الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41050" data-attributes="member: 329"><p>انقلاب الحربيّ ذمّيّاً :</p><p>7 - يصبح الحربيّ ذمّيّاً إمّا بالتّراضي ، أو بالإقامة لمدّة سنةٍ في دار الإسلام ، أو بالزّواج ، أو بالغلبة والفتح ، على خلافٍ وتفصيلٍ يأتي بيانه في مصطلح ( أهل الذّمّة ) .</p><p>انقلاب المستأمن إلى حربيٍّ :</p><p>8 - المستأمن : هو الحربيّ المقيم إقامةً مؤقّتةً في ديار الإسلام ، فيعود حربيّاً لأصله بانتهاء مدّة إقامته المقرّرة له في بلادنا ، لكن يبلغ مأمنه لقوله تعالى : { إلاّ الّذين عاهدتم من المشركين ، ثمّ لم يَنْقُصُوكم شيئاً ، ولم يُظَاهِروا عليكم أحداً ، فأَتِمُّوا إليهم عَهْدَهم إلى مُدَّتِهم } ، أو بنبذ العهد ، أي نقضه من جانب المسلمين ، لوجود دلالةٍ على الخيانة ، لقوله تعالى : { وإمّا تَخَافَنَّ من قومٍ خيانةً ، فانْبِذْ إليهم على سواءٍ ، إنّ اللّه لا يُحِبُّ الخائنين } ، وهي في أهل الهدنة أو الأمان ، لا في أهل جزيةٍ ، فلا ينبذ عقد الذّمّة ، لأنّه مؤبّد ، وعقد معاوضةٍ فهو آكد من عقد الهدنة . </p><p>وقد يصبح المستأمن حربيّاً بنقض الأمان من جانبه هو ، أو بعودته لدار الحرب بنيّة الإقامة ، لا التّجارة أو التّنزّه أو لحاجةٍ يقضيها ، ثمّ يعود إلى دار الإسلام ، فإذا رجع إليهم ولو لغير داره ، انتهى أمانه . </p><p>هذا ، وكلّ ما ينتقض به عهد الذّمّيّ ، ينتقض به أمان المستأمن ، على حسب الاتّجاهين السّابقين ، لأنّ عقد الذّمّة أمان مؤبّد ، وآكد من الأمان المؤقّت ، ولأنّ المستأمن كالذّمّيّ يلتزم بتطبيق أحكام الإسلام . </p><p>ومن نقض أمانه بنقض العهد ينبذ إليه ويبلغ المأمن عند الجمهور ، ويخيّر الإمام في شأنه كالأسير الحربيّ ، من قتلٍ ومنٍّ وفداءٍ وغيره عند الحنابلة .</p><p>انقلاب الحربيّ إلى مستأمنٍ :</p><p>9 - يصير الحربيّ مستأمناً بالحصول على أمانٍ من كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ عند الجمهور ، أو حتّى من مميّزٍ عند آخرين .</p><p>دخول الحربيّ بلاد المسلمين بغير أمانٍ :</p><p>10 - ليس لأهل الحرب دخول دار الإسلام بغير أمانٍ ، لأنّه لا يؤمن أن يدخل جاسوساً ، أو متلصّصاً ، أو لشراء سلاحٍ ، فيضرّ بالمسلمين . </p><p>فإن قال : دخلت لسماع كلام اللّه تعالى ، أو دخلت رسولاً ، سواء أكان معه كتاب أم لم يكن ، أو دخلت بأمان مسلمٍ ، صدّق ولا يتعرّض له ، لاحتمال ما يدّعيه ، وقصد ذلك يؤمّنه من غير احتياجٍ إلى تأمينٍ ، لقوله تعالى : { وإِنْ أحدٌ من المشركين استَجَارَك فَأَجِرْهُ حتّى يسمعَ كلامَ اللّهِ ، ثمّ أبلِغْه مَأْمَنَهُ } ، وهذا قول الشّافعيّة . </p><p>وقال الحنفيّة : إن ادّعى الأمان لا يصدّق فيه ، بل يطالب ببيّنةٍ ، لإمكانها غالباً ، ولأنّ الثّابت بالبيّنة كالثّابت بالمعاينة . </p><p>وقريب من هذا قول الحنابلة : إنّ من دخل من الحربيّين دار الإسلام بغير أمانٍ ، وادّعى أنّه رسول ، أو تاجر ومعه متاع يبيعه ، قبل منه ، ويحقن دمه ، إن صدّقته عادة ، كدخول تجّارهم إلينا ونحوه ، لأنّ ما ادّعاه ممكن ، فيكون شبهةً في درء القتل ، ولأنّه يتعذّر إقامة البيّنة على ذلك ، فلا يتعرّض له ، ولجريان العادة مجرى الشّرط . </p><p>فيصدق إن كان معه تجارة يتّجر بها ، لأنّ التّجارة لا تحصل بغير مالٍ ، ويصدّق مدّعي الرّسالة إن كان معه رسالة يؤدّيها . وإن قال : أمّنني مسلم ، ففيه وجهان : </p><p>أحدهما : يقبل تغليباً لحقن دمه ، كما يقبل من الرّسول والتّاجر . </p><p>والثّاني : لا يقبل ، لأنّ إقامة البيّنة عليه ممكنة . فإن قال مسلم : أنا أمّنته ، قبل قوله ، لأنّه يملك أن يؤمّنه ، فقبل قوله فيه ، كالحاكم إذا قال : حكمت لفلانٍ على فلانٍ بحقٍّ . </p><p>وقال المالكيّة : إن أخذ الحربيّ بأرض الحربيّين حال كونه مقبلاً إلينا ، أو قال : جئت أطلب الأمان منكم ، أو أخذ بأرضنا ومعه تجارة ، وقال لنا : إنّما دخلت أرضكم بلا أمانٍ ، لأنّي ظننت أنّكم لا تتعرّضون لتاجرٍ ، أو أخذ على الحدود بين أرضنا وأرضهم ، وقال ما ذكر ، فيردّ لمأمنه في هذه الحالات . فإن وجدت قرينة كذبٍ ، لم يردّ لمأمنه . </p><p>أمّا إن دخل الحربيّ بلاد المسلمين بغير أمانٍ ، ولم تتحقّق حالة من الحالات السّابقة ، فعند الجمهور يعتبر كالأسير أو الجاسوس ، فيخيّر فيه الإمام بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء بحسب المصلحة . وفي قول أبي حنيفة يكون فيئاً لجماعة المسلمين .</p><p>دماء أهل الحرب وأموالهم :</p><p>11 - الحرب - كما هو معروف - حالة عداءٍ وكفاحٍ مسلّحٍ بين فريقين ، تقتضي إباحة الدّماء والأموال ، وهذا يقتضي بحث حالة العدوّ في غير حالة العهد ، وفي حالة العهد :</p><p>أ - في غير حالة العهد : الحربيّ غير المعاهد مهدر الدّم والمال ، فيجوز قتل المقاتلين ، لأنّ كلّ من يقاتل فإنّه يجوز قتله ، وتصبح الأموال من عقاراتٍ ومنقولاتٍ غنيمةً للمسلمين ، وتصير بلاد العدوّ بالغلبة أو الفتح ملكاً للمسلمين ، ويكون وليّ الأمر مخيّراً في الأسرى بين أمورٍ : هي القتل ، والاسترقاق ، والمنّ ( إطلاق سراح الأسير بلا مقابلٍ ) ، والفداء ( تبادل الأسرى أو أخذ المال فديةً عنهم ) ، وفرض الجزية على الرّجال القادرين . </p><p>فإن قبلوا الجزية وعقد الإمام لهم الذّمّة ، أصبحوا أهل ذمّةٍ ، ويكون لهم ما للمسلمين من الإنصاف ، وعليهم ما عليهم من الانتصاف ، قال عليّ رضي الله عنه : إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا ، وأموالهم كأموالنا . ( ر : أهل الذّمّة ) . </p><p>ولا تتحقّق هذه الأحكام إلاّ بمشروعيّة الجهاد ، كما ذكر في الفتاوى الهنديّة ، ففيها : يشترط لإباحة الجهاد شرطان : </p><p>أحدهما : امتناع العدوّ عن قبول ما دعي إليه من الدّين الحقّ ، وعدم الأمان والعهد بيننا وبينهم . </p><p>والثّاني : أن يرجو الإمام الشّوكة والقوّة لأهل الإسلام ، باجتهاده أو باجتهاد من يعتدّ باجتهاده ورأيه . وإن كان لا يرجو القوّة والشّوكة للمسلمين في القتال ، فإنّه لا يحلّ له القتال ، لما فيه من إلقاء النّفس في التّهلكة .</p><p>ب - في حالة العهد : العهد من ذمّةٍ أو هدنةٍ أو أمانٍ يعصم الدّم والمال بالنّسبة للحربيّ ، فإن وجد عهد عصم دمه وماله ، وإن لم يوجد فهو على الأصل مهدر الدّم والمال . </p><p>وتبحث هنا أمور : </p><p>أوّلاً : قتل المسلم أو الذّمّيّ حربيّاً :</p><p>12 - جمهور الفقهاء على أنّه لا يقتصّ من المسلم والذّمّيّ بقتل الحربيّ ، ولو كان مستأمناً ، كما لا دية عليهما بقتل الحربيّ غير المستأمن ، بسبب وجود الشّبهة في إباحة دم الحربيّ ، ولكونه مباح الدّم في الأصل . وشرط القصاص ووجوب الدّية : كون المقتول معصوم الدّم أو محقون الدّم ، أي يحرم الاعتداء على حياته ، بل لا تجب الكفّارة عند القائلين بلزومها في حالة قتل مباح الدّم - كالحربيّ - قتلاً عمداً .</p><p>ثانياً : حصول المسلم أو الذّمّيّ على شيءٍ من مال الحربيّ بمعاملةٍ يحرّمها الإسلام :</p><p>13 - إذا دخل المسلم أو الذّمّيّ دار الحرب بأمانٍ فعاقد حربيّاً عقداً مثل الرّبا ، أو غيره من العقود الفاسدة في حكم الإسلام ، أو أخذ ماله بالميسر ونحوه ممّا حرّمه الإسلام ، لم يحلّ له ذلك عند الجمهور ، ومنهم أبو يوسف من الحنفيّة . </p><p>واستدلّوا بأنّ حرمة الرّبا ثابتة في حقّ المسلم والحربيّ ، أمّا بالنّسبة للمسلم فظاهر ، لأنّ المسلم ملتزم بأحكام الإسلام حيثما يكون ، وأمّا بالنّسبة للحربيّ ، فلأنّه مخاطب بالمحرّمات ، قال اللّه تعالى : { وأَخْذِهُم الرّبا وقد نُهُوا عنه } ، وآيات تحريم الرّبا ، مثل قوله تعالى : { وحرَّمَ الرّبا } ، وسائر الآيات والأخبار الدّالّة على تحريم الرّبا ، وهي عامّة تتناول الرّبا في كلّ مكان وزمانٍ . </p><p>وذهب أبو حنيفة ومحمّد إلى جواز ذلك ، مستدلّين بأنّ المسلم يحلّ له أخذ مال الحربيّ من غير خيانةٍ ولا غدرٍ ، لأنّ العصمة منتفية عن ماله ، فإتلافه مباح ، وفي عقد الرّبا ونحوه المتعاقدان راضيان ، فلا غدر فيه ، والرّبا ونحوه كإتلاف المال ، وهو جائز . قال محمّد في السّير الكبير : وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمانٍ ، فلا بأس بأن يأخذ منهم أموالهم بطيب أنفسهم بأيّ وجهٍ كان ، لأنّه إنّما أخذ المباح على وجهٍ عرا عن الغدر ، فيكون ذلك طيّباً منه . وأمّا خيانة المسلم المستأمن عندهم فمحرّمة ، لأنّهم إنّما أعطوا الأمان للمسلم أو الذّمّيّ مشروطاً بتركه خيانتهم ، وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللّفظ ، فهو معلوم في المعنى ، ولذلك من جاءنا منهم بأمانٍ فخاننا ، كان ناقضاً لعهده . </p><p>وإذا ثبت هذا لم تحلّ للمسلم خيانة الحربيّين إذا دخل دارهم بأمانٍ ، لأنّه غدر ، ولا يصلح في ديننا الغدر ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « المسلمون عند شروطهم » فإن خانهم ، أو سرق منهم ، أو اقترض شيئاً ، وجب عليه ردّ ما أخذ إلى أربابه ، فإن جاء أربابه إلى دار الإسلام بأمانٍ ، أو إيمانٍ ، ردّه عليهم ، وإلاّ بعث به إليهم ، لأنّه أخذه على وجهٍ حرم عليه أخذه ، فلزمه ردّ ما أخذ ، كما لو أخذه من مال مسلمٍ . </p><p>قال الإمام الشّافعيّ في الأمّ : وممّا يوافق التّنزيل والسّنّة ويعقله المسلمون ، ويجتمعون عليه ، أنّ الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر ، والحرام في دار الإسلام حرام في بلاد الكفر ، فمن أصاب حراماً ، فقد حدّه اللّه على ما شاء منه ، ولا تضع عنه بلاد الكفر شيئاً .</p><p>ثالثاً : إتلاف ممتلكات أهل الحرب :</p><p>أ - في حالة الأمان أو العهد :</p><p>14 - العهد يعصم الدّماء والأموال ، ويوجب الكفّ عن أعمال القتال ، قال بعض فقهاء الحنفيّة : إذا دخل المسلم دار الحرب تاجراً ( بأمانٍ ) ، فلا يحلّ له أن يتعرّض لشيءٍ من أموالهم ولا من دمائهم ، لأنّه ضمن ألا يتعرّض لهم بالاستئمان ، فالتّعرّض بعد ذلك يكون غدراً والغدر حرام ، إلاّ إذا غدر به ملكهم ، فأخذ أمواله أو حبسه ، أو فعل ذلك غير الملك بعلم الملك ولم يمنعه ، لأنّهم هم الّذين نقضوا العهد ، بخلاف الأسير ، لأنّه غير مستأمنٍ ، فيباح له التّعرّض للمال والدّم ، وإن أطلقوه طوعاً .</p><p>ب - في حالة عدم العهد والأمان :</p><p>15 - في حال الحرب يجوز بالاتّفاق إتلاف أشجار العدوّ ، وذبح مواشيهم ، وإتلاف سائر أموالهم إن كان في ذلك مصلحة للمسلمين ، كإتلاف ما يتقوّون به من الآليّات والحصون والسّلاح والخيل ، وإتلاف الشّجر الّذي يستترون به ، أو يعوق العمليّات الحربيّة ، أو يحتاج المسلمون لقطعه لتوسيع طريقٍ ، أو تمكّنٍ من سدّ ثغرةٍ ، أو احتاجوا إليه للأكل ، أو يكون الكفّار يفعلون بنا ذلك ، فنفعل بهم مثله لينتهوا ، فهذا يجوز بغير خلافٍ . </p><p>وأمّا إتلاف ذلك لغير مصلحةٍ إلاّ لمغايظة الكفّار والإضرار بهم والإفساد عليهم ، فقد اختلف الفقهاء في ذلك . فذهب الحنفيّة والمالكيّة وأحمد في روايةٍ في الأشجار والزّروع : إلى أنّ ذلك جائز ، لقول اللّه تعالى : { ما قَطَعْتُم من لِينَةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فَبِإِذنِ اللّه وَلِيُخْزِيَ الفاسقين } . وقوله تعالى { ولا يَنَالُون من عَدُوٍّ نيلاً إلاّ كُتِبَ لهم به عملٌ صالحٌ } ، لكن قال ابن الهمام : هذا إذا لم يغلب على الظّنّ أنّهم مأخوذون بغير ذلك ، فإن كان الظّاهر أنّهم مغلوبون ، وأنّ الفتح بادٍ ( أي ظاهر قريب ) كره ذلك ، لأنّه إفساد في غير محلّ الحاجة ، وما أبيح إلاّ لها . </p><p>وقال الحنابلة في روايةٍ والأوزاعيّ واللّيث وأبو ثورٍ : لا يجوز ذلك لأنّه إتلاف محض .</p><p>عمل ما ينفع أهل الحرب ويقوّيهم </p><p>أ - الوصيّة لأهل الحرب :</p><p>16- هناك اتّجاهان في الوصيّة لأهل الحرب : </p><p>الاتّجاه الأوّل : لا تصحّ الوصيّة للحربيّ إذا كان في دار الحرب ، لأنّ في ذلك قوّةً لهم ، فالتّبرّع بتمليكه المال ، يكون إعانةً له على الحرب ، وأنّه لا يجوز ، ولقوله تعالى : { إنّما يَنْهاكم اللّهُ عن الّذين قَاتَلوكم في الدِّين ، وأخرجُوكم من ديارِكم ، وظَاهَروا على إخراجِكم أَنْ تَوَلَّوْهُم ، ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون } . </p><p>فدلّ ذلك على أنّ من قاتلنا لا يحلّ برّه ، وهذا اتّجاه الحنفيّة والمالكيّة . </p><p>والاتّجاه الثّاني : للشّافعيّة في الأصحّ والحنابلة - يجيز الوصيّة لحربيٍّ معيّنٍ ، لا لعامّة الحربيّين ، سواء أكان بدار الحرب أم بدارنا ، لأنّه تصحّ الهبة والصّدقة له ، فصحّت له الوصيّة كالذّمّيّ ، وقد روي : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعطى عمر حلّةً ، فقال : يا رسول اللّه ، أكسوتنيها : وقد قلت في حلّة عطارد ما قلت ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إنّي لم أكسكها لتلبسها ، فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكّة » . </p><p>وعن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما ، قالت : « أتتني أمّي راغبة في عهد قريشٍ ، وهي مشركة ، فسألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أصلها ؟ قال : نعم » . زاد البخاريّ . قال ابن عيينة : فأنزل اللّه فيها : { لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين … } الآية ، ومعنى راغبةٍ : أي طامعة تسألني شيئاً . فهذان فيهما صلة أهل الحرب وبرّهم ، ثمّ قد حصل الإجماع على جواز الهبة ، والوصيّة في معناها . </p><p>ومن أدلّة الجواز : قوله تعالى : { وإِنْ جَاهدَاك على أن تُشْرِكَ بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطِعْهُما وصاحِبْهما في الدّنيا مَعْرُوفاً } .</p><p>ب - الوقف على أهل الحرب :</p><p>17 - اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنّه لا يجوز الوقف على الحربيّين ، والوقف باطل ، لأنّ أموالهم مباحة في الأصل ، ويجوز أخذها منهم بالقهر والغلبة ، فما يتجدّد لهم أولى ، والوقف لا يجوز أن يكون مباح الأخذ ، لأنّه تحبيس الأصل ، ولأنّه يشترط في الوقف أن يكون قربةً في ذاته ، وعند التّصرّف ، والوقف على الحربيّ معصية وليس قربةً .</p><p>ج - الصّدقة على أهل الحرب :</p><p>18 - اتّفق الأئمّة الأربعة على صحّة الصّدقة أو الهبة للحربيّ ، لأنّه ثبت في السّيرة « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أهدى إلى أبي سفيان تمر عجوةٍ ، حين كان بمكّة محارباً ، واستهداه أدماً » . و « بعث بخمسمائة دينارٍ إلى أهل مكّة حين قحطوا لتوزّع بين فقرائهم ومساكينهم » . وفي قوله تعالى : { وَيُطْعِمُون الطّعامَ على حُبِّهِ مِسْكيناً ويتيماً وأسيراً إنّما نطعمكم لوجْهِ اللّه لا نُريدُ منكم جَزَاءً ولا شُكُوراً } . قال الحسن كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يؤتى بالأسير ، فيدفعه إلى بعض المسلمين ، فيقول : « أحسن إليه » فيكون عنده اليومين والثّلاثة ، فيؤثر على نفسه . وعند عامّة العلماء : يجوز الإحسان إلى الكفّار في دار الإسلام ، وعن قتادة : كان أسيرهم يومئذٍ المشرك .</p><p>د - توارث الذّمّيّ والحربيّ :</p><p>19 - يرى جمهور الفقهاء أنّ اختلاف الدّارين لا يمنع من التّوارث بين الكفّار ، ويرى بعض الفقهاء أنّ اختلاف الدّارين يمنع التّوارث . وفي ذلك تفصيل تقدّم في ( إرثٍ/ ج 3) .</p><p>هـ - إرث المسلم الحربيّ ، والحربيّ المسلم :</p><p>20 - ذهب الجمهور إلى أنّه لا يرث المسلم كافراً ، والكفّار مسلماً ، وفي ذلك خلاف وتفصيل يرجع إليه في : ( إرثٍ ) .</p><p>و - الاتّجار مع أهل الحرب :</p><p>21 - تدلّ عبارات الفقهاء على جواز الاتّجار مع الحربيّين ، فللمسلم أو الذّمّيّ دخول دار الحرب بأمانٍ للتّجارة ، وللحربيّ دخول دارنا تاجراً بأمانٍ ، وتؤخذ العشور على التّجارة العابرة عند اجتياز حدود دار الإسلام . ولكن لا يجوز إمداد المحاربين بما يقوّيهم من السّلاح والآلات والموادّ الّتي يصنع منها السّلاح ، كما لا يجوز السّماح بالاتّجار بالمحظورات الشّرعيّة كالخمور والخنازير وسائر المنكرات ، لأنّها مفاسد ممنوعة شرعاً ، ويجب مقاومتها . وليس للحربيّ المستأمن شراء الأسلحة من بلاد الإسلام . </p><p>وفيما عدا هذه القيود يجوز أن تظلّ حرّيّة التّجارة قائمةً ، إلاّ أنّ المالكيّة انفردوا بالقول بمنع التّصدير من بلادنا ، ومتاجرة المسلمين في دار الحرب إذا كانت أحكامهم تجري على التّجّار ، لأنّ في تصدير أيّ شيءٍ إليهم تقويةً لهم على المسلمين ، ولأنّ المسلم ممنوع من الإقامة في دار الشّرك ، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « أنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلمٍ يُقِيْمُ بين أَظْهُرِ المشركين » . كما أنّه لا يجوز تصدير الأطعمة ونحوها إلاّ إذا كانت هناك هدنة مع العدوّ ، أمّا في غير الهدنة فلا يجوز . </p><p>والأدلّة على جواز التّصدير من بلادنا منها : حديث ثمامة بن أثالٍ الحنفيّ بعد أن أسلم ، « فإنّه قال لأهل مكّة حين قالوا له : صبوت ؟ فقال : إنّي واللّه ما صبوت ، ولكنّي واللّه أسلمت ، وصدّقت محمّداً صلى الله عليه وسلم وآمنت به ، وايم اللّه الّذي نفس ثمامة بيده ، لا تأتيكم حبّة من اليمامة – وكانت ريف مكّة – حتّى يأذن فيها محمّد صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ، ومنع الحمل إلى مكّة ، حتّى جهدت قريش ، فكتبوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة ، يحمل إليهم الطّعام ، ففعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم » . فهذا يدلّ على جواز تصدير الأطعمة ونحوها إلى الأعداء ، حتّى ولو كانت حالة الحرب قائمةً معهم . </p><p>ومن الأدلّة أيضاً الأحاديث السّابقة المذكورة في بحث الصّدقة على أهل الحرب والوصيّة لهم ( قصّة إهداء التّمر لأبي سفيان ، وصلة أسماء أمّها المشركة ، وإطعام المسلمين الأسرى ) . أمّا الدّليل على حظر تصدير الأسلحة ونحوها ، فمنه : </p><p>حديث عمران بن حصينٍ رضي الله عنه : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السّلاح في الفتنة » ، والفتنة : الحروب الدّاخليّة ، وفتنة غير المسلمين أشدّ عليهم ، فكان أولى ألاّ يباع لهم . وقال الحسن البصريّ : لا يحلّ لمسلمٍ أن يحمل إلى عدوّ المسلمين سلاحاً يقوّيهم به على المسلمين ، ولا كراعاً ، ولا ما يستعان به على السّلاح والكراع . </p><p>هذا وإنّ في بيع السّلاح للأعداء تقويةً لهم على قتال المسلمين ، وباعثاً لهم على شنّ الحروب ، ومواصلة القتال لاستعانتهم به ، وذلك يقتضي المنع .</p><p>نكاح المسلم الحربيّة الكتابيّة :</p><p>22 - صريح القرآن أنّه يحلّ للمسلم التّزوّج بالمرأة الكتابيّة ، ويدخل في ذلك الذّمّيّات منهنّ ، كما تدخل الحربيّات الكتابيّات لا فرق بين الصّنفين ، وذلك لقوله تعالى : { وطعامُ الّذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامُكم حِلٌّ لهم والمحصناتُ من المؤمنات والمحصناتُ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم } على أنّ في ذلك خلافاً وتفصيلاً يرجع إليه في بحث ( نكاحٍ ) .</p><p>النّفقة على الزّوجة والأقارب الحربيّين : </p><p>أوّلاً : نفقة الزّوجة الحربيّة :</p><p>23 - اتّفق الفقهاء على وجوب النّفقة للزّوجة مطلقاً ، فالكتابيّة كالمسلمة في استحقاق النّفقة وغيرها من حقوق الزّواج ، سواء كانت الزّوجة في أثناء الزّواج فعلاً ، أم في العدّة ، لاشتراكهما ( أي المسلمة وغيرها ) في رابطة الزّوجيّة ، وفي سبب الاستحقاق وشرطه ، فهي محبوسة على الزّوج يمنعها من التّصرّف والاكتساب ، فوجبت نفقتها عليه . واللّه تعالى أثبت للزّوجة حقّ النّفقة على زوجها ، لقوله عزّ وجلّ : { لِيُنفقْ ذو سَعَةٍ من سعته ومن قُدِرَ عليه رِزقُه فلْينفقْ ممّا آتاه اللَّهُ لا يكلّف اللّهُ نفساً إلاّ ما آتاها } ، ولم تفرّق النّصوص بين المسلمة والكتابيّة . ( ر : نفقة ) .</p><p>ثانياً : نفقة الأقارب الحربيّين :</p><p>24 - يرى المالكيّة على المشهور والشّافعيّة أنّه تجب على الموسر المسلم نفقة أقاربه المعسرين ، ولو كانوا كفّاراً ، أي ولو كان هناك اختلاف في الدّين ، لكن بعض أصحاب هذا الاتّجاه يقصرون إيجاب النّفقة على الوالدين والولد فقط ، فتجب عندهم النّفقة على الولد لأبويه المعسرين فقط ، كما تجب نفقة الولد المعسر على أبيه الموسر ، سواء أكان الولد كافراً والأبوان مسلمين ، أم كان الولد مسلماً والأبوان كافرين . </p><p>والشّافعيّة يوجبون نفقة الوالد وإن علا ، ونفقة الولد وإن سفل ، وإن اختلفت ملّتهما . ودليل الفريقين : وجود الموجب للنّفقة ، وهو الجزئيّة والبعضيّة بين الوالد والولد ، كالحكم بردّ الشّهادة بسبب الولادة . ( ر : نفقة ) . </p><p>ويرى الحنفيّة والحنابلة : أنّه لا تجب النّفقة بسبب اختلاف الدّين ، فلا تجب على المسلم نفقة أبويه الحربيّين ، ولا يجبر الحربيّ على الإنفاق على أبيه المسلم أو الذّمّيّ ، لأنّ استحقاق النّفقة بطريق الصّلة والبرّ والمواساة ، ولا تستحقّ الصّلة للحربيّ ، للنّهي عن برّهم ، في قوله تعالى : { إنّما يَنهاكم اللّهُ عن الّذين قاتَلوكم في الدّين وأخْرَجوكم من ديارِكم وظَاهَرُوا على إخراجكم أن تَوَلَّوْهُم ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون } ، ولأنّهما غير متوارثين ، فلم يجب لأحدهما على الآخر نفقته بالقرابة . </p><p>وتختلف عن نفقة الزّوجات ، لأنّ نفقة الزّوجات عوض تجب مع الإعسار ، فلم ينافها اختلاف الدّين كالصّداق والأجرة ، ولأنّ نفقة الوالدين صلة ومواساة كما ذكر ، فلا تجب مع اختلاف الدّين ، كأداء زكاته إليه ، وإرثه منه . لكن يقول الحنابلة ، والكاسانيّ من الحنفيّة : تجب النّفقة بين الذّمّيّ والمستأمن ، أو بين المستأمنين في قرابة الأصول والفروع ، لأنّ اختلاف الدّين لا يمنع من الإلزام بالنّفقة في حقّ الولادة .</p><p></p><p>أهل الحلّ والعقد *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - يطلق لفظ " أهل الحلّ والعقد " على أهل الشّوكة من العلماء والرّؤساء ووجوه النّاس الّذين يحصل بهم مقصود الولاية ، وهو القدرة والتّمكّن ، وهو مأخوذ من حلّ الأمور وعقدها .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - أهل الاختيار :</p><p>2 - أهل الاختيار هم الّذين وكّل إليهم اختيار الإمام . وهم جماعة من أهل الحلّ والعقد ، وقد يكونون جميع أهل الحلّ والعقد ، وقد يكونون بعضاً منهم .</p><p>ب - أهل الشّورى :</p><p>3 - المستقرئ لحوادث التّاريخ يجد أنّ هناك فرقاً بين أهل الشّورى وأهل الحلّ والعقد ، إذ الصّفة البارزة في أهل الشّورى " هي العلم " لكن الصّفة البارزة في أهل الحلّ والعقد هي " الشّوكة " . فقد ورد أنّ أبا بكرٍ رضي الله عنه كان إذا حزبه أمر استدعى عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعبد الرّحمن بن عوفٍ ومعاذ بن جبلٍ وأبيّ بن كعبٍ وزيد بن ثابتٍ ، وكلّ هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكرٍ ، فاستشارهم في حين كان من بين الّذين تولّوا بيعة أبي بكرٍ من أهل الحلّ والعقد بشير بن سعدٍ ، ولم يكن بشير من أهل الفتوى من الصّحابة ، ولكنّه كان مسموع الكلمة في قومه - الخزرج - ويقال إنّه أوّل من بايع أبا بكرٍ الصّدّيق يوم السّقيفة من الأنصار . </p><p>صفات أهل الحلّ والعقد :</p><p>4 - لمّا نيط بأهل الحلّ والعقد عمل معيّن - وهو تعيين الخلفاء - كان لا بدّ من أن تتوفّر فيهم الصّفات التّالية :</p><p>أ - العدالة الجامعة لشروطها الواجبة في الشّهادات من الإسلام والعقل والبلوغ وعدم الفسق واكتمال المروءة .</p><p>ب - العلم الّذي يوصل به إلى معرفة من يستحقّ الإمامة على الشّروط المعتبرة فيها .</p><p>ج - الرّأي والحكمة المؤدّيان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح .</p><p>د - أن يكون من ذوي الشّوكة الّذين يتّبعهم النّاس ، ويصدرون عن رأيهم ، ليحصل بهم مقصود الولاية .</p><p>هـ- الإخلاص والنّصيحة للمسلمين .</p><p>تعيين " أهل الاختيار" من أهل الحلّ والعقد :</p><p>5 - الأصل أنّ أهل الحلّ والعقد هم كلّ من تتوافر فيه الصّفات السّابقة ، إلاّ أنّ من يباشر الاختيار منهم هم فئة منهم في الغالب يطلق عليها أهل الاختيار . </p><p>ويتمّ تعيين أهل الاختيار ( وهم مجموعة من أهل الحلّ والعقد ) بأحد طريقين :</p><p>أ - تعيّن الخليفة لهم : كما فعل عمر بن الخطّاب بتعيين ستّةٍ من أهل الحلّ والعقد ليختاروا واحداً منهم خليفةً للمسلمين بعده ، وكان ذلك بمحضرٍ من الصّحابة دون نزاعٍ .</p><p>ب - التّعيين بالحضور : إذا لم يعيّن الخليفة جماعةً من أهل الحلّ والعقد فإن من يتيسّر حضوره منهم تنعقد به البيعة ، ويقوم الحضور مقام التّعيين .</p><p>أعمال أهل الحلّ والعقد :</p><p>6 - من ذلك :</p><p>أ - تولية الخليفة : وهذا إجماع لا خلاف فيه لأحدٍ من أهل السّنّة والجماعة .</p><p>ب - تجديد البيعة لمن عهد إليه بالإمامة عند وفاة الإمام ، إذا كان حين عهد إليه غير مستجمعٍ لشروط انعقاد الإمامة ، قال الماورديّ : تعتبر شروط الإمامة في المولّى من وقت العهد إليه ، فإن كان صغيراً أو فاسقاً وقت العهد ، ثمّ أصبح بالغاً عدلاً عند موت المولّي لم تصحّ خلافته ، حتّى يستأنف أهل الاختيار بيعته .</p><p>ج - استقدام المعهود إليه الغائب عند موت الإمام .</p><p>د - تعيين نائبٍ للإمام الّذي ولّي غائباً إلى أن يقدم ، قال الماورديّ : إذا عهد الإمام إلى غائبٍ ، ومات الإمام والمعهود إليه على غيبته ، استقدمه أهل الاختيار ، فإن بعدت غيبته واستضرّ المسلمون بتأخير النّظر في أمورهم استناب أهل الاختيار نائباً عنه ، يبايعونه بالنّيابة دون الخلافة .</p><p>هـ - عزل الإمام عند وجود ما يقتضيه وينظر في إمامته .</p><p>عدد من تنعقد بهم الإمامة من أهل الحلّ والعقد :</p><p>7 - اختلف العلماء في عدد من تنعقد بهم الإمامة من أهل الحلّ والعقد على مذاهب شتّى فقالت طائفة : لا تنعقد إلاّ بأكثريّة أهل الحلّ والعقد من كلّ بلدٍ ، ليكون الرّضى به عامّاً ، والتّسليم لإمامته إجماعاً ، وهو ما ذهب إليه الحنابلة ، قال الإمام أحمد : الإمام الّذي يجتمع عليه ، كلّهم يقول : هذا إمام . وقالت طائفة أخرى : أقلّ من تنعقد به منهم خمسة ، يجتمعون على عقدها ، أو يعقدها أحدهم برضى الأربعة . والّذي عليه الحنفيّة والشّافعيّة أنّ الإمامة تنعقد بتولية جماعةٍ من أهل الحلّ والعقد دون تحديد عددٍ معيّنٍ . </p><p>وتفصيل ما أجمل هنا موطنه مصطلح ( الإمامة الكبرى ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41050, member: 329"] انقلاب الحربيّ ذمّيّاً : 7 - يصبح الحربيّ ذمّيّاً إمّا بالتّراضي ، أو بالإقامة لمدّة سنةٍ في دار الإسلام ، أو بالزّواج ، أو بالغلبة والفتح ، على خلافٍ وتفصيلٍ يأتي بيانه في مصطلح ( أهل الذّمّة ) . انقلاب المستأمن إلى حربيٍّ : 8 - المستأمن : هو الحربيّ المقيم إقامةً مؤقّتةً في ديار الإسلام ، فيعود حربيّاً لأصله بانتهاء مدّة إقامته المقرّرة له في بلادنا ، لكن يبلغ مأمنه لقوله تعالى : { إلاّ الّذين عاهدتم من المشركين ، ثمّ لم يَنْقُصُوكم شيئاً ، ولم يُظَاهِروا عليكم أحداً ، فأَتِمُّوا إليهم عَهْدَهم إلى مُدَّتِهم } ، أو بنبذ العهد ، أي نقضه من جانب المسلمين ، لوجود دلالةٍ على الخيانة ، لقوله تعالى : { وإمّا تَخَافَنَّ من قومٍ خيانةً ، فانْبِذْ إليهم على سواءٍ ، إنّ اللّه لا يُحِبُّ الخائنين } ، وهي في أهل الهدنة أو الأمان ، لا في أهل جزيةٍ ، فلا ينبذ عقد الذّمّة ، لأنّه مؤبّد ، وعقد معاوضةٍ فهو آكد من عقد الهدنة . وقد يصبح المستأمن حربيّاً بنقض الأمان من جانبه هو ، أو بعودته لدار الحرب بنيّة الإقامة ، لا التّجارة أو التّنزّه أو لحاجةٍ يقضيها ، ثمّ يعود إلى دار الإسلام ، فإذا رجع إليهم ولو لغير داره ، انتهى أمانه . هذا ، وكلّ ما ينتقض به عهد الذّمّيّ ، ينتقض به أمان المستأمن ، على حسب الاتّجاهين السّابقين ، لأنّ عقد الذّمّة أمان مؤبّد ، وآكد من الأمان المؤقّت ، ولأنّ المستأمن كالذّمّيّ يلتزم بتطبيق أحكام الإسلام . ومن نقض أمانه بنقض العهد ينبذ إليه ويبلغ المأمن عند الجمهور ، ويخيّر الإمام في شأنه كالأسير الحربيّ ، من قتلٍ ومنٍّ وفداءٍ وغيره عند الحنابلة . انقلاب الحربيّ إلى مستأمنٍ : 9 - يصير الحربيّ مستأمناً بالحصول على أمانٍ من كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ عند الجمهور ، أو حتّى من مميّزٍ عند آخرين . دخول الحربيّ بلاد المسلمين بغير أمانٍ : 10 - ليس لأهل الحرب دخول دار الإسلام بغير أمانٍ ، لأنّه لا يؤمن أن يدخل جاسوساً ، أو متلصّصاً ، أو لشراء سلاحٍ ، فيضرّ بالمسلمين . فإن قال : دخلت لسماع كلام اللّه تعالى ، أو دخلت رسولاً ، سواء أكان معه كتاب أم لم يكن ، أو دخلت بأمان مسلمٍ ، صدّق ولا يتعرّض له ، لاحتمال ما يدّعيه ، وقصد ذلك يؤمّنه من غير احتياجٍ إلى تأمينٍ ، لقوله تعالى : { وإِنْ أحدٌ من المشركين استَجَارَك فَأَجِرْهُ حتّى يسمعَ كلامَ اللّهِ ، ثمّ أبلِغْه مَأْمَنَهُ } ، وهذا قول الشّافعيّة . وقال الحنفيّة : إن ادّعى الأمان لا يصدّق فيه ، بل يطالب ببيّنةٍ ، لإمكانها غالباً ، ولأنّ الثّابت بالبيّنة كالثّابت بالمعاينة . وقريب من هذا قول الحنابلة : إنّ من دخل من الحربيّين دار الإسلام بغير أمانٍ ، وادّعى أنّه رسول ، أو تاجر ومعه متاع يبيعه ، قبل منه ، ويحقن دمه ، إن صدّقته عادة ، كدخول تجّارهم إلينا ونحوه ، لأنّ ما ادّعاه ممكن ، فيكون شبهةً في درء القتل ، ولأنّه يتعذّر إقامة البيّنة على ذلك ، فلا يتعرّض له ، ولجريان العادة مجرى الشّرط . فيصدق إن كان معه تجارة يتّجر بها ، لأنّ التّجارة لا تحصل بغير مالٍ ، ويصدّق مدّعي الرّسالة إن كان معه رسالة يؤدّيها . وإن قال : أمّنني مسلم ، ففيه وجهان : أحدهما : يقبل تغليباً لحقن دمه ، كما يقبل من الرّسول والتّاجر . والثّاني : لا يقبل ، لأنّ إقامة البيّنة عليه ممكنة . فإن قال مسلم : أنا أمّنته ، قبل قوله ، لأنّه يملك أن يؤمّنه ، فقبل قوله فيه ، كالحاكم إذا قال : حكمت لفلانٍ على فلانٍ بحقٍّ . وقال المالكيّة : إن أخذ الحربيّ بأرض الحربيّين حال كونه مقبلاً إلينا ، أو قال : جئت أطلب الأمان منكم ، أو أخذ بأرضنا ومعه تجارة ، وقال لنا : إنّما دخلت أرضكم بلا أمانٍ ، لأنّي ظننت أنّكم لا تتعرّضون لتاجرٍ ، أو أخذ على الحدود بين أرضنا وأرضهم ، وقال ما ذكر ، فيردّ لمأمنه في هذه الحالات . فإن وجدت قرينة كذبٍ ، لم يردّ لمأمنه . أمّا إن دخل الحربيّ بلاد المسلمين بغير أمانٍ ، ولم تتحقّق حالة من الحالات السّابقة ، فعند الجمهور يعتبر كالأسير أو الجاسوس ، فيخيّر فيه الإمام بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء بحسب المصلحة . وفي قول أبي حنيفة يكون فيئاً لجماعة المسلمين . دماء أهل الحرب وأموالهم : 11 - الحرب - كما هو معروف - حالة عداءٍ وكفاحٍ مسلّحٍ بين فريقين ، تقتضي إباحة الدّماء والأموال ، وهذا يقتضي بحث حالة العدوّ في غير حالة العهد ، وفي حالة العهد : أ - في غير حالة العهد : الحربيّ غير المعاهد مهدر الدّم والمال ، فيجوز قتل المقاتلين ، لأنّ كلّ من يقاتل فإنّه يجوز قتله ، وتصبح الأموال من عقاراتٍ ومنقولاتٍ غنيمةً للمسلمين ، وتصير بلاد العدوّ بالغلبة أو الفتح ملكاً للمسلمين ، ويكون وليّ الأمر مخيّراً في الأسرى بين أمورٍ : هي القتل ، والاسترقاق ، والمنّ ( إطلاق سراح الأسير بلا مقابلٍ ) ، والفداء ( تبادل الأسرى أو أخذ المال فديةً عنهم ) ، وفرض الجزية على الرّجال القادرين . فإن قبلوا الجزية وعقد الإمام لهم الذّمّة ، أصبحوا أهل ذمّةٍ ، ويكون لهم ما للمسلمين من الإنصاف ، وعليهم ما عليهم من الانتصاف ، قال عليّ رضي الله عنه : إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا ، وأموالهم كأموالنا . ( ر : أهل الذّمّة ) . ولا تتحقّق هذه الأحكام إلاّ بمشروعيّة الجهاد ، كما ذكر في الفتاوى الهنديّة ، ففيها : يشترط لإباحة الجهاد شرطان : أحدهما : امتناع العدوّ عن قبول ما دعي إليه من الدّين الحقّ ، وعدم الأمان والعهد بيننا وبينهم . والثّاني : أن يرجو الإمام الشّوكة والقوّة لأهل الإسلام ، باجتهاده أو باجتهاد من يعتدّ باجتهاده ورأيه . وإن كان لا يرجو القوّة والشّوكة للمسلمين في القتال ، فإنّه لا يحلّ له القتال ، لما فيه من إلقاء النّفس في التّهلكة . ب - في حالة العهد : العهد من ذمّةٍ أو هدنةٍ أو أمانٍ يعصم الدّم والمال بالنّسبة للحربيّ ، فإن وجد عهد عصم دمه وماله ، وإن لم يوجد فهو على الأصل مهدر الدّم والمال . وتبحث هنا أمور : أوّلاً : قتل المسلم أو الذّمّيّ حربيّاً : 12 - جمهور الفقهاء على أنّه لا يقتصّ من المسلم والذّمّيّ بقتل الحربيّ ، ولو كان مستأمناً ، كما لا دية عليهما بقتل الحربيّ غير المستأمن ، بسبب وجود الشّبهة في إباحة دم الحربيّ ، ولكونه مباح الدّم في الأصل . وشرط القصاص ووجوب الدّية : كون المقتول معصوم الدّم أو محقون الدّم ، أي يحرم الاعتداء على حياته ، بل لا تجب الكفّارة عند القائلين بلزومها في حالة قتل مباح الدّم - كالحربيّ - قتلاً عمداً . ثانياً : حصول المسلم أو الذّمّيّ على شيءٍ من مال الحربيّ بمعاملةٍ يحرّمها الإسلام : 13 - إذا دخل المسلم أو الذّمّيّ دار الحرب بأمانٍ فعاقد حربيّاً عقداً مثل الرّبا ، أو غيره من العقود الفاسدة في حكم الإسلام ، أو أخذ ماله بالميسر ونحوه ممّا حرّمه الإسلام ، لم يحلّ له ذلك عند الجمهور ، ومنهم أبو يوسف من الحنفيّة . واستدلّوا بأنّ حرمة الرّبا ثابتة في حقّ المسلم والحربيّ ، أمّا بالنّسبة للمسلم فظاهر ، لأنّ المسلم ملتزم بأحكام الإسلام حيثما يكون ، وأمّا بالنّسبة للحربيّ ، فلأنّه مخاطب بالمحرّمات ، قال اللّه تعالى : { وأَخْذِهُم الرّبا وقد نُهُوا عنه } ، وآيات تحريم الرّبا ، مثل قوله تعالى : { وحرَّمَ الرّبا } ، وسائر الآيات والأخبار الدّالّة على تحريم الرّبا ، وهي عامّة تتناول الرّبا في كلّ مكان وزمانٍ . وذهب أبو حنيفة ومحمّد إلى جواز ذلك ، مستدلّين بأنّ المسلم يحلّ له أخذ مال الحربيّ من غير خيانةٍ ولا غدرٍ ، لأنّ العصمة منتفية عن ماله ، فإتلافه مباح ، وفي عقد الرّبا ونحوه المتعاقدان راضيان ، فلا غدر فيه ، والرّبا ونحوه كإتلاف المال ، وهو جائز . قال محمّد في السّير الكبير : وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمانٍ ، فلا بأس بأن يأخذ منهم أموالهم بطيب أنفسهم بأيّ وجهٍ كان ، لأنّه إنّما أخذ المباح على وجهٍ عرا عن الغدر ، فيكون ذلك طيّباً منه . وأمّا خيانة المسلم المستأمن عندهم فمحرّمة ، لأنّهم إنّما أعطوا الأمان للمسلم أو الذّمّيّ مشروطاً بتركه خيانتهم ، وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللّفظ ، فهو معلوم في المعنى ، ولذلك من جاءنا منهم بأمانٍ فخاننا ، كان ناقضاً لعهده . وإذا ثبت هذا لم تحلّ للمسلم خيانة الحربيّين إذا دخل دارهم بأمانٍ ، لأنّه غدر ، ولا يصلح في ديننا الغدر ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « المسلمون عند شروطهم » فإن خانهم ، أو سرق منهم ، أو اقترض شيئاً ، وجب عليه ردّ ما أخذ إلى أربابه ، فإن جاء أربابه إلى دار الإسلام بأمانٍ ، أو إيمانٍ ، ردّه عليهم ، وإلاّ بعث به إليهم ، لأنّه أخذه على وجهٍ حرم عليه أخذه ، فلزمه ردّ ما أخذ ، كما لو أخذه من مال مسلمٍ . قال الإمام الشّافعيّ في الأمّ : وممّا يوافق التّنزيل والسّنّة ويعقله المسلمون ، ويجتمعون عليه ، أنّ الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر ، والحرام في دار الإسلام حرام في بلاد الكفر ، فمن أصاب حراماً ، فقد حدّه اللّه على ما شاء منه ، ولا تضع عنه بلاد الكفر شيئاً . ثالثاً : إتلاف ممتلكات أهل الحرب : أ - في حالة الأمان أو العهد : 14 - العهد يعصم الدّماء والأموال ، ويوجب الكفّ عن أعمال القتال ، قال بعض فقهاء الحنفيّة : إذا دخل المسلم دار الحرب تاجراً ( بأمانٍ ) ، فلا يحلّ له أن يتعرّض لشيءٍ من أموالهم ولا من دمائهم ، لأنّه ضمن ألا يتعرّض لهم بالاستئمان ، فالتّعرّض بعد ذلك يكون غدراً والغدر حرام ، إلاّ إذا غدر به ملكهم ، فأخذ أمواله أو حبسه ، أو فعل ذلك غير الملك بعلم الملك ولم يمنعه ، لأنّهم هم الّذين نقضوا العهد ، بخلاف الأسير ، لأنّه غير مستأمنٍ ، فيباح له التّعرّض للمال والدّم ، وإن أطلقوه طوعاً . ب - في حالة عدم العهد والأمان : 15 - في حال الحرب يجوز بالاتّفاق إتلاف أشجار العدوّ ، وذبح مواشيهم ، وإتلاف سائر أموالهم إن كان في ذلك مصلحة للمسلمين ، كإتلاف ما يتقوّون به من الآليّات والحصون والسّلاح والخيل ، وإتلاف الشّجر الّذي يستترون به ، أو يعوق العمليّات الحربيّة ، أو يحتاج المسلمون لقطعه لتوسيع طريقٍ ، أو تمكّنٍ من سدّ ثغرةٍ ، أو احتاجوا إليه للأكل ، أو يكون الكفّار يفعلون بنا ذلك ، فنفعل بهم مثله لينتهوا ، فهذا يجوز بغير خلافٍ . وأمّا إتلاف ذلك لغير مصلحةٍ إلاّ لمغايظة الكفّار والإضرار بهم والإفساد عليهم ، فقد اختلف الفقهاء في ذلك . فذهب الحنفيّة والمالكيّة وأحمد في روايةٍ في الأشجار والزّروع : إلى أنّ ذلك جائز ، لقول اللّه تعالى : { ما قَطَعْتُم من لِينَةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فَبِإِذنِ اللّه وَلِيُخْزِيَ الفاسقين } . وقوله تعالى { ولا يَنَالُون من عَدُوٍّ نيلاً إلاّ كُتِبَ لهم به عملٌ صالحٌ } ، لكن قال ابن الهمام : هذا إذا لم يغلب على الظّنّ أنّهم مأخوذون بغير ذلك ، فإن كان الظّاهر أنّهم مغلوبون ، وأنّ الفتح بادٍ ( أي ظاهر قريب ) كره ذلك ، لأنّه إفساد في غير محلّ الحاجة ، وما أبيح إلاّ لها . وقال الحنابلة في روايةٍ والأوزاعيّ واللّيث وأبو ثورٍ : لا يجوز ذلك لأنّه إتلاف محض . عمل ما ينفع أهل الحرب ويقوّيهم أ - الوصيّة لأهل الحرب : 16- هناك اتّجاهان في الوصيّة لأهل الحرب : الاتّجاه الأوّل : لا تصحّ الوصيّة للحربيّ إذا كان في دار الحرب ، لأنّ في ذلك قوّةً لهم ، فالتّبرّع بتمليكه المال ، يكون إعانةً له على الحرب ، وأنّه لا يجوز ، ولقوله تعالى : { إنّما يَنْهاكم اللّهُ عن الّذين قَاتَلوكم في الدِّين ، وأخرجُوكم من ديارِكم ، وظَاهَروا على إخراجِكم أَنْ تَوَلَّوْهُم ، ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون } . فدلّ ذلك على أنّ من قاتلنا لا يحلّ برّه ، وهذا اتّجاه الحنفيّة والمالكيّة . والاتّجاه الثّاني : للشّافعيّة في الأصحّ والحنابلة - يجيز الوصيّة لحربيٍّ معيّنٍ ، لا لعامّة الحربيّين ، سواء أكان بدار الحرب أم بدارنا ، لأنّه تصحّ الهبة والصّدقة له ، فصحّت له الوصيّة كالذّمّيّ ، وقد روي : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعطى عمر حلّةً ، فقال : يا رسول اللّه ، أكسوتنيها : وقد قلت في حلّة عطارد ما قلت ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إنّي لم أكسكها لتلبسها ، فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكّة » . وعن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما ، قالت : « أتتني أمّي راغبة في عهد قريشٍ ، وهي مشركة ، فسألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أصلها ؟ قال : نعم » . زاد البخاريّ . قال ابن عيينة : فأنزل اللّه فيها : { لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين … } الآية ، ومعنى راغبةٍ : أي طامعة تسألني شيئاً . فهذان فيهما صلة أهل الحرب وبرّهم ، ثمّ قد حصل الإجماع على جواز الهبة ، والوصيّة في معناها . ومن أدلّة الجواز : قوله تعالى : { وإِنْ جَاهدَاك على أن تُشْرِكَ بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطِعْهُما وصاحِبْهما في الدّنيا مَعْرُوفاً } . ب - الوقف على أهل الحرب : 17 - اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنّه لا يجوز الوقف على الحربيّين ، والوقف باطل ، لأنّ أموالهم مباحة في الأصل ، ويجوز أخذها منهم بالقهر والغلبة ، فما يتجدّد لهم أولى ، والوقف لا يجوز أن يكون مباح الأخذ ، لأنّه تحبيس الأصل ، ولأنّه يشترط في الوقف أن يكون قربةً في ذاته ، وعند التّصرّف ، والوقف على الحربيّ معصية وليس قربةً . ج - الصّدقة على أهل الحرب : 18 - اتّفق الأئمّة الأربعة على صحّة الصّدقة أو الهبة للحربيّ ، لأنّه ثبت في السّيرة « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أهدى إلى أبي سفيان تمر عجوةٍ ، حين كان بمكّة محارباً ، واستهداه أدماً » . و « بعث بخمسمائة دينارٍ إلى أهل مكّة حين قحطوا لتوزّع بين فقرائهم ومساكينهم » . وفي قوله تعالى : { وَيُطْعِمُون الطّعامَ على حُبِّهِ مِسْكيناً ويتيماً وأسيراً إنّما نطعمكم لوجْهِ اللّه لا نُريدُ منكم جَزَاءً ولا شُكُوراً } . قال الحسن كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يؤتى بالأسير ، فيدفعه إلى بعض المسلمين ، فيقول : « أحسن إليه » فيكون عنده اليومين والثّلاثة ، فيؤثر على نفسه . وعند عامّة العلماء : يجوز الإحسان إلى الكفّار في دار الإسلام ، وعن قتادة : كان أسيرهم يومئذٍ المشرك . د - توارث الذّمّيّ والحربيّ : 19 - يرى جمهور الفقهاء أنّ اختلاف الدّارين لا يمنع من التّوارث بين الكفّار ، ويرى بعض الفقهاء أنّ اختلاف الدّارين يمنع التّوارث . وفي ذلك تفصيل تقدّم في ( إرثٍ/ ج 3) . هـ - إرث المسلم الحربيّ ، والحربيّ المسلم : 20 - ذهب الجمهور إلى أنّه لا يرث المسلم كافراً ، والكفّار مسلماً ، وفي ذلك خلاف وتفصيل يرجع إليه في : ( إرثٍ ) . و - الاتّجار مع أهل الحرب : 21 - تدلّ عبارات الفقهاء على جواز الاتّجار مع الحربيّين ، فللمسلم أو الذّمّيّ دخول دار الحرب بأمانٍ للتّجارة ، وللحربيّ دخول دارنا تاجراً بأمانٍ ، وتؤخذ العشور على التّجارة العابرة عند اجتياز حدود دار الإسلام . ولكن لا يجوز إمداد المحاربين بما يقوّيهم من السّلاح والآلات والموادّ الّتي يصنع منها السّلاح ، كما لا يجوز السّماح بالاتّجار بالمحظورات الشّرعيّة كالخمور والخنازير وسائر المنكرات ، لأنّها مفاسد ممنوعة شرعاً ، ويجب مقاومتها . وليس للحربيّ المستأمن شراء الأسلحة من بلاد الإسلام . وفيما عدا هذه القيود يجوز أن تظلّ حرّيّة التّجارة قائمةً ، إلاّ أنّ المالكيّة انفردوا بالقول بمنع التّصدير من بلادنا ، ومتاجرة المسلمين في دار الحرب إذا كانت أحكامهم تجري على التّجّار ، لأنّ في تصدير أيّ شيءٍ إليهم تقويةً لهم على المسلمين ، ولأنّ المسلم ممنوع من الإقامة في دار الشّرك ، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « أنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلمٍ يُقِيْمُ بين أَظْهُرِ المشركين » . كما أنّه لا يجوز تصدير الأطعمة ونحوها إلاّ إذا كانت هناك هدنة مع العدوّ ، أمّا في غير الهدنة فلا يجوز . والأدلّة على جواز التّصدير من بلادنا منها : حديث ثمامة بن أثالٍ الحنفيّ بعد أن أسلم ، « فإنّه قال لأهل مكّة حين قالوا له : صبوت ؟ فقال : إنّي واللّه ما صبوت ، ولكنّي واللّه أسلمت ، وصدّقت محمّداً صلى الله عليه وسلم وآمنت به ، وايم اللّه الّذي نفس ثمامة بيده ، لا تأتيكم حبّة من اليمامة – وكانت ريف مكّة – حتّى يأذن فيها محمّد صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ، ومنع الحمل إلى مكّة ، حتّى جهدت قريش ، فكتبوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة ، يحمل إليهم الطّعام ، ففعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم » . فهذا يدلّ على جواز تصدير الأطعمة ونحوها إلى الأعداء ، حتّى ولو كانت حالة الحرب قائمةً معهم . ومن الأدلّة أيضاً الأحاديث السّابقة المذكورة في بحث الصّدقة على أهل الحرب والوصيّة لهم ( قصّة إهداء التّمر لأبي سفيان ، وصلة أسماء أمّها المشركة ، وإطعام المسلمين الأسرى ) . أمّا الدّليل على حظر تصدير الأسلحة ونحوها ، فمنه : حديث عمران بن حصينٍ رضي الله عنه : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السّلاح في الفتنة » ، والفتنة : الحروب الدّاخليّة ، وفتنة غير المسلمين أشدّ عليهم ، فكان أولى ألاّ يباع لهم . وقال الحسن البصريّ : لا يحلّ لمسلمٍ أن يحمل إلى عدوّ المسلمين سلاحاً يقوّيهم به على المسلمين ، ولا كراعاً ، ولا ما يستعان به على السّلاح والكراع . هذا وإنّ في بيع السّلاح للأعداء تقويةً لهم على قتال المسلمين ، وباعثاً لهم على شنّ الحروب ، ومواصلة القتال لاستعانتهم به ، وذلك يقتضي المنع . نكاح المسلم الحربيّة الكتابيّة : 22 - صريح القرآن أنّه يحلّ للمسلم التّزوّج بالمرأة الكتابيّة ، ويدخل في ذلك الذّمّيّات منهنّ ، كما تدخل الحربيّات الكتابيّات لا فرق بين الصّنفين ، وذلك لقوله تعالى : { وطعامُ الّذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامُكم حِلٌّ لهم والمحصناتُ من المؤمنات والمحصناتُ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم } على أنّ في ذلك خلافاً وتفصيلاً يرجع إليه في بحث ( نكاحٍ ) . النّفقة على الزّوجة والأقارب الحربيّين : أوّلاً : نفقة الزّوجة الحربيّة : 23 - اتّفق الفقهاء على وجوب النّفقة للزّوجة مطلقاً ، فالكتابيّة كالمسلمة في استحقاق النّفقة وغيرها من حقوق الزّواج ، سواء كانت الزّوجة في أثناء الزّواج فعلاً ، أم في العدّة ، لاشتراكهما ( أي المسلمة وغيرها ) في رابطة الزّوجيّة ، وفي سبب الاستحقاق وشرطه ، فهي محبوسة على الزّوج يمنعها من التّصرّف والاكتساب ، فوجبت نفقتها عليه . واللّه تعالى أثبت للزّوجة حقّ النّفقة على زوجها ، لقوله عزّ وجلّ : { لِيُنفقْ ذو سَعَةٍ من سعته ومن قُدِرَ عليه رِزقُه فلْينفقْ ممّا آتاه اللَّهُ لا يكلّف اللّهُ نفساً إلاّ ما آتاها } ، ولم تفرّق النّصوص بين المسلمة والكتابيّة . ( ر : نفقة ) . ثانياً : نفقة الأقارب الحربيّين : 24 - يرى المالكيّة على المشهور والشّافعيّة أنّه تجب على الموسر المسلم نفقة أقاربه المعسرين ، ولو كانوا كفّاراً ، أي ولو كان هناك اختلاف في الدّين ، لكن بعض أصحاب هذا الاتّجاه يقصرون إيجاب النّفقة على الوالدين والولد فقط ، فتجب عندهم النّفقة على الولد لأبويه المعسرين فقط ، كما تجب نفقة الولد المعسر على أبيه الموسر ، سواء أكان الولد كافراً والأبوان مسلمين ، أم كان الولد مسلماً والأبوان كافرين . والشّافعيّة يوجبون نفقة الوالد وإن علا ، ونفقة الولد وإن سفل ، وإن اختلفت ملّتهما . ودليل الفريقين : وجود الموجب للنّفقة ، وهو الجزئيّة والبعضيّة بين الوالد والولد ، كالحكم بردّ الشّهادة بسبب الولادة . ( ر : نفقة ) . ويرى الحنفيّة والحنابلة : أنّه لا تجب النّفقة بسبب اختلاف الدّين ، فلا تجب على المسلم نفقة أبويه الحربيّين ، ولا يجبر الحربيّ على الإنفاق على أبيه المسلم أو الذّمّيّ ، لأنّ استحقاق النّفقة بطريق الصّلة والبرّ والمواساة ، ولا تستحقّ الصّلة للحربيّ ، للنّهي عن برّهم ، في قوله تعالى : { إنّما يَنهاكم اللّهُ عن الّذين قاتَلوكم في الدّين وأخْرَجوكم من ديارِكم وظَاهَرُوا على إخراجكم أن تَوَلَّوْهُم ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون } ، ولأنّهما غير متوارثين ، فلم يجب لأحدهما على الآخر نفقته بالقرابة . وتختلف عن نفقة الزّوجات ، لأنّ نفقة الزّوجات عوض تجب مع الإعسار ، فلم ينافها اختلاف الدّين كالصّداق والأجرة ، ولأنّ نفقة الوالدين صلة ومواساة كما ذكر ، فلا تجب مع اختلاف الدّين ، كأداء زكاته إليه ، وإرثه منه . لكن يقول الحنابلة ، والكاسانيّ من الحنفيّة : تجب النّفقة بين الذّمّيّ والمستأمن ، أو بين المستأمنين في قرابة الأصول والفروع ، لأنّ اختلاف الدّين لا يمنع من الإلزام بالنّفقة في حقّ الولادة . أهل الحلّ والعقد * التّعريف : 1 - يطلق لفظ " أهل الحلّ والعقد " على أهل الشّوكة من العلماء والرّؤساء ووجوه النّاس الّذين يحصل بهم مقصود الولاية ، وهو القدرة والتّمكّن ، وهو مأخوذ من حلّ الأمور وعقدها . الألفاظ ذات الصّلة : أ - أهل الاختيار : 2 - أهل الاختيار هم الّذين وكّل إليهم اختيار الإمام . وهم جماعة من أهل الحلّ والعقد ، وقد يكونون جميع أهل الحلّ والعقد ، وقد يكونون بعضاً منهم . ب - أهل الشّورى : 3 - المستقرئ لحوادث التّاريخ يجد أنّ هناك فرقاً بين أهل الشّورى وأهل الحلّ والعقد ، إذ الصّفة البارزة في أهل الشّورى " هي العلم " لكن الصّفة البارزة في أهل الحلّ والعقد هي " الشّوكة " . فقد ورد أنّ أبا بكرٍ رضي الله عنه كان إذا حزبه أمر استدعى عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعبد الرّحمن بن عوفٍ ومعاذ بن جبلٍ وأبيّ بن كعبٍ وزيد بن ثابتٍ ، وكلّ هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكرٍ ، فاستشارهم في حين كان من بين الّذين تولّوا بيعة أبي بكرٍ من أهل الحلّ والعقد بشير بن سعدٍ ، ولم يكن بشير من أهل الفتوى من الصّحابة ، ولكنّه كان مسموع الكلمة في قومه - الخزرج - ويقال إنّه أوّل من بايع أبا بكرٍ الصّدّيق يوم السّقيفة من الأنصار . صفات أهل الحلّ والعقد : 4 - لمّا نيط بأهل الحلّ والعقد عمل معيّن - وهو تعيين الخلفاء - كان لا بدّ من أن تتوفّر فيهم الصّفات التّالية : أ - العدالة الجامعة لشروطها الواجبة في الشّهادات من الإسلام والعقل والبلوغ وعدم الفسق واكتمال المروءة . ب - العلم الّذي يوصل به إلى معرفة من يستحقّ الإمامة على الشّروط المعتبرة فيها . ج - الرّأي والحكمة المؤدّيان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح . د - أن يكون من ذوي الشّوكة الّذين يتّبعهم النّاس ، ويصدرون عن رأيهم ، ليحصل بهم مقصود الولاية . هـ- الإخلاص والنّصيحة للمسلمين . تعيين " أهل الاختيار" من أهل الحلّ والعقد : 5 - الأصل أنّ أهل الحلّ والعقد هم كلّ من تتوافر فيه الصّفات السّابقة ، إلاّ أنّ من يباشر الاختيار منهم هم فئة منهم في الغالب يطلق عليها أهل الاختيار . ويتمّ تعيين أهل الاختيار ( وهم مجموعة من أهل الحلّ والعقد ) بأحد طريقين : أ - تعيّن الخليفة لهم : كما فعل عمر بن الخطّاب بتعيين ستّةٍ من أهل الحلّ والعقد ليختاروا واحداً منهم خليفةً للمسلمين بعده ، وكان ذلك بمحضرٍ من الصّحابة دون نزاعٍ . ب - التّعيين بالحضور : إذا لم يعيّن الخليفة جماعةً من أهل الحلّ والعقد فإن من يتيسّر حضوره منهم تنعقد به البيعة ، ويقوم الحضور مقام التّعيين . أعمال أهل الحلّ والعقد : 6 - من ذلك : أ - تولية الخليفة : وهذا إجماع لا خلاف فيه لأحدٍ من أهل السّنّة والجماعة . ب - تجديد البيعة لمن عهد إليه بالإمامة عند وفاة الإمام ، إذا كان حين عهد إليه غير مستجمعٍ لشروط انعقاد الإمامة ، قال الماورديّ : تعتبر شروط الإمامة في المولّى من وقت العهد إليه ، فإن كان صغيراً أو فاسقاً وقت العهد ، ثمّ أصبح بالغاً عدلاً عند موت المولّي لم تصحّ خلافته ، حتّى يستأنف أهل الاختيار بيعته . ج - استقدام المعهود إليه الغائب عند موت الإمام . د - تعيين نائبٍ للإمام الّذي ولّي غائباً إلى أن يقدم ، قال الماورديّ : إذا عهد الإمام إلى غائبٍ ، ومات الإمام والمعهود إليه على غيبته ، استقدمه أهل الاختيار ، فإن بعدت غيبته واستضرّ المسلمون بتأخير النّظر في أمورهم استناب أهل الاختيار نائباً عنه ، يبايعونه بالنّيابة دون الخلافة . هـ - عزل الإمام عند وجود ما يقتضيه وينظر في إمامته . عدد من تنعقد بهم الإمامة من أهل الحلّ والعقد : 7 - اختلف العلماء في عدد من تنعقد بهم الإمامة من أهل الحلّ والعقد على مذاهب شتّى فقالت طائفة : لا تنعقد إلاّ بأكثريّة أهل الحلّ والعقد من كلّ بلدٍ ، ليكون الرّضى به عامّاً ، والتّسليم لإمامته إجماعاً ، وهو ما ذهب إليه الحنابلة ، قال الإمام أحمد : الإمام الّذي يجتمع عليه ، كلّهم يقول : هذا إمام . وقالت طائفة أخرى : أقلّ من تنعقد به منهم خمسة ، يجتمعون على عقدها ، أو يعقدها أحدهم برضى الأربعة . والّذي عليه الحنفيّة والشّافعيّة أنّ الإمامة تنعقد بتولية جماعةٍ من أهل الحلّ والعقد دون تحديد عددٍ معيّنٍ . وتفصيل ما أجمل هنا موطنه مصطلح ( الإمامة الكبرى ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية