الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41059" data-attributes="member: 329"><p>تعدّد الأوصياء :</p><p>16 - الإيصاء قد يكون لواحدٍ ، وقد يكون لأكثر من واحدٍ . فإذا كان الإيصاء لأكثر من واحدٍ وصدر الإيصاء في عقدٍ واحدٍ ، بأن قال الموصي : أوصيت إلى فلانٍ وفلانٍ ، وقبل كلّ منهما الوصاية صار وصيّاً ، وكذلك إذا حصل الإيصاء إلى كلٍّ منهما بعقدٍ على حدةٍ ، بأن أوصى إلى رجلٍ ، ثمّ أوصى إلى رجلٍ آخر ، فإنّهما يكونان وصيّين ، إلاّ إذا قال الموصي : أخرجت الأوّل أو عزلته ، أمّا إذا وجدت الوصيّة إليهما بعقدين من غير عزل واحدٍ منهما ، فإنّهما يكونان وصيّين ، كما لو أوصى إليهما دفعةً واحدةً . </p><p>فإذا تعدّد الأوصياء ، وحدّد الموصي لكلّ واحدٍ اختصاصه ، بأن عهد إلى أحد الأوصياء القيام بشئون الأراضي ، وإلى آخر بشئون المتجر ، أو المصنع ، وإلى ثالثٍ بالنّظر في أمر أطفاله ، وفي هذه الحالة يكون لكلٍّ منهم ما جعل إليه دون غيره . </p><p>وكذلك لو أوصى إلى وصيّين في شيءٍ واحدٍ ، وجعل لكلّ واحدٍ منهما التّصرّف منفرداً ، بأن يقول : أوصيت إلى كلّ واحدٍ منكما بالنّظر في أمر أطفالي ، ولكلٍّ منكما أن ينفرد بالتّصرّف ، كان لكلّ وصيٍّ أن ينفرد بالتّصرّف ، لأنّ الموصي جعل كلّ واحدٍ منهما وصيّاً منفرداً ، وهذا يقتضي صحّة تصرّفه على الانفراد . </p><p>أمّا لو أوصى إلى وصيّين ليتصرّفا مجتمعين ، فليس لواحدٍ منهما الانفراد بالتّصرّف ، فلو تصرّف أحدهما بدون الآخر أو توكيلٍ منه كان له ردّ تصرّفه ، لأنّ الموصي لم يجعل ذلك إليه ، ولم يرض بنظره وحده ، وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء إلاّ في الصّورة الأولى ، وهي ما إذا خصّص لكلّ وصيٍّ عملاً ، فإنّ أبا حنيفة يقول : إنّ الوصاية لا تتخصّص بالتّخصيص من الموصي ، بل يكون الوصيّ وصيّاً فيما يملكه الموصي ، كما تقدّم في الكلام على سلطة الوصيّ . وإذا تعدد الأوصياء ، وكان الإيصاء مطلقاً عن التّخصيص أو التّقييد بالانفراد أو الاجتماع ، بأن قال : أوصيت إليكما بالنّظر في شئون أطفالي مثلاً ، فللفقهاء في ذلك ثلاثة آراءٍ . فأبو حنيفة ومحمّد يقولان : ليس لأحد الوصيّين الانفراد بالتّصرّف ، إلاّ أنّهما استثنيا من ذلك بعض التّصرّفات ، فأجازا لكلّ واحدٍ الانفراد بها للضّرورة ، لأنّها تصرّفات عاجلة لا تحتمل التّأخير ، أو لأنّها لازمة لحفظ المال ، أو لأنّ اجتماع الرّأي فيها متعذّر ، كتجهيز الميّت وقضاء دينه ، وردّ المغصوب المعيّن ، وردّ الوديعة وتنفيذ الوصيّة المعينتين ، وشراء ما لا بدّ للصّغير منه كالطّعام والكسوة ، وقبول الهبة له ، والخصومة عن الميّت فيما يدعى له أو عليه ، ونحو ذلك ممّا يشقّ الاجتماع عليه ، أو يضرّ تأخيره . </p><p>ومذهب الشّافعيّة قريب ممّا ذهب إليه أبو حنيفة ومحمّد ، فإنّهم قالوا : إذا أوصى إلى اثنين ولم يجعل لكلٍّ منهما الانفراد بالتّصرّف لم ينفرد أحدهما بالتّصرّف ، بل لا بدّ من اجتماعهما فيه ، وهذا في أمر الأطفال وأموالهم ، وتفرقة الوصايا غير المعيّنة ، وقضاء دينٍ ليس في التّركة جنسه . وأمّا ردّ الأعيان المستحقّة كالمغصوب والودائع والأعيان الموصى بها وقضاء دينٍ في التّركة جنسه ، فلأحدهما الاستقلال به . </p><p>وحجّة أصحاب هذا الرّأي أنّ الوصاية إنّما تثبت بالتّفويض من الموصي ، فيراعى وصف هذا التّفويض ، وهو الاجتماع ، لأنّه وصف مفيد ، إذ رأي الواحد لا يكون كرأي الاثنين ، والموصي ما رضي إلاّ برأيهما ، بدليل اختياره لأكثر من واحدٍ ، فإنّه يدلّ دلالةً ظاهرةً على أنّ الغرض من ذلك اجتماع رأيهما واشتراكهما في التّصرّفات ، حتّى تكون أصلح وأنفع من التّصرّفات الّتي ينفرد بها وصيّ واحد ، وإنّما جاز انفراد أحدهما في التّصرّفات المستثناة لأنّها ضروريّات ، والضّروريّات مستثناة دائماً . </p><p>ويرى المالكيّة والحنابلة : أنّه ليس لأحدٍ الوصيّين الانفراد بالتّصرّف ، وهذا في جميع الأشياء ، فإن تعذّر اجتماعهما فالحاكم - كما نصّ على ذلك الحنابلة - يقيم أميناً مقام الغائب . وحجّتهم في ذلك : أنّ الموصي قد شرّك بين الوصيّين في النّظر ، فلم يكن لأحدهما الانفراد في التّصرّف ، كالوكيلين ، فإنّه ليس لأحدهما أن يتصرّف بدون الآخر ، فكذلك الوصيّان . وقال أبو يوسف : لكلٍّ من الوصيّين أن ينفرد بالتّصرّف في جميع الأشياء ، وحجّته في ذلك : أنّ الوصاية من قبيل الولاية ، وهي وصف شرعيّ لا يتجزّأ ، فتثبت لكلٍّ من الوصيّين على وجه الكمال ، كولاية الإنكاح إلى الأخوين ، فإنّها تثبت لكلٍّ منهما على وجه الكمال ، فكذلك الوصاية تثبت لكلٍّ من الوصيّين على وجه الكمال ، لأنّ كلّاً منهما ولاية . ولو مات أحد الوصيّين اللّذين لم يجعل لكلٍّ منهما التّصرّف منفرداً جعل القاضي مكانه آخراً ، وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لأنّ الوصيّ لمّا أوصى إلى الاثنين لم يرض بنظر الباقي منهما وحده . </p><p>وقال المالكيّة : لو مات أحد الوصيّين ، ولم يوص قبل موته إلى صاحبه أو إلى غيره ، كان للحاكم أن ينظر فيما فيه الأصلح ، فإن رأى الأصلح في إبقاء الحيّ منهما وصيّاً وحده لم يجعل معه وصيّاً آخر ، وإن رأى الأصلح في جعل غيره وصيّاً معه جعل معه غيره .</p><p>الأجر على الوصاية :</p><p>17 - يجوز للوصيّ أن يأخذ أجراً على نظره وعمله ، لأنّ الوصيّ كالوكيل ، والوكيل يجوز له أخذ الأجر على عمله ، فكذلك الوصيّ ، بهذا قال الحنابلة ، وبه أيضاً قال المالكيّة ، فإنّهم نصّوا على أنّ الوصيّ إذا طلب أجرةً على نظره في مال اليتيم ، فعلى القاضي أن يفرض له أجرةً على نظره بقدر شغله في مال اليتيم وشراء نفقته . فإن تورّع عن ذلك فهو خير له . كما نصّوا على أنّ للقاضي أن يفرض للوصيّ أجرةً على نظره إذا كان ذلك سداداً للأيتام . وقال الشّافعيّة : إذا كان النّاظر في أمر الطّفل أجنبيّاً ، فله أن يأخذ من مال الطّفل قدر أجرة عمله ، فإن أخذ أكثر من ذلك ضمن ما أخذه ، ولو لكفايته ، وإن كان أباً أو جدّاً ، أو أمّاً - بحكم الوصيّة لها - فلا يأخذ من ماله شيئاً إن كان غنيّاً ، فإن كان فقيراً فنفقته على الطّفل ، وله أن ينفق على نفسه من ماله بالمعروف ، ولا يحتاج إلى إذن حاكمٍ . </p><p>أمّا الحنفيّة فالصّحيح عندهم أنّ الوصيّ إن كان وصيّ الميّت فليس له أجر على وصيّته ، وإن كان وصيّ القاضي ، فللقاضي أن يجعل له أجر المثل على وصيّته . </p><p>ومع هذا فقد أجازوا للوصيّ أن يأكل من مال اليتيم إذا كان محتاجاً ، ويركب دابّته إذا ذهب في حاجته ، لقول اللّه تعالى : { ومن كانَ فقيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف } ، ولما روي أنّ رجلاً جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : « إنّ عندي يتيماً عنده مال ، وليس لي مال ، آكل من ماله ؟ قال : كُلْ بالمعروف غيرَ مُسْرِفٍ » .</p><p>انتهاء الوصاية :</p><p>18 - تنتهي الوصاية بأحد الأمور الآتية : </p><p>- 1 - موت الوصيّ ، أو فقده لشرطٍ من الشّروط المعتبرة فيه ، فإن مات الوصيّ ، أو فقد شرطاً من الشّروط الواجب توافرها لصحّة الإيصاء ، كالإسلام والعقل وغيرهما انتهت وصايته باتّفاق الفقهاء ، لأنّ هذه الشّروط كما تعتبر في الابتداء تعتبر في الدّوام والبقاء .</p><p>- 2 - انتهاء مدّة الوصاية ، فإذا أقّتت الوصاية بمدّةٍ ، كأن قال الموصي : أوصيت إلى فلانٍ لمدّة سنةٍ ، أو قال : أوصيت إلى فلانٍ مدّة غياب ولدي فلانٍ ، أو إلى أن يصير رشيداً ، فإذا حضر أو رشد فهو وصيّي ، فإنّ الإيصاء ينتهي إذا حضر ولده ، أو صار رشيداً ، لأنّ الإيصاء كالإمارة ، والإمارة يصحّ توقيتها وتعليقها على الشّرط ، فكذلك الإيصاء ، ولأنّ الإيصاء مؤقّت شرعاً ببلوغ الأيتام أو إيناس الرّشد ، فجاز أن يكون مؤقّتاً بالشّرط ، وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء أيضاً .</p><p>-3- عزل الوصيّ نفسه ، فلو عزل الوصيّ نفسه بعد موت الموصي وقبول الإيصاء ، انتهت وصايته ، وهذا عند الشّافعيّة والحنابلة . أمّا عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، فإنّ الوصيّ ليس له عزل نفسه عن الإيصاء بعد موت الموصي وقبوله إيّاه إلاّ لعذرٍ ، وقد تقدّم الكلام عن ذلك في حكم الإيصاء .</p><p>- 4 - انتهاء العمل الّذي عهد إلى الوصيّ القيام به ، فإن كان هذا العمل هو قضاء الدّيون الّتي على الميّت ، أو اقتضاء ديونه الّتي له على غيره ، أو توزيع وصاياه على الموصى لهم بها ، انتهت الوصاية بدفع الدّيون إلى أصحابها ، أو بأخذها ممّن كانت عليهم ، أو بإعطاء الوصايا لمن أوصى لهم بها . </p><p>وإن كان هذا العمل هو النّظر في شئون الأولاد الصّغار وأموالهم ، انتهت هذه الوصاية ببلوغ الصّغير عاقلاً رشيداً ، بحيث يؤتمن في إدارة أمواله ، والتّصرّف فيها ، ولم يحدّد جمهور الفقهاء لهذا الرّشد سنّاً معيّنةً يحكم بزوال الوصاية عن القاصر متى بلغها ، بل هو موكول إلى ظهوره بالفعل ، وذلك عن طريق الاختبار والتّجربة ، فإذا دلّت التّجربة على تحقّق الرّشد حكم برشده ، وسلّمت إليه أمواله باتّفاق الفقهاء لقول اللّه تعالى : { وابْتَلُوا اليتامى حتّى إذا بَلَغُوا النّكاحَ فإنْ آنَسْتُم منهم رُشْداً فادْفَعُوا إليهم أموالَهم } . </p><p>وإذا بلغ غير رشيدٍ وكان عاقلاً لا تكمل أهليّته ، ولا ترتفع الولاية أو الوصاية عنه في ماله ، بل تبقى أمواله تحت يد وليّه أو وصيّه حتّى يثبت رشده ، وذلك لقول اللّه تعالى : { ولا تُؤْتُوا السّفهاءَ أموالَكم الّتي جَعَلَ اللّهُ لكم قياماً وارْزُقوهم فيها واكْسُوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً وابْتَلوا اليتامى حتّى إذا بَلَغُوا النّكاحَ فإِن آنستم منهم رُشْداً فادفعوا إليهم أموالَهم } ، فإنّه منع الأولياء والأوصياء من دفع المال إلى السّفهاء ، وأناط دفع المال إليهم بحصول أمرين : البلوغ والرّشد . فلا يجوز أن يدفع إليهم بالبلوغ ، مع عدم الرّشد ، وليس في هذا النّصّ ولا في غيره تحديد للرّشد بسنٍّ معيّنةٍ ، بل هو موكول إلى ظهوره بالفعل ، وذلك عن طريق الاختبار والتّجربة ، فإن دلّت على تحقّق الرّشد كملت أهليّته ، وسلّمت إليه أمواله ، وإلاّ بقيت الولاية عليه ، وبقيت أمواله تحت يد وليّه أو وصيّه ، كما كانت قبل البلوغ مهما طال الزّمن . وقال أبو حنيفة : إذا بلغ الصّغير غير رشيدٍ - وكان عاقلاً - كملت أهليّته ، وارتفعت الولاية أو الوصاية عنه ، إلاّ أنّه لا تسلّم إليه أمواله ، بل تبقى في يد وليّه أو وصيّه حتّى يثبت رشده بالفعل ، أو يبلغ خمساً وعشرين سنةً ، فإذا بلغ هذه السّنّ سلّمت إليه أمواله ، ولو كان مبذّراً لا يحسن التّصرّف ، لأنّ منع المال عنه كان على سبيل الاحتياط والتّأديب ، وليس على سبيل الحجر عليه ، والإنسان بعد بلوغ هذه السّنّ ، وصلاحيّته لأن يكون جدّاً ، لا يكون أهلاً للتّأديب .</p><p></p><p>إيفاء *</p><p>انظر : وفاء .</p><p></p><p>إيقاظ *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - الإيقاظ في اللّغة مصدر أيقظه : إذا نبّهه من نومه ولا يختلف معناه في الفقه عنه في اللّغة .</p><p>الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - ترد على الإيقاظ الأحكام الشّرعيّة التّالية : </p><p>- فيكون فرضاً ، إذا ترتّب على نومه ترك فرضٍ . أو كان في تركه تعريض حياته لخطرٍ محقّقٍ . </p><p>- وقد يكون واجباً ، إذا كان يغلب على الظّنّ أنّ تركه نائماً قد يعرّضه لخطرٍ ، أو يغلب على الظّنّ أنّ تركه يفوّت فرضاً عليه إن نام بعد دخول الوقت . </p><p>- وقد يكون سنةً ، كإيقاظ من نام بعد صلاة العصر أو بعد صلاة الفجر ، لورود أخبارٍ بالنّهي عن النّوم في هذين الوقتين . </p><p>- وكذلك يندب الإيقاظ لغسل يديه أو ثوبه من بقايا الطّعام - لا سيّما اللّحم - لورود النّهي عن النّوم على تلك الحال . قال صلى الله عليه وسلم : « من بات ، وفي يده غمر ، فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه » . </p><p>- وكذلك إيقاظ من نام في المحراب أو في قبلة المصلّين في الصّفّ الأوّل . </p><p>- وقد يكون حراماً ، كما لو كان في إيقاظه ضرر محقّق ، كالمريض إذا نهى الطّبيب عن إيقاظه . هذا ولا بدّ من مراعاة القاعدة الشّرعيّة في دفع الضّرر الأكبر بارتكاب ما هو أخفّ منه ، لأنّه يرتكب أهون الضّررين . على أنّه إذا انتفى سبب ممّا سبق ، فإنّ الأصل كراهة إيقاظ النّائم لما فيه من الإيذاء ، ولما ورد من أخبارٍ تراعى فيها حال النّائم ، كمنع السّلام على النّائم ، وخفض الصّوت لمن يصلّي جهراً بحضرة نائمٍ . </p><p>من مواطن البحث :</p><p>3 - يذكر الفقهاء حكم الإيقاظ في كتاب الصّلاة ، حين الكلام على أوقاتها ، بمناسبة التّعرّض لكراهة النّوم قبل الصّلاة خوف تضييعها بخروج الوقت .</p><p></p><p>إيقاف *</p><p>انظر : وقف .</p><p></p><p>إيلاء *</p><p>التّعريف :</p><p>1-الإيلاء في اللّغة معناه : الحلف مطلقاً ، سواء أكان على ترك قربان الزّوجة أم على شيءٍ آخر ، مأخوذ من آلى على كذا يولي إيلاءً وأليةً : إذا حلف على فعل شيءٍ أو تركه . كان الرّجل في الجاهليّة إذا غضب من زوجته حلف ألاّ يطأها السّنة والسّنتين ، أو ألاّ يطأها أبداً ، ويمضي في يمينه من غير لومٍ أو حرجٍ ، وقد تقضي المرأة عمرها كالمعلّقة ، فلا هي زوجة تتمتّع بحقوق الزّوجة ، ولا هي مطلّقة تستطيع أن تتزوّج برجلٍ آخر ، فيغنيها اللّه من سعته . فلمّا جاء الإسلام أنصف المرأة ، ووضع للإيلاء أحكاماً خفّفت من أضراره ، وحدّد للمولي أربعة أشهرٍ ، وألزمه إمّا بالرّجوع إلى معاشرة زوجته ، وإمّا بالطّلاق عليه . </p><p>قال اللّه تعالى : { للّذين يُؤْلُون من نسائِهم تَرَبُّصُ أربعةِ أشهرٍ فإنْ فاءوا فإنّ اللّه غفور رحيم وإنْ عَزَمُوا الطّلاقَ فإنّ اللّه سميعٌ عليمٌ } . </p><p>والإيلاء في الاصطلاح - يعرّفه الحنفيّة - أن يحلف الزّوج باللّه تعالى ، أو بصفةٍ من صفاته الّتي يحلف بها ، ألاّ يقرب زوجته أربعة أشهرٍ أو أكثر ، أو أن يعلّق على قربانها أمراً فيه مشقّة على نفسه ، وذلك كأن يقول الرّجل لزوجته : واللّه لا أقربك أربعة أشهرٍ ، أو ستّةً ، أو يقول : واللّه لا أقربك أبداً ، أو مدّة حياتي ، أو واللّه لا أقربك ولا يذكر مدّةً ، وهذه صورة الحلف باللّه تعالى ، أمّا صورة التّعليق ، فهو أن يقول : إن قربتك فللّه عليّ صيام شهرٍ ، أو حجّ ، أو إطعام عشرين مسكيناً ، ونحو ذلك ممّا يكون فيه مشقّة على النّفس ، فإذا قال الزّوج شيئاً من هذا اعتبر قوله إيلاءً . أمّا إذا امتنع الرّجل من قربان زوجته بدون يمينٍ ، فإنّه لا يكون إيلاءً ، ولو طالت مدّة الامتناع حتّى بلغت أربعة أشهرٍ أو أكثر ، بل يعتبر سوء معاشرةٍ يتيح لزوجته طلب الفرقة عند بعض الفقهاء ، إذا لم يكن هناك عذر يمنع من قربانها . وكذلك لو حلف الزّوج بغير اللّه تعالى كالنّبيّ والوليّ ألاّ يقرب زوجته ، فإنّه لا يكون إيلاءً ، لأنّ الإيلاء يمين ، والحلف بغير اللّه تعالى ليس يميناً شرعاً ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من كان حالفاً فليحلف باللّه أو ليصمت » . </p><p>ومثل هذا لو علّق الرّجل على قربان زوجته أمراً ليس فيه مشقّة على النّفس ، كصلاة ركعتين أو إطعام مسكينٍ ، لا يكون إيلاءً . </p><p>وكذلك لو كانت المدّة الّتي حلف على ترك قربان الزّوجة فيها أقلّ من أربعة أشهرٍ لا يعتبر إيلاءً ، وذلك لقول اللّه تعالى : { للّذين يُؤْلون من نسائهم تَرَبُّصُ أربعةِ أشهرٍ } فإنّه سبحانه ذكر للإيلاء في حكم الطّلاق مدّةً مقدّرةً هي أربعة أشهرٍ ، فلا يكون الحلف على ما دونها إيلاءً في حقّ هذا الحكم . وقد وافق الحنفيّة - في أنّ الإيلاء يكون بالحلف باللّه تعالى وبالتّعليق - المالكيّة ، والشّافعيّ في الجديد ، وأحمد بن حنبلٍ في روايةٍ . </p><p>وخالف في ذلك الحنابلة في الرّواية المشهورة ، فقالوا : الإيلاء لا يكون إلاّ بالحلف باللّه تعالى ، أمّا تعليق الطّلاق أو العتق أو المشي إلى بيت اللّه تعالى على قربان الزّوجة فإنّه لا يكون إيلاءً ، لأنّ الإيلاء قسم ، والتّعليق لا يسمّى قسماً شرعاً ولا لغةً ، ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ، ولا يجاب بجوابه ، ولا يذكره أهل العربيّة في باب القسم ، وعلى هذا لا يكون إيلاءً . وحجّة الحنفيّة ومن وافقهم : أنّ تعليق ما يشقّ على النّفس يمنع من قربان الزّوجة خوفاً من وجوبه ، فيكون إيلاءً كالحلف باللّه تعالى ، والتّعليق - وإن كان لا يسمّى قسماً شرعاً ولغةً - ولكنّه يسمّى حلفاً عرفاً . </p><p>ومذهب الحنفيّة أنّ الإيلاء يكون بالحلف على ترك قربان الزّوجة أربعة أشهرٍ أو أكثر . وذهب الجمهور المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الإيلاء لا يكون إلاّ بالحلف على ترك قربان الزّوجة أكثر من أربعة أشهرٍ ، وسيأتي ذكر هذه الآراء وأدلّتها في الكلام عن مدّة الإيلاء .</p><p>2 - والحكمة في موقف الشّريعة الإسلاميّة من الإيلاء هذا الموقف : أنّ هجر الزّوجة قد يكون من وسائل تأديبها ، كما إذا أهملت في شأن بيتها أو معاملة زوجها ، أو غير ذلك من الأمور الّتي تستدعي هجرها ، علّها تثوب إلى رشدها ويستقيم حالها ، فيحتاج الرّجل في مثل هذه الحالات إلى الإيلاء ، يقوّي به عزمه على ترك قربان زوجته تأديباً لها ورغبةً في إصلاحها ، أو لغير ذلك من الأغراض المشروعة . فلهذا لم تبطل الشّريعة الإسلاميّة الإيلاء جملةً ، بل أبقته مشروعاً في أصله ، ليمكن الالتجاء إليه عند الحاجة .</p><p>ركن الإيلاء :</p><p>3 - ركن الإيلاء الّذي يتوقّف تحقّق الإيلاء على وجوده هو : اللّفظ ، أو ما يقوم مقام اللّفظ على التّفصيل والخلاف المتقدّم . </p><p>والّذي يقوم مقام اللّفظ : الكتابة المستبينة ، وهي الكتابة الظّاهرة الّتي يبقى أثرها ، كالكتابة على الورق ونحوه . أمّا الكتابة غير المستبينة ، وهي الّتي لا يبقى أثرها ، كالكتابة على الهواء ، أو على الماء فلا تقوم مقام اللّفظ في ذلك ، ولا يصحّ بها الإيلاء . </p><p>ومثل الكتابة في ذلك الإشارة عند العجز عن النّطق بالعبارة ، كالأخرس ومن في حكمه . فإذا كان للأخرس إشارة مفهمة ، يعرف المتّصلون به أنّ المراد بها الحلف على الامتناع من قربان الزّوجة أربعة أشهرٍ أو أكثر ، صحّ الإيلاء بها ، كما يصحّ طلاقه وسائر تصرّفاته. </p><p> شرائط الإيلاء :</p><p>4 - شرائط الإيلاء كثيرة ومتنوّعة ، منها ما يشترط في ركن الإيلاء ، ومنها ما يشترط في الرّجل والمرأة معاً ، ومنها ما يشترط في الرّجل المولي ، ومنها ما يشترط في المدّة المحلوف عليها . وفيما يلي بيان كلّ نوعٍ منها :</p><p>أ - شرائط الرّكن :</p><p>يشترط في ركن الإيلاء ، وهو صيغته ، ثلاث شرائط : </p><p>الشّريطة الأولى :</p><p>5 - أن يكون اللّفظ صالحاً للدّلالة على معنى الإيلاء ، وذلك بأن تكون مادّة اللّفظ دالّةً على منع الزّوج من قربان زوجته دلالةً واضحةً عرفاً ، مثل قول الرّجل لزوجته : واللّه لا أواقعك ، أو لا أجامعك ، وما أشبه ذلك . </p><p>وينقسم اللّفظ الصّالح للدّلالة على الإيلاء ثلاثة أقسامٍ على ما هو مذهب الحنفيّة والحنابلة : الأوّل : صريح ، وهو ما دلّ على الوطء لغةً وعرفاً . </p><p>وحكم هذا النّوع أنّه يعتبر إيلاءً متى صدر عن قصدٍ إلى التّلفّظ به بدون توقّفٍ على النّيّة ، ولو قال الزّوج : إنّه لم يرد الإيلاء لا يعتبر قوله لا ديانةً ولا قضاءً ، لأنّ اللّفظ لا يحتمل غير الإيلاء ، فإرادة معنًى آخر خلافه تكون إرادةً محضةً بدون لفظٍ يدلّ عليها ، فلا تعتبر . الثّاني : ما يجري مجرى الصّريح ، وهو ما يستعمل في الجماع عرفاً ، كلفظ القربان والاغتسال ، وذلك كأن يحلف الرّجل ألاّ يقرب زوجته ، وبه ورد القرآن الكريم قال تعالى : </p><p>{ ولا تَقْرَبُوهنّ حتّى يَطْهُرْن } . </p><p>وكذلك لو حلف ألاّ يغتسل منها ، لأنّ الاغتسال منها لا يكون إلاّ عن الجماع عادةً . </p><p>وحكم هذا النّوع أنّه يعتبر إيلاءً في القضاء من غير توقّفٍ على النّيّة ، وعلى هذا لو قال الزّوج لزوجته : واللّه لا أقربك ، ثمّ ادّعى أنّه لم يقصد بهذا اللّفظ الجماع ، لا يقبل منه هذا الادّعاء في القضاء ، ويقبل منه ديانةً ، أي فيما بينه وبين اللّه تعالى ، لأنّ اللّفظ الّذي ورد في عبارته يحتمل المعنى الّذي ادّعاه ، وإن كان خلاف الظّاهر ، فإذا نواه فقد نوى معنًى يحتمله اللّفظ ، فتكون إرادته صحيحةً ، إلاّ أنّه لمّا كان المعنى الّذي أراده يخالف المعنى الظّاهر من ذلك اللّفظ لم يقبل منه ما ادّعاه قضاءً ، وقبل منه ديانةً . </p><p>الثّالث : الكناية ، وهو ما يحتمل الجماع وغيره ، ولم يغلب استعماله في الجماع عرفاً ، كما إذا حلف الرّجل : ألاّ يمسّ جلده جلد زوجته ، أو ألاّ يقرب فراشها ، أو ألاّ يجمع رأسه ورأسها وسادة . </p><p>وحكم هذا النّوع : أنّه لا يعتبر إيلاءً إلاّ بالنّيّة ، فإذا قال الزّوج : أردت ترك الجماع كان مولياً ، وإن قال : لم أرد ترك الجماع لم يكن مولياً ، لأنّ هذه الألفاظ تستعمل في الجماع وفي غيره استعمالاً واحداً فلا يتعيّن الجماع إلاّ بالنّيّة . ومذهب الشّافعيّة ، وهو ظاهر ما قاله المالكيّة : أنّ الألفاظ في ذلك تنقسم إلى صريحةٍ وكنايةٍ فقط . </p><p>الشّريطة الثّانية :</p><p>6 - أن تكون الصّيغة دالّةً على الإرادة الجازمة للحال ، ويتحقّق هذا الشّرط بخلوّ الصّيغة من كلّ كلمةٍ تدلّ على التّردّد أو الشّكّ . وألاّ تكون مشتملةً على أداةٍ من الأدوات الدّالّة على التّأخير والتّسويف ، كحرف السّين أو سوف ، لأنّ التّردّد كالرّفض من حيث الحكم ، والتّأخير وعد بإنشاء التّصرّف في المستقبل ، وليس إنشاءً له في الحال ، فالإرادة في التّصرّف غير موجودةٍ في الحال ، ولا يوجد التّصرّف إلاّ بإرادة إنشائه في الحال . </p><p>فمن يقول لزوجته : واللّه سأمنع نفسي من مواقعتك ، أو سوف أمنع نفسي من معاشرتك ، لا يكون مولياً لأنّ هذه الصّيغة لا تدلّ على إرادة منع نفسه من المواقعة في الحال ، وإنّما تدلّ على أنّه سيفعل ذلك في المستقبل . </p><p>هذا ، وممّا ينبغي التّنبيه له هنا أنّ اشتراط الجزم في الإرادة للحال لا ينافي جواز أن تكون الصّيغة معلّقةً على حصول أمرٍ في المستقبل ، أو مضافةً إلى زمنٍ مستقبلٍ ، وذلك لأنّ الإرادة في الإيلاء المعلّق والمضاف مقطوع بها ، لا تردّد فيها ، غاية الأمر أنّ الإيلاء المعلّق لم يحصل الجزم به من قبل المولي في الحال ، بل عند وجود المعلّق عليه ، والإيلاء المضاف مجزوم به في الحال ، غير أنّ ابتداء حكمه مؤخّر إلى الوقت الّذي أضيف إليه ، وأنّ التّعليق والإضافة قد صدرا بإرادةٍ جازمةٍ في الحال . </p><p>الشّريطة الثّالثة : صدور التّعبير عن قصدٍ :</p><p>7 - يتحقّق هذا الشّرط بإرادة الزّوج النّطق بالعبارة الدّالّة على الإيلاء أو ما يقوم مقامها ، فإذا اجتمع مع هذه الإرادة رغبة في الإيلاء وارتياح إليه كان الإيلاء صادراً عن رضًى واختيارٍ صحيحٍ ، وإن وجدت الإرادة فقط ، وانتفت الرّغبة في الإيلاء والارتياح إليه لم يتحقّق الرّضى ، وذلك كأن يكون الزّوج مكرهاً على الإيلاء من زوجته بتهديده بالقتل أو الضّرب الشّديد أو الحبس المديد ، فيصدر عنه الإيلاء خوفاً من وقوع ما هدّد به لو امتنع ، فإنّ صدور الصّيغة من الزّوج في هذه الحال يكون عن قصدٍ وإرادةٍ ، لكن ليس عن رضًى واختيارٍ صحيحٍ . والإيلاء في هذه الحال - حال الإكراه - غير صحيحٍ عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، مستندين في ذلك إلى ما روي عن ابن عبّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » ، وإلى حديث عائشة رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا طلاق ولا عتاق في إغلاقٍ » والإغلاق : الإكراه ، لأنّ المكره يغلق عليه أمره ، ويقفل عليه رأيه وقصده ، وإلى أنّ المكره يحمل على النّطق بالعبارة بغير حقٍّ فلا يترتّب عليها حكم ، كنطقه بكلمة الكفر إذا أكره عليها . </p><p>أمّا عند الحنفيّة فإيلاء المكره معتبر ، وتترتّب عليه آثاره الّتي سيأتي بيانها ، لأنّ الإيلاء عندهم من التّصرّفات الّتي تصحّ مع الإكراه ، نصّوا على ذلك في باب الأيمان والطّلاق ، وأنّ الإيلاء يمين في أوّل الأمر ، وطلاق باعتبار المال ، فينطبق عليه ما يقرّر في بابي الأيمان والطّلاق . وقد استندوا في ذلك إلى قياس المكره على الهازل ، لأنّ كلّاً منهما تصدر عنه صيغة التّصرّف عن قصدٍ واختيارٍ ، لكنّه لا يريد حكمها ، وطلاق الهازل ويمينه معتبران ، فكذلك المكره .</p><p>8 - ولو صدرت صيغة الإيلاء من الزّوج ، لكنّه لم يرد موجبها ، بل أراد اللّهو واللّعب - وهذا هو الهازل - فإنّ الإيلاء يكون معتبراً عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وغيرهم من أهل العلم ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاث جدّهنّ جدّ ، وهزلهنّ جدّ : النّكاح والطّلاق والرّجعة » ولأنّ الهازل قاصد للسّبب ، وهو الصّيغة غير ملتزمٍ لحكمه ، وأنّ ترتّب الأحكام على أسبابها موكول إلى الشّارع لا إلى المتصرّف .</p><p>9 - ولو أراد الزّوج أن يتكلّم بغير الإيلاء ، فجرى على لسانه الإيلاء من غير قصدٍ أصلاً - وهو المخطئ - فمذهب الشّافعيّة والحنابلة عدم اعتبار إيلاء المخطئ ، لأنّ التّصرّف إنّما يعتبر إذا قصد اللّفظ الّذي يدلّ عليه وأريد حكمه الّذي يترتّب عليه ، أو قصد اللّفظ وإن لم يرد حكمه ، والمخطئ . لم يقصد اللّفظ الدّالّ على الإيلاء ولا حكمه ، فلا يكون الإيلاء الصّادر منه معتبراً . </p><p>وذهب الحنفيّة في المخطئ إلى أنّ إيلاءه لا يعتبر ديانةً ، ويعتبر قضاءً . ومعنى اعتباره في القضاء دون الدّيانة : أنّه إذا لم يعلم بالإيلاء إلاّ الزّوج ، كان له أن يعاشر زوجته من غير حرجٍ ولا كفّارة عليه في ذلك ، وإذا مضت مدّة الإيلاء لا يقع الطّلاق ، وإذا سأل فقيهاً عمّا صدر منه جاز له أن يفتيه بأن لا شيء عليه ، متى علم صدقه فيما يقول . فإذا تنازع الزّوجان ورفع الأمر إلى القاضي حكم بلزوم الكفّارة بالحنث إذا اتّصل بزوجته قبل مضيّ المدّة ، وبوقوع الطّلاق إذا مضت المدّة بدون معاشرةٍ ، كما هو مذهب الحنفيّة ، لأنّ القاضي يبني أحكامه على الظّاهر ، واللّه يتولّى السّرائر . ولو قبل في القضاء دعوى أنّ ما جرى على لسانه لم يكن مقصوداً ، وإنّما المقصود شيء آخر لا نفتح الباب أمام المحتالين الّذين يقصدون النّطق بالصّيغة الدّالّة على الإيلاء ، ثمّ يدّعون أنّه سبق لسانٍ . </p><p>ويرى المالكيّة - كما يؤخذ من كلامهم في الطّلاق - أنّه إذا ثبت أنّ الزّوج لم يقصد النّطق بصيغة الإيلاء ، بل قصد أن يتكلّم بغير الإيلاء ، فزلّ لسانه ، وتكلّم بالصّيغة الدّالّة على الإيلاء لا يكون إيلاءً في القضاء ، كما لا يكون إيلاءً في الدّيانة والفتوى . </p><p>ويتّضح ممّا تقدّم الفرق بين الخطأ : والهزل والإكراه ، وهو أنّه في الخطأ لا تكون العبارة الّتي نطق بها الزّوج مقصودةً أصلاً ، بل المقصود عبارة أخرى ، وصدرت هذه بدلاً عنها . وفي الهزل : تكون العبارة مقصودةً ، لأنّها برضى الزّوج واختياره ، ولكن حكمها لا يكون مقصوداً ، لأنّ الزّوج لا يريد هذا الحكم ، بل يريد شيئاً آخر هو اللّهو واللّعب . وفي الإكراه : تكون العبارة صادرةً عن قصدٍ واختيارٍ ، ولكنّه اختيار غير سليمٍ ، لوجود الإكراه ، وهو يؤثّر في الإرادة ، ويجعلها لا تختار ما ترغب فيه وترتاح إليه ، بل تختار ما يدفع الأذى والضّرر .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41059, member: 329"] تعدّد الأوصياء : 16 - الإيصاء قد يكون لواحدٍ ، وقد يكون لأكثر من واحدٍ . فإذا كان الإيصاء لأكثر من واحدٍ وصدر الإيصاء في عقدٍ واحدٍ ، بأن قال الموصي : أوصيت إلى فلانٍ وفلانٍ ، وقبل كلّ منهما الوصاية صار وصيّاً ، وكذلك إذا حصل الإيصاء إلى كلٍّ منهما بعقدٍ على حدةٍ ، بأن أوصى إلى رجلٍ ، ثمّ أوصى إلى رجلٍ آخر ، فإنّهما يكونان وصيّين ، إلاّ إذا قال الموصي : أخرجت الأوّل أو عزلته ، أمّا إذا وجدت الوصيّة إليهما بعقدين من غير عزل واحدٍ منهما ، فإنّهما يكونان وصيّين ، كما لو أوصى إليهما دفعةً واحدةً . فإذا تعدّد الأوصياء ، وحدّد الموصي لكلّ واحدٍ اختصاصه ، بأن عهد إلى أحد الأوصياء القيام بشئون الأراضي ، وإلى آخر بشئون المتجر ، أو المصنع ، وإلى ثالثٍ بالنّظر في أمر أطفاله ، وفي هذه الحالة يكون لكلٍّ منهم ما جعل إليه دون غيره . وكذلك لو أوصى إلى وصيّين في شيءٍ واحدٍ ، وجعل لكلّ واحدٍ منهما التّصرّف منفرداً ، بأن يقول : أوصيت إلى كلّ واحدٍ منكما بالنّظر في أمر أطفالي ، ولكلٍّ منكما أن ينفرد بالتّصرّف ، كان لكلّ وصيٍّ أن ينفرد بالتّصرّف ، لأنّ الموصي جعل كلّ واحدٍ منهما وصيّاً منفرداً ، وهذا يقتضي صحّة تصرّفه على الانفراد . أمّا لو أوصى إلى وصيّين ليتصرّفا مجتمعين ، فليس لواحدٍ منهما الانفراد بالتّصرّف ، فلو تصرّف أحدهما بدون الآخر أو توكيلٍ منه كان له ردّ تصرّفه ، لأنّ الموصي لم يجعل ذلك إليه ، ولم يرض بنظره وحده ، وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء إلاّ في الصّورة الأولى ، وهي ما إذا خصّص لكلّ وصيٍّ عملاً ، فإنّ أبا حنيفة يقول : إنّ الوصاية لا تتخصّص بالتّخصيص من الموصي ، بل يكون الوصيّ وصيّاً فيما يملكه الموصي ، كما تقدّم في الكلام على سلطة الوصيّ . وإذا تعدد الأوصياء ، وكان الإيصاء مطلقاً عن التّخصيص أو التّقييد بالانفراد أو الاجتماع ، بأن قال : أوصيت إليكما بالنّظر في شئون أطفالي مثلاً ، فللفقهاء في ذلك ثلاثة آراءٍ . فأبو حنيفة ومحمّد يقولان : ليس لأحد الوصيّين الانفراد بالتّصرّف ، إلاّ أنّهما استثنيا من ذلك بعض التّصرّفات ، فأجازا لكلّ واحدٍ الانفراد بها للضّرورة ، لأنّها تصرّفات عاجلة لا تحتمل التّأخير ، أو لأنّها لازمة لحفظ المال ، أو لأنّ اجتماع الرّأي فيها متعذّر ، كتجهيز الميّت وقضاء دينه ، وردّ المغصوب المعيّن ، وردّ الوديعة وتنفيذ الوصيّة المعينتين ، وشراء ما لا بدّ للصّغير منه كالطّعام والكسوة ، وقبول الهبة له ، والخصومة عن الميّت فيما يدعى له أو عليه ، ونحو ذلك ممّا يشقّ الاجتماع عليه ، أو يضرّ تأخيره . ومذهب الشّافعيّة قريب ممّا ذهب إليه أبو حنيفة ومحمّد ، فإنّهم قالوا : إذا أوصى إلى اثنين ولم يجعل لكلٍّ منهما الانفراد بالتّصرّف لم ينفرد أحدهما بالتّصرّف ، بل لا بدّ من اجتماعهما فيه ، وهذا في أمر الأطفال وأموالهم ، وتفرقة الوصايا غير المعيّنة ، وقضاء دينٍ ليس في التّركة جنسه . وأمّا ردّ الأعيان المستحقّة كالمغصوب والودائع والأعيان الموصى بها وقضاء دينٍ في التّركة جنسه ، فلأحدهما الاستقلال به . وحجّة أصحاب هذا الرّأي أنّ الوصاية إنّما تثبت بالتّفويض من الموصي ، فيراعى وصف هذا التّفويض ، وهو الاجتماع ، لأنّه وصف مفيد ، إذ رأي الواحد لا يكون كرأي الاثنين ، والموصي ما رضي إلاّ برأيهما ، بدليل اختياره لأكثر من واحدٍ ، فإنّه يدلّ دلالةً ظاهرةً على أنّ الغرض من ذلك اجتماع رأيهما واشتراكهما في التّصرّفات ، حتّى تكون أصلح وأنفع من التّصرّفات الّتي ينفرد بها وصيّ واحد ، وإنّما جاز انفراد أحدهما في التّصرّفات المستثناة لأنّها ضروريّات ، والضّروريّات مستثناة دائماً . ويرى المالكيّة والحنابلة : أنّه ليس لأحدٍ الوصيّين الانفراد بالتّصرّف ، وهذا في جميع الأشياء ، فإن تعذّر اجتماعهما فالحاكم - كما نصّ على ذلك الحنابلة - يقيم أميناً مقام الغائب . وحجّتهم في ذلك : أنّ الموصي قد شرّك بين الوصيّين في النّظر ، فلم يكن لأحدهما الانفراد في التّصرّف ، كالوكيلين ، فإنّه ليس لأحدهما أن يتصرّف بدون الآخر ، فكذلك الوصيّان . وقال أبو يوسف : لكلٍّ من الوصيّين أن ينفرد بالتّصرّف في جميع الأشياء ، وحجّته في ذلك : أنّ الوصاية من قبيل الولاية ، وهي وصف شرعيّ لا يتجزّأ ، فتثبت لكلٍّ من الوصيّين على وجه الكمال ، كولاية الإنكاح إلى الأخوين ، فإنّها تثبت لكلٍّ منهما على وجه الكمال ، فكذلك الوصاية تثبت لكلٍّ من الوصيّين على وجه الكمال ، لأنّ كلّاً منهما ولاية . ولو مات أحد الوصيّين اللّذين لم يجعل لكلٍّ منهما التّصرّف منفرداً جعل القاضي مكانه آخراً ، وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لأنّ الوصيّ لمّا أوصى إلى الاثنين لم يرض بنظر الباقي منهما وحده . وقال المالكيّة : لو مات أحد الوصيّين ، ولم يوص قبل موته إلى صاحبه أو إلى غيره ، كان للحاكم أن ينظر فيما فيه الأصلح ، فإن رأى الأصلح في إبقاء الحيّ منهما وصيّاً وحده لم يجعل معه وصيّاً آخر ، وإن رأى الأصلح في جعل غيره وصيّاً معه جعل معه غيره . الأجر على الوصاية : 17 - يجوز للوصيّ أن يأخذ أجراً على نظره وعمله ، لأنّ الوصيّ كالوكيل ، والوكيل يجوز له أخذ الأجر على عمله ، فكذلك الوصيّ ، بهذا قال الحنابلة ، وبه أيضاً قال المالكيّة ، فإنّهم نصّوا على أنّ الوصيّ إذا طلب أجرةً على نظره في مال اليتيم ، فعلى القاضي أن يفرض له أجرةً على نظره بقدر شغله في مال اليتيم وشراء نفقته . فإن تورّع عن ذلك فهو خير له . كما نصّوا على أنّ للقاضي أن يفرض للوصيّ أجرةً على نظره إذا كان ذلك سداداً للأيتام . وقال الشّافعيّة : إذا كان النّاظر في أمر الطّفل أجنبيّاً ، فله أن يأخذ من مال الطّفل قدر أجرة عمله ، فإن أخذ أكثر من ذلك ضمن ما أخذه ، ولو لكفايته ، وإن كان أباً أو جدّاً ، أو أمّاً - بحكم الوصيّة لها - فلا يأخذ من ماله شيئاً إن كان غنيّاً ، فإن كان فقيراً فنفقته على الطّفل ، وله أن ينفق على نفسه من ماله بالمعروف ، ولا يحتاج إلى إذن حاكمٍ . أمّا الحنفيّة فالصّحيح عندهم أنّ الوصيّ إن كان وصيّ الميّت فليس له أجر على وصيّته ، وإن كان وصيّ القاضي ، فللقاضي أن يجعل له أجر المثل على وصيّته . ومع هذا فقد أجازوا للوصيّ أن يأكل من مال اليتيم إذا كان محتاجاً ، ويركب دابّته إذا ذهب في حاجته ، لقول اللّه تعالى : { ومن كانَ فقيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف } ، ولما روي أنّ رجلاً جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : « إنّ عندي يتيماً عنده مال ، وليس لي مال ، آكل من ماله ؟ قال : كُلْ بالمعروف غيرَ مُسْرِفٍ » . انتهاء الوصاية : 18 - تنتهي الوصاية بأحد الأمور الآتية : - 1 - موت الوصيّ ، أو فقده لشرطٍ من الشّروط المعتبرة فيه ، فإن مات الوصيّ ، أو فقد شرطاً من الشّروط الواجب توافرها لصحّة الإيصاء ، كالإسلام والعقل وغيرهما انتهت وصايته باتّفاق الفقهاء ، لأنّ هذه الشّروط كما تعتبر في الابتداء تعتبر في الدّوام والبقاء . - 2 - انتهاء مدّة الوصاية ، فإذا أقّتت الوصاية بمدّةٍ ، كأن قال الموصي : أوصيت إلى فلانٍ لمدّة سنةٍ ، أو قال : أوصيت إلى فلانٍ مدّة غياب ولدي فلانٍ ، أو إلى أن يصير رشيداً ، فإذا حضر أو رشد فهو وصيّي ، فإنّ الإيصاء ينتهي إذا حضر ولده ، أو صار رشيداً ، لأنّ الإيصاء كالإمارة ، والإمارة يصحّ توقيتها وتعليقها على الشّرط ، فكذلك الإيصاء ، ولأنّ الإيصاء مؤقّت شرعاً ببلوغ الأيتام أو إيناس الرّشد ، فجاز أن يكون مؤقّتاً بالشّرط ، وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء أيضاً . -3- عزل الوصيّ نفسه ، فلو عزل الوصيّ نفسه بعد موت الموصي وقبول الإيصاء ، انتهت وصايته ، وهذا عند الشّافعيّة والحنابلة . أمّا عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، فإنّ الوصيّ ليس له عزل نفسه عن الإيصاء بعد موت الموصي وقبوله إيّاه إلاّ لعذرٍ ، وقد تقدّم الكلام عن ذلك في حكم الإيصاء . - 4 - انتهاء العمل الّذي عهد إلى الوصيّ القيام به ، فإن كان هذا العمل هو قضاء الدّيون الّتي على الميّت ، أو اقتضاء ديونه الّتي له على غيره ، أو توزيع وصاياه على الموصى لهم بها ، انتهت الوصاية بدفع الدّيون إلى أصحابها ، أو بأخذها ممّن كانت عليهم ، أو بإعطاء الوصايا لمن أوصى لهم بها . وإن كان هذا العمل هو النّظر في شئون الأولاد الصّغار وأموالهم ، انتهت هذه الوصاية ببلوغ الصّغير عاقلاً رشيداً ، بحيث يؤتمن في إدارة أمواله ، والتّصرّف فيها ، ولم يحدّد جمهور الفقهاء لهذا الرّشد سنّاً معيّنةً يحكم بزوال الوصاية عن القاصر متى بلغها ، بل هو موكول إلى ظهوره بالفعل ، وذلك عن طريق الاختبار والتّجربة ، فإذا دلّت التّجربة على تحقّق الرّشد حكم برشده ، وسلّمت إليه أمواله باتّفاق الفقهاء لقول اللّه تعالى : { وابْتَلُوا اليتامى حتّى إذا بَلَغُوا النّكاحَ فإنْ آنَسْتُم منهم رُشْداً فادْفَعُوا إليهم أموالَهم } . وإذا بلغ غير رشيدٍ وكان عاقلاً لا تكمل أهليّته ، ولا ترتفع الولاية أو الوصاية عنه في ماله ، بل تبقى أمواله تحت يد وليّه أو وصيّه حتّى يثبت رشده ، وذلك لقول اللّه تعالى : { ولا تُؤْتُوا السّفهاءَ أموالَكم الّتي جَعَلَ اللّهُ لكم قياماً وارْزُقوهم فيها واكْسُوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً وابْتَلوا اليتامى حتّى إذا بَلَغُوا النّكاحَ فإِن آنستم منهم رُشْداً فادفعوا إليهم أموالَهم } ، فإنّه منع الأولياء والأوصياء من دفع المال إلى السّفهاء ، وأناط دفع المال إليهم بحصول أمرين : البلوغ والرّشد . فلا يجوز أن يدفع إليهم بالبلوغ ، مع عدم الرّشد ، وليس في هذا النّصّ ولا في غيره تحديد للرّشد بسنٍّ معيّنةٍ ، بل هو موكول إلى ظهوره بالفعل ، وذلك عن طريق الاختبار والتّجربة ، فإن دلّت على تحقّق الرّشد كملت أهليّته ، وسلّمت إليه أمواله ، وإلاّ بقيت الولاية عليه ، وبقيت أمواله تحت يد وليّه أو وصيّه ، كما كانت قبل البلوغ مهما طال الزّمن . وقال أبو حنيفة : إذا بلغ الصّغير غير رشيدٍ - وكان عاقلاً - كملت أهليّته ، وارتفعت الولاية أو الوصاية عنه ، إلاّ أنّه لا تسلّم إليه أمواله ، بل تبقى في يد وليّه أو وصيّه حتّى يثبت رشده بالفعل ، أو يبلغ خمساً وعشرين سنةً ، فإذا بلغ هذه السّنّ سلّمت إليه أمواله ، ولو كان مبذّراً لا يحسن التّصرّف ، لأنّ منع المال عنه كان على سبيل الاحتياط والتّأديب ، وليس على سبيل الحجر عليه ، والإنسان بعد بلوغ هذه السّنّ ، وصلاحيّته لأن يكون جدّاً ، لا يكون أهلاً للتّأديب . إيفاء * انظر : وفاء . إيقاظ * التّعريف : 1 - الإيقاظ في اللّغة مصدر أيقظه : إذا نبّهه من نومه ولا يختلف معناه في الفقه عنه في اللّغة . الحكم الإجماليّ : 2 - ترد على الإيقاظ الأحكام الشّرعيّة التّالية : - فيكون فرضاً ، إذا ترتّب على نومه ترك فرضٍ . أو كان في تركه تعريض حياته لخطرٍ محقّقٍ . - وقد يكون واجباً ، إذا كان يغلب على الظّنّ أنّ تركه نائماً قد يعرّضه لخطرٍ ، أو يغلب على الظّنّ أنّ تركه يفوّت فرضاً عليه إن نام بعد دخول الوقت . - وقد يكون سنةً ، كإيقاظ من نام بعد صلاة العصر أو بعد صلاة الفجر ، لورود أخبارٍ بالنّهي عن النّوم في هذين الوقتين . - وكذلك يندب الإيقاظ لغسل يديه أو ثوبه من بقايا الطّعام - لا سيّما اللّحم - لورود النّهي عن النّوم على تلك الحال . قال صلى الله عليه وسلم : « من بات ، وفي يده غمر ، فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه » . - وكذلك إيقاظ من نام في المحراب أو في قبلة المصلّين في الصّفّ الأوّل . - وقد يكون حراماً ، كما لو كان في إيقاظه ضرر محقّق ، كالمريض إذا نهى الطّبيب عن إيقاظه . هذا ولا بدّ من مراعاة القاعدة الشّرعيّة في دفع الضّرر الأكبر بارتكاب ما هو أخفّ منه ، لأنّه يرتكب أهون الضّررين . على أنّه إذا انتفى سبب ممّا سبق ، فإنّ الأصل كراهة إيقاظ النّائم لما فيه من الإيذاء ، ولما ورد من أخبارٍ تراعى فيها حال النّائم ، كمنع السّلام على النّائم ، وخفض الصّوت لمن يصلّي جهراً بحضرة نائمٍ . من مواطن البحث : 3 - يذكر الفقهاء حكم الإيقاظ في كتاب الصّلاة ، حين الكلام على أوقاتها ، بمناسبة التّعرّض لكراهة النّوم قبل الصّلاة خوف تضييعها بخروج الوقت . إيقاف * انظر : وقف . إيلاء * التّعريف : 1-الإيلاء في اللّغة معناه : الحلف مطلقاً ، سواء أكان على ترك قربان الزّوجة أم على شيءٍ آخر ، مأخوذ من آلى على كذا يولي إيلاءً وأليةً : إذا حلف على فعل شيءٍ أو تركه . كان الرّجل في الجاهليّة إذا غضب من زوجته حلف ألاّ يطأها السّنة والسّنتين ، أو ألاّ يطأها أبداً ، ويمضي في يمينه من غير لومٍ أو حرجٍ ، وقد تقضي المرأة عمرها كالمعلّقة ، فلا هي زوجة تتمتّع بحقوق الزّوجة ، ولا هي مطلّقة تستطيع أن تتزوّج برجلٍ آخر ، فيغنيها اللّه من سعته . فلمّا جاء الإسلام أنصف المرأة ، ووضع للإيلاء أحكاماً خفّفت من أضراره ، وحدّد للمولي أربعة أشهرٍ ، وألزمه إمّا بالرّجوع إلى معاشرة زوجته ، وإمّا بالطّلاق عليه . قال اللّه تعالى : { للّذين يُؤْلُون من نسائِهم تَرَبُّصُ أربعةِ أشهرٍ فإنْ فاءوا فإنّ اللّه غفور رحيم وإنْ عَزَمُوا الطّلاقَ فإنّ اللّه سميعٌ عليمٌ } . والإيلاء في الاصطلاح - يعرّفه الحنفيّة - أن يحلف الزّوج باللّه تعالى ، أو بصفةٍ من صفاته الّتي يحلف بها ، ألاّ يقرب زوجته أربعة أشهرٍ أو أكثر ، أو أن يعلّق على قربانها أمراً فيه مشقّة على نفسه ، وذلك كأن يقول الرّجل لزوجته : واللّه لا أقربك أربعة أشهرٍ ، أو ستّةً ، أو يقول : واللّه لا أقربك أبداً ، أو مدّة حياتي ، أو واللّه لا أقربك ولا يذكر مدّةً ، وهذه صورة الحلف باللّه تعالى ، أمّا صورة التّعليق ، فهو أن يقول : إن قربتك فللّه عليّ صيام شهرٍ ، أو حجّ ، أو إطعام عشرين مسكيناً ، ونحو ذلك ممّا يكون فيه مشقّة على النّفس ، فإذا قال الزّوج شيئاً من هذا اعتبر قوله إيلاءً . أمّا إذا امتنع الرّجل من قربان زوجته بدون يمينٍ ، فإنّه لا يكون إيلاءً ، ولو طالت مدّة الامتناع حتّى بلغت أربعة أشهرٍ أو أكثر ، بل يعتبر سوء معاشرةٍ يتيح لزوجته طلب الفرقة عند بعض الفقهاء ، إذا لم يكن هناك عذر يمنع من قربانها . وكذلك لو حلف الزّوج بغير اللّه تعالى كالنّبيّ والوليّ ألاّ يقرب زوجته ، فإنّه لا يكون إيلاءً ، لأنّ الإيلاء يمين ، والحلف بغير اللّه تعالى ليس يميناً شرعاً ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من كان حالفاً فليحلف باللّه أو ليصمت » . ومثل هذا لو علّق الرّجل على قربان زوجته أمراً ليس فيه مشقّة على النّفس ، كصلاة ركعتين أو إطعام مسكينٍ ، لا يكون إيلاءً . وكذلك لو كانت المدّة الّتي حلف على ترك قربان الزّوجة فيها أقلّ من أربعة أشهرٍ لا يعتبر إيلاءً ، وذلك لقول اللّه تعالى : { للّذين يُؤْلون من نسائهم تَرَبُّصُ أربعةِ أشهرٍ } فإنّه سبحانه ذكر للإيلاء في حكم الطّلاق مدّةً مقدّرةً هي أربعة أشهرٍ ، فلا يكون الحلف على ما دونها إيلاءً في حقّ هذا الحكم . وقد وافق الحنفيّة - في أنّ الإيلاء يكون بالحلف باللّه تعالى وبالتّعليق - المالكيّة ، والشّافعيّ في الجديد ، وأحمد بن حنبلٍ في روايةٍ . وخالف في ذلك الحنابلة في الرّواية المشهورة ، فقالوا : الإيلاء لا يكون إلاّ بالحلف باللّه تعالى ، أمّا تعليق الطّلاق أو العتق أو المشي إلى بيت اللّه تعالى على قربان الزّوجة فإنّه لا يكون إيلاءً ، لأنّ الإيلاء قسم ، والتّعليق لا يسمّى قسماً شرعاً ولا لغةً ، ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ، ولا يجاب بجوابه ، ولا يذكره أهل العربيّة في باب القسم ، وعلى هذا لا يكون إيلاءً . وحجّة الحنفيّة ومن وافقهم : أنّ تعليق ما يشقّ على النّفس يمنع من قربان الزّوجة خوفاً من وجوبه ، فيكون إيلاءً كالحلف باللّه تعالى ، والتّعليق - وإن كان لا يسمّى قسماً شرعاً ولغةً - ولكنّه يسمّى حلفاً عرفاً . ومذهب الحنفيّة أنّ الإيلاء يكون بالحلف على ترك قربان الزّوجة أربعة أشهرٍ أو أكثر . وذهب الجمهور المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الإيلاء لا يكون إلاّ بالحلف على ترك قربان الزّوجة أكثر من أربعة أشهرٍ ، وسيأتي ذكر هذه الآراء وأدلّتها في الكلام عن مدّة الإيلاء . 2 - والحكمة في موقف الشّريعة الإسلاميّة من الإيلاء هذا الموقف : أنّ هجر الزّوجة قد يكون من وسائل تأديبها ، كما إذا أهملت في شأن بيتها أو معاملة زوجها ، أو غير ذلك من الأمور الّتي تستدعي هجرها ، علّها تثوب إلى رشدها ويستقيم حالها ، فيحتاج الرّجل في مثل هذه الحالات إلى الإيلاء ، يقوّي به عزمه على ترك قربان زوجته تأديباً لها ورغبةً في إصلاحها ، أو لغير ذلك من الأغراض المشروعة . فلهذا لم تبطل الشّريعة الإسلاميّة الإيلاء جملةً ، بل أبقته مشروعاً في أصله ، ليمكن الالتجاء إليه عند الحاجة . ركن الإيلاء : 3 - ركن الإيلاء الّذي يتوقّف تحقّق الإيلاء على وجوده هو : اللّفظ ، أو ما يقوم مقام اللّفظ على التّفصيل والخلاف المتقدّم . والّذي يقوم مقام اللّفظ : الكتابة المستبينة ، وهي الكتابة الظّاهرة الّتي يبقى أثرها ، كالكتابة على الورق ونحوه . أمّا الكتابة غير المستبينة ، وهي الّتي لا يبقى أثرها ، كالكتابة على الهواء ، أو على الماء فلا تقوم مقام اللّفظ في ذلك ، ولا يصحّ بها الإيلاء . ومثل الكتابة في ذلك الإشارة عند العجز عن النّطق بالعبارة ، كالأخرس ومن في حكمه . فإذا كان للأخرس إشارة مفهمة ، يعرف المتّصلون به أنّ المراد بها الحلف على الامتناع من قربان الزّوجة أربعة أشهرٍ أو أكثر ، صحّ الإيلاء بها ، كما يصحّ طلاقه وسائر تصرّفاته. شرائط الإيلاء : 4 - شرائط الإيلاء كثيرة ومتنوّعة ، منها ما يشترط في ركن الإيلاء ، ومنها ما يشترط في الرّجل والمرأة معاً ، ومنها ما يشترط في الرّجل المولي ، ومنها ما يشترط في المدّة المحلوف عليها . وفيما يلي بيان كلّ نوعٍ منها : أ - شرائط الرّكن : يشترط في ركن الإيلاء ، وهو صيغته ، ثلاث شرائط : الشّريطة الأولى : 5 - أن يكون اللّفظ صالحاً للدّلالة على معنى الإيلاء ، وذلك بأن تكون مادّة اللّفظ دالّةً على منع الزّوج من قربان زوجته دلالةً واضحةً عرفاً ، مثل قول الرّجل لزوجته : واللّه لا أواقعك ، أو لا أجامعك ، وما أشبه ذلك . وينقسم اللّفظ الصّالح للدّلالة على الإيلاء ثلاثة أقسامٍ على ما هو مذهب الحنفيّة والحنابلة : الأوّل : صريح ، وهو ما دلّ على الوطء لغةً وعرفاً . وحكم هذا النّوع أنّه يعتبر إيلاءً متى صدر عن قصدٍ إلى التّلفّظ به بدون توقّفٍ على النّيّة ، ولو قال الزّوج : إنّه لم يرد الإيلاء لا يعتبر قوله لا ديانةً ولا قضاءً ، لأنّ اللّفظ لا يحتمل غير الإيلاء ، فإرادة معنًى آخر خلافه تكون إرادةً محضةً بدون لفظٍ يدلّ عليها ، فلا تعتبر . الثّاني : ما يجري مجرى الصّريح ، وهو ما يستعمل في الجماع عرفاً ، كلفظ القربان والاغتسال ، وذلك كأن يحلف الرّجل ألاّ يقرب زوجته ، وبه ورد القرآن الكريم قال تعالى : { ولا تَقْرَبُوهنّ حتّى يَطْهُرْن } . وكذلك لو حلف ألاّ يغتسل منها ، لأنّ الاغتسال منها لا يكون إلاّ عن الجماع عادةً . وحكم هذا النّوع أنّه يعتبر إيلاءً في القضاء من غير توقّفٍ على النّيّة ، وعلى هذا لو قال الزّوج لزوجته : واللّه لا أقربك ، ثمّ ادّعى أنّه لم يقصد بهذا اللّفظ الجماع ، لا يقبل منه هذا الادّعاء في القضاء ، ويقبل منه ديانةً ، أي فيما بينه وبين اللّه تعالى ، لأنّ اللّفظ الّذي ورد في عبارته يحتمل المعنى الّذي ادّعاه ، وإن كان خلاف الظّاهر ، فإذا نواه فقد نوى معنًى يحتمله اللّفظ ، فتكون إرادته صحيحةً ، إلاّ أنّه لمّا كان المعنى الّذي أراده يخالف المعنى الظّاهر من ذلك اللّفظ لم يقبل منه ما ادّعاه قضاءً ، وقبل منه ديانةً . الثّالث : الكناية ، وهو ما يحتمل الجماع وغيره ، ولم يغلب استعماله في الجماع عرفاً ، كما إذا حلف الرّجل : ألاّ يمسّ جلده جلد زوجته ، أو ألاّ يقرب فراشها ، أو ألاّ يجمع رأسه ورأسها وسادة . وحكم هذا النّوع : أنّه لا يعتبر إيلاءً إلاّ بالنّيّة ، فإذا قال الزّوج : أردت ترك الجماع كان مولياً ، وإن قال : لم أرد ترك الجماع لم يكن مولياً ، لأنّ هذه الألفاظ تستعمل في الجماع وفي غيره استعمالاً واحداً فلا يتعيّن الجماع إلاّ بالنّيّة . ومذهب الشّافعيّة ، وهو ظاهر ما قاله المالكيّة : أنّ الألفاظ في ذلك تنقسم إلى صريحةٍ وكنايةٍ فقط . الشّريطة الثّانية : 6 - أن تكون الصّيغة دالّةً على الإرادة الجازمة للحال ، ويتحقّق هذا الشّرط بخلوّ الصّيغة من كلّ كلمةٍ تدلّ على التّردّد أو الشّكّ . وألاّ تكون مشتملةً على أداةٍ من الأدوات الدّالّة على التّأخير والتّسويف ، كحرف السّين أو سوف ، لأنّ التّردّد كالرّفض من حيث الحكم ، والتّأخير وعد بإنشاء التّصرّف في المستقبل ، وليس إنشاءً له في الحال ، فالإرادة في التّصرّف غير موجودةٍ في الحال ، ولا يوجد التّصرّف إلاّ بإرادة إنشائه في الحال . فمن يقول لزوجته : واللّه سأمنع نفسي من مواقعتك ، أو سوف أمنع نفسي من معاشرتك ، لا يكون مولياً لأنّ هذه الصّيغة لا تدلّ على إرادة منع نفسه من المواقعة في الحال ، وإنّما تدلّ على أنّه سيفعل ذلك في المستقبل . هذا ، وممّا ينبغي التّنبيه له هنا أنّ اشتراط الجزم في الإرادة للحال لا ينافي جواز أن تكون الصّيغة معلّقةً على حصول أمرٍ في المستقبل ، أو مضافةً إلى زمنٍ مستقبلٍ ، وذلك لأنّ الإرادة في الإيلاء المعلّق والمضاف مقطوع بها ، لا تردّد فيها ، غاية الأمر أنّ الإيلاء المعلّق لم يحصل الجزم به من قبل المولي في الحال ، بل عند وجود المعلّق عليه ، والإيلاء المضاف مجزوم به في الحال ، غير أنّ ابتداء حكمه مؤخّر إلى الوقت الّذي أضيف إليه ، وأنّ التّعليق والإضافة قد صدرا بإرادةٍ جازمةٍ في الحال . الشّريطة الثّالثة : صدور التّعبير عن قصدٍ : 7 - يتحقّق هذا الشّرط بإرادة الزّوج النّطق بالعبارة الدّالّة على الإيلاء أو ما يقوم مقامها ، فإذا اجتمع مع هذه الإرادة رغبة في الإيلاء وارتياح إليه كان الإيلاء صادراً عن رضًى واختيارٍ صحيحٍ ، وإن وجدت الإرادة فقط ، وانتفت الرّغبة في الإيلاء والارتياح إليه لم يتحقّق الرّضى ، وذلك كأن يكون الزّوج مكرهاً على الإيلاء من زوجته بتهديده بالقتل أو الضّرب الشّديد أو الحبس المديد ، فيصدر عنه الإيلاء خوفاً من وقوع ما هدّد به لو امتنع ، فإنّ صدور الصّيغة من الزّوج في هذه الحال يكون عن قصدٍ وإرادةٍ ، لكن ليس عن رضًى واختيارٍ صحيحٍ . والإيلاء في هذه الحال - حال الإكراه - غير صحيحٍ عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، مستندين في ذلك إلى ما روي عن ابن عبّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » ، وإلى حديث عائشة رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا طلاق ولا عتاق في إغلاقٍ » والإغلاق : الإكراه ، لأنّ المكره يغلق عليه أمره ، ويقفل عليه رأيه وقصده ، وإلى أنّ المكره يحمل على النّطق بالعبارة بغير حقٍّ فلا يترتّب عليها حكم ، كنطقه بكلمة الكفر إذا أكره عليها . أمّا عند الحنفيّة فإيلاء المكره معتبر ، وتترتّب عليه آثاره الّتي سيأتي بيانها ، لأنّ الإيلاء عندهم من التّصرّفات الّتي تصحّ مع الإكراه ، نصّوا على ذلك في باب الأيمان والطّلاق ، وأنّ الإيلاء يمين في أوّل الأمر ، وطلاق باعتبار المال ، فينطبق عليه ما يقرّر في بابي الأيمان والطّلاق . وقد استندوا في ذلك إلى قياس المكره على الهازل ، لأنّ كلّاً منهما تصدر عنه صيغة التّصرّف عن قصدٍ واختيارٍ ، لكنّه لا يريد حكمها ، وطلاق الهازل ويمينه معتبران ، فكذلك المكره . 8 - ولو صدرت صيغة الإيلاء من الزّوج ، لكنّه لم يرد موجبها ، بل أراد اللّهو واللّعب - وهذا هو الهازل - فإنّ الإيلاء يكون معتبراً عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وغيرهم من أهل العلم ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاث جدّهنّ جدّ ، وهزلهنّ جدّ : النّكاح والطّلاق والرّجعة » ولأنّ الهازل قاصد للسّبب ، وهو الصّيغة غير ملتزمٍ لحكمه ، وأنّ ترتّب الأحكام على أسبابها موكول إلى الشّارع لا إلى المتصرّف . 9 - ولو أراد الزّوج أن يتكلّم بغير الإيلاء ، فجرى على لسانه الإيلاء من غير قصدٍ أصلاً - وهو المخطئ - فمذهب الشّافعيّة والحنابلة عدم اعتبار إيلاء المخطئ ، لأنّ التّصرّف إنّما يعتبر إذا قصد اللّفظ الّذي يدلّ عليه وأريد حكمه الّذي يترتّب عليه ، أو قصد اللّفظ وإن لم يرد حكمه ، والمخطئ . لم يقصد اللّفظ الدّالّ على الإيلاء ولا حكمه ، فلا يكون الإيلاء الصّادر منه معتبراً . وذهب الحنفيّة في المخطئ إلى أنّ إيلاءه لا يعتبر ديانةً ، ويعتبر قضاءً . ومعنى اعتباره في القضاء دون الدّيانة : أنّه إذا لم يعلم بالإيلاء إلاّ الزّوج ، كان له أن يعاشر زوجته من غير حرجٍ ولا كفّارة عليه في ذلك ، وإذا مضت مدّة الإيلاء لا يقع الطّلاق ، وإذا سأل فقيهاً عمّا صدر منه جاز له أن يفتيه بأن لا شيء عليه ، متى علم صدقه فيما يقول . فإذا تنازع الزّوجان ورفع الأمر إلى القاضي حكم بلزوم الكفّارة بالحنث إذا اتّصل بزوجته قبل مضيّ المدّة ، وبوقوع الطّلاق إذا مضت المدّة بدون معاشرةٍ ، كما هو مذهب الحنفيّة ، لأنّ القاضي يبني أحكامه على الظّاهر ، واللّه يتولّى السّرائر . ولو قبل في القضاء دعوى أنّ ما جرى على لسانه لم يكن مقصوداً ، وإنّما المقصود شيء آخر لا نفتح الباب أمام المحتالين الّذين يقصدون النّطق بالصّيغة الدّالّة على الإيلاء ، ثمّ يدّعون أنّه سبق لسانٍ . ويرى المالكيّة - كما يؤخذ من كلامهم في الطّلاق - أنّه إذا ثبت أنّ الزّوج لم يقصد النّطق بصيغة الإيلاء ، بل قصد أن يتكلّم بغير الإيلاء ، فزلّ لسانه ، وتكلّم بالصّيغة الدّالّة على الإيلاء لا يكون إيلاءً في القضاء ، كما لا يكون إيلاءً في الدّيانة والفتوى . ويتّضح ممّا تقدّم الفرق بين الخطأ : والهزل والإكراه ، وهو أنّه في الخطأ لا تكون العبارة الّتي نطق بها الزّوج مقصودةً أصلاً ، بل المقصود عبارة أخرى ، وصدرت هذه بدلاً عنها . وفي الهزل : تكون العبارة مقصودةً ، لأنّها برضى الزّوج واختياره ، ولكن حكمها لا يكون مقصوداً ، لأنّ الزّوج لا يريد هذا الحكم ، بل يريد شيئاً آخر هو اللّهو واللّعب . وفي الإكراه : تكون العبارة صادرةً عن قصدٍ واختيارٍ ، ولكنّه اختيار غير سليمٍ ، لوجود الإكراه ، وهو يؤثّر في الإرادة ، ويجعلها لا تختار ما ترغب فيه وترتاح إليه ، بل تختار ما يدفع الأذى والضّرر . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية