الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41058" data-attributes="member: 329"><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الوصيّة :</p><p>2 - يرى الحنفيّة والشّافعيّة : أنّ الوصيّة أعمّ من الإيصاء ، فهي عندهم ، تصدق على التّمليك المضاف إلى ما بعد الموت بطريق التّبرّع ، وتصدق على الإيصاء ، وهو طلب شيءٍ من غيره ليفعله بعد وفاته ، كقضاء ديونه وتزويج بناته . </p><p>ويرى المالكيّة وبعض الحنابلة : أنّ الوصيّة والإيصاء بمعنًى واحدٍ . فقد عرّفها المالكيّة بأنّها : عقد يوجب حقّاً في ثلث مال العاقد يلزم بموته ، أو يوجب نيابةً عنه بعد موته وعرّفها بعض الحنابلة : بأنّها الأمر بالتّصرّف بعد الموت ، أو التّبرّع بالمال بعده . </p><p>فكلّ من هذين التّعريفين يفيد أنّ الوصيّة قد تكون بالتّبرّع بالمال بعد الموت ، وقد تكون بإقامةٍ الموصي غيره مقام نفسه في أمرٍ من الأمور بعد وفاته ، فهي شاملة لكلٍّ منهما على السّواء ، فكلاهما يطلق عليه اسم الوصيّة .</p><p>ب - الولاية :</p><p>3 - الولاية هي : القدرة على إنشاء العقود والتّصرّفات النّافذة من غير توقّفٍ على إجازة أحدٍ . فإن كانت هذه العقود والتّصرّفات متعلّقةً بمن قام بها سمّيت الولاية ولايةً قاصرةً ، وإن كانت متعلّقةً بغيره سمّيت الولاية ولايةً متعدّيةً ، وهذه الولاية المتعدّية أعمّ من الوصاية ، لأنّ كلّاً منهما يملّك صاحبه التّصرّف بطريق النّيابة عن غيره ، إلاّ أنّ الولاية قد يكون مصدرها الشّرع ، كولاية الأب على ابنه ، وقد يكون مصدرها العقد كما في الوكالة والإيصاء ، فإنّه يكون بتولية صاحب الشّأن في التّصرّف ، فهو الّذي يعهد إلى غيره بالنّيابة عنه في بعض الأمور بعد وفاته .</p><p>ج - الوكالة :</p><p>4 - الوكالة : إقامة الشّخص غيره مقام نفسه في تصرّف مملوكٍ قابلٍ للنّيابة ، ليفعله في حال حياته . فهي تشبه الإيصاء من حيث إنّ كلّاً منهما فيه تفويض للغير في القيام ببعض الأمور نيابةً عمّن فوّضه ، إلاّ أنّ بينهما فرقاً من ناحية أنّ التّفويض للغير في الإيصاء يكون بعد الموت ، أمّا في الوكالة فإنّ التّفويض يكون في حال الحياة . </p><p>هذا وسوف يقتصر الكلام في هذا البحث على الإيصاء بمعنى إقامة الوصيّ ، أمّا ما يتعلّق بسائر أحكام الوصيّة فينظر في مصطلح : ( وصيّةٍ ) . </p><p>ما يتحقّق به عقد الإيصاء :</p><p>5 - يتحقّق عقد الإيصاء بإيجابٍ من الموصي ، وقبولٍ من الموصى إليه ، ولا يشترط في الإيجاب أن يكون بألفاظٍ مخصوصةٍ ، بل يصحّ بكلّ لفظٍ يدلّ على تفويض الأمر إلى الموصى إليه بعد موت الموصي ، مثل : جعلت فلاناً وصيّاً ، أو عهدت إليه بمال أولادي بعد وفاتي ، وما أشبه ذلك . وكذلك القبول ، فإنّه يصحّ بكلّ ما يدلّ على الموافقة والرّضى بما صدر من الموصي ، سواء أكان بالقول كقبلت أو رضيت ، أو أجزت ، ونحو ذلك ، أم بالفعل الدّالّ على الرّضى ، كبيع شيءٍ من التّركة بعد موت الموصي ، أو شرائه شيئاً يصلح للورثة ، أو قضائه لدينٍ أو اقتضائه له . </p><p>ولا يشترط في القبول أن يكون في مجلس الإيجاب ، بل يمتدّ زمنه إلى ما بعد موت الموصي ، لأنّ أثر عقد الإيصاء لا يظهر إلاّ بعد موت الموصي ، فكان القبول ممتدّاً إلى ما بعده . وصحّ قبول الإيصاء في حال حياة الموصي عند الحنفيّة ، والمالكيّة ، والحنابلة ، والشّافعيّة في مقابل الأصحّ عندهم ، لأنّ تصرّف الموصى إليه يقع لمنفعة الموصي . فلو وقف القبول والرّدّ على موته لم يؤمن أن يموت الموصي ، ولم يسند وصيّته إلى أحدٍ ، فيكون في ذلك إضرار به ، وهذا بخلاف قبول الوصيّة بجزءٍ من المال فإنّ قبول الموصى له لا يكون معتبراً إلاّ بعد موت الموصي ، لأنّ الاستحقاق فيها إنّما هو لحقّ الموصى له ، فلم يكن ثمّ ما يدعو إلى تقديم القبول على الموت . وفي القول الأصحّ عند الشّافعيّة : لا يصحّ القبول في الإيصاء إلاّ بعد موت الموصي ، لأنّ الإيصاء مضاف إلى الموت ، فقبل الموت لم يدخل وقته ، فلا يصحّ القبول أو الرّدّ قبله ، كما في الوصيّة بالمال .</p><p>حكم الإيصاء من حيث هو :</p><p>6 - الأصل في الإيصاء إلى الغير أنّه لا يصحّ ، وذلك لأنّ صحّة التّصرّف تتوقّف على الولاية عليه ممّن صدر عنه ، والموصي تنتهي ولايته بالموت ، إلاّ أنّ الشّرع أجازه استثناءً من هذا الأصل ، وذلك لما روي أنّ الصّحابة رضي الله تعالى عنهم كان يوصي بعضهم إلى بعضٍ ، من غير إنكارٍ على أحدٍ منهم في ذلك ، فاعتبر هذا إجماعاً منهم على الجواز . روى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة قال : أوصى إلى الزّبير سبعة من الصّحابة ، منهم عثمان ، والمقداد ، وعبد الرّحمن بن عوفٍ ، ومطيع بن الأسود . وروي عن أبي عبيدة أنّه لمّا عبر الفرات أوصى إلى عمر . </p><p>وروي أنّ ابن مسعودٍ قد أوصى فكتب : إن حدث بي حادث الموت من مرضي هذا ، فمرجع وصيّتي إلى اللّه سبحانه ، ثمّ إلى الزّبير بن العوّام وابنه عبد اللّه . ولأنّ الإيصاء وكالة وأمانة فأشبه الوديعة ، والوكالة في الحياة ، وكلاهما جائز ، فكذلك الإيصاء .</p><p>حكم الإيصاء بالنّسبة للموصي :</p><p>7 - الإيصاء بالنّسبة للموصي يكون واجباً عليه إذا كان بردّ المظالم ، وقضاء الدّيون المجهولة ، أو الّتي يعجز عنها في الحال ، لأنّ أداءها واجب ، والإيصاء هو الوسيلة لأدائه ، فيكون واجباً مثله . وكذلك الإيصاء على الأولاد الصّغار ومن في حكمهم إذا خيف عليهم الضّياع ، لأنّ في هذا الإيصاء صيانةً لهم من الضّياع ، وصيانة الصّغار من الضّياع واجبة بلا خلافٍ ، لحديث : « كفى بالمرء إثماً أن يُضَيِّعَ من يَعُول » . </p><p>أمّا الإيصاء بقضاء الدّين المعلوم ، وردّ المظالم المعلومة ، وتنفيذ الوصايا إن كانت ، والنّظر في أمر الأولاد الصّغار ومن في حكمهم الّذين لا يخشى عليهم الضّياع ، فهو سنّة أو مستحبّ باتّفاق الفقهاء ، تأسّياً بالسّلف الصّالح في ذلك ، حيث كان يوصي بعضهم إلى بعضٍ ، كما تقدّم . هذا هو حكم الإيصاء بالنّسبة للموصي . </p><p>أمّا بالنّسبة للوصيّ ، فإنّه إذا أوصى إليه أحد جاز له قبول الوصيّة ، إذا كانت له قدرة على القيام بما أوصي إليه فيه ، ووثق من نفسه أداءه على الوجه المطلوب ، لأنّ الصّحابة رضي الله تعالى عنهم كان بعضهم يوصي إلى بعضٍ ، فيقبلون الوصيّة ، فقد روي أنّ عبد اللّه بن عمر كان وصيّاً لرجلٍ ، وكان الزّبير بن العوّام وصيّاً لسبعةٍ من الصّحابة . </p><p>وقياس مذهب أحمد أنّ ترك الدّخول في الوصيّة أولى ، لما فيه من الخطر ، وهو لا يعدل بالسّلامة شيئاً ، ولذلك كان يرى ترك الالتقاط ، وترك الإحرام من قبل الميقات أفضل ، تحرّياً للسّلامة واجتناباً للخطر ، ويدلّ على ذلك ، ما رواه مسلم أنّ النّبيّ قال لأبي ذرٍّ : « إنّي أراك ضعيفاً ، وإنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي ، فلا تأَمَّرَنّ على اثنين ، ولا تَوَلَّينّ مالَ يتيمٍ » . </p><p>وفي ردّ المحتار : أنّه لا ينبغي للوصيّ أن يقبل الوصاية ، لأنّها على خطرٍ ، وعن أبي يوسف : الدّخول فيها أوّل مرّةٍ غلط ، والثّانية خيانة ، والثّالثة سرقة . </p><p>وعن الحسن : لا يقدر الوصيّ أن يعدل ولو كان عمر بن الخطّاب . </p><p>وقال أبو مطيعٍ : ما رأيت في مدّة قضائي عشرين سنةً من يعدل في مال ابن أخيه .</p><p>لزوم عقد الإيصاء وعدم لزومه :</p><p>8 - الإيصاء ليس تصرّفاً لازماً في حقّ الموصي باتّفاق الفقهاء ، فله الرّجوع عنه متى شاء ، أمّا في حقّ الوصيّ ، فإنّ عقد الإيصاء لا يكون لازماً في حياة الموصي باتّفاق الفقهاء ، فله الرّجوع عنه متى شاء ، فإذا رجع كان رجوعه عزلاً لنفسه عن الإيصاء . </p><p>إلاّ أنّ الحنفيّة قيّدوا صحّة هذا الرّجوع بعلم الموصي ، ليتمكّن من الإيصاء إلى غيره إذا شاء ، فإن رجع عن الوصيّة بغير علم الموصي فلا يصحّ رجوعه حتّى لا يصير مغروراً من جهته . </p><p>وقيّد الشّافعيّة جواز رجوع الوصيّ عن الوصاية إذا كان الإيصاء واجباً على الموصي بألاّ يتعيّن الوصيّ ، أو يغلب على ظنّه تلف المال الموصى برعايته ، باستيلاء ظالمٍ عليه من قاصدٍ وغيره ، فإن تعيّن الوصيّ ، أو غلب على ظنّه تلف المال فليس له الرّجوع عن الوصيّة . أمّا بعد موت الموصي ، فليس للوصيّ عزل نفسه عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو رواية عن أحمد ، ذكرها ابن موسى في الإرشاد ، لأنّ الوصيّ لمّا قبل الوصيّة في حياة الموصي فقد جعله يعتمد عليه فيما أوصى به إليه ، فإذا رجع عن الوصيّة بعد موته كان تغريراً به ، وهو لا يجوز . </p><p>وقال الشّافعيّة والحنابلة : للوصيّ عزل نفسه بعد موت الموصي ، لأنّ الوصاية كالوكالة من حيث إنّ كلّاً منهما تصرّف بالإذن ، والوكيل له عزل نفسه متى شاء ، فكذلك الوصيّ . </p><p>وقد استثنى الشّافعيّة من ذلك ما إذا وجب الإيصاء وتعيّن القبول على الوصيّ ، فلا يجوز له الرّجوع عن الوصيّة .</p><p>من يكون له تولية الوصيّ :</p><p>9 - تولية الوصيّ تختلف تبعاً لاختلاف ما يتعلّق الإيصاء به ، فإن كان الإيصاء بتصرّفٍ معيّنٍ ، كقضاء الدّيون واقتضائها ، وردّ الودائع واستردادها ، وتنفيذ الوصايا ونحو ذلك ، فالّذي يكون له تولية الوصيّ هو صاحب الشّأن في ذلك التّصرّف ، لأنّ من له ولاية على تصرّفٍ من التّصرّفات ، كان له أن ينيب عنه غيره فيه للقيام به في حال حياته بطريق الوكالة ، وبعد وفاته بطريق الوصيّة ، أمّا إن كان الإيصاء برعاية الأولاد الصّغار ومن في حكمهم ، كالمجانين والمعتوهين ، والنّظر في أموالهم بحفظها والتّصرّف فيها بما ينفعهم ، فلا خلاف بين الفقهاء في أنّ تولية الوصيّ تكون للأب ، لأنّ للأب - عندهم جميعاً - الولاية على أولاده الصّغار ومن في حكمهم في حال حياته ، فيكون له الحقّ في إقامة خليفةٍ عنه في الولاية عليهم بعد وفاته . </p><p>ومثل الأب في هذا الحكم الجدّ عند الحنفيّة والشّافعيّة ، فله حقّ تولية الوصيّ ، لأنّ الجدّ له عندهم الولاية على أولاد أولاده وإن نزلوا ، فيكون له حقّ الإيصاء عليهم لمن شاء بعد موته كالأب . وقال المالكيّة والحنابلة : ليس للجدّ حقّ تولية وصيٍّ عنه على أولاد أولاده ، لأنّ الجدّ لا ولاية له عندهم على أموال هؤلاء الأولاد ، لأنّه لا يدلي إليهم بنفسه ، وإنّما يدلي إليهم بالأب ، فكان كالأخ والعمّ ، ولا ولاية لأحدهما على مال أولاد أخيه ، فكذلك الجدّ لا ولاية له على مال أولاد أولاده . </p><p>ولوصيّ الأب حقّ الإيصاء بعده لمن شاء عند الحنفيّة ، لأنّ الأب أقامه مقام نفسه ، فكان له الإيصاء كالأب ، ويوافق الحنفيّة في ذلك المالكيّة ، إلاّ أنّهم قيّدوا حقّ الوصيّ في الإيصاء لغيره بما إذا لم يمنعه الأب من الإيصاء إلى غيره ، فإن منعه من الإيصاء إلى غيره ، كأن قال له : أوصيتك على أولادي ، وليس لك أن توصي عليهم ، فلا يجوز له الإيصاء . </p><p>وقال الحنابلة والشّافعيّة في الأظهر : ليس للوصيّ حقّ الإيصاء إلى غيره ، إلاّ إذا جعل له الإيصاء إلى غيره ، لأنّ الوصيّ يتصرّف بطريق النّيابة عن الموصي ، فلم يكن له التّفويض إلى غيره ، إلاّ إذا أذن له في ذلك ، كالوكيل ، فإنّه لا يجوز له توكيل غيره فيما وكّل فيه ، إلاّ إذا أذن له الموكّل ، فكذلك الوصيّ . </p><p>وللقاضي إذا لم يوص الأب والجدّ أو وصيّهما لأحدٍ أن يعيّن وصيّاً من قبله باتّفاق الفقهاء ، لأنّه وليّ من لا وليّ له ، كما جاء في الحديث الصّحيح « السّلطان وليّ من لا وليّ له » . والقاضي لا يلي أمور القاصرين بنفسه ، ولكنّه يكل أمورهم إلى من يعيّنهم من الأوصياء . أمّا الأمّ فليس لها تولية الوصيّ على أولادها عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة لأنّه لا ولاية لها على أولادها في حال حياتها ، فلا يكون لها حقّ إقامة خليفةٍ عنها في حال وفاتها . </p><p>وقال المالكيّة : للأمّ الحقّ في الإيصاء على أولادها ، إذا توافرت هذه الشّروط الثّلاثة : </p><p>- 1 - أن يكون مال الأولاد موروثاً عن الأمّ ، فإن كان غير موروثٍ عنها ، فليس لها الإيصاء فيه . </p><p>- 2 - أن يكون المال الموروث عنها قليلاً ، فإن كان كثيراً فلا يكون لها الإيصاء عليه ، والمعوّل عليه في اعتبار المال قليلاً أو كثيراً هو العرف ، فما اعتبر في عرف النّاس كثيراً كان كثيراً ، وما اعتبر في عرفهم قليلاً كان قليلاً . </p><p>- 3 - ألاّ يكون للأولاد أب ، أو وصيّ من الأب أو القاضي ، فإن وجد واحد من هؤلاء فليس للأمّ حقّ الإيصاء عليهم .</p><p>من تكون عليه الوصاية :</p><p>10 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الوصاية تكون على الصّغار ومن في حكمهم ، وهم المجانين والمعتوهون من الجنسين ، لأنّهم يحتاجون إلى من يرعى شؤونهم في التّعليم والتّأديب والتّزويج إن احتاجوا إليه ، وإذا كان لهم مال احتاجوا إلى من يقوم بحفظه وصيانته واستثماره .</p><p>شروط الوصيّ :</p><p>11 - اشترط الفقهاء في الموصى إليه شروطاً لا يصحّ الإيصاء إلاّ بتوافرها ، وهذه الشّروط بعضها اتّفق الفقهاء على اشتراطها ، وبعضها اختلفوا في اشتراطه . </p><p>أمّا الشّروط الّتي اتّفقوا على اشتراطها فهي : </p><p>- 1 - العقل والتّمييز ، وعلى هذا لا يصحّ الإيصاء إلى المجنون والمعتوه والصّبيّ غير المميّز ، لأنّه لا ولاية لأحدٍ من هؤلاء على نفسه وماله ، فلا يكون له التّصرّف في شئون غيره بالطّريق الأولى . </p><p>- 2 - الإسلام ، إذا كان الموصى عليه مسلماً ، لأنّ الوصاية ولاية ، ولا ولاية لغير المسلم على المسلم ، لقول اللّه تبارك وتعالى : { ولنْ يجعلَ اللّهُ للكافرين على المؤمنين سبيلاً } وقوله سبحانه { والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعضٍ } ولأنّ الاتّفاق في الدّين باعث على العناية وشدّة الرّعاية بالموافق فيه ، كما أنّ الاختلاف في الدّين باعث في الغالب على ترك العناية بمصالح المخالف فيه . </p><p>- 3 - قدرة الموصى إليه على القيام بما أوصي إليه فيه ، وحسن التّصرّف فيه ، فإن كان عاجزاً عن القيام بذلك ، لمرضٍ أو كبر سنٍّ أو نحو ذلك ، فلا يصحّ الإيصاء إليه ، لأنّه لا مصلحة ترجى من الإيصاء إلى من كان هذا حاله . </p><p>وأمّا الشّروط الّتي اختلفوا فيها فهي : </p><p>- 1 - البلوغ ، فهو شرط في الموصى إليه عند المالكيّة والشّافعيّة وهو الصّحيح عند الحنابلة ، فلا يصحّ الإيصاء إلى الصّبيّ المميّز ، لأنّ غير البالغ لا ولاية له على نفسه ولا على ماله ، فلا تكون له الولاية على غيره وماله ، كالصّبيّ غير المميّز والمجنون . </p><p>وقال الحنفيّة : بلوغ الموصى إليه ليس شرطاً في صحّة الإيصاء إليه ، بل الشّرط عندهم هو التّمييز ، وعلى هذا : لو أوصى الأب أو الجدّ إلى الصّبيّ العاقل كان الإيصاء صحيحاً عندهم ، وللقاضي أن يخرجه من الوصاية ، ويعيّن وصيّاً آخر بدلاً منه ، لأنّ الصّبيّ لا يهتدي إلى التّصرّف ، ولو تصرّف قبل الإخراج ، قيل ينفذ تصرّفه ، وقيل لا ينفذ تصرّفه ، وهو الصّحيح ، لأنّه لا يمكن إلزامه بالعهدة فيه . </p><p>وخرّج القاضي وجهاً في مذهب أحمد بصحّة الوصيّة إلى الصّبيّ العاقل ، لأنّ أحمد قد نصّ على صحّة وكالته ، وعلى هذا يعتبر أن يكون قد جاوز العشر . </p><p>- 2 - العدالة ، والمراد بها : الاستقامة في الدّين ، وتتحقّق بأداء الواجبات الدّينيّة ، وعدم ارتكاب كبيرةٍ من الكبائر ، كالزّنى وشرب الخمر وما أشبه ذلك ، فقد ذهب الشّافعيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد إلى أنّ الوصيّة إلى غير العدل - وهو الفاسق - لا تصحّ ، لأنّ الوصاية ولاية وائتمان ، ولا ولاية ولا ائتمان لفاسقٍ . </p><p>وقال الحنفيّة : العدالة ليست بشرطٍ في الموصى إليه ، فيصحّ عندهم الإيصاء للفاسق متى كان يحسن التّصرّف ، ولا يخشى منه الخيانة . ويوافق الحنفيّة في ذلك المالكيّة ، حيث إنّهم قالوا : المراد بالعدالة الّتي هي شرط في الوصيّ : الأمانة والرّضى فيما يشرع فيه ويفعله ، بأن يكون حسن التّصرّف ، حافظاً لمال الصّبيّ ، ويتصرّف فيه بالمصلحة . وقد روي عن أحمد ما يدلّ على أنّ الوصيّة إلى الفاسق صحيحة ، فإنّه قال في رواية ابن منصورٍ : إذا كان ( يعني الوصيّ ) متّهماً لم تخرج من يده . وهذا يدلّ على صحّة الوصيّة إليه ، ويضمّ الحاكم إليه أميناً . أمّا الذّكورة فإنّها ليست بشرطٍ في الوصيّ ، فيصحّ الإيصاء إلى المرأة باتّفاق الفقهاء ، وقد روي أنّ عمر رضي الله تعالى عنه أوصى إلى ابنته حفصة ، ولأنّ المرأة من أهل الشّهادة كالرّجل ، فتكون أهلاً للوصاية مثله .</p><p>الوقت المعتبر لتوافر الشّروط في الموصى إليه :</p><p>12 - اختلف الفقهاء في الوقت المعتبر لتوافر الشّروط المطلوبة في الموصى إليه ، فذهب الشّافعيّة في الأصحّ عندهم ، وهو أحد وجهين عند الحنابلة إلى أنّ الوقت المعتبر لتحقّق الشّروط في الموصى إليه أو عدم تحقّقها هو وقت وفاة الموصي ، لأنّ هذا الوقت هو وقت اعتبار القبول وتنفيذ الإيصاء ، فيكون هو المعتبر دون غيره ، وعلى هذا لو انتفت الشّروط كلّها أو بعضها عند الإيصاء ، ثمّ وجدت عند الموت ، صحّ الإيصاء ، ولو تحقّقت الشّروط كلّها عند الإيصاء ، ثمّ انتفت أو انتفى بعضها عند الموت ، فلا يصحّ الإيصاء . </p><p>وهذا الرّأي أيضاً هو رأي الحنفيّة والمالكيّة ، وإن لم نجده منصوصاً عليه في كتبهم الّتي رجعنا إليها ، وذلك بناءً على ما قالوه في اشتراط ألاّ يكون الموصى له بالمال وارثاً للموصي ، فإنّهم نصّوا على أنّ الوقت المعتبر لتحقّق هذا الشّرط أو عدم تحقّقه هو وقت وفاة الموصي ، لا وقت الوصيّة ، وهذا يدلّ دلالةً واضحةً على أنّ وقت الموت هو أيضاً المعتبر عندهم في الشّروط الواجب توافرها في الوصيّ إليه لصحّة الإيصاء . </p><p>وفي الوجه الثّاني عند الحنابلة ، ومقابل الأصحّ عند الشّافعيّة ، الوقت المعتبر لتحقّق هذه الشّروط أو عدم تحقّقها هو وقت الإيصاء ووقت وفاة الموصي جميعاً ، أمّا وجه اعتبار وجودها عند الإيصاء فلأنّها شروط لصحّة عقد الإيصاء ، فاعتبر وجودها حال وجوده ، كسائر العقود . وأمّا وجه اعتبار وجودها عند الموت ، فلأنّ الموصى إليه إنّما يتصرّف بعد موت الموصي ، فاعتبر وجودها عنده ، كالإيصاء له بشيءٍ من المال .</p><p>سلطة الوصيّ :</p><p>13 - سلطة الوصيّ إنّما تكون على حسب الإيصاء عموماً وخصوصاً ، فإن كان الإيصاء خاصّاً بشيءٍ ، كقضاء الدّيون أو اقتضائها ، أو ردّ الودائع أو استردادها ، أو النّظر في أمر الأطفال ومن في حكمهم ، كانت سلطة الوصيّ مقصورةً على ما أوصي إليه فيه ، لا تتعدّاه إلى غيره . وإن كان الإيصاء عامّاً ، كأن قال الموصي : أوصيت إلى فلانٍ في كلّ أموري ، كانت سلطة الوصيّ شاملةً لجميع التّصرّفات ، كقضاء الدّيون واقتضائها ، وردّ الودائع واستردادها ، وحفظ أموال الصّغار والتّصرّف فيها ، وتزويج من احتاج إلى الزّواج من أولاده . وهذا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّدٍ من الحنفيّة ، لأنّ الوصيّ يتصرّف بالإذن من الموصي كالوكيل . فإن كان الإذن خاصّاً كانت سلطته مقصورةً على ما أذن فيه ، وإن كان الإذن عامّاً كانت سلطته عامّةً ، وقد استثنى الشّافعيّة من ذلك تزويج الصّغير والصّغيرة ، فقالوا : لا يصحّ الإيصاء بتزويجهما ، لأنّ الصّغير والصّغيرة لا يزوّجهما إلاّ الأب أو الجدّ ، ولأنّ الوصيّ لا يتعيّر بدخول الدّنيّ في نسبهم . </p><p>وقال أبو حنيفة ، وهو المفتى به في المذهب : إنّ الإيصاء الصّادر من الأب يكون عامّاً ، ولا يقبل التّخصيص بنوعٍ أو مكان أو زمانٍ ، لأنّ الوصيّ قائم مقام الأب ، وولاية الأب عامّة ، فكذلك من يقوم مقامه ، ولأنّه لولا ذلك لاحتجنا إلى تعيين وصيٍّ آخر ، والموصي قد اختار هذا وصيّاً في بعض أموره ، فجعله وصيّاً في الكلّ أولى من غيره ، لأنّه رضي بتصرّف هذا في البعض ، ولم يرض بتصرّف غيره في شيءٍ أصلاً ، وعلى هذا : لو أوصى الأب إلى رجلٍ بتفريق ثلث ماله في وجوه الخير مثلاً ، صار وصيّاً عامّاً على أولاده وتركته ، ولو أوصى إلى رجلٍ بقضاء دينه ، وإلى آخر بتنفيذ وصيّتة ، كانا وصيّين في كلّ شيءٍ عند أبي حنيفة .</p><p>حكم عقود الوصيّ وتصرّفاته :</p><p>14 - القاعدة العامّة في عقود الوصيّ وتصرّفاته : أنّ الوصيّ مقيّد في تصرّفه بالنّظر والمصلحة لمن في وصايته ، وعلى هذا لا يكون للوصيّ سلطة مباشرة التّصرّفات الضّارّة ضرراً محضاً كالهبة ، أو التّصدّق ، أو البيع والشّراء بغبنٍ فاحشٍ ، فإذا باشر الوصيّ تصرّفاً من هذه التّصرّفات كان تصرّفه باطلاً ، لا يقبل الإجازة من أحدٍ ، ويكون له سلطة مباشرة التّصرّفات النّافعة نفعاً محضاً ، كقبول الهبة والصّدقة والوصيّة والوقف ، والكفالة للمال . ومثل هذا : التّصرّفات الدّائرة بين النّفع والضّرر كالبيع والشّراء والإجارة والاستئجار والقسمة والشّركة ، فإنّ للوصيّ أن يباشرها ، إلاّ إذا ترتّب عليها ضرر ظاهر ، فإنّها لا تكون صحيحةً . </p><p>هذا مجمل القول في عقود الوصيّ وتصرّفاته ، أمّا تفصيل القول فيها فهو كما يأتي :</p><p>أ - يجوز للوصيّ أن يبيع من أموال من في وصايته ، وأن يشتري لهم ، ما دام البيع أو الشّراء بمثل القيمة أو بغبنٍ يسيرٍ ، وهو ما يتغابن فيه النّاس عادةً ، لأنّ الغبن اليسير لا بدّ من حصوله في المعاملات الماليّة ، فإذا لم يتسامح فيه أدّى ذلك إلى سدّ باب التّصرّفات . أمّا إذا كان البيع أو الشّراء بغبنٍ فاحشٍ ، وهو ما لا يتغابن فيه النّاس عادةً ، فإنّ العقد لا يكون صحيحاً . وهذا إذا كان المبيع منقولاً ، أمّا إن كان عقاراً فلا يجوز للوصيّ أن يبيعه ، إلاّ إذا كان هناك مسوّغ شرعيّ ، لأنّ العقار محفوظ بنفسه ، فلا حاجة إلى بيعه إلاّ إذا وجد مسوّغ شرعيّ ، كأن يكون بيع العقار خيراً من بقائه ، وذلك في الحالات الآتية : </p><p>- 1 - أن يرغب شخص في شراء العقار بضعف قيمته أو أكثر ، فإنّ الوصيّ في هذه الحالة ، يستطيع أن يشتري بالثّمن عقاراً أنفع من الّذي باعه . </p><p>- 2 - أن تكون ضريبة العقار وما يصرف عليه للصّيانة أو الزّراعة تزيد على غلّاته . </p><p>- 3 - أن يكون الصّغار ومن في حكمهم في حاجةٍ إلى النّفقة ، ولا سبيل إلى تدبير ذلك إلاّ ببيع العقار المملوك لهم ، فيسوغ للوصيّ أن يبيع منه قدر ما يكفي للإنفاق عليهم . </p><p>ومثل ذلك بيع وصيّ الأب أو الجدّ مال نفسه للموصى عليهم ، أو شراء مال نفسه لهم ، فإنّه لا يجوز إلاّ إذا كان في البيع والشّراء منفعة ظاهرة للموصى عليهم ، كأن يبيع العقار لهم بنصف القيمة ، ويشتريه منهم بضعف قيمته ، وفي غير العقار : أن يبيع لهم ما يساوي خمسة عشر بعشرةٍ ، ويشتري ما يساوي عشرةً بخمسة عشر ، وهذا على القول المفتى به في مذهب الحنفيّة ، وهو رأي الإمام أبي حنيفة . وقال الأئمّة الثّلاثة ، ومحمّد ، وأبو يوسف في أظهر الرّوايتين عنه : لا يجوز للوصيّ أن يبيع أو يشتري شيئاً من مال الموصى عليهم مطلقاً ، وذلك لعدم وفور شفقته ، ممّا يجعله يؤثر مصلحة نفسه على مصلحة من في وصايته ، ولأنّه متّهم في هذا التّصرّف . ونصّ المالكيّة على أنّ الوصيّ إذا اشترى لنفسه شيئاً من مال الموصى عليهم ، نظر الحاكم فيه ، فإن وجد في شرائه مصلحةً ، بأن اشترى المبيع بقيمته أمضاه ، وإن لم يجد فيه مصلحةً ردّه . وللوصيّ اقتضاء الدّين ممّن هو عليه ، وله تأخير اقتضاء الدّين الحالّ إن كان في تأخيره مصلحة .</p><p>ب - وله أن يدفع مال من في وصايته لمن يستثمره استثماراً شرعيّاً ، كالمضاربة والمشاركة وغيرهما من كلّ ما لهم فيه خير ومنفعة . </p><p>كما أنّ له أن يقوم بالاتّجار فيه بنفسه ، في نظير جزءٍ من الرّبح عند الحنفيّة . </p><p>وقال المالكيّة : يكره للوصيّ استثمار مال من في وصايته بجزءٍ من الرّبح ، لئلاّ يحابي نفسه ، فإن استثمره مجّاناً فلا يكره ، بل هو من المعروف الّذي يقصد به وجه اللّه . </p><p>وقال الحنابلة : متى اتّجر الوصيّ في المال بنفسه ، فالرّبح كلّه لليتيم على الصّحيح . واستثمار مال الصّغار ومن في حكمهم واجب على الوصيّ عند الشّافعيّة ، لقول عمر رضي الله تعالى عنه :" ابتغوا في أموال اليتامى ، لا تأكلها الصّدقة "</p><p>ومندوب أو مستحبّ عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، لأنّ فيه خيراً ونفعاً لأصحاب المال ، والشّرع يحثّ على فعل ما فيه الخير للنّاس ، ولم يوجد ما يدلّ على الوجوب ، والأمر بالاتّجار في قول عمر محمول على النّدب ، كما قال ابن رشدٍ .</p><p>ج - وللوصيّ الإنفاق على الصّغار ومن في حكمهم بحسب قلّة المال وكثرته بالمعروف ، فلا يضيق على صاحب المال الكثير دون نفقة مثله ، ولا يوسّع على صاحب المال القليل بأكثر من نفقة مثله . وله أن يدفع ما يحتاجون إليه من النّفقة إليهم أو إلى من يكونون في حضانته لمدّة شهرٍ ، إذا علم أنّهم لا يتلفونه ، فإن خاف إتلافه دفع إليهم ما يحتاجونه يوماً فيوماً . ونصّ الحنفيّة على أنّ الوصيّ لا يضمن ما أنفقه في المصاهرات بين اليتيم واليتيمة وغيرهما في خلع الخاطب أو الخطيبة ، وفي الضّيافات المعتادة ، والهدايا المعهودة ، وفي الأعياد - وإن كان له منه بدّ - وفي اتّخاذ ضيافةٍ لختنه للأقارب والجيران ، ما لم يسرف فيه ، وكذا لمؤدّبه ، ومن عنده من الصّبيان ، فإن أسرف كان ضامناً لما أسرف فيه . </p><p>كما نصّوا على أنّ للوصيّ أن ينفق على اليتيم ما يحتاج إليه في تعليم القرآن والأدب ، إن كان أهلاً لذلك ، وصار الوصيّ مأجوراً على تصرّفه ، فإن لم يكن أهلاً لهذا التّعلّم فعليه أن يتكلّف في تعليمه قدر ما يقرأ في صلاته . وفي المغني : يجوز للوصيّ أن يلحق الصّبيّ بالمكتب ليتعلّم القراءة والكتابة ، ولا يحتاج إلى إذن حاكمٍ ، وكذلك يجوز له أن يسلّمه في صناعةٍ ، إذا كانت مصلحته في ذلك .</p><p>د - وللوصيّ أن يحتال بدين من في وصايته إذا كان المحال عليه أملأ من المدين الأصليّ ، فإن كان أعسر منه لم يجز ، لأنّ ولايته مقيّدة بالنّظر ، وليس من النّظر قبول الحوالة على الأعسر .</p><p>هـ - ولا يجوز للوصيّ باتّفاق الفقهاء أن يهب شيئاً من مال الصّغير ومن في حكمه ، ولا أن يتصدّق ، ولا أن يوصي بشيءٍ منه ، لأنّها من التّصرّفات الضّارّة ضرراً محضاً ، فلا يملكها الوصيّ ، ولا الوليّ ولو كان أباً .</p><p>و - وكذلك لا يجوز له أن يقرض مال الصّغير ونحوه لغيره ، ولا أن يقترضه لنفسه ، لما في إقراضه من تعطيل المال عن الاستثمار ، والوصيّ مأمور بتنميته بقدر الإمكان . </p><p>وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة . وقال الشّافعيّة : لا يجوز الإقراض بلا ضرورةٍ إلاّ بإذن القاضي . وقيّد الحنابلة عدم جواز الإقراض بما إذا لم يكن فيه حظّ لليتيم ، فمتى أمكن الوصيّ التّجارة به أو تحصيل عقارٍ له فيه الحظّ لم يقرضه ، وإن لم يمكن ذلك وكان في إقراضه حظّ لليتيم جاز ، كأن يكون لليتيم مال مثلاً يريد نقله إلى بلدٍ آخر ، فيقرضه لرجلٍ ليقضيه بدله في البلد الآخر ، يقصد حفظه من الغرر في نقله ، أو يخاف عليه الهلاك من نهبٍ أو غرقٍ أو نحوهما ، أو يكون ممّا يتلف بتطاول مدّته ، أو يكون حديثه خيراً من قديمه كالحنطة . فإن لم يكن فيه حظّ ، وإنّما قصد إرفاق المقترض وقضاء حاجته ، فهذا غير جائزٍ .</p><p>النّاظر على الوصيّ ، ومهمّته :</p><p>15 - النّاظر على الوصيّ هو الشّخص الّذي يعيّنه الموصي أو القاضي لمراقبة أعمال الوصيّ وتصرّفاته المتعلّقة بالوصاية ، دون أن يشترك معه في إجرائها ، وذلك لضمان قيام الوصيّ بعمله على الوجه الأكمل . وتسميته بهذا الاسم اصطلاح الحنفيّة والمالكيّة ، ويسمّيه المالكيّة أيضاً والشّافعيّة : مشرفاً ، أمّا الحنابلة فيسمّونه : أميناً . </p><p>ومهمّة المشرف أن يراقب الوصيّ في إدارة مال الصّغار ومن في حكمهم ، وتصرّفاته فيه . وعلى الوصيّ أن يجيب المشرف إلى كلّ ما يطلبه من إيضاحٍ عن إدارته وتصرّفاته ، كي يتمكّن من القيام بمهمّته الّتي عيّن من أجلها ، وليس للمشرف حقّ الاشتراك في الإدارة ولا الانفراد بالتّصرّف ، وإذا خلا مكان الوصيّ كان عليه أن يرعى مال الصّغير ويحفظه إلى أن يعيّن وصيّ جديد .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41058, member: 329"] الألفاظ ذات الصّلة : أ - الوصيّة : 2 - يرى الحنفيّة والشّافعيّة : أنّ الوصيّة أعمّ من الإيصاء ، فهي عندهم ، تصدق على التّمليك المضاف إلى ما بعد الموت بطريق التّبرّع ، وتصدق على الإيصاء ، وهو طلب شيءٍ من غيره ليفعله بعد وفاته ، كقضاء ديونه وتزويج بناته . ويرى المالكيّة وبعض الحنابلة : أنّ الوصيّة والإيصاء بمعنًى واحدٍ . فقد عرّفها المالكيّة بأنّها : عقد يوجب حقّاً في ثلث مال العاقد يلزم بموته ، أو يوجب نيابةً عنه بعد موته وعرّفها بعض الحنابلة : بأنّها الأمر بالتّصرّف بعد الموت ، أو التّبرّع بالمال بعده . فكلّ من هذين التّعريفين يفيد أنّ الوصيّة قد تكون بالتّبرّع بالمال بعد الموت ، وقد تكون بإقامةٍ الموصي غيره مقام نفسه في أمرٍ من الأمور بعد وفاته ، فهي شاملة لكلٍّ منهما على السّواء ، فكلاهما يطلق عليه اسم الوصيّة . ب - الولاية : 3 - الولاية هي : القدرة على إنشاء العقود والتّصرّفات النّافذة من غير توقّفٍ على إجازة أحدٍ . فإن كانت هذه العقود والتّصرّفات متعلّقةً بمن قام بها سمّيت الولاية ولايةً قاصرةً ، وإن كانت متعلّقةً بغيره سمّيت الولاية ولايةً متعدّيةً ، وهذه الولاية المتعدّية أعمّ من الوصاية ، لأنّ كلّاً منهما يملّك صاحبه التّصرّف بطريق النّيابة عن غيره ، إلاّ أنّ الولاية قد يكون مصدرها الشّرع ، كولاية الأب على ابنه ، وقد يكون مصدرها العقد كما في الوكالة والإيصاء ، فإنّه يكون بتولية صاحب الشّأن في التّصرّف ، فهو الّذي يعهد إلى غيره بالنّيابة عنه في بعض الأمور بعد وفاته . ج - الوكالة : 4 - الوكالة : إقامة الشّخص غيره مقام نفسه في تصرّف مملوكٍ قابلٍ للنّيابة ، ليفعله في حال حياته . فهي تشبه الإيصاء من حيث إنّ كلّاً منهما فيه تفويض للغير في القيام ببعض الأمور نيابةً عمّن فوّضه ، إلاّ أنّ بينهما فرقاً من ناحية أنّ التّفويض للغير في الإيصاء يكون بعد الموت ، أمّا في الوكالة فإنّ التّفويض يكون في حال الحياة . هذا وسوف يقتصر الكلام في هذا البحث على الإيصاء بمعنى إقامة الوصيّ ، أمّا ما يتعلّق بسائر أحكام الوصيّة فينظر في مصطلح : ( وصيّةٍ ) . ما يتحقّق به عقد الإيصاء : 5 - يتحقّق عقد الإيصاء بإيجابٍ من الموصي ، وقبولٍ من الموصى إليه ، ولا يشترط في الإيجاب أن يكون بألفاظٍ مخصوصةٍ ، بل يصحّ بكلّ لفظٍ يدلّ على تفويض الأمر إلى الموصى إليه بعد موت الموصي ، مثل : جعلت فلاناً وصيّاً ، أو عهدت إليه بمال أولادي بعد وفاتي ، وما أشبه ذلك . وكذلك القبول ، فإنّه يصحّ بكلّ ما يدلّ على الموافقة والرّضى بما صدر من الموصي ، سواء أكان بالقول كقبلت أو رضيت ، أو أجزت ، ونحو ذلك ، أم بالفعل الدّالّ على الرّضى ، كبيع شيءٍ من التّركة بعد موت الموصي ، أو شرائه شيئاً يصلح للورثة ، أو قضائه لدينٍ أو اقتضائه له . ولا يشترط في القبول أن يكون في مجلس الإيجاب ، بل يمتدّ زمنه إلى ما بعد موت الموصي ، لأنّ أثر عقد الإيصاء لا يظهر إلاّ بعد موت الموصي ، فكان القبول ممتدّاً إلى ما بعده . وصحّ قبول الإيصاء في حال حياة الموصي عند الحنفيّة ، والمالكيّة ، والحنابلة ، والشّافعيّة في مقابل الأصحّ عندهم ، لأنّ تصرّف الموصى إليه يقع لمنفعة الموصي . فلو وقف القبول والرّدّ على موته لم يؤمن أن يموت الموصي ، ولم يسند وصيّته إلى أحدٍ ، فيكون في ذلك إضرار به ، وهذا بخلاف قبول الوصيّة بجزءٍ من المال فإنّ قبول الموصى له لا يكون معتبراً إلاّ بعد موت الموصي ، لأنّ الاستحقاق فيها إنّما هو لحقّ الموصى له ، فلم يكن ثمّ ما يدعو إلى تقديم القبول على الموت . وفي القول الأصحّ عند الشّافعيّة : لا يصحّ القبول في الإيصاء إلاّ بعد موت الموصي ، لأنّ الإيصاء مضاف إلى الموت ، فقبل الموت لم يدخل وقته ، فلا يصحّ القبول أو الرّدّ قبله ، كما في الوصيّة بالمال . حكم الإيصاء من حيث هو : 6 - الأصل في الإيصاء إلى الغير أنّه لا يصحّ ، وذلك لأنّ صحّة التّصرّف تتوقّف على الولاية عليه ممّن صدر عنه ، والموصي تنتهي ولايته بالموت ، إلاّ أنّ الشّرع أجازه استثناءً من هذا الأصل ، وذلك لما روي أنّ الصّحابة رضي الله تعالى عنهم كان يوصي بعضهم إلى بعضٍ ، من غير إنكارٍ على أحدٍ منهم في ذلك ، فاعتبر هذا إجماعاً منهم على الجواز . روى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة قال : أوصى إلى الزّبير سبعة من الصّحابة ، منهم عثمان ، والمقداد ، وعبد الرّحمن بن عوفٍ ، ومطيع بن الأسود . وروي عن أبي عبيدة أنّه لمّا عبر الفرات أوصى إلى عمر . وروي أنّ ابن مسعودٍ قد أوصى فكتب : إن حدث بي حادث الموت من مرضي هذا ، فمرجع وصيّتي إلى اللّه سبحانه ، ثمّ إلى الزّبير بن العوّام وابنه عبد اللّه . ولأنّ الإيصاء وكالة وأمانة فأشبه الوديعة ، والوكالة في الحياة ، وكلاهما جائز ، فكذلك الإيصاء . حكم الإيصاء بالنّسبة للموصي : 7 - الإيصاء بالنّسبة للموصي يكون واجباً عليه إذا كان بردّ المظالم ، وقضاء الدّيون المجهولة ، أو الّتي يعجز عنها في الحال ، لأنّ أداءها واجب ، والإيصاء هو الوسيلة لأدائه ، فيكون واجباً مثله . وكذلك الإيصاء على الأولاد الصّغار ومن في حكمهم إذا خيف عليهم الضّياع ، لأنّ في هذا الإيصاء صيانةً لهم من الضّياع ، وصيانة الصّغار من الضّياع واجبة بلا خلافٍ ، لحديث : « كفى بالمرء إثماً أن يُضَيِّعَ من يَعُول » . أمّا الإيصاء بقضاء الدّين المعلوم ، وردّ المظالم المعلومة ، وتنفيذ الوصايا إن كانت ، والنّظر في أمر الأولاد الصّغار ومن في حكمهم الّذين لا يخشى عليهم الضّياع ، فهو سنّة أو مستحبّ باتّفاق الفقهاء ، تأسّياً بالسّلف الصّالح في ذلك ، حيث كان يوصي بعضهم إلى بعضٍ ، كما تقدّم . هذا هو حكم الإيصاء بالنّسبة للموصي . أمّا بالنّسبة للوصيّ ، فإنّه إذا أوصى إليه أحد جاز له قبول الوصيّة ، إذا كانت له قدرة على القيام بما أوصي إليه فيه ، ووثق من نفسه أداءه على الوجه المطلوب ، لأنّ الصّحابة رضي الله تعالى عنهم كان بعضهم يوصي إلى بعضٍ ، فيقبلون الوصيّة ، فقد روي أنّ عبد اللّه بن عمر كان وصيّاً لرجلٍ ، وكان الزّبير بن العوّام وصيّاً لسبعةٍ من الصّحابة . وقياس مذهب أحمد أنّ ترك الدّخول في الوصيّة أولى ، لما فيه من الخطر ، وهو لا يعدل بالسّلامة شيئاً ، ولذلك كان يرى ترك الالتقاط ، وترك الإحرام من قبل الميقات أفضل ، تحرّياً للسّلامة واجتناباً للخطر ، ويدلّ على ذلك ، ما رواه مسلم أنّ النّبيّ قال لأبي ذرٍّ : « إنّي أراك ضعيفاً ، وإنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي ، فلا تأَمَّرَنّ على اثنين ، ولا تَوَلَّينّ مالَ يتيمٍ » . وفي ردّ المحتار : أنّه لا ينبغي للوصيّ أن يقبل الوصاية ، لأنّها على خطرٍ ، وعن أبي يوسف : الدّخول فيها أوّل مرّةٍ غلط ، والثّانية خيانة ، والثّالثة سرقة . وعن الحسن : لا يقدر الوصيّ أن يعدل ولو كان عمر بن الخطّاب . وقال أبو مطيعٍ : ما رأيت في مدّة قضائي عشرين سنةً من يعدل في مال ابن أخيه . لزوم عقد الإيصاء وعدم لزومه : 8 - الإيصاء ليس تصرّفاً لازماً في حقّ الموصي باتّفاق الفقهاء ، فله الرّجوع عنه متى شاء ، أمّا في حقّ الوصيّ ، فإنّ عقد الإيصاء لا يكون لازماً في حياة الموصي باتّفاق الفقهاء ، فله الرّجوع عنه متى شاء ، فإذا رجع كان رجوعه عزلاً لنفسه عن الإيصاء . إلاّ أنّ الحنفيّة قيّدوا صحّة هذا الرّجوع بعلم الموصي ، ليتمكّن من الإيصاء إلى غيره إذا شاء ، فإن رجع عن الوصيّة بغير علم الموصي فلا يصحّ رجوعه حتّى لا يصير مغروراً من جهته . وقيّد الشّافعيّة جواز رجوع الوصيّ عن الوصاية إذا كان الإيصاء واجباً على الموصي بألاّ يتعيّن الوصيّ ، أو يغلب على ظنّه تلف المال الموصى برعايته ، باستيلاء ظالمٍ عليه من قاصدٍ وغيره ، فإن تعيّن الوصيّ ، أو غلب على ظنّه تلف المال فليس له الرّجوع عن الوصيّة . أمّا بعد موت الموصي ، فليس للوصيّ عزل نفسه عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو رواية عن أحمد ، ذكرها ابن موسى في الإرشاد ، لأنّ الوصيّ لمّا قبل الوصيّة في حياة الموصي فقد جعله يعتمد عليه فيما أوصى به إليه ، فإذا رجع عن الوصيّة بعد موته كان تغريراً به ، وهو لا يجوز . وقال الشّافعيّة والحنابلة : للوصيّ عزل نفسه بعد موت الموصي ، لأنّ الوصاية كالوكالة من حيث إنّ كلّاً منهما تصرّف بالإذن ، والوكيل له عزل نفسه متى شاء ، فكذلك الوصيّ . وقد استثنى الشّافعيّة من ذلك ما إذا وجب الإيصاء وتعيّن القبول على الوصيّ ، فلا يجوز له الرّجوع عن الوصيّة . من يكون له تولية الوصيّ : 9 - تولية الوصيّ تختلف تبعاً لاختلاف ما يتعلّق الإيصاء به ، فإن كان الإيصاء بتصرّفٍ معيّنٍ ، كقضاء الدّيون واقتضائها ، وردّ الودائع واستردادها ، وتنفيذ الوصايا ونحو ذلك ، فالّذي يكون له تولية الوصيّ هو صاحب الشّأن في ذلك التّصرّف ، لأنّ من له ولاية على تصرّفٍ من التّصرّفات ، كان له أن ينيب عنه غيره فيه للقيام به في حال حياته بطريق الوكالة ، وبعد وفاته بطريق الوصيّة ، أمّا إن كان الإيصاء برعاية الأولاد الصّغار ومن في حكمهم ، كالمجانين والمعتوهين ، والنّظر في أموالهم بحفظها والتّصرّف فيها بما ينفعهم ، فلا خلاف بين الفقهاء في أنّ تولية الوصيّ تكون للأب ، لأنّ للأب - عندهم جميعاً - الولاية على أولاده الصّغار ومن في حكمهم في حال حياته ، فيكون له الحقّ في إقامة خليفةٍ عنه في الولاية عليهم بعد وفاته . ومثل الأب في هذا الحكم الجدّ عند الحنفيّة والشّافعيّة ، فله حقّ تولية الوصيّ ، لأنّ الجدّ له عندهم الولاية على أولاد أولاده وإن نزلوا ، فيكون له حقّ الإيصاء عليهم لمن شاء بعد موته كالأب . وقال المالكيّة والحنابلة : ليس للجدّ حقّ تولية وصيٍّ عنه على أولاد أولاده ، لأنّ الجدّ لا ولاية له عندهم على أموال هؤلاء الأولاد ، لأنّه لا يدلي إليهم بنفسه ، وإنّما يدلي إليهم بالأب ، فكان كالأخ والعمّ ، ولا ولاية لأحدهما على مال أولاد أخيه ، فكذلك الجدّ لا ولاية له على مال أولاد أولاده . ولوصيّ الأب حقّ الإيصاء بعده لمن شاء عند الحنفيّة ، لأنّ الأب أقامه مقام نفسه ، فكان له الإيصاء كالأب ، ويوافق الحنفيّة في ذلك المالكيّة ، إلاّ أنّهم قيّدوا حقّ الوصيّ في الإيصاء لغيره بما إذا لم يمنعه الأب من الإيصاء إلى غيره ، فإن منعه من الإيصاء إلى غيره ، كأن قال له : أوصيتك على أولادي ، وليس لك أن توصي عليهم ، فلا يجوز له الإيصاء . وقال الحنابلة والشّافعيّة في الأظهر : ليس للوصيّ حقّ الإيصاء إلى غيره ، إلاّ إذا جعل له الإيصاء إلى غيره ، لأنّ الوصيّ يتصرّف بطريق النّيابة عن الموصي ، فلم يكن له التّفويض إلى غيره ، إلاّ إذا أذن له في ذلك ، كالوكيل ، فإنّه لا يجوز له توكيل غيره فيما وكّل فيه ، إلاّ إذا أذن له الموكّل ، فكذلك الوصيّ . وللقاضي إذا لم يوص الأب والجدّ أو وصيّهما لأحدٍ أن يعيّن وصيّاً من قبله باتّفاق الفقهاء ، لأنّه وليّ من لا وليّ له ، كما جاء في الحديث الصّحيح « السّلطان وليّ من لا وليّ له » . والقاضي لا يلي أمور القاصرين بنفسه ، ولكنّه يكل أمورهم إلى من يعيّنهم من الأوصياء . أمّا الأمّ فليس لها تولية الوصيّ على أولادها عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة لأنّه لا ولاية لها على أولادها في حال حياتها ، فلا يكون لها حقّ إقامة خليفةٍ عنها في حال وفاتها . وقال المالكيّة : للأمّ الحقّ في الإيصاء على أولادها ، إذا توافرت هذه الشّروط الثّلاثة : - 1 - أن يكون مال الأولاد موروثاً عن الأمّ ، فإن كان غير موروثٍ عنها ، فليس لها الإيصاء فيه . - 2 - أن يكون المال الموروث عنها قليلاً ، فإن كان كثيراً فلا يكون لها الإيصاء عليه ، والمعوّل عليه في اعتبار المال قليلاً أو كثيراً هو العرف ، فما اعتبر في عرف النّاس كثيراً كان كثيراً ، وما اعتبر في عرفهم قليلاً كان قليلاً . - 3 - ألاّ يكون للأولاد أب ، أو وصيّ من الأب أو القاضي ، فإن وجد واحد من هؤلاء فليس للأمّ حقّ الإيصاء عليهم . من تكون عليه الوصاية : 10 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الوصاية تكون على الصّغار ومن في حكمهم ، وهم المجانين والمعتوهون من الجنسين ، لأنّهم يحتاجون إلى من يرعى شؤونهم في التّعليم والتّأديب والتّزويج إن احتاجوا إليه ، وإذا كان لهم مال احتاجوا إلى من يقوم بحفظه وصيانته واستثماره . شروط الوصيّ : 11 - اشترط الفقهاء في الموصى إليه شروطاً لا يصحّ الإيصاء إلاّ بتوافرها ، وهذه الشّروط بعضها اتّفق الفقهاء على اشتراطها ، وبعضها اختلفوا في اشتراطه . أمّا الشّروط الّتي اتّفقوا على اشتراطها فهي : - 1 - العقل والتّمييز ، وعلى هذا لا يصحّ الإيصاء إلى المجنون والمعتوه والصّبيّ غير المميّز ، لأنّه لا ولاية لأحدٍ من هؤلاء على نفسه وماله ، فلا يكون له التّصرّف في شئون غيره بالطّريق الأولى . - 2 - الإسلام ، إذا كان الموصى عليه مسلماً ، لأنّ الوصاية ولاية ، ولا ولاية لغير المسلم على المسلم ، لقول اللّه تبارك وتعالى : { ولنْ يجعلَ اللّهُ للكافرين على المؤمنين سبيلاً } وقوله سبحانه { والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعضٍ } ولأنّ الاتّفاق في الدّين باعث على العناية وشدّة الرّعاية بالموافق فيه ، كما أنّ الاختلاف في الدّين باعث في الغالب على ترك العناية بمصالح المخالف فيه . - 3 - قدرة الموصى إليه على القيام بما أوصي إليه فيه ، وحسن التّصرّف فيه ، فإن كان عاجزاً عن القيام بذلك ، لمرضٍ أو كبر سنٍّ أو نحو ذلك ، فلا يصحّ الإيصاء إليه ، لأنّه لا مصلحة ترجى من الإيصاء إلى من كان هذا حاله . وأمّا الشّروط الّتي اختلفوا فيها فهي : - 1 - البلوغ ، فهو شرط في الموصى إليه عند المالكيّة والشّافعيّة وهو الصّحيح عند الحنابلة ، فلا يصحّ الإيصاء إلى الصّبيّ المميّز ، لأنّ غير البالغ لا ولاية له على نفسه ولا على ماله ، فلا تكون له الولاية على غيره وماله ، كالصّبيّ غير المميّز والمجنون . وقال الحنفيّة : بلوغ الموصى إليه ليس شرطاً في صحّة الإيصاء إليه ، بل الشّرط عندهم هو التّمييز ، وعلى هذا : لو أوصى الأب أو الجدّ إلى الصّبيّ العاقل كان الإيصاء صحيحاً عندهم ، وللقاضي أن يخرجه من الوصاية ، ويعيّن وصيّاً آخر بدلاً منه ، لأنّ الصّبيّ لا يهتدي إلى التّصرّف ، ولو تصرّف قبل الإخراج ، قيل ينفذ تصرّفه ، وقيل لا ينفذ تصرّفه ، وهو الصّحيح ، لأنّه لا يمكن إلزامه بالعهدة فيه . وخرّج القاضي وجهاً في مذهب أحمد بصحّة الوصيّة إلى الصّبيّ العاقل ، لأنّ أحمد قد نصّ على صحّة وكالته ، وعلى هذا يعتبر أن يكون قد جاوز العشر . - 2 - العدالة ، والمراد بها : الاستقامة في الدّين ، وتتحقّق بأداء الواجبات الدّينيّة ، وعدم ارتكاب كبيرةٍ من الكبائر ، كالزّنى وشرب الخمر وما أشبه ذلك ، فقد ذهب الشّافعيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد إلى أنّ الوصيّة إلى غير العدل - وهو الفاسق - لا تصحّ ، لأنّ الوصاية ولاية وائتمان ، ولا ولاية ولا ائتمان لفاسقٍ . وقال الحنفيّة : العدالة ليست بشرطٍ في الموصى إليه ، فيصحّ عندهم الإيصاء للفاسق متى كان يحسن التّصرّف ، ولا يخشى منه الخيانة . ويوافق الحنفيّة في ذلك المالكيّة ، حيث إنّهم قالوا : المراد بالعدالة الّتي هي شرط في الوصيّ : الأمانة والرّضى فيما يشرع فيه ويفعله ، بأن يكون حسن التّصرّف ، حافظاً لمال الصّبيّ ، ويتصرّف فيه بالمصلحة . وقد روي عن أحمد ما يدلّ على أنّ الوصيّة إلى الفاسق صحيحة ، فإنّه قال في رواية ابن منصورٍ : إذا كان ( يعني الوصيّ ) متّهماً لم تخرج من يده . وهذا يدلّ على صحّة الوصيّة إليه ، ويضمّ الحاكم إليه أميناً . أمّا الذّكورة فإنّها ليست بشرطٍ في الوصيّ ، فيصحّ الإيصاء إلى المرأة باتّفاق الفقهاء ، وقد روي أنّ عمر رضي الله تعالى عنه أوصى إلى ابنته حفصة ، ولأنّ المرأة من أهل الشّهادة كالرّجل ، فتكون أهلاً للوصاية مثله . الوقت المعتبر لتوافر الشّروط في الموصى إليه : 12 - اختلف الفقهاء في الوقت المعتبر لتوافر الشّروط المطلوبة في الموصى إليه ، فذهب الشّافعيّة في الأصحّ عندهم ، وهو أحد وجهين عند الحنابلة إلى أنّ الوقت المعتبر لتحقّق الشّروط في الموصى إليه أو عدم تحقّقها هو وقت وفاة الموصي ، لأنّ هذا الوقت هو وقت اعتبار القبول وتنفيذ الإيصاء ، فيكون هو المعتبر دون غيره ، وعلى هذا لو انتفت الشّروط كلّها أو بعضها عند الإيصاء ، ثمّ وجدت عند الموت ، صحّ الإيصاء ، ولو تحقّقت الشّروط كلّها عند الإيصاء ، ثمّ انتفت أو انتفى بعضها عند الموت ، فلا يصحّ الإيصاء . وهذا الرّأي أيضاً هو رأي الحنفيّة والمالكيّة ، وإن لم نجده منصوصاً عليه في كتبهم الّتي رجعنا إليها ، وذلك بناءً على ما قالوه في اشتراط ألاّ يكون الموصى له بالمال وارثاً للموصي ، فإنّهم نصّوا على أنّ الوقت المعتبر لتحقّق هذا الشّرط أو عدم تحقّقه هو وقت وفاة الموصي ، لا وقت الوصيّة ، وهذا يدلّ دلالةً واضحةً على أنّ وقت الموت هو أيضاً المعتبر عندهم في الشّروط الواجب توافرها في الوصيّ إليه لصحّة الإيصاء . وفي الوجه الثّاني عند الحنابلة ، ومقابل الأصحّ عند الشّافعيّة ، الوقت المعتبر لتحقّق هذه الشّروط أو عدم تحقّقها هو وقت الإيصاء ووقت وفاة الموصي جميعاً ، أمّا وجه اعتبار وجودها عند الإيصاء فلأنّها شروط لصحّة عقد الإيصاء ، فاعتبر وجودها حال وجوده ، كسائر العقود . وأمّا وجه اعتبار وجودها عند الموت ، فلأنّ الموصى إليه إنّما يتصرّف بعد موت الموصي ، فاعتبر وجودها عنده ، كالإيصاء له بشيءٍ من المال . سلطة الوصيّ : 13 - سلطة الوصيّ إنّما تكون على حسب الإيصاء عموماً وخصوصاً ، فإن كان الإيصاء خاصّاً بشيءٍ ، كقضاء الدّيون أو اقتضائها ، أو ردّ الودائع أو استردادها ، أو النّظر في أمر الأطفال ومن في حكمهم ، كانت سلطة الوصيّ مقصورةً على ما أوصي إليه فيه ، لا تتعدّاه إلى غيره . وإن كان الإيصاء عامّاً ، كأن قال الموصي : أوصيت إلى فلانٍ في كلّ أموري ، كانت سلطة الوصيّ شاملةً لجميع التّصرّفات ، كقضاء الدّيون واقتضائها ، وردّ الودائع واستردادها ، وحفظ أموال الصّغار والتّصرّف فيها ، وتزويج من احتاج إلى الزّواج من أولاده . وهذا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّدٍ من الحنفيّة ، لأنّ الوصيّ يتصرّف بالإذن من الموصي كالوكيل . فإن كان الإذن خاصّاً كانت سلطته مقصورةً على ما أذن فيه ، وإن كان الإذن عامّاً كانت سلطته عامّةً ، وقد استثنى الشّافعيّة من ذلك تزويج الصّغير والصّغيرة ، فقالوا : لا يصحّ الإيصاء بتزويجهما ، لأنّ الصّغير والصّغيرة لا يزوّجهما إلاّ الأب أو الجدّ ، ولأنّ الوصيّ لا يتعيّر بدخول الدّنيّ في نسبهم . وقال أبو حنيفة ، وهو المفتى به في المذهب : إنّ الإيصاء الصّادر من الأب يكون عامّاً ، ولا يقبل التّخصيص بنوعٍ أو مكان أو زمانٍ ، لأنّ الوصيّ قائم مقام الأب ، وولاية الأب عامّة ، فكذلك من يقوم مقامه ، ولأنّه لولا ذلك لاحتجنا إلى تعيين وصيٍّ آخر ، والموصي قد اختار هذا وصيّاً في بعض أموره ، فجعله وصيّاً في الكلّ أولى من غيره ، لأنّه رضي بتصرّف هذا في البعض ، ولم يرض بتصرّف غيره في شيءٍ أصلاً ، وعلى هذا : لو أوصى الأب إلى رجلٍ بتفريق ثلث ماله في وجوه الخير مثلاً ، صار وصيّاً عامّاً على أولاده وتركته ، ولو أوصى إلى رجلٍ بقضاء دينه ، وإلى آخر بتنفيذ وصيّتة ، كانا وصيّين في كلّ شيءٍ عند أبي حنيفة . حكم عقود الوصيّ وتصرّفاته : 14 - القاعدة العامّة في عقود الوصيّ وتصرّفاته : أنّ الوصيّ مقيّد في تصرّفه بالنّظر والمصلحة لمن في وصايته ، وعلى هذا لا يكون للوصيّ سلطة مباشرة التّصرّفات الضّارّة ضرراً محضاً كالهبة ، أو التّصدّق ، أو البيع والشّراء بغبنٍ فاحشٍ ، فإذا باشر الوصيّ تصرّفاً من هذه التّصرّفات كان تصرّفه باطلاً ، لا يقبل الإجازة من أحدٍ ، ويكون له سلطة مباشرة التّصرّفات النّافعة نفعاً محضاً ، كقبول الهبة والصّدقة والوصيّة والوقف ، والكفالة للمال . ومثل هذا : التّصرّفات الدّائرة بين النّفع والضّرر كالبيع والشّراء والإجارة والاستئجار والقسمة والشّركة ، فإنّ للوصيّ أن يباشرها ، إلاّ إذا ترتّب عليها ضرر ظاهر ، فإنّها لا تكون صحيحةً . هذا مجمل القول في عقود الوصيّ وتصرّفاته ، أمّا تفصيل القول فيها فهو كما يأتي : أ - يجوز للوصيّ أن يبيع من أموال من في وصايته ، وأن يشتري لهم ، ما دام البيع أو الشّراء بمثل القيمة أو بغبنٍ يسيرٍ ، وهو ما يتغابن فيه النّاس عادةً ، لأنّ الغبن اليسير لا بدّ من حصوله في المعاملات الماليّة ، فإذا لم يتسامح فيه أدّى ذلك إلى سدّ باب التّصرّفات . أمّا إذا كان البيع أو الشّراء بغبنٍ فاحشٍ ، وهو ما لا يتغابن فيه النّاس عادةً ، فإنّ العقد لا يكون صحيحاً . وهذا إذا كان المبيع منقولاً ، أمّا إن كان عقاراً فلا يجوز للوصيّ أن يبيعه ، إلاّ إذا كان هناك مسوّغ شرعيّ ، لأنّ العقار محفوظ بنفسه ، فلا حاجة إلى بيعه إلاّ إذا وجد مسوّغ شرعيّ ، كأن يكون بيع العقار خيراً من بقائه ، وذلك في الحالات الآتية : - 1 - أن يرغب شخص في شراء العقار بضعف قيمته أو أكثر ، فإنّ الوصيّ في هذه الحالة ، يستطيع أن يشتري بالثّمن عقاراً أنفع من الّذي باعه . - 2 - أن تكون ضريبة العقار وما يصرف عليه للصّيانة أو الزّراعة تزيد على غلّاته . - 3 - أن يكون الصّغار ومن في حكمهم في حاجةٍ إلى النّفقة ، ولا سبيل إلى تدبير ذلك إلاّ ببيع العقار المملوك لهم ، فيسوغ للوصيّ أن يبيع منه قدر ما يكفي للإنفاق عليهم . ومثل ذلك بيع وصيّ الأب أو الجدّ مال نفسه للموصى عليهم ، أو شراء مال نفسه لهم ، فإنّه لا يجوز إلاّ إذا كان في البيع والشّراء منفعة ظاهرة للموصى عليهم ، كأن يبيع العقار لهم بنصف القيمة ، ويشتريه منهم بضعف قيمته ، وفي غير العقار : أن يبيع لهم ما يساوي خمسة عشر بعشرةٍ ، ويشتري ما يساوي عشرةً بخمسة عشر ، وهذا على القول المفتى به في مذهب الحنفيّة ، وهو رأي الإمام أبي حنيفة . وقال الأئمّة الثّلاثة ، ومحمّد ، وأبو يوسف في أظهر الرّوايتين عنه : لا يجوز للوصيّ أن يبيع أو يشتري شيئاً من مال الموصى عليهم مطلقاً ، وذلك لعدم وفور شفقته ، ممّا يجعله يؤثر مصلحة نفسه على مصلحة من في وصايته ، ولأنّه متّهم في هذا التّصرّف . ونصّ المالكيّة على أنّ الوصيّ إذا اشترى لنفسه شيئاً من مال الموصى عليهم ، نظر الحاكم فيه ، فإن وجد في شرائه مصلحةً ، بأن اشترى المبيع بقيمته أمضاه ، وإن لم يجد فيه مصلحةً ردّه . وللوصيّ اقتضاء الدّين ممّن هو عليه ، وله تأخير اقتضاء الدّين الحالّ إن كان في تأخيره مصلحة . ب - وله أن يدفع مال من في وصايته لمن يستثمره استثماراً شرعيّاً ، كالمضاربة والمشاركة وغيرهما من كلّ ما لهم فيه خير ومنفعة . كما أنّ له أن يقوم بالاتّجار فيه بنفسه ، في نظير جزءٍ من الرّبح عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : يكره للوصيّ استثمار مال من في وصايته بجزءٍ من الرّبح ، لئلاّ يحابي نفسه ، فإن استثمره مجّاناً فلا يكره ، بل هو من المعروف الّذي يقصد به وجه اللّه . وقال الحنابلة : متى اتّجر الوصيّ في المال بنفسه ، فالرّبح كلّه لليتيم على الصّحيح . واستثمار مال الصّغار ومن في حكمهم واجب على الوصيّ عند الشّافعيّة ، لقول عمر رضي الله تعالى عنه :" ابتغوا في أموال اليتامى ، لا تأكلها الصّدقة " ومندوب أو مستحبّ عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، لأنّ فيه خيراً ونفعاً لأصحاب المال ، والشّرع يحثّ على فعل ما فيه الخير للنّاس ، ولم يوجد ما يدلّ على الوجوب ، والأمر بالاتّجار في قول عمر محمول على النّدب ، كما قال ابن رشدٍ . ج - وللوصيّ الإنفاق على الصّغار ومن في حكمهم بحسب قلّة المال وكثرته بالمعروف ، فلا يضيق على صاحب المال الكثير دون نفقة مثله ، ولا يوسّع على صاحب المال القليل بأكثر من نفقة مثله . وله أن يدفع ما يحتاجون إليه من النّفقة إليهم أو إلى من يكونون في حضانته لمدّة شهرٍ ، إذا علم أنّهم لا يتلفونه ، فإن خاف إتلافه دفع إليهم ما يحتاجونه يوماً فيوماً . ونصّ الحنفيّة على أنّ الوصيّ لا يضمن ما أنفقه في المصاهرات بين اليتيم واليتيمة وغيرهما في خلع الخاطب أو الخطيبة ، وفي الضّيافات المعتادة ، والهدايا المعهودة ، وفي الأعياد - وإن كان له منه بدّ - وفي اتّخاذ ضيافةٍ لختنه للأقارب والجيران ، ما لم يسرف فيه ، وكذا لمؤدّبه ، ومن عنده من الصّبيان ، فإن أسرف كان ضامناً لما أسرف فيه . كما نصّوا على أنّ للوصيّ أن ينفق على اليتيم ما يحتاج إليه في تعليم القرآن والأدب ، إن كان أهلاً لذلك ، وصار الوصيّ مأجوراً على تصرّفه ، فإن لم يكن أهلاً لهذا التّعلّم فعليه أن يتكلّف في تعليمه قدر ما يقرأ في صلاته . وفي المغني : يجوز للوصيّ أن يلحق الصّبيّ بالمكتب ليتعلّم القراءة والكتابة ، ولا يحتاج إلى إذن حاكمٍ ، وكذلك يجوز له أن يسلّمه في صناعةٍ ، إذا كانت مصلحته في ذلك . د - وللوصيّ أن يحتال بدين من في وصايته إذا كان المحال عليه أملأ من المدين الأصليّ ، فإن كان أعسر منه لم يجز ، لأنّ ولايته مقيّدة بالنّظر ، وليس من النّظر قبول الحوالة على الأعسر . هـ - ولا يجوز للوصيّ باتّفاق الفقهاء أن يهب شيئاً من مال الصّغير ومن في حكمه ، ولا أن يتصدّق ، ولا أن يوصي بشيءٍ منه ، لأنّها من التّصرّفات الضّارّة ضرراً محضاً ، فلا يملكها الوصيّ ، ولا الوليّ ولو كان أباً . و - وكذلك لا يجوز له أن يقرض مال الصّغير ونحوه لغيره ، ولا أن يقترضه لنفسه ، لما في إقراضه من تعطيل المال عن الاستثمار ، والوصيّ مأمور بتنميته بقدر الإمكان . وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة . وقال الشّافعيّة : لا يجوز الإقراض بلا ضرورةٍ إلاّ بإذن القاضي . وقيّد الحنابلة عدم جواز الإقراض بما إذا لم يكن فيه حظّ لليتيم ، فمتى أمكن الوصيّ التّجارة به أو تحصيل عقارٍ له فيه الحظّ لم يقرضه ، وإن لم يمكن ذلك وكان في إقراضه حظّ لليتيم جاز ، كأن يكون لليتيم مال مثلاً يريد نقله إلى بلدٍ آخر ، فيقرضه لرجلٍ ليقضيه بدله في البلد الآخر ، يقصد حفظه من الغرر في نقله ، أو يخاف عليه الهلاك من نهبٍ أو غرقٍ أو نحوهما ، أو يكون ممّا يتلف بتطاول مدّته ، أو يكون حديثه خيراً من قديمه كالحنطة . فإن لم يكن فيه حظّ ، وإنّما قصد إرفاق المقترض وقضاء حاجته ، فهذا غير جائزٍ . النّاظر على الوصيّ ، ومهمّته : 15 - النّاظر على الوصيّ هو الشّخص الّذي يعيّنه الموصي أو القاضي لمراقبة أعمال الوصيّ وتصرّفاته المتعلّقة بالوصاية ، دون أن يشترك معه في إجرائها ، وذلك لضمان قيام الوصيّ بعمله على الوجه الأكمل . وتسميته بهذا الاسم اصطلاح الحنفيّة والمالكيّة ، ويسمّيه المالكيّة أيضاً والشّافعيّة : مشرفاً ، أمّا الحنابلة فيسمّونه : أميناً . ومهمّة المشرف أن يراقب الوصيّ في إدارة مال الصّغار ومن في حكمهم ، وتصرّفاته فيه . وعلى الوصيّ أن يجيب المشرف إلى كلّ ما يطلبه من إيضاحٍ عن إدارته وتصرّفاته ، كي يتمكّن من القيام بمهمّته الّتي عيّن من أجلها ، وليس للمشرف حقّ الاشتراك في الإدارة ولا الانفراد بالتّصرّف ، وإذا خلا مكان الوصيّ كان عليه أن يرعى مال الصّغير ويحفظه إلى أن يعيّن وصيّ جديد . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية