخ فيه العقد قد قدّر نصيبه من العوض ، أو كان في تجزئة العقد ضرر بيّن لأحد العاقدين ، أو يجمع في عقدٍ واحدٍ بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز . وهذا ما يعبّر عنه الفقهاء بتفريق الصّفقة . فإذا جمع في العقد ما يجوز عليه وما لا يجوز يبطل فيما لا يجوز بغير خلافٍ . وهل يبطل في الباقي ، يختلف ذلك باختلاف العقود ، وإمكان التّجزئة والاجتناب عن إلحاق الضّرر بأحد الطّرفين . وفي ذلك خلاف وتفصيل يرجع إليه في مصطلح : ( تفريق الصّفقة ) . 28 - ومن هذا القبيل ما ذكر الفقهاء من المسائل الآتية : أ - إن وقع العقد على مكيلٍ أو موزونٍ فتلف بعضه قبل قبضه لم ينفسخ العقد في الباقي ، ويأخذ المشتري الباقي بحصّته من الثّمن ، لأنّ العقد وقع صحيحاً ، فذهاب بعض المعقود عليه لا يفسخه ، لإمكان تبعيضه مع عدم إلحاق الضّرر بأحد الجانبين ، كما صرّح به الحنفيّة والحنابلة . ب - وفي القواعد لابن رجبٍ الحنبليّ أنّه : إذا طرأ ما يقتضي تحريم إحدى المرأتين بعينها ، كردّةٍ ورضاعٍ اختصّت بانفساخ النّكاح وحدها بغير خلافٍ . وإن طرأ ما يقتضي تحريم الجمع بينهما ، فإن لم يكن لإحداهما مزيّة ، بأن صارتا أمّاً وبنتاً بالارتضاع ، ففي ذلك روايتان : أصحّهما يختصّ الانفساخ بالأمّ وحدها إذا لم يدخل بهما ، لأنّ الاستدامة أقوى من الابتداء ، فهو كمن أسلم على أمٍّ وبنتٍ لم يدخل بهما ، فإنّه يثبت نكاح البنت دون الأمّ . ج - سبق أنّ مذهب الحنفيّة انفساخ عقد الإجارة بموت أحد العاقدين أو كليهما . فإذا أجّر رجلان داراً من رجلٍ ثمّ مات أحد المؤجّرين فإنّ الإجارة تبطل ( تنفسخ ) في نصيبه فقط ، وتبقى بالنّسبة لنصيب الحيّ على حالها . وكذا إذا مات أحد المستأجرين . ولو استأجر دارين فسقطت إحداهما فله أن يتركهما ، لأنّ العقد عليهما صفقةً واحدةً ، وقد تفرّقت ، فيثبت له الخيار . د - لو باع دابّتين فتلفت إحداهما قبل قبضها انفسخ البيع فيما تلف كما هو معلوم . أمّا فيما لم يتلف فقد صرّح الحنفيّة ، وهو المذهب عند الشّافعيّة : أنّه لا ينفسخ وإن لم يقبض ، بل يتخيّر المشتري بين الفسخ والإجازة ، فإن أجازه فبحصّته من المسمّى ، وفي قولٍ عند الشّافعيّة بجميع الثّمن ، وينفسخ في الجميع عندهم في أحد القولين . هـ - لو استحقّ بعض المبيع انفسخ العقد كلّه في قولٍ عند الشّافعيّة ، وهو رواية عند الحنابلة كما ذهب إليه المالكيّة إذا كان الجزء المستحقّ هو الأكثر وينفسخ العقد في الجزء المستحقّ وحده في قولٍ آخر عند الشّافعيّة ، وهو ما ذهب إليه الحنفيّة إذا كان الاستحقاق بعد القبض وكان المبيع ممّا لا يضرّ تبعيضه ، كما إذا اشترى ثوبين فاستحقّ أحدهما . وذهب بعض الفقهاء إلى ثبوت الخيار للمشتري بين الفسخ في الكلّ وبين الإمضاء في الباقي على تفصيلٍ ينظر في مصطلح : ( استحقاق ) . آثار الانفساخ : 29 - آثار الانفساخ تختلف باختلاف العقود واختلاف أسباب الانفساخ ، وطبيعة المعقود عليه ، وهل هو باقٍ على حاله أم طرأ عليه التّغيير من الزّيادة أو النّقصان وغير ذلك . فلا تجمعها قواعد كلّيّة وأحكام شاملة ؟ . وما أجمله الفقهاء من بعض الآثار في أنواعٍ خاصّةٍ من العقود ، لا يخلو عن استثناءاتٍ حسب طبيعة هذه العقود وما يؤثّر على انفساخها من عوامل ، وفيما يلي تفصيل بعض هذه الآثار . أوّلاً : إعادة الطّرفين إلى ما قبل العقد : أ - في العقود الفوريّة : 30 - ذكر الفقهاء في أكثر من موضعٍ أنّ الانفساخ يجعل العقد كأن لم يكن . وهذا صحيح في الجملة في العقود الفوريّة ( الّتي لا تتعلّق بمدّةٍ ) فعقد البيع مثلاً إذا انفسخ بسبب هلاك المبيع قبل القبض يرفع العقد من الأصل ويكون كأن لم يبعه أصلاً ، فيرجع المشتري على البائع بالثّمن إذا سلّمه إيّاه ، لأنّ الضّمان قبل قبض المبيع يكون على البائع على تفصيلٍ بين المنقول والعقار كما تقدّم . ب - في العقود المستمرّة : 31 - أمّا الانفساخ في العقود المستمرّة ( الّتي تتعلّق بالمدّة ) فإنّه يرفع العقد من حينه قطعاً ، لا من أصله . ففي عقد الإجارة مثلاً ، صرّح الفقهاء أنّ المعقود عليه - الأجير المعيّن والدّابّة المعيّنة - إذا تلف ينفسخ العقد في الزّمان المستقبل لا في الزّمان الماضي ، فيلزمه أجرة ما مضى بحسابه ، وما لم يحصل فلا شيء عليه فيه . وكذلك الحكم في عقود العاريّة والشّركة ، والمضاربة والوكالة ونحوها ، إذا انفسخت فالانفساخ فيها يرفع العقد من حينه لا من أصله . وهذا في الجملة وتفصيله في مصطلحاتها . ثانياً : أثر تغيير المحلّ قبل الانفساخ : 32 - انفساخ العقد يوجب زوال أثر العقد وردّ المعقود عليه إلى من كان له قبل العقد . فإذا كان قائماً ولم يتغيّر يردّ بعينه كالمبيع إذا انفسخ البيع بسبب الفساد أو الإقالة أو الخيار أو الاستحقاق ونحوها . ففي هذه الحالات وأمثالها تردّ العين المعقود عليها إلى صاحبها الأصليّ ، ويستردّ المشتري الثّمن من البائع . وكذلك إذا انفسخت الإجارة بموت أحد العاقدين أو بالاستحقاق أو بانتهاء المدّة ، فتردّ العين المأجورة إلى صاحبها ، إذا كانت قائمةً ولم تتغيّر . وهكذا الحكم في عقود الإيداع والإعارة والرّهن إذا انفسخت تردّ الوديعة والمعار والمرهون إلى أصحابها بعينها إذا كانت قائمةً . 33 - أمّا لو تغيّر المعقود عليه بأن زاد المبيع مثلاً فالحكم يختلف باختلاف سبب الانفساخ ، ففي انفساخ البيع بسبب الفساد ، إن كانت الزّيادة في المبيع منفصلةً عنه كالثّمرة واللّبن والولد ، أو متّصلةً متولّدةً من الأصل ، فإنّ هذا لا يمنع من ردّ أصل المبيع مع الزّيادة إلى البائع عند جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) . ولو حصل التّغيّر بنقصان المبيع بيعاً فاسداً يردّ المبيع مع أرش النّقصان عند الجمهور خلافاً للمالكيّة ، فإنّ التّغيّر بالزّيادة أو النّقصان يعتبر تفويتاً للمبيع عندهم . 34 - وفي عقد الإجارة إذا تغيّر المأجور قبل الانفساخ ثمّ انفسخت الإجارة ، فإن كان التّغيّر بالنّقصان وبتقصيرٍ من المستأجر يلزمه ردّ المأجور مع أرش النّقصان . وإن كان بالزّيادة كالغرس والبناء في الأرض وقد تمّت مدّة الإجارة ، فعلى المستأجر قلع الغرس وهدم البناء عند الحنفيّة والمالكيّة ، إلاّ إذا رضيا بدفع قيمة الغرس والبناء عند الحنفيّة ، ويخيّر المالك بين تملّك الغرس والبناء بقيمته ، أو تركه بأجرته عند الحنابلة والشّافعيّة . أمّا إذا كان التّغيّر في العين المستأجرة بالزّراعة وانفسخت الإجارة بانقضاء المدّة قبل أن يحين وقت حصادها ، فليس للمؤجّر إجبار المستأجر على تسليم الأرض المستأجرة له ، بل تترك بيد المستأجر إلى وقت الحصاد بأجر المثل . وهكذا الحكم في العاريّة ، لأنّهم صرّحوا أنّه ( إذا استعار أرضاً للزّراعة فزرعها ثمّ أراد صاحب الأرض أن يأخذها لم يكن له ذلك حتّى يحصد الزّرع ، بل يترك إلى وقت الحصاد بأجر المثل ) . ولا خلاف في أصل هذا الحكم بين الفقهاء . إلاّ أنّ الشّافعيّة قيّدوه بأن لا يكون تأخّر الزّرع بتقصير المستأجر أو المستعير . والحنابلة قيّدوه بأن لا يكون ذلك بتفريطهما . ثالثاً : ضمان الخسارة النّاشئة عن الانفساخ : 35 - إذا انفسخ العقد بالتّلف ، كأن تلف المبيع قبل القبض ، أو تلفت العين المستأجرة بيد المستأجر فضمانها على البائع أو المؤجّر ، لأنّ الهالك من تبعة المالك ، وهذا باتّفاق الفقهاء في الإجارة ، أمّا في البيع فهناك تفصيل وخلاف يرجع إليه في ( بيع ) . وإذا كان ذلك بالإتلاف والتّعدّي فضمانها على من أتلفها . ففي عقد البيع مثلاً إتلاف المشتري للمبيع يعتبر قبضاً ، فالملك له والضّمان عليه . وفي الإجارة يضمن المستأجر كلّ تلفٍ أو نقصٍ يطرأ على المأجور بفعلٍ غير مأذونٍ به . والأصل أنّ المعقود عليه بعد انفساخ العقد أمانة بيد العاقد غير المالك . فالمبيع والمأجور الوديعة والعاريّة والمرهون ونحوها على خلافٍ فيها ، كلّها أمانة بعد الانفساخ بيد العاقد غير المالك إلاّ إذا امتنع عن تسليمها لأصحابها بدون عذرٍ . فإذا تلفت بغير تعدٍّ أو تقصيرٍ فلا ضمان فيه ، وإلاّ ففيه الضّمان . والمراد بالضّمان أداء المثل في المثليّات وأداء القيمة في القيميّات . وهذا كلّه في الجملة ، وتفصيله في مصطلح : ( ضمان ) . انفصال * التّعريف : 1 - الانفصال لغةً : الانقطاع ، يقال : فصل الشّيء فانفصل أي قطعه فانقطع ، فهو مطاوع فصل ، وهو ضدّ الاتّصال . والانفصال هو الانقطاع الظّاهر ، والانقطاع يكون ظاهراً وخافياً ، وهذا من حيث اللّغة . ولا يخرج استعمال الفقهاء عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - البينونة : 2 - البينونة تأتي بمعنى الانفصال ، وكثرت على ألسنة الفقهاء في الطّلاق غير الرّجعيّ . الحكم الإجماليّ، ومواطن البحث : 4 - الأجزاء الّتي تنفصل من البدن تارةً تبقى لها الأحكام المتعلّقة بها قبل الانفصال ، وتارةً تتغيّر ، فالأوّل نحو كلّ عضوٍ يحرم النّظر إليه قبل الانفصال فإنّه يحرم النّظر إليه بعد الانفصال . فأجزاء العورة لا فرق في حرمة النّظر إليها قبل الانفصال وبعده ، على خلافٍ وتفصيلٍ ينظر في أحكام النّظر من باب الحظر والإباحة . 5- وممّا يتغيّر حكمه بالانفصال استدخال المرأة الذّكر المقطوع ، فلا حدّ فيه ، وإن حرم ذلك الفعل . 6- وما انفصل من أجزاء الميّت أخذ حكمه عند البعض ، يغسّل ويصلّى عليه ، ويدفن ، لإجماع الصّحابة رضي الله عنهم ، قال أحمد : صلّى أبو أيّوب على رِجْلٍ ، وصلّى عمر على عظامٍ بالشّام ، وصلّى أبو عبيدة على رءوسٍ بالشّام ، روى ذلك عبد اللّه بن أحمد بإسناده ، وقال الشّافعيّ : ألقى طائر يداً بمكّة من وقعة الجمل فعرفت بالخاتم ، وكانت يد عبد الرّحمن بن عتّاب بن أسيدٍ ، فصلّى عليها أهل مكّة ، وكان ذلك بمحضرٍ من الصّحابة ، ولم يعرف من الصّحابة مخالف في ذلك . وقال أبو حنيفة ، ومالك : إن وجد الأكثر صلّي عليه ، وإلاّ فلا ، لأنّه بعض لا يزيد على النّصف فلم يصلّ عليه ، كالّذي بان في حياة صاحبه كالشّعر والظّفر . ولم يفرّق الحنفيّة والمالكيّة بين أجزاء الحيّ وأجزاء الميّت المنفصلة عنه ، وقال الشّافعيّة : يستحبّ لفّ ودفن ما انفصل من حيٍّ كيد سارقٍ ، وظفرٍ ، وعلقةٍ ، وشعرٍ ، واستظهر بعضهم وجوب لفّ اليد ودفنها . وتنتهي العدّة بانفصال الولد عن رحم أمّه انفصالاً كاملاً ، وفي انفصال المضغة تفصيل يذكر في ( العدّة ) . انفصال السّقط : 7 - السّقط إن انفصل حيّاً ثمّ مات فإنّه كالكبير في التّسمية ، والإرث ، والجناية عليه ، وفي غسله وتكفينه ، والصّلاة عليه ، ودفنه ، واستثنى بعض المالكيّة من ذلك التّسمية إن مات قبل اليوم السّابع من ولادته . وإن انفصل ميّتاً ، فإنّه لا يصلّى عليه ، لكنّه يدفن ، وفي غسله خلاف بين الفقهاء : منهم من أوجب الغسل إن نفخ فيه الرّوح ، ومنهم من كره تغسيل السّقط مطلقاً ، وبعض الفقهاء يوجب تكفينه ، والبعض يكتفي بلفّه بخرقةٍ ، ويفصّل الفقهاء ذلك في كتاب ( الجنائز ) . وتسمية من ولد ميّتاً فيها خلاف كذلك ، فالبعض يقول بالتّسمية ، والبعض يمنعها ، ويتكلّمون عن ذلك في مبحث ( العقيقة والجنائز ) . ولا يرث من انفصل بنفسه ميّتاً باتّفاق الفقهاء ، وكذا إذا انفصل بفعلٍ عند أغلب الفقهاء لا يرث ، وقال الحنفيّة : إنّه من جملة الورثة يرث ويورث ، لأنّ الشّرع لمّا أوجب على الجاني الغرّة فقد حكم بحياته ، ويذكر الفقهاء ذلك في ( الإرث ) ، والبعض يذكره في ( الجنائز ) . 8 - وانفصال الزّوجين يكون بواحدٍ من ثلاثة أمورٍ ، الفسخ أو الانفساخ ، والطّلاق ، والموت . 9 - وانفصال المستثنى عن المستثنى منه زمناً طويلاً في صيغ الإقرار واليمين ونحوهما يبطل الاستثناء ، وقيل يصحّ التّأخير ما دام المجلس ، ويتكلّم الأصوليّون عن ذلك في شرائط الاستثناء ، والفقهاء في الإقرار ، والطّلاق غالباً . وبالإضافة إلى ما تقدّم بذكر الانفصال في الغسل ، والبيع - الزّيادة المنفصلة - وفي الرّهن - زيادة المرهون المنفصلة ، وفي الوصيّة . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية